جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم للإنسان ما تمنّى (24) فللّه الآخرة والأولى (25) وكم من ملكٍ في السّموات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلاّ من بعد أن يأذن اللّه لمن يشاء ويرضى}.قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: أم اشتهى محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ما أعطاه اللّه من هذه الكرامة الّتي كرّمه بها من النّبوّة والرّسالة، وإنزال الوحي عليه، وتمنّى ذلك، فأعطاه إيّاه ربّه، فللّه ما في الدّار الآخرة والأولى، وهي الدّنيا، يعطي من يشاء من خلقه ما شاء، ويحرم من يشاء منهم ما شاء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أم للإنسان ما تمنّى} قال: وإن كان محمّدٌ تمنّى هذا، فذلك له؟). [جامع البيان: 22/56] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {أم للإنسان ما تمنى}
أخرج أحمد والبخاري والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تمنى أحدكم فلينظر ما تمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته). [الدر المنثور: 14/34]
تفسير قوله تعالى: (فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم للإنسان ما تمنّى (24) فللّه الآخرة والأولى (25) وكم من ملكٍ في السّموات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلاّ من بعد أن يأذن اللّه لمن يشاء ويرضى}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: أم اشتهى محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ما أعطاه اللّه من هذه الكرامة الّتي كرّمه بها من النّبوّة والرّسالة، وإنزال الوحي عليه، وتمنّى ذلك، فأعطاه إيّاه ربّه، فللّه ما في الدّار الآخرة والأولى، وهي الدّنيا، يعطي من يشاء من خلقه ما شاء، ويحرم من يشاء منهم ما شاء). [جامع البيان: 22/56] (م)
تفسير قوله تعالى: (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وكم من ملكٍ في السّموات لا تغني شفاعتهم شيئًا} يقول تعالى ذكره: كثيرٌ من ملائكة اللّه، لا تنفع شفاعتهم عند اللّه لمن شفعوا له شيئًا، إلاّ أن يشفعوا له من بعد أن يأذن اللّه لهم بالشّفاعة لمن يشاء منهم أن يشفعوا له {ويرضى}.
يقول: ومن بعد أن يرضى لملائكته الّذين يشفعون له أن يشفعوا له، فتنفعه حينئذٍ شفاعتهم، وإنّما هذا توبيخٌ من اللّه تعالى ذكره لعبدة الأوثان والملأ من قريشٍ وغيرهم الّذين كانوا يقولون {ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} فقال اللّه جلّ ذكره لهم: ما تنفع شفاعة ملائكتي الّذين هم عندي لمن شفعوا له، إلاّ من بعد إذني لهم بالشّفاعة له ورضاي فكيف بشفاعة من دونهم، فأعلمهم أنّ شفاعة ما يعبدون من دونه غير نافعتهم). [جامع البيان: 22/56-57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وكم من ملك في السماوات} الآية
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا} قال: لقولهم: إن الغرانقة ليشفعون). [الدر المنثور: 14/35]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمّون الملائكة تسمية الأنثى (27) وما لهم به من علمٍ إن يتّبعون إلاّ الظّنّ وإنّ الظّنّ لا يغني من الحقّ شيئًا (28) فأعرض عن من تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين لا يصدّقون بالبعث في الدّار الآخرة، وذلك يوم القيامة ليسمّون ملائكة اللّه تسمية الإناث، وذلك أنّهم كانوا يقولون: هم بنات اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {تسمية الأنثى} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {تسمية الأنثى} قال: الإناث). [جامع البيان: 22/57]
تفسير قوله تعالى: (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما لهم به من علمٍ} يقول تعالى: وما لهم يقولون من تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى من حقيقة علمٍ {إن يتّبعون إلاّ الظّنّ} يقول: ما يتّبعون في ذلك إلاّ الظّنّ، يعني أنّهم إنّما يقولون ذلك ظنًّا بغير يقين علمٍ.
وقوله: {وإنّ الظّنّ لا يغني من الحقّ شيئًا} يقول: وإنّ الظّنّ لا ينفع من الحقّ شيئًا فيقوم مقامه). [جامع البيان: 22/58]
تفسير قوله تعالى: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأعرض عمّن تولّى عن ذكرنا} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فدع من أدبر يا محمّد عن ذكر اللّه ولم يؤمن به فيوحّده.
وقوله: {ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا} يقول: ولم يطلب ما عند اللّه في الدّار الآخرة، ولكنّه طلب الحياة الدّنيا، والتمس البقاء فيها). [جامع البيان: 22/58]
تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك مبلغهم من العلم إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: هذا الّذي يقوله هؤلاء الّذين لا يؤمنون بالآخرة في الملائكة من تسميتهم إيّاها تسمية الأنثى {مبلغهم من العلم} يقول: ليس لهم علمٌ إلاّ هذا الكفر باللّه، والشّرك به على وجه الظّنّ بغير يقين علمٍ.
- وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك: ما حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فأعرض عمّن تولّى عن ذكرنا ولم يرد إلاّ الحياة الدّنيا ذلك مبلغهم من العلم} قال: يقول ليس لهم علمٌ إلاّ الّذي هم فيه من الكفر باللّه وبرسوله، ومكابرتهم لما جاء من عند اللّه قال: وهؤلاء أهل الشّرك.
وقوله: {إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى} يقول تعالى ذكره: إنّ ربّك يا محمّد هو أعلم بمن جار عن طريقه في سابق علمه، فلا يؤمن، وذلك الطّريق هو الإسلام.
{وهو أعلم بمن اهتدى} يقول: وربّك أعلم بمن أصاب طريقه فسلكه في سابق علمه، وذلك الطّريق أيضًا الإسلام). [جامع البيان: 22/58-59]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ذلك مبلغهم من العلم يعني مبلغ رأيهم). [تفسير مجاهد: 2/631] قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 28 - 31.
أخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال: احذروا هذا الرأي على الدين فإنما كان الرأي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا لأن الله كان يريه وإنما هو ههنا تكلف وظن {وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}، قوله تعالى: {ذلك مبلغهم من العلم}). [الدر المنثور: 14/35]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله {ذلك مبلغهم من العلم} قال: رأيهم). [الدر المنثور: 14/35]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا). [الدر المنثور: 14/35-36]