دراسة (ما) النكرة الموصوفة في القرآن الكريم
ذكرت أن البصريين والكوفيين أثبتوا لـ(ما) أنت تكون نكرة موصوفة، واستشهدوا بالشعر وبالقرآن، وقلت: إن ما استشهدوا به من القرآن محتمل لأن تكون (ما) فيه نكرة موصوفة، واسم موصول كما أن في القرآن آية واحدة متعينة (ما) فيها أن تكون نكرة موصوفة، وهي قوله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} [35: 37].
ورددت على من جعل (ما) في الآية مصدرية ظرفية.
في القرآن آيات كثيرة محتملة (ما) فيها أن تكون نكرة موصوفة ولا نجد للمعربين والمفسرين موقفا موحدا في هذه الآيات، وإنما نجد أن بعضهم قد يقتصر على ذكر الموصولة، وبعضا آخر يقتصر على ذكر الموصوفة، وبعضا ثالثا يجمع بينهما وأوضح ذلك بعرض سر يع لمواقف المعربين والمفسرين.
الزمخشري
جوز أن تكون (ما) نكرة موصوفة واسم موصول في قوله تعالى: {هذا ما لدي عتيد} [50: 23]، [الكشاف:4/22] .
وجعلها سيبويه نكرة موصوفة [1/269].
وقال في قوله تعالى: {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا} [5: 76].
«أي شيئا لا يستطيع أن يضركم بمثل ما يضركم به الله»، [الكشاف:1/357] ، وظاهر هذا التفسير أنه جعل (ما) نكرة موصوفة.
واقتصر على ذكر الموصولة في مواضع كثيرة: [الكشاف:1/38، 55، 266] ، كما لاذ بالصمت، فلم يعرض لبيان معنى (ما) في كثير من الآيات.
كمال الدين الأنباري
اقتصر على ذكر الموصوفة في قوله تعالى: {هذا ما لدي عتيد} [50: 23]، [البيان:2/386].
وفي قوله تعالى: {وآتاكم من كل ما سألتموه} [14: 34]، [البيان:2/59-60].
وجوز أن تكون (ما) نكرة موصوفة واسم موصول في قوله تعالى:
1- {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة}[2: 26]، [البيان:1/65-66].
2- {ولهم ما يدعون} [36: 57] (ما) محتملة للموصوفة وللمصدرية، [البيان:2/300].
واقتصر على ذكر الموصولة في آيات كثيرة؛ كما لم يعرض للحديث عن (ما) في آيات كثيرة، [البيان:1/59-60 – 67 ؛ 2/207، 426].
أبو البقاء العكبري
جوز أبو البقاء أن تكون (ما) نكرة موصوفة حذف عائدها في قوله تعالى:
1- {قال إني أعلم مالا تعلمون} [2: 30]، [العكبري:1/16].
2- {أم تقولون على الله مالا تعلمون} [2: 80]، [العكبري:1/26].
3- {ولا يحل لهن أني يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} [2: 228]، [العكبري:1/53].
4- {وأعلم من الله مالا تعلمون} [7: 62]، [العكبري:1/155].
5- {ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} [4: 43]، [العكبري:1/102].
6- {والله يكتب ما يبيتون} [4: 81]، [العكبري:1/106].
7- {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} [6: 6]، [العكبري:1/132].
8- {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} [2: 225]، [العكبري:1/53].
9- {أنسجد لما تأمرنا} [25: 60]، [العكبري:2/86].
10- {ثم يعودون لما قالوا} [58: 3]، [العكبري:2/136].
11- {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [3: 92]، [العكبري:1/80].
12- {لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون} [3: 157]، [العكبري:1/87].
13- {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت} [4: 65]، [العكبري:1/104- 105].
14- {وكيف أخاف ما أشركتم} [6: 81]، [العكبري:1/140].
15- {ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله} [6: 93]،
في [العكبري:1/142]، « {مثل ما أنزل} يجوز أن يكون مفعول {سأنزل} و(ما) بمعنى الذي أو نكرة موصوفة، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف وتكون (ما) مصدرية».
16- {لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون} [36: 57]، تحتمل (ما) أن تكون موصولة، وموصوفة ومصدرية، [العكبري:2/106].
17- {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم} [2: 76]، تحمل (ما) الثلاثة: اسم موصول، نكرة موصوفة، مصدرية، [العكبري:1/25].
18- {فيكشف الله ما تدعون إليه} [6: 41]، بمعنى الذي أو نكرة موصوفة، [العكبري:1/136].
19- {من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن} [36: 52]، (ما) تحتمل الثلاثة: اسم موصول، نكرة موصوفة، مصدرية، [العكبري:2/106].
20- {ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم} [2: 95]، تحتمل الثلاثة، [العكبري:1/30].
21- {وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم} [3: 49]، تحتمل الثلاثة، [العكبري:1/76].
22- {حافظات للغيب بما حفظ الله} [4: 34]، تحتمل الثلاثة، [العكبري:1/100-101].
