العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة فاطر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:31 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة فاطر [ من الآية (1) إلى الآية (4) ]

تفسير سورة فاطر
[ من الآية (1) إلى الآية (4) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 12:44 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الحمد للّه فاطر السّموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: الشّكر الكامل للمعبود الّذي لا تصلح العبادة إلاّ له، ولا ينبغي أن تكون لغيره خالق السّموات السّبع والأرض {جاعل الملائكة رسلاً} إلى من يشاء من عباده، وفيما شاء من أمره ونهيه {أولي أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع} يقول أصحاب أجنحة: يعني ملائكةً، فمنهم من له اثنان من الأجنحة، ومنهم من له ثلاثة أجنحةٍ، ومنهم من له أربعةٌ.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أولي أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع} قال بعضهم: له جناحان، وبعضهم: ثلاثةٌ، وبعضهم أربعةٌ.
واختلف أهل العربيّة في علّة ترك إجراء مثنى وثلاث ورباع، وهي ترجمةٌ عن أجنحةٍ، وأجنحةٌ نكرةٌ، فقال بعض نحويّي البصرة ترك إجراؤهنّ لأنّهنّ مصروفاتٌ عن وجوههنّ، وذلك أنّ {مثنى} مصروفٌ عن اثنين، {وثلاث} عن ثلاثةٍ، {ورباع} عن أربعةٍ، فصرن نظير عمر، وزفر، إذ صرف هذا عن عامرٍ إلى عمر، وهذا عن زافرٍ إلى زفر، وأنشد بعضهم في ذلك:
ولقد قتلتكم ثناءً وموحدًا = وتركت مرّة مثل أمس المدبر
وقال آخر منهم: لم يصرف ذلك لأنّه يوهم به الثّلاثة والأربعة، قال: وهذا لا يستعمل إلاّ في حال العدد وقال بعض نحويّي الكوفة: هنّ مصروفاتٌ عن المعارف، لأنّ الألف واللاّم لا تدخلها، والإضافة لا تدخلها؛ قال: ولو دخلتها الإضافة والألف واللاّم لكانت نكرةً، وهي ترجمةٌ عن النّكرة؛ قال: وكذلك ما كان في القرآن، مثل: {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى}، وكذلك وحاد وأحاد، وما أشبهه من مصروف العدد.
وقوله: {يزيد في الخلق ما يشاء} وذلك زيادته تبارك وتعالى في خلق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء، ونقصانه ذلك من هذا الآخر ما أحبّ، وكذلك ذلك في جميع خلقه يزيد ما يشاء في خلق ما شاء منه، وينقص ما شاء من خلق ما شاء، له الخلق والأمر، وله القدرة والسّلطان {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} يقول: إنّ اللّه تعالى ذكره قديرٌ على زيادة ما شاء من ذلك فيما شاء، ونقصان ما شاء منه ممّن شاء، وغير ذلك من الأشياء كلّها، لا يمتنع عليه فعل شيءٍ أراده سبحان ه وتعالى). [جامع البيان: 19/326-327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1.
أخرج أبو عبيد في فضائله، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت لا أدري ما {فاطر السماوات والأرض} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال: ابتدأتها). [الدر المنثور: 12/250]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال: بديع السموات والأرض). [الدر المنثور: 12/250]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: كل شيء في القرآن {فاطر السماوات والأرض} فهو خالق السموات والأرض). [الدر المنثور: 12/251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {جاعل الملائكة رسلا} قال: إلى العباد). [الدر المنثور: 12/251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاطر السماوات والأرض} قال: خالق السموات والأرض {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} قال: بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة أجنحة وبعضهم له أربعة أجنحة). [الدر المنثور: 12/251]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أولي أجنحة مثنى} قال: للملائكة الأجنحة من اثنين إلى ثلاثة إلى اثني عشر وفي ذلك وتر الثلاثة الأجنحة والخمسة والذين على الموازين فطران وأصحاب الموازين أجنحتهم عشرة، عشرة، وأجنحة الملائكة زغبة ولجبريل ستة أجنحة، جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناحان على عينيه وجناحان، منهم من يقول على ظهره ومنهم من يقول متسرولا بهما). [الدر المنثور: 12/251-252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} يزيد في أجنحتهم وخلقهم ما يشاء). [الدر المنثور: 12/252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {يزيد في الخلق ما يشاء} قال: الصوت الحسن). [الدر المنثور: 12/252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال: حسن الصوت). [الدر المنثور: 12/252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة، أنه سمع أبا التياح يؤذن فقال: من يرد الله أن يجعل رزقه في صوته فعل). [الدر المنثور: 12/252]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يزيد في الخلق ما يشاء} قال: الملاحة في العينين). [الدر المنثور: 12/252]

تفسير قوله تعالى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: مفاتيح الخير ومغالقه كلّها بيده؛ فما يفتح اللّه للنّاس من خيرٍ فلا مغلق له، ولا ممسك عنهم، لأنّ ذلك أمره، ولا يستطيع ردّ أمره أحدٌ، وكذلك ما يغلق من خيرٍ عنهم فلا يبسطه عليهم، ولا يفتحه لهم، فلا فاتح له سواه، لأنّ الأمور كلّها إليه وله.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ} أي من خيرٍ {فلا ممسك لها} فلا يستطيع أحدٌ حبسها {وما يمسك فلا مرسل له من بعده}.
وقال تعالى ذكره: {فلا ممسك لها} فأنّث ما لذكر الرّحمة من بعده، وقال: {وما يمسك فلا مرسل له من بعده} فذكر للفظ {ما}؛ لأنّ لفظه لفظ مذكّر، ولو أنّث في موضع التّذكير للمعنى، وذكّر في موضع التّأنيث للّفظ جاز، ولكنّ الأفصح من الكلام التّأنيث إذا ظهر بعد ما يدلّ على تأنيثها والتّذكير إذا لم يظهر ذلك.
وقوله: {وهو العزيز الحكيم} يقول: وهو العزيز في نقمته ممّن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته، الحكيم في تدبير خلقه، وفتحه لهم الرّحمة إذا كان فتح ذلك صلاحًا، وإمساكه إيّاه عنهم إذا كان إمساكه حكمةً). [جامع البيان: 19/327-328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 2 - 4
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس} قال: ما يفتح الله للناس من باب توبة {فلا مرسل له من بعده} وهم لا يتوبون). [الدر المنثور: 12/252-253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} يقول (ليس لك من الأمر شيء) (آل عمران 128) ). [الدر المنثور: 12/253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة} أي من خير {فلا ممسك لها} قال: فلا يستطيع أحد حبسها). [الدر المنثور: 12/253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} قال: المطر). [الدر المنثور: 12/253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب قال: سمعت مالكا يحدث أن أبا هريرة رضي الله عنه كان إذا أصبح في الليلة التي يمطرون فيها وتحدث مع أصحابه قال: مطرنا الليلة بنوء الفتح ثم يتلو {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} ). [الدر المنثور: 12/253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس رضي الله عنه قال: أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله {أنعام} وسيجعل الله بعد عسر يسرا {الطلاق} وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها {هود} ). [الدر المنثور: 12/254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عروة يقول في ركوب المحمل: هي والله رحمة فتحت للناس ثم يقول {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} ). [الدر المنثور: 12/254]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمة اللّه عليكم هل من خالقٍ غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض لا إله إلاّ هو فأنّى تؤفكون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره للمشركين به من قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من قريشٍ: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمة اللّه} الّتي أنعمها {عليكم} بفتحه لكم من خير نعمه ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط وفكّروا فانظروا {هل من خالقٍ} لكم سواي فاطر السّموات والأرض الّذي بيده مفاتيح أرزاقكم ومغالقها {يرزقكم من السّماء والأرض} فتعبدوه دونه {لا إله إلاّ هو} يقول: لا معبود تنبغي له العبادة إلاّ الّذي فطر السّموات والأرض، القادر على كلّ شيءٍ، الّذي بيده مفاتح الأشياء وخزائنها، ومغالق ذلك كلّه، فلا تعبدوا أيّها النّاس شيئًا سواه، فإنّه لا يقدر على نفعكم وضرّكم سواه، فله فأخلصوا العبادة، وإيّاه فأفردوا بالألوهة {فأنّى تؤفكون} يقول: فأيّ وجهٍ عن خالقكم ورازقكم الّذي بيده نفعكم وضرّكم تصرفون.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فأنّى تؤفكون} يقول الرّجل: إنّه ليوفك عنّي كذا وكذا وقد بيّنت معنى الإفك، وتأويل قوله: {تؤفكون} فيما مضى بشواهده المغنية عن تكريره). [جامع البيان: 19/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يرزقكم من السماء والأرض} قال: الرزق من السماء: المطر ومن الأرض: النبات). [الدر المنثور: 12/254]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسلٌ من قبلك وإلى اللّه ترجع الأمور (4) يا أيّها النّاس إنّ وعد اللّه حقٌّ فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإن يكذّبك يا محمّد هؤلاء المشركون باللّه من قومك فلا يحزننّك ذاك، ولا يعظمنّ عليك، فإنّ ذلك سنّة أمثالهم من كفرة الأمم باللّه من قبلهم، في تكذيبهم رسل اللّه الّتي أرسلها إليهم من قبلك، ولن يعدو مشركو قومك أن يكونوا مثلهم، فيتّبعوا في تكذيبك منهاجهم، ويسلكوا سبيلهم {وإلى اللّه ترجع الأمور} يقول تعالى ذكره: وإلى اللّه مرجع أمرك وأمرهم، فيحلّ بهم من العقوبة، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتّباعك، والإقرار بنبوّتك، وقبول ما دعوتهم إليه من النّصيحة، نظير ما أحللنا بنظرائهم من الأمم المكذّبة رسلها قبلك، ومنجيك وأتباعك من ذلك سنّتنا بمن قبلك في رسلنا وأوليائنا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسلٌ من قبلك} يعزّي نبيّه كما تسمعون). [جامع البيان: 19/329-330]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 10:06 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الحمد للّه} حمد نفسه وهو أهل الحمد.
{فاطر} خالق.
{السّموات والأرض جاعل الملائكة رسلا} [فاطر: 1] جعل من شاء منهم لرسالته، أي: إلى الأنبياء، كقوله: {اللّه يصطفي من الملائكة رسلا ومن النّاس} [الحج: 75].
قال: {أولي أجنحةٍ} [فاطر: 1] قال: ذوي أجنحةٍ.
{مثنى وثلاث ورباع} [فاطر: 1]
أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحةٍ ومنهم من له أربعة أجنحةٍ.
وحدّثني أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف، عن كعبٍ قال: إنّ أقرب الملائكة إلى اللّه إسرافيل وله أربعة أجنحةٍ، جناحٌ بالمشرق، وجناحٌ بالمغرب، وقد تسرول بالثّالث، والرّابع بينه وبين اللّوح المحفوظ،
[تفسير القرآن العظيم: 2/774]
فإذا أراد اللّه أمرًا أن يوحيه جاء اللّوح حتّى يصفّق جبهة إسرافيل، فيرفع رأسه، فينظر فإذا الأمر مكتوبٌ، فينادي جبريل فيلبّيه فيقول: أمرت بكذا،
أمرت بكذا، فلا يهبط جبريل من سماءٍ إلى سماءٍ إلا فزع أهلها مخافة السّاعة حتّى يقول جبريل: الحقّ من عند الحقّ، فيهبط على النّبيّ فيوحي إليه.
- وأخبرني عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ للّه نهرًا في الجنّة يغتمس فيه جبريل ثمّ يخرج فينتفض، قال: فما من قطرةٍ تقطر من ريشه إلا خلق اللّه منها ملكًا ".
- وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن الحسن أنّ سائلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن خلق الملائكة فقال: من أيّ شيءٍ خلقت؟ فقال: " خلقت من نور الحجب السّبعين الّتي تلي الرّبّ، كلّ حجابٍ منها مسيرة خمس مائة عامٍ، فمنها خلقت الملائكة، فليس ملكٌ إلا هو يدخل في نهر الحياة، فيغتسل فيكون من كلّ قطرةٍ من ذلك الماء ملكًا من
الملائكة، فلا يحصي أحدٌ ما يكون في يومٍ واحدٍ، فهو قوله: {وما يعلم جنود ربّك إلا هو} [المدثر: 31].
قال يحيى: وأخبرني عن ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، قال: يدخل جبريل نهر النّور كلّ يومٍ سبعين مرّةً فيغتمس فيه ثمّ يخرج، فينتفض فيسقط منه سبعون ألف قطرةٍ تعود كلّ قطرةٍ ملكًا يسبّح اللّه إلى يوم القيامة.
قال يحيى: وأخبرني عن عبيد اللّه بن عمر قال: بلغني أنّ في السّماء ملكًا قد عظّمه اللّه وشرّفه، فيه ثلاث مائةٍ وستّون عينًا، بعضها مثل الشّمس وبعضها مثل القمر، وبعضها مثل الزّهرة يسبّح له منذ خلق، كلّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/775]
تسبيحةٍ تخرج من فيه ملكٌ.
قال يحيى: بلغني أنّ للّه تبارك وتعالى ديكًا، براثنه في الأرض السّفلى، وعنقه مثنيّةٌ تحت العرش، إذا بقي الثّلث الآخر من اللّيل خفق بجناحيه ثمّ قال: سبّوحٌ قدّوسٌ ربّ الملائكة والرّوح، فتسمعه الدّيكة فتصرخ لصراخه أو قال: لصوته.
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أذن لي أن أحدّث عن ملكٍ من حملة العرش رجلاه في الأرض السّفلى، وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطّير مسيرة سبع مائة سنةٍ يقول: سبحانك حيث كنت ".
قال يحيى: بلغني أنّ اسمه زروفيل.
قال يحيى: وسمعت بعض أهل العلم يحدّث أنّ ملكًا نصفه نورٌ أو قال: نارٌ ونصفه ثلجٌ يقول: يا مؤلّف بين النّور أو قال: النّار والثّلج ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين.
- سعيدٌ، عن قتادة، عن نوفٍ البكاليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ اللّه خلق الملائكة والجنّ والإنس، فجزأه عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الملائكة وجزءٌ واحدٌ الجنّ والإنس، وجزأ الملائكة عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الكروبيّون الّذين {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون} [الأنبياء: 20] وجزءٌ منهم واحدٌ لرسالته ولخزائنه وما يشاء من أمره، وجزأ الجنّ
والإنس عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الجنّ، والإنس جزءٌ واحدٌ، فلا يولد من الإنس مولودٌ إلا ولد من الجنّ تسعةٌ، وجزأ الإنس عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم يأجوج
[تفسير القرآن العظيم: 2/776]
ومأجوج، وسائرهم سائر بني آدم.
{يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [فاطر: 1] تفسير الحسن: يزيد في أجنحتها ما يشاء). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يزيد في الخلق ما يشاء...}

هذا في الأجنحة التي جعلها لجبريل وميكائيل , يعني : بالزيادة في الأجنحة.). [معاني القرآن: 2/366]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مثنى وثلاث ورباع }: مجازه: اثنين , وثلاثة , وأربعة , فزعم النحويون أنه مما صرف عن وجهه لم ينون فيه , قال صخر بن عمرو:
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا= وتركت مرّة مثل أمس المدبر.). [مجاز القرآن: 2/152]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الحمد للّه فاطر السّماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحةٍ مّثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
قال: {أولي أجنحةٍ مّثنى وثلاث ورباع}: فلم يصرفه لأنه توهم به "الثلاثة" , و"الأربعة", وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد.
وقال في مكان آخر : {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى}, وتقول "ادخلوا أحاد أحاد" كما تقول "ثلاث ثلاث".
وقال الشاعر:
أحمّ الله ذلك من لقاء = أحاد أحاد في شهرٍ حلال). [معاني القرآن: 3/35]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الحمد للّه فاطر السّماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيء قدير (1)}
قال ابن عباس رحمه اللّه: (ما كنت أدري ما فاطر السّماوات والأرض حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر , فقال أحدهما: أنا فطرتها, أي: ابتدأتها).
وقيل :{فاطر السّماوات والأرض }: خالق السّماوات والأرض.
ويجوز : فاطر , وفاطر بالرفع والنصب، والقراءة على خفض: فاطر.
وكذلك: {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}: معنى :أولي : أصحاب أجنحة، وثلاث, ورباع في موضع خفض.
وكذلك مثنى إلا أنه فتح ثلاث, ورباع؛ لأنه لا يتصرف لعلتين إحداهما أنه معدول عن ثلاثة ثلاثة , وأربعة أربعة , واثنين اثنين، فهذه علة.
والعلة الثانية: أن عدوله وقع في حال النّكرة.
قال الشاعر:
ولكنّما أهلي بواد أنيسه= سباغ تبغي الناس مثنى وموحدا
وقوله عزّ وجلّ: {يزيد في الخلق ما يشاء}:يعنى : في خلق الملائكة، والرسل من الملائكة : جبريل , وميكائيل , وإسرافيل, وملك الموت.). [معاني القرآن: 4/261]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {الحمد لله فاطر السموات والأرض}
قال ابن عباس: (ما كنت أدري ما فاطر حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر , فقال أحدهما : أنا فطرتها, أي: ابتدأتها).
ثم قال جل وعز: {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}
الرسل منهم : جبريل , وميكائيل , وإسرافيل, وملك الموت صلى الله عليهم وسلم.
وقوله تعالى: {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}, أي: أصحاب أجنحة: اثنين اثنين , وثلاثة ثلاثة , وأربعة أربعة في كل جانب
ثم قال جل وعز: {يزيد في الخلق ما يشاء}
أي : يزيد في خلق الملائكة ما يشاء
وقال الزهري: (يزيد في الخلق ما يشاء :حسن الصوت) , والأول أولى.). [معاني القرآن: 5/435-436]

تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما يفتح اللّه للنّاس} [فاطر: 2] ما يقسم اللّه للنّاس.
{من رحمةٍ} [فاطر: 2] من الخير والرّزق في تفسير الكلبيّ.
وتفسير السّدّيّ: يعني: ما يرسل اللّه للنّاس من رزقٍ فلا ممسك له.
وتفسير الحسن: ما يقسم اللّه للنّاس من رحمةٍ، ما ينزل من الوحي.
{فلا ممسك لها} [فاطر: 2] لا أحد يستطيع أن يمسك ما يقسم من رحمةٍ.
{وما يمسك فلا مرسل له من بعده} [فاطر: 2] من بعّد اللّه لا يستطيع أحدٌ أن يقسمه {وهو العزيز الحكيم} [فاطر: 2] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {وما يمسك فلا مرسل له...}

ولم يقل: لها، وقد قال قبل ذلك: {مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها}, فكان التأنيث في (لها) لظهور الرحمة, ولو قال: فلا ممسك له لجاز؛ لأن الهاء إنما ترجع على (ما) .
ولو قيل في الثانية: فلا مرسل لها لأن الضمير على الرّحمة جاز، ولكنها لمّا سقطت الرحمة من الثاني ذكّر على (ما) .). [معاني القرآن: 2/366]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}
وقال: {مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها}, فأنث لذكر الرحمة ,{وما يمسك فلا مرسل له من بعده} , فذكر , لأن لفظ (ما) يذكّر.). [معاني القرآن: 3/35]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ}: أي: من غيث.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} أي من رزق). [تأويل مشكل القرآن: 146]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده , وهو العزيز الحكيم (2)}
(يفتح): في موضع جزم على معنى : الشرط والجزاء، وجواب الجزاء : {فلا ممسك لها}, ولو كان فلا ممسك له لجاز لأن " ما " في لفظ تذكيرا، ولكنه لمّا جرى ذكر الرحمة كان فلا ممسك لها أحسن، ألا ترى إلى قوله:{وما يمسك فلا مرسل له من بعده}
ومعنى : ما يفتح الله , أي: ما يأتيهم به من مطر ورزق , فلا يقدر أحد أن يمسكه، وما يمسك اللّه من ذلك فلا يقدر قادر أن يرسله.


ويجوز - ولا أعلم أحدا قرأ به - " ما يفتح اللّه للناس من رحمة وما يمسك " , برفعهما على معنى الذي يفتحه اللّه للناس من رحمة فلا ممسك لها.
والذي يمسك فلا مرسل له، ويجوز " فلا ممسك لها " بالتنوين، وما يمسك فلا مرسل له من بعده، ولا أعلم أحدا قرأ بها فلا تقرأنّ بما لم تثبت فيه رواية , وإن جاء في العربية لأن القراءة سنّة.). [معاني القرآن: 4/262]


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}
أي : ما يأتي به الله جل وعز من الغيث , والرزق , فلا يقدر أحد على رده .
وقال قتادة : (من رحمة من خير , فلا يقدر أحد على حبسه).
وقوله تعالى: {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}
أي: فمن أين تصرفون عن التوحيد , والإيمان بالبعث بعد البراهين والآيات؟!.). [معاني القرآن: 5/437]




تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمت اللّه عليكم} [فاطر: 3] إنّه خلقكم ورزقكم {هل من خالقٍ غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض} [فاطر: 3] ما ينزل من السّماء من المطر وما ينبت في الأرض من النّبات.
{لا إله إلا هو} يقوله للمشركين يحتجّ به عليهم، وهو استفهامٌ، أي: لا خالق ولا رازق غيره، يقول: أنتم تقرّون بأنّ اللّه هو الّذي خلقكم ورزقكم، وأنتم تعبدون من دونه الآلهة.
{فأنّى تؤفكون} [فاطر: 3] فكيف تصرفون عقولكم فتعبدون غير اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {اذكروا نعمت اللّه عليكم...}



وما كان في القرآن من قوله: {اذكروا نعمت اللّه عليكم}, فمعناه: احفظوا، كما تقول: اذكر أيادي عنك , أي: احفظها.
وقوله: {هل من خالقٍ غير اللّه} : تقرأ {غير} , و{غير} , قرأها شقيق بن سلمة : (غير) , وهو وجه الكلام, وقرأها عاصم: {هل من خالقٍ غير اللّه} .


فمن خفض في الإعراب جعل (غير) من نعت الخالق, ومن رفع قال: أردت بغير إلاّ، فلمّا كانت ترتفع ما بعد (إلاّ) جعلت رفع ما بعد (إلاّ) في (غير), كما تقول: ما قام من أحدٍ إلاّ أبوك, وكلّ حسنٌ.
ولو نصبت (غير) إذا أريد بها (إلاّ) , كان صواباً.
العرب تقول: ما أتاني أحد غيرك , والرفع أكثر؛ لأنّ (إلا) تصلح في موضعها.). [معاني القرآن: 2/366]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({اذكروا نعمت اللّه عليكم}: أي : احفظوها, تقول: اذكر أيادي عندك، أي: احفظها, وكل ما كان في القرآن من هذا , فهو مثله.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمت اللّه عليكم هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض لا إله إلّا هو فأنّى تؤفكون (3)}
هذا ذكر بعد قوله:{ما يفتح اللّه للنّاس من رحمة فلا ممسك لها}
فأكد ذلك بأن جعل السؤال لهم :{هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض}.
{هل من خالق غير اللّه}, وقرئت: {هل من خالق غير اللّه} بالرفع، على رفع غير.
المعنى : هل خالق غير اللّه ؟, لأن " من " مؤكدة، وقد قرئ بهما جميعا، غير وغير، وفيها وجه آخر يجوز في العربية نصب (غير).
{ هل من خالق غير اللّه يرزقكم}: ويكون النصب على الاستثناء، كأنّه: هل من خالق إلا اللّه يرزقكم.
{فأنّى تؤفكون}:أي : من أين يقع لكم الإفك والتكذيب بتوحيد اللّه وإنكار البعث.؟.). [معاني القرآن: 4/263]




تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسلٌ من قبلك} [فاطر: 4] يعزّيه بذلك ويأمره بالصّبر.
- وحدّثني أبو أميّة، عن الحسن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «والّذي نفسي بيده ما أحدٌ من هذه الأمّة أصابه من الجهد في اللّه الّذي أصابني».
[تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قال: {وإلى اللّه ترجع الأمور} [فاطر: 4] إليه مصيرها يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/778]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)

: ({وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسل من قبلك وإلى اللّه ترجع الأمور (4)}



هذا تأسّ للنبي صلى الله عليه وسلم: أعلمه الله أنه قد كذبت رسل من قبله، وأعلمه أنه نصرهم , فقال جلّ وعزّ: {فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتّى أتاهم نصرنا}.
{وإلى اللّه ترجع الأمور}:وترجع الأمور، المعنى : الأمر راجع إلى اللّه في مجازاة من كذّب، ونصرة من كذّب من رسله.). [معاني القرآن: 4/263]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 10:07 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألته عن أحاد وثناء ومثنى وثلاث ورباع فقال هو بمنزلة أخر إنما حده واحداً واحداً واثنين اثنين فجاء محدوداً عن وجهه فترك صرفه.
قلت: أفتصرفه في النكرة قال لا لأنه نكرة يوصف به نكرة وقال لي قال أبو عمرو: {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} صفةٌ كأنك قلت أولي أجنحةٍ اثنين اثنين وثلاثةٍ ثلاثةٍ وتصديق قول أبي عمروٍ قول ساعدة بن جؤية:
وعاودني ديني فبتّ كأنّما = خلال ضلوع الصّدر شرعٌ ممدّد).
[الكتاب: 3/225]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن المعدول قولهم: مثنى، وثلاث، ورباع، وكذلك ما بعده. وإن شئت جعلت مكان مثنى ثناء يا فتى حتى يكون على وزن رباع وثلاث. وكذلك أحاد، وإن شئت قلت: موحد؛ كما قلت مثنى. قال الله عز وجل: {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} وقال عز وجل: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}. قال الشاعر:
منت لك أن تلاقيني المنايا = أحاد أحاد في شهر حلال
وقال الآخر:
ولكنما أهلـي بـوادٍ أنـيسـه = ذئابٌ تبغى الناس مثنى وموحد
وتأويل العدل في هذا: أنه أراد واحداً واحداً، واثنين اثنين. ألا تراه يقول: {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} والعدل يوجب التكثير؛ كما أن يا فسق مبالغة في قولك: يا فاسق وكذلك يا لكع، ويا لكاع). [المقتضب: 3/380-381]

تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل بابٍ فأصله شيءٌ واحدٌ، ثم تدخل عليه دواخل؛ لاجتماعها في المعنى. وسنذكر إن كيف صارت أحق بالجزاء? كما أن الألف أحق بالاستفهام، وإلا أحق بالاستثناء، والواو أحق بالعطف مفسراً إن شاء الله في هذا الباب الذي نحن فيه.
فأما إن فقولك: إن تأتني آتك، وجب الإتيان الثاني بالأول، وإن تكرمني أكرمك، وإن تطع الله يغفر لك، كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم} {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم}.
والمجازاة ب إذما قولك: إذما تأتني آتك؛ كما قال الشاعر:
إذ ما أنيت على الرسول فقل له = حقاً عليك إذا اطمأن المجلـس
ولا يكون الجزاء في إذ ولا في حيث بغير ما؛ لأنهما ظرفان يضافان إلى الأفعال. وإذا زدت على كل واحد منهما ما منعتا الإضافة فعملتا. وهذا في آخر الباب يشرح بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله.
وأما المجازاة بـ (من) فقوله عز وجل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وقوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً}.
وبـ (ما) قوله: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها}.
وبـ أين قوله عز وجل: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. وقال الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجـدنـا = نصرف العيس نحوها للتلاقي
وبـ أنى قوله:
فأصبحت أنى تأتها تلتبس بـهـا = كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ومن حروف المجازاة مهما. وإنما أخرنا ذكرها؛ لأن الخليل زعم أنها ما مكررة، وأبدلت من الألف الهاء. وما الثانية زائدة على ما الأولى؛ كما تقول: أين وأينما، ومتى ومتى ما، وإن وإما، وكذلك حروف المجازاة إلا ما كان من حيثما وإذما. فإن ما فيهما لازمة. لا يكونان للمجازاة إلا بها، كما تقع رب على الأفعال إلا بـ ما في قوله: {ربما يود الذين كفروا}، ولو حذفت منها ما لم تقع إلا على الأسماء النكرات، نحو: رب رجل يا فتى.
والمجازاة بـ(أي) قوله: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ). [المقتضب: 2/45-48] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فمما وقعت ما فيه على الآدميين قول الله: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}.
وقال قوم: ما وصلتها مصدر، فمعناه: أو ملك أيمانهم، وهذا أقيس في العربية. وقال الله عز وجل: {والسماء وما بناها}، فقال قوم: إنما هو: والسماء وبنائها، وقال قوم: معناه: ومن بناها على ما قيل فيما قبله.
فأما وقوع هذه الأسماء في الجزاء، وفي معنى الذي فبين واضح، نحو: من يأتني آته و{ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} و{أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} فلذلك أخرنا شرحه حتى نذكره في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 4/218] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 06:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 06:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 12:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير * ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم * يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون * وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور * يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}
قوله تعالى: "الحمد لله"، الألف واللام في "الحمد" لاستغراق الجنس على أتم عموم; لأن الحمد بالإطلاق على الأفعال الشريفة والكمال هو لله، والشكر مستغرق فيه; لأنه فصل من فصوله. و"فاطر" معناه: خالق، لكن يزيد في المعنى الانفراد بالابتداء لخلقتها، ومنه قول الأعرابي: "أنا فطرتها"، أراد: بدأت حفرها، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما كنت أفهم معنى "فاطر" حتى سمعت قول الأعرابي. وقرأ الزهري؛ "الحمد لله فطر"، وقرأ جمهور الناس: "جاعل" بالخفض، وقرأت فرقة: [جاعل] بالرفع، على قطع الصفة، وقرأ خالد بن نشيط: [جعل] على صيغة الماضي
"الملائكة" نصبا، فأما على هذه القراءة الأخيرة فنصب قوله: "رسلا" على المفعول الثاني، وأما على القراءتين المتقدمتين فقيل: أراد بـ"جاعل" الاستقبال; لأن القضاء في الأزل، وحذف التنوين تخفيفا، وعمل عمل المستقبل في "رسلا". وقالت فرقة: "جاعل" بمعنى المضي، و"رسلا" نصب بإضمار فعل، و"رسلا" معناه: بالوحي وغير ذلك من أوامر، فجبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل رسل، والملائكة المتعاقبون رسل، والمسددون لحكام العدل رسل، وغير ذلك. وقرأ الحسن: "رسلا" بسكون السين.
و"أولي" جمع (ذو)، ومنه: التقي ذو نهية، والقوم أولو نهي، وروي عن الحسن أنه قال في تفسير قول مريم عليها السلام: إن كنت تقيا: علمت مريم أن التقي ذو نهية.
وقوله تعالى: {مثنى وثلاث ورباع} ألفاظ معدولة من اثنين وثلاثة وأربعة، عدلت في حال التنكير فتعرفت بالعدل، فهي لا تنصرف للعدل والتعريف، وقيل: للعدل والصفة، وفائدة العدل الدلالة على التكرار: لأن "مثنى" بمنزلة قولك: اثنين اثنين. وقال قتادة: إن أنواع الملائكة هي هكذا، منها ما له جناحان، ومنها ما له ثلاثة، ومنها ما له أربعة، وشذ منها ما له أكثر من ذلك، وروي أن لجبريل عليه السلام ستمائة جناح منها اثنان تبلغ من المشرق إلى المغرب. وقالت فرقة: المعنى: إن في كل جانب من الملك جناحين، ولبعضهم أربعة، وإلا فلو كانت ثلاثة لكل واحد لما اعتدلت في معتاد ما رأيناه نحن من الأجنحة، وقيل: بل هي ثلاثة لكل واحد كالحوت، والله أعلم بذلك.
وقوله تعالى: {يزيد في الخلق ما يشاء} تقرير لما يقع في النفوس من التعجب والاستغراب عند الخبر بالملائكة أولي الأجنحة، أي: ليس هذا ببدع في قدرة الله تبارك وتعالى; فإنه يزيد في خلقه ما يشاء، وروي عن الحسن، وابن شهاب أنهما قالا: المزيد هو حسن الصوت، قال الهيثم الفارسي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: "أنت الهيثم الذي تزين القرآن بصوتك، جزاك الله خيرا"، وقيل: الزيادة: الخط الحسن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "الخط الحسن يزيد الحق وضوحا"، وقال قتادة: الزيادة: ملاحة العينين، وقيل غير هذا، وإنما ذكر هذه الأشياء من ذكرها على جهة المثال، لا أن المقصود هي فقط، وإنما مثلوا بأشياء هي زيادات خارجة عن الغالب المعتاد الموجود كثيرا، وباقي الآية بين).[المحرر الوجيز: 7/ 200-202]

تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ما يفتح الله}، "ما" شرط، و"يفتح" جزم بالشرط، ومن رحمة عام في كل خير يعطيه الله لعباده جماعتهم وأفرادهم، وقوله: {من بعده} فيه حذف مضاف، أي: من بعد إمساكه، ومن هذه الآية سمت الصوفية ما يعطاه (الصوفي) من الأموال والمطاعم وغير ذلك: الفتوحات، ومنها كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: "مطرنا بنوء الفتح"، ويقرأ الآية).[المحرر الوجيز: 7/ 202]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيها الناس اذكروا} الآية ... خطاب لقريش، وهو متجه لكل كافر، ولا سيما لعباد غير الله، وذكرهم تعالى بنعمة الله عليهم في خلقهم وإيجادهم، ثم استفهمهم على جهة التقرير والتوقيف بقوله: {هل من خالق غير الله}؟ أي: فليس الإله إلا الخالق، لا ما تعبدون أنتم من الأصنام، وقرأ حمزة: "غير" بالخفض نعت على اللفظ، وخبر الابتداء "يرزقكم"، وبها قرأ أبو جعفر، وشقيق، وابن وثاب، وقرأ الباقون بالرفع، وهي قراءة شيبة بن نصاح، وعيسى، والحسن بن أبي الحسن، وذلك يحتمل ثلاثة أوجه: النعت على الموضع والخبر مضمر، تقديره: في الوجود، أو في العالم. وأن يكون "غير" خبر الابتداء الذي هو في المجرور، والرفع على الاستثناء، كأنه قال: هل خالق إلا الله؟ فجرت "غير" مجرى الفاعل بعد إلا. وقوله: {من السماء} يريد: بالمطر، ومن "الأرض" يريد: بالنبات، وقوله: {فأنى تؤفكون} أي: فلا وجه تصرفون "فيه" عن الحق). [المحرر الوجيز: 7/ 202]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم سلى نبيه صلى الله عليه وسلم بما سلف من حال الرسل مع الأمم، و"الأمور" تعم جميع الموجودات المخلوقات، إلى الله مصير جميع ذلك على اختلاف أحوالها، وفي هذا وعيد للكفار ووعد للنبي صلى الله عليه وسلم).[المحرر الوجيز: 7/ 203]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 02:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 07:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {الحمد للّه فاطر السّماوات والأرض جاعل الملائكة رسلًا أولي أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (1) }
قال سفيان الثّوريّ، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض، حتّى أتاني أعرابيّان يختصمان في بئرٍ، فقال أحدهما [لصاحبه]: أنا فطرتها، أنا بدأتها. فقال ابن عباس أيضًا: {فاطر السّموات والأرض} بديع السموات والأرض.
وقال الضّحّاك: كلّ شيءٍ في القرآن فاطر السموات والأرض فهو: خالق السموات والأرض.
وقوله: {جاعل الملائكة رسلا} أي: بينه وبين أنبيائه، {أولي أجنحةٍ} أي: يطيرون بها ليبلّغوا ما أمروا به سريعًا {مثنى وثلاث ورباع} أي: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثةٌ ومنهم من له أربعةٌ، ومنهم من له أكثر من ذلك، كما جاء في الحديث: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جناحٍ، بين كلّ جناحين كما بين المشرق والمغرب؛ ولهذا قال: {يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}. قال السّدّيّ: يزيد في الأجنحة وخلقهم ما يشاء.
وقال الزّهريّ، وابن جريج في قوله: {يزيد في الخلق ما يشاء} يعني: حسن الصّوت. رواه عن الزّهريّ البخاريّ في الأدب، وابن أبي حاتمٍ في تفسيره.
وقرئ في الشّاذّ: "يزيد في الحلق"، بالحاء المهملة، واللّه أعلم).[تفسير ابن كثير: 6/ 532]

تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم (2) }
يخبر تعالى أنّه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنّه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. قال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، حدّثنا مغيرة، أخبرنا عامرٌ، عن ورّاد -مولى المغيرة بن شعبة-قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: اكتب لي بما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فدعاني المغيرة فكتبت إليه: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا انصرف من الصلاة قال: "لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ، اللّهمّ لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ"، وسمعته ينهى عن قيل وقال، وكثرة السّؤال وإضاعة المال، وعن وأد البنات، وعقوق الأمّهات، ومنع وهات.
وأخرجاه من طرقٍ عن ورّاد، به.
وثبت في صحيح مسلمٍ عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا رفع رأسه من الرّكوع يقول: "سمع اللّه لمن حمده، اللّهمّ ربّنا لك الحمد، ملء السّماء والأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد. اللّهمّ، أهل الثّناء والمجد. أحقّ ما قال العبد، وكلّنا لك عبدٌ. اللّهمّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ".
وهذه الآية كقوله تعالى: {وإن يمسسك اللّه بضرٍّ فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخيرٍ فلا رادّ لفضله} [يونس: 107]. ولهذا نظائر كثيرةٌ.
وقال الإمام مالكٌ: كان أبو هريرة إذا مطروا يقول: مطرنا بنوء الفتح، ثمّ يقرأ هذه الآية: {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}. ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن يونس عن ابن وهبٍ، عنه. ). [تفسير ابن كثير: 6/ 532-533]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يا أيّها النّاس اذكروا نعمة اللّه عليكم هل من خالقٍ غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض لا إله إلّا هو فأنّى تؤفكون (3) }
ينبّه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له، كما أنّه المستقلّ بالخلق والرّزق فكذلك فليفرد بالعبادة، ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان؛ ولهذا قال: {لا إله إلا هو فأنّى تؤفكون}، أي: فكيف تؤفكون بعد هذا البيان، ووضوح هذا البرهان، وأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان؟). [تفسير ابن كثير: 6/ 533]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسلٌ من قبلك وإلى اللّه ترجع الأمور (4) يا أيّها النّاس إنّ وعد اللّه حقٌّ فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور (5) إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ فاتّخذوه عدوًّا إنّما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السّعير (6) }
يقول: وإن يكذّبك -يا محمّد- هؤلاء المشركون باللّه ويخالفوك فيما جئتهم به من التّوحيد، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة، فإنهم كذلك جاؤوا قومهم بالبيّنات وأمروهم بالتّوحيد فكذّبوهم وخالفوهم، {وإلى اللّه ترجع الأمور} أي: وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء).[تفسير ابن كثير: 6/ 533-534]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة