العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة سبأ

توجيه القراءات في سورة سبأ


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي مقدمات سورة سبأ

مقدمات توجيه القراءات في سورة سبأ
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة سبأ). [معاني القراءات وعللها: 2/287]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (ومن سورة سبأ) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/208]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ذكر اختلافهم في سورة سبأ). [الحجة للقراء السبعة: 6/6]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة سبأ). [المحتسب: 2/186]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (34 - سورة سبأ). [حجة القراءات: 581]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة سبأ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة سبأ). [الموضح: 1041]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي أربع وخمسون آية في المدني والكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]

ياءات الإضافة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- فيها ثلاث ياءات إضافة، قرأ حمزة: {عبادي الشكور} «13» بالإسكان، وبحذف الياء في الوصل في اللفظ، لالتقاء الساكنين، فإذا وقف وقف بالياء لثباتها في الخط، والباقون يفتحون في الوصل، فيقفون بالياء... قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص: «أجري» «46» بالفتح، قرأ نافع وأبو عمرو: {ربي إنه} بالفتح). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/209]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها: ثلاث ياءات إضافةٍ، وهن {مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ}، {إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى} {رَبِّي إِنَّهُ}.
ففتح نافع وأبو عمرو ثلاثهن، وأسكن حمزة ثلاثهن.
وفتح ابن كثير وعاصم ياش- والكسائي ويعقوب {عِبَادِيَ الشَّكُور} وأسكنوا الأخريين.
[الموضح: 1059]
وفتح ابن عامر و-ص- عن عاصم {عِبَادِيَ الشَّكُور} و{أَجْرِيَ إِلَّا} وأسكنا {رَبِّي إِنَّهُ}.
والوجه في أمثالها قد سبق، وأن الفتح في هذه الياء أصلٌ، والإسكان تخفيفٌ). [الموضح: 1060]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فيها زائدتان قوله: {كالجواب} «13» قرأها ابن كثير بياء في الوصل والوقف، وقرأ أبو عمرو وورش بياء في الوصل خاصة، وحذفها الباقون في الوصل والوقف.
قوله: {نكير} «45» قرأها ورش بياء في الوصل خاصة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/209]

الياءات المحذوفة:
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقد حذف من هذه السورة ياءان.
قوله: (كالجواب) و(فكيف كان نكير (45)
أثبتهما يعقوب في الوصل والوقف.
وأثبت ابن كثير الياء من (الجوابي) في الوصل والوقف أيضًا.
ووصل أبو عمرو (الجوابي) بالياء ووقف بغير ياء.
وكذلك روى ورش وأبو قرة عن نافع يصلها بالياء مثل أبي عمرو.
قال أبو منصور: من وصل أو وقف بالياء فهو الأصل؛ لأنه جمع جايية، وهو: الحوض العظيم الذي يسقى فيه الإبل.
ومن حذف الياء فلاكتفائه بكسرة الياء، الدالة على حذف الياء). [معاني القراءات وعللها: 2/298]

الياءات المختلف فيها:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( (وفي هذه السورة أربع ياءات اختلف فيها):
{من عبادي الشكور} [13] و{أروني الذين ألحقتم} [27]. و{إن أجري إلا} [47] و{إلى ربي إنه سميع} [50].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/222]
فتحهن نافع وأبو عمرو.
وفتح ابن كثير وعاصم والكسائي وابن عامر: {من عبادي} {وأروني} وأسكنوا الحرفين، وفتح حمزة: {أروني الذين} فقط، وفتح حفص عن عاصم وابن عامر {إن أجري} وقد ذكرت علته فيما سلف من الكتاب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/223]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (1) إلى الآية (5) ]

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)}


قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)}
قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله عزّ وجلّ: (عالم الغيب (3)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم (عالم الغيب) خفضًا.
وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب (عالم الغيب).
وقرأ حمزة والكسائي (علّام الغيب) خفضًا بلام مشددة بعدها ألف.
قال أبو منصور: من قرأ (عالم الغيب): أو (علّام الغيب) بالخفض جعله صفة للّه في قوله: (الحمد لله).
ومن قرأ (عالم الغيب) فهو استئناف، ويكون المعني: عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة، ويكون (لا يعزب) خبر الابتداء، وجائز الرفع على المدح للّه، المعنى: هو عالم الغيب.
ومن قرأ (علّام الغيب) بالتشديد فعلى المبالغة في صفة الله يعلم الغيب، ومن صفات الله العالم، والعليم، والعلّام). [معاني القراءات وعللها: 2/287]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قوله تعالى: {عالم الغيب} [3].
قرأ حمزة والكسائي: {عالم الغيب} بالخفض نعت للرب تعالى في قوله: {قل بلي وربي علم الغيب} لأن «بلي» صلة للقسم، و«ربي» جر بواو القسم. و«علام» أبلغ في المدح من «عليم» و«عالم» لأن فعالا لفعل وضع للتكثير والدوام، والمبالغة في الصفة كقوله: [جزار] وحلاق، وفلان سباق بالخيرات، واحتجا بما حدثني ابن مجاهد عن محمد بن هرون عن يحيى بين زياد قال: في حرف ابن مسعود {عالم الغيب} واحتجا أيضًا بما في آخر السورة {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب} [48].
وقال الباقون أعني من قرأ: {عالم الغيب} وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {علام الغيوب} في آخر السورة مضاف إلى الجمع فشددت للتكثر والترديد. كما تقول العرب: أغلقت الباب مخففًا فإن جمعوا قالوا غلقت الأبواب، وذبحت الشاء قالوا: والاختيار {علم الغيب} كما قال تعالى في: (قد أفلح) {عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}.
وقرأ نافع وابن عامر: {علم الغيب} بالرفع على الابتداء والخبر: هو عالم الغيب. والعرب تقول: رجل عالم فإذا زادوا في المدح قالوا: عليم، فإذا بالغوا في الوصف قالوا: علام، وعلامة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/208]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {لا يعزب عنه مثقال ذرة} [3].
قرأ الكسائي وحده: {لا يعزب عنه} بكسر الزاي.
وقرأ الباقون بالضم. وهما لغتان: يعزب، ويعزب مثل يعكف، ويعكف، ويعرش، ويعرش، وقد ذكرت عله ذلك في سورة (يونس) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/209]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: عالم الغيب [3] كسرا، وقرأ نافع وابن عامر: عالم الغيب رفعا. وقال ابن ذكوان: قال بعض أصحابنا عن يحيى بن الحارث عن ابن عامر عالم الغيب كسرا. وقرأ حمزة والكسائي: علّام الغيب بالكسر وبلام قبل الألف.
قال أبو علي: الجرّ في عالم على اتباعه المجرور الحمد لله [1] عالم الغيب. وأمّا الرفع، فيجوز أن يكون عالم خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو عالم الغيب ويجوز في من رفع أن يكون ابتداء وخبره لا يعزب عنه، وعلّام الغيب في اتباعه ما قبله. مثل: عالم الغيب، وعلّام أبلغ وقد قال: يقذف بالحق علام الغيوب [سبأ/ 48]، وقال إنك أنت علام الغيوب [المائدة/ 109 - 116].
[الحجة للقراء السبعة: 6/5]
وحجّة عالم الغيب قوله: عالم الغيب والشهادة [التغابن/ 18] وعالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا [الجن/ 26] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/6]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ الكسائي وحده لا يعزب عنه [سبأ/ 3] بكسر الزاي.
وقرأ الباقون: يعزب بضم الزاي.
قال أبو علي: يعزب ويعزب لغتان، ومثله يحشر ويحشر، ويعكف ويعكف، ويفسق ويفسق. وهو كثير). [الحجة للقراء السبعة: 6/6]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (هارون عن طُلَيْق المعلِّم قال: سمعت أشياخنا يقرءون: [لَيَأْتِيَنَّكم]، بالياء.
قال أبو الفتح: جاز التذكير هنا بعد قوله تعالى: {لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ}، لأن المخوف منها إنما هو عقابها، والمأمول ثوابها؛ فغلب معنى التذكير الذي هو مَرْجو أو مخوف؛ فذكَّر على ذلك وإذا جاز تأنيث المذكر على ضرب من التأول كان تذكير المؤنث -لغلبة التذكير- أحرى وأجدر. ألا ترى إلى قول الله سبحانه: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ}؛ لأن بعضها سيارة أيضا؟ وعليه قولهم: ذهبَتْ بعضُ أصابعه؛ لأن بعضها إصبع في المعنى.
وحكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلا من اليمن يقول: فلان لغوبٌ، جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت له: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال: نعم، أليس بصحيفة. وهذا من أعرابيٍّ جافٍ هو الذي نبه أصحابنا على انتزاع العلل. وكذلك ما يجري مجراه فاعرفه، وكذلك الآية المقدم ذكرها). [المحتسب: 2/186]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة} 3
قرأ نافع وابن عامر {عالم الغيب} بالرّفع على المدح أي هو عالم فهو خبر ابتداء محذوف ويجوز أن يكون عالم ابتداء وخبره {لا يعزب عنه}
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {عالم} بالخفض جعلوه صفة لله المعنى الحمد لله عالم الغيب ويجوز أن يكون صفة للرب في قوله {قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب} أو بدل منه {وربي} جر بواو القسم
وقرأ حمزة والكسائيّ (علام الغيب) بالخفض واللّام قبل الألف وهو أبلغ في المدح من عالم والعرب تقول رجل عالم فإذا زادوا في المدح قالوا عليم فإذا بالغوا قالوا علام وحجتهم قوله {قل إن ربّي يقذف بالحقّ علام الغيوب} و{إنّك أنت علام الغيوب}
[حجة القراءات: 581]
وحجّة {عالم} قوله {عالم الغيب والشّهادة}
قرأ الكسائي {لا يعزب} بكسر الزّاي وقرأ الباقون بالرّفع وهما لغتان تقول عزب يعزب ويعزب مثل عكف يعكف ويعكف). [حجة القراءات: 582]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {عالم الغيب} قرأه نافع وابن عامر على وزن «فاعل»، على معنى: هو عالم فرفعه على خبر ابتداء محذوف، أو على الابتداء والخبر محذوف، أو يكون الخبر {لا يعزب عنه}، و«فاعل» أكثر في الكلام من «فعال»، وقد قال تعالى: {عالم الغيب والشهادة} «الأنعام 73» فهو إجماع، وقال: {عالم الغيب فلا يُظهر} «الجن 26» فهو إجماع، وهو الاختيار؛ لأنه المستعمل في الأكثر، وقرأه حمزة والكسائي «علام الغيب» بالخفض على وزن «فعال» الذي للمبالغة في العلم بالغيب وغيره، كما قال: {يقذف بالحق علام الغيوب} «سبأ 48» فهذا إجماع بناء للمبالغة في علم الله جل وعز للغيوب، وقد قال تعالى عن عيسى إنه قال: {إنك أنت علام الغيوب} «المائدة 116» فهذا أيضًا إجماع، والخفض فيه على أنه نعت لله في قوله: {الحمد لله} «1»، وقرأ الباقون «عالم» على وزن «فاعل» لكثرة استعمالهم «فاعل» في الصفات، غير أنهم خفضوا على النعت لله جل ذكره). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {لا يعزب عنه} قرأه الكسائي بكسر الزاي، وقرأ الباقون بضم الزاي، وهما لغتان مثل «يعكِف ويعكُف ويفسِق وفسُق»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {عَالِمِ الْغَيْبِ} [آية/ 3] على وزن فاعل، وبجر الميم:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب ح-.
والوجه أن قوله {عَالِمِ الْغَيْبِ} بالجر يجوز أن يكون صفة لله، وهو الذي تقدم ذكره في قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ}.
ويجوز أن يكون صفة للرب في قوله تعالى {قُلْ بَلَى وَرَبِّي} وقوله {رَبِّي} مجرورٌ بواو القسم، فصفته أيضًا مجرورةٌ، وهذا أظهر لقرب الموصوف من الصفة، وقيل: إنه بدلٌ.
وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب يس- {عَالِمُ} بالرفع.
والوجه أنه على الاستئناف، فيجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوفٍ، والتقدير: هو عالم الغيب، ويجوز أن يكون مبتدأ، وخبره قوله {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ}.
[الموضح: 1041]
وقرأ حمزة والكسائي {عَلَّامِ الْغَيْبِ} بتشديد اللام وبالألف بعدها، وبالجر.
والوجه أن علَّامًا فعَّالٌ وهو بناءٌ وُضع للمبالغة والتكثير، وعالمٌ يصلح للقلة والكثرة جميعًا؛ لأن لفظ فاعلٍ يصلح لقليل الفعل وكثيره.
وأما الجر في {عَلَّامِ} فعلى ما ذكرنا). [الموضح: 1042]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {لَا يَعْزِبُ عَنْهُ} [آية/ 3] بكسر الزاي:
قرأها الكسائي وحده.
وقرأ الباقون {يَعْزُبُ} بضم الزاي.
والوجه أنهما لغتان في مضارع عَزَبَ يعزِب ويعْزُب كيفسِق ويفسُق ويحشِر ويحشُر). [الموضح: 1042]

قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (5)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (عذابٌ من رجزٍ أليمٌ (5)
[معاني القراءات وعللها: 2/287]
قرأ ابن كثيرٍ، وحفص عن عاصم، ويعقوب (من رجزٍ أليمٌ) بالرفع، ومثله في الجائية.
وقرأ الباقون (أليمٍ) خفضًا في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأ (أليمٌ) بالرفع فهو صفة لقوله (عذابٌ).
ومن كسر جعله صفة (رجزٍ) ). [معاني القراءات وعللها: 2/288]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {لهم عذاب من رجز أليم} [5]. قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم: {من رجز أليم} بالرفع فجعله نعتًا للعذاب أي: لهم عذاب أليم من رجز، والأليم: المؤلم الموجع، يقال: آلمت الشيء آلم. قال الله تعالى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} وقال: أليم بمعنى مؤلم، مثل سميع بمعنى مسمع. كما قال:
أمن ريحانة الداعي السميع = يؤرقني وأصحابي هجوع
أراد: المسمع
وقرأ الباقون: {من رجز أليم} جعلوه نعتًا للرجز، والرجز يختلف الناس فيه فقالوا: هو بمعنى الرجس، وقالوا: كل ما في القرآن الرجس فهو النتن، وما كان الرجز فهو العذاب إلا قوله: {الرجز فاهجر} فإن معناه: وبعدة الأوثان فاجتنبهم لأن الرجز ها هنا- الصنم بالضم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/209]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال قرأ عاصم في رواية حفص من رجز أليم [سبأ/ 5] رفعا، وفي الجاثية [11] مثله.
وكذلك قرأ ابن كثير فيهما، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم:
رجز أليم كسرا فيهما.
قال أبو علي: الرجز: العذاب، بدلالة قوله سبحانه: لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك [الأعراف/ 134] وقال: فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء [البقرة/ 59] وإذا كان الرجز العذاب، جاز أن يوصف بأليم، كما أنّ نفس العذاب قد جاز أن يوصف به في نحو قوله: ولهم عذاب أليم [آل عمران/ 177]، ومثل هذا في أنّ الصّفة تجري على المضاف مرّة، وعلى المضاف إليه
[الحجة للقراء السبعة: 6/6]
أخرى، وقوله تعالى: بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ومحفوظ [البروج/ 21 - 22] فالجرّ على حمله على اللّوح، والرفع على حمله على القرآن، وإذا كان القرآن في لوح، وكان اللّوح محفوظا، فالقرآن محفوظ أيضا، وكذلك ثياب سندس خضر، وخضر [الإنسان/ 21]. فالرّفع على أن يتبع الثياب، والجرّ على أن يتبع السندس، وإذا كان الثياب سندسا والسندس خضر فالثياب كذلك، ولفظ سندس وإن كان مفردا فهو في المعنى جنس وكثرة، فلذلك جاز أن يوصف بخضر. فكذلك قوله سبحانه: من رجز أليم [سبأ/ 5] والجرّ في أليم أبين، لأنّه إذا كان عذاب من عذاب أليم، كان العذاب الأوّل أليما، وإذا أجريت الأليم على العذاب كان المعنى عذاب أليم من عذاب فالأوّل أكثر فائدة). [الحجة للقراء السبعة: 6/7]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم} 5
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (والّذين سعوا في آياتنا معجزين) بغير ألف أي مثبطين مبطئين أي يثبطون ويبطئون النّاس عن رسول الله صلى الله عليه وقيل {معجزين} معناه أنهم يعجزون من آمن بها
وقرأ الباقون {معاجزين} أي معاندين وقال الزّجاج معاجزين أي مسابقين
قرأ ابن كثير وحفص {لهم عذاب من رجز أليم} بالرّفع وفي الجاثية مثله جعلاه نعتا للعذاب أي لهم عذاب أليم من رجز
وقرأ الباقون {من رجز أليم} خفضا جعلاه نعتا للرجز والرجز العذاب بدلالة قوله {لئن كشفت عنّا الرجز} وقال {فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزا من السّماء} فإذا كان الرجز العذاب وصف ب أليم كما أن نفس العذاب قد جاز أن يوصف به في نحو قوله {ولهم عذاب أليم} ومثل هذا في أن الصّفة تجري على
[حجة القراءات: 582]
المضاف مرّة وعلى المضاف إليه أخرى قوله {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} و{محفوظ} فالجر على حمله على اللّوح والرّفع على حمله على القرآن وإذا كان القرآن في لوح وكان اللّوح محفوظًا فالقرآن محفوظ). [حجة القراءات: 583]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {من رجزٍ أليم} قرأ ابن كثير وحفص «أليم» بالرفع، على النعت للعذاب على تقدير: عذاب أليم من رجز، وفيه بعد، لأن الرجز هو العذاب، فيصير التقدير: عذاب أليم من عذاب، فهذا معنى غير متمكن، وقرأ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/201]
الباقون بخفض «أليم» على النعت لـ «رجز» وهو الاختيار؛ لأنه أصح في التقدير والمعنى؛ إذ تقديره: لهم عذاب من عذاب أليم، أي: من هذا الصنف، من أصناف العذاب، لأن العذاب بعضه آلم من بعض، وأيضًا فعليه الجماعة، ومثله الاختلاف والحجة في الجاثية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/202]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {فِي آَيَاتِنَا مُعَجِّزِينَ} [آية/ 5 و38] بغير ألفٍ، مشددة الجيم:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو.
وقرأ الباقون {مُعَاجِزِينَ} بالألف، مخففة الجيم.
وقد سبق الكلام على هذا في سورة الحج). [الموضح: 1042]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} [آية/ 5] بالرفع:
قرأها ابن كثير و-ص- عن عاصم ويعقوب.
[الموضح: 1042]
والوجه أنه صفة للعذاب، والتقدير: عذابٌ أليمٌ من رجزٍ، أي عذابٌ أليمٌ من أشد العذاب، والرجزُ: أسوأ العذاب وأشده.
وقرأ الباقون {مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٍ} بالجر، وكذلك اختلافهم في الجاثية.
والوجه أنه صفة للرجز، والمعنى لهم عذابٌ من أشد عذابٍ أليمٍ، فهو في المعنى كالقراءة الأولى؛ لأنه إذا وُصف العذاب الثاني وهو الرجز بأنه أليمٌ، كان العذاب الأول أليمًا؛ لأن الأول نوعٌ من الثاني). [الموضح: 1043]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (6) إلى الآية (9) ]

{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (9)}


قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7)}
قوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)}
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (9)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم)
قرأ حمزة والكسائي (إن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط عليهم) بالياء.
وقرأ الباقون بالنون ثلاثهن.
قال أبو منصور: الياء والنون في المعني سيّان؛ لأن المشيئة لله عزّ وجلّ في القراءتين). [معاني القراءات وعللها: 2/288]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {إن يشأ يخسف بهم الأرض أو نسقط} [9].
قرأ حمزة والكسائي بالياء اختبارًا عن الله {إن يشأ يخسف بهم}.
وقرأ الباقون بالنون. الله تعالى يخبر عن نفسه. واتفق القراء على إظهار الفاء عند الباء؛ لأن الباء يخرج من بين الشفتين، والفاء تخرج من باطن الشفة السفلي والثنايا العليا وفيه نفس فبطل الإدغام لذلك إلا الكسائي وحده. فإنه قرأ بالإدغام {نخسف بهم} فأما لذلك إلا الكسائي وحدة. فإنه قرأ بالإدغام {نخسف بهم} فأما إدغام الباء في الفاء فصواب كقراءة أبي عمرو: {وإن تعجب فعجب قولهم} وقد ذكرنا علة ذلك فيما سلف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/210]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله سبحانه: إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم [سبأ/ 9].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو: نخسف، أو نسقط بالنون، وقرأ حمزة والكسائي: يخسف أو يسقط بالياء، وأدغم الكسائي وحده الفاء في الياء.
[قال أبو علي]: حجّة النون قوله ولقد آتينا داود [سبأ/ 10] فالنون أشبه بآتينا، وحجّة الياء قوله: أفترى على الله [سبأ/ 8]
[الحجة للقراء السبعة: 6/7]
فالياء، على الحمل على اسم الله. فأمّا إدغام الكسائي الفاء في الباء في نخسف بهم فإنّ إدغام الفاء في الباء لا يجوز، وإن جاز إدغام التاء في الفاء، وذلك أنّ الفاء من باطن الشفة السّفلى وأطراف الثّنايا العليا، وانحدر الصوت بها إلى الفحم حتّى اتّصلت بمخرج التاء، حتّى جاء مثل: الحدث، والحذف، والمغافير، والمغاثير فتعاقبا على الحرف للمقاربة الّتي بينهما، فلمّا اتّصلت بمخرج الثاء صارت بمنزلة حرف من تلك الحروف، فلم يجز إدغامها في الباء، لأنّه لما اتّصل بما ذكرنا صار بمنزلة حرف من ذلك الموضع، فكما أنّ ذلك الحرف الذي اتّصل الفاء به لا يدغم في الباء، كذلك الفاء لا تدغم في الباء. ومما يبيّن ذلك أنّ الضاد لمّا استطال مخرجها، فتجاوز صوتها مخرج اللّام، وانحدرت من مخرج اللّام حتّى اتّصل الصوت بها بمخرج الطّاء والدّال والتّاء أدغم هذه الحروف في الضاد، وجعلت الضاد لمّا استطالت واتّصل صوتها بمواضع ما ذكرنا أدغم ما ذكرنا من الحروف فيها، فصارت لذلك بمنزلة ما هو من الموضع الّذي اتّصل صوتها به، فأدغمت هذه الحروف في الضّاد، كما يدغم فيما هو من مخرجها، فكذلك الفاء، لمّا اتّصل صوتها بمخرج الثاء، جرت مجرى ما هو من ذلك الموضع، فكما كانت الضّاد كذلك فأدغمت فيها الطّاء والدّال والتاء، وذلك نحو: اضبط ضرمة [وانعت ضّرمة]، وانقد ضّرمة، ولم يجز أن تدغم الضاد في هذه الحروف لما فيها من زيادة
[الحجة للقراء السبعة: 6/8]
الصوت، فكذلك لا يجوز أن تدغم الفاء في الباء لزيادة صوتها المتصل بحرف من حروف الفهم ومثل إدغامهم الطّاء والدّال والتّاء في الضّاد، إدغامهم الظاء والذال والتاء فيها أيضا، وهي أخرج من الفم، والحروف الأخر أدخل فيه، ومثل الضّاد في إدغامهم هذه الحروف فيها: الشين: أدغمت هذه الحروف الستة فيها، كما أدغمت في الضاد، فهذه الحروف أدغمت في الضّاد والشين، ولم تدغم الضّاد والشّين فيها، فكذلك الفاء لا تدغم في الباء، وإن كانت الباء قد أدغمت فيها في نحو: اذهب في ذلك.
وكذلك أدغمت الطّاء والدّال والتّاء والظّاء والذّال والثّاء في الصّاد والسّين والزّاي، ولم يدغم شيء منهنّ في الحروف الستة، لما فيهنّ من زيادة الصفير الذي ليس في الحروف الستة، وكذلك لا تدغم الفاء في الباء لزيادة صوتها على صوت الباء. وكذلك الباء أدغمت في الميم نحو اصحب مطرا، ولم تدغم هي في الباء نحو: اضمم بكرا، لما فيها من زيادة الغنّة التي ليست في الباء.
وكذلك الرّاء لم تدغم في اللام نحو: اختر ليلة، وإن كانت اللّام أدغمت في الراء نحو: اشغل رجبة، فما كان من الحروف يذهب الإدغام منه زيادة صوت فيه من نحو ما ذكرنا، لم يجز إدغامه في مقاربه العاري من تلك الزيادة، وكذلك الفاء مع الباء). [الحجة للقراء السبعة: 6/9]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السّماء}
قرأ حمزة والكسائيّ (إن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط) بالياء إخبارًا عن الله أي إن يشأ الله يخسف بهم الأرض وحجتهما في ذلك أن الكلام أتى عقيب الخبر عن الله في قوله {افترى على الله كذبا} فكذلك (إن يشأ الله) إذ كان في سياقه
وقرأ الباقون {إن نشأ} بالنّون الله أخبر عن نفسه أي نحن نخسف وحجتهم في ذلك أن الكلام أتى عقيبه بلفظ الجمع وهو قوله {ولقد آتينا داود منا فضلا} فجعل ما قبله بلفظه إذ كان في سياقه ليأتلف الكلام على نظام واحد ويقوّي النّون قوله {فخسفنا به وبداره الأرض} ). [حجة القراءات: 583]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {إن نشأ نخسف}، {أو نسقط} قرأه حمزة والكسائي بالياء، في الثلاثة، وقرأ الباقون بالنون.
وحجة من قرأ بالياء أنه رد الأفعال الثلاثة على الإخبار عن الله جل ذكره عن نفسه لتقدم ذكره في قوله: {أفترى على الله كذبًا} «8».
5- وحجة من قرأ بالنون أنه حمله على ما بعده من الإخبار عن الله جل ذكر عن نفسه في قوله: {ولق آتينا داود منا} «10» وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، وقد ذكرنا إظهار الفاء من «نخسف» عند الباء وإدغامها، وعلة ذلك، وقد تقدم ذكر «معاجزين، وكسفا، ولسبأ» والاختلاف في ذلك وعلته، فأغنى ذلك عن الإعادة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/202]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {إِنْ يَشَأْ يَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يُسْقِطْ} [آية/ 9] بالياء فيهن:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن ضمير الغيبة راجعٌ إلى لفظ {الله} لقوله تعالى {أَفْتَرَى عَلَى الله} والتقدير: إن يشأ الله يخسف أو يُسقط.
وقرأ الباقون {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ} بالنون فيهن.
والوجه أن الفاعل فيهن هو الله تعالى، فأخبر سبحانه عن نفسه بنون الجمع على ما سبق في أمثاله، ويؤيده أن ما بعده {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ} بالنون، فهو لموافقة ما بعده.
[الموضح: 1043]
وأدغم الكسائي الفاء من {يَخْسِفْ} في باء {بِهِم}، وأظهرها الباقون.
ووجه إدغام الكسائي بعيدٌ، وذلك أن إدغام الفاء في الباء غير جائزٍ؛ لأن في الفاء زيادة صوتٍ لا تكون في الباء، وذلك لأن الفاء والباء وإن كانا من الشفة فإن الفاء من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العلى، والصوت به ينحدر إلى الفم حتى يتناهى إلى مخرج الثاء، وليس كذلك الباء، فلزيادة الصوت التي في الفاء لا يجوز إدغامه في الباء، فإن الحرف إذا كان أزيد صوتًا من الآخر وأُدغم في الآخر ذهبت زيادة الصوت في الإدغام، وفي هذا إخراجٌ للحرف عن أصله). [الموضح: 1044]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} [آية/ 9] بتحريك السين:
رواها ص- عن عاصم.
والوجه أنه جمع كسفةٍ نحو قطعٍ لجمع قطعةٍ، وقد سبق.
وقرأ الباقون {كِسْفًا} بسكون السين.
والوجه أنه جمع كسفةٍ أيضًا بحذف التاء كفلذةٍ وفلذٍ). [الموضح: 1044]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:34 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (10) إلى الآية (14) ]

{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)}
قوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)}
قوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولسليمان الرّيح (12)
قرأ عاصم في رواية أبي بكر والمفضّل عنه (ولسليمان الرّيح) -
وقرأ حفص عنه (ولسليمان الرّيح) وكذلك قراءة سائر القرّاء.
[معاني القراءات وعللها: 2/288]
قال أبو منصور: من قرأ بالنصب فالمعنى: وسخرنا لسليمان الريح، وهي منصوبة في الأنبياء: (ولسليمان الرّيح عاصفةً) بإضمار التسخير.
ومن قرأ (الرّيح) فالمعنى: ولسليمان الرّيح مسخرةً. وإنما سمج الرفع لا تضمن فيه من التسخير.
واتفق القراء على نصب قوله: (يا جبال أوّبي معه والطّير).
واختلف أهل اللغة في علة نصب الطير، فقال بعضهم: معناه:
ولقد آتينا داود منا فضلاً... وسخرنا له الطير.
حكى ذلك أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء. وقال غيره: نصب قوله: (والطير) على النداء، المعنى: يا جبال أوبي معه والطير.
كأنه قال: أنادى الجبال والطير، فالطير معطوف على موضع الجبال في الأصل، وكل منادًى عند الخليل وأصحابه في موضع النصب، ولو كان مرفوعا.
وقال بعضهم: يجوز أن يكون قوله: (والطير) منصوبًا بمعنى (مع)، كما تقول قمت وزيدًا، أي: قمت مع زيد.
فالمعنى: أوبي معه ومع الطير.
[معاني القراءات وعللها: 2/289]
وروى عن يعقوب: أنه قرأ " والطير " وجوازه على معنى: يا جبال أوبي معه ويا أيها الطير). [معاني القراءات وعللها: 2/290]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {ولسليمان الريح} [12].
قرأ عاصم وحده في رواية أبي بكر: {الريح} بالرفع جعله ابتداء، و«له» الخبر ولم يظهر العامل، والأصل بالنصب على ما قرأ الباقون: {ولسليمان الريح} أي: سخرنا لسليمان الريح غدوها شهر، وروحها شهر بالرفع، ولو قيل:- غدوها شهرًا، وروحها شهرًا، وروحها شهرًا بالنصب لكان جائزًا في غير القرآن، جعله نصبًا على الظرف أي: غدوها في شهر، غير أن الاختيار في الكلام وفي القرآن الرفع، إذا كان بالابتداء مصدرًا: كقولك صيامي شهر، وصلاتي خمس وغدوها شهر، قال الشاعر:
وإن سلوي عن جميل لساعة = من الدهر ما حانت ولا حان حينها
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/210]
فرفع «لساعة»لأن السلو مصدر، والخبر نكرة، فإن جعلت الخبر معرفة فاختيار العرب النصب.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء، قال: تقول العرب: ما ترك فلان عن أبيه غدوا، ولا رواحًا، ولا مغدي ولا مراحًا، بمعنى واحد: إذا نزع في الشبه إليه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/211]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ عاصم في رواية أبي بكر، والمفضل عن عاصم ولسليمان الرّيح [سبأ/ 12] رفعا، وفي رواية حفص الريح نصبا، وكذلك قرأ الباقون: الريح نصبا.
[الحجة للقراء السبعة: 6/9]
[قال أبو علي]: وجه النصب أنّ الرّيح حملت على التّسخير في قوله تعالى: فسخرنا له الريح تجري بأمره [ص/ 36] فكما حملت في هذا على التّسخير، كذلك ينبغي أن تحمل هنا عليه. وممّا يقوّي النّصب قوله: ولسليمان الريح عاصفة [سبأ/ 12] والنصب يحمل على سخّرنا، ووجه الرّفع: أنّ الرّيح إذا سخّرت لسليمان، جاز أن يقال: له الرّيح، على معنى: تسخير الريح، فالرفع على هذا يؤول إلى معنى النصب، لأنّ المصدر المقدّر في تقدير الإضافة إلى المفعول به). [الحجة للقراء السبعة: 6/10]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولسليمان الرّيح} {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات} 12 و13
قرأ عاصم في رواية أبي بكر {ولسليمان الرّيح} بالرّفع وقرأ
[حجة القراءات: 583]
الباقون بالنّصب على معنى وسخرنا لسليمان الرّيح وممّا يقوي النصب قوله {ولسليمان الرّيح عاصفة} والرّفع على معنى ثبتت له الرّيح وهو يؤول إلى معنى سخرنا الرّيح كما أنّك إذا قلت لله الحمد فتأويله استقر لله الحمد وهو يرجع إلى معنى أحمد الله الحمد). [حجة القراءات: 584]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {ولسليمان الريح} قرأه أبو بكر برفع «الريح» على الابتداء، والمجرور قبله الخبر، وحسن ذلك لأن «الريح » لما سخرت له صارت كأنها في قبضته، إذ عن أمره تسير، فأخبر عنها أنها في ملكه، إذ هو مالك
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/202]
أمرها في سيرها به، وقرأ الباقون بنصب «الريح» على إضمار: وسخرنا لسليمان الريح؛ لأنها سخرت له، وليس بمالكها على الحقيقة، إنها ملك تسخيرها بأمر الله، ويقوي النصب إجماعهم على النصب في قوله: {ولسليمان الريح عاصفة} «الأنبياء 81» فهذا يدل على تسخيرها له في حال عصوفها، والنصب هو الاختيار؛ لأن المعنى عليه، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/203]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ} [آية/ 12] بالرفع:
قرأها عاصم ياش-.
والوجه أن {الرِّيحُ} مبتدأ، و{وَلِسُلَيْمَانَ} خبره، وقد حُذف المضاف من المبتدأ، والتقدير: ولسليمان تسخير الريح، فالتسخير هو المبتدأ في الأصل، وهو مضافٌ إلى الريح، لكنه لما حُذف وأُقيمت الريح مقامه صارت الريح مرفوعةً بالابتداء، والمعنى وتسخير الريح لسليمان.
وقرأ الباقون و-ص- عن عاصم {الرِّيحَ} بالنصب.
والوجه أنه على تقدير فعلٍ محذوفٍ، والمعنى سخرنا لسليمان الريح.
وقال بعضهم: هو معطوفٌ على قوله {أَلَنَّا}، أي ألنا لداود الحديد وألنا لسليمان الريح). [الموضح: 1045]

قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقليلٌ من عبادي الشّكور (13)
أرسل الياء حمزة وحده. وفتحها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/290]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {وجفان كالجواب} [13].
قرأ ابن كثير: {كالجوابي} بالياء، وصل أو وقف على الأصل، لأن الصل جابية والجمع جواب، قال الشاعر هو الأعشي-:
كجابية الشيخ العراقي تفهق
والجوابي: الحياض، والجفان: القصاع الكبار، والقدور الراسيات الثابتة التي لا تزل لعظمها، واستعمالهم إياها دائمة.
وقرأ أبو عمر بإثبات الياء في الأصل، وبحذفها في الوقف، فتبع الأصل في الدرج وتبع المصحف في الوقف.
والباقون يحذفونها وصلاً، ووقفًا اجتزاء بالكسرة واتباعًا للكتاب.
وكذلك قرا نافع برواية ورش {الجوابي} بالصلة في الوصل.
وكان بعض الزنادقة يقول: إن في القرآن ما يوافق الشعر كقوله: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} {ودانية عليهم ظلالها} {وجفان
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/211]
كالجوابي وقدور راسيات} وهذا الزنديق مع كفره جاهل بمذهب العرب وافتنانها بالمنظوم والمنثور. وذلك ان الشاعر لا يقول بيتًا في آخره حرف نسق لم يتقدمه بيت قبله، ولا يكون الكلام شعرًا حتى يقول صاحبه إني نظمت هذا الكلام وجعلته شعرًا، فأما إذا تكلم بكلام موزون لم يسم شعرًا، وأنت تحد ذلك في كلام العجم، والعامي لا يعرف الشعر ربما يتكلم بكلام لو حمل على بحور الشعر وعروضه لاتزن، وهذا بين والحمد لله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/212]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: كالجوابي [سبأ/ 13] بياء في الوصل ووقف ابن كثير بياء، أبو عمرو: بغير ياء. وقرأ الباقون: بغير ياء في وصل ولا وقف.
[قال أبو علي]: الجوابي: جمع جابية، وهو الحوض.
والقياس أن تثبت الياء مع الألف واللّام، ووقف ابن كثير بالياء حسن من حيث كان الأصل، والقياس وقف أبي عمرو بغير ياء لأنّها فاصلة أو مشبّهة بالفاصلة من حيث تمّ الكلام، ومن حذف الياء في الوصل
[الحجة للقراء السبعة: 6/10]
والوقف، فلأنّ هذا النحو قد يحذف كثيرا، ويقال: جبا الماء إذا اجتمع وقال الشاعر:
نفى الذّمّ عن آل المحلّق جفنة كجابية الشّيخ العراقيّ تفهق). [الحجة للقراء السبعة: 6/11]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (قرأ ابن كثير (كالجوابي) بالياء في الوصل والوقف على الأصل والجوابي جمع جابية وهي الحوض الكبير قال الأعشى:
كجابية الشّيخ العراقيّ تفهق
قرأ أبو عمرو وورش (كالجوابي) بالياء في الوصل وحذفا في الوقف تبعا الأصل في الدرج وتبعا المصحف في الوقف
وقرأ الباقون بحذف الياء في الحالين اجتزؤوا عن الكسر بالياء). [حجة القراءات: 584]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {كَالْجَوَابِي} [آية/ 13] بالياء في الوصل:
قرأها ابن كثير ونافع ش- وأبو عمرو ويعقوب.
والوجه أن الجوابي جمع جابيةٍ، وهي الحوض، وهي في موضع جر للكاف الجارة، فإثبات الياء فيها هو الأصل في الوصل والوقف، وقد يجوز حذف الياء منها تخفيفًا واكتفاءً بالكسرة عن الياء حالة الوصل، ويجوز في الوقف أيضًا حذف الياء تخفيفًا وإجراءً له مجرى المنون.
وأما ابن كثير ويعقوب فإنهما يقفان بالياء.
[الموضح: 1045]
وأما نافع ن- و-يل- وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي فإنهم قرءوا: {الْجَوَابِ}، بلا ياء في الحالين.
وقد ذكرنا وجه ذلك). [الموضح: 1046]

قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تأكل منسأته)
قرأ نافع وأبو عمرو (منساته) بغير همز.
وقرأ ابن عامر (منسأته) بهمزة ساكنة.
وقرأ الباقون: (منسأته) بهمزة مفتوحة.
قال أبو منصور: أما قراءة أبي عمرو (منساته) بغير همزه فالأصل: منسأته، على (مفعلة)، إلا أنه ليّن الهمزة، فقال: منساته، وهو يريدها.
وأما قراءة ابن عامر (منسأته) بهمزة ساكنة فليست بجيدة،
وأجود القراءات في هذه الحروف (منسأته)، أي: عصاه.
من: نسأت البعير، إذا سقته بالعصا.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس أنه قال: المنسأة: المخصرة التي تكون بيد الرجل يضرب بها.
يقال: نسأته، ونصأته، إذا ضربته بها.
وذكر، أنّ سليمان عليه السلام توفي وهو متوكئ، على عصاه، فلبث حولاً، ولم يعلم الجن بموته، وهم دائبون في عملهم، حتى أكلت الأرضة العصا. فخرّ فتبينت الجنّ
[معاني القراءات وعللها: 2/290]
بسقوطه أنهم لو كانوا يعلمون الغيب كما كانوا يدّعون ما عملوا مسخرين وهو ميت حولاً، وهم يظنون أنه حيٌّ عالم بعملهم.
وروى عن يعقوب وحده أنه قرأ (تبيّنت الجنّ) بضم التاء والباء على ما لم يسم فاعله.
وقرأ سائر القراء (تبيّنت الجنّ) بفتح التاء والياء.
وهي القراءة الجيدة). [معاني القراءات وعللها: 2/291]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {إلا دابة الأرض تأكل منسأئه} [14].
قرأ أبو عمرو ونافع بترك الهمز تخفيفًا. والأصل الهمز من {منسأته}. كما قرأ الباقون.
وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر {منسأته} بسكون الهمزة.
والمنسأة: العصا.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء: قال: حدثني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {تأكل منسأته} قال: عصاه. قال الشاعر في ترك الهمز-:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/212]
إذا دببت على المنساة من كبر = فقد تباعد عنك اللهو والغزل
وقال بعضهم: لا تسمي العصا المنسأة إلا عصا الراعي الكبيرة، وإنما قيل لها المنسأة؛ لأنه ينسي بها أي: يؤخر بها الدواب يقال: أنسأ الله أجلك، ونسأ الله في أجلك أي: أخر في عمرك وزاد فيه، ويقال للبن إذا مزج بالماء ومذقته: النسئ أنشدني بن دريد:
سقوني النسئ ثم تكنفوني = عداة الله من كذب وزور
ويقال: نسيت المرأة تنسا وهي نسئ كما ترى، والجمع نسو ونسؤ كما ترى: إذا جلت. فالمنسأة: كلمة واحدة. قال النحويون: ولو قرئ: من سئته لكان صوابًا، يجعله كلمتين مأخوذ من سئة القوس، وهما طرفاها، غير أن القرآن سنة، ولا يقرأ كل ما يجوز في النحو، إنما يتبع فيه الأئمة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/213]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في همز منسأته [سبأ/ 14] وترك الهمز.
فقرأ نافع وأبو عمرو: منساته غير مهموز، وقرأ الباقون منسأته مهموزا مفتوح الهمزة.
أبو عبيدة: هي العصا التي ينسأ بها الغنم، وأصلها من نسأت تنسأ بها الغنم أي: تسوقها، وأنشد لطرفة:
وعنس كألواح الإران نسأتها على لاحب كأنّه ظهر برجد
[الحجة للقراء السبعة: 6/11]
أي: سقتها، والقياس في همز منسأة إذا خفّفت [الهمزة منها] أن تجعل بين بين، إلّا أنّهم خفّفوا همزتها على غير القياس، وكثر التخفيف فيها. وقال سيبويه: تقول: منيسئة في تحقير منسأة، لأنّها من نسأت، فلم يجعل البدل فيها لازما كياء عيد، حيث قالوا في تكسيره أعياد، ويدلّ على أنّه ليس ببدل لازم قولهم في تكسيرها: مناسئ، فيما حكاه سيبويه). [الحجة للقراء السبعة: 6/12]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه عمرو بن ثابت عن سعيد بن جبير: [تَأْكُلُ مِنْ سَأَتِهِ]، قال من عصاه.
[المحتسب: 2/186]
قال أبو الفتح: المشهور المجمع عليه في ذلك: {مِنْسَأتَهُ}: بالهمز، وبالبدل من الهمز، وهي العصا: مفعلة من نسأتُ الناقة والبعير: إذا زجرتَه. قال الفراء: هي العصا العظيمة تكون مع الراعي، وأنشد أبو الحسن:
إذا دببتَ على المنساةِ من كِبَرٍ ... فَقَدْ تباعَدَ عنْكَ اللهْوُ وَالْغَزَلُ
وقال الفراء: هي من سِئَة القوْس، وهي مهموزة. وقال غيرُه: أسأيتُ القوس، فالمحذوف من "سئة" هو اللام، وأن يكون ياء أجدر؛ لغلبة الياء على اللام، وكان رؤبة يهمز سئة القوس. قال الفراء: ولم تقرأ [مِن سَأتِهِ]، ولم تثبت عند قراءة سعيد بن جبير. قال: ويجوز فيها سِئَة وسَأَة، وشبهها بالقِحَة والقَحَة، والضِعَة والضَعَة.
وبعد فالتفسير إنما هو على العصا لا سئة القوس، وهي من ن سء، فإن كانت "السأة" من نسأت فيه علة، والفاء محذوفة. وهذا الحذف إنما هو من هذا الضرب في المصادر، نحو: العدة، والزنة، والضعة، والقحة. وذلك مما فاؤه واو لا نون، ولم يمرر بنا ما حذفت نونه وهي فاء. وسئة القوس: فعة، واللام محذوفة كما ترى.
قال أبو حاتم: إن ابن إسحاق سأل أبا عمرو: لم تركت همز {منسأته}؟ فقال: وجدت لها في كتاب الله أمثالا: {هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة}، و {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم}. وقال هارون كان أبو عمرو يهمز، ثم تركها.
قول أبي عمرو: {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، و{لَتَرَوُنَّ}، يريد أن "البرية" من برأ الله الخلق، فترك همزها تخفيفا. وكذلك {لَتَرَوُنَّ}، يريد تخفيف همز "ترى"؛ لأن أصلها ترأى، فاجتمع على تخفيف الهمزتين في الموضعين. ولا يريد أن واو {لَتَرَوُنَّ} غير مهموزة؛ وذلك لأن همز هذه الواو لضمتها شاذ من حيث كانت الحركة لالتقاء الساكنين، وليست بلازمة.
[المحتسب: 2/187]
وقال أبو حاتم في حرف عبد الله: [إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ أكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ]، وفي حرف أبي[منَسَيَتَه]- قال وهي تدل على الهمز؛ لأن الهمزة قد تحذف من الخط. فقول ابن مسعود: [أكلتْ] هو تفسير الدلالة، أي ما دلهم على موته إلا دابة الأرض ثم فسر وجه الدلالة، فقال: [أكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ]، أي: فخرّ، فتبينتِ الجنّ). [المحتسب: 2/188]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس والضحاك وأبي عبد الله وعلي بن حسين: [تَبَيَّنَتِ الإنْسُ].
قال أبو الفتح: أي: تبينت الإنس أن الجن لو علموا بذلك ما لبثوا في العذاب. يدل على صحة هذا التأويل ما رواه معبد عن قتادة، قال: في مصحف عبد الله [تَبَيَّنَتِ الإنْسُ أن الجن لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا] ). [المحتسب: 2/188]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ما دلهم على موته إلّا دابّة الأرض تأكل منسأته}
قرأ نافع وأبو عمرو {منسأته} بغير همز وقرأ الباقون {منسأته} بهمزة مفتوحة وقرأ ابن عامر بهمزة ساكنة الأصل الهمز وتركه
[حجة القراءات: 584]
لغة والوجهان مستعملان قال الشّاعر في تركه:
إذا دببت على المنساة من كبر ... فقد تباعد عنك اللّهو والغزل
وقال في الهمز:
أم أجل حبل لا أبالك صدته ... بمنسأة قد جر حبلك أحبلا
المنسأة مفعلة وهي العصا وإنّما سميت منسأة لأنّه ينسأ بها ومعنى ينسأبها أي يطرد ويزجر بها تقول نسأت الدّابّة إذا ضربتها بعصا أو زجرتها). [حجة القراءات: 585]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {منسأته} قرأه نافع وأبو عمرو بألف من غير همز، وقرأ الباقون بهمزة مفتوحة إلا ابن ذكوان، فإنه أسكن الهمزة.
وحجة من قرأ بألف أنها لغة مسموعة في بدل الهمزة بألف من هذا، حكاه سيبويه، فأصله الهمز من «نسأه» يقال: نسأت الغنم إذا سقتها، وفتح التاء علم النصب بـ «تأكل» فأبدل من الهمزة المفتوحة ألف، وكان الأصل أن تجعل بين بين، لكن البدل في هذا محكي مسموع عن العرب، وحكى ابن دريد في الجمهرة أن «المنسأة» غير مهموزة «مفعلة» من نس الإبل إذا ساقها، كان البدل عنده من سين كما قالوا «دساها» وهو بعيد، إذ لم يجتمع في المنسأة، إذا جعلتها من «نس» إلا سينان، كان أصلها منسسه.
8- وحجة من همز أنه أتى به على الأصل، إذ أصله الهمز و«المنسأة»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/203]
العصا، وقد حكى سيبويه في تصغير العصا «منيسئة» بالهمز، قال: تردها إلى أصلها ولا تجعل البدل فيها لازمًا، وقد قالوا في جمعها «مناسيء» بالهمز؛ لأن التصغير والجمع يرد الأشياء إلى أصولها، في أكثر الكلام، وقد قالوا: عيد وأعياد، فلم يردوا الواو في الجمع، وأصل الياء في عيد الواو، لأنه من «عاد يعود» وأراهم لم يردوا الواو في أعياد لئلا يشبه لفظ جمع «عود» فأما من أسكن الهمزة فهو بعيد في الجواز، إنما يجوز الإسكان للاستثقال لطول الكلمة، وهذا غير مشهور في اللغات، إنما يوجد في الشعر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/204]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {تَأْكُلُ مِنْسَاَتَهُ} [آية/ 14] بغير الهمز:
قرأها نافع وأبو عمرو.
والوجه أنه على تخفيف الهمزة بقلبها ألفًا خالصة، وليس القياس كذلك، بل القياس يقتضي أن تُجعل الهمزة بين بين، إلا أنهم خففوها على غير قياسٍ.
وقرأ ابن كثير ويعقوب والكوفيون {مِنْسَأَتَهُ} بهمزةٍ مفتوحةٍ.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن المنسأة مفعلةٌ من قولهم: نسأت الإبل. إذا أخرتها وزجرتها، والمنسأة العصا، فأصل الكلمة من الهمز.
وقرأ ابن عامر {مِنْسَأْتَهُ} بهمزةٍ ساكنةٍ.
والوجه أنه يمكن أن تكون القراءة بها بين الهمزة والألف، وهو القياس في تخفيف الهمزة، أعني أن تُجعل بين بين، لكن الراوي لم يضبط). [الموضح: 1046]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {تُبُيِّنَتِ الْجِنُّ} [آية/ 14] بضم التاء والباء وكسر الياء على تُفُعِّلَتْ:
قرأها يعقوب يس-.
والوجه أن تفعلت على ما لم يسم فاعله، يقال: تبينت الشيء إذا علمته فتبين، أي ظهر حتى عُلم، ومعنى تبينت: عُلمت.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {تَبَيَّنَتْ} بفتح التاء والباء (والياء) على تفعلت بالفتح.
والوجه أن الفعل مسندٌ إلى فاعله، وهو بمعنى علمت على ما سُمي فاعله، والمعنى: علمت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين). [الموضح: 1047]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:37 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (15) إلى الآية (19) ]

{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)}


قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لقد كان لسبإٍ في مساكنهم)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (لسبأ) غير مجرى، وقد مرت في سورة النمل القول في (سبأ) بما أغنى عن إعادته.
وقرأ حفص وحمزة (في مسكنهم) موحدًا، بفتح الكاف.
وقرأ الكسائي (في مسكنهم) موحدًا، بكسر الكاف.
وقرأ الباقون: (في مساكنهم) جماعةً.
قال أبو منصور: هما لغتان: مسكن، ومسكن.
وكسر الكاف فصيح جيد، للموضع الذي يسكن.
ومن قرأ (مساكنهم) فهو جمع مسكن، ويقال للمساكن الكثيرة: مسكن، ومسكن). [معاني القراءات وعللها: 2/291]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {لقد كان لسبإ} [15].
فقد ذكرته في سورة (النمل) وإنما أعدت ذكره، لأن بعض النحويين اختار الصرف؛ لأنه صح عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (سبأ) رجل وله عشرة من البنين، وله حديث.
حدثني أبو عبد الله الحكيمي، حدثني حماد بن عباد قال: حدثنا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/213]
يزيد بن هرون، قال: اخبرنا أبو جناب عن يحيى بن هشام عن فروة بن مسيكة قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أرأيت سبأ، أواد هو أم جبل؟ قال: لا، بل هو رجل من العرب، ولد عشرة، فتيامن ستة وتشاءم أربعة، فتيامن الأزد، والأشعرون، وحمير، وكندة، ومذحج، وأنمار الذين يقال لهم: بجيلة، وخثعم. وتشاءم أربعة لخم، وجذام، وعاملة وغسان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/214]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {في مسكنهم ءاية} [15].
قرأ الكسائي {في مسكنهم} بكسر الكاف جعله اسم الموضع الذي يسكنون فيه، كما قرأ: {حتى مطلع الفجر} أي: في موضع الطلوع، ومثله المسجد: موضع السجود.
وقرأ حمزة وحفص عن عاصم: {مسكنهم} بفتح الكاف جعلوه لغتين المسكن والمسكن، مثل المنسك، والمهلك والمهلك.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/214]
وقال آخرون: الاختيار لمن فتح أن يجعله مصدرًا {لقد كان لسبأ في مسكنهم} أي: سكناهم و{في مسكنهم} بمعنى، ومهلكهم وهلاكهم بمعنى، وحتى مطلع الفجر، وحتى طلوع الفجر، وهذا باب قد أحكمناه في سورة (الكهف).
وقرأ الباقون: {في مساكنهم} بالجماع بألف مثل المساجد، والسكن: أهل الدار، والسكن: الدار، والسكينة: الوقار.
وحدثني أبو عمر عن ثعلب عن سلمة عن الفراء. قال من العرب من يقول: {فيه سكينة من ربكم} بالتشديد، يريد: سكينة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/215]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله سبحانه: مساكنهم [سبأ/ 15].
فقرأ الكسائي وحده: مسكنهم بغير ألف مكسورة الكاف.
وقرأ عاصم في رواية حفص وحمزة: مسكنهم مفتوحة الكاف. وقرأ الباقون: مساكنهم بألف.
قال أبو عليّ: من قال مساكنهم أتى باللّفظ وفقا للمعنى، لأنّ لكلّ ساكن مسكنا فجمع، والمساكن: جمع مسكن، الذي هو اسم للموضع من سكن يسكن. ومن قال: مسكنهم فيشبه أن يكون جعل المسكن مصدرا، وحذف المضاف، والتقدير: في مواضع سكناهم،
[الحجة للقراء السبعة: 6/12]
فلمّا جعل المسكن كالسّكنى والسكون أفرد، كما تفرد المصادر، وهذا أشبه من أن تحمله على نحو:
كلوا في بعض بطنكم و:..... جلد الجواميس وعلى هذا قوله سبحانه: في مقعد صدق [القمر/ 55] أي:
مواضع قعود، ألا ترى أنّ لكلّ واحد من المتّقين موضع قعود، فهذا التأويل أشبه من أن تحمله على الوجه الآخر الذي لا يكاد يجيء إلّا في شعر. فأمّا قول الكسائي: في مسكنهم فالأشبه فيه الفتح، لأنّ اسم المكان من فعل يفعل على المفعل، فإن لم ترد المكان. ولكن المصدر، فالمصدر أيضا في هذا الحد على المفعل مثل المحشر ونحوه، وقد يشذّ عن القياس المطّرد نحو هذا، كما جاء المسجد وسيبويه يحمله على أنّه اسم البيت، وليس المكان من فعل يفعل، فإن
[الحجة للقراء السبعة: 6/13]
أراد ذاك فتح، وكذلك المطلع من طلع يطلع، والمطلع على القياس، إلّا أنّ أبا الحسن يقول: إنّ المسكن إذا كسرته لغة كثيرة، قال: وهي لغة النّاس اليوم. قال: وأمّا المسكن مفتوحة فهي لغة أهل الحجاز. قال وهي اليوم قليلة). [الحجة للقراء السبعة: 6/14]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لقد كان لسبإ في مسكنهم آية} 15
قرأ أبو عمرو والبزي {لسبإ} بالفتح وقرأ الباقون لسبأ مجرور
فمن فتح وترك الصّرف فلأنّه جعل سبأ اسما للقبيلة ومن صرف وكسر جعل سبأ اسما لرجل أو لحي
قرأ الكسائي {لسبإ في مسكنهم} بكسر الكاف وقرأ حفص وحمزة {في مسكنهم} بفتح الكاف وقرأ الباقون {مساكنهم} على الجمع
[حجة القراءات: 585]
فمن قرأ مساكنهم أتى باللّفظ وفقا للمعنى لأن لكل ساكن مسكنا فجمع والمساكن جمع مسكن الّذي هو اسم للموضع من سكن يسكن وحجتهم أنّها مضافة إلى جماعة فمساكنهم بعددهم ويقوّي الجمع إجماع الجميع على قوله {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم} ومن قرأ {مسكنهم} بالفتح يشبه أن يكون جعل المسكن مصدرا وحذف المضاف والتّقدير في مواضع سكناهم فلمّا جعل المسكن كالسكن أفرد كما تفرد المصادر وعلى هذا قوله {في مقعد صدق} أي في موضع قعود ألا ترى أن لكل واحد من المتّقين موضع قعود ومن قرأ مسكنهم جعله اسم الموضع الّذي يسكنون فيه وإنّما وحد لأنّه أراد بلدهم وقد يجوز أن يراد بذلك جمع المساكن ثمّ يؤدّي الواحد عن الجمع
قال الكسائي مسكن ومسكن لغتان قال نحويو البصرة والأشبه فيه الفتح لأن اسم المكان من فعل يفعل على المفعل بالفتح وإن لم يرد المكان ولكن أراد المصدر فالمصدر أيضا في هذا النّحو يجيء على المفعل مثل المحشر وقد يشذ عن القياس نحو المسكن والمسجد وذهب سيبويهٍ على أنه اسم البيت وليس المكان من فعل يفعل فعلى هذا لم يشذ عن الباب). [حجة القراءات: 586]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {في مسكنهم} قرأ الكسائي بالتوحيد وكسر الكاف، وكذلك حفص وحمزة غير أنهما فتحا الكاف، وقرأ الباقون بالجمع.
وحجة من وحَّد أنه بمعنى السكنى، فهو مصدر يدل على القليل والكثير من جنسه، فاستغنى به عن الجمع مع خفة الواحد.
10- وحجة من جمع أنه لما كان لكل واحد منهم مسكن وجب الجمع، ليوافق اللفظ المعنى.
11- وحجة من فتح الكاف في الواحد أنه أتى به على المستعمل المعروف، لأن المصدر من «فعل يفعل» يأتي أبدًا بالفتح، نحو المقعد والمدخل والمخرج، فهو أصل الباب.
12- وحجة من كسر أنه جعله مما خرج على الأصل سماعًا، جاء بالكسر في المصدر، والفعل على «فعل يفعل» وقد جاء ذلك في أحرف محفوظة منها «المسجد والمطلع» وقد جعل سيبويه «المسجد» اسمًا للبيت، ولم يجعله مصدرًا حين رآه خرج عن الأصل، والأخفش يقول: «المسكن»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/204]
بالكسر لغة مستعملة، وهي في المسجد كثيرة، قال: والفتح في المسجد لغة أهل الحجاز، وهي قليلة الاستعمال عنده، والاختيار للجمع، لأن عليه الأكثر، وعليه العمل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/205]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {لِسَبَإْ} [آية/ 15] ساكنة الهمزة:
رواها ل- عن ابن كثير.
والوجه أنه ينبغي أن يكون بين بين على ما ذكرنا في تخفيف الهمز، لكن الراوي لم يؤده كما وجب، فقرأ بإسكان الهمزة، فإن تخفيف الهمزة في
[الموضح: 1047]
مثله هو أن تُجعل بين بين، ولا يكون بأن تُسكَّن.
وقرأ أبو عمرو والبزي عن ابن كثير {لِسَبَإَ} مفتوحة الهمزة غير منونة.
والوجه أنه على الأصل في تحقيق الهمزة، ثم إن ترك التنوين لكونه غير منصرف، فإنه اسم قبيلةٍ، فقد اجتمع فيه التعريف والتأنيث.
وقرأ الباقون {لِسَبَإٍ} مجرورةً منونةً.
والوجه أن همزة الكلمة على الأصل في التحقيق، ثم إنهم صرفوا الاسم؛ لأنهم جعلوه اسم حي أو أب، فهو مذكر، فليس فيه إلا سبب واحدٌ، وهو التعريف، فلا يمتنع عن الصرف، وقد سبق ذلك). [الموضح: 1048]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {فِي مَسْكَنِهِمْ} [آية/ 15] بغير ألفٍ، وبفتح الكاف:
قرأها حمزة و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه يجوز أن يكون المسكن ههنا مصدرًا، فهو بمعنى السكنى، والمصدر لا يُجمع، فأفرد لذلك، وهو على حذف المضاف، والتقدير في مواضع سكناهم.
ويجوز أن يكون اسمًا للمكان، إلا أنه وُحد، والمراد به الجمع، اكتفاءً بإضافته إلى الجمع، كما قال الشاعر:
132- كلوا في بعض بطنكم تعيشوا = فإن زمانكم زمن خميص
[الموضح: 1048]
أراد في بطونكم، وقال الآخر:
133- في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
وقرأ الكسائي {فِي مَسْكِنِهِمْ} بغير ألفٍ، وبكسر الكاف.
والوجه أنه جاء مجيء ما شذ عن القياس نحو المسجد والمطلع والمجزر والمشرق والمغرب، فإن القياس يقتضي أن يجيء المصدر واسم المكان والزمان جميعًا على مفعلٍ بفتح العين إذا كان المضارع على يفعُل بالضم أو يفعَل بالفتح، فالقياس يقتضي ههنا المسكن بفتح الكاف، إلا أنه محمولٌ على ما شذ من الباب مما ذكرنا، وهو من الشواذ التي كادت من كثرتها تزيد على المنقاس.
وقرأ الباقون {مَسَاكِنِهِمْ} بالألف على الجمع.
والوجه أنه جمع مسكنٍ، فاللفظ في هذا موافق للمعنى؛ لأن لكل ساكنٍ مسكنًا فالمعنى على الجمع، وإذا قُرئ بالإفراد أيضًا كان معناه الجمع). [الموضح: 1049]

قوله تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ذواتي أكلٍ خمطٍ)
قرأ ابن كثير ونافع (أكلٍ خمطٍ) خفيفًا منونًا.
وقرأ الباقون (أكلٍ خمطٍ) مثقلاً منونا.
وروى عباس عن أبي عمرو (أكل خمطٍ) مخففًا مضافًا.
قال أبو منصور: من قرأ (ذواتي أكلٍ) أراد: (ذواتي) ثمر يؤكل، ثم قال: خمطٍ. وجعله بدلاً من (أكل)، المعنى: ذواتي خمطٍ.
والخمط: شجر الأراك و(أكلٍ): ثمره.
ويجوز في (الأكلٍ) التخفيف والتثقيل، والمعنى واحد.
ومن قرأ (أكل خمطٍ) أضاف (أكل) إلى (الخمطٍ).
وقال بعضهم: كل نبت أخذ طعمًا من مرارة حتى لا يمكن أكله فهو خمط). [معاني القراءات وعللها: 2/292]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {ذواتي أكل خمط} [16].
قرأ أبو عمرو وحده مضافًا: {أكل خمط}.
وقرأ الباقون: {أكل خمط} منونًا. قال النحويون: وهو الاختيار؛ لأن الخمط نعت للأكل والشيء لا يضاف إلى نعته. ومن أضاف قال: الخمط: جنس من المأكولات، والأكل أشياء مختلفة فأضفته إلى الخمط، كما يضاف الأنواع إلى الأجناس، والخميط: ثمر الأراك، وهو البرير أيضًا، واحدها بريرة. وبريرة: جارية عائشة، والبرير: شجر السواك، والأثل: شجر،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/215]
واحدها أثلة وتجمع أثلاث في العدد القليل، قال الشاعر:
أيا أثلاث القاع من بطن توضح = حنيني إلى أوطانكن طويل
ويروى: أطلالكن.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/216]
وابن كثير ونافع يخففان: {أكل خمط}.
والباقون يثقلون: {أكل خمط} بضم الكاف عن الأصل، كما قال تعالى: {أكلها دائم} ومن أسكن الكاف مال إلى التخفيف، وقد ذكرته فيما تقدم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/217]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إضافة أكل خمط [سبأ/ 16] والتنوين.
فقرأ أبو عمرو وحده: ذواتي أكل خمط مضافا. وثقّل الأكل ونون الباقون. عباس عن أبي عمرو ذواتي أكل خمط مضافا خفيفا، وخفّف الكاف ابن كثير ونافع.
وثقّل الباقون إلا ما روى عباس عن أبي عمرو.
أبو عبيدة: الخمط: كل شجرة مرّة ذات شوك، والأكل: الجنا، كل ما اجتني قال أبو علي: ما ذهب إليه أبو عمرو في قراءته بالإضافة على تفسير أبي عبيدة حسن، وذاك أن الأكل: إذا كان الجنا فإنّ جنا كل شجرة منه، والدليل على أنّ الأكل: الجنا، كما قال أبو عبيدة، قوله سبحانه: تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها [إبراهيم/ 25] وقد جاء الجنا مضافا إلى الشجرة في قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 6/14]
موشحة بالطرّتين دنا لها جنا أيكة يضفو عليها قصارها فكما أضاف الجنا إلى الشجرة التي هي الأيكة كذلك أضاف أبو عمرو الأكل الذي هو الجنا إلى الخمط، وغير الإضافة على هذا ليس في حسن الإضافة، وذلك لأنّ الخمط إنما هو اسم شجرة، وليس بوصف، وإذا لم يكن وصفا. لم يجر على ما قبله، كما يجري الوصف على الموصوف. والبدل ليس بالسّهل أيضا، لأنّه ليس هو هو، ولا بعضه لأن الجنا من الشجرة، وليس الشجرة من الجنا، فيكون إجراؤه عليه على وجه عطف البيان، كأنّه بين أنّ الجنا لهذا الشجر، ومنه، وكأنّ الذي حسّن ذلك أنّهم قد استعملوا هذه الكلمة استعمال الصفة. قال الشاعر:
عقار كماء النّيء ليست بخمطة ولا خلّة يكوي الشّروب شهابها قال أبو الحسن: الأحسن في كلام العرب أن يضيفوا ما كان من نحو هذا مثل: دار آجرّ، وثوب خز. قال: وأكل خمط قراءة كثيرة وليست بالجيدة في العربية). [الحجة للقراء السبعة: 6/15]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلّا الكفور} 16 و17
[حجة القراءات: 586]
قرأ أبو عمرو {أكل خمط} مضافا أجراه مجرى قول القائل تمر دقل فأضاف الاسم إلى جنسه لاختلاف اللّفظين
وقرأ الباقون {أكل} منونا وحجتهم أن الأكل هو الخمط فالتنوين فيه على أنه بدل من الأكل وقد جاء في التّفسير أن الخمط الأراك وأكله ثمره
قال المبرد التّنوين في {أكل} أحسن من الإضافة على البدل ويجوز أن يكون على النّعت لأنّه وإن كان فكأنّه شيء مكروه الطّعم فجرى مجرى النّعت لأن بعض العرب يسمّي ما كان مكروه الطّعم من حموضة أو مرارة خمطا قال وأحسب أبا عمرو ذهب في الإضافة إلى هذا كأنّه أراد أكل حموضة أو مرارة وما أشبه ذلك). [حجة القراءات: 587]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {أكلٍ خمط} قرأه أبو عمرو بإضافة {أكل} إلى {خمط} وقرأ الباقون بتنوين {أكل} من غير إضافة.
وحجة من أضاف أنه كما تقول: ثمر خط، وثمر نبق، أي ثمر شجرتين، وثمر شجر خمط، فهو من باب الإضافة بمعنى «من خمط» كـ «ثوب خز» أي من خز، فكذلك هذا معناه: أكل من خمط، فالأكل الجني وهو الثمر، والخمط في قول أبي عبيد: كل شجرة مرة الثمرة ذات الشوك، ولما لم يحسن أن يكون الخمط بدلًا، لأنه ليس الأول ولا هو بعضه، ولم يحسن أن يكون نعتًا؛ لأن الخمط اسم شجر، فهو لا ينعت به، وكان الجني من الشجر، أضيف على تقدير «من» كثوب خز، وباب ساجٍ.
14- وحجة من نونه أنه جعله «خمطًا» عطف بيان، فبين أن الأكل وهو الثمر من هذا الشجر، وهو الخمط، إذ لم يجز أن يكون الخمط بدلًا ولا نعتًا للأكل، على ما ذكرنا أولًا فلما عدل به عن الإضافة لم يكن فيه غير عطف البيان؛ لأنه بيان لما قبله، وبيَّن الأكل من أي الشجر هو، وقد تقدم ذكر التخفيف والتثقيل في البقرة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/205]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {أُكُلِ خَمْطٍ} [آية/ 16] بالإضافة:
قرأها أبو عمرو ويعقوب.
والوجه أن الأُكل الثمر، وخمطٌ شجرةٌ، والمعنى ثمر خمطٍ، أو جنا خمطٍ، والأُكُل والجنا واحدٌ، وإضافة كل واحدٍ منهما إلى الشجرة حسنةٌ، كما تقول: ثمر الشجرة، والدليل على أن الأُكُل الثمر قوله تعالى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ}.
وقرأ الباقون {أُكُلٍ خَمْطٍ} بالتنوين في {أُكُلٍ}.
والوجه أن قوله {خَمْطٍ} على هذا بدل عن {أُكُلٍ} أو عطف بيانٍ، وأبو علي يختار عطف البيان، ويقول إنه بيَّن أن الجنا لهذه الشجرة.
وقال أبو الحسن: الأحسن في نحو هذا الإضافة نحو ثوب خزٍ وجبّة صوفٍ، ودار آجرٍ. وقد استعملوه استعمال الصفة.
وأسكن الكاف ابن كثير ونافعٌ، وحرَّكها الباقون.
والوجه أن كل ما كان على فُعُل بضم الفاء والعين، نحو عُنُقٍ وطُنُبٍ فإنه يطَّرد إسكان العين منه كطنب وعنقٍ). [الموضح: 1050]

قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وهل يجازى إلّا الكفور (17)
قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم (يجازى) بالياء، و(الكفور) رفعًا.
وقرأ الباقون" (وهل نجازي) بالنون، (إلا الكفور) نصبًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/292]
قال أبو منصور: من قرأ (وهل نجازي) بالنون، (إلا الكفور) فالله يقول:
هل نجازي، أي: ما نجازي. إلا الكفور منصوب بالفعل.
ومن قرأ (هل يجازى) فهو على ما لم يسم فاعله، أي لا يجازى إلا الكفور لنعمة ربّه.
ويسأل السائل فيقول: لم خصّ الكفور بالمجازاة دون غيره؟
والجواب فيه أن المؤمن تكفر حسناته سيئاته، فأما الكافر فإنه يحبط عمله كله، ويجازى بكل سوء عمله، كما قال اللّه: (الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم)، أي: أبطلها وأحبطها فلم تنفعهم.
وأما المؤمن فإنّ الله أعلمنا أن حسناته تكفر سيئاته، فلا يجازى بسيئاته؛ لأن إيمانه يعفّى عليها، فالمجازاة بالسيئات للكافر دون المؤمن، وهذا معنى قوله: (وهل يجازى إلّا الكفور) والمؤمن يجزى ولا يجازى؛ لأنه يزاد في الثواب، ولا يناقش في الحساب، ويطهّر من الذنوب). [معاني القراءات وعللها: 2/293]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {وهل نجازي إلا الكفور} [17].
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم {نجازي} بالنون، الله تعالى يخبر عن نفسه {إلا الكفور} قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم نصب مفعول به.
وقرأ الباقون: {يجازي} بالياء، وفتح الزاي على مالم يسم فاعله، و{الكفور} رفع، و«هل» في هذا الموضع بمعنى الجحد، كقولك: ما يجازي إلا الكفور، قال الشاعر:
فهل أنتم إلا أخونا فتحزبوا = علينا إذا نابت علينا النوائب
ذلك أن «هل» تكون استفهامًا وحجدًا وأمرًا. كقوله: {فهل أنتم منتهون} أي: انتهوا. وتكون بمعنى «قد» كقوله: {هل أتى على الإنسان} قد أتي على الإنسان، و«إلا» تحقيق بعد جحد، أعني في قوله: {وهل نجازي إلا الكفور} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/218]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: وهل نجازي إلا الكفور [سبأ/ 17] في الياء والنون، فقرأ حمزة والكسائي: وهل نجازي بالنون الكفور بالنصب. حفص عن عاصم مثل قراءة حمزة وأدغم الكسائي اللّام من هل في النون وحده وقرأ الباقون وعاصم في رواية أبي بكر: يجازي بالياء الكفور رفع.
قال أبو علي: حجّة نجازي قوله سبحانه: جزيناهم وهي قراءة الأعمش فيما زعموا، ومن قال: يجازى، فالمجازي: الله عزّ وجلّ وإن بني الفعل للمفعول به وهذا مثل قوله: حتى إذا فزع عن قلوبهم وفزّع عن قلوبهم. وأما قوله:
وهل يجازى إلا الكفور، والكفور وغيره [يجري على هذا فعله]
[الحجة للقراء السبعة: 6/17]
وإنّما خصّ الكفور بهذا، لأنّ المؤمن قد يكفّر عنه ذنوبه بطاعاته، فلا يجازى على ذنوبه التي تكفّر، والكافر عمله يحبط فلا يكفّر عن سيئاته، كما يكفّر عن سيئات المؤمن.
قال تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم [النساء/ 31] وقال: وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيآتهم وأصلح بالهم [محمد/ 2] وقال: إن الحسنات يذهبن السيآت [هود/ 114] وقال: ونتجاوز عن سيآتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون [الأحقاف/ 16] وقال في الكفّار: أضل أعمالهم [محمد/ 1] وقال: أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف [إبراهيم/ 18] والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة [النور/ 39] فالكافر يجازى بكلّ سوء يعمله، وليس كالمؤمن الذي يكفّر عن بعض سيئاته بأعماله الصالحة. وأمّا إدغام الكسائي اللّام في النون، فجائز. حكاه سيبويه وذلك: هنّرى من هل نرى فيدغم اللّام في النون، قال سيبويه: والبيان أحسن، قال: لأنّه قد امتنع أن يدغم في النّون ما أدغمت فيه سوى اللّام. قال: فكأنّهم يستوحشون من الإدغام). [الحجة للقراء السبعة: 6/18]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن جندب: [وَهَلْ يُجْزَى إِلَّا الْكَفُور].
قال أبو الفتح: حدثنا أبو بكر محمد بن علي المراغي، ورُوِّيناه أيضا عن شيخنا أبي عليٍّ، قال: كان أبو إسحاق يقول: جزيت الرجل في الخير، وجازيته في الشر. واستدل على ذلك بقراءة العامة: {وَهَلْ يُجَازَى إِلَّا الْكَفُور}، وقرأت على أبي عليّ عن أبي زيد:
لَعَمْرِي لَقَد برَّ الضبابَ بَنُوه ... وَبَعضُ البَنِينَ حُمَّةٌ وسُعَالُ
جَزَوْنِي بما رَبَّيْتُهُمْ وَحَمَلْتُهُمْ ... كذلِكَ ما إنَّ الخُطُوبَ دَوَالُ
وينبغي أن يكون أبو إسحاق يريد أنك إذا أرسلتهما ولم تعدهما إلى المفعول الثاني كانا كذلك، فإذا ذكرته اشتركا. ألا ترى إلى قوله:
[المحتسب: 2/188]
جَزَانِي الزُّهدَمَانِ جَزَاء سَوء ... وكنتُ المرءَ أُجْزَى بالكَرَامَهْ
فأما قراءة ابن جندب: [وَهَلْ يُجْزَى إِلَّا الْكَفُور] فوجهه أنه إذا كان عن الحسنة عشرا فذلك تفضل، وليس جزاء، وإنما الجزاء في تعادل العمل والثواب عنه. ولله در جرير وعذوبته قال:
يا أُمَّ عمرٍو جَزاكِ اللهُ صالِحَةً ... رُدِّي عَلَيَّ فُؤادِي كالذِي كَانَا
وقال أبو حاتم [وَهَلْ يجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ]، بالنصب قراءة قتادة وابن وثاب والنخعي، في جماعة ذَكَرَهم). [المحتسب: 2/189]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وهل نجازي} بالنّون {الكفور} نصب الله أخبر عن نفسه وحجتهم في ذلك أنه أتى عقيب لفظ الجمع في قوله {ذلك جزيناهم بما كفروا} فكان الأولى بما أتى في سياقه أن يكون بلفظه وبعده {وجعلنا بينهم} فهذا يؤيّد معنى الجمع ليأتلف الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون (وهل يجازى) بضم الياء وفتح الزّاي الكفور رفع على ما لم يسم فاعله وحجتهم في ذلك أن ما أتى في القرآن من المجازاة أكثره على ما لم يسم فاعله من ذلك {اليوم تجزى كل نفس}
[حجة القراءات: 587]
{فلا يجزى إلّا مثلها} {ثمّ يجزاه الجزاء الأوفى} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى). [حجة القراءات: 588]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {وهل نجازي إلا الكفور} قرأه حفص وحمزة والكسائي بالنون، وكسر الزاي، ونصب {الكفور} على الإخبار عن الله جل ذكره عن نفسه، حملًا على ما أتى بعده من الأخبار عن الله جل ذكره عن نفسه في قوله: {وجعلنا بينهم وبين} «18» وقوله: {باركنا}، وعلى ما قبله أيضًا في قوله: {فأرسلنا عليهم} «16» و{بدلناهم} و{جزيناهم} فحسن حمل الكلام على ما قبله وما بعده، فالكفور منصوب بوقوع الفعل عليه، وهو «نجازي».
وحجة من قرأ بالياء والرفع وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه أنه بنى الفعل للمفعول، فرفع {الكفور} لأنه مفعول لم يُسم فاعله، والناس كلهم يجازون بأعمالهم، لكن المؤمن يكفر الله عنه سيئاته الصغائر باجتنابه الكبائر، والكافر لا تكفير لسيئاته الصغائر؛ لأنه لم يجتنب الكبائر، إذ هو على الكفر، والكفر أعظم الكبائر، فلذلك خص الكافر بذكر المجازاة في هذه الآية،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/206]
إذ لابد من مجازاته على كل سيئاته؛ إذ لا عمل صالحًا له يكفر به عن سيئاته، والمؤمن يُكفر الله له عن بعض سيئاته أو عن كلها بأعماله الصالحة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/207]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وَهَلْ نُجَازِي} بالنون، مكسورة الزاي، {إِلَّا الْكَفُورَ} نصبٌ [آية/17]:
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم ويعقوب.
والوجه أن المجازي هو الله تعالى فأخبر سبحانه عن نفسه بالنون ليوافق ما قبله وهو قوله تعالى {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ}، ونصب {الْكَفُورَ} بأنه مفعولٌ به.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم ياش- {يُجَازى} بالياء وفتح الزاي، {الْكَفُورُ} رفع.
والوجه أنه مبنيٌ لما لم يسم فاعله، و{الْكَفُورُ} رفعٌ بإسناد الفعل إليه). [الموضح: 1051]

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18)}
قوله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ربّنا باعد بين أسفارنا)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (بعّد) بغير ألف، وكذلك روى هشام بن عمار لابن عامر، وروى غيره عنه (باعد).
وقرأ يعقوب الحضرمي (ربّنا باعد) بالنصب.
وقرأ الباقون (ربّنا باعد) بألفٍ.
[معاني القراءات وعللها: 2/293]
قال أبو منصور: من قرأ (باعد) و(بعّد) فالمعنى واحد، والتقدير يا ربّنا باعد، على الدعاء. وهو مثل: ناعم، ونعّم، وجارية منعّمة، ومناعمة.
ومن قرأ (ربّنا باعد) فهو فعل ماض، وليس بدعاء، وقد يكون (فاعل) من واحد، كما يقال: عاقبه الله، وعافاه). [معاني القراءات وعللها: 2/294]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {ربنا باعد بين أسفارنا} [19].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر: {ربنا} على الدعاء، أي: يا ربنا بالنصب و{بعد} بغير ألف مشدد العين مثل قرب.
وقرأ الباقون: {ربنا} بالنصب أيضًا {بعد} بألف أيضًا و{بعد} دعاء على لفظ الأمر، وكذلك {بعد}، وعلامة الأمر سكون الدال. والمصدر باعد يباعد مباعدة فهو مباعد ومن بعد يبعد بعدًا فهو مبعد.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/218]
وفيها قراءة ثالثة: روي عماد بن محمد عن الكلبي عن أبي صالح {ربنا} بالرفع على الابتداء {بعد بين أسفارنا} على الخبر فـ{باعد} فعل ماض على هذه القراءة.
حدثني بذلك أحمد عن على عن أبي عبيد قال: فإن قيل لك: باعد خبر، وباعد دعاء، فلم جاز في آية من كتاب الله عز وجل أن يقرأ بالشيء وضده؟
فالجواب في ذلك: أنهم سألوا ربهم أن يباعد بين أسفارهم فلما فعل الله ذلك بهم أخبروا فقالوا :ربنا باعد بين أسفارنا فأنزل الله ذلك في العرضتين فاعرف ذلك. وله في القرآن نظائر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/219]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله سبحانه: ربنا بعد [سبأ/ 19] فقرأ ابن
[الحجة للقراء السبعة: 6/18]
كثير وأبو عمرو: بعد* مشددة العين، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: باعد، [واختلف عن ابن عامر] حدّثني أحمد بن محمد بن بكر قال: حدّثنا هشام بن عمّار قال: حدّثنا أيوب بن تميم وسويد بن عبد العزيز بإسناده عن ابن عامر بعد*. ابن ذكوان عنه باعد.
[قال أبو علي]: ذكر سيبويه: فاعل وفعّل قد يجيئان لمعنى كقولهم: ضاعف وضعّف، فيجوز أن يكون باعد وبعّد من ذلك.
وكذلك خلافه قارب وقرّب، واللفظان جميعا على معنى الطّلب والدّعاء. والمعنى في الوجهين على أنّهم كرهوا ما كانوا فيه من السعة والخصب وكفاية الكدح في المعيشة، وهؤلاء ممّن دخل في جملة قوله سبحانه: وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها [القصص/ 58] والبطر فيما قال بعض الناس: كراهة الشيء من غير أن يستحق أن يكره. وسؤالهم ما سألوا قريب من سؤال قوم موسى: ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض [البقرة/ 61] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/19]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس ومحمد بن علي ابن الحنفية وابن يعمر بخلاف والكلبي وعمرو ابن فائد: [رَبُّنَا] -رفع- [بَعَّدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا]، رفع الباء على الخبر، وفتح الباء من "بعد" والعين، ونصب النون من "بين".
وقرأ: [رَبَّنَا بَعُدَ]، بفتح الباء والدال، وضم العين [بَيْنُ أَسْفَارِنَا]- ابن يعمر وسعيد ابن أبي الحسن ومحمد بن السميفع وسفيان بن حسين -بخلاف- والكلبي، بخلاف.
وقرأ: [رَبَّنَا بَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا] - ابن عباس وابن يعمر ومحمد بن علي وأبو رجاء والحسن -بخلاف- وأبو صالح وسلام ويعقوب وابن أبي ليلى والكلبي.
قال أبو الفتح: أما [بَعَّدَ] و[بَاعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا] فإن "بين" فيه منصوب نصب المفعول به، كقولك: بَعَّدَ وبَاعَدَ مسافة أسفارنا، وليس نصبه على الظرف. يدلك على ذلك قراءة من قرأ: [بَعُدَ بَيْنُ أَسْفَارِنَا]، كقولك: بَعُدَ مَدَى أسفارِنا، فرفعُه دليل كونه اسمًا، وعليه قوله:
[المحتسب: 2/189]
كأنَّ رِماحَهُم أشْطانُ بِئْرٍ ... بَعِيد بينَ جَالَيها جَرُور
أي: بعيد مدى جاليها، أو مسافة جاليها. ويؤكد كون [بينَ] هنا اسمًا لا ظرفًا أن بَعَّدَ وبَاعَدَ فعلان متعديان، فمفعولهما معهما، وليس "بين" ههنا مثلها في قولك: جلست بين القوم؛ لأن معناه جلست في ذلك الموضع وليس يريد هنا بَعِّد أو بَاعِد فيما بين أسفارنا شيئا.
قال أبو حاتم: وزعموا أن العمارة اتصلت ببلادهم، فأرادوا أن يسيروا على رواحلهم في الفيافي، فدعوا على أنفسهم، فهو قوله سبحانه: {وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُم}.
وكان شيخنا أبو علي يذهب إلى أن أصل "بين" أنها مصدر بان يبين وبينا، ثم استعملت ظرفا اتساعا وتجوزا، كمقدم الحاج، وخلافة فلان. قال. ثم استعملت واصلة بين الشيئين، وإن كانت في الأصل فاصلة. وذلك لأن جهتيها وَصَلَتَا ما يجاورهما بها، فصارت واصلة بين الشيئين. هذا معنى قوله، وجماع مراده فيه. وعليه قراءة من قرأ: [لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُم]، بالرفع. أي: وصلُكم. وأجاز أبو الحسن في قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُم}، بالفتح أن يكون في موضع رفع، إلا أن فتحة الظرف لزمته، والمراد الرفع. ويمكن عندي أن يكون قوله:
وإني وقفْتُ اليومَ والأمسِ قبلَه ... بِبابِكَ حتَّى كادَتِ الشمْسُ تغرُبُ
المراد فيه "وأمسِ"، إلا أنه أدخل اللام عليه، فعرفه بها، وتركه على ما كان عليه من كسره المعتاد فيه، وإن كان قد أعربه في المعنى بإبراز لام التعريف إلى لفظه الذي كان إنما يبنى لتضمنها. وإن حملته على زيادة لام التعريف مثلها في الآن فمذهب آخر. ونظر بعض المولدين إلى حديث "بين" فقال:
انتصَرَ البينُ من البينِ ... واشتَفَتِ العينُ مِنَ العَينِ
[المحتسب: 2/190]
فالبين الأول الوصل، والثاني القطيعة والهجر، والعين الأولى هذا الناظر، والثانية الرقيب أي: رأت فيه ما أحبت). [المحتسب: 2/191]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} {ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه} 19 و20
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (فقالوا ربنا بعد) بالتّشديد وقرأ الباقون {باعد} بالألف
قال سيبويهٍ إن فاعل وفعل يجيئان بمعنى كقولهم ضاعف وضعف وقارب وقرب واللفظان جميعًا على معنى الطّلب والدّعاء ولفظهما الأمر). [حجة القراءات: 588]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (18- قوله: {باعد بين أسفارنا} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالتشديد من غير ألف، وقرأ الباقون بألف مخففًا، على وزن «فاعل»، والقراءتان بمعنى، حكى سيبويه «ضاعف وضعف» بمعنى فهو بمعنى التباعد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/207]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {رَبُّنَا} بالرفع، {بَاعَدَ} بالألف، وبفتح العين والدال [آية/ 19]:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أن باعد وبعَّد واحدٌ كضاعف وضعَّف، والكلام إخبارٌ، والمعنى أن ربنا بعَّد بين أسفارنا، ونحن نريد أن لا يبعد، وهذا شكوى منهم لتباعد ما بين القرى التي كانت لهم وكانوا يريدون التردد إليها.
وقرأ الباقون {رَبَّنَا} بالنصب على الدعاء.
و{بَعِّدْ} على فعل بكسر العين وإسكان الدال على ابن كثير وأبي عمرو.
وقرأ الباقون {بَاعِدْ} على فاعل بالألف، وبكسر العين وإسكان الدال.
[الموضح: 1051]
والوجه أنه دعاءٌ، و{رَبَّنَا} منادى مضافٌ، فانتصب لذلك، و{بَاعِدْ} و{بَعِّدْ} بمعنىً واحدٍ، لفظهما لفظ الأمر، ومعناهما الدعاء، والمراد أنهم بطروا النعمة وجهلوا العافية وغمطوها فسألوا الله تعالى تغيير ما بهم والمباعدة بين أسفارهم تبرمًا بالرخاء والرفاهية). [الموضح: 1052]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:38 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (20) إلى الآية (21) ]

{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)}


قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه)
قرأ الكوفيون (صدّق) مشددًا
وقرأ الباقون (صدق) مخففًا.
(ظنّه) نصبٌ باتفاقٍ من القرّاء
ومن شدد (صدّق) فإن الفراء قال: معناه: إن إبليس - لعنه الله – كان قال: (لأضلنّهم)، و(فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين (82) إلّا عبادك منهم المخلصين).
فقال اللّه عزّ وجلّ: (ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه) لأن قوله كان ظنا لا علمًا، فلما تابعه أهل الزيغ صدق عليهم ظنه.
ومن قرأ (ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه) فإن الفراء قال: أراد: ولقد صدق عليهم إبليس في ظنّه.
فحذف (في) وأفضى، الفعل إلى (ظنه) فنصبه). [معاني القراءات وعللها: 2/294]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} [20].
قرأ أهل الكوفة: {ولقد صدق عليهم} بالتشديد {إبليس} بالرفع {ظنه} مفعول، وذلك أن إبليس لعنه الله قال ظنيا لا مستيقنا {ولأمرنهم فليبتكن ءاذان الأنعام} {ولأضلنهم} فلما تبعه من قد سبق سقاؤه عند الله صدق ظنه، قال ابن عباس: ظن ظنا فصدق ظنه.
وقرأ الباقون: {ولقد صدق} مخففًا و{ظنه} نصبا أيضًا؛ لأنه يقال: صدقت زيدًا وصدقته وكذبته وكذبته وينشد:
فصدقتها وكذبتها = والمرء ينفعه كذابة
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/219]
وفيها قراءة ثالثة: قرأ أبو الهجهاج: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} جعل الفعل للظن ونصب «إبليس» قال النحويون: وهو صواب، كما تقول صدقني ظني، وكذبني ظني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/220]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتشديد من قوله سبحانه: ولقد صدق عليهم [سبأ/ 20] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر:
[الحجة للقراء السبعة: 6/19]
صدق* خفيفة، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: صدق، مشددة.
[قال أبو علي]: معنى التخفيف: أنّه صدق ظنّه الذي ظنّه بهم من متابعتهم إيّاه إذا أغواهم، وذلك نحو قوله سبحانه: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم [الأعراف/ 16] ولأغوينهم أجمعين [الحجر/ 39] فهذا ظنّه الذي صدّقوه، لأنّه لم يقل ذلك عن تيقّن، فظنّه على هذا ينتصب انتصاب المفعول به، ويجوز أن ينتصب انتصاب الظرف، صدق عليهم إبليس في ظنه، ولا يكون متعديا بصدق إلى المفعول به، وقد يقال: أصاب الظنّ، وأخطأ الظنّ، ويدلّ على ذلك:
الألمعيّ الذي يظنّ لك الظّن من كأن قد رأى وقد سمعا فهذا يدلّ على إضافة الظّنّ، وقال الشاعر في تعديته إيّاه إلى المفعول به: إن كان ظنّي صادقي
[الحجة للقراء السبعة: 6/20]
ووجه من قال: صدق بالتّشديد أنّه نصب على أنّه مفعول به، وعدّى صدق إليه قال:
فإن لم أصدّق ظنّكم بتيقّن فلا سقت الأوصال منّي الرّواعد). [الحجة للقراء السبعة: 6/21]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (من ذلك قراءة الزهري: [وَلَقَدْ صَدَقَ] -مخففة- [عَلَيْهِمْ إِبْلِيسَ] -نصب- [ظَنُّهُ]- رفع [إِلَّا لِيُعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ].
وقال أبو حاتم: روى عبيد بن عقيل عن أبي الورقاء، قال: سمعت أبي الهجهاج وكان فصيحا -يقرأ: [إبْلِيسَ] -بالنصب- [ظَنُّهُ]، رفع.
قال أبو الفتح: معنى هذه القراءة أن إبليس كان سَوَّلَ له ظنُّه شيئا فيهم، فصَدَقه ظنُّه فيما كان عقد عليهم معهم من ذلك الشيء.
وأما قراءة العامة: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ} -رفع- {ظَنَّهُ} -نصب- فإنه كان قدر فيهم شيئا فبلغه منهم، فصدق ما كان أودعه طنه في معناه. فالمعنيان من بعد متراجعان إلى موضع واحد؛ لأنه قدر تقديرا فوقع ما كان من تقديره فيهم. و"عَلَى" متعلقة بـ"صَدَقَ"، كقولك: صَدَقْتُ عليْكَ فِيمَا ظَنَنْتُه بك، ولا تكون متعلقة بالظن، لاستحالة جواز تقدم شيء من الصلة على الموصول.
وذهب الفراء إلى أنه على معنى في ظنه، وهذا تَمَحُّل للإعراب، وتَحَرُّفٌ عن المعنى. ألا ترى أن من رفع "ظنه" فإنما جعله فاعلا؟ فكذلك إذا نصبه جعله مفعولا على ما مضى. كذلك أيضا من شدد، فقال: "صدّق"، فنصب "الظن" على أنه مفعول به). [المحتسب: 2/191] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (قرأ عاصم وحمزة والكسائي {ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه} بالتّشديد وقرأ الباقون بالتّخفيف
فمن قال صدق بالتّشديد ونصب الظّن فلأنّه مفعول به وعدى {صدق} إليه والمعنى ولقد صدق إبليس فيما قاله ظانّا غير متيقن ولا عالم من أنه يضل بني آدم ويمنيهم حتّى أطاعوه في معصيّة الله
وروي عن ابن عبّاس قال ظن ظنا فصدق ظنّه
ومن خفف نصب الظّن مصدرا على معنى صدق عليهم إبليس ظن ظنّه قال أبو العبّاس المبرد النصب فيها على معنى صدق في ظنّه فتأويل التّخفيف أن إبليس ظن بهم على غير يقين فكان
[حجة القراءات: 588]
في ظنّه ذلك صادقا يعني أنه كان مصيبا وقال الزّجاج صدقه في ظنّه أنه ظن بهم أنه إذا أغواهم اتّبعوه فوجدهم كذلك). [حجة القراءات: 589]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {ولقد صدَّق} قرأ الكوفيون بالتشدد، وخفف الباقون.
وحجة من شدد أنه عدى «صدق» إلى الظن، فنصبه به على معنى: أن إبليس صدق ظنه، فصار يقنيًا حين اتبعه الكفار، وأطاعوه في الكفر، وقد كان ظن ظنًا لا يدري هل يصح، فلما اتبعوه صح ظنه فيهم.
20- وحجة من خفف أنه لم يعد «صدق» إلى مفعول لكن نصب «ظنه» على الظرف، أي صدق في ظنه حين اتبعوه، كالمعنى الأول). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/207]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {وَلَقَدْ صَدَّقَ} [آية/ 20] بتشديد الدال:
قرأها الكوفيون.
والوجه أنه أراد أن إبليس عليه اللعنة لما قال {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ظن أنهم يتبعونه ويُطيعونه إذا دعاهم للإغواء، فلما تبعوه صدَّق إبليس ظنه الذي ظن، فقوله "ظنه" نصبٌ بأنه مفعولٌ به، يقال صدقت ظني في فلانٍ، قال:
134- فوارس صدَّقوا فيهم ظنوني
[الموضح: 1052]
وقال الآخر:
135- فإن لم أُصدق ظنكم بتيقنٍ = فلا سقت الأوصال مني الرواعد
وقرأ الباقون {صَدَقَ} بتخفيف الدال.
والوجه أن المعنى على ما تقدم، وأن التقدير ههنا صدق إبليس ظنه، فُحذف الجار وأوصل الفعل بنفسه، كما قال تعالى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} أي من قومه، ومن ذلك قوله {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} أي في نفسه، وقالوا: رشدت رأيك، أي في رأيك.
ويجوز أن يكون {صَدَقَ} أيضًا متعديًا بغير حرف جرٍّ، تقول: صدَقت ظني، بالتخفيف، كما تقول صدَّقته، بالتشديد، يُقال: وعدٌ مصدوقٌ ومكذوب، قال الله تعالى {ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} و{ظَنَّهُ} على هذا منصوبٌ على أنه مفعولٌ به كما تقدم.
وأدغم الدال في الصادر أبو عمرو وحمزة والكسائي.
والوجه في الإدغام تقارب الدال والصاد في المخرج.
وقرأ الباقون بالإظهار، وهو الأصل). [الموضح: 1053]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (من ذلك قراءة الزهري: [وَلَقَدْ صَدَقَ] -مخففة- [عَلَيْهِمْ إِبْلِيسَ] -نصب- [ظَنُّهُ]- رفع [إِلَّا لِيُعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ].
وقال أبو حاتم: روى عبيد بن عقيل عن أبي الورقاء، قال: سمعت أبي الهجهاج وكان فصيحا -يقرأ: [إبْلِيسَ] -بالنصب- [ظَنُّهُ]، رفع.
قال أبو الفتح: معنى هذه القراءة أن إبليس كان سَوَّلَ له ظنُّه شيئا فيهم، فصَدَقه ظنُّه فيما كان عقد عليهم معهم من ذلك الشيء.
وأما قراءة العامة: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ} -رفع- {ظَنَّهُ} -نصب- فإنه كان قدر فيهم شيئا فبلغه منهم، فصدق ما كان أودعه طنه في معناه. فالمعنيان من بعد متراجعان إلى موضع واحد؛ لأنه قدر تقديرا فوقع ما كان من تقديره فيهم. و"عَلَى" متعلقة بـ"صَدَقَ"، كقولك: صَدَقْتُ عليْكَ فِيمَا ظَنَنْتُه بك، ولا تكون متعلقة بالظن، لاستحالة جواز تقدم شيء من الصلة على الموصول.
وذهب الفراء إلى أنه على معنى في ظنه، وهذا تَمَحُّل للإعراب، وتَحَرُّفٌ عن المعنى. ألا ترى أن من رفع "ظنه" فإنما جعله فاعلا؟ فكذلك إذا نصبه جعله مفعولا على ما مضى. كذلك أيضا من شدد، فقال: "صدّق"، فنصب "الظن" على أنه مفعول به). [المحتسب: 2/191] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:39 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (22) إلى الآية (23) ]

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)}


قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عباس عن أبي عمرو: قل ادعوا [سبأ/ 22] بكسر اللام.
[قال أبو علي]: قد مضى القول في ذلك فيما تقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 6/25]

قوله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلّا لمن أذن له (23)
[معاني القراءات وعللها: 2/294]
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي (إلّا لمن أذن له) بضم الألف، وكذلك قال الأعشى والكسائي عن أبي بكر عن عاصم.
وقرأ الباقون وحفص ويحيى عن أبي بكر عن عاصم (أذن) بفتح الألف.
قال أبو منصور: من قرأ (إلّا لمن أذن له) أو قرأ (لمن أذن له) فالمعنى واحد، اللّه يأذن فيما شاء، والمعنى: لا تنفع شفاعة ملكٍ مقرّب، ولا نبي حتى يؤذن له في الشفاعة لمن يشفع له، فيكون (من) التي فيها اللام للمشفوع له.
وهذه الآيات نزلت في قوم من العرب عبدوا الملائكة، وزعموا أنهم يشفعون لهم، فأعلم اللّه أنّ شفاعتهم لا تنفع إلا لمن يأذن اللّه لهم بأن يشفعوا له، ثم أخبر بفزع الملائكة عند نزول الوحي من عند اللّه، فقال: (حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم... الآية). [معاني القراءات وعللها: 2/295]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله: (حتّى إذا فزّع (23)
قرأ ابن عامر وحده والحضرمي (حتّى إذا فزّع عن قلوبهم) بفتح الفاء والزاي.
وقرأ الباقون (حتّى إذا فزّع) بضم الفاء وكسر الزاي.
قال أبو منصور: والمعنى في (فزّع) و(فزّع) واحد، الله المفزع عن قلوبهم، أي: يكشف الفزع عنها.
والمفزّع في كلام العرب على وجهين:
يكون جبانًا، ويكون شجاعًا.
فمن جعله شجاعًا فهو بمعنى أن الإفزاع تنزل بمثله، جمع الفزع الذي هو استغاثة. ومن جعله جبانا. فالمعنى: أنه يفزع من كل شيء يفزعه، أي: يخوفه.
وقال أبو الهيثم: المفزّع الذي أمن قلبه). [معاني القراءات وعللها: 2/295]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم} [23].
قرأ ابن عامر وحده: {فزع} بفتح الفاء والزاي، أي فزع الله عن قلوبهم الروعة، وخفف عنهم ذلك، وذلك أن الفترة بين النبي صلى الله عليه وسلم، وعيسى عليه السلام كانت ستمائة سنة، فلما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت للملائكة صليلاً وقعًا كصلصلة السلسلة على الألواح، ففزعت، وظننت أن القيامة قد قامت. فقال بعضهم لبعض: {ماذا قال ربكم} فأجيبوا: {قالوا الحق} أي: قال يشاء الحق وأنزل الحق.
وقرأ الباقون: {فزع عن قلوبهم} بضم الفاء وكسر الزاي على ما لم يسم فاعله.
وحدثني أحمد عن على عن أبي عبيد أن الحسن قرأ: {فزغ عن قلوبهم} بالزاي والغين معجمة.
وفيها قراءة رابعة بخلاف المصحف فلا يجوز القراءة بها-: {حتى إذا افرنقع عن قلوبهم} روي ذلك عن ابن مسعود و[روي عن]
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/217]
عيسى بن عمر، وذلك أنه سقط من حماره ذات يوم فاجتمع عليه الناس، فقال: مالي أراكم قد تكأكأتم على كتكأكئكم على ذي جنة، افرنقعوا عني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/218]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {إلا لمن أذن له} [23].
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر [وحفص عن عاصم]: {أذن} بفتح الهمزة وكسر الذال، أي أذن الله له.
وقرأ الباقون: {أذن له} على مالم يسم فاعلة، ويقال: أذنت للرجل في الشيء يفعله بمعنى: أعلمته، وأذنته أيضًا، وأذن زيد إلى عمر: إذا استمع إليه. جاء في الحديث: «ما أذن الله بشيء قط كإذنه لنبي حسن الصوت يتغني بالقرآن»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/220]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ابن عامر: حتى إذا فزّع عن قلوبهم [سبأ/ 23] مفتوحة الفاء والزاي، الباقون: فزع مضمومة [الفاء مكسورة الزاي].
أبو عبيدة: فزّع عن قلوبهم: نفّس عنها. وقال أبو الحسن: المعنى فيما ذكروا: جليّ. وقال غيره: الذين فزّع عن قلوبهم هنا: الملائكة.
قال أبو علي: فزّع وفزّع: معناه أزيل الفزع عنها، وقد جاء مثل هذا في أفعل أيضا قالوا: أشكاه إذا أزال عنه ما يشكوه منه، وأنشد أبو زيد:
تمدّ بالأعناق أو تلويها وتشتكي لو أنّنا تشكيها غمر حوايا قلّ ما نجفيها فكما أن أشكيت: أزلت الشكوى. كذلك فزّع وفزّع: أزال الفزع. وما روي من قراءة الحسن: فزع عن قلوبهم كالراجع إلى هذا المعنى، لأنّ التقدير كأنّه: فزّعت من الفزع، قال قتادة: فزّع عن قلوبهم: أي جلّي عن قلوبهم، قال: يوحي الله إلى جبريل فيعرّف الملائكة، ويفزع من أن يكون شيء من أمر الساعة، فإذا جلا عن قلوبهم وعملوا أنّ ذلك ليس من أمر الساعة قالوا: ماذا قال ربكم؟
[الحجة للقراء السبعة: 6/16]
قالوا: الحق [سبأ/ 23] [قال أبو علي: التقدير: قالوا: قال الحقّ] فمن قرأ فزّع فالمعنى: أن الفعل المبني للفاعل فاعله ضمير عائد إلى اسم الله سبحانه، ومن قرأ: فزع فبنى الفعل للمفعول به كان الجارّ والمجرور في موضع رفع، والفعل في المعنى لله تعالى). [الحجة للقراء السبعة: 6/17]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الألف وفتحها من قوله سبحانه: إلا لمن أذن له [سبأ/ 23] فقرأ ابن كثير ونافع [وابن عامر]: أذن له [بفتح الألف]، وقرأ عاصم في رواية الكسائي عن أبي بكر عنه، وأبو عمرو وحمزة والكسائي: أذن له*، بضم الألف. وروى يحيى وحسين وابن أبي أمية عن أبي بكر عن عاصم بالفتح وكذلك روى حفص عن عاصم بالفتح.
[قال أبو علي]: حجّة من قال أذن فبنى الفعل للفاعل أنّه أسنده إلى ضمير اسم الله تعالى، وقال: إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا [النبأ/ 38] وقال: إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى [النجم/ 26]. ومن قال أذن* يبني الفعل للمفعول به، فهو يريد: ذا المعنى، كما أنّ قوله: حتى إذا فزع عن قلوبهم،
[الحجة للقراء السبعة: 6/21]
وفزع*، وهل يجازى إلا الكفور [سبأ/ 17] واحد في المعنى، وإن اختلفت الألفاظ). [الحجة للقراء السبعة: 6/22]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [فُزِعَ]، بالزاي خفيفة، وبالعين.
وقرأ: [فَرَّغَ]، بفتح الفاء والراء، وبالغين الحسن -بخلاف- وقتادة وأبو المتوكل.
[المحتسب: 2/191]
وقرأ: [فرغ]، بالراء خفيفة، وبالغين، والفاء مضمومة الحسن وقتادة، بخلاف عنهما.
وقد رُوي عن الحسن: [فُرِّغَ]، بضم الفاء، والراء مشددة، وبالغين.
وقال أبو عمرو الدوري: بلغني عن عيسى بن عمر أنه كان يقرأ: [حَتَّى إِذَا افْرُنْقِعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ].
قال أبو الفتح: المعنى في جميع ذلك حتى إذا كُشِفَ عن قلوبهم.
فأما [فُزِعَ]، بالفاء، والزاي خفيفة فمرفوعه حرف الجر وما جره، كقولنا: سِيرَ عن البلد، وَانْصُرِفَ عن كذا إلى كذا، وقد شرحنا نحوًا من ذلك في القصص.
وكذلك [فُرِغَ]، بالفاء، والراء خفيفة، وبالغين.
فأما [فَزَّعَ] و[فَرَّغَ] ففاعلاهما مضمران: إن شئت كان اسمَ الله تعالى، أي: كشفَ اللهُ عن قلوبهم. وإن شئت كان ما هناك من الحال، أي: فَرَّغَ أو فَزَّعَ حاضر الحال عن قلوبهم، وإضمار الفاعل لدلالة الحال عليه كثير واسع، منه ما حكاه سيبويه من قولهم: إذا كان غدًا فأتني، وكذلك قول الشاعر:
فإنْ كانَ لا يُرضِيكَ حتَّى تَرُدَّنِي ... إلَى قَطَرِيّ لا إخَالُكَ رَاضِيَا
أي: إن كان لا يرضيك ما جرى، أو ما الحال عليه.
[المحتسب: 2/192]
قال أبو حاتم: قال يعقوب: روى أيوب السختياني عن الحسن: [فُرِغَ]، ضم الفاء، وكسر الراء وخففها، وأعجم الغين، فقيل للحسن: إنهم يقولون: [فُرِّغَ]، مثقلة. فقال الحسن: لا، إنها عربية. قال: ولا أظن الثقات رووها عن الحسن على وجوه إلا لصعوبة المعنى عليه. واختلفت ألفاظه، وقال فيها أقوالا مختلفة، يعني أبو حاتم اجتماع معنى ف ز ع مع معنى ف ر غ في أن الفزع: قلق ومفارقة للموضع المقلوق عليه، والفراغ: إخلاء الموضع، فهما من حيث ترى ملتقيان.
وكذلك معنى [افْرُنْقِعَ]، يقال: افْرَنْقَعَ القوم عن الشيء، أي: تفرقوا عنه.
ومما يحكى في ذلك أن أبا علقمة النحوي ثار به المُرَارُ، فاجتمع الناس عليه، فلما أفاق قال: ما لكم قد تكأكأتم على كتكأكئكم على ذي جِنّة؟ افْرَنْقِعُوا عني. قال: فقال بعض الحاضرين: إن شيطانه يتكلم بالهندية). [المحتسب: 2/193]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تنفع الشّفاعة عنده إلّا لمن أذن له حتّى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق} 23
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائيّ {لمن أذن} بالرّفع على ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون {آذن} بالفتح أي أذن الله وحجتهم قوله تعالى {إلّا من أذن له الرّحمن} وقال {إلّا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ ابن عامر {حتّى إذا فزع عن قلوبهم} بفتح الفاء والزّاي أي فزع الله عن قلوبهم الروعة وخفف عنهم أي أخرج الله الفزع عن قلوبهم
وقرأ الباقون {فزع عن قلوبهم} على الم يسم فاعله قال الأخفش فزع معناه أزيل الفزع عنها وقال أبو عبيدة نفس عنها وقال الزّجاج كشف الفزع عن قلوبهم وقال قتادة فزع جلا من قلوبهم قال يوحي الله إلى جبريل فتعرف الملائكة وتفزع أن يكون شيء من أمر السّاعة {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق} ). [حجة القراءات: 589]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {فُزع} قرأه ابن عامر بفتح الفاء والزاي، وقرأ الباقون بضم الفاء وكسر الزاي.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/205]
وحجة من قرأ بالفتح أنه بنى الفعل للفاعل، ففي «فزع» ضمير الفاعل، عائد على اسم الله، والمعنى: حتى إذا جلى الله الفزع عن قلوب الملائكة، أي أزاله، قالوا: ماذا قال ربكم، وذلك فيما روي أن الملائكة تفزع إذا علمت أن الله أوحى بأمر فتفزع منه أن يكون في أمر الساعة، فإذا جلى الله الفزع عن قلوبهم بأن ذلك الوحي ليس في أمر الساعة، سألوه عن الوحي ما هو، فقالوا: ماذا قال ربكم، فيجاوبهم جبريل، فيقول: قال الحق، وأخبر عنه بلفظ الجمع لجلالته وعظم قدره.
16- وحجة من ضم الفاء أنه بنى الفعل للمفعول فأقا المجرور مقام الفاعل، وهو {عن قلوبهم} والمعنى على ما تقدم، والضم الاختيار، لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/206]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {إلا لمن أذن له} قرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي بضم الهمزة، بنوا الفعل للمفعول فقام المخفوض وهو {له} مقام الفاعل، وقرأ الباقون بفتح الهمزة، بنوا الفعل للفاعل، وهو الله جل ذكره، كما قال: {إلا من أذن له الرحمن} «النبأ 38»، وقال: {إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء} «النجم 26» والمعنى في القراءتين سواء، وفتح الهمزة أحب إلي،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/207]
لاجتماع الحرميين وعاصم على ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/208]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {لِمَنْ أُذِنَ} [آية/ 23] بضم الألف:
قرأها أبو عمرو وحمزة والكسائي.
والوجه أن الفعل مبنيٌ للمفعول به؛ لأن المقصود هو الإخبار عن المأذون له، ومعلوم أن فاعل الإذن هو الله تعالى.
وقرأ الباقون {لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} بفتح الألف.
والوجه أن الفعل مسند إلى الفاعل، وهو ضمير اسم الله تعالى؛ لأن الآذن هو الله سبحانه، وإذا كان الفعل له فإسناده إليه أولى، وقد قال تعالى {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} وقال {إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ الله لِمَنْ يَشَاءُ} ). [الموضح: 1054]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {حَتَّى إِذَا فَزَّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [آية/ 23] بفتح الفاء والزاي:
قرأها ابن عامر ويعقوب.
والوجه أن الفعل مبنيٌ للفاعل، والضمير عائدٌ إلى اسم الله تعالى، والتقدير: حتى إذا فزَّع الله عن قلوبهم، أي أزال الفزع عنها، يقال رجلٌ مفزعٌ أي شجاع، كأنه أزيل الفزع عن قلبه، وهذا من باب السلب، ورجلٌ مفزعٌ أيضًا: جبانٌ، كأنه أـُدخل الفزع في قلبه، وهو من باب الحمل على الشيء أي حُمِلَ على الفزع
[الموضح: 1054]
وقرأ الباقون {فُزِّعَ} بضم الفاء وكسر الزاي، وكلهم شدد الزاي.
والوجه أن الفعل مبني للمفعول به، والجار والمجرور أقيم مقام الفاعل، وهو قوله {عَنْ قُلُوبِهِمْ}؛ لأن الفعل عُدِّيَ بحرف الجر، والمعنى أُزيل عن قلوبهم الفزع). [الموضح: 1055]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:41 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (24) إلى الآية (30) ]

{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (29) قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)}


قوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24)}
قوله تعالى: {قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25)}
قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)}
قوله تعالى: {قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)}
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (29)}
قوله تعالى: {قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)}


قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)}
قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة سعيد بن جيبر: [بَلْ مَكَرُّ الليلِ والنَّهارِ]، وهي قراءة أبي رزين أيضا.
وقرأ: [بَلْ مَكْرٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ] قتادة.
قال أبو حاتم: وقرأ راشد الذي كان نظر في مصاحف الحجاج: [بَلْ مَكَرَّ]، بالنصب.
قال أبو الفتح: أما "المَكَرّ" والكرور، أي: اختلاف الأوقات، فمن رفعه فعلى وجهين:
أحدهما: بفعل مضمر دل عليه قوله: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ}، فقالوا في الجواب: بل صدنا مَكَرُّ الليلِ والنهارِ، أي: كرورهما.
[المحتسب: 2/193]
والآخر: أن يكون مرفوعا بالابتداء، أي: مَكَرُّ الليل والنهار صَدَّنا.
فإن قيل: أفهذا تراجع عن قولهم لهم: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ؟ قيل: لا، ليس بانصراف عن التظلم منهم، وذلك أنه وصله بقوله: {إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ} أي: فكرور الليل والنهار علينا- على إغوائكم إيانا- هو الذي أصارنا إلى النار. وهذا كقول الرجل لصاحبه: أهلكني والله! فيقول وكيف ذلك؟ فيقول: في جوابه: مضى أكثر النهار وأنت تضربني؛ فيفسره بتقضي الزمان على إساءته إليه.
فإن شئت جعلت "إذ تأمروننا" متعلقة بنفس الكرور، أي: كرورهما في هذا الوقت وإن شئت جعلته حالا من الكرور، أي: كرورهما كائنا في هذا الوقت؛ فنجعل طرف النهار حالا من الحدث، كما تجعله خبرا عنه في نحو قولك: قيامك يومَ الجمعة؛ إذ كانت الحال ضربا من الخبر. ومثله من الحال قولك: عجبت من قيامك بومَ الجمعة، تعلق الظرف بمحذوف، أي من قيامك كائنا في يوم الجمعة.
وعلى نحو منه قراءة قتادة: [بَلْ مَكْرٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ]، فالظرف هنا صفة للحدث، أي: مكر كائن في الليل والنهار. وإن شئت علقتهما بنفس "مكر"، كقولك: عجبتُ لَكَ من ضربٍ زيدًا، وكقول الله: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ}.
وأما [مَكَرَّ]، بالنصب فعلى الظرف، كقولك: زرتُكَ خفوقَ النجمِ، وصياحَ الدجاجِ وهو معلق بفعل محذوف، أي: صدَدْتُمُونا في هذه الأوقات على هذه الأحوال.
فإن قيل: فما معنى دخول "بل" هنا وإنما هو جواب الاستفهام؟ وأنت لا تقول لمن قال لك: أزيدٌ عندك؟: بل هو عندي وإنما تقول: نعم، أولا. قيل: الكلام محمول على معناه، وذلك أن قولهم: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ} معناه الإنكار له، والرد عليهم في قول المستضعفين لهم: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}، فكأنهم قالوا لهم في الجواب: ما صددناكم، فردوه ثانيا عليهم، فقالوا: بل صدنا تصرم الزمان علينا وأنتم تأمروننا أن نكفر بالله. وقد كثر عنهم تأول معنى النفي وإن لم يكن ظاهرا إلى بادي اللفظ، قال الله تعالى: {قُل
[المحتسب: 2/194]
إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، أي: ما حرم إلا الفواحش، وعليه بيت الفرزدق:
أنا الدافِعُ الحَامِي الذّمارَ وإنَّما ... يُدَافِعُ عن أحسابهم أنا أو مِثْلِي
أي: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا. ولذلك عندنا ما فصل الضمير، فقال: أنا، وأنت لا تقول: يقوم أنا، ولا نقعد نحن. ولولا ما ذكرنا من إرادة النفي لقبُح الفصل، وأنشدَنا أبو علي:
فاذْهَبْ فأيُّ فتًى في الناسِ أحْرَزَهُ ... مِن يَوْمِه ظُلَم دُعجٌ وَلا جَبَلُ
أي: ما أحد أحرزه هذا من الموت، ونظائره كثيرة.
وإن شئت علقت "إذ" يمحذوف، وجعلته خبرا عن [مَكَرَّ]، أي: كرورهما في هذا الوقت الذي تأمروننا فيه أن نكفر بالله، والمعنى في الجميع راجع إلى عصب الذنب بهم، ونسب الضلال إليهم). [المحتسب: 2/195]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (34) إلى الآية (39) ]

{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}


قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (34)}
قوله تعالى: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)}
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36)}
قوله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا... (37)
قرأ الحضرمي وحده (فأولئك لهم جزاءٌ الضّعف) بالتنوين والرفع.
وقرأ الباقون (فأولئك لهم جزاء الضّعف) مضافًا.
قال أبو منصور: من قرأ (فأولئك لهم جزاءٌ) بالتنوين والرفع (الضعف) مرفوعا فكأنّ المعنى: فأولئك لهم الضعف، على أن (الضعف) بدل من قوله (جزاء)، كأن قائلاً قال: ما هو؟. فقال: الضعف.
ومن قرأ (فأولئك لهم جزاء الضّعف) مضافا فمعنى جزاء الضعف ها هنا: الحسنة بعشر أمثالها، يضاعف لهم الحسنات، وكذلك معنى الضعف في القول الأول). [معاني القراءات وعللها: 2/296]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وهم في الغرفات آمنون (37)
قرأ حمزة وحده (وهم في الغرفة آمنون) على الوحدة.
وقرأ الباقون (في الغرفات).
قال أبو منصور: الغرفة كل بناء عالٍ، ويجمع: غرفًا، وغرفات، وغرفات.
والقراءة بضم الراء ها هنا). [معاني القراءات وعللها: 2/296]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {وهم في الغرفات ءامنون} [37].
قرأ حمزة وحده: {في الغرفة} بالتوحيد، لأن الله تعالى قال :{أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} وفي الجنة غرفات وغرف. غير أن العرب تجتزئ بالواحد عن الجماعة فيقولون: رزقك الله الجنة يريدون الجنات «وأهلك الناس الدينار والدرهم» يريدون: الدنانير، والدراهم، وقال الله تعالى: {والملك على أرجائها} يريد الملائكة.
وقرأ الباقون: {في الغرفات} بالجماع. وشاهدهم قوله: {لهم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/220]
غرف من فوقها غرف} فغرفة وغرفات مثل ظلمة وظلمات، وهو جمع قليل، وغرفة وغرف جمع كثير مثل ظلمة وظلم، وأجاز النحويون غرفات وظلمات بالإسكان تخفيفًا. وأجاز النحويون ظلمات وغرفات بفتح اللام والراء، لو قيل في الواحد: غرفة وظلمة لجاز، كما قال الله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} وقرأ الأعمش: {من يوم الجمعة} بجزم الميم، وكل ذلك حسن ولله الحمد.
وسمعت محمد بن أبي هاشم يقول: سمعت ثعلبًا يقول: إذا ورد الحرف عن السبعة. وقد اختلفوا ثم اخترت لم أفضل بعضًا على بعض، فإذا ورد في الكلام اخترت، وفضلت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/221]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة وحده وهم في الغرفة [سبأ/ 37] واحدة، وقرأ الباقون: الغرفات جماعة.
[قال أبو علي]: حجّة حمزة في إفراده الغرفة قوله سبحانه: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا [الفرقان/ 75] فكما أنّ الغرفة يراد بها الجمع والكثرة كذلك قوله: وهم في الغرفة آمنون [سبأ/ 37] يراد بها الكثرة واسم الجنس.
وحجّة الجمع قوله: لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية [الزمر/ 20] وقوله: لنبوئنهم من الجنة غرفا [العنكبوت/ 58] فكما أنّ غرفا جمع، كذلك الغرفات ينبغي أن يكون جمعا. فإن قلت: إن الغرفات قد تكون للقليل واسم الجنس للكثير واستغراق الجميع فإن الجمع بالألف والتاء كقوله سبحانه: إن المسلمين والمسلمات [الأحزاب/ 35] وقول حسّان:
لنا الجفنات الغرّ
[الحجة للقراء السبعة: 6/22]
فهذا لا يريد إلّا الكثرة، لأنّ ما عداها لا يكون موضع افتخار). [الحجة للقراء السبعة: 6/23]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وهم في الغرفات آمنون} 37
[حجة القراءات: 589]
قرأ حمزة (وهم في الغرفة) واحدة وحجته قوله تعالى {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} فكما أن الغرفة يراد بها الجمع والكثرة كذلك (وهم في الغرفة آمنون) يراد به الكثرة واسم الجنس والعرب تجتزئ بالواحد عن الجماعة قال الله تعالى {والملك على أرجائها} يريد الملائكة
وقرأ الباقون {وهم في الغرفات آمنون} وحجتهم قوله {من فوقها غرف} و{لنبوئنهم من الجنّة غرفا} ). [حجة القراءات: 590]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {في الغرفات} قرأ حمزة «في الغرفة» بالتوحيد؛ لأنه يدل على الجمع، وهو اسم للجنس، وهو أخف، وقد أجمعوا على التوحيد في قوله: {يُجزون الغرفة} «الفرقان 75» وقرأ الباقون بالجمع؛ لأن أصحاب الغرف جماعات كثيرة، فلهم غرف كثيرة، فالجمع أولى به في اللفظ والمعنى، وليكون اللفظ مطابقًا للمعنى، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، والجمع بالألف والتاء أصله الجمع القليل، لكن يجوز أن يكون جمع الجمع، فيدل على الكثرة، فـ «غرفات» يجوز أن تكون جمع غرف، وتحذف الألف والتاء لدخول ألف وتاء على ذلك، وقد أجمعوا على الجمع في قوله: {لهم غرف من فوقها غرف مبنية} «الزمر 20»، و{لنبوئنهم من الجنة غرفًا} «العنكبوت 58»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/208]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {جَزَاءً الضِّعْفُ} [آية/ 37] بنصب {جَزَاءً}، ورفع {الضِّعْفُ}:
قرأها يعقوب يس-.
والوجه أن {الضِّعْفُ} مبتدأ، و{لَهُمْ} خبرة تقدم عليه و{جَزَاءً} نصب؛ لأن مصدر عما دل عليه {لَهُمْ} من الفعل؛ لأن قوله: لهم الضعف، يدل على أنهم جوزوا ذلك، والتقدير: لهم الضعف جزاءً، كأنه قال جوزوا جزاءً.
وروى عن يعقوب أيضًا {جَزَاءٌ} بالرفع، {الضِّعْفُ} رفعٌ أيضًا.
والوجه أن التقدير: لهم جزاءٌ، على الابتداء الذي تقدم خبره عليه، ثم أبدل {الضِّعْفُ} عن {جَزَاءٌ} فرفعه على البدل عن المبتدأ.
ويجوز أن يكون على استئناف جملةٍ أخرى، كأن لما قال: لهم جزاءٌ، قيل ما هو؟ فقال: الضعف، أي هو الضعف، فيكون هو مبتدأ قد حُذف، و{الضِّعْفُ} خبره.
وقرأ الباقون {جَزَاءُ الضِّعْفِ} بالإضافة ورفع {جَزَاءُ}.
[الموضح: 1055]
والوجه أنه أضاف {جَزَاءُ} إلى {الضِّعْفِ} إضافة الشيء إلى بعضه على سبيل التبيين؛ لأن الجزاء قد يكون ضعفًا وغير ضعفٍ، فإذا قال: جزاء الضعف، فقد بيَّن، وهذه إضافةٌ بمعنى اللام كما تقول هذا بعض الكل وكل البعض، وارتفع {جَزَاءُ} بالابتداء، وخبره {لَهُمْ} كما سبق). [الموضح: 1056]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {وَهُمْ فِي الْغُرْفَةِ آَمِنُونَ} [آية/ 37] على الوحدة:
قرأها حمزة وحده.
والوجه أن المراد بالغرفة ههنا الجنس والكثرة، فهو جمعٌ في المعنى وإن كان بلفظ الواحد، كما قال تعالى {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}، وقيل الغرفة: اسمٌ للجنة.
وقرأ الباقون {فِي الْغُرُفَاتِ} بالجمع.
والوجه أن {الْغُرُفَاتِ} جمعُ غرفةٍ، وإنما جاءت على لفظ الجمع؛ لأن المعنى على لجمع، وإذا كانت الكلمة في حال الوحدة يُراد بها الجمع، كان الأولى بها أن تكون بلفظ الجمع لتوافق المراد لفظًا ومعنىً، قال الله تعالى {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} وقال {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} فجاء بها على الجمع). [الموضح: 1056]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38)}
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:45 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (40) إلى الآية (42) ]

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (42)}


قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويوم نحشرهم جميعًا ثمّ نقول (40)
قرأ حفص ويعقوب (ويوم يحشرهم) و(يقول) بالياء فيهما معًا.
وقرأ الباقون بالنون جميعًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/296]
قال أبو منصور: المعنى يرجع إلى شيء واحد في (نحشرهم) و(يحشرهم)، الله يحشرهم ثم يقول). [معاني القراءات وعللها: 2/297]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حفص عن عاصم: ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول [سبأ/ 40] بالياء فيهما. وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بالنون فيهما.
[قال أبو علي]: حجّة الياء أنّ قبله: قل إن ربي يبسط [سبأ/ 39] ويوم يحشرهم [سبأ/ 40]. ووجه النون أنّه انتقال من لفظ الإفراد إلى الجمع، كما أنّ قوله سبحانه: أن لا تتخذوا من
[الحجة للقراء السبعة: 6/24]
دوني وكيلا [الإسراء/ 2] انتقال من الجمع إلى الإفراد، والجمع ما تقدّم من قوله سبحانه وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى [الإسراء/ 2] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/25]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويوم يحشرهم جميعًا ثمّ يقول للملائكة} 40
قرأ حفص {ويوم يحشرهم جميعًا ثمّ يقول} بالياء فيهما أي يحشرهم الله وحجته قوله تعالى قبلها {قل إن ربّي يبسط الرزق} {ويوم يحشرهم}
وقرأ الباقون {ويوم نحشرهم} بالنّون أي نحن نحشرهم وهو انتقال من لفظ الإفراد إلى الجمع كما أن قوله {ألا تتّخذوا من دوني وكيلا} انتقال من الجمع إلى الإفراد والجمع ما تقدم من قوله {وآتينا موسى الكتاب} ). [حجة القراءات: 590]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ} [آية/ 40] بالياء فيهما:
رواهما ص- عن عاصمٍ ويعقوب.
والوجه أن الضمير فيهما عائدٌ إلى {رَبِّي} من قوله تعالى {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}.
وقرأ الباقون {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} {ثُمَّ نَقُولُ} بالنون فيهما.
والوجه أنه رجوعٌ من لفظ الواحد إلى لفظ الجمع، والمعنى فيهما واحدٌ؛ لأن الحاشر هو الله تعالى، وهذا كما قال {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} ثم قال {وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} ). [الموضح: 1057]

قوله تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ (41)}
قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (42)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:47 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (43) إلى الآية (46) ]

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45) قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)}


قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (43)}
قوله تعالى: {وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ (44)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي حيوة: [مِنْ كُتُبٍ يَدَّرِسُونَهَا]، بتشديد الدال مفتوحة، وبكسر الراء.
قال أبو الفتح: هذا يفتعلون من الدرس، وهو أقوى معنى من "يدرسونها"؛ وذلك أن افتعل لزيادة التاء فيه أقوى معنى من فعل. ألا ترى إلى قول الله تعالى: {أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}؟ فهو أبلغ معنى من قادر، وهو أشبه بما تقدمه من ذكر الأخذ والعزة. نعم، وفيه أيضا معنى
[المحتسب: 2/195]
الكثرة؛ لأنه في معنى يتدارسونها. وقد ذكرنا فيما مضى قوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} وأن [اكْتَسَبَتْ] أقوى من [كَسَبَتْ] وأن أصل ذلك من زيادة معنى فَعَّلَ على معنى فَعَلَ، لتضعيف العين، فاعرفه. ومثل [يَدَّرِسُونَهَا] قولهم: قرأتُ القرآنَ، وَاقْتَرَأْنُهُ قال:
نهارُهُم صِيامٌ ... وليلُهُم صَلاةٌ وَافْتِرَاءُ). [المحتسب: 2/196]

قوله تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ثمّ تتفكّروا (46)
قرأ الحضرمي وحده (تّفكروا) مشددة التاء، على (تتفكروا) مدغمة -
وقرأ سائر القراء بتاءين.
فمن أظهر التاءين فإحداهما تاء المخاطبة، والثانية تا الفعل ومن أدغم إحدى التاءين في الأخرى شددها). [معاني القراءات وعللها: 2/298]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {ثُمَّ تَّفَكَّرُوا} [آية/ 46] بتشديد التاء على الإدغام:
رواها يس- عن يعقوب.
والوجه أن الأصل: تتفكروا، بتاءين متحركتين، فأُسكنت الأولى، وأُدغمت في الثانية فبقي: ثم تفكروا، بالإدغام.
وقرأ الباقون ويعقوب في غير رواية يس- {تَتَفَكَّرُوا} بإظهار التاءين.
والوجه أنه هو الأصل، فإنه تصحيحٌ، والإدغام إعلالٌ). [الموضح: 1057]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 01:50 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (47) إلى الآية (54) ]

{قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ (54)}


قوله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)}
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48)}
قوله تعالى: {قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)}
قوله تعالى: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فبما يوحي إليّ ربّي (50)
فتح الياء من (ربّي) نافع وأبو عمرو - وأرسلها الباقون -). [معاني القراءات وعللها: 2/298]

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة بن مصرف: [وَأَخِذٌ مِنْ مَكَانٍ قَرِيب]، منصوبة الألف، منونة.
قال أبو الفتح: لك في رفعه ضربان:
إن شئت رفعته بفعل مضمر يدل عليه قوله: {فَلا فَوْتَ}، أي: وأحاط بهم أخذٌ من مكان قريب. وذكر القرب، لأنه أحجى بتحصيلهم، وإحاطته بهم.
وإن شئت رفعته بالابتداء، وخبره محذوف، أي: وهناك أخذ لهم، وإحاطة بهم. ودل على هذا الخبر ما دل على الفعل في القول الأول.
ويُسأل من قراءة العامة: {وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} : علام عطف هذا الفعل؟ وينبغي أن يكون معطوفا على قوله تعالى: {فَزِعُوا} وهو بالواو، لأنه لا يراد: ولو ترى وقت فزعهم وأخذهم، وإنما المراد -والله أعلم: ولو ترى إذ فزعوا فلم يفوتوا، وأخذوا. فعطف [أُخِذُوا] على ما فيه الفاء المُعَلِّقة الأول بالآخر على وجه التسبيب له عنه، وإذا كان معطوفا على ما فيه الفاء فكأن فاءً فيئول الحديث إلى أنه كأنه قال: ولو ترى إذ فزعوا فأخذوا، هذا إذا كانت فيه فاء، وأما وفيه الواو فلا يحسن عطفه على "فزعوا" بل يكون معطوفا على ما فيه
[المحتسب: 2/196]
الفاء. وقال أبو حاتم: لا أعرف الرفع في [أَخْذٌ]، ولا يجوز إلا بالحيل والتفسير البعيد، كذا زعم). [المحتسب: 2/197]

قوله تعالى: {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأنّى لهم التّناوش (52)
قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم (التّناؤش) مهموزًا.
وقرأ الباقون (التّناوش) بغير همز.
قال أبو منصور: من قرأ بالهمز فإن الفراء قال: هو من ناشنت، أي: أبطأت، وجاء فلان نئيشًا، أي: بطيئًا.
وأنشد:
تمنّى نئيشاً أن يكون مطاعناً... وقد حدثت بعد الأمور أمور
وقال الزجاج: النئيش: الحركة في إبطاء، قال: والمعنى: من أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم فيه.
قال: ويجوز أن يكون (التناؤش) مهموزا؛ لأن واو (التناوش) مضمومة، وكل واو مضمومة ضمتها لازمة إن شئت أبدلت منها همزة، وإن شئت لم تبدل، نحو: أدؤر، جمع: الدار.
ويجوز: أدور.
ومن لم يهمز (التناوش) فهو التناول، من نشت أنوش
[معاني القراءات وعللها: 2/297]
نوشًا، أي: تناولت.
فالمعنى: كيف لهم أن يتناولوا ما فاتهم ونأى عنهم، وقد كان قريبًا فلم يتناولوه). [معاني القراءات وعللها: 2/298]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {وأنى لهم التناوش} [52].
كان أبو عمرو يقرأ بين بين وكذلك نافع، وهو إلى الفتح أقرب.
وحمزة والكسائي بالإمالة {أنى}.
والباقون يفتحون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/221]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {التناوش من مكان بعيد} [52].
قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر وأبو عمرو: {التناؤش} بالهمز.
وقرأ الباقون بترك الهمز. فاختلف النحويون في ذلك، وقال قوم: هما لغتان: نشت، ونأشت، وتنوش، وتناس، والتناوش، قال الشاعر:
فهي تنوش الدلو نوشًا من علا
نوشًا به تقطع أجواز الفلا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/221]
وقال آخرون: التناوش بترك الهمز التناول، والتناؤش بالهمز-: التباعد، قال رؤبة:
كم ساق من دار امرئ جحيش = إليك ناش القدر النؤوش
وقال آخر:
تمني نئيشا أن يكون أطاعني = وقد حدثت بعد الأمور أمور). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/222]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في همز التناوش [سبأ/ 52] وترك همزه.
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص: التناوش غير مهموز، وكذلك روى حسين الجعفيّ والأعشى والكسائي عن أبي بكر عن عاصم بغير همز. المفضل عن عاصم: مهموز، وقرأ عاصم في رواية يحيى عن أبي بكر وأبو عمرو وحمزة والكسائي بالهمز.
قال أبو علي: قوله تعالى: وأنى لهم التناؤش من مكان بعيد كأنّهم آمنوا حين لم ينتفعوا بالإيمان، كما قال: لا ينفع نفسا إيمانها [الأنعام/ 158] فكأنّ المعنى: كيف يتناولونه من بعد وهم لم يتناولوه من قرب في حين الاختيار، والانتفاع بالإيمان؟
والتناوش: التناول من نشت تنوش، قال:
وهي تنوش الحوض نوشا من علا
وقال:
تنوش البرير حيث نال اهتصارها
[الحجة للقراء السبعة: 6/23]
فمن لم يهمز جعله فاعلا من النوش الذي هو التناول، ومن همز احتمل أمرين: أحدهما أن يكون من تنوش، إلّا أنّه أبدل من الواو الهمزة لانضمامهما مثل أقتت، وأدؤر، ونحو ذلك، والآخر: أن يكون من النّأش وهو الطلب، والهمزة منه عين قال رؤبة:
أقحمني جار أبي الخاموش إليك نأش القدر النّئوش فسّره أبو عبيدة بطلب القدر، وحكى أبو الحسن أيضا عن يونس قال أبو الحسن: ولم أر العرب تعرفه). [الحجة للقراء السبعة: 6/24]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد} 52
قرأ نافع وابن عامر وابن كثير وحفص {وأنى لهم التناوش}
[حجة القراءات: 590]
غير مهموز أي التّناول أي كيف يتناولونه من بعد وهم لم يتناولوه من قرب في وقت الاختيار والانتفاع بالإيمان تقول نشت تنوش قال الشّاعر:
وهي تنوش الحوض نوشا من علا
أي تتناول الحوض
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائيّ (وأنى لهم التناؤش) بالهمز أي التّأخير قال أبو عبيدة من نأشت وهو بعد المطلب ويجوز أن يكون من التناوش فهمزوا الواو لأن الواو مضمومة وكل واو مضمومة ضمتها لازمة إن شئت أبدلت منها همزة وإن شئت لم تبدل مثل {وإذا الرّسل أقتت}). [حجة القراءات: 591]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {التناوش} قرأ الحرميان وحفص وابن عامر بغير همز، وقرأ الباقون بالهمز.
وحجة من همز أنه جعله مشتقًا من «نأش» إذا طلب فالمعنى: وكيف لهم طلب الإيمان في الآخرة، وهو المكان البعيد، وذلك أنهم آمنوا في موضع لا ينتفعون بالإيمان فيه، ويجوز أن يكون مشتقًا من «ناش ينوش» إذا تناول، لكن لما انضمت الواو أبدلوا منها همزة، فيكون المعنى: وكيف يكون لهم تناول الإيمان من مكان بعيد، وهو الآخرة.
23- وحجة من لم يهمز أنه جعله مشتقًا من «ناش ينوش» إذا تناول على التفسير الذي ذكرنا، فتكون القراءتان بمعنى: إذا جعلت الهمزة بدلًا من
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/208]
الواو المضمومة، وقد ذكرنا وقف حمزة على هذه الكلمة فيما تقدم، وذكرنا {يحشرهم. ثم يقول} فيما تقدم، وأن حفصًا قرأهما بالياء، وقرأ الباقون بالنون.
24- وحجة من قرأهما بالياء أنه ردهما على لفظ الغيبة والإفراد للذي قبله والذي بعده، وهو قوله: {قل إن ربي يبسط الرزق} «39» وقوله: {فهو يخلفه}، وقوله: {قالوا سبحانك أنت ولينا} «41».
25- وحجة من قرأهما بالنون أنه أتى بلفظ الجمع للتعظيم والتفخيم، فأجراه على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بلفظ الجماعة، فهو خروج من غيبة إلى إخبار، وخروج من مفرد إلى جمع كما قال: {من دوني وكيلًا. ذرية من حملنا} «الإسراء 2، 3» وقال قبل ذلك: {وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/209]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {التَّنَاؤُشُ} [آية/ 52] بالهمز:
قرأها أبو عمرو وحمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
والوجه أنه يجوز أن يكون تفاعلًا من قولهم نأشت الشيء إذا طلبته، نأشًا بالهمز، قال رؤية:
136- أقحمني جار أبي الخاموش = إليك نأش القدر النؤوش
أي: طلب القدر الطلوب.
ويجوز أن يكون تفاعلًا من نُشْتُ الشيء إذا رفعته نوشًا، قال:
137- فجئت إليه والرماح تنوشه
[الموضح: 1058]
والتناوش: التناول بالواو، إلا أنهم قلبوا الواو همزةً لانضمامها، كما قالوا: أدْؤُوٌ وسُؤُرٌ الإِسْحل، {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}.
وقرأ الباقون {التَّنَاوُشُ} بالواو من غير همزٍ.
والوجه أنه التناوش بالواو على ما سبق، فأجروه على الأصل، ولم يقلبوا واوه همزةً). [الموضح: 1059]

قوله تعالى: {وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مجاهد: [وَيُقْذَفُونَ]، بضم الياء، وفتح الذال.
قال أبو الفتح: بيان هذا: وقالوا آمنا به وأنى لهم التَّنَاوُشُ، أي: التناول للإيمان من مكان بعيد، وقد كفروا به من قبل؟ والوقف على قوله: {مِنْ قَبْل}، أي: من أين لهم تناوله الآن وقد كفروا به من قبل؟ ثم قال سبحانه: {وهم وَيُقْذَفُونَ بِالْغَيْبِ}، أي يرمون بالغيب؛ تتبُّعًا لهم بقبح أفعالهم، وسوء منقلَبهم). [المحتسب: 2/197]

قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ (54)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة