العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > التفاسير اللغوية المجموعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1432هـ/1-11-2011م, 09:37 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تفسير سورة الكهف

تفسير سورة الكهف

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 01:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) )}
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول في العود عوج وتقول في دينه عوج وفي الأرض عوج قال الله جل وعز: {لا ترى فيها عوجا ولا أمتا} وقال: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا (1) قيما} قال أبو محمد وسمعت أبا الحسن الطوسي يحكي عن أبي عمرو الشيباني قال يقال في كل شيء عوج إلا قولك: عَوِج عَوَجا فإنه مفتوح). [إصلاح المنطق: 164]

تفسير قوله تعالى: {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) }

تفسير قوله تعالى: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) }

تفسير قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) }

تفسير قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقع أن في موضع أي الخفيفة للعبارة والتفسير كقوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم}. معناه أي امشوا. ولا تقع إلا بعد كلام تام؛ لأنه إنما يفسر بعد تمامه.
وتقع زائدةً توكيدا كقولك: لما أن جاء ذهبت. والله أن لو فعلت لفعلت. فإن حذفت لم تخلل بالمعنى. فهذه أربعة أوجه: وكذلك المكسورة تقع على أربعة أوجه: فمنهم الجزاء؛ نحو إن تأتني آتك.
ومنهم أن تكون في معنى ما، نحو إن زيد في الدار: أي ما زيد في الدار.
وقال الله عز وجل: {إن الكافرون إلا في غرور} وقال: {إن يقولون إلا كذبا}.
وتكون مخففة من الثقيلة. فإذا كانت كذلك لزمتها اللام في خبرها لئلا تلتبس بالنافية. وذلك قولك: إن زيدٌ لمنطلقٌ.
وقال الله عز وجل {إن كل نفسٍ لما عليها حافظٌ}.
فإن نصبت بها لم تحتج إلى اللام؛ نحو إن زيدا منطلق؛ لأن النصب قد أبان. وجاز النصب بها إذا كانت مخففة من الثقيلة، وكانت الثقيلة إنما نصبت لشبهها بالفعل، فلما حذف منها صار كفعل محذوف، فعمل الفعل واحدٌ وإن حذف منك كقولك: لم يك زيد منطلقا وكقولك: عِ كلاما). [المقتضب: 1/188-189] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن وإن الخفيفتين
اعلم أن أن تكون في الكلام على أربعة أوجه: فوجه: أن تكون هي والفعل الذي تنصبه مصدراً؛ نحو قولك: أريد أن تقوم يا فتى؛ أي: أريد قيامك، وأرجو أن تذهب يا فتى، أي: أرجو ذهابك. فمن ذلك قول الله: {وأن تصوموا خيرٌ لكم} أي والصيام خير لكم. ومثله: {وأن يستعففن خيرٌ لهن}.
ووجه آخر: أن تكون مخففة من الثقيلة. وذلك قوله عز وجل: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}. لو نصبت بها وهي مخففة لجاز. فإذا رفعت ما بعدها فعلى حذف التثقيل والمضمر في النية، فكأنه قال: إنه الحمد لله رب العالمين. وقد مضى تفسير هذا في موضع عملها خفيفةً.
والوجه الثالث أن تكون في معنى أي التي تقع للعبارة والتفسير، وذلك قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم}. ومثله: بينت له الحديث أن قد كان كذا وكذا. تريد: أي امشوا، وأي قد كان كذا وكذا.
ووجه رابع: أن تكون زائدة مؤكدة؛ وذلك قولك: لما أن جاء زيد قمت، ووالله أن لو فعلت لأكرمتك.
وأما إن المكسورة فإن لها أربعة أوجه مخالفةً لهذه الوجوه.
فمن ذلك إن الجزاء؛ وذلك قولك: إن تأتني آتك، وهي أصل الجزاء؛ كما أن الألف أصل الاستفهام.
وتكون في معنى ما. تقول: إن زيد منطلق، أي: ما زيد منطلق.
وكان سيبويه لا يرى فيها إلا رفع الخبر؛ لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبره؛ كما تدخل ألف الاستفهام فلا تغيره. وذلك كمذهب بني تميم في ما.
وغيره يجيز نصب الخبر على التشبيه بليس؛ كما فعل ذلك في ما. وهذا هو القول، لأنه لا فصل بينها وبين ما في المعنى، وذلك قوله عز وجل: {إن الكافرون إلا في غرورٍ} وقال: {إن يقولون إلا كذباً}. فهذان موضعان.
والموضع الثالث: أن تكون إن المكسورة المخففة من الثقيلة، فإذا رفعت ما بعدها لزمك أن تدخل اللام على الخبر، ولم يجز غير ذلك؛ لأن لفظها كلفظ التي في معنى ما، وإذا دخلت اللام علم أنها الموجبة لا النافية، وذلك قولك: إن زيداً لمنطلق. وعلى هذا قوله عز وجل: {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} {وإن كانوا ليقولون}.
وإن نصبت بها لم تحتج إلى اللام إلا أن تدخلها توكيداً؛ كما تقول: إن زيداً لمنطلق.
والموضع الرابع: أن تدخل زائدةً مع ما، فتردها إلى الابتداء، كما تدخل ما على إن الثقيلة، فتمنعها عملها، وتردها إلى الابتداء في قولك: إنما زيد أخوك، و{إنما يخشى الله من عباده العلماء} وذلك قولك: ما إن يقوم زيد، وما إن زيدٌ منطلق. لا يكون الخبر إلا مرفوعاً لما ذكرت لك. قال زهير:

ما إن يكاد يخليهم لوجهتـهـم.......تخالج الأمر إن الأمر مشترك
وقال الآخر:
وما إن طبنا جبنٌ ولكن.......منايانا ودولة آخرينـا
فإن قال قائل: فما بالها لما خففت من الثقيلة المكسورة اختير بعدها الرفع، ولم يصلح ذلك في المخففة من المفتوحة إلا أن ترفع على أن يضمر فيها? قيل: لأن المفتوحة وما بعدها مصدرٌ، فلا معنى لها للابتداء، والمكسورة، إنما دخلت على الابتداء وخبره، فلما نقصت عن وزن الفعل رجع الكلام إلى أصله.
ومن رأى النصب بها أو بالمفتوحة مع التخفيف قال: هما بمنزلة الفعل، فإذا خففتا كانتا بمنزلة فعل محذوف منه، فالفعل يعمل محذوفاً عمله تاماً. فذلك قولك: لم يك زيداً منطلقاً، فعمل عمله والنون فيه. والأقيس الرفع فيما بعدها، لأن إن إنما أشبهت الفعل باللفظ لا بالمعنى، فإذا نقص اللفظ ذهب الشبه. ولذلك الوجه الآخر وجهٌ من القياس كما ذكرت لك.
وكان الخليل يقرأ إن هذان لساحران، فيؤدي خط المصحف ومعنى إن الثقيلة في قراءة ابن مسعود إن ذان لساحران). [المقتضب: 2/358-361] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} قال: الرقيم: اللوح المكتوب فيه أنسابه وأنساب أبيه). [مجالس ثعلب: 12]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) }

تفسير قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب مالا يعمل فيه ما قبله من الفعل
الذي يتعدى إلى المفعول ولا غيره
لأنه كلامٌ قد عمل بعضه في بعض فلا يكون إلاّ مبتدأ لا يعمل فيه شيء قبله لأنّ ألف الاستفهام تمنعه من ذلك.
وهو قولك قد علمت أعبد الله ثمّ أم زيدٌ وقد عرفت أبو من زيدٌ وقد عرفت أيّهم أبوه وأما ترى أي برقٍ هاهنا. فهذا في موضع مفعول كما أنّك إذا قلت عبد الله هل رأيته فهذا الكلام في موضع المبنىّ على المبتدأ الذي يعمل فيه فيرفعه.
ومثل ذلك ليت شعري أعبد الله ثمّ أم زيدٌ وليت شعري هل رأيته فهذا في موضع خبر ليت. فإنّما أدخلت هذه الأشياء على قولك أزيدٌ ثمّ أم عمرو وأيّهم أبوك لما احتجت إليه من المعاني. وسنذكر ذلك في باب التسوية.
ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: {لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا} وقوله تعالى: {فلينظر أيها أزكى طعاما}.
ومن ذلك قد علمت لعبد الله خيرٌ منك. فهذه اللام تمنع العمل كما تمنع ألف الاستفهام لأنّها إنّما هي لام الابتداء وإنما أدخلت عليه علمت لتؤكد وتجعله يقيناً قد علمته ولا تحيل على علم غيرك. كما أنّك إذا قلت قد علمت أزيدٌ ثمّ أم عمروٌ أردت أن تخبر أنّك قد علمت أيّهما ثمّ وأردت أن تسوى علم المخاطب فيهما كما استوى علمك في المسألة حين قلت أزيدٌ ثمّ
أم عمرٌ و. ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: {ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاقٍ}.
ولو لم تستفهم ولم تدخل لام الابتداء لأعملت علمت كما تعمل عرفت ورأيت وذلك قولك قد علمت زيداً خيرا منك كما قال تعالى جدّه: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت} وكما قال جلّ ثناؤه: {لا تعلمونهم الله يعلمهم} كقولك لا تعرفونهم الله يعرفهم. وقال سبحانه: {والله يعلم المفسد من المصلح} ). [الكتاب: 1/235-237]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأي داخلة في كل موضع تدخل فيه أم مع الألف. تقول: قد علمت أيهما في الدار? تريد: إذا أم ذا. قال الله عز وجل: {فلينظر أيها أزكى طعاماً}.
وقال: {لنعلم أي الحزبين أحصى} لأن المعنى: أذا أم ذا؟
وعلى ذلك قول الشاعر:
سواءٌ عليه أي حينٍ أتيتـه.......أساعة نحسٍ جئته أم بأسعد).
[المقتضب: 3/288] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ألا ترى أنه لا يدخل على الاستفهام من الأفعال إلا ما يجوز أن يلغى؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. وهذه الأفعال هي التي يجوز ألا تعمل خاصةً، وهي ما كان من العلم والشك فعلى هذا: {لنعلم أي الحزبين}، {ولقد علموا لمن اشتراه}؛ لأن هذه اللام تفصل ما بعدها مما قبلها. فتقول: علمت لزيدٌ خير منك). [المقتضب: 3/297]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): ( {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
نصب" أي" بقوله: " ينقلبون"، ولا يكون نصبها ب" سيعلم" لأن حروف الاستفهام إذا كانت أسماء امتنعت مما قبلها كما يمتنع ما بعد الألف من أن يعمل فيه ما قبله، وذلك قولك: "علمت زيدًا منطلقًا" فإن أدخلت الألف قلت: "علمت أزيد منطلق أم لا" فأي بمنزلة زيد الواقع بعد الألف، ألا ترى أن معناها: أذا أم ذا. وقال الله عز وجل: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} لأن معناها: أهذا أم هذا? وقال تعالى: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} على ما فسرت لك، وتقول: أعلم أيهم ضرب زيدًا، وأعلم أيهم ضرب زيد، تنصب أيا ب" ضرب" لأن" زيداٌ" فاعل، فإنما هذا لما بعده، وكذلك ما أضيف إلى اسم من هذه الأسماء المستفهم بها، نحو: قد علمت غلام أيهم في الدار، وقد عرفت غلام من في الدار، وقد علمت غلام من ضربت، فتنصبه بـ"ضربت" فعلى هذا مجرى الباب). [الكامل: 1/17-18] (م)

تفسير قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) }

تفسير قوله تعالى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والشطاط البعد). [الغريب المصنف: 3/815]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

ولا تخنوا علي ولا تشطوا.......بقول الفخر إن الفخر حوب
....
و(الشطط) الجور). [شرح أشعار الهذليين: 1/111] (م)

تفسير قوله تعالى: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن ثنيت، أو جمعت قلت: هذان، وفي المؤنث: هاتان.
ومن قال في الواحدة هذه لم يجز أن يثنى إلا على قولك هاتا؛ لئلا يلتبس المذكر بالمؤنث.
وتقول في الجمع الحاضر: هؤلاء، وأولاء، وهؤلاء، وأولا يمد جميعاً ويقصر، والمد أجود، نحو قوله عز وجل: {ها أنتم هؤلاء تدعون}، وكقوله: {هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه}. والقصر يجوز، وليس هذا موضع تفسيره). [المقتضب: 4/278] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} قال: لم يعتزلوا الله، كما تقول ضربت القوم إلا زيدًا، المعنى إلا زيدًا فإني لم أضربه). [مجالس ثعلب: 318]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ودافعة الحزام بمرفقيها.......كشاة الربل آنست الكلابا
هذا مثل قول بشر بن أبي خازم.
نسوف للحزام بمرفقيها.......يسد خواء طبييها الغبار
يقال هو مِرْفَق ومَرْفِق وهو من الإنسان بالكسر والفتح ومن الارتفاق بالأمر مرفق بالكسر لا غير). [شرح المفضليات: 704]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«اليمين» و«الشمال» أنثيان، ويجمعان: أيمان وشمائل، وأيمُن وأشمُل، وهو مما يدل على تأنيث المؤنث الذي على فَعُول، أو فعيل، أو فعال). [المذكور والمؤنث: 88] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث أبي الدرداء: إن قارضت الناس قارضوك، وإن تركتهم لم يتركوك.
يحدث به عن ابن المبارك عن مسعر عن عون بن عبد الله عن أبي الدرداء.
قوله: قارضتهم، يكون القرض في أشياء: فمنها: القطع، وبه سمي المقراض؛ لأنه يقطع به، وأظن قرض الفأر منه لأنه قطع وكذلك السير في البلاد إذا قطعتها قال ذو الرمة:
إلى ظعن يقرضن أقواز مشرف.......يمينا وعن أيسارهن الفوارس
ومنه قوله عز وجل: {وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال}.
والقرض أيضا: في قول الشعر خاصة، ولهذا سمي القريض، ومنه قول عبيد بن الأبرص: «حال الجريض دون القريض».
ومنه قول الأغلب العجلي:
أرجــــزا تريـد أم قريـــــضا
كلاهما أجد مستريضا
ويروى: مستفيضا بالفاء.
والقرض: من أن يقرض الرجل صاحبه المال والقراض: المضاربة في كلام أهل الحجاز). [غريب الحديث: 5/170-172]

تفسير قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) }

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«الذراع» أنثى. وقد ذكر الذراع بعض بني عكل. وتصغيرها: «ذريعة»، وربما قالوا: «ذريع». والهاء في التصغير أجود وأكثر في الذراع. ويقال: ثلاث أذرع). [المذكور والمؤنث: 68]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال: الوَصيدُ: البابُ). [كتاب الجيم: 3/313]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (الوصيد: الفناء، ويقال الباب. آصدته وآوصدته سواء أفكته: صرفته عن الحق. المعلهج: الذي ليس بخالصٍ.

{وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ} حكى الحالة). [مجالس ثعلب: 419]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 01:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب مالا يعمل فيه ما قبله من الفعل
الذي يتعدى إلى المفعول ولا غيره

لأنه كلامٌ قد عمل بعضه في بعض فلا يكون إلاّ مبتدأ لا يعمل فيه شيء قبله لأنّ ألف الاستفهام تمنعه من ذلك.
وهو قولك قد علمت أعبد الله ثمّ أم زيدٌ وقد عرفت أبو من زيدٌ وقد عرفت أيّهم أبوه وأما ترى أي برقٍ هاهنا. فهذا في موضع مفعول كما أنّك إذا قلت عبد الله هل رأيته فهذا الكلام في موضع المبنىّ على المبتدأ الذي يعمل فيه فيرفعه.
ومثل ذلك ليت شعري أعبد الله ثمّ أم زيدٌ وليت شعري هل رأيته فهذا في موضع خبر ليت. فإنّما أدخلت هذه الأشياء على قولك أزيدٌ ثمّ أم عمرو وأيّهم أبوك لما احتجت إليه من المعاني. وسنذكر ذلك في باب التسوية.
ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: {لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا} وقوله تعالى: {فلينظر أيها أزكى طعاما}.
ومن ذلك قد علمت لعبد الله خيرٌ منك. فهذه اللام تمنع العمل كما تمنع ألف الاستفهام لأنّها إنّما هي لام الابتداء وإنما أدخلت عليه علمت لتؤكد وتجعله يقيناً قد علمته ولا تحيل على علم غيرك. كما أنّك إذا قلت قد علمت أزيدٌ ثمّ أم عمروٌ أردت أن تخبر أنّك قد علمت أيّهما ثمّ وأردت أن تسوى علم المخاطب فيهما كما استوى علمك في المسألة حين قلت أزيدٌ ثمّ
أم عمرٌ و. ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: {ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاقٍ}.
ولو لم تستفهم ولم تدخل لام الابتداء لأعملت علمت كما تعمل عرفت ورأيت وذلك قولك قد علمت زيداً خيرا منك كما قال تعالى جدّه: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت} وكما قال جلّ ثناؤه: {لا تعلمونهم الله يعلمهم} كقولك لا تعرفونهم الله يعرفهم. وقال سبحانه: {والله يعلم المفسد من المصلح} ). [الكتاب: 1/235-237] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأي داخلة في كل موضع تدخل فيه أم مع الألف. تقول: قد علمت أيهما في الدار? تريد: إذا أم ذا. قال الله عز وجل: {فلينظر أيها أزكى طعاماً}.
وقال: {لنعلم أي الحزبين أحصى} لأن المعنى: أذا أم ذا؟
وعلى ذلك قول الشاعر:

سواءٌ عليه أي حينٍ أتيتـه.......أساعة نحسٍ جئته أم بأسعد).
[المقتضب: 3/288]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): ( {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
نصب" أي" بقوله: " ينقلبون"، ولا يكون نصبها ب" سيعلم" لأن حروف الاستفهام إذا كانت أسماء امتنعت مما قبلها كما يمتنع ما بعد الألف من أن يعمل فيه ما قبله، وذلك قولك: "علمت زيدًا منطلقًا" فإن أدخلت الألف قلت: "علمت أزيد منطلق أم لا" فأي بمنزلة زيد الواقع بعد الألف، ألا ترى أن معناها: أذا أم ذا. وقال الله عز وجل: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} لأن معناها: أهذا أم هذا? وقال تعالى: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} على ما فسرت لك، وتقول: أعلم أيهم ضرب زيدًا، وأعلم أيهم ضرب زيد، تنصب أيا ب" ضرب" لأن" زيداٌ" فاعل، فإنما هذا لما بعده، وكذلك ما أضيف إلى اسم من هذه الأسماء المستفهم بها، نحو: قد علمت غلام أيهم في الدار، وقد عرفت غلام من في الدار، وقد علمت غلام من ضربت، فتنصبه بـ"ضربت" فعلى هذا مجرى الباب). [الكامل: 1/17-18] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال قد عثر في ثوبه يعثر عثارا وقد عثر عليه يعثر عثرا وعثورا إذا اطلع عليه وقد أعثرت فلانا على فلان قال الله جل ثناؤه: {وكذلك أعثرنا عليهم} ). [إصلاح المنطق: 191]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
وأنى له هند وقد حال دونها.......عيون وأعداء كثير رجومها
رجومها: أي ترجم بالغيب رجما أي: يظنون بنا غير الحق واليقين). [نقائض جرير والفرزدق: 110]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (قال أبو العيال الهذلي:

إن البلاء لدى المقاوس مخرج.......ما كان من غيب ورجم ظنون
قال أبو عبيد: والرجم الظن). [الغريب المصنف: 2/468]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب اشتقاقك للعدد اسم الفاعل

كقولك: هذا ثاني اثنين، وثالث ثلاثة، ورابع أربعة
اعلم أنك إذا قلت: هذا ثاني اثنين، فمعنى هذا: أحد اثنين؛ كما قال الله عز وجل: {إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين} وقال: عز وجل: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} على هذا: فإن قلت: هذا ثالث اثنين فعلى غير هذا الوجه. إنما معناه: هذا الذي جاء إلى اثنين فثلثهما فمعناه الفعل. وكذلك هذا رابع ثلاثة. ورابعٌ ثلاثةٌ يا فتى، لأن معناه: أنه ربعهم، وثلثهم. وعلى هذا قوله عز وجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم}. ومثله قوله عز وجل: {سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم}.
وتلك الأولى لا يجوز أن تنصب بها؛ لأن المعنى: أحد ثلاثة وأحد أربعة). [المقتضب: 2/179-180] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله جل اسمه تفسيرين متضادين، قوله جل وعز: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا}، يقال، هذا ما أخبر الله جل وعز به، ودل العالم فيه على حقيقة لبثهم.
وقال آخرون: هذا مما حكاه الله عز وجل عن نصارى نجران، ولم يصحح قولهم وما ادعوه فيه، واحتجوا بقراءة عبد الله بن مسعود: (قالوا ولبثوا في كهفهم)، واحتجوا أيضا بقوله جل وعز: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم}، فقوله: {لبثوا} منعطف على قولهم الأول، وغير خارجمن معناه.
وقالوا: الدليل على أنه من كلام نصارى نجران، قوله عز وجل: {قل الله أعلم بما لبثوا}، أي لا تقبل ذا القول منهم؛ وهذا من المبهمات التي لا يعلمها راسخ في
في العلم، بل ينفرد الله عز وجل بعلمها دون خلقه.
وقال أصحاب القول الأول: قوله جل وعز: {قل الله أعلم بما لبثوا}، معناه: الله أعلم بلبثهم مذ يوم أميتوا إلى هذا الوقت، ومقدار لبثهم مذ يوم ضرب على آذانهم في الكهف إلى وقت انتباههم ثلاثمائة سنة وتسع سنين؛ وقد استقصينا تفسير هذه المسألة في كتاب (الرد على أهل الإلحاد في القرآن) ). [كتاب الأضداد: 367-368] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فمما جاء فيه النون في كتاب الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غداً} وقوله تعالى: {ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} و: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وليكونن خفيفة
وأما الخفيفة فقوله تعالى: {لنسفعن بالناصية} ). [الكتاب: 3/509-510] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: (ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين). وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا.......ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا.
ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد.
فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:

من تثقفن منهم فليس بآئبٍ.......أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:
ربما أوفيت في علـمٍ.......ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب:
بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه.
فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قولك: مائة درهم، ومائة جارية، وألف غلام، وألف جارية فلا يكون فيه غلا هذا؛ لأنه ليس بمنزلة ثلاثة وما بعدها إلى عشرة ولا ثلاث عشر؛ لأن الثلاث والثلاثة على مئين وقع، أو على ألوف، أو غير ذلك. ففيهن أقل العدد مما وقعن عليه.
ومجاز مائة وألف في أنه لا يكون لأدنى العدد مجاز أحد عشر درهماً فما فوق.
فأما قوله عز وجل: {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين} فإنه على البدل لأنه لما قال: ثلاثمائة ثم ذكر السنين ليعلم ما ذلك العدد? ولو قال قائل: أقاموا سنين يا فتى، ثم قال: مئين أو ثلاثمائة لكان على البدل، ليبين: كم مقدار تلك السنين?
قد قرأ بعض القراء بالإضافة فقال: ثلاث مائة سنين وهذا خطأ في الكلام غير جائز. وإنما يجوز مثله في الشعر للضرورة، وجوازه في الشعر أنا نحمله على المعنى؛ لأنه في المعنى جماعة وقد جاز في الشعر أن تفرد وأنت تريد الجماعة إذا كان في الكلام دليل على الجمع فمن ذلك قوله:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا.......فإن زمانكم زمنٌ خمـيص
وقال آخر:
إن تقتلوا اليوم فقد سبـينـا.......في حلقكم عظمٌ وقد شجينا
وينشد: شربنا.
وقال علقمة بن عبدة:
بها جيف الحسرى فأما عظامها.......فبيضٌ وأما جلدها فصـلـيب
وأما قوله عز وجل: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم} فليس من هذا؛ لأن السمع مصدر، والمصدر يقع للواحد والجمع.
وكذلك قول الشاعر، وهو جرير:
إن العيون التي في طرفها مرضٌ.......قتلننا ثم لـم يحـيين قـتـلانـا
لأن الطرف مصدر.
وأما قول الله عز وجل: {ثم يخرجكم طفلاً} وقوله: {فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفساً} فإنه أفرد هذا، لأن مخرجهما مخرج التمييز؛ كما تقول: زيد أحسن الناس ثوباً، وأفره الناس مركباً. وإنه ليحسن ثوباً، ويكثر أمةً وعبداً). [المقتضب: 2/168-171]

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال أبو العباس: من قال: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ} فهو الاختيار؛ لأن السنين جمع، ولا تخرج مفسرة، كأنه قال: ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة، فالسنون تابعة للثلثمائة، والثلثمائة تابعة للسنون. وإذا قال ثلثمائة سنين فأضاف، فإن السنين فيها لغات، يقال هذه سنون فاعلم، ومررت بسنين فاعلم. هذا جمع على ما فسرنا. ولغة يقولون هذه سنينك، ومرت سنينك، فيثبتون النون، فيجعلونها كالواحد، فعلى هذه أضافوا. قال: وأنشد الفراء وأصحابنا:
ذراني من نجد فإن سنينه.......لعبن بناشيبًا وشيبننا مردا
فعلى هذا أضافوا. وأنشد:
سنيني كلها لا قيت حربا.......أعد من الصلادمة الذكور
ينون ولا ينون، فمن نون جعله كالواحد ومن لم ينون قال: هو معدول عن الجميع إلى الواحد). [مجالس ثعلب: 265-266]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله جل اسمه تفسيرين متضادين، قوله جل وعز: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا}، يقال، هذا ما أخبر الله جل وعز به، ودل العالم فيه على حقيقة لبثهم.
وقال آخرون: هذا مما حكاه الله عز وجل عن نصارى نجران، ولم يصحح قولهم وما ادعوه فيه، واحتجوا بقراءة عبد الله بن مسعود: (قالوا ولبثوا في كهفهم)، واحتجوا أيضا بقوله جل وعز: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم}، فقوله: {لبثوا} منعطف على قولهم الأول، وغير خارجمن معناه.
وقالوا: الدليل على أنه من كلام نصارى نجران، قوله عز وجل: {قل الله أعلم بما لبثوا}، أي لا تقبل ذا القول منهم؛ وهذا من المبهمات التي لا يعلمها راسخ في العلم، بل ينفرد الله عز وجل بعلمها دون خلقه.
وقال أصحاب القول الأول: قوله جل وعز: {قل الله أعلم بما لبثوا}، معناه: الله أعلم بلبثهم مذ يوم أميتوا إلى هذا الوقت، ومقدار لبثهم مذ يوم ضرب على آذانهم في الكهف إلى وقت انتباههم ثلاثمائة سنة وتسع سنين؛ وقد استقصينا تفسير هذه المسألة في كتاب "الرد على أهل الإلحاد في القرآن"). [كتاب الأضداد: 367-368]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (ومما يفسر من كتاب الله جل اسمه تفسيرين متضادين، قوله جل وعز: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا}، يقال، هذا ما أخبر الله جل وعز به، ودل العالم فيه على حقيقة لبثهم.
وقال آخرون: هذا مما حكاه الله عز وجل عن نصارى نجران، ولم يصحح قولهم وما ادعوه فيه، واحتجوا بقراءة عبد الله بن مسعود: (قالوا ولبثوا في كهفهم)، واحتجوا أيضا بقوله جل وعز: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم}، فقوله: {لبثوا} منعطف على قولهم الأول، وغير خارجمن معناه.
وقالوا: الدليل على أنه من كلام نصارى نجران، قوله عز وجل: {قل الله أعلم بما لبثوا}، أي لا تقبل ذا القول منهم؛ وهذا من المبهمات التي لا يعلمها راسخ في
في العلم، بل ينفرد الله عز وجل بعلمها دون خلقه.
وقال أصحاب القول الأول: قوله جل وعز: {قل الله أعلم بما لبثوا}، معناه: الله أعلم بلبثهم مذ يوم أميتوا إلى هذا الوقت، ومقدار لبثهم مذ يوم ضرب على آذانهم في الكهف إلى وقت انتباههم ثلاثمائة سنة وتسع سنين؛ وقد استقصينا تفسير هذه المسألة في كتاب "الرد على أهل الإلحاد في القرآن" ). [كتاب الأضداد:367- 368] (م)


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 01:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (

يا لهب نفسي ولهف غير مجدية.......شيئا وما عن قضاء الله ملتحد
...
(ملتحد) منجى، من قوله عز وجل: {ولن تجد من دونه ملتحدا} أي مهربا تصير إليه). [شرح أشعار الهذليين: 1/338] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) }

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (و(السرادق): ما أحاط بالبناء). [الغريب المصنف: 1/271]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه أوصى في مرضه فقال: ادفنوني في ثوبي هذين فإنما هما للمهل والتراب.
(المهل) في هذا الحديث: الصديد والقيح، و(المُهْل) في غير هذا: كل فلز أذيب، والفلز: جواهر الأرض من الذهب والفضة والنحاس وأشباه ذلك،
ومنه حديث ابن مسعود
حدثناه هشيم، عن عوف، عن الحسن: سئل ابن مسعود عن المهل؛ فدعا بفضة فأذابها فجعلت تميع وتلون، هذا من أشبه ما أنتم راؤن بالمهل.
أراد تأويل هذه الآية {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه}.
وقوله: (تميع): تذوب، وكل ذائب فهو مائع.
والمهل أيضا -في غير هذا-: كل شيء يتحات عن الخبزة من الرماد وغيره إذا أخرجت من الملة.
والملة الحفرة التي تمل فيها الخبزة.
وقال أبو عمرو: المهل في شيئين: هو في حديث أبي بكر: الصديد والقيح، وفي غيره: دردي الزيت، لم يعرف منه إلا هذا.
قال الأصمعي: حدثني رجل -وكان فصيحا- أن أبا بكر قال: فإنما هما للمَهْلة والتراب – بالفتح-.
قال: بعضهم بكسر الميم: للمِهْلة). [غريب الحديث: 4/113-114]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

هم تركوا صحابك بين شاص.......ومرتفق علي شزن يميد
...
و(مرتفق) صرع فاتكأ على مرفقه.
...
و(مرتفق) متكئ على ناحية مرفقه لم يوسد). [شرح أشعار الهذليين: 1/336]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): ( وبعض النحويين من غير البصريين يجيز النصب على إضمار أن. والبصريون يأبون ذلك إلا أن يكون منها عوض؛ نحو: الفاء والواو وما ذكرناه معهما. ونظير هذا الوجه قول طرفة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغـى.......وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
ومن رأى النصب هناك رأى نصب أحضر.
فأما قول الله عز وجل: {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} فتقديره والله أعلم: قل أفغير الله أعبد فيما تأمروني. ف غير منصوب ب أعبد.
وقد يجوز وهو بعيد على قولك: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى، فكأن التقدير: قل أفغير الله تأمروني أعبد. فتنصب غير ب تأمروني. وقد أجازه سيبويه على هذا، وهذا قول آخر وهو حذف الباء، كما قال:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به.......فقد تركتك ذا مالٍ وذا نـشـب
وأنا أكره هذا الوجه الثاني لبعده.
ولا يجوز على هذا القول أن ينصب غيراً بأعبد؛ لأن أعبد على هذا في صلة أن.

وأما قوله عز وجل: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} فعلى الجواب.
فإن قال قائل: أفأمر الله بذلك ليخوضوا ويلعبوا؟ قيل: مخرجه من الله عز وجل على الوعيد؛ كما قال عز وجل: {اعملوا ما شئتم} {ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
أما قوله: {ذرهم في خوضهم يلعبون} فإنه ليس بجواب، ولكن المعنى: ذرهم لاعبين، أي ذرهم في حال لعبهم). [المقتضب: 2/82-84] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
هم تركوا صحابك بين شاص.......ومرتفق علي شزن يميد
...
و(مرتفق) صرع فاتكأ على مرفقه.
...
و(مرتفق) متكئ على ناحية مرفقه لم يوسد). [شرح أشعار الهذليين: 1/336] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)}

تفسير قوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33)}

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}

تفسير قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) }

تفسير قوله تعالى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عبد الله رحمه الله أن امرأته سألته أن يكسوها جلبابا فقال: إني أخشى أن تدعي جلباب الله الذي جلببك، قالت: وما هو؟ قال: بيتك، قالت: أجنك من أصحاب محمد تقول هذا.
حدثنيه ابن مهدي عن سفيان عن طارق بن عبد الرحمن،
عن حكيم بن جابر عن عبد الله.
قال الكسائي وغيره: قولها: أجنك: تريد: من أجل أنك، فتركت «من»، والعرب تفعل ذلك تدع «من» مع «أجل» تقول: فعلت ذلك أجلك: بمعنى من أجلك، قال عدي بن زيد:
أجل إن الله قد فضلكم.......فوق ما أحكي بصلب وإزار
أراد أجل وأراد بالصلب: الحسب، وبالإزار: العفة.
ويروى أيضا:
فوق من أحكأ صلبا بإزار
أحكأ: يريد: شدة، يقال: أحكأت العقدة: إذا أحكمتها عقدا.
وقولها: أجنك، فحذفت الألف واللام كقوله: {لكنا هو الله ربي} يقال: إن معناه –والله أعلم- لكني أنا هو الله ربي فحذفت الألف فالتقت نونان فجاء التشديد لذلك وأنشدنا الكسائي:
لهنك من عبسية لوسيمة.......على هنوات كاذب من يقولها
أراد: لله إنك لوسيمة، فأسقط إحدى اللامين من لله وحذف الألف، وكذلك اللام من أجل حذفت، كما قال:
لاه ابن عمك والنوى يعدو
فحذف اللام، وهو من هذا أيضا). [غريب الحديث: 5/86-88]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنها تكون في إن وأخواتها فصلا وفي الابتداء ولكن ما بعدها مرفوع لأنه مرفوع قبل أن تذكر الفصل.
واعلم أن هو لا يحسن أن تكون فصلا حتى يكون ما بعدها معرفة أو ما أشبه المعرفة مما طال ولم تدخله الألف واللام فضارع زيدا وعمرا نحو خير منك ومثلك وأفضل منك وشر منك كما أنها لا تكون في الفصل إلا وقبلها معرفة [أو ما ضارعها] كذلك لا يكون إلا ما بعدها معرفة أو ما ضارعها. لو قلت كان زيد هو منطلقاً ، كان قبيحاً حتى تذكر الأسماء التي ذكرت لك من المعرفة وما ضارعها من النكرة مما لا يدخله الألف واللام.
وأما قوله عز وجل: {إن ترني أنا أقلّ منك مالاً وولداً} فقد تكون أنا فصلا وصفة، وكذلك: {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا}.
وقد جعل ناس كثير من العرب هو وأخواتها في هذا الباب بمنزلة اسم مبتدأ وما بعده مبني عليه فكأنك تقول أظن زيدا أبوه خير منه [ووجدت عمرا أخوه خير منه]. فمن ذلك أنه بلغنا أن رؤبة كان يقول أظن زيدا هو خير منك.
- وحدثنا عيسى أن ناسا كثيرا يقرءونها
: (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظّالمون) ). [الكتاب: 2/392-393]

تفسير قوله تعالى: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)}

تفسير قوله تعالى: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)}

تفسير قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)}

تفسير قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ): (وقال اللحياني: يقال لما التصق في أسفل القدر من محترق التابل وغيره: عقبة.
وقال أبو النصر، عن الأصمعي: العُقبُ: العاقبة، قال الله تعالى: {وخيرٌ عُقبًا} ويقال: احذر عقوبة الله وعقابه). [الأمالي: 1/186]

تفسير قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (في حديث عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى خالد بن الوليد: أنه بلغني أنك دخلت حماما بالشام وأن من بها من الأعاجم أعدوا لك دلوكا عجن بخمر وإني أظنكم آل المغيرة ذرء النار.
قال: حدثناه إسماعيل بن عياش، عن حميد بن ربيعة، عن سليمان بن موسى، أن عمر كتب إلى خالد بذلك.
قوله: ذرء النار ويروى ذرو النار، فمن قال: ذرء النار –بالهمز- فإنه أراد خلق النار أي: إنكم خلقتم لها، من قوله: ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا.
ومن قال: ذرو، فهو من ذرا يذرو، من قوله: (تذروه الريح) أي: إنكم تذرون في النار ذروا). [غريب الحديث: 4/227]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:

"فقلت هشيمة من أهل نجد"
تأويله ضعفة، وأصل الهشيم النبت إذا ولى وجف وتكسر، فذرته الرياح يمينًا وشمالاً قال الله عز وجل: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} والنجد: أعالي الأرض). [الكامل: 1/63]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
وبعض الرجال في الحروب غثاء
فالغثاء: ما يبس من البقل حتى يصير حطامًا، وينتهي في اليبس فيسود، فيقال له: غثاء وهشيم ودندن وثن، على قدر اختلاف أجناسه، ويقال له: الدرين، قال الله عز وجل: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} وقال: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}، وقال الشاعر يصف سحابًا:
إذا ما هبطن الأرض قد مات عودها.......بكين بها حتى يعيش هشيم
وقال الراجز:
تكفي الفصيل أكلةٌ من ثن
وقد يقال للشيء الذي لا خير فيه: هذا غثاء، أي قد صار كذلك الذي وصفناه، ويضرب هذا مثلاً للكلام الذي لا وجه له). [الكامل: 1/113-114] (م)

تفسير قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)}

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}

تفسير قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}

تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المغازي وذكر قوما من أصحابه كانوا غزاة فقتلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا ليتني غودرت مع أصحاب نحص الجبل)).
والنحص: أصل الجبل وسفحه. وقوله: ((غودرت)) يعني ليتني تركت معهم شهيدا مثلهم. وكل متروك في مكان فقد غودر فيه.
ومنه قوله عز وجل: {مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} أي لا يترك شيئا.
وكذلك أغدرت الشيء تركته، إنما هو أفعلت من ذلك قال الراجز:
هل لك والعارض منك عائض في هجمة يغدر منها القابــض
قال الأصمعي: القابض هو السائق السريع السوق.
يقال: قبض يقبض قبضا: إذا فعل ذلك.
وقوله: يغدر منها يقول: لا يقدر على ضبطها كلها من كثرتها ونشاطها حتى يغدر بعضها أي يتركه). [غريب الحديث: 1/423-425]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث ابن عمر حين سأله رجل عن عثمان فقال: أنشدك الله هل تعلم أنه فر يوم أحد وغاب عن بدر وعن بيعة الرضوان؟ فقال ابن عمر: أما فراره يوم أحد فإن الله تعالى يقول: {ولقد عفا الله عنهم} وأما غيبته عن بدر فإنه كانت عنده بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة وذكر عذره في ذلك كله ثم قال: اذهب بهذه تلآن معك.
حدثناه أبو النضر عن شيبان عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن ابن عمر.
قال الأموي: قوله: تلآن، يريد: الآن، وهي لغة معروفة، يزيدون التاء في
الآن وفي حين فيقولون: تلآن وتحين قال: ومنه قول الله تبارك وتعالى: {ولات حين مناص}، قال: إنما هي: ولا حين مناص قال: وأنشدنا الأموي لأبي وجزة السعدي:

العاطفون تحين ما من عاطف.......والمطعمون زمان ما من مطعم
وكان الكسائي والأحمر وغيرهما من أصحابنا يذهبون إلى أن الرواية العاطفونة فيقولون: جعل الهاء صلة وهو في وسط الكلام، وهذا ليس يوجد إلا على السكت، فحدثت به الأموي فأنكره، وهو عندي على ما قال الأموي، ولا حجة لمن احتج بالكتاب في قوله: {ولات} لأن التاء منفصلة من حين، لأنهم قد كتبوا مثلها منفصلا أيضا
مما لا ينبغي أن يفصل كقوله عز وجل: {يا ويلتنا مال هذا الكتاب}، فاللام في الكتب منفصلة من هذا، وقد وصلوا في غير موضع وصل فكتبوا: «ويكأنه» وربما زادوا الحرف ونقصوا، وكذلك زادوا ياء في قوله تعالى: {أولي الأيدي والأبصار}، فالأيدي في التفسير عن سعيد بن جبير أولو القوة في الدين والبصر.
فالأيد: القوة بلا ياء والأبصار: العقول وكذلك كتبوه في موضع آخر: (داود ذا الأيد) ). [غريب الحديث: 5/277-279] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفي خطبة المأمون يوم الفطر بعد التكبير الأوّل

إنّ يومكم هذا يومُ عِيدٍ وسُنَّة وابتهال ورغبة، يومٌ خَتَم الله به صيامَ شهر رمضان وافتتح به حجَّ بيته الحَرَام، فجعله خاتمةَ الشهر وأوّلَ أيام شهور الحجّ، وجعله مُعقِّبًا لمفروض صيامكم ومنتفَل قيامكم، أحل فيه الطعامَ لكم وحَرم فيه الصيامَ عليكم؛ فاطلبوا إلى الله حوائجكَم استغفروه لتفريطكم، فإنه يُقال: لا كبيرَ مع استغفار، ولا صغير مع إصرار. ثم التكبير والتحميد وذكر النبيّ عليه السلام والوصية بالتقوى. ثم قال: فاتقوا الله عبادَ الله وبادروا الأمرَ الذي اعتدَلَ فيه يقينُكم، ولم يتحضِر الشكُ فيه أحدًا منكم، وهو الموت المكتوبُ عليكم، فإنه لا تُستقالُ بعده عَثْرةٌ، ولا تُحْظَر قبله توبة. واعلموا أنه لا شيءَ قبله إلا دونَه ولا شيءَ بعده إلا فوقَه. ولا من على جَزَعه وعَلَزه وكُرَبه، ولا يُعين على القبر وظُلْمته وضِيقه ووَحْشته وهَوْل مَطْلَعه ومسألة ملائكته، إلا العملُ الصالحُ الذي أمر اللّه به. فمن زَلَّت عند الموت قَدَمُه، فقد ظهرت ندامتُه، وفاتته استقالتُه، ودعا من الرَّجْعة إلى ما لا يجاب إليه، وبذَلَ من الفِدْية ما لا يُقْبَلُ منه. فالله اللَّه عبادَ اللهّ! وكونوا قومًا سألوا الرَّجْعةَ فأعْطُوها إذ مُنِعَهَا الذين طَلَبوها فإنه ليس يتمنَى متقدون قبلكم إلا هذا المهلَ المبسوطَ لكم.
واحذَرُوا ما حذَّركم الله، واتَقوا اليومَ الذي جمَعُكم الله فيه لوَضْع مَوَازينكم، ونَشْر صُحُفكم الحافِظةِ لأعمالكم.
فلينظُرْ عبدٌ ما يَضَعُ في زاده مما يثقل به، وما يًمِلُ في صحيفته الحافِظة لما عليه وله؛ فقد حَكَى الله لكم ما قال مفرطون عندها إذ طال إعراضُهم عنها، قال: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمينَ مُشْفِقِينَ مما فيه}! الآية. وقال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْم الْقِيَامَةِ}. ولستُ أنهاكم عن الدنيا بأعظمَ مما نهتْكم الدنيا عن نفسها، فإنه كل ما لها ينهَى عنها، وكل ما فيها يدعو إلى غيرها. وأعظمُ ما رأته أعينكم من عجائبها فمُّ كتاب اللّه لها ونَهْيُ اللّه عنها، فإنه يقول: {فَلَا تَغُرنًكُمُ الحَيَاة الدنْيَا وَلاَ يَغُرنكُمْ بِالله الغَرُورُ} وقال: {إنمَا الْحَيَاةُ الدُنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} الآية. فانتفعوا بمعرفتكم بها وبإخبار الله عنها، واعلَموا أنّ قومًا من عباد اللهّ أدركتُهم عِصمةُ اللّه فحذِروا مَصَارِعَها، وجانَبُوا خدائعها، وآثروا طاعةَ الله فيها، فأدركوا الجنَّة بما تركوا منها). [عيون الأخبار: 5/255-256]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مقام الأوزاعيّ بين يدي المنصور
ذكره عبدُ الله بن المبارك عن رجل من أهل الشأم قال: دخلتُ عليه فقال: ما الذي بَطأ بك عني؟ قلتُ: يا أميرَ المؤمنين وما الذي تريد مني؟ فقال: الاقتباسُ منك. قلتُ: انظر ما تقول، فإن مكحولاً حدًثني عن عطية بن بَشيرٍ أنّ رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ بلَغه عن اللّه نصيحةٌ في دينه فهي رحمة من الله سِيقَتْ إليه، فإن قَبِلَها من الله بشكرٍ وإلا كانتْ حُجّةً من الله عليه، ليزداد إثمًا، وليَزْدادَ الله عليه غضبًا، وإن بلغه شيء من الحق فرضِيَ فله الرضا، وإن سَخِط فله السخط، ومن كرهَه فقد كره الله، لأن الله هو الحق المبين "، فلا تجهَلَن.
قال: وكيف أجهل؟ قال: تسمع ولا تعمل بما تسمَعُ.
قال الأوزاعي: فسل علي الربيعُ السيفَ وقال: تقول لأمير المؤمنين هذا! فانتهرَه المنصور وقال: أمسِكْ. ثم كلمه الأوزاعي، وكان في كلامه أن قال: إنك قد أصبحت من هذهِ الخلافة بالذي أصبحت به، والله سَائَلُكَ عن صغيرها وكبيرها وفتيلها ونقيرها، ولقد حدثني عُروةُ بن رُوَيْم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما مِنْ راعٍ يبيتُ غاشًّا لِرعيته إلا حًرّمَ الله عليه رائحةَ الجنةِ " فحقيق على الوالي أن يكون لرعيته ناظرًا، ولمَا استطاع من عَوراتهم ساتِرًا، وبالقِسط فيما بينهم قائمًا، لا يتخوْف محسنُهم منه رهَقًا ولا مسيئهم عدوانًا؛ فقد كانت بيد رسول الله؛ جرب يستَاكُ بها ويردعُ عنه المنافقينَ، فأتاه جبريلُ فقال: " يا محمدُ ما هذه الجريدةُ بيدكَ! إقذِفْها تملأ قلوبَهم رُعبًا!. فكيف مَنْ سفكَ دماءهم وشَققَ أبشارهم وأنهبَ أموالهم! يا أمير المؤمنين إنْ المغفورَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر دعا إلى القِصاص من نفسه بخدش خدشه أعرابيًا يتعمده، فهبط جبريل فقال: (يا محمد إن الله لم يبعَثْكَ جبارًا تكسِرُ قرونَ أمَتك). واعلم كل ما في يدك لا يعدِلُ ضربةً منِ شراب الجنة ولا ثمرةً من ثمارها؛ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ((لَقَاب قوس أحدكم من الجنة أو قُذَة خيْرٌ له من الدنيا بأسرها)). إن الدنيا تنقطِعُ ويزولُ نعيمها، ولو بقي الملكُ لمن قبلكَ لم يصِل إليكَ.
يا أمير المؤمنين، ولو أنّ ثوبًا من ثيابَ أهل النار عُلًقَ بين السماء والأرض لأذاهم فكيف مَنْ يتَقمصُه! ولو أن ذَنُوبًا من صديد أهل النار صُبَّ على ماء الأرض لآجنَه فكيف بمن يتجرعهُ، ولو أنَ حَلقةً من سلاسل جهنم وُضِعَتْ على جبل لذاب فكيف مَنْ سُلِكَ فيها ويُرَدُّ فضلُها على عاتقه! وقد قال عمر بن الخطاب: (لا يُقَوَم أمرَ الناس لا حَصيفُ العقدة، بعيدُ الغِرة، لا يَطَّلِعُ الناسُ منه على عَورةٍ، ولا يُحنِقُ في الحق على برةٍ، ولا تأخُذُهُ في الله لومةُ لائم).

واعلم أن السلطان أربعة: أمير يَظْلِفُ نفسَه وعمفالَه، فذلك له أجرُ المجاهد في سبيل الله وصلاتُه سبعونَ ألفَ صلاةٍ ويدُ الله بالرحمة على رأسه تُرفرفُ؛ وأمير رتَعَ ورتَع عُمَالُه، فذاك حمِلُ أثقالَه وأثقالاً مع أثقاله؛ وأمير يَظلِف نَفسَه ويرتَعُ عُمَّالُه، فذاكَ الذي باع آخرتَه بدنيا غيره؛ وأمير يرتَعُ ويَظْلِفُ عُمالَهُ، فذاكَ شر الأكياس.
واعلم يا أمير المؤمنين أنك قد ابتُلِيتَ بأمر عظيم عُرِضَ على السَّمواتِ والأرض والجِبال فأبينَ أن يحملنه وأشفَقَن منه؛ وقد جاء عن جَدَكَ في تفسير قول اللّه عز وجل: {لا يُغَادِرُ صغِيرَة ولا كَبِيرَة إلا أحصاها} أنْ الصغيرة التبسمُ، والكبيرةَ الضحكُ.
وقال: فما ظنكم بالكلام وما عملته الأيدي! فاعيذك بالله أن يُخيل إليك أن قرابتك برسول اللّه صلى الله عليه وسلم تنفع مع المخالفة لأمره؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا صفية عمة محمد، ويا فاطمة بنت محمد استوهبا أنفسكما من الله إني لا أغني عنكما من الله شيئًا)). وكان جدك الأكبر سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إمارةً؛ فقال: ((أي عمٌ نفسٌ تُحِييها خيرٌ لك من إمارة لا تُحصِيها))، نظرًا لعمه وشفقة عليه أن يليَ فيجورَعن سنته جناحَ بعوضة، فلا يستطيعَ له نفعًا ولا عنه دفعًا. هذه نصيحتي إن قبلتَها فلنفسك عملتَ، وإن رددتها فنفسك بَخسْتَ، واللّه الموفق للخير والمعينُ عليه.
قال: بلى! نقبلها ونشكرُ عليها، وبالله نستعينُ). [عيون الأخبار: 6/338-341]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 01:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والإضافة نحو قولك: هو أفضلهم عبداً، وعلى التمرة مثلها زبداً. فإن قال قائل: فهل يكون المضمر مقدماً؟. قيل: يكون ذاك إذا كان التفسير له لازماً. فمن ذلك قولك: إنه عبد الله منطلقٌ. وكان زيدٌ خيرٌ منك؛ لأن المعنى: إن الحديث أو إن الأمر عبد الله منطلقٌ، وكان الحديث زيد خير منك، ولهذا باب يفرد بتفسيره. قال الله عز وجل: {إنه من يأت ربه مجرماً} أي: إن الخبر.
و منها قولك في إعمال الأول والثاني: ضربوني، وضربت إخوتك؛ لأن الذي بعده من ذكره الأخوة يفسره فكذلك هذا. قال الله عز وجل: {بئس للظالمين بدلاً} وقال: {نعم العبد إنه أواب}، لأنه ذكر قبل فكذلك جميع هذا). [المقتضب: 2/142-143] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} قال: إن كان إبليس من الملائكة فهو متصل، وإن لم يكن فهو منقطع. {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} قال: كل ما استتر فهو من الجن الشكيمة: الخلق؛ وشكمته: أعطيته). [مجالس ثعلب: 58]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ( {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} يقال فسق الشيء، إذا خرج من حال إلى حال، ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت). [مجالس ثعلب: 115]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ( {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} قال: الجن صنف من الملائكة، وكل ما استتر يسمى جنا). [مجالس ثعلب: 146]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله عز وجل تفسيرين متضادين قوله: {إلا إبليس كان من الجن}، يقال: الجن الملائكة، سموا جنا لاستتارهم عن الناس، من قول العرب: قد جن عليه الليل، وأجنه وجنه، إذا ستره، قال الشاعر:

يوصل حبليه إذا الليل جنه.......ليرقى إلى جاراته في السلالم
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز، قال: حدثنا جرير، عن ثعلبة، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير في قوله: {إلا إبليس كان من الجن}، قال: كان من حي من الملائكة، يصوغون حلية أهل الجنة.
وأخبرنا أبو الحسن بن البراء، قال: حدثنا ابن غانم وابن حميد، قالا: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن خلاد بن عطاء، عن طاوس –أو عن مجاهد أبي الحجاج- عن ابن عباس وغيره، قالوا: كان إبليس قبل أن يركب المعصية ملكا من الملائكة، اسمه عزازيل، وكان من سكان الأرض من الملائكة يسمون الجن، ولم يكن من
الملائكة ملك أشد اجتهادا ولا أكثر علما منه، فلما تكبر على الله عز وجل، وأبى السجود لآدم وعصاه لعنه وجعله شيطانا مريدا وسماه إبليس، يقول الله عز وجل: {إلا إبليس كان من الجن فقسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا}.
قال ابن إسحاق: وقالت العرب: الجن ما استتر عن الناس ولم يظهر. وقال أصحاب هذا القول: الدليل على أن إبليس من الملائكة أن الله جل وعز استثناه معهم من سجودهم. ويدل أيضا على أن الملائكة يقال لهم جن قول الأعشى في ذكره سليمان بن داود عليهما السلام:
لو كــان شيء خالدا أو معمـــرا.......لكان سليمان البريء من الدهر
براه إلهــــــي واصطفــــاه عبـــاده.......وملكه ما بيـــن تــرنـي إلى مصــــر
وسخر من جن الملائك تسعة.......قيــــــاما لديـــه يعمـــلون بــــلا أجــر

- وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: إنما قيل لإبليس: الجني لأنه كان من الملائكة، وأن الله خلق ملائكة، فقال لهم: {إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي
فقعوا له ساجدين}، فأبوا فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم، ثم خلق ملائكة آخرين، فقال لهم مثل ما قال للأولين، فأبوا، فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم، ثم خلق هؤلاء الملائكة الذين هم عنده، فقال لهم: {إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}، فقالوا: سمعنا وأطعنا، فقال ابن عباس: فكان إبليس من الملائكة الذين حرقوا أولا. قال أبو عاصم: ثم أعاده الله ليضل به من يشاء.
وأخبرنا أحمد بن الحسين، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: خبرنا عباد، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشراف الملائكة، من أولي الأربعة أجنحة، ثم أبلس بعد.
وأخبرنا محمد بن عثمان، قال: حدثنا منجاب، قال: أخبرنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: إنما سمي إبليس إبليس لأنه أبلس من الخير كله. فقال اللغويون: هذا التفسير يشهد لمعنى إبليس وصرفه عن الخير واستحقاقه البعد منه ولا يشهد؛ لأن لفظ إبليس مأخوذ من أُبْلِس أو أَبلَس؛ لأنه لو كان كذلك كان عربيا منونا، كما يجري (إكليل)، وهو على
مثاله، فلما وحدنا الله عز وجل قال: {إلا إبليس}، فلم ينونه علمنا أنه أعجمي مجهول الاشتقاق؛ ولأن ما عرف اشتقاقه كان عربيا يلزمه من التعريب ما يلزم زيدا وعمرا وأشباههما؛ إلا أن يكون منع الإجراء للتعريف؛ وأنه اسم واقع على أولاده، وجميع جنسه فيلحق بـ (ثمود) وما أشبهه في ترك الإجراء.
وقال آخرون: ما كان إبليس من الملائكة قط، وهو أبو الجن؛ كما أن آدم أبو الإنس، فاحتج عليهم بقوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس}.
وبقول: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس}، فاحتجوا بأنه لما أمر بالسجود كما أمروا فخالف وأطاعوا، أخرج من فعلهم، ونصب على الاستثناء، وهو من غير جنسهم، كما تقول العرب: سار الناس إلا الأثقال، وارتحل أهل العسكر إلا الأبنية والخيام.
وحدثنا أحمد بن الحسين، قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال خبرنا هوذة، عن عوف، عن الحسن، قال: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين.
وقال أصحاب القول الأول: يجوز أن يكون تأويل قوله: {كان من الجن} كان ضالا؛ كما أن الجن كانوا ضلالا، فلما فعل مثل فعلهم أدخل في جملتهم؛ كما قال: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض}، فهذا ما انتهى إلينا، والله أعلم بحقيقة ذلك وأحكم). [كتاب الأضداد: 334-338]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن
اعلم أن أن والفعل بمنزلة المصدر. وهي تقع على الأفعال المضارعة فتنصبها، وهي صلاتها. ولا تقع مع الفعل حالاً؛ لأنها لما لم يقع في الحال، ولكن لما يستقبل.
فإن وقعت على الماضي؛ نحو: سرني أن قمت، وساءني أن خرجت كان جيداً. قال الله عز وجل: {وامرأة مؤمنةً أن وهبت نفسها للنبي} أي: لأن كان هذا فيما مضى.
فهذا كله لا يلحق الحال؛ لأن الحال لما أنت فيه.
واعلم أن هذه لا تلحق بعد كل فعل، إنما تلحق إذا كانت لما لم يقع بعد ما يكون توقعاً لا يقيناً؛ لأن اليقين ثابت. وذلك قولك: أرجو أن تقوم يا فتى، وأخاف أن تذهب يا فتى. كما قال: عز وجل: {نخشى أن تصيبنا دائرةٌ}.
ولو قلت: أعلم أن تقوم يا فتى لم يجز؛ لأن هذا شيء ثابت في علمك،فهذا من مواضع أن الثقيلة؛ نحو: أعلم أنك تقوم يا فتى.
وتقول: أظن أنك ستقوم؛ لأنه شيءٌ قد استقر في ظنك؛ كما استقر الآخر في علمك، كما قال الله تبارك اسمه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}.
فإن قيل: إن يظنون هاهنا يوقنون. فهكذا هو، ولكنها في الثبات في الظن وفي إعمالها على الوجه الآخر. إلا أنها إذا أرد بها العلم لم تكن إلا مثقلة. فإن أريد بها الشك جاز الأمران جميعاً. والتثقيل في الشك أكثر استعمالاً؛ لثباته في الظن كثبات الأخرى في العلم.
فأما الوجه الذي يجوز فيه الخفيفة فإنه متوقع غير ثابت المعرفة. قال الله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}.
وأما {إن ظنا أن يقيما حدود الله} وقولهم: معناه: أيقنا فإنما هو شيء متوقع، الأغلب فيه ذا، إلا أنه علم ثابت؛ ألا تراه قال: {فظنوا أنهم مواقعوها} لما كان أيقنوا). [المقتضب: 2/29-30] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والظن يكون بمعنى الشك والعلم، لأن المشكوك فيه قد يُعْلَم.
كما قيل راج للطمع في الشيء، وراج للخائف، لأن الرجاء يقتضي الخوف إذ لم يكن صاحبه منه على يقين.
...
فأول ذلك الظن. يقع على معان أربعة: معنيان متضادات: أحدهما الشك، والآخر اليقين الذي لا شك فيه.
فأما معنى الشك فأكثر من أن تحصى شواهده. وأما معنى اليقين فمنه قول الله عز وجل: {وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا}، معناه علمنا. وقال جل اسمه: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها}، معناه فعلموا بغير شك، قال دريد، وأنشدناه أبو العباس:
فقلت لهم ظنوا بألفى مقاتل.......سراتهم في الفارسي المسرد
معناه تيقنوا ذلك، وقال الآخر:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم.......وأجعل مني الظن غيبا مرجما
معناه: وأجعل مني اليقين غيبا. وقال عدي بن زيد:
أسمد ظني إلى المليك ومن.......يلجأ إليه فلم ينله الضر
معناه أسند علمي ويقيني.
وقال الآخر:

رب هم فرجته بعزيم.......وغيوب كشفتها بظنون
معناه: كشفتها بيقين وعلم ومعرفة؛ والبيت لأبي داود.
وقال أوس بن حجر:
فأرسلته مستيقن الظن أنه.......مخالط ما بين الشراسيف جائف
معناه: مستيقن العلم.
والمعنيان اللذان ليسا متضادين: أحدهما الكذب، والآخر التهمة، فإذا كان الظن بمعنى الكذب قلت: ظن فلان، أي كذب، قال الله عز وجل: {إن هم إلا يظنون}، فمعناه: إن هم إلا يكذبون؛ ولو كان على معنى الشك لاستوفى منصوبيه، أو ما يقوم مقامهما.
وأما معنى التهمة فهو أن تقول: ظننت فلانا، فتستغني عن الخبر، لأنك اتهمته، ولو كان بمعنى الشك المحض لم يقتصر به على منصوب واحد.
ويقال: فلان عندي ظنين، أي متهم، وأصله «مظنون»، فصرف عن «مفعول» إلى «فعيل»، كما قالوا: مطبوخ وطبيخ، قال الشاعر:
وأعصي كل ذي قربى لحاني.......بجنبك فهو عندي كالظنين
وقال الله عز وجل: {وما هو على الغيب بظنين}، فيجوز أن يكون معناه «بمتهم». ويجوز أن يكون معناه «بضعيف»، من قول العرب: وصل فلان ظنون، أي ضعيف، فيكون الأصل فيه: وما هو على الغيب بظنون، فقلبوا الواو ياء، كما قالوا: ناقة طعوم وطعيم، للتي بين الغثة والسمينة؛ في حروف كثيرة يطول تعديدها وإحصاؤها.
وقال أبو العباس: إنما جاز أن يقع الظن على الشك واليقين؛ لأنه قول بالقلب؛ فإذا صحت دلائل الحق، وقامت أماراته كان يقينا، وإذا قامت دلائل الشك وبطلت دلائل اليقين كان كذبا، وإذا اعتدلت دلائل اليقين والشك كان على بابه شكا لا يقينا ولا كذبا). [كتاب الأضداد: 14-16] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)}
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
شديد العير لم يدحض عليه الـ.......ـغرار فقدحه زعل دروج
...
(يدحض) يزلق). [شرح أشعار الهذليين: 2/615]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأحمر: وقر الرجل وقارًا وإذا أمرته قلت أوقر مثل أومر [في لغة من قال: {وأمر بالمعروف}.
وقوله: {وقرن في بيوتكن} ليس
من الوقار إنما هو من الجلوس يقال منه وقرت أقر وقرًا جلست.
قال أبو عبيد: ليس هو عندي من الجلوس إنما هو من الوقار يقال منه وقرت أقر وقارًا وإذا أمرت قلت قر كما تقول من وعد عد ومن وزنت زن.
أبو زيد: وقرت أذنه توقر وقرا إذا ثقل سمعه. قال الكسائي: وقرت أذنه فهي موقورة.
أبو زيد: قررت الكلام في أذنه أقره قرا وقررت به عينًا أقر قرة وقرورًا وبعضهم قررت أقر.
قال الكسائي: قررت بالموضع أقر قرارًا أيضًا). [الغريب المصنف: 3/962-963] (م)

قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ): (و"الوقر": الثقل في الأذن من قول الله تبارك

وتعالى {وفي آذاننا وقر}، ويقال "منه قد وقرت أذنه" فهي موقورة، ويقال "اللهم قر أذنه"، ويقال أيضا "قد وقرت أذنه توقر وقرا"، والوقر: الثقل يحمل على رأس أو على ظهر من قوله تبارك وتعالى {فالحاملات وقرا}، ويقال "جاء يحمل وقره".
قال الفراء: ويقال "هذه امرأة موقرة وموقرة" إذا حملت حملا ثقيلا، و"هذه نخلة موقر وموقرة وموقرة" و"قد وقر الرجل" من الوقار فهو وقور). [إصلاح المنطق:3-4] (م)


تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)}
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت: 215هـ): (
لا وألت نفسك خليتها.......للعامرين ولم تكلم
...
و«وألت»: نجت. و«الموئل»: المنجى). [النوادر في اللغة:254- 255]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328هـ): (ويروى: يوائل نفسه: أي: ينجيها من قول الله عز وجل: {لن يجدوا من دونه موئلا}: ومنه قول بلال لأمية بن خلف: لا وألت إن
وألت ولا نجوت إن نجوت). [شرح المفضليات: 636-637]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)}


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 01:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: برح الخفاء، ذهب. وبرح الخفاء: ظهر. قال الله عز وجل: {لا أبرح حتى أبلغ}، أي: لا أزال). [الأضداد: 107]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والحقب السنون واحدها حقبة.
والحقب ثمانون سنة وجمعه أحقاب ويقال أكثر من ذلك). [الغريب المصنف: 3/709-710]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا} قال: أفلم يعلموا.

وقال في قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} قال: بعضهم يقول: ويلك، وبعضهم يقول: اعلم أن الله. وأنشد:


ويكأن من يكن له نشب يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال في قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}: ذلك في موضع رفع ونصب أراد فعلنا ذلك، ومن رفع أراد فعلنا ليعلم ذلك، فيرفع باللام.
{أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}، الحقب سنة، والأحقاب السنون.
{كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ}، فأنشد:
كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة الـ = ـرجال فأصلان الرجال أقاصره).
[مجالس ثعلب: 322] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وبرِح حرف من الأضداد؛ يقال: بَرِح الخفاء، إذا ظهر. قال أبو العباس: أصل (برح) صار في بَرَاح من الأرض، وهو البارز المنكشف، والخفاء: المستور المكتور؛ فإذا قال القائل: برح الخفاء؛ فمعناه ظهر المكتوم؛ قال زهير:
أبى الشهداء عندك من معد = فليس بما تدب به خفاء
وقال قطرب: يقال: برح الخفاء، يراد به استتر وخفي؛ فهذا مضاد الأول، ويقال: ما برح الرجل، يراد به ما زال من الموضع، ويقال: ما برح فلان جالسا؛ يراد به مازال جالسا؛ قال الله عز وجل: {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين}، فمعناه لا أزال، وقال الشاعر:
إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة = وتحمل أخرى أفدحتك الودائع
معناه: إذا أنت لم تزل. وأفدحتك، معناه أثقلتك، وقال الآخر:
وأبرح ما أدام الله قومي = بحمد الله منتطقا مجيدا
معناه: ولا أبرح، أي ولا أزال، فأضمر (لا) كما قال الآخر:
فأقسمت آسى على هالك = أو اسأل نائحة ما لها
معناه: لا آسى على هالك. وقال امرؤ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا = ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
معناه لا أزال). [كتاب الأضداد: 141-142]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والحقبة: الدهر والحين وجمع حقبة: حقب. والحقب في التفسير ثمانون سنةً وجمعه أحقاب). [شرح المفضليات: 794]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما يحذف من أواخر الأسماء في الوقف وهي الياءات
وذلك قولك هذا قاض وهذا غاز وهذا عم تريد العمي أذهبوها في الوقف كما ذهبت في الوصل ولم يريدوا أن تظهر في الوقف كما يظهر ما يثبت في الوصل فهذا الكلام الجيد الأكثر.
وحدثنا أبو الخطاب ويونس أن بعض من يوثق بعربيته من العرب يقول هذا رامي وغازي وعمي أظهروا في الوقف حيث صارت في موضع غير تنوين لأنهم لم يضطروا ههنا إلى مثل ما اضطروا إليه في الوصل من الاستثقال فإذا لم يكن في موضع تنوين فإن البيان أجود في الوقف وذلك قولك هذا القاضي وهذا العمي لأنها ثابتة في الوصل.
ومن العرب من يحذف هذا في الوقف شبهوه بما ليس فيه ألف ولام إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم تكن الألف واللام وفعلوا هذا لأن الياء مع الكسرة تستثقل كما تستثقل الياءات فقد اجتمع الأمران ولم يحذفوا في الوصل في الألف واللام لأنه لم يلحقه في الوصل ما يضطره إلى الحذف كما لحقه وليست فيه ألفٌ ولام وهو التنوين لأنه لا يلتقي ساكنان وكرهوا التحريك لاستثقال ياءٍ فيها كسرةٌ بعد كسرة ولكنهم حذفوا في الوقف في الألف واللام إذ كانت تذهب وليس في الاسم ألف ولام كما حذفوا في الوقف ما ليس فيه ألف ولام إذ لم يضطرهم إلى حذفه ما اضطرهم في الوصل وأما في حال النصب فليس إلا البيان لأنها ثابتة في الوصل فيما
ليست فيه ألفٌ ولامٌ ومع هذا أنه لما تحركت الياء أشبهت غير المعتل وذلك قولك رأيت القاضي وقال الله عز وجل: {كلا إذا بلغت التراقي} وتقول رأيت جواري لأنها ثابتة في الوصل متحركة.
وسألت الخليل عن القاضي في النداء فقال أختار يا قاضي لأنه ليس بمنون كما أختار هذا القاضي. وأما يونس فقال يا قاض وقول يونس أقوى لأنه لما كان من كلامهم أن يحذفوا في غير النداء كانوا في النداء أجدر لأن النداء موضع حذفٍ يحذفون التنوين ويقولون يا حار ويا صاح ويا غلام أقبل. وقالا في مرٍ إذا وقفا هذا مري كرهوا أن يخلوا بالحرف فيجمعوا عليه ذهاب الهمزة والياء فصار عوضاً يريد مفعل من رأيت. وأما الأفعال فلا يحذف منها شيءٌ لأنها لا تذهب في الوصل في حال وذلك لا أقضي وهو يقضي ويغزو ويرمي إلا أنهم قالوا لا أدر في الوقف لأنه كثر في كلامهم فهو شاذٌ كما قالوا لم يك شبهت النون بالياء حيث سكنت ولا يقولون لم يك الرجل لأنها في موضع تحرك فلم يشبه بلا أدر فلا تحذف الياء إلا في لا أدر وما أدر.
وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه أن لا يحذف يحذف في
الفواصل والقوافي. فالفواصل قول الله عز وجل: {والليل إذا يسر} و: {ما كنا نبغ} و: {يوم التناد} و: {الكبير المتعال} ). [الكتاب: 4/183-185] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) }

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والأمر من الأمور والأمر مصدر أمرت أمرا والإمر: الشيء العجيب قال الله جل ثناؤه: {لقد جئت شيئا إمرا} ). [إصلاح المنطق: 12]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أنشد الفرزدق سليمان بن عبد الملك:

ثلاثٌ واثنتان فهن خمسٌ = وسادسةٌ تميل إلى شمام
فبتن بجانبي مصرعاتٍ = وبت أفض أغلاق الختام
كأن مفالق الرمان فيه = وجمر غضًا قعدن عليه حامي
فقال له سليمان: ويحك يا فرزدق، أحللت بنفسك العقوبة، أقررت عندي بالزنا وأنا إمامٌ ولا بد لي من أحدك. فقال الفرزدق: بأي شيء أوجبت على ذلك؟ قال: بكتاب اللّه. قال: فإن كتاب الله هو الذي يدرأ عني الحد. قال: وأين؟ قال: في قوله: {والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون} فأنا قلت يا أمير المؤمنين ما لم أفعل.
لبعض الشعراء في ذلك المعنى وقول الشاعر:

وإنما الشاعر مجنونٌ كلب = أكثر ما يأتي على فيه الكذب
وقال الشاعر:

حسب الكذوب من البلـ = ـية بعض ما يحكى عليه
مهما سمعت بكذبةٍ = من غيره نسبت إليه
وقال بشار:
ورضيت من طول العناء بيأسه = واليأس أيسر من عدات الكاذب
من أقوال العرب في الكذب والعرب تقول: أكذب من سالئةٍ وهي تكذب مخافة العين على سمنها. وأكذب من مجرب لأنه يخاف أن يطلب من هنائه.
وأكذب من يلمعٍ وهو السراب.
لابن سيرين منصور ابن سلمة الخزاعي قال: حدّثنا شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب قال: سمعت ابن سيرين يقول: الكلام أوسع من أن يكذب ظريفٌ.
وقال في قول اللّه عز وجل: {لا تؤاخذني بما نسيت} لم ينس ولكنهما من معاريض الكلام.
وقال القيني: أصدق في صغار ما يضرني لأصدق في كبار ما ينفعني.
وكان يقول: أنا رجل لا أبالي ما استقبلت به الأحرار). [عيون الأخبار: 4/27-28] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والنِّكر أن يكون الرجل منكرا فطنا ويقال ما أشد نكره والنُّكْر المنكر قال الله جل وعز: {لقد جئت شيئا نُكْرا} ). [إصلاح المنطق: 131]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) )
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وفيك إذا لاقيتنا عجرفية = مرارا وما نستيع من يتعجرف
...
ويقال: هو يستطيع ويسطيع ويستتيع ويستيع بمعنى واحد). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 17]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) }

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وقول أخت قيلة: لا تخبرها فتتبع أخا بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها.
قال بعضهم يقول: بين طولها وعرضها، وهذا معنى يخرج.
ولكن الكلام لا يوافقه، ولا أدري ما الطول والعرض من السمع والبصر، ولكن وجهه عندي -والله أعلم- أنها أرادت: أن الرجل يخلو
بها ليس معهما أحد يسمع كلامهما ولا يبصرهما إلا الأرض القفر.
فصارت الأرض خاصة كأنها هي التي تسمعها وتبصرها دون الأشياء والناس، وإنما هذا مثل ليس على أن الأرض تسمع وتبصر.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقبل من سفر فلما رأى «أُحدا» قال: ((هذا جبل يحبنا ونحبه))، والجبل ليست له محبة ومنه قول الله عز وجل: {جدارا يريد أن ينقض فأقامه} والجدار ليست له إرادة.
والعرب تكلم بكثير من هذا النحو كان الكسائي يحكي عنهم أنهم يقولون: منزلي ينظر إلى منزل فلان، ودورنا تناظر.
ويقولون: إذا أخذت في طريق كذا وكذا فنظر إليك الجبل فخذ يمينا عنه.
وإنما يراد بهذا كله قرب ذلك الشيء منه.
ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تراءى ناراهما)) ومثل هذا في الكلام كثير). [غريب الحديث: 2/383-385]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (الانقياص: انشقاق الركية طولا؛ يقال: قد انقاصت البئر إذا لحقها ذلك، وقد انقاصت سن الرجل، إذا انشقت طولا.

حدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا أبو بشر المعصوب،
قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عكرمة، أنه قرأ: (جدارا يريد أن يَنْقَاصَ)، وروى ابن عباس عن أبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (جدارا يريد أن يُنْقَضَ)، قال الشاعر:

فراقا كقيض السن فالصبر إنه = لكل أناس عثرة وجبور
ومعنى (يريد)، يكاد؛ ويقال: هو فعل مستعار للجدار، كما قال الشاعر:
يريد الرمح صدر أبي براء = ويرغب عن دماء بني عقيل).
[كتاب الأضداد: 171-172]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) }

تفسير قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: الوراء يا هذا: الخلف. والوراء: القدام. قال الله عز وجل: {ومن ورائه عذاب غليظ}، أي: من قدامه. وقال:
{وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة}، أي: قدامهم). [الأضداد:105- 106] (م)
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : ( *ورى* ووراء خلف ووراء قدام، قال الله جل ثناؤه: {وكان وراءهم ملك} أي: قدامهم، وقال الشاعر وهو سوار بن المضرب السعدي :

أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي = وقومي تميم والقلاص ورائيا
أي: قدامي). [كتاب الأضداد: 20]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وراء يكون خلف وقدام). [الغريب المصنف: 2/629]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكان أحد من هرب من الحجاج سوّار بن المضرّب ففي ذلك يقول:


أقاتلي الحجاج إن لم أزر له = دراب وأترك عند هند فؤاديا
فإن كان لا يرضيك حتى تردني = إلى قطري ما إخالك راضيا
إذا جاوزت درب المجيزين ناقتي = فباست أبي الحجاج لما ثنانيا
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي = وقومي تميم والفلاة ورائيا
وورائي هنا بمعنى: أمامي، قال الله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي}. وقال جل ثناؤه: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} ). [الكامل: 2/628] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ووراء من الأضداد. يقال للرجل: وراءك، أي خلفك، ووراءك أي أمامك، قال الله عز وجل: {من ورائهم جهنم}، فمعناه (من أمامهم). وقال تعالى: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}، فمعناه (وكان أمامهم). وقال الشاعر:
ليس على طول الحياة ندم = ومن وراء المرء ما يعلم
أي من أمامه، وقال الآخر:
أترجو بنوا مروان سمعي وطاعتي = وقومي تميم والفلاة ورائيا
أراد قدامي. وقال الآخر:

أليس ورائي إن تراخت منيتي = لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
وقال الآخر:
أليس ورائي أن أدب على العصا = فيأمن أعدائي ويسأمني أهلي
والوراء ولد الولد، قال حيان بن أبجر: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل من هذيل، فقال له: ما فعل فلان؟ لرجل منهم، فقال: مات وترك كذا وكذا من الولد، وثلاثة من الوراء؛ يريد من لود الولد.
وحكى الفراء عن بعض المشيخة، قال: أقبل الشعبي ومعه ابن ابن له، فقيل له: أهذا ابنك؟ فقال: هذا ابني من الوراء، يريد من ولد الولد.
وقال الله عز وجل: {ومن وراء إسحاق يعقوب}، يريد من ولد ولده. والورى مقصور: الخلق، يقال: ما أدري أي الورى هو؟ يراد: أي الناس هو؟ قال ذو الرمة:
وكائن ذعرنا من مهاة ورامح = بلاد الورى ليست له ببلاد
والورى داء يفسد الجوف، من قول النبي صلى الله عليه
وسلم: ((لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا))، أي حتى يفسد جوفه منه، قال الشاعر:
هلم إلى أمية إن فيها = شفاء الواريات من الغليل
وقال الآخر:
وراهن ربي مثل ما قد ورينني = وأحمي على أكبادهن المكاويا
وقال آخر:
قالت له وريا إذا تنحنح = يا ليته يسقى على الذرحرح
الذرحرح: واحد الذراريح. ويقال في دعاء للعرب: به الورى، وحمى خيبري، وشر ما يرى، فإنه خيسرى.
وقال أبو العباس: الورى المصدر، بتسكين الراء، والورى، بفتح الراء الاسم، وأنشد قطرب للنابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة = وليس وراء الله للمرء مذهب
أراد: وليس قدامه، ويقال: معناه وليس سواء الله؛ كما قال جل اسمه: {ويكفرون بما وراءه}، أي بما سواءه، ويقال للرجل إذا تكلم: ليس وراء هذا الكلام
شيء، أي ليس يحسن سواءه. وأنشد قطرب أيضا:
أتوعدني وراء بني رياح = كذبت لتقصرن بذاك عني).
[كتاب الأضداد: 68-71] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ):
(ليس على طول الحياة ندم = ومن وراء المرء ما يعلم
قال الأصمعي: أراد ليس على فوت طول الحياة ندم. وقوله: ومن وراء المرء ما يعلم، يقول من عمل شيئًا وجده ووراء ههنا أمام وهو من الأضداد، قال الله جل ذكره: {ومن ورائه عذاب غليظ} أي: من أمامه وقال الشاعر:
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي = وقومي تميم والفلاة ورائيا
أي: أمامي، قال أبو عبيدة ومنه قول الله عز ذكره: {وكان وراءهم ملك}، أي: أمامهم). [شرح المفضليات: 488] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا} قال: ظننا أن يلقيهما في شر). [مجالس ثعلب: 271]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والرُّحُم الرحمة، قال الأصمعي: كان أبو عمرو بن العلاء ينشد بيت زهير:

ومن ضريبته والتقوى ويعصمه = من سيء العثرات الله بالرحم
قال: ولم أسمع هذا الحرف إلا في هذا البيت، قال: وكان يقرأ: (وأقرب رُحُما) ). [الغريب المصنف: 3/830]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وفيك إذا لاقيتنا عجرفية = مرارا وما نستيع من يتعجرف
...
ويقال: هو يستطيع ويسطيع ويستتيع ويستيع بمعنى واحد). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 17] (م)


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 01:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

أصد نشاص ذي القرنين حتى = تولى عارض الملك الهمام
...
وذو القرنين: المنذر الأكبر، سمي ذا القرنين بضفيرتين كانتا له). [شرح ديوان امرئ القيس: 563]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله عز وجل تفاسير متضادة قوله تعالى: {ويسألونك عن ذي القرنين}، فقال خالد بن معدان: سمع عمر رحمه الله رجلا يقول لرجل: (يا ذا القرنين)، فقال: أما ترضون أن تسموا بأسماء الأنبياء، حتى صرتم تسمون بأسماء الملائكة!
وقال عبد الله بن عمر: ذو القرنين نبي.
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا الفضل بن دكين،
قال: حدثنا العلاء بن عبد الكريم، عن مجاهد، قال: ملك الأرض: شرقها وغربها أربعة: مؤمنان وكافروا، فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران فالذي حاج إبراهيم في ربه –يعني نمروذ، وبخت نصر.
وقال أبو الطفيل عامر بن واثلة: شهدن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن ذي القرنين، أنبيا كان أم ملكا؟ فقال: ليس بنبي ولا ملك، ولكنه عبد صالح أحب الله فأحبه، وناصح الله فناصحه، بعثه الله عز وجل إلى قومه فضربوه على قرنه الأيمن فمات، ثم أحياه الله فدعاهم، فضربوه على قرنه الأيسر فمات، وفيكم مثله.
وقال الحسن: إنما سمي ذو القرنين ذا القرنين؛ لأنه كان في رأسه ضفيرتان من شعر يطأ فيهما، قال لبيد بن ربيعة:
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا = بالحنو في جدث أميم مقيم
أراد بـ(ذي القرنين) النعمان بن المنذر؛ لأنه كانت في رأسه ضفيرتان شعر.
وقال ابن شهاب الزهري: سمي ذا القرنين؛ لأنه بلغ قرن الشمس من مشرقها، وقرنها من مغربها.
وقال وهب بن منبه: سمي ذا القرنين، لأنه ملك فارس والروم). [كتاب الأضداد: 353-355]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) )

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

أصد نشاص ذي القرنين حتى = تولى عارض الملك الهمام
...
وذو القرنين: المنذر الأكبر، سمي ذا القرنين بضفيرتين كانتا له). [شرح ديوان امرئ القيس: 563] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:

ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي: أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:

فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والنِّكر أن يكون الرجل منكرا فطنا ويقال ما أشد نكره والنُّكْر المنكر قال الله جل وعز: {لقد جئت شيئا نُكْرا} ). [إصلاح المنطق: 131] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أتبعت القوم مثل أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم. وأتبعتهم مثال افتعلت إذا مروا بك فمضيت معهم وتبعتهم تبعًا. مثله قال الكسائي: يقال: مازلت أتبعهم أي لحقتهم. أبو عبيد قال: وكان أبو عمرو بن العلاء يقرأ: "ثم اتبع سبب". بتشديد التاء ومعناها تبع؛ وكذلك قرأها أهل المدينة. وكان الكسائي يقرأ: "ثم
أتبع سببا". مقطوعة الألف، معناها لحق وأدرك). [الغريب المصنف: 2/611-612]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) }

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) }

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

أصد نشاص ذي القرنين حتى = تولى عارض الملك الهمام
...
وذو القرنين: المنذر الأكبر، سمي ذا القرنين بضفيرتين كانتا له). [شرح ديوان امرئ القيس: 563] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) }

تفسير قوله تعالى: {آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والقطر النحاس والقطر ضرب من البرود يقال لها القطرية). [إصلاح المنطق: 26]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والقطر ضرب من البرود والقطر النحاس). [إصلاح المنطق: 34]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والصَّدْف مصدر صدف عنه يصدف إذا عدل عنه والصَّدَف ميل في الحافر إلى الشق الوحشي والصَّدَف جمع صدفة والصَدَف جانب الجبل قال الله عزت أسماؤه: {حتى إذا ساوى بين الصدفين} ). [إصلاح المنطق: 65]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال: من قرأ: {آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}: أراد آتوني قطرًا أفرغ عليه. ومن قصر قال الفراء: إنما أراد هذا المعنى، ولكنه ترك الهمز، وإذا ابتدأ قال ائتوني بلا مد على ترك الهمز. ومن هذه اللغة يقولون آئدم موضع آدم، بطرح الألف الأولى. وحمزة جعل الممدود والمقصور واحدًا). [مجالس ثعلب: 164]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وروى أحمد صدي أشي، قال الواحد صُد ويقال الصُدُدان ما اكتنفك عن يمين الجبل وشماله قال وهما الصُدُفان والصَدَفان والصُدَفان ويقرأ (بين الصُّدُفَين) والصَّدَفَين والصُدَفَين وروى غير أبي عكرمة صددي وهو ثعلب وغيره). [شرح المفضليات: 125]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب المؤنث الذي يقع على المؤنث والمذكر وأصله التأنيث
فإذا جئت بالأسماء التي تبين بها العدة أجريت الباب على التأنيث في التثليث إلى تسع عشرة وذلك قولك له ثلاث شياهٍ ذكورٌ وله ثلاثٌ من الشاء فأجريت ذلك على الأصل لأن الشاء أصله التأنيث وإن
وقعت على المذكر كما أنك تقول هذه غنمٌ ذكورٌ فالغنم مؤنثة وقد تقع على المذكر.
وقال الخليل: قولك: هذا شاةٌ بمنزلة قوله تعالى: {هذا رحمة من ربي} ). [الكتاب: 3/561-562]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99) }

تفسير قوله تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فإذا ثنّيت أو جمعت فأثبتّ النون فليس إلاّ النصب وذلك قولهم هم الطّيبون الأخبار وهما الحسنان الوجوه. ومن ذلك قوله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} ). [الكتاب: 1/201]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب جمع ما لحقته الهمزة في أوله من الثلاثة
وذلك نحو: أفكلٍ وأيدعٍ، وإصبعٍ وإثمدٍ وأبلمٍ. فهذه الأسماء كلها تجمع على أفاعل؛ نحو: أفاكل، وأصابع، وأبالم.
وكذلك أفعل الذي لا يتم نعتاً إلا بقولك: من كذا يجري مجرى الأسماء. تقول: الأصاغر والأكابر.
وكل أفعلٍ مما يكون نعتاً سميت به فإلى هذا يخرج. تقول: الأحامر، والأحامس، وما كان من هذا للآدميين لم يمتنع من الواو والنون، كما قال الله عز وجل: {قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} و{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} فهذا كله على هذا). [المقتضب: 2/214] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويجوز أن تقول - وهو حسن جداً - أنت أفره الناس عبيدا. وأجود الناس دوراً. ولا يجوز عندي عشرون دراهم يا فتى. والفصل بينهما: أنك إذا قلت: عشرون، فقد أتيت على العدد، فلم يحتج إلا إلى ذكر ما يدل على الجنس، فإذا قلت: هو أفره الناس عبدا، جاز أن تعني عبداً واحداً، فمن ثم حسن، واختير - إذا أردت الجماعة - أن تقول: عبيدا. قال الله عز وجل: {قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً}، وقد يجوز أن تقول: أفره الناس عبداً فتعني جماعة العبيد نحو التمييز. والجمع أبين إذا كان الأول غير مخطور العدد). [المقتضب: 3/34]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) }

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب إنما وأنما
اعلم أن كل موضع تقع فيه أن تقع فيه أنما وما ابتدئ بعدها صلةٌ لها كما أن الذي ابتدئ بعد الذي صلة له ولا تكون هي عاملةً فيما بعدها كما لا يكون الذي عاملاً فيما بعده.
فمن ذلك قوله عز وجل: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} ). [الكتاب: 3/129]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: أي الرجلين هندٌ ضاربها أبوها، لم يكن كلاماً؛ لأن أيّاً ابتداءٌ ولم تأت له بخبر.
فإن قلت: هند ضاربها أبوها في موضع خبره لم يجز؛ لأن الخبر إذا كان غير الابتداء فلا بد من راجع إليه.
ولو قلت: أي من في الدار إن يأتيا نأته، كان جيد. كأنك قلت: أي القوم إن يأتنا نأته؛ لأن من تكون جمعاً على لفظ الواحد وكذلك الاثنان. قال الله عز وجل: {ومنهم من يستمع إليك} وقال: {ومنهم من يستمعون إليك} وقال: {ومنهم من يؤمن به} فحمل على اللفظ. وقال: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسنٌ فله أجره عند ربه ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} فحمل مرة على اللفظ، ومرة على المعنى. وقال الشاعر، فحمل على المعنى:
تعش، فإن عاهدتني لا تخونني = نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
فهذا مجاز هذه الحروف.
فأما من فإنه لا يعنى بها في خبرٍ ولا استفهام ولا جزاءٍ إلا ما يعقل. لا تقول في جواب من عندك?: فرسٌ ولا متاع، إنما تقول: زيدٌ أو هند. قال الله عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه} وقال عز وجل يعني الملائكة: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته} وقال جل اسمه: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}.
فأما ما فتكون لذوات غير الآدميين، ولنعوت الآدميين. إذا قال: ما عندك? قلت: فرسٌ، أو بعيرٌ، أو متاع أو نحو ذلك. ولا يكون جوابه زيدٌ ولا عمرو. ولكن يجوز أن يقول: ما زيدٌ? فتقول: طويلٌ أو قصير أو عاقل أو جاهل.
فإن جعلت الصفة في موضع الموصوف على العموم جاز أن تقع على ما يعقل.
ومن كلام العرب: سبحان ما سبح الرعد بحمده، وسبحان ما سخركن لنا.
وقال عز وجل: {والسماء وما بناها}. فقال قوم: معناه: ومن بناها. وقال آخرون: إنما هو: والسماء وبنائها. كما تقول: بلغني ما صنعت، أي صنيعك؛ لأن ما إذا وصلت بالفعل كانت مصدراً.
وكذلك قوله عز وجل: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} قال قوم: معناه: أو ملك أيمانهم. وقال آخرون: بل هو: أو من.
فأما أي والذي فعامتان، تقعان على كل شيءٍ على ما شرحته لك في أي خاصةً). [المقتضب: 2/294-295] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وقال بعض أهل اللغة: رجوت حرف من الأضداد. يكون بمعنى الشك والطمع، ويكون بمعنى اليقين؛ فأما معنى الشك والطمع فكثير لا يحاط به؛ ومنه قول كعب بن زهير:

أرجو وآمل أن تدنو مودتها = وما إخال لدينا منك تنويل
معناه: وما لدينا منك تنويل، وإخال لغو.
وأما معنى العلم فقوله: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}. بمعناه: فمن كان يعلم لقاء ربه فليعمل عملا صالحا.
وقولهم عندي غير صحيح؛ لأن الرجاء لا يخرج أبدا من معنى الشك، أنشدنا أبو العباس:
فوا حزني ما أشبه اليأس بالرجا = وإن لم يكونا عندنا بسواء.
والآية التي احتجوا بها لا حجة لهم فيها؛ لأن معناها: فمن كان يرجو لقاء ثواب ربه، أي يطمع في ذلك ولا يتيقنه.
وقال سهل السجستاني: معنى قوله: {فمن كان يرجو لقاء ربه}: فمن كان يخاف لقاء ربه.
وهذا عندنا غلط؛ لأن العرب لا تذهب بالرجاء مذهب الخوف إلا مع حروف الجحد؛ وقد استقصينا الشواهد لهذا. ويقال: ارتجيت ورجيت بمعنى؛ قال الشاعر:

فرجي الخير وانتظري إيابي = إذا ما القارظ العنزي آبا
وجاء في الحديث: (( لو وزن رجاء المؤمن وخوفه بميزان تريص لاعتدلا))، معناه بميزان مقوم، يقال: قد ترص الميزان إذا قومه، قال الشاعر:
قوم أفواقها وترصها = أنبل عدوان كلها صنعا
أنبل عدوان، معناه: أحذقهم بصنعة النبل. وقال النابغة الذبياني:
مجلتهم ذات الإله ودينهم = قويم فما يرجون غير العواقب
يقال: معناه فما يطمعون في غيرها. ويقال: معناه فما يخافون غيرها، ومجلتهم: كتابهم، ويروى: «محلتهم»، بالحاء:
وكنانة وخزاعة ونضر وهذيل يقولون: لم أرج، يريدون «لم أبال».
فإن قال قائل: إن معنى قول الله عز وجل: {قال
الذين يظنون أنهم ملاقو الله}، يظنون أنهم ملاقو ثواب الله، كان ذلك جائزا. والظن بمعنى الشك.
ولا يبطل بهذا التأويل قول من جعل الظن يقينا، لأن قوله: {أنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض}، لا يحتمل معنى الشك، والظنة عند العرب الشك، ولا تجعل في الموضع الذي يراد به اليقين، قال الشاعر:

إن الحماة أولعت بالكنه = وأبت الكنة إلا ظنه
والظنون أيضا لا يستعمل إلا في معنى التهمة والضعف، قال الشاعر:
ألا أبلغ لديك بني تميم = وقد يأتيك بالرأي الظنون
أي المتهم أو الضعيف. ويقال في جمع الظنة الظنائن، قال الشاعر:
تفرق منا من نحب اجتماعه = وتجمع منا بين أهل الظنائن
ويروى:
تباعد منا من نحب اجتماعه = وتجمع منا ... ... ...
ولا يجمع من هذا الباب على «فعائل» إلا ما كان فيه إدغام أو اعتلال؛ كقولهم: حاجة وحوائج؛ قال الشاعر، أنشده الفراء:
بدأن بنا لا راجيات لرجعة = ولا يائسات من قضاء الحوائج
وأنشد أبو العباس:
إن الحوائج ربما أزرى بها = عند الذي تقضي به تطويلها
وأكثر ما تقول العرب في جمع الحاجة: حاجات وحاج وحوج، أنشد الفراء:

إلا ليت سوقا بالكناسة لم يكن = إليها لحاج المسلمين طريق
أراد لحوائج المسلمين. وأنشد أبو عبيدة:
ومرسل ورسول غير متهم = وحاجة غير مزجاة من الحاج
أراد غير ناقصة من الحوائج، والمزجاة المسوقة، تقول: أزجيت مطيتي أي سقتها، قال الله عز وجل: {ببضاعة مزجاة}. وقال الآخر: يهجو عبد الله بن الزبير:
أرى الحاجات عند أبي خبيب = نكدن ولا أمية بالبلاد
وقال الآخر:
تموت مع المرء حاجاته = وتبقى له حاجة ما بقي
وأنشد الفراء:

لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي = وعن حوج قضاؤها من شفائيا
قضاؤها مصدر، من القضاء، بمنزلة الكذاب من الكذب). [كتاب الأضداد: 16-21]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة