تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو داود عمر بن سعدٍ، عن سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {ذلك يوم التّغابن} قال: إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 376]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: " التّغابن: غبن أهل الجنّة أهل النّار "). [صحيح البخاري: 6/155]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ التّغابن غبن أهل الجنّة أهل النّار كذا لأبي ذرٍّ عن الحمويّ وحده وقد وصله الفريابيّ وعبد بن حميدٍ من طريق مجاهدٍ وغبن بفتح المعجمة والموحّدة وللطّبريّ من طريق شعبة عن قتادة يوم التّغابن يوم غبن أهل الجنّة أهل النّار أي لكون أهل الجنّة بايعوا على الإسلام بالجنّة فربحوا وأهل النّار امتنعوا من الإسلام فخسروا فشبّهوا بالمتبايعين يغبن أحدهما الآخر في بيعه ويؤيّد ذلك ما سيأتي في الرّقاق من طريق الأعرج عن أبي هريرة رفعه لا يدخل أحدٌ الجنّة إلّا أري مقعده من النّار لو أساء ليزداد شكرًا ولا يدخل أحدٌ النّار إلّا أري مقعده من الجنّة لو أحسن ليكون عليه حسرة). [فتح الباري: 8/652-653]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد التغابن غبن أهل الجنّة أهل النّار
قال عبد ثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به). [تغليق التعليق: 4/343]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاس: مكّيّة إلّا آيات من آخرها نزلت بالمدينة. قال: والتغابن اسم من أسماء القيامة وسميت بذلك لأنّه يغبن فيها المظلوم الظّالم، وقيل: يغبن فيها الكفّار في تجارتهم الّتي أخبر الله أنهم اشتروا الضّلالة بالهدى). [عمدة القاري: 19/243]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ التغابن غبن أهل الجنّة أهل النّار
كذا لأبي ذر عن الحمويّ وحده، ووصله عبد بن حميد بإسناده عن مجاهد، وروى الطّبريّ من طريق شعبة عن قتادة: يوم التغابن يوم غبن أهل الجنّة أهل النّار، أي: لكون أهل الجنّة بايعوا على الإسلام بالجنّة فربحوا، وأهل النّار امتنعوا من الإسلام فحسروا فشبهوا بالمتبايعين يغبن أحدهما الآخر في بيعه). [عمدة القاري: 19/243]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي (التغابن) هو (غبن أهل الجنة أهل النار) لنزول أهل الجنة منازل أهل النار لو كانوا سعداء، وبالعكس مستعار من تغابن التجار كذا قرره القاضي كالكشاف، لكن قال في فتوح الغيب لا يستقيم باعتبار الأشقياء لأنهم لا يغبنون لسعداء بنزولهم في منازلهم من النار إلا بالاستعارة التهكمية، ولذا قال في الكشاف: وفيه تهكم بالأشقياء لأن نزولهم ليس بغبن، وجعل الواحدي التغابن من طرف واحد للمبالغة حيث قال يوم التغابن يغبن فيه أهل الحق أهل الباطل وأهل الإيمان أهل الكفر ولا غبن أبين من هذا هؤلاء يدخلون الجنة وهؤلاء يدخلون النار وأحسن منهما ما ذكره محيي السّنّة قال: هو تفاعل من الغبن وهو فوت الحظ والمراد فالمغبون من غبن في أهله ومنازله في الجنة فظهر يومئذٍ غبن كل كافر بترك الإيمان وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان). [إرشاد الساري: 7/389-390]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (التغابن) غبن أهل الجنة أهل النار، أي: فهو تفاعل بمعنى الفعل). [حاشية السندي على البخاري: 3/75]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {ذلك يوم التغابن} قال: يوم يغبن الرّجل نفسه وأهله ويحسرهم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 120]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التّغابن ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحًا يكفّر عنه سيّئاته ويدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا ذلك الفوز العظيم}.
يقول تعالى ذكره: واللّه بما تعملون خبيرٌ {يوم يجمعكم ليوم الجمع}. الخلائق للعرض {ذلك يوم التّغابن}. يقول: الجمع يوم غبن أهل الجنّة أهل النّار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ذلك يوم التّغابن}. قال: هو غبن أهل الجنّة أهل النّار.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يوم يجمعكم ليوم الجمع}. هو يوم القيامة، وهو يوم التّغابن: يوم غبن أهل الجنّة أهل النّار.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ذلك يوم التّغابن}. من أسماء يوم القيامة، عظّمه وحذّره عباده.
وقوله: {ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحًا}. يقول تعالى ذكره: ومن يصدّق باللّه ويعمل بطاعته، وينته إلى أمره ونهيه {يكفّر عنه سيّئاته} يقول: يمح عنه ذنوبه {ويدخله جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار}. يقول: ويدخله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار.
وقوله: {خالدين فيها أبدًا}. يقول: لابثين فيها أبدًا، لا يموتون، ولا يخرجون منها.
وقوله: {ذلك الفوز العظيم}. يقول: خلودهم في الجنّات الّتي وصفنا النّجاء العظيم). [جامع البيان: 23/9-11]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ذلك يوم التغابن قال غبن أهل الجنة أهل النار). [تفسير مجاهد: 2/679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يوم يجمعكم ليوم الجمع} قال: هو يوم القيامة وذلك {يوم التغابن} غبن أهل الجنة أهل النار). [الدر المنثور: 14/514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {يوم التغابن} من أسماء يوم القيامة). [الدر المنثور: 14/514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ذلك يوم التغابن} قال: غبن أهل الجنة أهل النار). [الدر المنثور: 14/514]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد {ذلك يوم التغابن} قال: غابن أهل الجنة أهل النار والله أعلم). [الدر المنثور: 14/514]
تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا أولئك أصحاب النّار خالدين فيها وبئس المصير}.
يقول تعالى ذكره: والّذين جحدوا وحدانيّة اللّه، وكذّبوا بأدلّته وحججه وآي كتابه الّذي أنزله على عبده محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}. يقول: ماكثين فيها أبدًا لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها {وبئس المصير}. يقول: وبئس الشّيء الّذي يصار إليه جهنّم). [جامع البيان: 23/11]
تفسير قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة بن قيس في قوله تعالى ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله قال هو الرجل يصاب بالمصيبة فيعلم أنها من الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/295]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال علقمة: عن عبد اللّه، {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه} [التغابن: 11] : «هو الّذي إذا أصابته مصيبةٌ رضي وعرف أنّها من اللّه»). [صحيح البخاري: 6/155]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال علقمة عن عبد الله ومن يؤمن باللّه يهد قلبه إلخ أي يهتدي إلى التّسليم فيصبر ويشكر وهذا التّعليق وصله عبد الرّزّاق عن بن عيينة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة مثله لكن لم يذكر بن مسعودٍ وكذا أخرجه الفريابيّ عن الثّوريّ وعبد بن حميدٍ عن عمر بن سعدٍ عن الثّوريّ عن الأعمش والطّبريّ من طريقٍ عن الأعمش نعم أخرجه البرقانيّ من وجهٍ آخر فقال عن علقمة قال شهدنا عنده يعني عند عبد اللّه عرض المصاحف فأتى على هذه الآية ومن يؤمن باللّه يهد قلبه قال هي المصيبات تصيب الرّجل فيعلم أنّها من عند اللّه فيسلّم ويرضى وعند الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ قال المعنى يهدي قلبه لليقين فيعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه). [فتح الباري: 8/652]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال علقمة عن عبد الله ومن يؤمن باللّه يهد قلبه هو الّذي إذا أصابته مصيبة رضي وعرف أنّها من الله
قال عبد ثنا عمر بن سعد ثنا سفيان عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه} 12 التغابن قال في الرجل يصاب المصيبة فيعلم أنّها من عند الله فيسلم ويرضى وكذا قال ليس فيه عن عبد الله
كذا رواه الفريابيّ في تفسيره عن سفيان هو الثّوريّ عن الأعمش
وكذا رواه ابن جرير في تفسيره من طرق عدّة عن الأعمش
وقد رواه البرقاني في مستخرجه على البخاريّ ولفظه عن علقمة قال شهدنا عنده يعني عن عبد الله عرض المصاحف فأتى على هذه الآية {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه} قال هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنّها من عند الله فيسلم ويرضى). [تغليق التعليق: 4/342-343]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال علقمة عن عبد الله: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} (التغابن: 11) هو الّذي إذا أصابته مصيبةٌ رضي بها وعرف أنّها من الله.
أي: قال علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود، رضي الله تعالى عنه، في قوله تعالى: {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه والله بكل شيء عليم هو الّذي} إلى آخره، ووصله عبد بن بن حميد في تفسيره عن عمر بن سعد عن سفيان عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة عن عبد الله. {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه} قال: هو الرجل يصاب بمصيبة فيعلم أنّها من عند الله فيسلم ويرضى). [عمدة القاري: 19/243]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال علقمة) بن قيس فيما وصله عبد الرزاق (عن عبد الله) بن مسعود في قوله تعالى: ({ومن يؤمن بالله يهد قلبه}) [التغابن: 11] مجزوم بالشرط (هو الذي إذا أصابته مصيبة رضي بها وعرف أنها من الله) عز وجل فيسلم لقضائه وعن محيي السّنّة فيما ذكره في فتوح الغيب يهد قلبه يوفقه لليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فيسلم لقضائه). [إرشاد الساري: 7/389]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبةٍ إلاّ بإذن اللّه ومن يؤمن باللّه يهد قلبه واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: لم يصب أحدًا من الخلق مصيبةٌ {إلاّ بإذن اللّه} يقول: إلاّ بقضاء اللّه وتقديره ذلك عليه {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه} يقول: ومن يصدّق باللّه فيعلم أنّه لا أحد تصيبه مصيبةٌ إلاّ بإذن اللّه بذلك يهد قلبه: يقول: يوفّق اللّه قلبه بالتّسليم لأمره والرّضا بقضائه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه}. يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
- حدّثني نصر بن عبد الرّحمن الوشّاء الأوديّ، قال: حدّثنا أحمد بن بشيرٍ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: كنّا عند علقمة، فقرئ عنده هذه الآية: {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه}. فسئل عن ذلك فقال: هو الرّجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنّها من عند اللّه، فيسلّم لذلك ويرضى.
- حدّثني عيسى بن عثمان الرّمليّ، قال: حدّثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: كنت عند علقمة وهو يعرض المصاحف، فمرّ بهذه الآية: {ما أصاب من مصيبةٍ إلاّ بإذن اللّه ومن يؤمن باللّه يهد قلبه}. قال: هو الرّجل، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن علقمة، في قوله: {ما أصاب من مصيبةٍ إلاّ بإذن اللّه ومن يؤمن باللّه يهد قلبه}. قال: هو الرّجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنّها من عند اللّه فيسلّم لها ويرضى.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني ابن مهديٍّ، عن الثّوريّ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن علقمة مثله؛ غير أنّه قال في حديثه: فيعلم أنّها من قضاء اللّه، فيرضى بها ويسلّم.
وقوله: {واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}. يقول: واللّه بكلّ شيءٍ ذو علمٍ بما كان ويكون وما هو كائنٌ من قبل أن يكون). [جامع البيان: 23/11-13]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) علقمة بن قيس -رحمه الله -: قال: شهدنا عند عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- وعرض المصاحف، فأتى على هذه الآية: {ومن يؤمن باللّه يهد قلبه} [التغابن: 11] قال: هي المصيبات تصيب الرّجل، فيعلم أنها من عند الله، فيسلّم ويرضى. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2/395-396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن علقمة في قوله: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيسلم الأمر لله ويرضى بذلك). [الدر المنثور: 14/514-515]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود رضي الله عنه في الآية قال: هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى). [الدر المنثور: 14/515]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} يعني يهد قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه). [الدر المنثور: 14/515]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن جريج رضي الله عنه في قوله: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال: من أصاب من الإيمان ما يعرف به الله فهو مهتدي القلب، قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون}). [الدر المنثور: 14/515]
تفسير قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول فإن تولّيتم فإنّما على رسولنا البلاغ المبين (12) اللّه لا إله إلاّ هو وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: {وأطيعوا اللّه} أيّها النّاس في أمره ونهيه {وأطيعوا الرّسول} صلّى اللّه عليه وسلّم {فإن تولّيتم} فإن أدبرتم عن طاعة اللّه وطاعة رسوله مستكبرين عنها، فلم تطيعوا اللّه ولا رسوله فإنّما فليس على رسولنا محمّدٍ إلاّ البلاغ المبين أنّه بلاغٌ إليكم لما أرسلته به يقول جلّ ثناؤه: فقد أعذر إليكم بالإبلاغ واللّه وليّ الانتقام ممّن عصاه، وخالف أمره، وتولّى عنه). [جامع البيان: 23/13]
تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({اللّه لا إله إلاّ هو} يقول جلّ ثناؤه: معبودكم أيّها النّاس معبودٌ واحدٌ لا تصلح العبادة لغيره ولا معبود لكم سواه، {وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون}. يقول تعالى ذكره: وعلى اللّه أيّها النّاس فليتوكّل المصدّقون بوحدانيّته). [جامع البيان: 23/13]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شعار المؤمنون يوم يبعثون من قبورهم لا إله إلا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون). [الدر المنثور: 14/515]