تفسير قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والوالدات يرضعن أولدهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة }.
{يرضعن أولادهنّ} خبر، معناه: الأمر على الوجوب لبعض الوالدات، والأمر على جهة الندب والتخيير لبعضهن، فأما المرأة التي في العصمة فعليها الإرضاع، وهو عرف يلزم إذ قد صار كالشرط إلا أن تكون شريفة ذات ترفه فعرفها أن لا ترضع وذلك كالشرط، فإن مات الأب ولا مال للصبي فمذهب مالك في المدونة أن الرضاع لازم للأم، بخلاف النفقة، وفي كتاب ابن الجلاب: رضاعه في بيت المال، وقال عبد الوهاب: «هو من فقراء المسلمين»، وأما المطلقة طلاق بينونة فلا رضاع عليها، والرضاع على الزوج إلا أن تشاء هي، فهي أحق به بأجرة المثل. هذا مع يسر الزوج، فإن كان معدما لم يلزمها الرضاع إلا أن يكون المولود لا يقبل غيرها فتجبر حينئذ على الإرضاع، ولها أجر مثلها في يسر الزوج، وكل ما يلزمها الإرضاع فإن أصابها عذر يمنعها منه عاد الإرضاع على الأب. وروي عن مالك: «أن الأب إذا كان معدما ولا مال للصبي فإن الرضاع على الأم، فإن كان بها عذر ولها مال فالإرضاع عليها في مالها». وهذه الآية هي في المطلقات، قاله السدي والضحاك وغيرهما: «جعلها الله حدا عند اختلاف الزوجين في مدة الرضاع فمن دعا منهما إلى إكمال الحولين فذلك له»وقال جمهور المفسرين: «إن هذين الحولين لكل واحد»، وروي عن ابن عباس أنه قال: «هي في الولد الذي يمكث في البطن ستة أشهر، فإن مكث سبعة أشهر فرضاعه ثلاثة وعشرون شهرا، فإن مكث ثمانية أشهر فرضاعه اثنان وعشرون شهر، فإن مكث تسعة أشهر فرضاعه أحد وعشرون شهرا».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «كأن هذا القول انبنى على قوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} [الأحقاف: 15]، لأن ذلك حكم على الإنسان عموما»، وسمي العام حولا لاستحالة الأمور فيه في الأغلب، ووصفهما ب كاملين إذ مما قد اعتيد تجوزا أن يقال في حول وبعض آخر حولين، وفي يوم وبعض آخر مشيت يومين وصبرت عليك في ديني يومين وشهرين. وقوله تعالى: {لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة} مبني على أن الحولين ليسا بفرض لا يتجاوز، وقرأ السبعة «أن يتم الرضاعة» بضم الياء ونصب الرضاعة، وقرأ مجاهد وابن محيصن وحميد والحسن وأبو رجاء «تتم الرضاعة» بفتح التاء الأولى ورفع الرضاعة على إسناد الفعل إليها، وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة والجارود بن أبي سبرة كذلك، إلا أنهم كسروا الراء من الرضاعة، وهي لغة كالحضارة والحضارة، وغير ذلك. وروي عن مجاهد أنه قرأ «الرضعة» على وزن الفعلة، وروي عن ابن عباس أنه قرأ «أن يكمل الرضاعة» بالياء المضمومة، وانتزع مالك رحمه الله وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب إنما هي ما كان في الحولين، لأن بانقضاء الحولين تمت الرضاعة فلا رضاعة، وروي عن قتادة أنه قال: «هذه الآية تضمنت فرض الإرضاع على الوالدات، ثم يسر ذلك وخفف بالتخيير الذي في قوله: {لمن أراد}».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذا قول متداع».
قول عز وجل: {وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف لا تكلّف نفسٌ إلّا وسعها لا تضارّ والدةٌ بولدها ولا مولودٌ له بولده وعلى الوارث مثل ذلك}
{المولود له}: اسم جنس وصنف من الرجال، والرزق في هذا الحكم الطعام الكافي، وقوله: {بالمعروف}: يجمع حسن القدر في الطعام وجودة الأداء له وحسن الاقتضاء من المرأة، ثم بين تعالى أن الإنفاق على قدر غنى الزوج ومنصبها بقوله: {لا تكلّف نفسٌ إلّا وسعها}، وقرأ جمهور الناس: «تكلف» بضم التاء «نفس» على ما لم يسمّ فاعله، وقرأ أبو رجاء «تكلّف» بفتح التاء بمعنى تتكلف «نفس» فاعله، وروى عنه أبو الأشهب «لا نكلّف» بالنون «نفسا» بالنصب، وقرأ أبو عمرو وابن كثير وأبان عن عاصم «لا تضار والدة» بالرفع في الراء، وهو خبر معناه الأمر، ويحتمل أن يكون الأصل «تضارر» بكسر الراء الأولى فوالدة فاعل، ويحتمل أن يكون «تضارر» بفتح الراء الأولى فوالدة مفعول لم يسم فاعله، ويعطف مولود له على هذا الحد في الاحتمالين، وقرأ نافع وحمزة والكسائي وعاصم لا تضارّ بفتح الراء المشددة، وهذا على النهي، ويحتمل أصله ما ذكرنا في الأولى، ومعنى الآية في كل قراءة: النهي عن أن تضار الوالدة زوجها المطلق بسبب ولدها، وأن يضارها هو بسبب الولد، أو يضار الظئر، لأن لفظة نهيه تعم الظئر، وقد قال عكرمة في قوله: لا تضارّ والدةٌ: معناه الظئر، ووجوه الضرر لا تنحصر، وكل ما ذكر منها في التفاسير فهو مثال.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ «لا تضارر» براءين الأولى مفتوحة. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «لا تضار» بإسكان الراء وتخفيفها، وروي عنه الإسكان والتشديد، وروي عن ابن عباس «لا تضارر» بكسر الراء الأولى.
واختلف العلماء في معنى قوله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك}، فقال قتادة والسدي والحسن وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيرهم: «هو وارث الصبي إن لو مات»، قال بعضهم: وارثه من الرجال خاصة يلزمه الإرضاع كما كان يلزم أبا الصبي لو كان حيا، وقاله مجاهد وعطاء، وقال قتادة أيضا وغيره: «هو وارث الصبي من كان من الرجال والنساء، ويلزمهم إرضاعه على قدر مواريثهم منه». وحكى الطبري عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن أنهم قالوا: «الوارث الذي يلزمه إرضاع المولود هو وليه ووارثه إذا كان ذا رحم محرم منه، فإن كان ابن عم وغيره وليس بذي رحم محرم فلا يلزمه شيء».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وفي هذا القول تحكم»، وقال قبيصة بن ذؤيب والضحاك وبشير بن نصر قاضي عمر بن عبد العزيز: «الوارث هو الصبي نفسه، أي عليه في ماله إذا ورث أباه إرضاع نفسه»، وقال سفيان رحمه الله: «الوارث هو الباقي من والدي المولود بعد وفاة الآخر منهما» ويرى مع ذلك إن كانت الوالدة هي الباقية أن يشاركها العاصب في إرضاع المولود على قدر حظه من الميراث. ونص هؤلاء الذين ذكرت أقوالهم على أن المراد بقوله تعالى: {مثل ذلك} الرزق والكسوة، وذكر ذلك أيضا من العلماء إبراهيم النخعي وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والشعبي والحسن وابن عباس وغيرهم. وقال مالك رحمه الله في المدونة وجميع أصحابه والشعبي أيضا والزهري والضحاك وجماعة من العلماء: «المراد بقوله: {مثل ذلك} أن لا يضار، وأما الرزق والكسوة فلا شيء عليه منه»، وروى ابن القاسم عن مالك: «أن الآية تضمنت أن الرزق والكسوة على الوارث ثم نسخ ذلك».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «فالإجماع من الأمة في أن لا يضار الوارث، والخلاف هل عليه رزق وكسوة أم لا»، وقرأ يحيى بن يعمر «وعلى الورثة مثل ذلك» بالجمع.
قوله عز وجل: {فإن أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاورٍ فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلّمتم ما آتيتم بالمعروف واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بما تعملون بصيرٌ (233)}
الضمير في أرادا للوالدين، وفصالًا معناه «فطاما» عن الرضاع، ولا يقع التشاور ولا يجوز التراضي إلا بما لا ضرر فيه على المولود، فإذا ظهر من حاله الاستغناء عن اللبن قبل تمام الحولين فلا جناح على الأبوين في فصله، هذا معنى الآية، وقاله مجاهد وقتادة وابن زيد وسفيان وغيرهم، وقال ابن عباس: «لا جناح مع التراضي في فصله قبل الحولين وبعدهما».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وتحرير القول في هذا أن فصله قبل الحولين لا يصح إلا بتراضيهما وأن لا يكون على المولود ضرر، وأما بعد تمامهما فمن دعا إلى الفصل فذلك له إلا أن يكون في ذلك على الصبي ضرر»، وقوله تعالى: {وإن أردتم أن تسترضعوا} مخاطبة لجميع الناس تجمع الآباء والأمهات، أي لهم اتخاذ الظئر مع الاتفاق على ذلك، وأما قوله تعالى: {إذا سلّمتم} فمخاطبة للرجال خاصة، إلا على أحد التأويلين في قراءة من قرأ «أتيتم»، وقرأ الستة من السبعة «آتيتم» بالمد، المعنى أعطيتم، وقرأ ابن كثير «أتيتم» بمعنى ما جئتم وفعلتم كما قال زهير:
وما كان من خير أتوه فإنما ....... توارثه آباء آبائهم قبل
قال أبو علي: «المعنى إذا سلمتم ما أتيتم نقده أو إعطاءه أو سوقه، فحذف المضاف وأقيم الضمير مقامه فكان التقدير ما أتيتموه، ثم حذف الضمير من الصلة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ويحتمل اللفظ معنى آخر قاله قتادة، وهو إذا سلمتم ما أتيتم من إرادة الاسترضاع، أي سلم كل واحد من الأبوين ورضي وكان ذلك عن اتفاق منهما وقصد خير وإرادة معروف من الأمر». وعلى هذا الاحتمال: فيدخل في الخطاب ب سلّمتم الرجال والنساء، وعلى التأويل الذي ذكره أبو علي وغيره: فالخطاب للرجال، لأنهم الذين يعطون أجر الرضاع، قال أبو علي: «ويحتمل أن تكون ما مصدرية، أي إذا سلمتم الإتيان»، والمعنى كالأول، لكن يستغنى عن الصنعة من حذف المضاف، ثم حذف الضمير، قال مجاهد: «المعنى إذا سلمتم إلى الأمهات أجرهن بحساب ما أرضعن إلى وقت إرادة الاسترضاع»، وقال سفيان: «المعنى إذا سلمتم إلى المسترضعة وهي الظئر أجرها بالمعروف». وباقي الآية أمر بالتقوى وتوقيف على أن الله تعالى بصير بكل عمل، وفي هذا وعيد وتحذير، أي فهو مجاز بحسب عملكم). [المحرر الوجيز: 1/ 571-577]
تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشراً }
قال بعض نحاة الكوفيين: الخبر عن الّذين متروك والقصد الإخبار عن أزواجهم بأنهن يتربصن، ومذهب نحاة البصرة أن خبر الّذين مترتب بالمعنى، وذلك أن الكلام إنما تقديره يتربص أزواجهم، وإن شئت قدرته. وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن، فجاءت العبارة في غاية الإيجاز، وإعرابها مترتب على
هذا المعنى المالك لها المتقرر فيها، وحكى المهدوي عن سيبويه أن المعنى: «وفيما يتلى عليكم الذين يتوفون»، ولا أعرف هذا الذي حكاه لأن ذلك إنما يتجه إذا كان في الكلام لفظ أمر بعد. مثل قوله: {والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38]، وهذه الآية فيها معنى الأمر لا لفظه فيحتاج مع هذا التقدير إلى تقدير آخر يستغنى عنه إذا حضر لفظ الأمر، وحسن مجيء الآية هكذا أنها توطئة لقوله: {فلا جناح عليكم}، إذ القصد بالمخاطبة من أول الآية إلى آخرها الرجال الذين منهم الحكام والنظرة، وعبارة المبرد والأخفش ما ذكرناه، وهذه الآية هي في عدة المتوفى عنها زوجها، وظاهرها العموم ومعناها الخصوص في الحرائر غير الحوامل ولم تعن الآية لما يشذ من مرتابة ونحوها، وحكى المهدوي عن بعض العلماء أن الآية تناولت الحوامل ثم نسخ ذلك بقوله: {وأولات الأحمال} [الطلاق: 4]، وعدة الحامل وضع حملها عند جمهور العلماء، وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وغيرهما أن تمام عدتها آخر الأجلين، والتربص الصبر والتأني بالشخص في مكان أو حال، وقد بين تعالى ذلك بقوله: {بأنفسهنّ}، والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم متظاهرة أن التربص بإحداد وهو الامتناع عن الزينة ولبس المصبوغ الجميل والطيب ونحوه، والتزام المبيت في مسكنها حيث كانت وقت وفاة الزوج. وهذا قول جمهور العلماء وهو قول مالك وأصحابه. وقال ابن عباس وأبو حنيفة فيما روي عنه وغيرهما: «ليس المبيت بمراعى، تبيت حيث شاءت». وقال الحسن بن أبي الحسن: «ليس الإحداد بشيء، إنما تتربص عن الزواج، ولها أن تتزين وتتطيب».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذا ضعيف». وقرأ جمهور الناس «يتوفون» بضم الياء، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه «يتوفون» بفتح الياء، وكذلك روى المفضل عن عاصم، ومعناه يستوفون آجالهم، وجعل الله الأربعة الأشهر والعشر عبادة في العدة فيها استبراء للحمل، إذا فيها تكمل الأربعون والأربعون والأربعون، حسب الحديث الذي رواه ابن مسعود وغيره ثم ينفخ الروح، وجعل الله تعالى العشر تكملة إذ هي مظنة لظهور الحركة بالجنين وذلك لنقص الشهور أو كمالها ولسرعة حركة الجنين أو إبطائها، قاله سعيد بن المسيب وأبو العالية وغيرهما، وقال تعالى: {عشراً}، ولم يقل عشرة تغليبا لحكم الليالي إذ الليلة أسبق من اليوم والأيام في ضمنها، وعشر أخف في اللفظ. قال جمهور أهل العلم: «ويدخل في ذلك اليوم العاشر وهو من العدة لأن الأيام مع الليالي»، وحكى منذر بن سعيد- وروي أيضا عن الأوزاعي-: «أن اليوم العاشر ليس من العدة بل انقضت بتمام عشر ليال»، قال المهدوي: «وقيل المعنى وعشر مدد كل مدة من يوم وليلة»، وروي عن ابن عباس أنه قرأ «أربعة أشهر وعشر ليال».
قوله عز وجل: {فإذا بلغن أجلهنّ فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهنّ بالمعروف واللّه بما تعملون خبيرٌ (234)}
أضاف تعالى الأجل إليهنّ إذ هو محدود مضروب في أمرهن، والمخاطبة بقوله: {فلا جناح عليكم} عامة لجميع الناس، والتلبس بهذا الحكم هو للحكام والأولياء اللاصقين والنساء المعتدات، وقوله عز وجل: {فيما فعلن} يريد به التزوج فما دونه من التزين واطراح الإحداد. قال مجاهد وابن شهاب وغيرهما: «أراد بما فعلن النكاح لمن أحببن إذا كان معروفا غير منكر»، ووجوه المنكر في هذا كثيرة، وقال بعض المفسرين: {بالمعروف} معناه بالإشهاد، وقوله تعالى: {واللّه بما تعملون خبيرٌ} وعيد يتضمن التحذير. وخبيرٌ اسم فاعل من خبر إذا تقصى علم الشيء). [المحرر الوجيز: 1/ 577-580]