23- {ومما رزقناهم ينفقون} [2: 3]،
في [العكبري:1/7] « {ما} بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، ولا يجوز أن تكون مصدرية؛ لأن الفعل لا ينفق».
24- {ولكم الويل مما تصفون} [21: 18]، تحتمل الثلاثة، [العكبري:2/69].
25- {فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها} [2: 61]،
في [العكبري:1/22] «مفعول {يخرج} محذوف، تقديره: شيئا مما تنبت الأرض، و{ما} بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، ولا تكون مصدرية لأن المفعول المقدر لا يوصف بالإنبات؛ لأن الإنبات مصدر، والمحذوف جوهر».
وأجاز العكبري أن تكون (ما) نكرة موصوفة وقد ذكر العائد في قوله تعالى:
1- {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} [2: 27]، [العكبري:1/15].
2- {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} [2: 102]، [العكبري:1/31].
3- {بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا} [3: 151]، [العكبري:1/86].
4- {ولا تمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} [4: 32]، [العكبري:1/100].
5- {أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرا ولا نفعا} [5: 76]، [العكبري:1/125].
6- {قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا} [5: 104]، [العكبري:1/128].
7- {ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} [5: 116]، [العكبري:1/131].
8- {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} [5: 117]، [العكبري:1/131].
9- {قل أندعو من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا} [6: 71]، [العكبري:1/138].
10- {ولا أخاف ما تشركون به} [6: 71]، [العكبري:1/140].
11- {والليل وما وسق} [84: 17]، [العكبري:2/152].
12- {ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا} [6: 81]، [العكبري:1/140].
13- {وآتاكم من كل ما سألتموه} [14: 34]، تحتمل الثلاثة، [العكبري:2/37].
وجوز العكبري أن تكون (ما) نكرة موصوفة بالجملة الاسمية في قوله تعالى: {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم}[3: 66]، [العكبري:1/78].
وموصوفة بالظرف في قوله تعالى: {فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم} [2: 17]، [العكبري:1/12].
ضعف العكبري أن تكون (ما) نكرة موصوفة في قوله تعالى: {اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم} [2: 61]. قال: (ما) بمعنى الذي، ويضعف أن يكون، نكرة موصوفة[1/22].
واقتصر العكبري على الموصولة في قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم} [10: 18]، [العكبري:2/14].
وقد جوز الموصولة والموصوفة في قوله تعالى: {قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرا ولا نفعا} [5: 76]، [العكبري:1/125].
{قل أندعو من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا} [6: 71]، [العكبري:1/138].
ولا فرق في المعنى بين الآيتين والآية السابقة.
موقف أبي حيان
لم يثبت عند أبي حيان أن تكون (ما) نكرة موصوفة، قال في [البحر:1/52]:
«وأكثر المعربين للقرآن متى صلح عندهم تقدير (ما) أو (من) بشيء جوزوا فيها أن تكون نكرة موصوفة وإثبات كون (ما) نكرة موصوفة يحتاج إلى دليل ولا دليل قاطع في قولهم: مررت بما معجب لك لإمكان الزيادة، فإن اطرد ذلك في الرفع والنصب من كلام العرب، كسرني ما معجب لك، وأحببت ما معجبا لك كان في ذلك تقوية لما ادعى النحويون من ذلك، ولو سمع لأمكنت الزيادة أيضا».
بتتبع كلام أبي حيان في البحر المحيط نجد له هذه المواقف:
1- منع أن تكون (ما) نكرة موصوفة وذلك في قوله تعالى:
1- {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} [2: 27]،
في [البحر:1/128] : «وأجاز أبو البقاء أن تكون (ما) نكرة موصوفة وقد بينا ضعف القول بأن (ما) تكون موصوفة، خصوصا هنا، إذ يصير المعنى ويقطعون شيئا أمر الله به أن يوصل، ولا يقع الذم البليغ، والحكم بالفسق، والخسران بفعل مطلق».
2- {إني أعلم مالا تعلمون}[2: 30]،
في [البحر:1/144] : «وقيل: (ما) نكرة موصوفة، وقد تقدم أنا لا نختار كونها نكرة موصوفة».
3- {فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم} [2: 17]،
في [البحر:1/78] : «و (ما) موصولة، لا نكرة موصوفة؛ لقلة استعمال (ما) نكرة موصوفة،
وقال في [النهر:74]: «وجوزوا أن تكون (ما) نكرة موصوفة ».
4- {ومما رزقناهم ينفقون} [2: 3]،
في [البحر:1/41] : «وأبعد من جعل (ما) نكرة موصوفة، لضعف المعنى بعدم عموم المرزوق الذي ينفق منه، فلا يكون فيه ذلك التمدح الذي يحصل بجعل (ما) موصولة ولأن حذف العائد على الموصول أكثر».
2- الموقف الثاني يقتصر فيه أبو حيان على ذكر الموصولة على حين جوز غيره أن تكون (ما) نكرة موصوفة وذلك في قوله تعالى:
1- {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [3: 92]، [البحر:2/524] ، جوز العكبري النكرة الموصوفة [1/80].
2- {واشهدوا أني بريء مما تشركون} [11: 54]، (ما) موصولة أو مصدرية، [البحر:5/234]،
وجوز الجمل في قوله تعالى:
3- {قال يا قوم إني بريء مما تشركون} [6: 78] الثلاثة، [الجمل:2/53].
3- الموقف الثالث يكتفي أبو حيان بقوله: (وجوزوا في (ما) أن تكون نكرة موصوفة وذلك في قوله تعالى :
1- {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} [2: 102]،
في [البحر:1/332] : «(ما) موصولة، وجوزوا أن تكون نكرة موصوفة».
2- {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} [2: 228]،
في [البحر:2/187] : «الأظهر أنها موصولة بمعنى الذي، والعائد محذوف وجوزوا أن تكون نكرة موصوفة والعائد محذوف أيضا».
3- {يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر} [19: 42]،
في [البحر:6/194] : «والظاهر أن (ما) موصولة. وجوزوا أن تكون نكرة موصوفة».
4- {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} [2: 225]،
في [البحر:2/180] : «(ما) موصولة، والعائد محذوف ... وجوزوا أن تكون نكرة موصوفة».
5- {أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به} [2: 76]،
في [البحر:1/273] : «وقد جوزوا في (ما) أن تكون نكرة موصوفة، والأولى الوجه الأول».
4- الموقف الرابع: يختار أبو حيان أن تكون (ما) نكرة موصوفة ويراها أقرب إلى الصواب في قوله تعالى:
1- {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} [6: 6]،
في [البحر:4/76] : «وأجاز أيضا أن تكون (ما) نكرة موصوفة بالجملة المنفية بعدها، أي شيئا لم نمكنه لكم، وحذف العائد من الصفة على الموصوف وهذا أقرب إلى الصواب».
وتفسيره للمعنى يشعر بأن (ما) نكرة موصوفة في قوله تعالى:
2- {سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا} [3: 151]،
في [البحر:3/77] : «أي بسبب إشراكهم بالله آلهة لم ينزل بإشراكها حجة ولا برهانا» ومثله في [النهر:77] ، وكذلك في [الكشاف:1/222] » .
5- الموقف الخامس: يجوز أبو حيان الموصولة والنكرة الموصوفة من غير تضعيف لها، وذلك في قوله تعالى:
1- {وقال قرينه هذا ما لدي عتيد} [50: 23]،
في [البحر:8/126] : «(ما) نكرة موصوفة بالظرف وبـ{عتيد} ... وموصولة والظرف صلتها».
2- {فذرهم وما يفترون} [6: 112]،
في [البحر:4/208] : «(ما) بمعنى الذي، أو موصوفة، أو مصدرية تبع العكبري».
3- {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة} [2: 26]، {بعوضة} بالنصب صفة لما، وصفت باسم الجنس. [النهر:1/119]، [البحر:122].
موقف الجمل
جوز في (ما) أن تكون اسم موصول ونكرة موصوفة في هذه الآيات:
1- [2: 17].
2- [2: 36].
3- [2: 57].
4- [2: 225].
5- [3: 66].
6- [3: 157].
7- [4: 43].
8- [5: 76].
9- [5: 116].
10- [6: 13].
11- [6: 60].
12- [6: 71].
13- [6: 81].
14- [6: 112].
15- [6: 127].
16- [6: 129].
17- [6: 146].
18- [15: 84].
19- [21: 18].
20- [36: 57].
21- [54: 4].
22- [84: 17].
واقتصر على الموصولة أو المصدرية في:
1- [4: 65].
2- [6: 80].
3- [11: 55].
4- [58: 3].
وضعف النكرة الموصوفة نقلا عن السمين وغيره في قوله تعالى:
1- {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} [2: 102].
في [الجمل:1/89] : «الظاهر في (ما) أنها موصولة اسمية، وأجاز أبو البقاء أن تكون نكرة موصوفة وليس بواضح».
2- {فنصف ما فرضتم} [2: 237].
في [الجمل:1/194] : «(ما) بمعنى الذي .... ويضعف جعلها نكرة موصوفة. من السمين».
3- {وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم} [6: 94].
في [الجمل:2/94] : «(ما) موصولة اسمية، ويضعف جعلها نكرة موصولة».
4- {قال يا قوم إني بريء مما تشركون} [6: 78].
في [الجمل:2/53] : «ويجوز أن تكون موصوفة والعائد محذوف. إلا أن حذف عائد الصفة أقل من حذف عائد الموصول».
5- {عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون} [2: 68].
في [الجمل:1/65] : «ويضعف أن تكون نكرة موصوفة؛ لأن المعنى على العموم وهو بالذي أنسب؛ عن السمين».
6- {وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون}[6: 43].
في [الجمل:2/29] : «ويبعد كونها نكرة موصوفة؛ عن السمين».