تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187)}
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مالك بن مغول، قال: سمعت إسماعيل بن رجاء يحدث عن الشعبي، قال: لقي جبريل عيسى صلى الله عليهما، فقال: السلام عليك يا روح الله، فقال: وعليك يا روح الله، قال: يا جبريل، متى الساعة؟ فانتفض في أجنحته، ثم قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل {ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة}، أو قال: {لا يجليها لوقتها إلا هو} [سورة الأعراف: 187]).[الزهد لابن المبارك: 2/ 100-101]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر والكلبي في قوله تعالى: {ثقلت}؛ فلا ثقل علمها على السماوات والأرض أنهم لا يعلمون.
قال معمر، وقال الحسن: إذا جاءت ثقلت على أهل السماء وأهل الأرض يقول كبرت عليهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 244-245]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الكلبي، في قوله تعالى: {كأنك حفي عنها}؛ يقول: كأنك عالم بها). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 245]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (وقال معمر، وقال قتادة، وقالت قريش: يا محمد إن بيننا وبينك قرابة فأسرر إلينا متى تقوم الساعة قال الله تعالى: {يسألونك كأنك حفي عنها}؛ يقول: كأنك حفي بهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 245]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): (قوله تعالى: {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها} إلى قوله تعالى: {يسألونك كأنّك حفيٌّ عنها قل إنّما علمها عند الله}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، قال: كان ابن عبّاسٍ يقرأ: {كأنك حفي بها} .
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو الأحوص، عن خصيف، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {كأنّك حفيٌّ عنها} - يقول: كأنّك حفيٌّ بهم حتّى يسألونك عن السّاعة). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 171-172]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {أيّان مرساها}؛ متى خروجها» ).[صحيح البخاري: 6/ 59]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {أيّان مرساها}؛ متى خروجها هو قول أبي عبيدة أيضًا وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن بن عبّاسٍ، في قوله: {مرساها}؛ أي منتهاها ومن طريق قتادة قال قيامها). [فتح الباري: 8/ 301]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {أيان مرساها}؛ أي متى خروجها، واشتقاق أيان من أي لأن معناه أي وقت وسقط لغير أبوي ذر والوقت: أيان مرساها الخ). [إرشاد الساري: 7/ 126]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها قل إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو}.
اختلف أهل التّأويل في الّذين عنوا بقوله: {يسألونك عن السّاعة} فقال بعضهم: عني بذلك قوم رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- من قريشٍ، وكانوا سألوا عن ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: قالت قريشٌ لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ بيننا وبينك قرابةً، فأسرّ إلينا متى السّاعة، فقال اللّه: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها}.
وقال آخرون: بل عني به قومٌ من اليهود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال حمل بن أبي قشيرٍ وسمول بن زيدٍ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد أخبرنا متى السّاعة إن كنت نبيًّا كما تقول، فإنّا نعلم متى هي، فأنزل اللّه تعالى: {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها قل إنّما علمها عند ربّي} إلى قوله: {ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن طارق بن شهابٍ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يزال يذكر من شأن السّاعة حتّى نزلت: {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها}.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ قومًا سألوا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن السّاعة، فأنزل اللّه هذه الآية، وجائزٌ أن يكون كانوا من قريشٍ، وجائزٌ أن يكونوا كانوا من اليهود، ولا خبر بذلك عندنا يجوز قطع القول على أيّ ذلك كان.
فتأويل الآية إذن: يسألك القوم الّذين يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها، يقول: متى قيامها.
ومعنى أيّان: متى في كلام العرب، ومنه قول الرّاجز:
أيّان تقضي حاجتي إيّانا ....... أما ترى لنجحها إبّان
ومعنى قوله: {مرساها} قيامها، من قول القائل: أرساها اللّه فهي مرساةٌ، وأرساها القوم: إذا حبسوها، ورست هي ترسو رسوًّا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها}؛ يقول متى قيامها.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها}؛ متى قيامها.
وقال آخرون: معنى ذلك: منتهاها. وذلك قريب المعنى من معنى من قال: معناه: قيامها، لأنّ انتهاءها بلوغها وقتها. وقد بيّنّا أنّ أصل ذلك الحبس والوقوف.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها} يعني: منتهاها.
وأمّا قوله: {قل إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو} فإنّه أمرٌ من اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بأن يجيب سائليه عن السّاعة بأنّه لا يعلم وقت قيامها إلاّ اللّه الّذي يعلم الغيب، وأنّه لا يظهرها لوقتها ولا يعلمها غيره جلّ ذكره.
- كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {قل إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها} لوقتها إلاّ هو يقول: علمها عند اللّه، هو يجلّيها لوقتها، لا يعلم ذلك إلاّ اللّه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {لا يجلّيها} يأتي بها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ: {لا يجلّيها} لا يأتي بها {إلاّ هو}.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو}؛ يقول: لا يرسلها لوقتها إلاّ هو.
القول في تأويل قوله تعالى: {ثقلت في السّموات والأرض لاّ تأتيكم إلاّ بغتةً}؛
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ثقلت السّاعة على أهل السّموات والأرض أن يعرفوا وقتها ومجيئها لخفائها عنهم واستئثار اللّه بعلمها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ثقلت في السّموات والأرض}؛ يقول: خفيت في السّموات والأرض، فلم يعلم قيامها متى تقوم ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيّ مرسلٌ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، جميعًا، عن معمرٍ، عن بعض، أهل التّأويل: {ثقلت في السّموات والأرض}؛ قال: ثقل علمها على أهل السّموات وأهل الأرض أنّهم لا يعلمون.
وقال آخرون: معنى ذلك: أنّها كبرت عند مجيئها على أهل السّموات والأرض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، وحدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، جميعًا، عن معمرٍ، قال: قال الحسن في قوله: {ثقلت في السّموات والأرض}؛ يعني: إذا جاءت ثقلت على أهل السّماء وأهل الأرض. يقول: كبرت عليهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ثقلت في السّموات والأرض} قال: إذا جاءت انشقّت السّماء، وانتثرت النّجوم، وكوّرت الشّمس، وسيّرت الجبال، وكان ما قال اللّه، فذلك ثقلها.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: قال بعض النّاس في {ثقلت}: عظمت.
وقال آخرون: معنى قوله: {في السّموات والأرض} على السّموات والأرض.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ثقلت في السّموات والأرض}؛ أي: على السّموات والأرض.
قال أبو جعفرٍ: وأولى ذلك عندي بالصّواب، قول من قال: معنى ذلك: ثقلت السّاعة في السّموات والأرض على أهلها أن يعرفوا وقتها وقيامها؛ لأنّ اللّه أخفى ذلك عن خلقه، فلم يطلع عليه منهم أحدًا. وذلك أنّ اللّه أخبر بذلك بعد قوله: {قل إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو} وأخبر بعده أنّها لا تأتي إلاّ بغتةً، فالّذي هو أولى أن يكون ما بين ذلك أيضًا خبرًا عن خفاء علمها عن الخلق؛ إذ كان ما قبله وما بعده كذلك.
وأمّا قوله: {لا تأتيكم إلاّ بغتةً} فإنّه يقول: لا تجيء السّاعة إلاّ فجأةً، لا تشعرون بمجيئها.
- كما حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لا تأتيكم إلاّ بغتةً} يقول: يبغتهم قيامها، تأتيهم على غفلةٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {لا تأتيكم إلاّ بغتةً}؛ قضى اللّه أنّها لا تأتيكم إلاّ بغتةً. قال: وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: «إنّ السّاعة تهيج بالنّاس والرّجل يصلح حوضه والرّجل يسقي ماشيته والرّجل يقيم سلعته في السّوق والرّجل يخفض ميزانه ويرفعه».
القول في تأويل قوله تعالى: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها قل إنّما علمها عند اللّه ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: يسألك هؤلاء القوم عن السّاعة، {كأنّك حفيّ عنها}.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {كأنّك حفيّ عنها}.
فقال بعضهم: يسألونك عنها كأنّك حفيّ بهم. وقالوا: معنى قوله: {عنها} التّقديم وإن كان مؤخّرًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها} يقول: كأنّ بينك وبينهم مودةً، كأنّك صديقٌ لهم. قال ابن عبّاسٍ: لمّا سأل النّاس محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم عن السّاعة سألوه سؤال قومٍ كأنّهم يرون أنّ محمّدًا حفيّ بهم، فأوحى اللّه إليه: إنّما علمها عنده، استأثر بعلمها، فلم يطلع عليها ملكًا ولا رسولاً.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال قتادة: قالت قريشٌ لمحمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: إنّ بيننا وبينك قرابةً، فأسرّ إلينا متى السّاعة، فقال اللّه: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها} أي: حفيّ بهم. قال: قالت قريشٌ: يا محمّد أسرّ إلينا علم السّاعة لما بيننا وبينك من القرابة، لقرابتنا منك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، وهانئ بن سعيدٍ، عن حجّاجٍ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، وعكرمة: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها}؛ قال: حفيّ بهم حين يسألونك.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها} قال: قرّبت منهم، وتحفى عليهم قال: وقال أبو مالكٍ: كأنّك حفيّ بهم، قال: قريبٌ منهم، وتحفى عليهم. قال: وقال أبو مالكٍ: كأنّك حفيّ بهم فتحدّثهم.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها} كأنّك صديقٌ لهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كأنّك قد استحفيت المسألة عنها فعلمتها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {كأنّك حفيّ عنها}؛ استحفيت عنها السّؤال حتّى علمتها.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {كأنّك حفيّ عنها}؛ قال: استحفيت عنها السّؤال حتّى علمت وقتها.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها}؛ قال: كأنّك عالمٌ بها.
- قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها}؛ قال: كأنّك تعلمها.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثني عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك، قوله: {يسألونك كأنّك حفيّ عنها}؛ يقول: يسألونك عن السّاعة، كأنّك عندك علمًا منها. {قل إنّما علمها عند ربّي}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن بعضهم: كأنّك حفيّ عنها كأنّك عالمٌ بها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كأنّك حفيّ عنها}؛ قال: كأنّك عالمٌ بها. وقال: أخفى علمها على خلقه. وقرأ: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة}؛ حتّى ختم السّورة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يسألونك كأنّك حفيٌّ عنها} يقول: كأنّك يعجبك سؤالهم إيّاك. {قل إنّما علمها عند اللّه} وقوله: {كأنّك حفيّ عنها} يقول: لطيفٌ بها.
فوجّه هؤلاء تأويل قوله: {كأنّك حفيّ عنها}؛ أي: حفيّ بها، وقالوا: تقول العرب: تحفّيت له في المسألة، وتحفّيت عنه. قالوا: ولذلك قيل: أتينا فلانًا نسأل به، بمعنى نسأل عنه.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معناه: كأنّك حفيّ بالمسألة عنها فتعلمها.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {حفيّ عنها}؛ ولم يقل حفيّ بها، إن كان ذلك تأويل الكلام؟
قيل: إنّ ذلك قيل كذلك؛ لأنّ الحفاوة إنّما تكون في المسألة، وهي البشاشة للمسئول عند المسألة، والإكثار من السّؤال عنه، والسّؤال يوصل بعن مرّةً وبالباء مرّةً، فيقال: سألت عنه، وسألت به، فلمّا وضع قوله: {حفيّ} موضع السّؤال، وصل بأغلب الحرفين اللّذين يوصل بهما السّؤال، وهو عن، كما قال الشّاعر:
سؤال حفيٍّ عن أخيه كأنّه ....... يذكّره وسنان أو متواسن
وأمّا قوله: {قل إنّما علمها عند اللّه}؛ فإنّ معناه: قل يا محمّد لسائليك عن وقت السّاعة وحين مجيئها: لا علم لي بذلك، ولا يعلم به إلاّ اللّه الّذي يعلم غيب السّموات والأرض. {ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} يقول: ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون أنّ ذلك لا يعلمه إلاّ اللّه، بل يحسبون أنّ علم ذلك يوجد عند بعض خلقه). [جامع البيان: 10/ 604-615]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها قل إنّما علمها عند ربّي لا يجلّيها لوقتها إلّا هو ثقلت في السّماوات والأرض لا تأتيكم إلّا بغتةً يسألونك كأنّك حفيٌّ عنها قل إنّما علمها عند اللّه ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (187)}
قوله تعالى: {يسألونك عن السّاعة}؛
- حدّثنا أحمد بن يحيى بن مالكٍ السّوسيّ، ثنا حجاج ابن محمّدٍ قال: قال ابن جريجٍ، أخبرني أبو الزّبير أنّه سمع جابر بن عبد اللّه قال: سمعت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قبل أن يموت بشهرٍ قال:«تسألوني عن السّاعة وإنّما علمها عند اللّه وأقسم باللّه ما على ظهر الأرض اليوم من نفسٍ منفوسةٍ يأتي عليه مائة سنةٍ».
قوله تعالى: {أيّان}؛
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباط، عن السّدّيّ قوله: {أيّان}؛ يعني متى.
قوله تعالى: {مرساها}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: قوله: {أيّان مرساها}؛ يعني منتهاها.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن المفضّل ثنا أسباطٌ عن السدى {يسئلونك عن السّاعة أيّان مرساها}؛ يقول: متى قيامها.
قوله تعالى: {قل إنّما علمها عند ربّي}؛
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن الصّبّاح، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، أنبأ إبراهيم ابن عقيلٍ عن أبيه عن وهب بن منبّهٍ أخبرني جابر بن عبد اللّه أنّه سمع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول قبل أن يموت بشهرٍ:«تسألوني عن السّاعة وإنّما علمها عند ربّي وأقسم باللّه ما على الأرض اليوم من نفسٍ منفوسةٍ يأتي عليها مائة سنةٍ».
- ثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس، ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: {قل إنّما علمها عند ربّي}؛ يقول: علمها عند اللّه، هو يجلها لوقتها، لا يعلم ذلك إلا اللّه.
قوله تعالى: {لا يجلّيها لوقتها إلا هو}؛
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {لا يجلّيها لوقتها إلا هو}؛ لا يأتي بها إلا اللّه.
قوله تعالى: {إلا هو}؛
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أي نجيحٍ، عن مجاهدٍ:{لا يجلّيها لوقتها إلا هو}؛ يقول: لا يأتي بها إلا اللّه.
قوله تعالى: {ثقلت في السماوات والأرض}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: قوله: {ثقلت في السماوات والأرض}؛ قال: ليس شيءٌ من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: {ثقلت في السماوات والأرض}؛ قال: ثقل علمها على أهل السّموات والأرض أنّهم لا يعلمون، قال معمرٌ، وقال الحسن: إذا جاءت ثقلت على أهل السّموات والأرض يقول: كبرت عليهم.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ثقلت في السماوات والأرض}؛ يقول: خفيت في السّموات والأرض فلم يعلم قيامها متى تقوم ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيّ مرسلٌ.
قوله تعالى: {لا تأتيكم إلا بغتةً}؛
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: {لا تأتيكم إلا بغتةً}؛ قضى اللّه أنّها لا تأتيكم إلّا بغتةً.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {لا تأتيكم إلا بغتةً}؛ فتبغتهم قيامها تأتيهم على غفلةٍ.
قوله تعالى: {يسئلونك كأنّك حفيّ عنها}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: {كأنّك حفيّ عنها}؛ يقول: كأنّك عالمٌ بها أي ليس تعلمها.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {يسئلونك كأنّك حفيّ عنها} يقول: لطيفٌ بها يعني كأنّك يعجبك سؤالهم إيّاك، وقل إنّما علمها عند اللّه
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي الحسين عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ: قوله: {يسئلونك كأنّك حفيّ عنها}؛ يقول: كأنّ بينك وبينهم مودةً، كأنّك صدّيقٌ لهم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {كأنّك حفيّ عنها استحفيت عنها}؛ السّؤال حتّى علمتها.
- حدّثنا أبي، ثنا منصور بن مزاحمٍ ثنا أبو سعيدٍ المؤدّب عن خصيفٍ عن مجاهدٍ في قوله: {يسئلونك كأنّك حفيّ عنها}؛ قال: كأنّك حفيّ بهم تشتهي أن يسألوك عنها يعني السّاعة.
- حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، حدّثني أبي أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه، ثنا عمر ويعني ابن أبي قيسٍ عن سماكٍ عن عكرمة في قوله: {يسئلونك كأنّك حفيّ عنها}؛ قال: قد أتينا منك وبحثنا عليك
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس ثنا يزيد عن سعيد عن قتادة {يسئلونك كأنّك حفيّ عنها}؛ أي حفيٌّ بهم قد قالت ذلك قريشٌ، يا محمّد انشر لنا أو نشر إلينا علم السّاعة كما بيننا وبينك لقرابتنا منك.
قوله تعالى: {قل إنّما علمها عند اللّه ... الآية}؛
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن جدّي عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا سأل النّاس محمّدًا -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن السّاعة سألوه سؤال قومٍ كأنّهم يرون أنّ محمّدًا حفيّ بهم فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه إنّما علمها عند اللّه استأثر بعلمها فلم يطّلع عليها ملكٌ ولا رسولٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1626-1629]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم: قال ثنا ورقاء: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: يسألونك كأنك حفي عنها يقول كأنك استحفيت عنها السؤال حتى علمتها). [تفسير مجاهد: 251-252]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {لا يجليها لوقتها}؛ إلا هو يقول لا يأتي بها إلا هو). [تفسير مجاهد: 252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن إسحاق، وابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: قال حمل بن أبي قشير وسمول بن زيد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول فإنا نعلم ما هي؟ فأنزل الله: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي} إلى قوله: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها}؛ أي متى قيامتها، {قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو}؛ قال: قالت قريش: يا محمد أسر إلينا الساعة لما بيننا وبينك من القرابة، قال: {يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله}؛ قال: وذكر لنا أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول:«تهج الساعة بالناس: والرجل يسقي على ماشيته والرجل يصلح حوضه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه والرجل يقيم سلعته في السوق قضاء الله لا تأتيكم إلا بغتة».
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أيان مرساها}؛ قال: منتهاها.
- وأخرج أحمد عن حذيفة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة قال:«{علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو}؛ ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها إن بين يديها فتنة وهرجا»، قالوا: يا رسول الله الفتنة قد عرفناها الهرج ما هو؟ قال بلسان الحبشة: «القتل».
- وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الساعة وأنا شاهد. فقال:«لا يعلمها إلا الله ولا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأخبركم بمشاريطها ما بين يديها من الفتن والهرج»، فقال رجل: وما الهرج يا رسول الله؟ قال بلسان الحبشة: «القتل وأن تجف قلوب الناس ويلقي بينهم التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا ويرفع ذو الحجا ويبقى رجراجة من الناس لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا».
- وأخرج مسلم، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول قبل أن يموت بشهر: «تسألوني عن الساعة وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على ظهر الأرض يوم من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة».
- وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الشعبي قال: لقي عيسى جبريل فقال: السلام عليك يا روح الله، قال: وعليك يا روح الله، قال: يا جبريل متى الساعة فانتفض جبريل في أجنحته ثم قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة أو قال: {لا يجليها لوقتها إلا هو}.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {لا يجليها لوقتها إلا هو} يقول: لا يأتي بها إلا الله.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: هو يجليها لوقتها لا يعلم ذلك إلا الله
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {ثقلت في السماوات والأرض}؛ قال: ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة.
- وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ثقلت في السماوات والأرض}؛ قال: ثقل علمها على أهل السموات والأرض إنهم لا يعلمون وقال الحسن إذا جاءت ثقلت على أهل السموات والأرض يقول: كبرت عليهم.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {ثقلت في السماوات والأرض}؛ قال: إذا جاءت انشقت السماء وانتثرت النجوم وكورت الشمس وسيرت الجبال وما يصيب الأرض وكان ما قال الله فذلك ثقلها بهما.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {لا تأتيكم إلا بغتة}؛ قال: فجأة آمنين.
- وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تقوم الساعة على رجل أكلته في فيه فلا يلوكها ولا يسيغها ولا يلفظها وعلى رجلين قد نشرا بينهما ثوبا يتبايعانه فلا يطويانه ولا يتبايعانه».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لا تقوم الساعة حتى ينادي مناد: يا أيها الناس أتتكم الساعة ثلاثا.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {لا يجليها لوقتها إلا هو}؛ يقول: لا يرسلها لوقتها إلا هو {ثقلت في السماوات والأرض} يقول: خفيت في السموات والأرض فلم يعلم قيامها متى تقوم ملك مقرب ولا نبي مرسل {لا تأتيكم إلا بغتة}؛ قال: تبغتهم تأتيهم على غفلة.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {كأنك حفي عنها}؛ قال: استحفيت عنها السؤال حتى علمتها.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله: {كأنك حفي عنها}؛ قال أحدهما: عالم بها وقال الآخر: يجب أن يسأل عنها.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {كأنك حفي عنها}؛ قال: استحفيت عنها السؤال حتى علمتها.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله: {كأنك حفي عنها}؛ قال أحدهما: عالم بها وقال الآخر: يجب أن يسأل عنها.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {يسألونك كأنك حفي عنها}؛ يقول: كأنك عالم بها أي لست تعلمها.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {كأنك حفي عنها}؛ قال: لطيف بها.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس {يسألونك كأنك حفي عنها}؛ يقول: كان بينك وبينهم مودة كأنك صديق لهم قال ابن عباس: لما سأل الناس محمد صلى الله عليه وسلم عن الساعة سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمدا حفي بهم فأوحى الله إليه: إنما علمها عنده استأثر بعلمها فلم يطلع عليها ملكا ولا رسولا.
- وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك {يسألونك كأنك حفي عنها} قال: كأنك حفي بهم حين يأتونك يسألونك.
- وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {يسألونك كأنك حفي} بسؤالهم قال: كأنك تحب أن يسألوك عنها.
- وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار قال: كان ابن عباس يقرأ (كأنك حفيء بها).
- وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله: {يسألونك كأنك حفي عنها}؛ قال: كأنك يعجبك أن يسألوك عنها لنخبرك بها فأخفاها منه فلم يخبره فقال: {فيم أنت من ذكراها} [النازعات: 43] وقال: {أكاد أخفيها} [طه: 15] وقراءة أبي (أكاد أخفيها من نفسي).
- وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: قالت قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم: إن بيننا وبينك قرابة فأسر إلينا متى الساعة فقال الله: {يسألونك كأنك حفي عنها}). [الدر المنثور: 6/ 693-699]
تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلاّ ما شاء اللّه ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السّوء إن أنا إلاّ نذيرٌ وبشيرٌ لّقومٍ يّؤمنون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لسائليك عن السّاعة أيّان مرساها: {لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا}؛ يقول: لا أقدر على اجتلاب نفعٍ إلى نفسي، ولا دفع ضرٍّ يحلّ بها عنها إلاّ ما شاء اللّه أن أملكه من ذلك بأن يقوّيني عليه ويعينني. {ولو كنت أعلم الغيب}؛ يقول: لو كنت أعلم ما هو كائنٌ ممّا لم يكن بعد {لاستكثرت من الخير}؛ يقول: لأعددت الكثير من الخير.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في معنى الخير الّذي عناه اللّه بقوله: {لاستكثرت من الخير}؛ فقال بعضهم: معنى ذلك: لاستكثرت من العمل الصّالح.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: قوله: {قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا}؛ قال: الهدى والضّلالة. {لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير}؛ قال: أعلم الغيب متى أموت لاستكثرت من العمل الصّالح.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السّوء}؛ قال: لاجتنبت ما يكون من الشّرّ واتّقيته.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولو كنت أعلم الغيب لأعددت للسّنة المجدبة من المخصبة، ولعرفت الغلاء من الرّخص، واستعددت له في الرّخص.
وقوله: {وما مسّني السّوء} يقول: وما مسّني الضّرّ. {إن أنا إلاّ نذيرٌ وبشيرٌ} يقول: ما أنا إلاّ رسول اللّه أرسلني إليكم، أنذر عقابه من عصاه منكم وخالف أمره، وأبشّر بثوابه وكرامته من آمن به وأطاعه منكم وقوله: {لقومٍ يؤمنون} يقول: يصدّقون بأنّي للّه رسولٌ، ويقرّون بحقّيّة ما جئتهم به من عنده). [جامع البيان: 10/ 615-617]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلّا ما شاء اللّه ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السّوء إن أنا إلّا نذيرٌ وبشيرٌ لقومٍ يؤمنون (188)}
قوله تعالى:{قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء اللّه}؛
- حدّثنا أبي، ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا}؛ ضلالةً إلا ما شاء اللّه.
قوله تعالى: {ولو كنت أعلم الغيب}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير}؛ قال: لعلمت إذا اشتريت شيئًا ما أربح فيه فلا أبيع شيئًا إلا ربحت فيه ولا يصيبني الفقر.
- حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن القاسم بن عطيّة، ثنا الحسن بن داود بن محمد ابن المنكدر ثنا عبد الرّزّاق، أنبأ الثّوريّ عن منصورٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير}؛ قال: ولو كنت أعلم متى أموت لعملت عملاً صالحًا.
قوله تعالى: {لاستكثرت من الخير}؛
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عمران بن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير}؛ من المال.
قوله تعالى: {وما مسّني السّوء}؛
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: {وما مسّني السّوء}؛ قال: الفقر.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: {وما مسّني السّوء}؛ قال: لاجتنبت ما يكون من الشّرّ قبل أن يكون وأتّقيه.
قوله تعالى: {إن أنا إلا نذيرٌ}؛
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحمن بن صالحٍ ثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الفزاريّ عن شيبان النّحويّ، أخبرنا قتادة عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ: قوله: {نذيرٌ}؛ قال: نذيرٌ من النّار.
قوله تعالى: {وبشيرٌ لقومٍ يؤمنون}؛
- وبه عن ابن عبّاسٍ: قوله: {وبشيرٌ}؛ قال: بشّر بالجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1629-1630]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير}؛ قال: لعلمت إذا اشتريت شيئا ما أربح فيه فلا أبيع شيئا إلا ربحت فيه {وما مسني السوء}؛ قال: ولا يصيبني الفقر.
- وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا}؛ قال: الهدى والضلالة، {ولو كنت أعلم الغيب}؛ متى أموت، {لاستكثرت من الخير}؛ قال: العمل الصالح.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله: {وما مسني السوء}، قال: لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون). [الدر المنثور: 6/ 699]