العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 07:33 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة العلق [ من الآية (1) إلى الآية (8) ]

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:25 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني يحيى بن أيوب عن محمد بن عجلان قال: إنما أنزلت: {أقرأ باسم ربك الذي خلق}، أن أبا جهل كان يقول: لئن رأيته، يريد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، يصلي لأطير على رقبته، فأنزل الله عز وجل: {أقرأ باسم ربك الذي خلق}، وفي آخرها: {واسجد} للنبي عليه السلام، {واقترب}، [ .. .. ] جهل. فقيل لأبي جهل: هذا الذي كنت تقول: هذا هو يسجد، اقترب منه، لأبي جهل، فقال: ما [ .. .. ] عته أن بيني وبينه كالفحل، لو اقتربت منه لأهلكني). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 6]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا قتيبة، حدّثنا حمّادٌ، عن يحيى بن عتيقٍ، عن الحسن، قال: " اكتب في المصحف في أوّل الإمام: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، واجعل بين السّورتين خطًّا). [صحيح البخاري: 6 / 173]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عنِ الحَسَنِ قَالَ: اكْتُبْ فِي المُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإمامِ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحَيم، واجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا، في رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الكُشْمِيهَنِيِّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وقد أَخْرَجَهُ ابْنُ الضُّرَّيْسِ في فَضَائِلِ القُرآنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بهذا. وحَمَّادٌ هُو ابنُ زَيْدٍ، وشَيْخُهُ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ مِن طَبَقَةِ أَيُّوبَ، مَاتَ قَبْلَهُ، ولم أَرَ له في البُخارِيِّ إلا هَذَا المَوْضِعَ.
وقولُهُ: فِي أَوَّلِ الإِمَامِ، أي: أُمِّ الكِتَابِ.
وقولُهُ: خَطًّا قَالَ الدَّاوُدِيُّ: إِنْ أَرَادَ خَطًّا فَقَطْ بِغَيْرِ بَسْمَلَةٍ فلَيْسَ بصَوَابٍ لاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ على كِتَابَةِ البَسْمَلَةِ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ إلا بَرَاءَةٌ، وإن أَرَادَ بالإمامِ أَمَامَ كُلِّ سُورَةٍ فيُجْعَلُ الخَطُّ مَعَ البَسْمَلَةِ فحَسَنٌ، فكانَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ بَرَاءَةٌ. وقَالَ الكِرْمَانِيُّ: معناهُ: اجْعَلِ البَسْمَلَةَ في أَوَّلِهِ فَقَطْ، واجْعَلْ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ عَلامَةً للفَاصِلَةِ، وهُو مَذْهَبُ حَمْزَةَ مِن القُرَّاءِ السَّبْعَةِ، قُلْتُ: المَنْقُولُ ذَلِكَ عَنْ حَمْزَةَ في القِرَاءَةِ لا في الكتابةِ، قَالَ: وكَأَنَّ البُخارِيَّ أشارَ إلى أنَّ هذه السورةَ لَمَّا كَانَ أَوَّلُهَا مُبْتَدَأً بِقَوِلِهِ تَعَالَى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ لا تَجِبُ البَسْمَلَةُ في أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ بَلْ مَنْ قَرَأَ البَسْمَلَةَ في أَوَّلِ القُرْآنِ كَفَاهُ في امتثالِ هَذَا الأمرِ. نَعَمِ اسْتَنْبَطَ السُّهَيْلِيُّ مِن هَذَا الأمرِ ثُبُوتَ البَسْمَلَةِ في أَوَّلِ الفَاتِحَةِ؛ لأن هَذَا الأمرَ هُو أَوَّلُ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ فَأَوْلَى مَوَاضِعِ امْتِثَالِهِ أَوَّلُ القُرْآنِ). [فتح الباري: 8 / 714]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال قتيبة: ثنا حمّاد، عن يحيى بن عتيق، عن الحسن، قال: اكتب في المصحف في أول الإمام بسم الله الرّحمن الرّحيم.
هكذا وقع في أكثر الرّوايات ووقع في رواية أبي ذر، عن المستملي موصولا، ثنا قتيبة، وقد وقع لي من وجه آخر وفيه زيادة قرأت على فاطمة بنت المنجا بدمشق، عن سليمان بن حمزة أنا أبو الحسن بن المقير قراءة عليه، وأنا أسمع، أنا أبو بكر أحمد بن علّي الناعم أنا هبة الله بن أحمد الموصلي، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أحمد بن إسحاق، ثنا محمّد بن أيّوب، ثنا أبو الرّبيع الزهراني، ثنا حمّاد، عن يحيى بن عتيق، قال: كان الحسن يقول: اكتبوا في أول الإمام: بسم الله الرّحمن الرّحيم واجعلوا بين كل سورتين خطا). [تغليق التعليق: 4 / 373-374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: اكْتُبْ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا.
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فِي قِرَاءَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَكِنْ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ أَوْ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فِيهِ خِلاَفٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَمَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ: قَالَ قُتَيْبَةُ: وَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمُذَاكَرَةِ، وَقُتَيْبَةُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ يَرْوِي عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْن عَتِيقٍ -ضِدِّ الْجَدِيدِ- الطُّفَاوِيِّ -بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ وَالْوَاوِ- عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَلَيْسَ لِيَحْيَى هَذَا فِي الْبُخَارِيِّ إِلاَّ هَذَا الْمَوْضِعُ وَهُوَ ثِقَةٌ بَصْرِيٌّ مِنْ طَبَقَةِ أَيُّوبَ وَمَاتَ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ الإِمَامِ أَيْ: أَوَّلِ الْقُرْآنِ أَيِ: اكْتُبْ فِي أَوَّلِ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ الْفَاتِحَةُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَطْ، ثُمَّ اجْعَلْ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ خَطًّا أَيْ: عَلاَمَةً فَاصِلَةً بَيْنَهُمَا، وَهَذَا مَذْهَبُ حَمْزَةَ مِنَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: إِنْ أَرَادَ خَطًّا فَقَطْ، بِغَيْرِ الْبَسْمَلَةِ، فَلَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى كِتَابَةِ الْبَسْمَلَةِ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ إِلاَّ بَرَاءَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِالإِمَامِ إِمَامَ كُلِّ سُورَةٍ فَيُجْعَلُ الْخَطُّ مَعَ الْبَسْمَلَةِ فَحَسَنٌ. وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْحَسَنِ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ تُكْتَبُ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ، وَيُكْتَفَى فِي الْبَاقِيَةِ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ بِالْعَلاَمَةِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ كَيْفَ يَقُولُ الدَّاوُدِيُّ: إِنْ أَرَادَ خَطًّا بِغَيْرِ الْبَسْمَلَةِ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ ؟ وَإِنْ أَرَادَ بِالإِمَامِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الَّذِي هُوَ الْفَاتِحَةُ فَكَيْفَ يَقُولُ: وَإِنْ أَرَادَ بِالإِمَامِ أَمَامَ كُلِّ سُورَةٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ يَعْنِي: فَكَيْفَ يَصِحُّ ذِكْرُ الإِمَامِ بِالْكَسْرِ وَيُرَادُ بِهِ الأَمَامُ بِالْفَتْحِ ؟ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: هَذَا الْمَذْكُورُ عَنْ مُصْحَفِ الْحَسَنِ شُذُوذٌ. قَالَ: وَهِيَ عَلَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ إِذْ لاَ يُكْتَبُ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ إِنَّهَا آيَةٌ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ وَلاَ أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ بَلْ يَقُولُ: إِنَّهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مُقْتَرِنَةٌ مَعَ السُّورَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ، وَهُوَ قَوْلٌ بَيِّنُ الْقُوَّةِ لِمَنْ أَنْصَفَ.
وَقَالَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ: لاَ نُسَلِّمُ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ مَنْ تَأَمَّلَ الأَدِلَّةَ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ، قُلْتُ: مُجَرَّدُ الْمَنْعِ بِغَيْرِ إِقَامَةِ الْبُرْهَانِ مَمْنُوعٌ، وَمَا قَالَهُ بِالْعَكْسِ، بَلْ مَنْ تَأَمَّلَ الأَدِلَّةَ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ وَلاَ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، بَلْ هِيَ آيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أُنْزِلَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ، وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ ابْنُ الْقَصَّارِ الْمَالِكِيُّ عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ بِقُرْآنٍ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ مِنْ قَوْلِهِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} لَمْ تُذْكَرِ الْبَسْمَلَةُ). [عمدة القاري: 19 / 302]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقَوْلُهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}؛ أيِ: الْقُرْآنَ مُفْتَتِحًا بِاسْمِهِ مُسْتَعِينًا به، وَسَقَطَ لَفْظُ "سُورَةُ" لغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ ولأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ والْمُسْتَمْلِىِّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هو ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ الطُّفَاوِيِّ بِضَمِّ الطَّاءِ وَبِالْفَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: «اكْتُبْ في الْمُصْحَفِ في أَوَّلِ الإِمَامِ أَوَّلِ الْقُرْآنِ الَّذِي هو الفاتحةُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فَقَطْ، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا يَكُونُ علامةً فَاصِلَةً بَيْنَهُمَا مِن غَيْرِ بَسْمَلَةٍ
»، وهو مَذْهَبُ حَمْزَةَ حَيْثُ قَرَأَ بِالْبَسْمَلَةِ أَوَّلَ الفاتحةِ فقطْ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}؛ مُحَمَّداً [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] يَقُولُ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ بِذِكْرِ رَبِّكَ {الَّذِي خَلَقَ} ). [جامع البيان: 24 / 527]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمَّ بَيَّنَ الذي خَلَقَ فَقَالَ: {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}؛ يَعْنِي: مِنَ الدمِ. وَقال: {مِنْ عَلَقٍ} وَالمرادُ بهِ مِنْ علقةٍ؛ لأنَّهُ ذَهَبَ إِلى الجمعِ كما يُقَالُ: شَجَرَةٌ وَشَجَرٌ وَقَصَبَةٌ وَقَصَبٌ، وَكذلكَ عَلَقَةٌ وَعَلَقٌ، وَإِنَّمَا قَالَ: {مِنْ عَلَقٍ} وَالإِنسانُ في لفظٍ وَاحدٍ؛ لأنَّهُ في مَعْنَى جمعٍ وَإِنْ كانَ في لفظٍ وَاحدٍ، فلذلكَ قيلَ: {مِنْ عَلَقٍ} ). [جامع البيان: 24 / 527]

