(أفلا)
ذكر أبو حيان أن (أفلا) مركبة من همزة الاستفهام التي للإنكار: وفاء العطف، و (لا) النافية. وليست أداة تحضيض، ورد على ابن عطية الذي قال إنها للتحضيض في قوله تعالى:
{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ} [5: 74].
في [البحر:3/536]: «وقال ابن عطية: رفق جل وعلا بهم بتحضيضه إياهم على التوبة وطلب المغفرة.
وما ذكروه من الحث والتحضيض على التوبة من حيث المعنى، لا من حيث مدلول اللفظ، لأن مدلول (أفلا) غير مدلول (ألا) التي للحض والحث».
هذا ما قاله أبو حيان هنا، ولكنه قال في آيات أخرى بأن (أفلا) للتحضيض.
قال في قوله تعالى:
1- {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} [6: 50]. «هذا عرض وتحضيض معناه الأمر، أي ففكروا...» [البحر:4/134].
2- {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [7: 65]. «{أَفَلَا تَتَّقُونَ} استعطاف وتحضيض على تحصيل التقوى» [البحر:4/323].
3- {ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [10: 3]. «حض على التدبر والتفكر في الدلائل الدالة على ربوبيته، وإمحاض العبادة له، [البحر:5/124]».
4- {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} [36: 35]. «ولما عدد تعالى هذه النعم حض على الشكر فقال: {أَفَلَا يَشْكُرُونَ} [البحر:7/335].»
ربما أراد أبو حيان بالتحضيض التحضيض من حيث المعنى، لا من حيث دلالة اللفظ، كما ذكره في رده على ابن عطية؛ وتكون (أفلا) عنده ليست أداة موضوعة للتحضيض كلولا، لأنه سيذكر في آيات كثيرة أن الهمزة للإنكار و (لا) نافية في (أفلا).
[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص225]
آيات (أفلا)
1- {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [2: 44]. في الكشاف [1: 66]. «توبيخ عظيم أفلا تفطنون لقبح ما أقمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه، وكأنكم في ذلك مسلوبو العقول».
في [الجمل:1/49]: السمين: الهمزة للإنكار. وانظر [العكبري:1/19]، و[البحر:1/183].
2- {قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [2: 76].
3- {لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [3: 65].
في [البحر:2/485]: «وفي قوله: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} توبيخ على استحالة مقالتهم وتنبيه على ما يظهر به غلطهم ومكابرتهم».
4- {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [6: 32].
5- {وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [7: 169].
6- {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [10: 16].
7- {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [11: 51]. انظر[البحر:5/232].
8- {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [12: 109].
9- {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [21: 10]. في [القرطبي:5/4313]: ثم نبههم بالاستفهام الذي معناه التوقيف فقال عز وجل {أَفَلا تَعْقِلُونَ}. وفي [البحر:6/299]: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} إنكار عليهم على إهمالهم التدبر والتفكر المؤديين إلى اقتضاء الغفلة».
10- {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[21: 67] في [البحر:6/326] {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي قبح ما أنتم عليه، وهو استفهام توبيخ وإنكار».
11- {وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [23: 80].
12- {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [28: 60] في [البحر:7/127]: «{أَفَلا تَعْقِلُونَ} توبيخ لهم، وقرأ أبو عمرو {أَفَلا يَعْقِلُونَ} بالياء إعراض عن خطابهم وخطاب غيرهم، كأنه قال: انظروا إلى هؤلاء وسخافة عقولهم».
13- {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} [36: 68].
14- {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [37: 137- 138].
15- {ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [10: 3]. في [البحر:5/124]: «حض على التدبر والتفكر في الدلائل على ربوبيته وإمحاض العبادة له».
16- {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [11: 24].
17- {مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [11: 30].
18- {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [16: 17]. في [البحر:5/481]: «ثم وبخهم بقوله: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}، أي مثل هذا لا ينبغي أن تقع فيه الغفلة».
19- {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [23: 85].
20- {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [37: 154- 155].
21- {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [45: 23].
22- {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} [6: 80].
23- {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} [32: 4].
24- {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} [6: 50]. وفي [البحر:4/134]: «هذا عرض وتحضيض معناه الأمر، أي فكروا ولا تكونوا ضالين أشباه العمى، أو فكروا فتعلموا أني لا أتبع إلا ما يوحى إلي، أو فتعلمون أني لا أدعي ما لا يليق بالبشر». وانظر [النهر:ص134]. وفي [الجمل:2/23]: «الفاء عاطفة على مقدر دخلت عليه الهمزة...».
25- {مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [28: 72].
26- {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [51: 21].
27- {هَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [43: 51].
28- {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [32: 27].
29- {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [7: 65]. وفي [البحر:4/323]. وفي قوله تعالى: {أَفَلَا تَتَّقُونَ} استعطاف وتحضيض على تحصيل التقوى». وفي [الجمل:2/153]: «إنكار واستبعاد لعد اتقائهم العذاب بعد ما علموا ما حل بقوم نوح، والفاء للعطف على مقدر...».
30- {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [10: 31].
31- {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [23: 23، 32].
32- {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [23: 87].
33- {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [21: 30]. في [البحر:6/309]: «{أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} استفهام إنكاري، وفيه معنى التعجب من ضعف عقولهم، والمعنى: أفلا يتدبرون هذه الأدلة ويعملوا بمقتضاها ويتركوا طريقة الشرك». وانظر [النهر:ص307].
34- {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [20: 89]. في [الجمل:3/108] «استفهام توبيخ وتقريع».
35- {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [21: 44].
36- {مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ} [28: 71].
37- {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ} [32: 26].
38- {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [4: 82].في [البحر:3/305]: «وهذا استفهام معناه الإنكار» وانظر [الجمل:1/404].
39- {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [5: 74]. وفي [القرطبي:3/2247]: «تقرير وتوبيخ، أي فليتوبوا إليه وليسألوه ستر ذنوبهم». وفي [الجمل:1/513]: «استفهام توبيخ، أي وإنكار، أي إنكار الواقع واستبعاده، لا إنكار الوقوع» وانظر [البحر:3/536].
40- {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} [36: 35]. وفي [البحر:7/335]: «ولما عدد تعالى هذه النعم حض على الشكر فقال: {أَفَلَا يَشْكُرُونَ}, وفي [الجمل:3/508]: {أَفَلَا يَشْكُرُونَ} إنكار واستقباح لعدم شكرهم للنعم المعدودة، والفاء للعطف على مقدر، أي أيتنعمون فلا يشكرون».
41- {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} [36: 73]. وفي [الجمل:3/520]: «استفهام إنكاري».
42- {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [88: 17].
43- {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} [100: 9]. وفي [الجمل:4/568]: «الهمزة للإنكار، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام، أي يفعل ما يفعل من القبائح فلا يعلم...».
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [47: 24]. في [البحر:8/73]: «هو استفهام توبيخي وتوقيف على مخازيهم».
[دراسات عضيمة: ق1، ج1،ص226]