العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:37 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة التوبة [ الآيتين (128) ، (129) ]

تفسير سورة التوبة
[ الآيتين (128) ، (129) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:40 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني القاسم بن عبد الله [ .. .. ] مان (؟) يرفعه، قال: من قرأ حين يمسي أو يصبح: {لقد [جاءكم رسول من أنفسكم] عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ [رحيم]}، .. .. من] ذلك اليوم أو من تلك الليلة، أمن من الغرق والهدم والحريق والقتل). [الجامع في علوم القرآن: 3/22]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ([وأخبرني] [عمر بن طلحة] عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطبٍ [قال أراد عمر بن الخطّاب] أن يجمع القرآن، فقام في النّاس فقال: من كان تلقّى من رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم] شيئًا من القرآن فليأتنا؛ فكانوا كتبوا ذلك في الصّحف والألواح [والعسب]، وكان لا يقبل من أحدٍ شيءً حتّى يشهد عليه شاهدان، فقتل عمر قبل أن يجمع ذلك إليه. فقام عثمان بن عفّان فقال: من كان عنده شيءٌ من كتاب اللّه فليأتنا به، وكان لا يقبل من ذلك شيئًا حتّى يشهد عليه شاهدان؛ قال: فجاء خزيمة ابن ثابت فقال: إني قد رأيتكم قد تركتم آيتين من كتاب اللّه لم تكتبوها؛ فقالوا: وما هما، قال: تلقّيت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيمٌ}، إلى آخر السّورة؛ فقال عثمان: وأنا أشهد أنّهما من عند اللّه، فأين ترى أن نجعلها، فقال: اختم بهما آخر ما نزل من القرآن؛ فختمت بهما براءةٌ). [الجامع في علوم القرآن: 3/28-29]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم رحيم قال حريص على من لم يسلم أن يسلم). [تفسير عبد الرزاق: 1/291]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن جعفر بن محمد في قوله لقد جاءكم رسول من أنفسكم قال لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية قال وقال النبي إني خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح). [تفسير عبد الرزاق: 1/291-292]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (128) : قوله تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا (سفيان، عن) عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، قال: كان عمر رضي اللّه عنه لا يثبت آيةً في المصحف حتّى يشهد عليها رجلان، فجاءه رجلٌ من الأنصار، فحدّثه بالآيتين من آخر سورة التّوبة: {لقد جاءكم... } الآية، فقال: لا أسألك عليها بيّنةً، كذلك كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فأثبته). [سنن سعيد بن منصور: 5/302]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم، حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} «من الرّأفة»
- حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيبٌ، عن الزّهريّ، قال: أخبرني ابن السّبّاق، أنّ زيد بن ثابتٍ الأنصاريّ رضي اللّه عنه - وكان ممّن يكتب الوحي - قال: أرسل إليّ أبو بكرٍ مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكرٍ: إنّ عمر أتاني، فقال: إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بالنّاس، وإنّي أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن، فيذهب كثيرٌ من القرآن إلّا أن تجمعوه، وإنّي لأرى أن تجمع القرآن "، قال أبو بكرٍ: قلت لعمر: «كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم؟» فقال عمر: هو واللّه خيرٌ، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتّى شرح اللّه لذلك صدري، ورأيت الّذي رأى عمر، قال زيد بن ثابتٍ: وعمر عنده جالسٌ لا يتكلّم، فقال أبو بكرٍ: إنّك رجلٌ شابٌّ عاقلٌ، ولا نتّهمك، «كنت تكتب الوحي لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم» ، فتتبّع القرآن فاجمعه، فواللّه لو كلّفني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليّ ممّا أمرني به من جمع القرآن، قلت: «كيف تفعلان شيئًا لم يفعله النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؟» فقال أبو بكرٍ: هو واللّه خيرٌ، فلم أزل أراجعه حتّى شرح اللّه صدري للّذي شرح اللّه له صدر أبي بكرٍ وعمر، فقمت فتتبّعت القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف، والعسب وصدور الرّجال، حتّى وجدت من سورة التّوبة آيتين مع خزيمة الأنصاريّ لم أجدهما مع أحدٍ غيره، {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم} [التوبة: 128] إلى آخرهما، وكانت الصّحف الّتي جمع فيها القرآن عند أبي بكرٍ حتّى توفّاه اللّه، ثمّ عند عمر حتّى توفّاه اللّه، ثمّ عند حفصة بنت عمر تابعه عثمان بن عمر، واللّيث، عن يونس، عن ابن شهابٍ، وقال اللّيث: حدّثني عبد الرّحمن بن خالدٍ، عن ابن شهابٍ، وقال: مع أبي خزيمة الأنصاريّ، وقال موسى: عن إبراهيم، حدّثنا ابن شهابٍ، مع أبي خزيمة، وتابعه يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، وقال أبو ثابتٍ: حدّثنا إبراهيم. وقال: مع خزيمة أو أبي خزيمة). [صحيح البخاري: 6/71-72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب قوله لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم الآية كذا لأبي ذرٍّ وساق غيره إلى رءوفٌ رحيمٌ قوله من الرّأفة ثبت هذا لغير أبي ذر وهو كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى إن الله بالنّاس لرءوف رحيم هو فعولٌ من الرّأفة وهي أشدّ الرّحمة
[4679] قوله أخبرني بن السّبّاق بمهملة وتشديد الموحّدة اسمه عبيدٌ وسيأتي شرح الحديث مستوفًى في فضائل القرآن وتقدّم في أوائل الجهاد التّنبيه على اختلاف عبيد بن السّبّاق وخارجة بن زيدٍ في تعيين الآية قوله تابعه عثمان بن عمر واللّيث بن سعد عن يونس عن بن شهابٍ أمّا متابعة عثمان بن عمر فوصلها أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه وأمّا متابعة اللّيث عن يونس فوصلها المؤلّف في فضائل القرآن وفي التّوحيد قوله وقال اللّيث حدّثني عبد الرّحمن بن خالدٍ عن بن شهابٍ وقال مع أبي خزيمة يريد أنّ لليث فيه شيخا آخر عن بن شهابٍ وأنّه رواه عنه بإسناده المذكور لكن خالف في قوله مع خزيمة الأنصاريّ فقال مع أبي خزيمة ورواية اللّيث هذه وصلها أبو القاسم البغويّ في معجم الصّحابة من طريق أبي صالحٍ كاتب اللّيث عنه به قوله وقال موسى عن إبراهيم حدثنا بن شهابٍ وقال مع أبي خزيمة وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه أمّا موسى فهو بن إسماعيل وأما إبراهيم فهو بن سعدٍ ويعقوب هو ولده ومتابعة موسى وصلها المؤلّف في فضائل القرآن وقال في آية التّوبة مع أبي خزيمة وفي آية الأحزاب مع خزيمة بن ثابتٍ الأنصاريّ وممّا ننبّه عليه أنّ آية التّوبة وجدها زيد بن ثابتٍ لمّا جمع القرآن في عهد أبي بكرٍ وآية الأحزاب وجدها لمّا نسخ المصاحف في عهد عثمان وسيأتي بيان ذلك واضحًا في فضائل القرآن وأمّا رواية يعقوب بن إبراهيم فوصلها أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف من طريقه وكذا أخرجها أبو يعلى من هذا الوجه لكن باختصارٍ ورواها الذّهليّ في الزّهريّات عنه لكن قال مع خزيمة وكذا أخرجه الجوزقيّ من طريقه قوله وقال أبو ثابتٍ حدّثنا إبراهيم وقال مع خزيمة أو أبي خزيمة فأمّا أبو ثابتٍ فهو محمّد بن عبيد اللّه المدنيّ وأما إبراهيم فهو بن سعدٍ ومراده أنّ أصحاب إبراهيم بن سعدٍ اختلفوا فقال بعضهم مع أبي خزيمة وقال بعضهم مع خزيمة وشكّ بعضهم والتّحقيق ما قدّمناه عن موسى بن إسماعيل أنّ آية التّوبة مع أبي خزيمة وآية الأحزاب مع خزيمة وستكون لنا عودةٌ إلى تحقيق هذا في تفسير سورة الأحزاب إن شاء اللّه تعالى ورواية أبي ثابتٍ المذكورة وصلها المؤلّف في الأحكام بالشّكّ كما قال). [فتح الباري: 8/344-345]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
- ثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزّهريّ أخبرني ابن السباق أن زيد بن ثابت الأنصاريّ رضي اللّه عنه وكان ممّن يكتب الوحي قال أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة الحديث وفيه حتّى وجدت من سورة التّوبة آيتين مع خزيمة الأنصاريّ لم أجدهما مع أحد غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} الآية
تابعه عثمان بن عمر واللّيث عن يونس عن ابن شهاب وقال اللّيث حدثني عبد الرّحمن بن خالد عن ابن شهاب وقال مع أبي خزيمة الأنصاريّ
وقال موسى عن إبراهيم ثنا ابن شهاب مع أبي خزيمة وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه
وقال أبو ثابت ثنا إبراهيم وقال مع خزيمة أو أبي خزيمة
أما حديث عثمان بن عمر فأخبرناه أبو المعالي بن أبي الخطاب أنا أبو نعيم بن التقي الأسعردي أنا أبو الفرج بن الصيقل أنا أبو محمّد بن صاعد أنا هبة الله ابن محمّد بن البخاريّ أنا الحسن بن علّي بن المذهب أنا أحمد بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر عن يونس به
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن عثمان بن عمر
وأما حديث اللّيث عن يونس فأسنده المؤلف في فضائل القرآن وفي التّوحيد
وأما حديث اللّيث عن عبد الرّحمن بن خالد بن مسافر فقال أبو القاسم البغويّ في معجم الصّحابة ثنا أحمد بن منصور ثنا أبو صالح حدثني اللّيث ثنا عبد الرّحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت عن أبي بكر به
وأما حديث موسى عن إبراهيم بن سعد فأسنده المؤلف في التّوحيد قال حدثنا موسى بن إسماعيل به
وأما حديث يعقوب بن إبراهيم فقال أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف ثنا محمّد يحيى ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي ثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت حدثه فذكره
ورواه أبو يعلى في مسنده عن أبي خيثمة عن يعقوب مختصرا
وقال الجوزقي ثنا أبو حامد بن الشّرقي ومكي بن عبدان قالا ثنا محمّد ابن يحيى ثنا يعقوب بن ابراهيم بن سعد به ولكنه قال مع خزيمة بن ثابت وأما حديث أبي ثابت فأسنده المؤلف في الأحكام قال ثنا محمّد بن عبيدالله وهو أبو ثابت به). [تغليق التعليق: 4/219-221]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيمٌ} (التّوبة: 128)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {لقد جاءكم} الآية، كذا ثبت إلى آخر الآية في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر إلى قوله: (ما عنتم) وقد من الله تعالى بهذه الآية على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولا من أنفسهم أي: من جنسهم وعلى لغتهم، كما قال إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم} (البقرة: 129) وقرى: من أنفسكم، من النفاسة أي: من أشرفكم وأفضلكم، وقيل: هي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة وعائشة رضي الله عنهما. قوله: (عزيز عليه ما عنتم) أي: يعز عليه ما يشق عليكم، ولهذا جاء في الحديث: بعثت بالحنفية السمحة، وعنتم من العنت وهو المشقّة، وقال ابن الأنباري: أصله التّشديد، وقال الضّحّاك: الإثم، وقال ابن أبي عروبة: الضلال، وقيل: الهلاك. وحاصل المعنى: يعز عليه أن تدخلوا النّار، وجمعت هذه الآية ستّ صفات لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرسالة والنفاسة والعزة وحرصه على إيصال الخيرات إلى أمته في الدّنيا والآخرة والرأفة والرّحمة. قال الحسين بن الفضل: لم يجمع الله لنبيّ من الأنبياء إسمين من أسمائه إلاّ لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: {بالمؤمنين رؤوف رحيم} وقال عز وجل: {إن الله بالنّاس لرؤوف رحيم} (البقرة: 143 والحج: 65) .
من الرّأفة
يعني: رؤوف من الرأفة وهي الحنو والعطف وهي أشد الرّحمة، ولم يثبت هذا في رواية أبي ذر.
- حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيبٌ عن الزّهريّ قال أخبرني ابن السّبّاق أنّ زيد ابن ثابت الأنصاريّ رضي الله عنه وكان ممّن يكتب الوحي قال أرسل إليّ أبو بكرٍ مقتل أهل اليمامة وعنده عمر فقال أبو بكرٍ إنّ عمر أتاني فقال إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بالنّاس وإنّي أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن فيذهب كثيرٌ من القرآن إلاّ أن تجمعوه وإنّي لأري أن تجمع القرآن قال أبو بكرٍ قلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر هو والله خيرٌ فلم يزل عمر يراجعني فيه حتّى شرح الله لذالك صدري ورأيت الّذي رأي عمر قال زيد بن ثابتٍ وعمر عنده جالسٌ لا يتكلّم فقال أبو بكر إنّك رجلٌ شابٌّ عاقلٌ ولا نتّهمك كنت تكتب الوحي لرسول الله الله صلى الله عليه وسلم فتتّبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلّفني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليّ ممّا أمرني به من جمع القرآن قلت كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكرٍ هو والله خيرٌ فلم أزل أراجعه حتّى شرح الله صدري للّذي شرح الله له صدر أبي بكرٍ وعمر فقمت فتتبّعت القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعسب وصدور الرّجال حتّى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاريّ لم أجدهما مع أحدٍ غيره {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم} (التّوبة: 128) إلى آخرها وكانت الصّحف الّتي جمع فيها القرآن عند أبي بكرٍ حتّى توفّاه الله ثمّ عند عمر حتّى توفّاه الله ثمّ عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما. .
مطابقته للتّرجمة في قوله: {لقد جاءكم رسول} إلى آخر الآيتين. وأبو اليمان الحكم بن نافع، وابن السباق، بفتح السّين المهملة وتشديد الباء الموحدة: وهو عبيد حجازي.
والحديث أخرجه التّرمذيّ في التّفسير عن بندار. وأخرجه النّسائيّ في فضائل القرآن عن الهيثم بن أيّوب.
قوله: (مقتل أهل اليمامة) ، أي: أيّام مقاتلة الصّحابة رضي الله عنهم، مسيلمة الكذّاب الّذي ادّعى النّبوّة وكان مقتلهم سنة إحدى عشرة من الهجرة، واليمامة بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف الميم مدينة باليمن وسميت باسم المصلوبة على بابها وهي الّتي كانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيّام وتعرف بالزرقاء لزرقة عينها واسمها عنزة، وقال البكريّ: كان إسم اليمامة في الجاهليّة: جو، بفتح الجيم وتشديد الواو حتّى سمّاها الملك الحميري لما قتل المرأة الّتي تسمى اليمامة باسمها، وقال الملك الحميري:
(وقلنا فسموا اليمامة باسمها = وسرنا وقلنا لا نريد الإقامة)
وزعم عياض أنّها تسمى أيضا: العروض، بفتح العين المهملة، وقال البكريّ: العروض إسم لمكّة والمدينة معروف. قوله: (قد استحر) ، أي: اشتدّ وكثر على وزن استفعل من الحر، وذلك أن المكروه يضاف إلى الحر والمحبوب يضاف إلى البرد ومنه المثل: تولى حارها من تولى قارها، وقتل بها من المسلمين ألف ومائة، وقيل: ألف وأربعمائة منهم سبعون جمعوا القرآن. قوله: (في المواطن) أي: المواضع الّتي سيغزو فيها المسلمون ويقتل ناس من القرّاء فيذهب كثير من القرآن. قوله: (كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، قال ابن الجوزيّ: هذا كلام من يؤثر الاتّباع ويخشى الابتداع، وإنّما لم يجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنّه كان بمعرض أن ينسخ منه أو يزاد فيه، فلو جمعه لكتب وكان الّذي عنده نقصان ينكر على من عنده الزّيادة، فلمّا أمن هذا الأمر بموته صلى الله عليه وسلم جمعه أبو بكر رضي الله عنه، ولم يصنع عثمان في القرآن شيئا، وإنّما أخذ الصّحف الّتي وضعها عند حفصة رضي الله عنها. وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن الحارث بن هشام وسعيد بن العاص وأبي بن كعب في إثني عشر رجلا من قريش والأنصار فكتب منها مصاحف وسيرها إلى الأمصار لأن حذيفة أخبره بالاختلاف في ذلك، فلمّا توفيت حفصة أخذ مروان بن الحكم تلك الصّحف فغسلها، وقال: أخشى أن يخالف بعض القرآن بعضًا، وفي لفظ: أخاف أن يكون فيه شيء يخالف ما نسخ عثمان، وإنّما فعل عثمان هذا ولم يفعله الصّديق رضي الله عنه، لأن غرض أبي بكر كان جمع القرآن بجميع حروفه ووجوهه الّتي نزل بها وهي على لغة قريش وغيرها، وكان غرض عثمان تجريد لغة قريش من تلك القراءات، وقد جاء ذلك مصرحًا به في قول عثمان لهؤلاء الكتاب، فجمع أبو بكر غير جمع عثمان، فإن قيل: فما قصد عثمان بإحضار الصّحف وقد كان زيد ومن أضيف إليه حفظوه؟ . قيل: الغرض بذلك سد باب المقالة وأن يزعم أن في الصّحف قرآنًا لم يكتب ولئلّا يرى إنسان فيما كتبوه شيئا ممّا لم يقرأ به فينكره، فالصحف شاهدة بجميع ما كتبوه. قوله: (هو والله خير) ، يحتمل أن يكون لفظ: خير، أفعل التّفضيل. فإن قلت: كيف ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو خير؟ قلت: هذا خير في هذا الزّمان وكان تركه خيرا في زمانه صلى الله عليه وسلم لعدم تمام النّزول واحتمال النّسخ كما أشرنا إليه عن قريب. قوله: (إنّك رجل شاب) ، يخاطب به أبو بكر زيد بن ثابت رضي الله عنهما، وإنّما قال: شاب، لأن عمره كان إحدى عشرة سنة حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وخطاب أبي بكر إيّاه بذلك في خلافته، فإذا اعتبرت هذا يكون عمره حئنذٍ ما دون خمس وعشرين سنة، وهي أيّام الشّباب. قوله: (لا تتهمك) ، دلّ على عدم اتهامه به. قوله: (كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم) ، وكتابته الوحي تدل على أمانته الغاية، وكيف وكان من فضلاء الصّحابة ومن أصحاب الفتوى؟ قوله: (فتتبع) أمر، و (القرآن) منصوب. قوله: (فواللّه لو كلفني) ، من كلام زيد، يحلف باللّه أن أبا بكر لو كلفه كذا وكذا. قوله: (ما كان أثقل) جواب: لو قوله: (فتتبعت القرآن) ، قيل: إن زيدا كان جامعا للقرآن فما معنى هذا التتبع والطلب لشيء إنّما هو ليحفظه ويعلمه، أجيب: أنه كان يتتبع وجوهه وقراءاته ويسأل عنهما غيره ليحيط بالأحرف السّبعة الّتي نزل بها الكتاب العزيز، ويعلم القراءات الّتي هي غير قراءته. قوله: (أجمعه) حال من الأحوال المقدرة المنتظرة. قوله: (من الرّقاع) ، بكسر الرّاء: جمع رقعة يكون من ورق ومن جلد ونحوهما. قوله: (والأكتاف) ، جمع كتف وهو عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان ينشف ويكتب فيه. قوله: (والعسب) ، بضم العين والسّين المهملتين: جميع عسيب وهو جريد النّخل العريض منه وكانوا يكشطون خوصها ويتخذونها عصا وكانوا يكتبون في طرفها العريض، وقال ابن فارس: عسيب النّخل كالقضبان لغيره، وذكر في التّفسير: اللخاف، بالخاء المعجمة وهي حجارة بيض رقاق واحدها لخفة. وقال الأصمعي: فيها عرض ودقة، وقيل: الخزف. قوله: (مع خزيمة الأنصاريّ) ، وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاريّ الخطمي ذو الشّهادتين، شهد صفّين مع عليّ رضي الله عنه، وقتل يومئذٍ سنة سبع وثلاثين. قوله: (لم أجدهما مع أحد غير خزيمة) ، فإن قيل: كيف ألحق هاتين الآيتين بالقرآن وشرطه أن يثبت بالتواتر؟ قيل له: معناه: لم أجدهما مكتوبتين عند غيره، أو المراد: لم أجدهما محفوظتين، ووجهه أن المقصود من التّواتر إفادة اليقين، والخبر الواحد المحفوف بالقرائن يفيد أيضا اليقين، وكان ههنا قرائن مثل كونهما مكتوبتين ونحوهما وأن مثله لا يقدر في مثله بمحضر الصّحابة أن يقول إلاّ حقًا وصدقاً. قلت: إن خزيمة أذكرهم ما نسوه ولهذا قال زيد: وجدتهما مع خزيمة، يعني مكتوبتين ولم يقل: عرفني أنّهما من القرآن، مع تصريح زيد بأنّه سمعهما من النّبي صلى الله عليه وسلم، أو نقول: ثبت أن خزيمة شهادته بشهادتين فإذا شهد في هذا وحده كان كافيا. قوله: (لقد جاءكم) إلى آخر بيان الآيتين.
تابعه عثمان بن عمر واللّيث عن يونس عن ابن شهابٍ
أي: تابع شعيباً في روايته عن الزّهريّ عثمان بن عمر بن فارس البصريّ العبدي واللّيث بن سعيد البصريّ كلاهما عن يونس بن يزيد الأيلي عن محمّد بن مسلم بن شهاب الزّهريّ، وروى متابعة عثمان أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث عن محمّد ابن يحيى عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزّهريّ فذكره، وأما متابعة اللّيث عن يونس فرواها البخاريّ في فضائل القرآن وفي التّوحيد.
وقال اللّيث: حدّثني عبد الرّحمان بن خالدٍ عن ابن شهابٍ وقال مع أبي خزيمة الأنصاريّ
أشار بهذا إلى أن اللّيث رحمه الله، له فيه شيخ آخر عن ابن شهاب، وأنه رواه عنه بإسناده المذكور ولكنه خالف في قوله: مع خزيمة الأنصاريّ، فقال: (أبي خزيمة) ورواية اللّيث هذه وصلها أبو القاسم البغويّ في (معجم الصّحابة) من طريق أبي صالح كاتب اللّيث عنه به، وقال أبو الفرج: قوله: أبو خزيمة، وهمٌ ورد عليه بصحّة الطّريق إليه ولاحتمال أن يكونا سمعاها كلاهما. قلت: أبو خزيمة هذا هو ابن أوس بن زيد بن أصرم بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، شهد بدرًا وما بعدها من المشاهد وتوفّي في خلافة عثمان وهو أخو مسعود بن أوس، وقال أبو عمر: قال ابن شهاب عن عبيدا السباق عن زيد بن ثابت: وجدت آخر التّوبة مع أبي خزيمة الأنصاريّ.
وقال موسى عن إبراهيم حدّثنا ابن شهابٍ مع أبي خزيمة
أي: قال موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب، قال: مع أبي خزيمة، وهذا التّعليق وصله البخاريّ في فضائل القرآن، وفي (التّلويح) : هذا التّعليق رواه البخاريّ مسندًا في كتاب الأحكام في (صحيحه) .
وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه
أي: تابع موسى في روايته عن إبراهيم بن يعقوب بن إبراهيم المذكور عن أبيه إبراهيم، ووصل هذه المتابعة في أبي خزيمة أبو بكر بن أبي داود في كتاب (المصاحف) من طريقه.
وقال أبو ثابتٍ حدثنا إبراهيم وقال مع خزيمة أو مع أبي خزيمة
أبو ثابت محمّد بن عبيد الله المدني يروي عن إبراهيم بن سعد، وشك في روايته حيث قال: مع خزيمة، أو مع أبي خزيمة، وكذا رواه البخاريّ في الأحكام بالشّكّ، والحاصل هنا أن أصحاب إبراهيم بن سعد اختلفوا، فقال بعضهم: مع أبي خزيمة، وقال بعضهم: مع خزيمة، وشك بعضهم. وعن موسى بن إسماعيل أن آية التّوبة مع أبي خزيمة، وآية الأحزاب مع خزيمة). [عمدة القاري: 18/280-283]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} [التوبة: 128] من الرّأفة
(باب قوله) عز وجل ({لقد جاءكم رسول}) يعني محمدًا ({من أنفسكم}) من جنسكم صفة لرسول أي من صميم العرب وقرأ ابن عباس وأبو العالية وابن محيصن ومحبوب عن أبي عمرو ويعقوب من بعض طرقه وهي قراءته -صلّى اللّه عليه وسلّم- وفاطمة وعائشة بفتح الفاء أي من أشرفكم، وقال الزجاج هي مخاطبة لجميع العالم والمعنى: لقد جاءكم رسول من البشر وإنما كان من الجنس لأن الجنس إلى الجنس أميل ثم رتب عليه صفات أخرى لتعداد المنن على المرسل إليهم فقال ({عزيز عليه}) أي شديد شاق ({ما عنتم}) عنتكم أي إثمكم وعصيانكم فما مصدرية وهي مبتدأ وعزيز خبر مقدم ويجوز أن يكون ما عنتم فاعلاً بعزيز وعزيز صفة لرسول ويجوز أن تكون ما موصولة أي يعز عليه الذي عنتموه أي عنتم بسببه فحذف العائد على التدريج كقوله:
يسر المرء ما ذهب الليالي = وكان ذهابهن له ذهابا
أي يسره ذهاب الليالي ({حريص عليكم}) أن تدخلوا الجنة ({بالمؤمنين رؤوف رحيم}) [التوبة: 128] وهي أشد الرحمة ولم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحد غير نبينا -صلّى اللّه عليه وسلّم- قاله الحسين بن الفضل وسقط لأبي ذر قوله: {حريص} الخ وقال بعد قوله: {عنتم} الآية.
- حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيبٌ عن الزّهريّ، قال: أخبرني ابن السّبّاق أنّ زيد بن ثابتٍ الأنصاريّ -رضي الله عنه-، وكان ممّن يكتب الوحي قال: أرسل إليّ أبو بكرٍ مقتل أهل اليمامة وعنده عمر فقال أبو بكرٍ: إنّ عمر أتاني فقال: إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بالنّاس، وإنّي أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن فيذهب كثيرٌ من القرآن إلاّ أن تجمعوه، وإنّي لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكرٍ: قلت لعمر: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال عمر: هو واللّه خيرٌ فلم يزل عمر يراجعني فيه حتّى شرح اللّه لذلك صدري ورأيت الّذي رأى عمر قال زيد بن ثابتٍ: وعمر عنده جالسٌ لا يتكلّم فقال أبو بكرٍ: إنّك رجلٌ شابٌّ عاقلٌ، ولا نتّهمك كنت تكتب الوحي لرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فتتبّع القرآن فاجمعه فواللّه لو كلّفني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليّ ممّا أمرني به من جمع القرآن قلت: كيف تفعلان شيئًا لم يفعله النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-؟ فقال أبو بكرٍ: هو واللّه خيرٌ فلم أزل أراجعه حتّى شرح اللّه صدري للّذي شرح اللّه له صدر أبي بكرٍ وعمر، فقمت فتتبّعت القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعسب وصدور الرّجال حتّى وجدت من سورة التّوبة آيتين مع خزيمة الأنصاريّ لم أجدهما مع أحدٍ غيره {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم} [التوبة: 128] إلى آخرها. وكانت الصّحف الّتي جمع فيها القرآن عند أبي بكرٍ حتّى توفّاه اللّه ثمّ عند عمر حتّى توفّاه اللّه ثمّ عند حفصة بنت عمر. تابعه عثمان بن عمر، واللّيث عن يونس، عن ابن شهابٍ. وقال اللّيث: حدّثني عبد الرّحمن بن خالدٍ، عن ابن شهابٍ. وقال مع أبي خزيمة الأنصاريّ. وقال موسى، عن إبراهيم، حدّثنا ابن شهابٍ مع أبي خزيمة، وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه. وقال أبو ثابتٍ: حدّثنا إبراهيم وقال مع خزيمة أو أبي خزيمة.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن السباق) بالسين المهملة والموحدة المشدّدة المفتوحتين وبعد الألف قاف عبيد المدني الثقفي أبو سعيد (أن زيد بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه- وكان ممن يكتب الوحي) لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- (قال: أرسل إليّ أبو بكر) الصديق في خلافته. قال الحافظ أبو الفضل: ولم أقف على اسم الرسول إليه بذلك (مقتل أهل اليمامة) ظرف زمان أي أيام، والمراد عقب مقاتلة الصحابة رضي الله تعالى عنهم مسيلمة الكذاب سنة إحدى عشرة بسبب ادعائه النبوّة وارتداد كثير من العرب وقتل كثير من الصحابة (وعنده عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه (فقال) لي (أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرّ) بسين مهملة ساكنة ففوقية ثم مهملة فراء مشددة مفتوحات أي اشتدّ وكثر (يوم) القتال الواقع في (اليمامة بالناس) قيل قتل بها من المسلمين ألف ومائة وقيل ألف وأربعمائة منهم سبعون جمعوا القرآن أي مجموعهم لا إن كل فرد جمعه (وإني أخشى أن يستحر القتل) أي يكثر (بالقراء في المواطن) التي يقع فيها القتال مع الكفار (فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه وإني لأرى أن تجمع) أنت (القرآن) ولأبي ذر: أن يجمع القرآن بضم أوّل يجمع مبنيًا للمفعول (قال أبو بكر: قلت): ولأبي ذر فقلت (لعمر: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-؟ فقال) لي (عمر: هو) أي جمع القرآن (والله خير) من تركه وهو ردّ لقوله كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- إنما لم يجمعه رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- لما كان يترقبه من النسخ (فلم يزل عمر يراجعني فيه) في جمع القرآن (حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت الذي رأى عمر) إذ هو من النصح لله ولرسوله ولكتابه وأذن فيه عليه الصلاة والسلام بقوله في حديث أبي سعيد عند مسلم: (لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن) وغايته جمع ما كان مكتوبًا قبل فلا يتوجه اعتراض الرافضة على الصديق.
(قال زيد بن ثابت): قال أبو بكر ذلك (وعمر عنده جالس لا يتكلم) ولأبي ذر جالس عنده (فقال) ليس (أبو بكر: إنك) يا زيد (رجل شاب) أشار إلى نشاطه وقوّته فيما يطلب منه وبعده عن النسيان (عاقل) تعي المراد (ولا نتهمك) بكذب ولا نسيان والذي لا يتهم تركن النفس إليه وسقطت الواو لأبي ذر (كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) أي فهو أكثر ممارسة له من غيره فجمع هذه الخصوصيات الأربعة فيه يدل على أنه أولى بذلك ممن لم تجتمع فيه (فتتبع القرآن فاجمعه) وقد كان القرآن كله كتب في العهد النبوي لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور قال زيد: (فوالله لو كلفني) أي أبو بكر (نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن) قال ذلك خوفًا من التقصير في إحصاء ما أمر بجمعه (قلت) للعمرين (كيف تفعلان شيئًا لم يفعله النبي) ولأبي ذر رسول الله (-صلّى اللّه عليه وسلّم-؟ فقال) لي (أبو بكر: هو والله خير فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر) لما في ذلك من المصلحة العامة (فقمت فتتبعت القرآن) حال كوني (أجمعه) مما عندي وعند غيري (من الرقاع) بكسر الراء جمع رقعة من أديم أو ورق أو نحوهما (والأكتاف) بالمثناة الفوقية جمع كتف عظم عريض في أصل كتف الحيوان ينشف ويكتب فيه (والعسب) بضم العين والسين المهملتين آخره موحدة جمع عسيب وهو جريد النخل يكشطون خوصه ويكتبون في طرفه العريض (وصدور الرجال) الذين جمعوا القرآن وحفظوه كاملاً في حياته -صلّى اللّه عليه وسلّم- كأبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل فيكون ما في الرقاع والأكتاف وغيرهما تقريرًا على تقرير (حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري) هو ابن ثابت بن الفاكه الخطمي ذو الشهادتين (لم أجدهما) أي الآيتين (مع أحد غيره) كذا بالنصب على كشط في الفرع كأصله وفي فرع آخر غيره بالجر أي لم أجدهما مع غير خزيمة مكتوبتين فالمراد بالنفي نفي وجودهما مكتوبتين لا نفي كونهما محفوظتين.
وعند ابن أبي داود من رواية يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما قالوا: وما هما؟ قال: تلقيت من رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ({لقد جاءكم رسول من أنفسكم}) إلى آخر السورة. فقال عثمان: وأنا أشهد فأين ترى أن نجعلهما. قال: اختم بهما آخر ما نزل من القرآن.
وعن أبي العالية عن أبي بن كعب عند عبد الله ابن الإمام أنهم جمعوا القرآن في المصاحف في خلافة أبي بكر، وكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بن كعب، فلما انتهوا إلى هذه الآية ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن فقال لهم أبي بن كعب: إن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- أقرأني بعدها آيتين {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى {وهو رب العرش العظيم} [التوبة: 128 - 129].
وعند أحمد قال: أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين {لقد جاءكم رسول} إلى عمر بن الخطاب فقال: من معك على هذا؟ قال: لا أدري والله إني أشهد لسمعتهما من رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ووعيتهما وحفظتهما فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتهما من رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم} (إلى آخرها) وسقط لأبي ذر: حريص عليكم (وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر) رضي الله تعالى عنهما.
(تابعه) أي تابع شعيبًا في روايته عن الزهري (عثمان بن عمر) بضم العين وفتح الميم ابن فارس البصري العبدي فيما وصله أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه (و) تابعه أيضاً (الليث) بن سعد الإمام فيما وصله المؤلّف في فضائل القرآن وفي التوحيد كلاهما (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري.
(وقال الليث) بن سعد فيما وصله أبو القاسم البغوي في فضائل القرآن (حدّثني) بالإفراد (عبد الرحمن بن خالد) الفهمي أمير مصر (عن ابن شهاب) الزهري فزاد الليث فيه شيخًا آخر عن الزهري (وقال مع أبي خزيمة الأنصاري) وهو ابن أوس بن أصرم بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار بلفظ الكنية فخالف السابق.
(وقال موسى) بن إسماعيل فيما وصله المؤلّف في فضائل القرآن (عن إبراهيم) بن سعد أنه قال: (حدّثنا ابن شهاب) الزهري وقال: (مع أبي خزيمة) بلفظ الكنية. (وتابعه) أي وتابع موسى بن إسماعيل في روايته عن إبراهيم (يعقوب بن إبراهيم عن أبيه) إبراهيم بن سعد المذكور على قوله أبي خزيمة بالكنية وهذه وصلها أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف وغيره.
(وقال أبو ثابت) محمد بن عبيد الله المدني فيما وصله المؤلّف في الأحكام (حدّثنا إبراهيم) بن سعد المذكور (وقال مع خزيمة أو أبي خزيمة) بالشك والتحقيق كما قال في فتح الباري أن آية التوبة مع أبي خزيمة بالكنية، وآية الأحزاب مع خزيمة.
وهذا الحديث أخرجه الترمذي في التفسير والنسائي في فضائل القرآن). [إرشاد الساري: 7/162-164]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤفٌ رحيمٌ}
قوله: (من الرقاع): بكسر الراء جمع رقعة من أديم أو ورق ونحوهما. وقوله: والأكتاف بالمثناة بالفوقية جمع كتف عظم عريض في أصل كتف الحيوان ينشف، ويكتب فيه. وقوله: والعسب: بضم العين والسين المهملتين آخره موحدة جمع عسيب، وهو جريد النخل يكشطون خوصه، ويكتبون في طرفه العريض. وقوله: وصدور الرجال، أي: الذين جمعوا القرآن وحفظوه كاملاً في حياته صلى الله عليه وسلّم فما في الرقاع والأكتاف والعسب تقرير على تقرير اهـ قسطلاني). [حاشية السندي على البخاري: 3/54]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعدٍ، عن الزّهريّ، عن عبيد بن السّبّاق، أنّ زيد بن ثابتٍ، حدّثه قال: بعث إليّ أبو بكرٍ الصّدّيق مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطّاب عنده فقال: إنّ عمر بن الخطّاب قد أتاني فقال: إنّ القتل قد استحرّ بقرّاء القرآن يوم اليمامة، وإنّي لأخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن كلّها فيذهب قرآنٌ كثيرٌ، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، قال أبو بكرٍ لعمر: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال عمر: هو واللّه خيرٌ، فلم يزل يراجعني في ذلك حتّى شرح اللّه صدري للّذي شرح له صدر عمر، ورأيت فيه الّذي رأى، قال زيدٌ: قال أبو بكرٍ: إنّك شابٌّ عاقلٌ لا نتّهمك، قد كنت تكتب لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم الوحي فتتبّع القرآن، قال: فواللّه لو كلّفوني نقل جبلٍ من الجبال ما كان أثقل عليّ من ذلك، قال: قلت: كيف تفعلون شيئًا لم يفعله رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال أبو بكرٍ: هو واللّه خيرٌ، فلم يزل يراجعني في ذلك أبو بكرٍ وعمر حتّى شرح اللّه صدري للّذي شرح له صدرهما: صدر أبي بكرٍ وعمر فتتبّعت القرآن أجمعه من الرّقاع والعسب واللّخاف، يعني الحجارة الرّقاق، وصدور الرّجال، فوجدت آخر سورة براءةٌ مع خزيمة بن ثابتٍ {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلاّ هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم}.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/134-135]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعدٍ، عن الزّهريّ، عن أنسٍ، أنّ حذيفة قدم على عثمان بن عفّان، وكان يغازي أهل الشّام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فرأى حذيفة اختلافهم في القرآن، فقال لعثمان بن عفّان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمّة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلفت اليهود والنّصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصّحف ننسخها في المصاحف ثمّ نردّها إليك، فأرسلت حفصة إلى عثمان بالصّحف، فأرسل عثمان إلى زيد بن ثابتٍ وسعيد بن العاص وعبد الرّحمن بن الحارث بن هشامٍ وعبد الله بن الزّبير أن انسخوا الصّحف في المصاحف، وقال للرّهط القرشيّين الثّلاثة: ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابتٍ فاكتبوه بلسان قريشٍ، فإنّما نزل بلسانهم، حتّى نسخوا الصّحف في المصاحف، بعث عثمان إلى كلّ أفقٍ بمصحفٍ من تلك المصاحف الّتي نسخوا قال الزّهريّ: وحدّثني خارجة بن زيد بن ثابتٍ، أنّ زيد بن ثابتٍ، قال: فقدت آيةً من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقرؤها {من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر} فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابتٍ أو أبي خزيمة فألحقتها في سورتها قال الزّهريّ: فاختلفوا يومئذٍ في التّابوت والتّابوه، فقال القرشيّون: التّابوت، وقال زيدٌ: التّابوه فرفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التّابوت فإنّه نزل بلسان قريشٍ.
قال الزّهريّ: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أنّ عبد الله بن مسعودٍ، كره لزيد بن ثابتٍ نسخ المصاحف وقال: يا معشر المسلمين أعزل عن نسخ كتابة المصحف ويتولاّها رجلٌ واللّه لقد أسلمت وإنّه لفي صلب رجلٍ كافرٍ، يريد زيد بن ثابتٍ، ولذلك قال عبد الله بن مسعودٍ: يا أهل العراق اكتموا المصاحف الّتي عندكم وغلّوها فإنّ اللّه يقول: {ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة} فالقوا اللّه بالمصاحف قال الزّهريّ: فبلغني أنّ ذلك كرهه من مقالة ابن مسعودٍ رجالٌ من أفاضل أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهو حديث الزّهريّ ولا نعرفه إلاّ من حديثه). [سنن الترمذي: 5/135-136]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره للعرب: {لقد جاءكم} أيّها القوم {رسولٌ} اللّه إليكم {من أنفسكم} تعرفونه لا من غيركم، فتتّهموه على أنفسكم في النّصيحة لكم.
{عزيزٌ عليه ما عنتّم} أي عزيزٌ عليه عنتكم، وهو دخول المشقّة عليهم والمكروه والأذى. {حريصٌ عليكم} يقول: حريصٌ على هدًى ضلاّلكم وتوبتهم ورجوعهم إلى الحقّ {بالمؤمنين رءوفٌ}: أي رفيق {رّحيمٌ}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه في قوله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم} قال: لم يصبه شيءٌ من شركٍ في ولادته.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن جعفر بن محمّدٍ، في قوله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} قال: لم يصبه شيءٌ من ولادة الجاهليّة. قال: وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّي خرجت من نكاحٍ ولم أخرج من سفاحٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن ابن عيينة، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، بنحوه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم} قال: جعله اللّه من أنفسهم، ولا يحسدونه على ما أعطاه اللّه من النّبوّة والكرامة.
وأمّا قوله: {عزيزٌ عليه ما عنتّم} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ما ضللتم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا طلق بن غنّامٍ، قال: حدّثنا الحكم بن ظهيرٍ، عن السّدّيّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {عزيزٌ عليه ما عنتّم} قال: ما ضللتم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: عزيزٌ عليه عنت مؤمنكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {عزيزٌ عليه ما عنتّم} عزيزٌ عليه عنت مؤمنهم.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول ابن عبّاسٍ؛ وذلك أنّ اللّه عمّ بالخبر عن نبيّ اللّه أنّه عزيزٌ عليه ما عنت قومه، ولم يخصّص أهل الإيمان به، فكان صلّى اللّه عليه وسلّم كما وصفه اللّه به عزيزًا عليه عنت جميعهم.
فإن قال قائلٌ: وكيف يجوز أن يوصف صلّى اللّه عليه وسلّم بأنّه كان عزيزًا عليه عنت جميعهم وهو يقتل كفّارهم ويسبي ذراريهم ويسلبهم أموالهم؟
قيل: إنّ إسلامهم لو كانوا أسلموا كان أحبّ إليه من إقامتهم على كفرهم وتكذيبهم إيّاه حتّى يستحقّوا ذلك من اللّه، وإنّما وصفه اللّه جلّ ثناؤه بأنّه عزيزٌ عليه عنتهم، لأنّه كان عزيزًا عليه أن يأتوا ما يعنتهم؛ وذلك أن يضلّوا فيستوجبوا العنت من اللّه بالقتل والسّبي.
وأمّا {ما} الّتي في قوله: {ما عنتّم} فإنّه رفع بقوله: {عزيزٌ عليه} لأنّ معنى الكلام: ما ذكرت عزيزٌ عليه عنتكم.
وأمّا قوله: {حريصٌ عليكم} فإنّ معناه: ما قد بيّنت، وهو قول أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {حريصٌ عليكم} حريصٌ على ضالهم أن يهديه اللّه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {حريصٌ عليكم} قال: حريصٌ على من لم يسلّم أن يسلّم). [جامع البيان: 12/96-99]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ (128)
قوله تعالى: لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن أبي عمر العدنيّ ثنا سفيان عن جعفر بن محمّدٍ عن أبيه في قوله: لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم قال: لم يصبه شيءٌ من ولادة الجاهليّة، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خرجت من نكاحٍ ولم أخرج من السّفاح».
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن المصفّى ثنا بقيّة ثنا بحير بن سعدٍ عن خالد بن معدان عن جبير بن نفيرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لقد جاءكم رسولٌ إليكم ليس بوهنٍ ولا كسلٍ ليحيي قلوبًا غلفًا ويفتح أعينًا عميًا، ويسمع آذانًا صمًّا ويقيم ألسنةً عوجًا، حتّى يقال: لا إله إلا اللّه وحده.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ بن أبي عروبة عن قتادة: لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم قال: جعله اللّه من أنفسهم، فلا يحسدونه على ما أعطاه اللّه من النّبوّة والكرامة.
قوله تعالى: عزيزٌ عليه.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: عزيزٌ عليه قال: شديدٌ عليه.
قوله تعالى: ما عنتّم.
- حدّثنا أبو زرعة بإسناده عن ابن عبّاسٍ قوله: ما عنتّم قال: ما شقّ عليكم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة: عزيزٌ عليه ما عنتّم قال: عنت مؤمنهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسن ثنا أبو الجماهر ثنا سعيد بن بشيرٍ عن سعيد أبي عروبة عزيزٌ عليه ما عنتّم أن تفضّلوا عن غير قتادة.
قوله تعالى: حريصٌ عليكم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ قوله: حريصٌ عليكم أن يؤمن كفّاركم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: حريصٌ عليكم قال: حريصٌ على ضالّهم أن يهديه.
قوله تعالى: بالمؤمنين رؤف رحيم
- حدّثنا أبو عبيدٍ اللّه بن أخي ابن وهبٍ ثنا عمّي ثنا يونس بن يزيد وسفيان بن عيينة عن الزّهريّ عن محمّد بن جبير بن مطعمٍ عن أبيه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لي أسماءٌ، أنا محمّدٌ وأحمد وأنا الماحي الّذي يمحو اللّه بي الكفر وأنا الحاشر الذين يحشر النساء على قدميّ، وأنا العاقب: الّذي ليس بعده أحد وقد سماه الله رؤفا رحيمًا.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ، أنبأ بشر عن أبي روقٍ في قوله: بالمؤمنين كلهم رؤف رحيمٌ
قوله تعالى: رحيمٌ.
- ذكر عن عبد الرّحمن بن بشر بن الحكم ثنا موسى بن عبد العزيز القنباريّ ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: جاء جبريل فقال لي: يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السّلام وهذا ملك الجبال قد أرسله إليك وأمره ألا يفعل شيئًا إلا بأمرك فقال له ملك الجبال: إنّ اللّه أمرني ألا أفعل شيئًا إلا بأمرك، إن شئت دمدمت عليهم الجبال، وإن شئت رميتهم بالحصباء وإن شئت خسفت بهم الأرض، قال: يا ملك الجبال، فإنّي آتي بهم بهم، لعلّهم أن تخرج ذرّيّةً يقولوا: لا إله إلا اللّه، فقال ملك الجبال: أنت كما سماك ربك رؤف رحيم.
- حدّثنا عليّ بن الحسن حدّثنا أبو الجماهر أنبأنا سعيد بن بشيرٍ عن سعيد بن أبي عروبة بالمؤمنين رؤف رحيم قال: رؤف: رقيقٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1917-1919]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا بكّار بن قتيبة القاضي، ثنا أبو عامرٍ عبد الملك بن عمرٍو العقديّ، ثنا شعبة، عن يونس بن عبيدٍ، وعليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، عن أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه، قال: «آخر ما نزل من القرآن {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} «حديث شعبة عن يونس بن عبيدٍ «صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/368]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} [التوبة: 128].
- عن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير قال: «أتى الحارث بن خزمة بهاتين الآيتين من آخر سورة (براءةٌ) {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} [التوبة: 128] إلى عمر بن الخطّاب - رضي اللّه عنه - فقال: من معك على هذا؟ قال: لا أدري، واللّه إنّي أشهد لسمعتها من رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ووعيتها وحفظتها. فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم»، ثمّ قال: لو كانت ثلاث آياتٍ لجعلتها سورةً على حدةٍ، فانظروا سورةً من القرآن فضعوها فيها، فوضعتها في آخر سورة (براءةٌ).
رواه أحمد، وفيه ابن إسحاق وهو مدلّسٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن أبيّ بن كعبٍ أنّهم جمعوا القرآن في المصاحف في خلافة أبي بكرٍ - رحمه اللّه - وكان رجالٌ يكتبون، ويملي عليهم أبيٌّ، «فلمّا انتهوا إلى هذه الآية من سورة (براءةٌ) {ثمّ انصرفوا صرف اللّه قلوبهم بأنّهم قومٌ لا يفقهون} [التوبة: 127]، فظنّوا أنّ هذا آخر ما نزل من القرآن، فقال لهم أبيّ بن كعبٍ: إنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أقرأني بعدها آيتين: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} [التوبة: 128] إلى قوله: {وهو ربّ العرش العظيم} [التوبة: 129]» ثمّ قال: هذا آخر ما نزل من القرآن، قال: فختم بما فتح به باللّه الّذي لا إله إلّا هو وهو قول اللّه - تبارك وتعالى - {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلّا نوحي إليه أنّه لا إله إلّا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25] رواه عبد اللّه بن أحمد، وفيه محمّد بن جابرٍ الأنصاريّ، وهو ضعيفٌ.
- وعن أبيٍّ - يعني ابن كعبٍ - رحمه اللّه - قال: آخر آيةٍ نزلت {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} [التوبة: 128]- الآية.
رواه عبد اللّه بن أحمد والطّبرانيّ، وفيه عليّ بن زيد بن جدعان، وهو ثقةٌ سيّئ الحفظ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/35-36]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال إسحاق بن راهويه: أبنا أبو عامرٍ العقديّ، ثنا شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ- رضي اللّه عنه- قال: "آخر ما نزل من القرآن: (لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيم) .
- قال: وثنا وكيعٌ، عن شعبة ... فذكره.
- رواه أحمد بن منيعٍ: ثنا هشيمٌ، ثنا منصورٌ، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ ... فذكره.
- ورواه عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ: حدّثني روح بن عبد المؤمن، ثنا عمر بن شقيقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، ثنا الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ "أنّهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكرٍ وكان رجاله يكتبون ويملي عليهم أبيّ بن كعبٍ فلمّا انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءةٌ (ثمّ انصرفوا صرف اللّه قلوبهم بأنّهم قومٌ لا يفقهون) فظنّوا أنّ هذا آخر ما أنزل من القرآن، فقال لهم أبيّ بن كعبٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقرأني بعدها آيتين: (لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) إلى قوله: (وهو رب العرش العظيم) قال: هذا آخر ما أنزل من القرآن. قال: فختم بما فتح به باللّه الّذي لا إله إلّا هو، وهو قول اللّه- تبارك وتعالى: (وما أرسلنا من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون) ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/217-218]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال عبد اللّه: وحدّثني محمّد بن أبي بكرٍ المقدميّ، ثنا بشر بن عمر، ثنا شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف المكّيّ، عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ قال: "آخر آيةٍ نزلت (لقد جاءكم رسول من أنفسكم ... ) الآية".
- قال عبد اللّه: وثنا عليّ بن بحرٍ، ثنا محمّد بن سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يحيى بن عبّادٍ، عن أبيه عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير قال: "أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءةٌ: (لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم ... ) إلى عمر بن الخطاب، فقال: من يقل على هذا؟ قال: لا أدري، واللّه إنّي أشهد لسمعتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ووعيتها وحفظتها. فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. ثمّ قال: لو كانت ثلاث آياتٍ لجعلتها سورةً على حدةٍ، فانظروا سورةً من القرآن فضعوها فيها. فوضعها في آخر براءةٌ"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/218-219]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال إسحاق: أخبرنا أبو عامرٍ العقديّ، ثنا شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما، عن أبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: إنّ آخر ما نزل من القرآن: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ (128) }.
[2] أخبرنا وكيع عن شعبة، بهذا الإسناد مثله.
هذا إسنادٌ حسنٌ.
[3] وقال أحمد بن منيعٍ: حدثنا هشيمٌ، ثنا منصورٌ، عن الحسن، عن (أبيّ بن كعبٍ) رضي الله عنه نحوه.
(150) حديث ابن عمر رضي الله عنهما في ذكر النّسيء تقدّم في باب حرمة مكّة). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/681-684]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 128.
أخرج عبد بن حميد والحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن المنذر، وابن مردويه وأبو نعيم في دلائل النبوة، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} قال: ليس من العرب قبيلة إلا وقد ولدت النّبيّ صلى الله عليه وسلم مضريها وربيعيها ويمانيها.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" وأبو الشيخ عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} قال: لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس في قوله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} قال: قد ولدتموه يا معشر العرب.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قرأ رسول الله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا رسول الله ما معنى {أنفسكم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا ليس في ولا في آبائي من لدن آدم سفاح كلها نكاح.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} يعني من أعظمكم قدرا.
وأخرج ابن سعد، وابن عساكر عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت من لدن آدم من نكاح غير سفاح
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ولدني من سفاح الجاهلية شيء وما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام.
وأخرج ابن سعد، وابن عساكر عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت من نكاح غير سفاح.
وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة في المصنف عن محمد بن علي بن حسين أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال إنما خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم لم يصبني من سفاح أهل الجاهلية شيء لم أخرج إلا من طهرة.
وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل، وابن عساكر عن علي بن أبي طالب أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلتق أبواي قط على سفاح لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير العرب مضر وخير مضر بنو عبد مناف وخير بني عبد مناف بنو هاشم وخير بنو هاشم بنو عبد المطلب والله ما افترق شعبتان منذ خلق الله آدم إلا كنت في خيرهما.
وأخرج البيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن أنس قال: خطب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهلية وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا.
وأخرج ابن سعد والبخاري والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه.
وأخرج ابن سعد ومسلم والترمذي والبيهقي في الدلائل عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسمعيل واصطفى من ولد إسمعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حين خلق الخلق جعلني من خير خلقه ثم حين فرقهم جعلني في خير الفريقين ثم حين خلق القبائل جعلني من خيرهم قبيلة وحين خلق الأنفس جعلني من خير أنفسهم ثم حين خلق البيوت جعلني من خير بيوتهم فأنا خيرهم بيتا وخيرهم نفسا.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم واختار من بني آدم العرب واختار من العرب مضر واختار من مضر قريشا واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم فأنا من خيار إلى خيار.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قسم الله الأرض نصفين فجعلني في خيرهما ثم قسم النصف على ثلاثة فكنت في خير ثلث منها ثم اختار العرب من الناس ثم اختار قريشا من العرب ثم اختار بني هاشم من قريش ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم ثم اختارني من بني عبد المطلب.
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اختار العرب فاختار منهم كنانة ثم اختار منهم قريشا ثم اختار منهم بني هاشم ثم اختارني من بني هاشم.
وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اختار العرب فاختار كنانة من العربواختار قريشا من كنانة واختار بني هاشم من قريش واختارني من بني هاشم.
وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ولدتني بغي قط مذ خرجت من صلب آدم ولم تزل تتنازعني الأمم كابرا عن كابر حتى خرجت من أفضل حيين من العرب هاشم وزهرة.
وأخرج ابن أبي عمر العدني عن ابن عباس أن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الخلق بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله آدم عليه السلام ألقى ذلك النور في صلبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأهبطني الله إلى الأرض في صلب آدم عليه السلام وجعلني في صلب نوح وقذف بي في صلب إبراهيم ثم لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط.
وأخرج البيهقي عن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب قال بلغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن قوما نالوا منه فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس إن الله خلق خلقه فجعلهم فرقتين فجعلني في خير الفرقتين ثم جلعهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلا ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا خيركم قبيلا وخيركم بيتا.
وأخرج الترمذي وحسنه، وابن مردويه والبيهقي عن المطلب بن أبي وداعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغه بعض ما يقول الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: من أنا قالوا: أنت رسول الله، قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة وجعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا، وأخرجه الترمذي وصححه والنسائي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب.
وأخرج ابن سعد عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أراد الله أن يبعث نبيا نظر إلى خير أهل الأرض قبيلة فيبعث خيرها رجلا.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن حعفر بن محمد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله عز وجل بعثني فطفت شرق الأرض وغربها وسهلها وجبلها فلم أجد حيا خيرا من العرب ثم أمرني فطفت في العرب فلم أجد حيا خيرا من مضر ثم أمرني فطفت في مضر فلم أجد حيا خيرا من كنانة ثم أمرني فطفت في كنانة فلم أجد حيا خيرا من قريش ثم أمرني فطفت في قريش فلم أجد حيا خيرا من بني هاشم ثم أمرني أن أختار من أنفسهم فلم أجد فيهم نفسا خيرا من نفسك.
وأخرج ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه، وابن منيع في مسنده، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: آخر آية أنزلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي لفظ: إن آخر ما نزل من القرآن {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه عن الحسن أن أبي بن كعب كان يقول: إن أحدث القرآن عهد بالله وفي لفظ: بالسماء هاتان الآيتان {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر السورة.
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائله، وابن أبي داود في المصاحف، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والخطيب في تلخيص المتشابه والضياء في المختارة من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب، أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون} فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن فقال أبي بن كعب: إن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} فهذا آخر ما نزل من القرآن، قال: فختم الأمر بما فتح به بلا إله إلا الله يقول الله (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) (الأنبياء الآية 25).
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن أبي داود في المصاحف، وابن حبان، وابن المنذر والطبراني والبيهقي في "سننه" عن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه وإني أرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: فقلت لعمر: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: هو - والله - خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت الذي رأى عمر، قال زيد بن ثابت: وعمر جالس عنده لا يتكلم فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمراني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: هو - والله - خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والإكاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة بن ثابت الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} إلى آخرهما وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبيد بن عمير قال: كان عمر لا يثبت آية في المصحف حتى يشهد رجلان فجاء رجل من الأنصار بهاتين الآيتين {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخرها، فقال عمر: لا أسألك عليها بينة أبدا كذلك كان رسول الله.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن عروة قال: لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر على القرآن أن يضيع فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه.
وأخرج ابن إسحاق وأحمد بن حنبل، وابن أبي داود عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: أتى الحرث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى قوله {وهو رب العرش العظيم} إلى عمر فقال: من معك على هذا فقال: لا أدري والله إلا أني أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتها وحفظتها، فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة فانظروا من القرآن فألحقوها، فألحقت في آخر براءة
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن فليأتنا به وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل وهو يجمع ذلك إليه فقام عثمان بن عفان فقال: من كان عنده شيء من كتاب الله فليأتنا به وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد به شاهدان فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما، فقالوا: ما هما قال: تلقيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} إلى آخر السورة فقال عثمان: وأنا أشهد بهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما قال: أختم بهما آخر ما نزلت من القرآن فختمت بهما براءة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} الآية، قال: جعله الله من أنفسهم فلا يحسدونه على ما أعطاه الله من النبوة والكرامة عزيز عليه عنت مؤمنهم حريص على ضالهم أن يهديه الله {بالمؤمنين رؤوف رحيم}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {عزيز عليه ما عنتم} قال: شديد عليه ما شق عليكم {حريص عليكم} أن يؤمن كفاركم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء جبريل فقال لي: يا محمد إن ربك يقرئك السلام وهذا ملك الجبال قد أرسله الله إليك وأمره أن لا يفعل شيئا إلا بأمرك، فقال له ملك الجبال: إن الله أمرني أن لا أفعل شيئا إلا بأمرك إن شئت دمدمت عليهم الجبال وإن شئت رميتهم بالحصباء وإن شئت خسفت بهم الأرض، قال: يا ملك الجبال فإني آتي بهم لعله أن يخرج منهم ذرية يقولون: لا إله إلا الله، فقال ملك الجبال عليه السلام: أنت كما سماك ربك رؤوف رحيم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي صالح الحنفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله رحيم ولا يضع رحمته إلا على رحيم، قلنا: يا رسول الله كلنا نرحم أموالنا وأولادنا، قال: ليس بذلك ولكن كما قال الله {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}
وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جاءته جهينة فقالوا له: إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا نأمنك وتأمنا، قال: ولم سألتم هذا قالوا: نطلب الأمن فأنزل الله تعالى هذه الآية {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} الآية.
وأخرج ابن سعد عن أبي صالح الحنفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله رحيم يحب الرحيم يضع رحمته على كل رحيم، قالوا: يا رسول الله إنا لنرحم أنفسنا وأموانا وأزواجنا، قال: ليس كذلك ولكن كونوا كما قال الله: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}). [الدر المنثور: 7/601-614]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (129) : قوله تعالى: {فإن تولّوا فقل حسبي الله لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرّحمن بن يزيد، قال: خرج يريد أن يجاعل في بعثٍ خرج عليه، فأصبح وهو يتجهّز، فقلت له: ما لك؟ أليس كنت تريد أن تجاعل؟ قال: بلى، ولكنّي قرأت البارحة سورة براءة، فسمعتها تحث على الجهاد). [سنن سعيد بن منصور: 5/304]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلاّ هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم}.
يقول تعالى ذكره: فإن تولّى يا محمّد هؤلاء الّذين جئتهم بالحقّ من عند ربّك من قومك، فأدبروا عنك ولم يقبلوا ما أتيتهم به من النّصيحة في اللّه وما دعوتهم إليه من النّور والهدى، فقل حسبي اللّه، يكفيني ربّي؛ {لا إله إلاّ هو} لا معبود سواه، {عليه توكّلت} وبه وثقت، وعلى عونه اتّكلت، وإليه وإلى نصره استندت، فإنّه ناصري ومعيني على من خالفني وتولّى عنّي منكم ومن غيركم من النّاس. {وهو ربّ العرش العظيم} الّذي يملك كلّ ما دونه، والملوك كلّهم مماليكه وعبيده.
وإنّما عنى بوصفه جلّ ثناؤه نفسه بأنّه ربّ العرش العظيم، الخبر عن جميع ما دونه أنّهم عبيده وفي ملكه وسلطانه؛ لأنّ العرش العظيم إنّما يكون للملوك، فوصف نفسه بأنّه ذو العرش دون سائر خلقه وأنّه الملك العظيم دون غيره وأنّ من دون في سلطانه وملكه جارٍ عليه حكمه وقضاؤه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإن تولّوا فقل حسبي اللّه} يعني الكفّار تولّوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهذه في المؤمنين.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عبيد بن عميرٍ، قال: كان عمر رحمة اللّه عليه لا يثبّت آيةً في المصحف حتّى يشهد رجلان، فجاء رجلٌ من الأنصار بهاتين الآيتين: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه} فقال عمر: لا أسألك عليهما بيّنةً أبدًا، كذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس، عن زهيرٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ الحنفيّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه رحيمٌ يحبّ كلّ رحيمٍ، يضع رحمته على كلّ رحيمٍ. قالوا: يا رسول اللّه إنّا لنرحم أنفسنا وأموالنا قال: وأراه قال: وأزواجنا. قال: ليس كذلك، ولكن كونوا كما قال اللّه: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلاّ هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم} أراه قرأ هذه الآية كلّها.
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف، عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: آخر آيةٍ نزلت من القرآن: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم}، إلى آخر الآية.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، عن أبي، قال: آخر آيةٍ نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} الآية.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن أبيٍّ، قال: أحدث القرآن عهدًا باللّه هاتان الآيتان: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم}، إلى آخر الآيتين.
- حدّثني أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أبان بن يزيد العطّار، عن قتادة، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: أحدث القرآن عهدًا باللّه الآيتان: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم}، إلى آخر السّورة). [جامع البيان: 12/99-102]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم (129)
قوله تعالى: فإن تولّوا فقل حسبي اللّه.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ ابن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: فإن تولّوا فقل حسبي اللّه يعني: الكفّار، تولّوا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وهذه في المؤمنين.
قوله تعالى: لا إله إلا هو.
- حدّثنا أبي ثنا يحيى بن المغيرة ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ أنّهم جمعوا القرآن، فلمّا انتهوا إلى هذه الآية ثمّ انصرفوا صرف اللّه قلوبهم فظنّوا آخر ما نزل من القرآن، فقال لهم أبيّ بن كعبٍ: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أقرأني بعد هذا آيتين لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم إلى قوله: لا إله إلا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم قال: فهذا آخر ما نزل من القرآن فختم الأمر بما فتح به، بلا إله إلا اللّه يقول اللّه عزّ وجلّ: وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث ثنا بشرٌ عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: لا إله إلا اللّه قال: توحيدٌ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق لا إله إلا اللّه أي ليس معه غيره شريكًا في أمره.
قوله تعالى: عليه توكّلت.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ ثنا سلمة قال: قال محمّد بن إسحاق: وعلى اللّه لا على النّاس فليتوكّل المؤمنون.
قوله تعالى: وهو ربّ العرش العظيم.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قال: إنّما سمّي العرش عرشًا لارتفاعه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا أبو أسامة أنبأ إسماعيل بن أبي خالدٍ قال: سمعت سعدًا الطّائيّ يقول: العرش ياقوتةٌ حمراء.
- قرئ على بحر بن نصرٍ الخولانيّ ثنا أسد بن موسى ثنا يوسف بن زيادٍ عن أبي إلياس ابن ابنة وهب بن منبّهٍ عن وهب بن منبّهٍ قال: إنّ اللّه خلق العرش من نوره، وذكر الحديث.
قوله تعالى: العظيم.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ قراءةً، أنبأ محمّد بن شعيب بن شابور، ثنا، أخبرني عمر بن النّصريّ قال: في كتاب ما تنبّأ عليه هارون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ بحرنا هذا خليجٌ من نبطس، ونبطس وراءه، وهو محيطٌ بالأرض، فالأرض وما فيها من البحار عند نبطس كعينٍ على سيف البحر، وخلف نبطس عينٌ محيطٌ بالأرض فنبطس وما دونه عنده كعينٍ على سيف البحر، وخلف نبطس الأصمّ محيطٌ بالأرض فنبطس وما دونه عنده كعينٍ على سيف البحر، وخلف الأصمّ المظلم محيطٌ بالأرض فالأصمّ وما دونه عنده كعينٍ على سيف البحر، وخلف المظلم جبلٌ من الماس محيطٌ بالأرض، فالمظلم وما دونه عنده كعينٍ على سيف البحر، وخلف الماس الباكي وهو ماءٌ عذبٌ، محيطٌ بالأرض أمر اللّه نصفه أن يكون تحت العرش فأراد أن يستجمع فزجره فهو باكٍ يستغفر اللّه، فالماس وما دونه عنده كعينٍ على سيف البحر والعرش خلف ذلك محيطٌ بالأرض، فالباكي وما دونه عنده كعينٍ على سيف البحر.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا مسدّد بن مسرهدٍ ثنا معتمرٌ عن أبيه ثنا بعضٌ أصحابي قال: ما تأخذ الفسطاط من الأرض كلّها.
- حدّثنا العلاء بن سالمٍ البغداديّ ثنا وكيعٌ ثنا سفيان الثّوريّ عن عمّارٍ الدّهنيّ عن مسلمٍ البطين عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال: العرش لا يقدر أحدٌ قدره.
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن محمّدٍ بن عبد الرّحمن بن المسور الزّهريّ ثنا مالك بن سعيدٍ حدّثنا الأعمش عن كعبٍ قال: إنّ السّموات في العرش كالقنديل معلّقٌ بين السّماء والأرض.
- حدّثنا أبي ثنا ابن الطّبّاع ثنا معتمرٌ عن ليث عن مجاهد قال: السّماوات والأرض عند العرش إلا كحلقةٍ في أرضٍ فلاةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1919-1920]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعي، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّه سئل عن قوله عزّ وجلّ " {وكان عرشه على الماء} [هود: 7] على أيّ شيءٍ كان الماء؟ قال: على متن الرّيح «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 129.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {فإن تولوا فقل حسبي الله} يعني الكفار تولوا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهذه في المؤمنين.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: خرجت سرية إلى أرض الروم فسقط رجل منهم فانكسرت فخذه فلم يستطيعوا أن يحملوه فربطوا فرسه عنده ووضعوا عنده شيئا من ماء وزاد فلما ولوا أتاه آت فقال له: ما لك ههنا قال: انكسرت فخذي فتركني أصحابي، فقال: ضع يدك حيث تجد الألم فقل {فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} قال: فوضع يده فقرأ هذه الآية فصح مكانه وركب فرسه وأدرك أصحابه.
وأخرج أبو داود عن أبي الدرداء موقوفا، وابن السني عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين يصبح وحين يمسي {حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن الحسن قال: من قال حين يصبح سبع مرات {حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} لم يصبه ذلك اليوم ولا تلك الليلة كرب ولا سلب ولا غرق، أما قوله تعالى: {وهو رب العرش العظيم}.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إنما سمي العرش عرشا لارتفاعه.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعد الطائي قال: العرش ياقوتة حمراء
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: إن الله تعالى خلق العرش والكرسي من نوره فالعرش ملتصق بالكرسي والملائكة في جوف الكرسي وحوله العرش أربعة أنهار نهر من نور يتلألأ ونهر من نار تتلظى ونهر من ثلج أبيض تلتمع منه الأبصار ونهر من ماء والملائكة قيام في تلك الأنهار يسبحون الله تعالى وللعرش ألسنة بعدد ألسنة الخلق كلهم فهو يسبح الله تعالى ويذكره بتلك الألسنة.
وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العرش ياقوتة حمراء وإن ملكا من الملائكة نظر إليه وإلى عظمه فأوحى الله إليه: أني قد جعلت فيك قوة سبعين ألف ملك لكل ملك سبعون ألف جناح فطر، فطار الملك بما فيه من القوة والأجنحة ما شاء الله أن يطير فوقف فنظر فكأنه لم يرم.
وأخرج أبو الشيخ عن حماد قال: خلق الله العرش من زمردة خضراء وخلق له أربع قوائم من ياقوتة حمراء وخلق له ألف لسان وخلق في الأرض ألف أمة كل أمة تسبح الله بلسان من ألسن العرش.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: إن العرش مطوق بحية والوحي ينزل في السلاسل
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال: كانوا يرون أن العرش على الحرم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: ما يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه وإن السموات في خلق العرش مثل قبة في صحراء.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: ما أخذت السموات والأرض من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض الفلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: إن السموات في العرش كالقنديل معلقا بين السماء والأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن يزيد البصري قال: في كتاب ما تنبأ عليه هرون النّبيّ عليه الصلاة والسلام: إن بحرنا هذا خليج من نبطس ونبطس وراءه وهو محيط بالأرض فالأرض وما فوقها من البحار عند نبطس كعين على سيف البحر وخلف نبطس قينس محيط بالأرض فنبطس وما دونه عنده كعين على سيف البحر وخلف قينس الأصم محيط بالأرض فقينس وما دونه عنده كعين على سيف البحر وخلف الأصم المظلم محيط بالأرض فالأصم وما دونه عنده كعين على سيف البحر: وخلف المظلم جبل من الماس محيط بالأرض فالمظلم وما دونه عنده كعين على سيف البحر وخلف الماس الباكي وهو ماء عذب محيط بالأرض أمر الله نصفه أن يكون تحت العرش فأراد أن يستجمع فزجره فهو باك يستغفر الله فالماس وما دونه عنده كعين على سيف البحر والعرش خلف ذلك محيط بالأرض فالباكي وما دونه عنده كعين على سيف البحر.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن زيد أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس، قال ابن زيد: قال أبو ذر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض والكرسي موضع القدمين.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال: خلق الله العرش وللعرش سبعون ألف ساق كل ساق كاستدارة السماء والأرض.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه قال: بين الملائكة وبين العرش سبعون حجابا حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب من نور وحجاب من ظلمة،.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرضين ورب العرش الكريم.
وأخرج النسائي والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن جعفر رضي الله قال: علمني علي رضي الله عنه كلمات علمهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه يقولهن عند الكرب والشيء يصيبه لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين.
وأخرج الحكيم الترمذي من طريق إسحاق بن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقنوا موتاكم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، قالوا: يا رسول الله فكيف هي للحي قال: أجود وأجود.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن جعفر أنه زوج ابنته فخلا بها فقال: إذا نزل بك الموت أو أمر من أمور الدنيا فظيع فاستقبليه بأن تقولي لا إله إلا الله الحليم الكريم سبجان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه رضي الله عنه.
أن حزقيل كان في سبا بختنصر مع دانيال من بيت المقدس فزعم حزقيل أنه كان نائما على شأطئ الفرات فأتاه ملك وهو نائم فأخذ برأسه فاحتمله حتى وضعه في خزانة بيت المقدس قال: فرفعت رأسي إلى السماء فإذا السموات منفرجات دون العرش قال: فبدا لي العرش ومن حوله فنظرت إليهم من تلك الفرجة فإذا العرش - إذا نظرت إليه - مظل على السموات والأرض وإذا نظرت إلى السموات والأرض رأيتهن متعلقات ببطن العرش وإذا الحملة أربعة من الملائكة لكل ملك منهم أربعة وجوه وجه إنسان ووجه نسر ووجه أسد ووجه ثور فلما أعجبني ذلك منهم نظرت إلى أقدامهم فإذا هي في الأرض على عجل تدور بها وإذا ملك قائم بين يدي العرش له ستة أجنحة لها لون كلون فرع لم يزل ذلك مقامه منذ خلق الله الخلق إلى أن تقوم الساعة فإذا هو جبريل عليه السلام وإذا ملك أسفل من ذلك أعظم شيء رأيته من الخلق فإذا هو ميكائيل وهو خليفة على ملائكة السماء وإذا ملائكة يطوفون بالعرش منذ خلق الله الخلق إلى أن تقوم الساعة يقولون: قدوس قدوس ربنا الله القوي ملأت عظمته السموات والأرض وإذا ملائكة أسفل من ذلك لكل ملك منهم ستة أجنحة جناحان يستر بهما وجهه من النور وجناحان يغطي بهما جسده وجناحان يطير بهما، وإذا هم الملائكة المقربون وإذا ملائكة أسفل من ذلك سجود مذ خلق الله الخلق إلى أن ينفخ في الصور فإذا نفخ في الصور رفعوا رؤوسهم فإذا نظروا إلى العرش قالوا: سبحانك ما كنا نقدرك حق قدرتك ثم رأيت العرش تدلى من تلك الفرجة فكان قدرها ثم أفضى إلى ما بين السماء والأرض فكان يلي ما بينهما ثم دخل من باب الرحمة فكان قدره ثم أفضى إلى المسجد فكان قدره ثم وقع على الصخرة فكان قدرها ثم قال: يا ابن آدم، فصعقت وسمعت صوتا لم أسمع مثله قط فذهبت أقدر ذلك الصوت فإذا قدره كعسكر اجتمعوا فأجلبوا بصوت واحد أو كفئة اجتمعت فتدافعت وأتى بعضها بعضا أو أعظم من ذلك، قال حزقيل: فلما صعقت قال: أنعشوه فإنه ضعيف خلق من طين ثم قال: اذهب إلى قومك فأنت طليعتي عليهم كطليعة الجيش من دعوته منهم فأجابك واهتدى بهداك فلك مثل أجره ومن غفلت عنه حتى يموت ضالا فعليك مثل وزره لا يخفف ذلك من أوزارهم شيئا ثم عرج بالعرش واحتملت حتى رددت إلى شاطئ الفرات فبينما أنا نائم على شاطئ الفرات إذ أتاني ملك فأخذ برأسي فاحتملني حتى أدخلني جنب بيت المقدس فإذا أنا بحوض ماء لا يجوز قدمي ثم أفضيت منه إلى الجنة فإذا شجرها على شطوط أنهارها وإذا هو شجر لا يتناثر ورقه ولا يفنى عمره فإذا فيه الطلع والقضيب والبيع والقطيف قلت: فما لباسها قال: هو ثياب كثياب الحور يتفلق على أي لون شاء صاحبه، قلت: فما أزواجها فعرضن علي فذهبت لأقيس حسن وجوههن فإذا هن لو جمع الشمس والقمر كان وجه إحداهن أضوأ منهما وإذا لحم إحداهن لايواري عظمها وإذا عظمها لا يواري مخها وإذا هي إذا نام عنها صاحبها استيقظ وهي بكر فعجبت من ذلك، فقيل لي: لم تعجب من هذا فقلت: وما لي لا أعجب قال: فإنه من أكل من هذه الثمار التي رأيت خلد ومن تزوج من هذه الأزواج انقطع عنه الهم والحزن قال: ثم أخذ برأسي فردني حيث كنت، قال حزقيل: فبينا أنا نائم على شاطئ الفرات إذ أتاني ملك فأخذ برأسي فاحتملني حتى وضعني بقاع من الأرض قد كانت معركة وإذا فيه عشرة آلاف قتيل قد بددت الطيور والسباع لحومهم وفرقت بين أوصالهم ثم قال لي: إن قوما يزعمون أنه من مات منهم أو قتل فقد انفلت مني وذهبت عنه قدرتي فادعهم، قال حزقيل: فدعوتهم فإذا كل عظم قد أقبل إلى مفصله الذي منه انقطع ما رجل بصاحبه بأعرف من العظم بمفصله الذي فارق حتى أم بعضها بعضا ثم نبت عليها اللحم ثم نبتت العروق ثم انبسطت الجلود وأنا أنظر إلى ذلك ثم قال: ادع لي أرواحهم، قال حزقيل: فدعوتها وإذا كل روح قد أقبل إلى جسده الذي فارق فلما جلسوا سألتهم فيم كنتم قالوا: إنا لما متنا وفارقنا الحياة لقينا ملك يقال له ميكائيل قال: هلموا أعمالكم وخذوا أجوركم كذلك سنتنا فيكم وفيمن كان قبلكم وفيمن هو كائن بعدكم، فنظر في أعمالنا فوجدنا نعبد الأوثان فسلط الدود على أجسادنا وجعلت الأرواح تألمه وسلط الغم على أرواحنا وجعلت أجسادنا تألمه فلم نزل كذلك نعذب حتى دعوتنا، قال: ثم احتملني فردني حيث كنت). [الدر المنثور: 7/614-623]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:45 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لقد جاءكم رسولٌ مّن أنفسكم...}
يقول: لم يبق بطن من العرب إلاّ وقد ولدوه. فذلك قوله: {مّن أنفسكم}.
وقوله: {عزيزٌ عليه ما عنتّم} {ما} في موضع رفع؛ معناه: عزيز عليه عنتكم. ولو كان نصبا: عزيزا عليه ما عنتم حريصا رءوفا رحيما، كان صوابا، على قوله لقد جاءكم كذلك. والحرص الشحيح أن يدخلوا النار). [معاني القرآن: 1/456]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لقد جاءكم رسولٌ مّن أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رّحيمٌ}
وقال: {عزيزٌ عليه ما عنتّم} جعل {ما} اسما و{عنتّم} من صلته). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {عزيزٌ عليه ما عنتّم} أي شديد عليه ما أعنتكم وضركم). [تفسير غريب القرآن: 193]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}
أي هو بشر مثلكم. أي فهو أوكد للحجة عليكم لأنكم تفهمون عمّن هو مثلكم.
وجائز أن يكون عنى به إنّه عربي كما أنكم عرب، فأنتم تخبرونه وقد وقفتم على مذهبه.
{عزيز عليه ما عنتّم}.
أي عزيز عليه عنتكم، والعنت لقاء الشدة.
{حريص عليكم}.
أي حريص على إيمانكم). [معاني القرآن: 2/477]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقول جل وعز: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}
روى جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال لم يكن في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يعاب قال أنا من نكاح لا من سفاح
قال أهل اللغة يجوز أن يكون المعنى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} أي بشر كما أنكم بشر فأنتم تفقهون عنه
ويجوز أن يكون المعنى أنه من العرب فهو منكم فأنتم
تقفون على صدقه ومذهبه
ثم قال جل وعز: {عزيز عليه ما عنتم}
أي شديد عليه عنتكم
وأصل العنت الهلاك فقيل لما يؤدي إلى الهلاك عنت
ثم قال جل وعز: {حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}
قال قتادة أي حريص على من لم يسلم أن يسلم). [معاني القرآن: 3/270-271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} أي شديد عليه ما أعنتكم وضركم أي: يعز عليه أن تعصوه وتدخلوا النار.
{حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} أي حريص عليكم أن تطيعوه وتدخلوا الجنة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 100]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلّا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم}
أي الذي يكفيني اللّه.
{عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم}.
والعظيم ههنا جائزان.
وقوله: {من أوّل يوم}.
دخلت " من " في الزمان، والأصل منذ ومذ، هذا أكثر الاستعمال في الزمان.
و " من " جائز دخولها لأنها الأصل في ابتداء الغاية والتبعيض.
ومثل هذا قول زهير:

لمن الدّيار بقنّة الحجر.=.. أقوين من حجج ومن دهر
وقيل إن معنى هذا مذ حجج ومذ شهر). [معاني القرآن: 2/477-478]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فإن تولوا فقل حسبي الله}
أي يكفيني الله
يقال أحسبني الشيء إذا كفاني
ثم قال جل وعز: {لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}
وقرأ ابن محيصن وهو رب العرش العظيم
وهي قراءة حسنة بينة
وروي عن ابن عباس أن آخر آية نزلت {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} ). [معاني القرآن: 3/271-272]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:52 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:53 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:54 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لقد جاءكم مخاطبة للعرب في قول الجمهور وهذا على جهة تعديد النعمة عليهم في ذلك، إذ جاء بلسانهم وبما يفهمونه من الأغراض والفصاحة وشرفوا به غابر الأيام، وقال الزجّاج: هي مخاطبة لجميع العالم، والمعنى لقد جاءكم رسول من البشر والأول أصوب، وقوله: من أنفسكم يقتضي مدحا لنسب النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من صميم العرب وشرفها، وينظر إلى هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم»، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «إني من نكاح ولست من سفاح» معناه أن نسبه صلى الله عليه وسلم إلى آدم عليه السلام لم يكن النسل فيه إلا من نكاح ولم يكن فيه زنى، وقرأ عبد الله بن قسيط المكي «من أنفسكم» بفتح الفاء من النفاسة، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن فاطمة رضي الله عنها، ذكر أبو عمرو أن ابن عباس رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله ما عنتّم معناه عنتكم ف ما مصدرية وهي ابتداء، وعزيزٌ خبر مقدم، ويجوز أن يكون ما عنتّم فاعلا ب عزيزٌ وعزيزٌ صفة للرسول، وهذا أصوب من الأول والعنت المشقة وهي هنا لفظة عامة أي ما شق عليكم من كفر وضلال بحسب الحق ومن قتل أو أسار وامتحان بسبب الحق واعتقادكم أيضا معه، وقال قتادة: المعنى عنت مؤمنيكم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وتعميم عنت الجميع أوجه، وقوله: حريصٌ عليكم يريد على إيمانكم وهداكم، وقوله: رؤفٌ معناه مبالغ في الشفقة، قال أبو عبيدة: الرأفة أرق الرحمة، وقرأ «رؤف» دون مد الأعمش وأهل الكوفة وأبو عمرو). [المحرر الوجيز: 4/ 440-441]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم خاطب النبي صلى الله عليه وسلم، بعد تقريره عليهم هذه النعمة فقال: فإن تولّوا يا محمد أي أعرضوا بعد هذه الحال المتقررة التي من الله عليهم بها فقل حسبي اللّه معناه وأعمالك بحسب قوله من التفويض إلى الله والتوكل عليه والجد في قتالهم، وليست بآية موادعة لأنها من آخر ما نزل، وخصص العرش بالذكر إذ هو أعظم المخلوقات، وقرأ ابن محيصن «العظيم» برفع الميم صفة للرب، ورويت عن ابن كثير، وهاتان الآيتان لم توجدا حين جمع المصحف إلا في حفظ خزيمة بن ثابت، ووقع في البخاري أو أبي خزيمة، فلما جاء بهما تذكرهما كثير من الصحابة، وقد كان زيد يعرفهما ولذلك قال: فقدت آيتين من آخر سورة التوبة ولو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئا أم لا، فإنما ثبتت الآية بالإجماع لا بخزيمة وحده، وأسند الطبري في كتابه قال: كان عمر لا يثبت آية في المصحف إلا أن يشهد عليها رجلان، فلما جاء خزيمة بهاتين الآيتين قال: والله لا أسألك عليهما بينة أبدا فإنه هكذا كان صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: يعني صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي تضمنتها الآية، وهذا والله أعلم قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مدة أبي بكر حين الجمع الأول وحينئذ فقدت الآيتان ولم يجمع من القرآن شيء في خلافة عمر، وخزيمة بن ثابت هو المعروف بذي الشهادتين، وعرف بذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمضى شهادته وحده في ابتياع فرس وحكم بها لنفسه صلى الله عليه وسلم، وهذا خصوص لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر النقاش عن أبيّ بن كعب أنه قال أقرب القرآن عهدا بالله تعالى هاتان الآيتان لقد جاءكم رسولٌ إلى آخر الآية). [المحرر الوجيز: 4/ 441-443]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م, 06:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ (128) فإن تولّوا فقل حسبي اللّه لا إله إلا هو عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم (129)}
يقول تعالى ممتنًّا على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولًا من أنفسهم، أي: من جنسهم وعلى لغتهم، كما قال إبراهيم، عليه السّلام: {ربّنا وابعث فيهم رسولا منهم} [البقرة: 129]، وقال تعالى: {لقد منّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} [آل عمران: 164]، وقال تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} أي: منكم وبلغتكم، كما قال جعفر بن أبي طالبٍ للنّجاشيّ، والمغيرة بن شعبة لرسول كسرى: إنّ اللّه بعث فينا رسولًا منّا، نعرف نسبه وصفته، ومدخله ومخرجه، وصدقه وأمانته، وذكر الحديث.
وقال سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه في قوله تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} قال: لم يصبه شيءٌ من ولادة الجاهليّة، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: "خرجت من نكاحٍ، ولم أخرج من سفاح".
وقد وصل هذا من وجهٍ آخر، كما قال الحافظ أبو محمّدٍ الحسن بن عبد الرّحمن الرامهرمزي في كتابه "الفاصل بين الرّاوي والواعي": حدّثنا أبو أحمد يوسف بن هارون بن زيادٍ، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّدٍ قال: أشهد على أبي لحدّثني، عن أبيه، عن جدّه، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خرجت من نكاحٍ ولم أخرج من سفاحٍ، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمّي لم يمسّني من سفاح الجاهليّة شيءٌ".
وقوله: {عزيزٌ عليه ما عنتّم} أي: يعزّ عليه الشّيء الّذي يعنت أمّته ويشقّ عليها؛ ولهذا جاء في الحديث المرويّ من طرقٍ عنه أنّه قال: "بعثت بالحنيفيّة السّمحة" وفي الصّحيح: "إنّ هذا الدّين يسرٌ" وشريعته كلّها سهلةٌ سمحةٌ كاملةٌ، يسيرةٌ على من يسّرها اللّه تعالى عليه.
{حريصٌ عليكم} أي: على هدايتكم ووصول النّفع الدّنيويّ والأخرويّ إليكم.
قال الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الحضرميّ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن فطر، عن أبي الطّفيل، عن أبي ذرٍّ قال. تركنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وما طائرٌ يقلّب جناحيه في الهواء إلّا وهو يذكّرنا منه علمًا -قال: وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما بقي شيءٌ يقرب من الجنّة ويباعد من النّار إلّا وقد بيّن لكم".
وقال الإمام أحمد: حدثنا [أبو] فطن، حدثنا السعودي، عن الحسن بن سعدٍ، عن عبدة النّهدي، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اللّه لم يحرّم حرمة إلّا وقد علم أنّه سيطّلعها منكم مطّلع، ألا وإنّي آخذٌ بحجزكم أن تهافتوا في النّار، كتهافت الفراش، أو الذّباب".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسن بن موسى، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتاه ملكان، فيما يرى النّائم، فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه. فقال الّذي عند رجليه للّذي عند رأسه: اضرب مثل هذا ومثل أمّته. فقال: إنّ مثله ومثل أمّته كمثل قومٍ سفرٍ انتهوا إلى رأس مفازةٍ فلم يكن معهم من الزّاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجلٌ في حلّة حبرة فقال: أرأيتم إن وردت بكم رياضًا معشبةً، وحياضًا رواءً تتّبعوني؟ فقالوا: نعم. قال: فانطلق بهم، فأوردهم رياضًا معشبةً، وحياضًا رواءً، فأكلوا وشربوا وسمنوا، فقال لهم: ألم ألفكم على تلك الحال، فجعلتم لي إن وردت بكم رياضًا معشبةً وحياضًا رواءً أن تتّبعوني؟ فقالوا: بلى. قال: فإنّ بين أيديكم رياضًا هي أعشب من هذه، وحياضًا هي أروى من هذه، فاتّبعوني. فقالت طائفةٌ: صدق، واللّه لنتبعنّه وقالت طائفةٌ: قد رضينا بهذا نقيم عليه.
وقال البزّار: حدّثنا سلمة بن شبيبٍ وأحمد بن منصورٍ قالا حدّثنا إبراهيم بن الحكم بن أبانٍ حدّثنا أبي، عن عكرمة عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه؛ أنّ أعرابيًّا جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليستعينه في شيءٍ -قال عكرمة: أراه قال: "في دمٍ" -فأعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا، ثمّ قال: "أحسنت إليك؟ " قال الأعرابيّ: لا ولا أجملت. فغضب بعض المسلمين، وهمّوا أن يقوموا إليه، فأشار رسول اللّه إليهم: أن كفّوا. فلمّا قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبلغ إلى منزله، دعا الأعرابيّ إلى البيت، فقال له: "إنّك جئتنا فسألتنا فأعطيناك، فقلت ما قلت" فزاده رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا، وقال: "أحسنت إليك؟ " فقال الأعرابيّ: نعم، فجزاك اللّه من أهلٍ وعشيرةٍ خيرًا. قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّك جئتنا تسألنا فأعطيناك، فقلت ما قلت، وفي أنفس أصحابي عليك من ذلك شيءٌ، فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يديّ، حتّى يذهب عن صدورهم". قال: نعم. فلمّا جاء الأعرابيّ. قال إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه، فقال ما قال، وإنّا قد دعوناه فأعطيناه فزعم أنّه قد رضي، [كذلك يا أعرابيّ؟] قال الأعرابيّ: نعم، فجزاك اللّه من أهلٍ وعشيرةٍ خيرًا. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ مثلي ومثل هذا الأعرابيّ كمثل رجلٍ كانت له ناقةٌ، فشردت عليه، فاتّبعها النّاس فلم يزيدوها إلّا نفورًا. فقال لهم صاحب النّاقة: خلّوا بيني وبين ناقتي، فأنا أرفق بها، وأعلم بها. فتوجّه إليها وأخذ لها من قتام الأرض، ودعاها حتّى جاءت واستجابت، وشدّ عليها رحلها وإنّه لو أطعتكم حيث قال ما قال لدخل النّار". ثمّ قال البزّار: لا نعلمه يروى إلّا من هذا الوجه.
قلت: وهو ضعيفٌ بحال إبراهيم بن الحكم بن أبانٍ، واللّه أعلم.
وقوله: {بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} كما قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين. فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون. وتوكّل على العزيز الرّحيم} [الشّعراء: 215-217].
وهكذا أمره تعالى.
وهذه الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: {فإن تولّوا} أي: تولّوا عمّا جئتهم به من الشّريعة العظيمة المطهّرة الكاملة الشّاملة، {فقل حسبي اللّه} أي: اللّه كافيّ، لا إله إلّا هو عليه توكّلت، كما قال تعالى: {ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا} [المزّمّل: 9].
{وهو ربّ العرش العظيم} أي: هو مالك كلّ شيءٍ وخالقه، لأنّه ربّ العرش العظيم، الّذي هو سقف المخلوقات وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورون بقدرة اللّه تعالى، وعلمه محيطٌ بكلّ شيءٍ، وقدره نافذٌ في كلّ شيءٍ، وهو على كلّ شيءٍ وكيلٍ.
قال عبد اللّه بن الإمام أحمد: حدّثني محمّد بن أبي بكرٍ، حدّثنا بشر بن عمر، حدّثنا شعبة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، عن أبيّ بن كعبٍ قال: آخر آيةٍ نزلت من القرآن هذه الآية: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} إلى آخر السّورة.
وقال عبد اللّه بن الإمام أحمد: حدّثنا روح بن عبد المؤمن، حدّثنا عمر بن شقيقٍ، حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، رضي اللّه عنه؛ أنّهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكرٍ، رضي اللّه عنه، فكان رجالٌ يكتبون ويملي عليهم أبيّ بن كعبٍ، فلمّا انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءةٌ: {ثمّ انصرفوا صرف اللّه قلوبهم بأنّهم قومٌ لا يفقهون} [التّوبة: 127]، فظنّوا أنّ هذا آخر ما أنزل من القرآن. فقال لهم أبيّ بن كعبٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقرأني بعدها آيتين: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} إلى: {وهو ربّ العرش العظيم} قال: "هذا آخر ما أنزل من القرآن" قال: فختم بما فتح به، باللّه الّذي لا إله إلّا هو، وهو قول اللّه تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25] غريبٌ أيضًا.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن بحرٍ، حدّثنا محمّد بن سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يحيى بن عبّاد، عن أبيه عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير، رضي اللّه عنه، قال: أتى الحارث بن خزمة بهاتين الآيتين من آخر براءةٌ: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم} إلى عمر بن الخطّاب، فقال: من معك على هذا؟ قال: لا أدري، واللّه إنّي لأشهد لسمعتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ووعيتها وحفظتها. فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -ثمّ قال: لو كانت ثلاث آياتٍ لجعلتها سورةً على حدةٍ، فانظروا سورةً من القرآن، فضعوها فيها. فوضعوها في آخر براءةٌ.
وقد تقدّم أنّ عمر بن الخطّاب هو الّذي أشار على أبي بكرٍ الصّديق، رضي اللّه عنهما، بجمع القرآن، فأمر زيد بن ثابتٍ فجمعه. وكان عمر يحضرهم وهم يكتبون ذلك. وفي الصّحيح أنّ زيدًا قال: فوجدت آخر سورة "براءةٌ" مع خزيمة بن ثابتٍ -أو: أبي خزيمة وقدّمنا أنّ جماعةً من الصّحابة تذكّروا ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كما قال خزيمة بن ثابتٍ حين ابتدأهم بها، واللّه أعلم.
وقد روى أبو داود، عن يزيد بن محمّدٍ، عن عبد الرّزّاق بن عمر -وقال: كان من ثقات المسلمين من المتعبّدين، عن مدرك بن سعدٍ -قال يزيد: شيخٌ ثقةٌ -عن يونس بن ميسرة، عن أمّ الدّرداء، عن أبي الدّرداء قال: من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي اللّه لا إله إلّا هو، عليه توكّلت، وهو ربّ العرش العظيم، سبع مرّاتٍ، إلّا كفاه اللّه ما أهمّه.
وقد رواه ابن عساكر في ترجمة "عبد الرّزّاق بن عمر" هذا، من رواية أبى زرعة الدّمشقيّ، عنه، عن أبي سعدٍ مدرك بن أبي سعدٍ الفزاريّ، عن يونس بن ميسرة بن حليسٍ، عن أمّ الدّرداء، سمعت أبا الدّرداء يقول: ما من عبدٍ يقول: حسبي اللّه، لا إله إلّا هو، عليه توكّلت، وهو ربّ العرش العظيم، سبع مرّاتٍ، صادقًا كان بها أو كاذبًا، إلّا كفاه اللّه ما همّه.
وهذه زيادةٌ غريبةٌ. ثمّ رواه في ترجمة عبد الرّزّاق أبي محمّدٍ، عن أحمد بن عبد اللّه بن عبد الرّزّاق، عن جدّه عبد الرّزّاق بن عمر، بسنده فرفعه فذكر مثله بالزّيادة. وهذا منكرٌ، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 241-244]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة