تفسير قوله تعالى: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سبّح للّه ما في السّموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم (1) يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}.
يقول جلّ ثناؤه: {سبّح للّه ما في السّموات} السّبع {وما في الأرض} من الخلق، مذعنين له بالألوهة والرّبوبيّة {وهو العزيز} في نقمته ممّن عصاه منهم فكفر به، وخالف أمره {الحكيم} في تدبيره إيّاهم). [جامع البيان: 22/606]
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لم تقولون ما لا تفعلون قال بلغني أنها نزلت في الجهاد قال كان الرجل يقول قاتلت وفعلت ولم يكن فعل فوعظهم الله في ذلك أشد الموعظة). [تفسير عبد الرزاق: 2/290]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، لم تقولون القول الّذي لا تصدّقونه بالعمل، فأعمالكم مخالفةٌ أقوالكم {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}. يقول: عظم مقتًا عند ربّكم قولكم ما لا تفعلون.
واختلف أهل التّأويل في السّبب الّذي من أجله أنزلت هذه الآية، فقال بعضهم: أنزلت توبيخًا من اللّه لقومٍ من المؤمنين، تمنّوا معرفة أفضل الأعمال. فعرّفهم اللّه إيّاه، فلمّا عرفوا قصّروا، فعوتبوا بهذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. قال: كان ناسٌ من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أنّ اللّه دلّنا على أحبّ الأعمال إليه فنعمل به.
فأخبر اللّه نبيّه أنّ أحبّ الأعمال إليه إيمانٌ باللّه لا شكّ فيه، وجهاد أهل معصيته الّذين خالفوا الإيمان ولم يقرّوا به؛ فلمّا نزل الجهاد، كره ذلك أناسٌ من المؤمنين، وشقّ عليهم أمره، فقال اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون} قال: كان قومٌ يقولون: واللّه لو أنّا نعلم ما أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملناه، فأنزل اللّه على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا}. إلى قوله: {بنيانٌ مرصوصٌ}. فدلّهم على أحبّ الأعمال إليه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن محمّد بن جحادة، عن أبي صالحٍ، قال: قالوا: لو كنّا نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه وأفضل. فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ} فكرهوا، فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {لم تقولون ما لا تفعلون}. إلى قوله: {مرصوصٌ}. فيما بين ذلك في نفرٍ من الأنصار فيهم عبد اللّه بن رواحة، قالوا في مجلسٍ: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه لعملنا بها حتّى نموت، فأنزل اللّه هذا فيهم، فقال عبد اللّه بن رواحة: لا أزال حبيسًا في سبيل اللّه حتّى أموت، فقتل شهيدًا.
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في توبيخ قومٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كان أحدهم يفتخر بالفعل من أفعال الخير الّتي لم يفعلها، فيقول فعلت كذا وفعلت كذا، فعذلهم اللّه على افتخارهم بما لم يفعلوا كذبًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {لم تقولون ما لا تفعلون}. قال: بلغني أنّها كانت في الجهاد، كان الرّجل يقول: قاتلت وفعلت، ولم يكن فعل، فوعظهم اللّه في ذلك أشدّ الموعظة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. يؤذنهم ويعلّمهم كما تسمعون {كبر مقتًا عند اللّه}. وكانت رجالٌ تخبر في القتال بشيءٍ لم يفعلوه ولم يبلغوه، فوعظهم اللّه في ذلك موعظةً بليغةً، فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. إلى قوله: {كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ}.
حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لم تقولون ما لا تفعلون} أنزل اللّه هذا في الرّجل يقول في القتال ما لم يفعله من الضّرب والطّعن والقتل؛ قال اللّه: {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}.
وقال آخرون: بل هذا توبيخٌ من اللّه لقومٍ من المنافقين، كانوا يعدون المؤمنين النّصر وهم كاذبون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون} يقولون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه: لو خرجتم خرجنا معكم، وكنّا في نصركم، وفي، وفي، فأخبرهم أنّه {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: عنى بها الّذين قالوا: لو عرفنا أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملنا به، ثمّ قصّروا في العمل بعدما عرفوا.
وإنّما قلنا: هذا القول أولى بها، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه خاطب بها المؤمنين، فقال: يا أيّها الّذين آمنوا؛ ولو كانت نزلت في المنافقين لم يسمّوا، ولم يوصفوا بالإيمان، ولو كانوا وصفوا أنفسهم بفعل ما لم يكونوا فعلوه، كانوا قد تعمّدوا قيل الكذب، ولم يكن ذلك صفة القوم، ولكنّهم عندي أمّلوا بقولهم: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى اللّه عملناه أنّهم لو علموا بذلك عملوه؛ فلمّا علموا ضعفت قوى قومٍ منهم، عن القيام بما أمّلوا القيام به قبل العلم، وقوي آخرون فقاموا به، وكان لهم الفضل والشّرف.
واختلفت أهل العربيّة في معنى ذلك، وفي وجه نصب قوله: {كبر مقتًا} فقال بعض نحويّ البصرة: قال: {كبر مقتًا عند اللّه} أي: كبر مقتكم مقتًا. ثمّ قال: {أن تقولوا ما لا تفعلون}. أي: قولكم.
وقال بعض نحويّ الكوفة: قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. كان المسلمون يقولون: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه لأتيناه، ولو ذهبت فيه أنفسنا وأموالنا؛ فلمّا كان يوم أحدٍ، نزلوا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى شجّ، وكسرت رباعيته، فقال: {لم تقولون ما لا تفعلون}. ثمّ قال: {كبر مقتًا عند اللّه} كبر ذلك مقتًا. أي: فأن في موضع رفعٍ، لأنّ كبر كقوله: بئس رجلاً أخوك، وقوله: {كبر مقتًا عند اللّه} وعند الّذين آمنوا، أضمر في كبر اسمٌ يكون مرفوعًا.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ قوله {مقتًا}. منصوبٌ على التّفسير، كقول القائل: كبر قولاً هذا القول). [جامع البيان: 22/606-610]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال ناس: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لفعلناه فأخبرهم الله فقال: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} فكرهوا ذلك فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}). [الدر المنثور: 14/442] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كانوا يقولون: والله لو نعلم ما أحب الأعمال إلى الله فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} إلى قوله: {بنيان مرصوص} فدلهم على أحب الأعمال إليه). [الدر المنثور: 14/442-443] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قالوا: لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} إلى قوله: {بنيان مرصوص}). [الدر المنثور: 14/443] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن عساكر عن مجاهد في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} إلى قوله: {بنيان مرصوص} قال: نزلت في نفر من الأنصار منهم عبد الله بن رواحة قالوا في مجلس لهم: لو نعلم أي عمل أحب إلى الله لعملناه حتى نموت فأنزل الله هذا فيهم فقال ابن رواحة: لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت شهيدا فقتل شهيدا). [الدر المنثور: 14/443] (م)
تفسير قوله تعالى: (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله، لم تقولون القول الّذي لا تصدّقونه بالعمل، فأعمالكم مخالفةٌ أقوالكم {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}. يقول: عظم مقتًا عند ربّكم قولكم ما لا تفعلون.
واختلف أهل التّأويل في السّبب الّذي من أجله أنزلت هذه الآية، فقال بعضهم: أنزلت توبيخًا من اللّه لقومٍ من المؤمنين، تمنّوا معرفة أفضل الأعمال. فعرّفهم اللّه إيّاه، فلمّا عرفوا قصّروا، فعوتبوا بهذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. قال: كان ناسٌ من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أنّ اللّه دلّنا على أحبّ الأعمال إليه فنعمل به.
فأخبر اللّه نبيّه أنّ أحبّ الأعمال إليه إيمانٌ باللّه لا شكّ فيه، وجهاد أهل معصيته الّذين خالفوا الإيمان ولم يقرّوا به؛ فلمّا نزل الجهاد، كره ذلك أناسٌ من المؤمنين، وشقّ عليهم أمره، فقال اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون} قال: كان قومٌ يقولون: واللّه لو أنّا نعلم ما أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملناه، فأنزل اللّه على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا}. إلى قوله: {بنيانٌ مرصوصٌ}. فدلّهم على أحبّ الأعمال إليه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن محمّد بن جحادة، عن أبي صالحٍ، قال: قالوا: لو كنّا نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه وأفضل. فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا هل أدلّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ} فكرهوا، فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {لم تقولون ما لا تفعلون}. إلى قوله: {مرصوصٌ}. فيما بين ذلك في نفرٍ من الأنصار فيهم عبد اللّه بن رواحة، قالوا في مجلسٍ: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه لعملنا بها حتّى نموت، فأنزل اللّه هذا فيهم، فقال عبد اللّه بن رواحة: لا أزال حبيسًا في سبيل اللّه حتّى أموت، فقتل شهيدًا.
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في توبيخ قومٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كان أحدهم يفتخر بالفعل من أفعال الخير الّتي لم يفعلها، فيقول فعلت كذا وفعلت كذا، فعذلهم اللّه على افتخارهم بما لم يفعلوا كذبًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {لم تقولون ما لا تفعلون}. قال: بلغني أنّها كانت في الجهاد، كان الرّجل يقول: قاتلت وفعلت، ولم يكن فعل، فوعظهم اللّه في ذلك أشدّ الموعظة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. يؤذنهم ويعلّمهم كما تسمعون {كبر مقتًا عند اللّه}. وكانت رجالٌ تخبر في القتال بشيءٍ لم يفعلوه ولم يبلغوه، فوعظهم اللّه في ذلك موعظةً بليغةً، فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. إلى قوله: {كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ}.
حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لم تقولون ما لا تفعلون} أنزل اللّه هذا في الرّجل يقول في القتال ما لم يفعله من الضّرب والطّعن والقتل؛ قال اللّه: {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}.
وقال آخرون: بل هذا توبيخٌ من اللّه لقومٍ من المنافقين، كانوا يعدون المؤمنين النّصر وهم كاذبون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون} يقولون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه: لو خرجتم خرجنا معكم، وكنّا في نصركم، وفي، وفي، فأخبرهم أنّه {كبر مقتًا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون}.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: عنى بها الّذين قالوا: لو عرفنا أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملنا به، ثمّ قصّروا في العمل بعدما عرفوا.
وإنّما قلنا: هذا القول أولى بها، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه خاطب بها المؤمنين، فقال: يا أيّها الّذين آمنوا؛ ولو كانت نزلت في المنافقين لم يسمّوا، ولم يوصفوا بالإيمان، ولو كانوا وصفوا أنفسهم بفعل ما لم يكونوا فعلوه، كانوا قد تعمّدوا قيل الكذب، ولم يكن ذلك صفة القوم، ولكنّهم عندي أمّلوا بقولهم: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى اللّه عملناه أنّهم لو علموا بذلك عملوه؛ فلمّا علموا ضعفت قوى قومٍ منهم، عن القيام بما أمّلوا القيام به قبل العلم، وقوي آخرون فقاموا به، وكان لهم الفضل والشّرف.
واختلفت أهل العربيّة في معنى ذلك، وفي وجه نصب قوله: {كبر مقتًا} فقال بعض نحويّ البصرة: قال: {كبر مقتًا عند اللّه} أي: كبر مقتكم مقتًا. ثمّ قال: {أن تقولوا ما لا تفعلون}. أي: قولكم.
وقال بعض نحويّ الكوفة: قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}. كان المسلمون يقولون: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه لأتيناه، ولو ذهبت فيه أنفسنا وأموالنا؛ فلمّا كان يوم أحدٍ، نزلوا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى شجّ، وكسرت رباعيته، فقال: {لم تقولون ما لا تفعلون}. ثمّ قال: {كبر مقتًا عند اللّه} كبر ذلك مقتًا. أي: فأن في موضع رفعٍ، لأنّ كبر كقوله: بئس رجلاً أخوك، وقوله: {كبر مقتًا عند اللّه} وعند الّذين آمنوا، أضمر في كبر اسمٌ يكون مرفوعًا.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّ قوله {مقتًا}. منصوبٌ على التّفسير، كقول القائل: كبر قولاً هذا القول). [جامع البيان: 22/606-610] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -: قال: كنت جالساً في نفرٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر، نقول: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى الله لعملناه؟ فأنزل الله تعالى {سبّح للّه ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم. يا أيّها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون. كبر مقتاً عند اللّه} أي: عظم {أن تقولوا مالا تفعلون} [الصف: 1-3] فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأها علينا. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(مقتاً) المقت: أشد البغض). [جامع الأصول: 2/386-387] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج بن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) قال: هذه الآية في القتال وحده، وهم قوم كانوا يأتون النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيقول الرجل: قاتلت وضربت بسيفي. ولم يفعلوا فنزلت). [الدر المنثور: 14/441]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {مرصوصٌ} [الصف: 4] : «ملصقٌ بعضه ببعضٍ» وقال يحيى: «بالرّصاص»). [صحيح البخاري: 6/151]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ مرصوصٌ ملصقٌ بعضه إلى بعضٍ كذا لأبي ذر ولغيره ببعض وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عبّاس في قوله كأنّهم بنيان مرصوص مثبتٌ لا يزول ملصقٌ بعضه ببعضٍ فعلى تفسير بن عبّاسٍ هو من التّراصّ أي التّضامّ مثل تراصّ الأسنان أو من الملائم الأجزاء المستوي قوله وقال يحيى بالرّصاص كذا لأبي ذرٍّ والنّسفيّ ولغيرهما وقال غيره وجزم أبو ذرٍّ بأنّه يحيى بن زياد بن عبد اللّه الفرّاء وهو كلامه في معاني القرآن ولفظه في قوله كأنّهم بنيان مرصوص يريد بالرّصاص حثّهم على القتال ورجّح الطّبريّ الأوّل والرّصاص بفتح الرّاء ويجوز كسرها). [فتح الباري: 8/641]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا علّي بن المبارك في كتابه ثنا زيد بن المبارك ثنا محمّد بن ثور عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله 4 الصّفّ {كأنّهم بنيان مرصوص} مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض
وأما قول غيره فوقع في روايتنا من طريق أبي ذر وقال يحيى وذكر أبو ذر أنه يحيى بن زياد الفراء ووقع في باقي الرّوايات وقال غيره كما أضلنا وقد وجدته في معاني القرآن للفراء ولفظه قوله كأنّهم بنيان مرصوص يريد بالرصاص حثهم على القتال وسيأتي إسناد كتاب معاني القرآن للفراء في التّوحيد في أواخر الكتاب إن شاء الله). [تغليق التعليق: 4/340]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ مرصوصٌ ملصقٌ بعضه ببعضٍ. وقال غيره بالرّصاص
أي: قال ابن عبّاس في قوله تعالى: {كأنّهم بنيان مرصوص} (الصّفّ: 4) أي: ملصق بعضه ببعض، وفي رواية أبي ذر ملصق بعضه إلى بعض، وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله: {كأنّهم بنيان مرصوص} مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض. قوله: (وقال غيره) أي: غير ابن عبّاس. بالرصاص: أي: ملصق بالرصاص بفتح الرّاء وكسرها. قاله بعضهم: وقال الكرماني: الرصاص، بالفتح والعامة تقوله بالكسر. قلت: لم يذكره في دستور اللّغة إلاّ بفتح الرّاء فقط، وفي رواية أبي ذر والنسفي وقال يحيى: بالرصاص، بدل قوله. وقال غيره، ويحيى هو ابن زياد بن عبد الله الفراء وهو كلامه في معاني القرآن). [عمدة القاري: 19/233]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: ({مرصوص}) [الصف: 14] أي (ملصق بعضه ببعض) ولأبي ذر إلى بعض (وقال غيره) أي غير يحيى ولأبي ذر وقال يحيى هو ابن زياد الفراء كما قال الحافظ أبو ذر (بالرصاص) بفتح الراء). [إرشاد الساري: 7/382]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله تعالى: {بنيانٌ مرصوصٌ} قال: ملصقٌ بعضه ببعضٍ). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 120]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ}.
يقول تعالى ذكره للقائلين: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملناه حتّى نموت: {إنّ اللّه} أيّها القوم {يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفًّا}. يعني في طريقه ودينه الّذي دعا إليه {صفًّا} يعني بذلك أنّهم يقاتلون أعداء اللّه مصطفّين.
وقوله: {كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ}. يقول: يقاتلون في سبيل اللّه صفًّا مصطفًّا، كأنّهم في اصطفافهم هنالك حيطانٌ مبنيّةٌ قد رصّ، فأحكم وأتقن، فلا يغادر منه شيئًا. وكان بعضهم يقول: بني بالرّصاص.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ اللّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ} ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحبّ أن يختلف بنيانه، كذلك تبارك وتعالى لا يختلف أمره، وإنّ اللّه وصف المؤمنين في قتالهم وصفّهم في صلاتهم، فعليكم بأمر اللّه فإنّه عصمةٌ لمن أخذ به.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {إنّ اللّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ}. قال: والّذين صدّقوا قولهم بأعمالهم هؤلاء؛ قال: وهؤلاء لم يصّدّقوا قولهم بالأعمال لمّا خرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نكصوا عنه وتخلّفوا.
وكان بعض أهل العلم يقول: إنّما قال اللّه {إنّ اللّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفًّا} ليدلّ على أنّ القتال راجلاً أحبّ إليه من القتال فارسًا، لأنّ الفرسان لا يصطفّون، وإنّما يصطفّ الرّجّالة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني سعيد بن عمرٍو السّكونيّ، قال: حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن يحيى بن جابرٍ الطّائيّ، عن أبي بحريّة، قال: كانوا يكرهون القتال على الخيل، ويستحبّون القتال على الأرض، لقول اللّه: {إنّ اللّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ}. قال: وكان أبو بحريّة يقول: إذا رأيتموني التفت في الصّفّ، فجئوا في لحييّ). [جامع البيان: 22/610-612]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر عن عبد الرحمن بن سابط قال: كان عبدالله بن رواحة يأخذ بيد النفر من أصحابه فيقول: تعالوا نذكر الله فنزداد إيمانا تعالوا نذكر الله بطاعة لعله يذكرنا بمعرفته فهش القوم للذكر واشتاقوا فقالوا: اللهم لو نعلم الذي هو أحب إليك فعلناه .فأنزل الله: (يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون). إلى قوله: (كأنهم بنيان مرصوص) . فلما كان يوم مؤتة وكان ابن رواحة أحد الأمراء نادى في القوم: يا أهل المجلس الذي وعدتم ربكم قولكم: لو نعلم الذي هو أحب إليك فعلنا ثم تقدم فقاتل حتى قتل). [الدر المنثور: 14/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال ناس: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لفعلناه فأخبرهم الله فقال: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} فكرهوا ذلك فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}). [الدر المنثور: 14/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كانوا يقولون: والله لو نعلم ما أحب الأعمال إلى الله فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} إلى قوله: {بنيان مرصوص} فدلهم على أحب الأعمال إليه). [الدر المنثور: 14/442-443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قالوا: لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} إلى قوله: {بنيان مرصوص}). [الدر المنثور: 14/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن عساكر عن مجاهد في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} إلى قوله: {بنيان مرصوص} قال: نزلت في نفر من الأنصار منهم عبد الله بن رواحة قالوا في مجلس لهم: لو نعلم أي عمل أحب إلى الله لعملناه حتى نموت فأنزل الله هذا فيهم فقال ابن رواحة: لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت شهيدا فقتل شهيدا). [الدر المنثور: 14/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك في تفسيره عن زيد بن أسلم قال: نزلت هذه الآية في نفر من الأنصار فيهم عبد الله بن رواحة قالوا في مجلس: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملنا به حتى نموت فأنزل الله هذه فيهم فقال ابن رواحة: لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت شهيدا). [الدر المنثور: 14/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: قال المؤمنون: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لعملناه فدلهم على أحب الأعمال إليه فقال: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا} فبين لهم فابتلوا يوم أحد بذلك فولوا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مدبرين فأنزل الله في ذلك {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}). [الدر المنثور: 14/444]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي صالح قال: قال المسلمون: لو أمرنا بشيء نفعله فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} قال: بلغني أنها نزلت في الجهاد كان الرجل يقول: قاتلت وفعلت ولم يكن فعل فوعظهم الله في ذلك أشد الموعظة). [الدر المنثور: 14/444]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث السرية فإذا رجعوا كانوا يزيدون في الفعل ويقولون قاتلنا كذا وفعلنا كذا فأنزل الله الآية). [الدر المنثور: 14/444]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ميمون بن مهران قال: إن القاص ينتظر المقت فقيل له أرأيت قول الله: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} أهو الرجل يقرظ نفسه فيقول: فعلت كذا وكذا من الخير أم هو الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن كان فيه تقصير فقال: كلاهما ممقوت). [الدر المنثور: 14/445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي خالد الوالبي قال: جلسنا إلى خباب فسكت فقلنا: ألا تحدثنا فإنما جلسنا إليك لذلك فقال: أتأمروني أن أقول ما لا أفعل، قوله تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا} الآيات). [الدر المنثور: 14/445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كأنهم بنيان مرصوص} قال: مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض). [الدر المنثور: 14/445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا} الآية قال: ألم تروا إلى صاحب البناء كيف لا يحب أن يختلف بينانه فكذلك الله لا يحب أن يختلف أمره وإن الله وصف المسلمين في قتالهم وصفهم في صلاتهم فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به). [الدر المنثور: 14/445-446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة يمسح مناكبنا وصدورنا ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول وصلوا المناكب بالمناكب والأقدام بالأقدام فإن الله يحب في الصلاة ما يحب في القتال {صفا كأنهم بنيان مرصوص}). [الدر المنثور: 14/446]