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}؛ يَقُولُ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} خَلْقَهُ الكتابَ وَالخطَّ.
كما حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}؛ قَرَأَ حتَّى بَلَغَ {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}؛ قَالَ: القلمُ: نعمةٌ مِنَ اللَّهِ عظيمةٌ، لَوْلَا ذلكَ لمْ يَقُمْ وَلم يَصْلُحْ عَيْشٌ). [جامع البيان: 24 / 527]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}؛ يَقُولُ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} خَلْقَهُ الكتابَ وَالخطَّ.
كما حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}؛ قَرَأَ حتَّى بَلَغَ {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}؛ قَالَ: القلمُ: نعمةٌ مِنَ اللَّهِ عظيمةٌ، لَوْلَا ذلكَ لمْ يَقُمْ وَلم يَصْلُحْ عَيْشٌ). [جامع البيان: 24 / 527] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}؛ قالَ: القَلَمُ نِعْمَةٌ مِن اللَّهِ عظيمةٌ، لولا القَلَمُ لم يَقُمْ دِينٌ، ولم يَصْلُحْ عَيْشٌ، وفي قَوْلِهِ: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}؛ قالَ: الخَطَّ). [الدر المنثور: 15 / 526]

تفسير قوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}؛ يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: عَلَّمَ الإِنسانَ الخَطَّ بالقلمِ، وَلمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، معَ أَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا عَلَّمَهُ وَلمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ فِي قَوْلِهِ: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}؛ قَالَ: عَلَّمَ الإِنسانَ خَطًّا بالقَلَمِ). [جامع البيان: 24 / 532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}؛ قالَ: القَلَمُ نِعْمَةٌ مِن اللَّهِ عظيمةٌ، لولا القَلَمُ لم يَقُمْ دِينٌ، ولم يَصْلُحْ عَيْشٌ، وفي قَوْلِهِ: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}؛ قالَ: الخَطَّ). [الدر المنثور: 15 / 526] (م)

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)
أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {كَلاَّ}؛ يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: ما هَكَذَا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ الإِنسانُ, أَنْ يُنْعِمَ عَلَيْهِ رَبُّهُ بِتَسْوِيَتِهِ خَلْقَهُ، وَتَعْلِيمِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، وَإِنْعَامِهِ بما لا كُفْؤَ لهُ، ثمَّ يَكْفُرُ بِرَبِّهِ الذي فَعَلَ بهِ ذلكَ، وَيَطْغَى عَلَيْهِ، {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}؛
وقولُهُ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}؛ يَقُولُ: إِنَّ الإِنسانَ لَيَتَجَاوَزُ حَدَّهُ، وَيَسْتَكْبِرُ على رَبِّهِ، فَيَكْفُرُ بهِ؛ لأنْ رَأَى نَفْسَهُ اسْتَغْنَتْ. وَقيلَ: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} لِحَاجَةِ "رَأَى" إِلي اسمٍ وَخبرٍ، وَكذلكَ تَفْعَلُ العربُ في كلِّ فعلٍ اقْتَضَى الاسمَ وَالفعلَ، إِذا أَوْقَعَهُ المُخْبِرُ عَنْ نفسِهِ على نفسِهِ، مُكَنِّياً عَنْهَا فيقولُ: مَتَى تَرَاكَ خَارِجاً؟ وَمَتَى تَحْسَبُكَ سَائِراً؟ فإِذا كانَ الفعلُ لا يَقْتَضِي إِلاَّ مَنْصُوباً وَاحِداً، جَعَلُوا مَوْضِعَ المَكْنِيِّ نَفْسَهُ، فقالوا: قَتَلْتَ نَفْسَكَ، وَلمْ يَقُولُوا: قَتَلَتْكَ وَلا قَتَلَتْهُ). [جامع البيان: 24 / 532-533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ مسعودٍ، قالَ:
«مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: صَاحِبُ عِلْمٍ وصَاحِبُ دُنْيَا، وَلاَ يَسْتَوِيَانِ، فأمَّا صاحِبُ العلمِ فيَزْدَادُ رِضا الرَّحمنِ. ثُم قَرَأَ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، وأمَّا صاحِبُ الدنيا فيَتَمَادَى في الطغيانِ. ثم قَرَأَ: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}»). [الدر المنثور: 15 / 526-527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ البَزَّارُ، والطبرانيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَه، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن العبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، قالَ: كُنْتُ يوماً في المسجِدِ فأَقْبَلَ أبو جهلٍ فقالَ: إنَّ للَّهِ عَلَيَّ إِنْ رأيتُ محمداً ساجِداً أنْ لأَطَأَنَّ على رَقَبَتِه. فخَرَجَتُ على رسولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، حتى دَخَلْتُ عليه، فأَخْبَرْتُه بقولِ أبي جهلٍ. فخَرَجَ غَضْبَانَ حتى جاءَ المسجدَ، فعَجِلَ أنْ يَدْخُلَ من البَابِ، فاقْتَحَمَ الحائطَ. فقلتُ: هذا يومُ شَرٍّ. فَأْتَزَرْتُ ثُمَّ تَبِعْتُه، فَدَخَلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فلَمَّا بَلَغَ شَأْنَ أَبِي جهلٍ: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى}، قالَ إنسانٌ لأبي جَهْلٍ: يا أبا الحَكَمِ، هذا محمدٌ. فقالَ أبو جهلٍ: ألاَ تَرَوْنَ ما أرَى؟ واللَّهِ لقدْ سُدَّ أُفُقُ السماءِ عليَّ. فلمَّا بَلَغَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ السورةِ سَجَدَ). [الدر المنثور: 15 / 528-529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ أحمدُ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ مَرْدُويَهْ، وأبو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ، عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ أبو جَهْلٍ: هل يُعَفِّرُ محمدٌ وَجْهَه إلا بينَ أَظْهُرِكم؟
قالَوا: نعمْ.
فقالَ: واللاَّتِ والعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُه يُصَلِّي كذلك لأَطَأَنَّ على رقبتِه، ولأعَفِّرَنَّ وجهَه في الترابِ.
فأَتَى رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يُصَلِّي لِيَطَأَ على رقبتِه.
قالَ: فما فجِئَهُم مِنه إلاَّ وهو يَنْكُصُ على عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فقِيلَ له: مَا لَكَ؟
فقالَ: إن بينِي وبينَه خَنْدَقاً مِن نارٍ وهؤلاءِ وأجنحةً، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْواً عُضْواً» قالَ: وأَنْزَلَ اللَّهُ: {كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}، إلى آخرِ السورةِ، يعني: أبا جَهْلٍ، {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}، يعني: قَوْمَه،
{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، يعني: الملائكةَ). [الدر المنثور: 15 / 529]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال معمرٌ: {الرّجعى}: «المرجع»). [صحيح البخاري: 6 / 173]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: وقَالَ مَعْمَرٌ: {الرُّجْعَى}: المَرْجِعَ، كذا لأبِي ذَرٍّ، وسَقَطَ لِغَيْرِهِ: وقَالَ مَعْمَرٌ، فصارَ كَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ، والأولُ هُو الصَّوَابُ، وهُو كَلامُ أَبِي عُبَيْدَةَ في كتابِ المَجَازِ، ولَفْظُهُ: {إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} قَالَ: المَرْجِعَ والرُّجُوعَ). [فتح الباري: 8 / 714]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( وَقَالَ مَعْمَرٌ: {الرُّجْعَى} الْمَرْجِعُ.
أَيْ قَالَ مَعْمَرٌ وَهُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} أَيِ: الرُّجُوعَ وَهَذَا هَكَذَا وَقَعَ لأَبِي ذَرٍّ وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ). [عمدة القاري: 19/ 303]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مَعْمَرٌ أَبُو عُبَيْدَةَ: {الرُّجْعَى} هي الْمَرْجِعُ في الآخرةِ، وفيه تهديدٌ لهذا الإنْسَانِ من عاقبةِ الطُّغْيَانِ. وسَقَطَ مَعْمَرٌ لغيرِ أَبِي ذَرٍّ، وحينئذٍ فَيَكُونُ من قَوْلِ مُجَاهِدٍ، والأوَّلُ أَوْجَهُ لِوُجودِ أَبِي عُبَيْدَةَ). [إرشاد الساري: 7 / 425]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}؛ يَقُولُ: إِنَّ إِلى رَبِّكَ يا مُحَمَّدُ مَرْجِعُهُ، فَذَائِقٌ مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ ما لا قِبَلَ لهُ بهِ). [جامع البيان: 24 / 533]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 03:17 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى:{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق...} هذا أول ما أنزل على النبي صلى الله عليه من القرآن). [معاني القرآن: 3/ 278]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({اقرأ باسم ربّك} مجازه: اقرأ اسم ربك). [مجاز القرآن: 2/ 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها.كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: 20]، وقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] أي اسم ربك. و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] أي يشربها.{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 25] أي هزّي جذع. وقال: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 5،6] أي أيكم المفتون.
وقال الأعشى:
ضَمِنَتْ برزق عيالنا أرماحُنا
وقال الآخر:
نضربُ بالسَّيفِ ونرجو بالفرج
وقال امرؤ القيس:
هصرتُ بغُصْن ذِي شماريخَ ميَّال
أي: غصنا.
وقال أمية بن أبي الصّلت:

إذ يَسُفُّون بالدقيق وكانوا ....... قبلُ لا يأكلون شيئاً فَطِيرا
وقال: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1]. وقوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25]). [تأويل مشكل القرآن: 248-250](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله تعالى: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق (1)} جاء في التفسير أن أول آية نزلت من القرآن {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} ). [معاني القرآن: 5/ 345]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {خلق الإنسان من علقٍ...} قيل: من علق، وإنما هي علقةٌ، لأنّ الإنسان في معنى جمع، فذهب بالعلق إلى الجمع لمشاكلة رءوس الآيات). [معاني القرآن: 3/ 278]

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {الّذي علّم بالقلم (4)} أي الذي علم الكتابة). [معاني القرآن: 5/ 345]

تفسير قوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {أن رّآه استغنى...} ولم يقل: أن رأى نفسه؛ والعرب إذا أوقعت فعلا يكتفى باسم واحد على أنفسها، أو أوقعته من غيرها على نفسه جعلوا موضع المكنى نفسه، فيقولون: قتلت نفسك، ولا يقولون: قتلتك قتلته، ويقولون: قتل نفسه، وقتلت نفسي، فإذا كان الفعل يريد: اسما وخبرا طرحوا النفس فقالوا: متى تراك خارجاً، ومتى نظنك خارجاً؟ وقوله عز وجل: {أن رّآه استغنى} من ذلك). [معاني القرآن: 3/ 278]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّ الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى} أي يطغي أن رأى نفسه استغنى). [تفسير غريب القرآن: 533]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {كلّا إنّ الإنسان ليطغى (6) أن رآه استغنى (7)} هذه نزلت في أبي جهل بن هشام، وكذلك: {أرأيت الّذي ينهى (9) عبدا إذا صلّى (10)} لأن أبا جهل قال: إن رأيت محمدا يصلّي توطّأت عنقه). [معاني القرآن: 5/ 345]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({الرّجعي} المرجع والرجوع). [مجاز القرآن: 2/ 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الرجعى}: المرجع).[غريب القرآن وتفسيره: 435]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الرّجعى}: المرجع). [تفسير غريب القرآن: 533]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الرُّجْعَى}: الرجوع). [العمدة في غريب القرآن: 351]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 03:20 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]




تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)}

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (أبو زيد ... غيره: العلق من الدم ما اشتدت حمرته). [الغريب المصنف: 3/ 735] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (

يعثرن في علق النجيع كأنما ....... كسيت برود بني تزيد الأذرع
العلق: قطع الدم). [شرح أشعار الهذليين: 1/ 25]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
وإن بعقدة الأنصاب منكم ....... غلامًا خر في علق شنين
و(العلق) علق الدم). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 680]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (قال الشاعر في عثمان رضي الله تعالى عنه:
ضحوا به تضحية الكبش الجذع ....... فاحتلبوا عرق دمٍ آني القلع
أراد العلق وهو الدم، وكما قال الآخر في عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه:
بحرك عذب الماء ما أعقه ....... ربك والمحروم من لم يسقه
أراد ما أقعه من قولك ماء قعاع إذا كان ملحًا ومنه والله تعالى أعلم قراءة ابن مسعود: (وحرث حِرج) والقراء والمصاحف على (حجر) وهي القراءة: وهذا كثير). [شرح المفضليات: 684]

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}

تفسير قوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)}

تفسير قوله تعالى: {أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
ما أرانا نقول إلا رجيعا ....... ومعادا من قولنا مكرورا
أي ما نقول شيئا إلا وقد سبقنا إليه. ورجيعا: مكررا. ويقال: رجَعتُه أرجِعُه رَجْعًا. وإلى الله المَرْجِعُ والرُّجْعَى والرُّجُوعُ والمصير. وقالوا في قول الله تعالى:
{والسماء ذات الرجع} ترجع بمطر بعد مطر. والله أعلم. والرجيع: ما ردته الإبل ن أكراشا فاجترته). [شرح ديوان كعب بن زهير: 154-155] (م)


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:56 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:56 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:56 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:57 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق * خلق الإنسان من علقٍ * اقرأ وربّك الأكرم * الّذي علّم بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم * كلّا إنّ الإنسان ليطغى * أن رّآه استغنى * إنّ إلى ربّك الرّجعى * أرأيت الّذي ينهى * عبدًا إذا صلّى * أرأيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتّقوى * أرأيت إن كذّب وتولّى * ألم يعلم بأنّ اللّه يرى * كلّا لئن لّم ينته لنسفعًا بالنّاصية * ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ * فليدع ناديه * سندع الزّبانية * كلّا لا تطعه واسجد واقترب}
في صحيح البخاريّ من حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت: (أوّل ما بدئ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من الوحي الرّؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصّبح، ثمّ حبّب إليه التّحنّث في غار حراء، فكان يخلو فيه فيتحنّث فيه الليالي ذوات العدد، ثمّ ينصرف، حتّى جاءه الملك وهو في غار حراءٍ، فقال له: اقرأ. قال: «ما أنا بقارئٍ». قال: فأخذني فغطّني، ثمّ كذلك ثلاث مرّاتٍ، فقال له في الثالثة: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق * خلق الإنسان من علقٍ}… إلى قوله تعالى: {ما لم يعلم}. قالت: فرجع بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ترجف بوادره) الحديث بطوله.
ومعنى هذه الآية: اقرأ هذا القرآن باسم ربّك، أي: ابدأ فعلك بذكر اسم اللّه، كما قال تعالى: {وقال اركبوا فيها باسم اللّه}. هذا وجهٌ.
ووجهٌ آخر في كتاب الثعلبيّ، أن المعنى: اقرأ في أول كلّ سورةٍ وقراءةٍ: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم). ووجهٌ آخر أن يكون المقروء الذي أمر بقراءته هو {باسم ربّك الّذي خلق}، كأنه قال له: اقرأ هذه اللفظة.
ولمّا ذكر تعالى (الرّبّ)، وكانت العرب في الجاهلية تسمّي الأصنام أربابًا - جاء بالصفة التي لا شركة للأصنام فيها، وهي قوله تعالى: {الّذي خلق}). [المحرر الوجيز: 8/ 651-652]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ مثّل لهم من المخلوقات ما لا مدافعة فيه، وما يجده كلّ مفطورٍ في نفسه، فقال تعالى: {خلق الإنسان من علقٍ}. وخلقة الإنسان من أعظم العبر، حتى إنه ليس في المخلوقات التي لدينا أكثر عبرًا منه؛ في عقله، وإدراكه، ورباطات بدنه وعظمه.
و(العلق) جمع علقةٍ، وهي القطعة اليسيرة من الدّم.
و(الإنسان) ـ هنا ـ اسم الجنس، ويمشي الذّهن معه إلى جميع الحيوان، وليست الإشارة إلى آدم عليه السلام؛ لأنه مخلوقٌ من طينٍ، ولم يكن ذلك مقرّرًا عند المخاطبين بهذه الآية، فلذلك ترك أصل الخلقة وسيق لهم الفرع الذي هم به مقرّون؛ تقريبًا لأفهامهم). [المحرر الوجيز: 8/ 652]

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قال تعالى له: {اقرأ وربّك الأكرم} على جهة التأنيس، كأنه تعالى يقول: امض لما أمرت به، وربّك ليس كهذه الأرباب، بل هو الأكرم الذي لا يلحقه نقصٌ، فهو ينصرك ويظهرك). [المحرر الوجيز: 8/ 653]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ عدّد تعالى نعمة الكتاب بالقلم على الناس، وهي موضع عبرةٍ، وأعظم منفعةٍ في المخاطبات وتخليد المعارف). [المحرر الوجيز: 8/ 653]

تفسير قوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {علّم الإنسان ما لم يعلم} قيل: المراد محمّدٌ عليه الصلاة والسلام. وقيل: اسم الجنس. وهو الأظهر. وعدّد تعالى نعمة اكتساب المعارف للإنسان بعد جهله بها). [المحرر الوجيز: 8/ 653]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كلاّ إنّ الإنسان ليطغى} الآية، نزل بعد مدّةٍ في شأن أبي جهل بن هشامٍ؛ وذلك أنه طغى؛ لغناه، ولكثرة من يغشى ناديه من الناس، فناصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم العداوة، ونهاه عن الصلاة في المسجد، ويروى أنه قال: لئن رأيت محمّدًا يسجد عند الكعبة لأطأنّ على عنقه. فيروى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ردّ عليه القول وانتهره، فقال أبو جهلٍ: أيتوعّدني محمّدٌ! وواللّه ما بالوادي أعظم ناديًا منّي.
وروي أيضًا أنه جاء والنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي، وهمّ بأن يصل إليه ويمنعه من الصلاة، ثمّ كعّ عنه وانصرف، فقيل له: ما هذا؟! فقال: لقد اعترض بيني وبينه خندقٌ من نارٍ وهولٌ وأجنحةٌ.
ويروى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لو دنا منّي لأخذته الملائكة عيانًا».
فهذه السورة من قوله تعالى: {كلاّ} إلى آخرها نزلت في أبي جهلٍ.
و{كلاّ} هي ردٌّ على أقوال أبي جهلٍ وأفعاله، ويتّجه أن تكون بمعنى (حقًّا)، فهي تثبيتٌ لما بعدها من القول.
و(الطّغيان) تجاوز الحدود الجميلة.
و(الغنى) مطغٍ، إلاّ من عصم اللّه تعالى.
والضمير في {رآه} للإنسان المذكور، كأنه قال: أن رأى نفسه غنيًّا، وهي رؤية قلبٍ تقرب من العلم، وكذلك جاز أن يعمل فيها فعل الفاعل في نفسه، كما تقول: وجدتّني وظننتني. ولا يجوز أن تقول: ضربتني.
وقرأ الجمهور: {أن رآه} بالمدّ على وزن (رعاه)، واختلفوا في الإمالة وتركها، وقرأ ابن كثيرٍ - من طريق قنبلٍ -: (أن رأه) دون مدٍّ، على وزن (رعه) على حذف لام الفعل، وذلك تخفيفٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 653-654]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ حقّر تعالى غنى هذا الإنسان وحاله بقوله تعالى: {إنّ إلى ربّك الرّجعى} أي: الحشر والبعث يوم القيامة.
و(الرّجعى) مصدرٌ كالرجوع، وهو على وزن العقبى، ونحوه، وفي هذا الخبر وعيدٌ للطاغين من الناس). [المحرر الوجيز: 8/ 654]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:57 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 10:57 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم الله الرّحمن الرّحيم
{اقرأ باسم ربّك الّذي خلق * خلق الإنسان من علقٍ * اقرأ وربّك الأكرم * الّذي علّم بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم}
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمرٌ، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، قالت: أوّل ما بدئ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرّؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح، ثمّ حبّب إليه الخلاء.
فكان يأتي حراء فيتحنّث فيه - وهو التّعبّد الليالي ذوات العدد- ويتزوّد لذلك ثمّ يرجع إلى خديجة فتزوّده لمثلها، حتى فجأه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فقلت: ما أنا بقارئٍ».
قال: «فأخذني فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئٍ، فغطّني الثّانية حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئٍ، فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} حتّى بلغ {ما لم يعلم}».
قال: فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: «زمّلوني زمّلوني». فزمّلوه حتّى ذهب عنه الرّوع، فقال: «يا خديجة، مالي» فأخبرها الخبر وقال: «قد خشيت على نفسي». فقالت له: كلاّ، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً؛ إنّك لتصل الرّحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ.
ثمّ انطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى بن قصيٍّ، وهو ابن عمّ خديجة أخي أبيها، وكان امرأً تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العربيّ، وكتب بالعبرانيّة من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي.
فقالت خديجة: أي ابن عمّ، اسمع من ابن أخيك. فقال ورقة: ابن أخي، ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما رأى، فقال ورقة: هذا النّاموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حيًّا حين يخرجك قومك. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أو مخرجيّ هم؟» فقال ورقة: نعم؛ لم يأت رجلٌ قطّ بما جئت به إلاّ عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزّراً. ثم لم ينشب ورقة أن توفّي.
وفتر الوحي فترةً حتى حزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مراراً كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلّما أوفى بذروة جبلٍ لكي يلقي نفسه منه تبدّى له جبريل فقال: يا محمد، إنّك رسول الله حقًّا. فيسكن بذلك جأشه، وتقرّ نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدّى له جبريل فقال له مثل ذلك.
وهذا الحديث مخرّجٌ في الصحيحين من حديث الزّهريّ. وقد تكلّمنا على هذا الحديث من جهة سنده ومتنه ومعانيه في أوّل شرحنا للبخاريّ مستقصًى، فمن أراده فهو هناك محرّرٌ، ولله الحمد والمنّة.
فأوّل شيءٍ نزل من القرآن هذه الآيات الكريمات المباركات، وهنّ أوّل رحمةٍ رحم الله بها العباد، وأوّل نعمةٍ أنعم بها عليهم، وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقةٍ، وأنّ من كرمه تعالى أن علّم الإنسان ما لم يعلم، فشرّفه وكرّمه بالعلم، وهو القدر الذي امتاز به أبو البريّة آدم على الملائكة.
والعلم تارةً يكون في الأذهان، وتارةً يكون في اللّسان، وتارةً يكون في الكتابة بالبنان، ذهنيٌّ ولفظيٌّ ورسميٌّ، والرّسميّ يستلزمهما من غير عكسٍ، فلهذا قال: {اقرأ وربّك الأكرم * الّذي علّم بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم}.
وفي الأثر: قيّدوا العلم بالكتاب. وفيه أيضاً: من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يكن يعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 436-437]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كلّا إنّ الإنسان ليطغى * أن رّآه استغنى * إنّ إلى ربّك الرّجعى * أرأيت الّذي ينهى * عبدًا إذا صلّى * أرأيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتّقوى * أرأيت إن كذّب وتولّى * ألم يعلم بأنّ اللّه يرى * كلّا لئن لّم ينته لنسفعًا بالنّاصية * ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ * فليدع ناديه * سندع الزّبانية * كلّا لا تطعه واسجد واقترب}
يخبر تعالى عن الإنسان: أنه ذو فرحٍ وأشرٍ وبطرٍ وطغيانٍ إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله. ثمّ تهدّده وتوعّده ووعظه فقال: {إنّ إلى ربّك الرّجعى} أي: إلى الله المصير والمرجع، وسيحاسبك على مالك من أين جمعته؟ وفيم صرفته؟.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا زيد بن إسماعيل الصّائغ، حدّثنا جعفر بن عونٍ، حدّثنا أبو عميسٍ، عن عونٍ قال: قال عبد الله: «منهومان لا يشبعان: صاحب العلم وصاحب الدنيا، ولا يستويان، فأمّا صاحب العلم فيزداد رضى الرحمن، وأمّا صاحب الدنيا فيتمادى في الطّغيان».
قال: ثمّ قرأ عبد الله: {إنّ الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى} وقال للآخر: {إنّما يخشى الله من عباده العلماء}.
وقد روي هذا مرفوعاً إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «منهومان لا يشبعان: طالب علمٍ وطالب دنيا» ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 437-438]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة