قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تمسّكوا بعصم الكوافر).
قرأ أبو عمرو ويعقوب (ولا تمسّكوا) بتشديد السين.
وقرأ الباقون " ولا تمسكوا) بسكون الميم.
[معاني القراءات وعللها: 3/65]
قال أبو منصور: يقال: مسكت بالحبل تمسيكا، وأمسكت به إمساكا، إذا تمسكت به، ولم تحلّه من يدك.
والمعنى في قوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر): أنّ المرأة إذا ارتدت عن الإسلام فزالت عصمة النكاح بينها وبين زوجها المؤمن فلا يتبعها الزوج بعد انبتاتها عنه). [معاني القراءات وعللها: 3/66]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ولا تمسكوا} [10].
قرأ الباقون مخففًا. وقد ذكرت علته في (الأعراف) وإنما أعدت ذكره لأن ابن مجاهد حدثني عن السمري عن الفراء قال قرأ الحسن: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} بفتح التاء يريد: تتمسكوا فخزل تاء، و{عصم الكوافر} يعني: أن الممتحنة إذا جاءت مهاجرة فقد انقطعت العصمة بينها وبين زوجها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/360]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال قرأ أبو عمرو وحده: ولا تمسكوا [الممتحنة/ 10] بالتشديد، وقرأ الباقون: ولا تمسكوا خفيفة.
حجّة من قال، تمسكوا قوله: فإمساك بمعروف [البقرة/ 229]، ولا تمسكوهن ضرارا [البقرة/ 231]، وفأمسكوهن في البيوت [النساء/ 15]، وأمسك عليك زوجك [الأحزاب/ 37].
وقال أبو الحسن: تمسكوا لأنها من مسّكت بالشيء، قال: وهو كثير، أو أكثر. قال: ومن حجّته: والذين يمسكون بالكتاب [الأعراف/ 170] ). [الحجة للقراء السبعة: 6/286]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تمسكوا بعصم الكوافر}
وقرأ أبو عمرو {ولا تمسكوا} بالتّشديد من قولك مسك يمسك وحجته قوله {والّذين يمسكون بالكتاب}
وقرأ الباقون {ولا تمسكوا} بالتّخفيف من أمسك يمسك وحجتهم قوله {فإمساك بمعروف} وقوله {ولا تمسكوهن ضرارًا} وقوله {أمسك عليك زوجك}). [حجة القراءات: 707]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ولا تمسكوا} قرأه أبو عمرو بفتح الميم مشددًا، وقرأ الباقون بإسكان الميم مخففًا، والمعنى واحد، وفي التشديد معنى التكثير، والتخفيف يحتمل القليل والكثير، وقوله: {فإمساك} «البقرة 229»، وقوله: {ولا تمسكوهن} «البقرة 231» وقوله: {فأمسكوهن} «البقرة 231»، يدل كله على قوة التخفيف، وقوله: {والذين يمسكون بالكتاب} «الأعراف 170» في قراءة الجماعة غير أبي بكر يدل على قوة التشديد، فالقراءتان متعادلتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/319]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {وَلَا تُمْسِكُوا} [آية/ 10] بفتح الميم وتشديد السين:-
قرأها أبو عمرو ويعقوب.
والوجه أن مسك بالتشديد لغةٌ في أمسك، قال الله تعالى {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ}.
وقرأ الباقون {وَلَا تُمْسِكُوا} بسكون الميم وتخفيف السين.
[الموضح: 1262]
والوجه أنه من أمسك يُمسك، وهي اللغة المشهورة، قال الله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} وقال {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} وقال {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} ). [الموضح: 1263]
قوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فعاقبتم).
اتفق القراء على " فعاقبتم " بالألف. وقرأ إبراهيم النخعي " فعقبتم " مخففة. وقرأ الأعرج " فعقّبتم " بتشديد القاف. وروى عن مجاهد " فأعقبتم " بألف مقطوعة.
قال أبو منصور: من قرأ (فعاقبتم) أو (عقّبتم) فالمعنى: إذا غزوتم فصارت العقبة لكم، أي: الدولة حتى تغلبوهم، وتغنموا أموالهم، فأعطوا أزواج المرتدات مهور نسائهم اللاحقات بالكفار.
ومن قرأ (فعقبتم) أو (أعقبتم) فمعناه: غنمتم قال الشاعر:
فعقبتم بذنوب غير مرّ
[معاني القراءات وعللها: 3/66]
واتفق القراء على قراءة " برءاء " على (فعلاء) بوزن (برعاء)، جمع: برئ.
وقرأ: بعضهم (براءٌ).
قال الزجاج: الأصل: براء. مثل طريف وطراف، ثم ضمّوه، كما قالوا: رخال ورخال ورباب ورباب.
واتفقوا على (بدا بيننا وبينكم) أي ظهر. لا همز فيه.
وقرأ عاصم وحده (أسوةٌ). وقرأ الباقون (إسوةٌ) ). [معاني القراءات وعللها: 3/67]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج: [فَعَقَّبْتُمْ].
النخعي والزهري ويحيى بخلاف-: [فَعَقَبْتم]، خفيفة القاف من غير ألف.
[المحتسب: 2/319]
مسروق: [فَعَقِبتُهم]، بكسر القاف بغير ألف.
وقراءة الناس: {فَعَاقَبتُم}.
قال أبو الفتح: روينا عن قطرب، قال: {فعاقبتم:} أصبتم عقبا منهن. يقال عاقب الرجل شيئا: إذا أخذ شيئا، وأنشد لطرفة:
فعقبتم بذنوب غير مر
جمع مرة، فسروه على أعطيتم وعدتم. وقال في قوله: {وَلَمْ يُعَقِّب}: لم يرجع، كذا قال أحمد بن يحيى.
قال أبو حاتم: قرأ مجاهد: [فَأَعقَبتُم]، قال: معنى أعقبتم: صنعتم بهم مثل ما صنعوا بكم.
وحكى عن أبي عوانة عن المغيرة: قرأت على إبراهيم: {فعاقَبتم}، فأخذها علي: [فَعَقَبتُم]، خفيفة.
وحكى عن الأعمش، قال: [عَقَبتُم] [عَقِبتُم]، فقد يجوز أن يكون عقبتم بوزن غنمتم ومعناه جميعا. وروى أيضا بيت طرفة: [فَعَقِبتم]، بكسر القاف). [المحتسب: 2/320]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين