العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأعراف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 10:49 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأعراف [ من الآية (100) إلى الآية (102) ]

{ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:33 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100)}

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون}.
يقول جلّ ثناؤه: أولم يبيّن للّذين يستخلفون في الأرض بعد هلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها، فساروا سيرتهم وعملوا أعمالهم، وعتوا عن أمر ربّهم {أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم} يقول: أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم، فأخذناهم بذنوبهم. وعجّلنا لهم بأسنا كما عجّلناه لمن كان قبلهم ممّن ورثوا عنه الأرض. فأهلكناهم بذنوبهم. {ونطبع على قلوبهم} يقول: ونختم على قلوبهم فهم {لا يسمعون} موعظةً ولا تذكيرًا سماع منتفعٍ بهما.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {أولم يهد} قال: يبيّن.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أولم يهد} أولم يبيّن.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} يقول: أولم يبيّن لهم.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} يقول: أولم يتبيّن للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها هم المشركون.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} أولم نبيّن لهم {أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم} قالوا: والهدى: البيان الّذي بعث هاديًا لهم مبيّنًا لهم، حتّى يعرفوا، ولولا البيان لم يعرفوا). [جامع البيان: 10/ 334-335]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون (100)}
قوله تعالى: {أولم يهد}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {أولم يهد} يبيّن وروي، عن السّدّيّ، وعطاءٍ الخراسانيّ مثل ذلك.
قوله تعالى: {للّذين يرثون الأرض}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباط، عن السّدّيّ قوله: {للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} قال: المشركون.
قوله تعالى: {إن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم}
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم قال: والهدى: البيان الذين يبعث هاديًا لهم مبيّنًا لهم حتّى يعرفوا لولا البيان لم يعرفوا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1529-1530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {أولم يهد} قال: أو لم يبين.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أولم يهد} قال: يبين.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {للذين يرثون الأرض من بعد أهلها} قال: المشركون). [الدر المنثور: 6/ 487]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين}.
يقول تعالى ذكره: هذه القرى الّتي ذكرت لك يا محمّد أمرها وأمر أهلها، يعني: قوم نوحٍ وعادٍ وثمود وقوم لوطٍ وشعيبٍ {نقصّ عليك من أنبائها} فنخبرك عنها وعن أخبار أهلها، وما كان من أمرهم، وأمر رسل اللّه الّتي أرسلت إليهم، لتعلم أنّا ننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا على أعدائنا وأهل الكفر بنا، ويعلم مكذّبوك من قومك ما عاقبة أمر من كذّب رسل اللّه، فيرتدعوا عن تكذيبك، وينيبوا إلى توحيد اللّه وطاعته. {ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات} يقول: ولقد جاءت أهل القرى الّتي قصصت عليك نبّأها رسلهم بالبيّنات، يعني بالحجج البيّنات، {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل}.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فما كان هؤلاء المشركون الّذين أهلكناهم من أهل القرى ليؤمنوا عند إرسالنا إليهم بما كذّبوا من قبل ذلك، وذلك يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر آدم عليه السّلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} قال: ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرهًا.
وقال آخرون: معنى ذلك: فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرّسل بما سبق في علم اللّه أنّهم يكذّبون به يوم أخرجهم من صلب آدم عليه السّلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} قال: كان في علمه يوم أقرّوا له بالميثاق.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: يحقّ على العباد أن يأخذوا من العلم ما أبدى لهم ربّهم والأنبياء ويدعوا علم ما أخفى اللّه عليهم، فإنّ علمه نافذٌ فيما كان وفيما يكون، وفي ذلك قال: {ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين} قال: نفذ علمه فيهم أيّهم المطيع من العاصي حيث خلقهم في زمان آدم، وتصديق ذلك حيث قال لنوحٍ: {اهبط بسلامٍ منّا وبركاتٍ عليك وعلى أممٍ ممّن معك وأممٌ سنمتّعهم ثمّ يمسّهم منّا عذابٌ أليمٌ}، وقال في ذلك: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون} وفي ذلك قال {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً} وفي ذلك قال: {لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل} ولا حجّة لأحدٍ على اللّه.
وقال آخرون: معنى ذلك: فما كانوا لو أحييناهم بعد هلاكهم ومعاينتهم ما عاينوا من عذاب اللّه ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل هلاكهم، كما قال جلّ ثناؤه: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {بما كذّبوا من قبل} قال: كقوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه}.
وأشبه هذه الأقوال بتأويل الآية وأولاها بالصّواب، القول الّذي ذكرناه عن أبيّ بن كعبٍ والرّبيع، وذلك أنّ من سبق في علم اللّه تبارك وتعالى أنّه لا يؤمن به، فلن يؤمن أبدًا، وقد كان سبق في علم اللّه تعالى لمن هلك من الأمم الّتي قصّ نبّأهم في هذه السّورة أنّه لا يؤمن أبدًا، فأخبر جلّ ثناؤه عنهم، أنّهم لم يكونوا ليؤمنوا بما هم به مكذّبون في سابق علمه قبل مجيء الرّسل وعند مجيئهم إليهم.
ولو قيل تأويله: فما كان هؤلاء الّذين ورثوا الأرض يا محمّد من مشركي قومك من بعد أهلها الّذين كانوا بها من عادٍ وثمود ليؤمنوا بما كذّب به الّذين ورثوها عنهم من توحيد اللّه ووعده ووعيده، كان وجهًا ومذهبًا، غير أنّي لا أعلم قائلاً قاله ممّن يعتمد على علمه بتأويل القرآن.
وأمّا الّذي قاله مجاهدٌ من أنّ معناه: لو ردّوا ما كانوا ليؤمنوا، فتأويلٌ لا دلالة عليه من ظاهر التّنزيل، ولا من خبرٍ عن الرّسول صحيحٍ. وإذا كان ذلك كذلك، فأولى منه بالصّواب ما كان عليه من ظاهر التّنزيل دليلٌ.
وأمّا قوله: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين} فإنّه يقول تعالى ذكره: كما طبع اللّه على قلوب هؤلاء الّذين كفروا بربّهم وعصوا رسله من هذه الأمم الّتي قصصنا عليك نبّأهم يا محمّد في هذه السّورة حتّى جاءهم بأس اللّه فهلكوا به، كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين الّذين كتب عليهم أنّهم لا يؤمنون أبدًا من قومك). [جامع البيان: 10/ 336-339]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين (101)}
قوله تعالى: {تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها}
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: أنباء يعني: أحاديث.
قوله تعالى: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل}
- حدّثنا كثير بن شهابٍ القزوينيّ، ثنا محمّد بن سعيدٍ، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العاليّة، عن أبيّ بن كعبٍ فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كان في علم اللّه يوم أقرّوا به، ومن يصدّق به، ومن يكذّب به.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بما كذّبوا من قبل مثل قوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل}، قال ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرهًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1530]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل}، قال هو كقوله: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه}). [تفسير مجاهد: 241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي بن كعب في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل}، قال: كان في علم الله يوم أقروا له بالميثاق من يكذب به ومن يصدق.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} قال: مثل قوله: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} [الأنعام: 28].
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن السدي، في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} قال: ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرها.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في قوله: {ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين} قال: لقد علمه فيهم أيهم المطيع من العاصي حيث خلقهم في زمان آدم، قال: وتصديق ذلك حين قال لنوح {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم} [هود: 48] ففي ذلك قال: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون}
[الأنعام: 28] وفي ذلك {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} الإسراء: 15].
- وأخرج الشيخ عن مقاتل بن حيان في قوله: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} [الأعراف: 172] قال: أخرجهم مثل الذر فركب فيهم العقول ثم استنطقهم فقال لهم: {ألست بربكم} قالوا جميعا: بلى، فأقروا بألسنتهم وأسر بعضهم الكفر في قلوبهم يوم الميثاق فهو قوله: {ولقد جاءتهم رسلهم} بعد البلاغ {بالبينات فما كانوا ليؤمنوا} بعد البلوغ {بما كذبوا} يعني يوم الميثاق {كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين}). [الدر المنثور: 6/ 487-489]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.
يقول تعالى ذكره: ولم نجد لأكثر أهل هذه القرى الّتي أهلكناها واقتصصنا عليك يا محمّد نبّأها من عهدٍ، يقول: من وفاءٍ بما وصّيناهم به من توحيد اللّه، واتّباع رسله، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه وهجر عبادة الأوثان والأصنام. والعهد: هو الوصيّة، وقد بيّنّا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} يقول: وما وجدنا أكثرهم إلاّ فسقةً عن طاعة ربّهم، تاركين عهده ووصيّته. وقد بيّنّا معنى الفسق قبل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} قال: القرون الماضية.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما وجدنا لأكثرهم مّن عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}، قال: القرون الماضية وعهده الّذي أخذه من بني آدم في ظهر آدم ولم يفوا به.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ: {وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ} قال: في الميثاق الّذي أخذه في ظهر آدم عليه السّلام.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} وذلك أنّ اللّه إنّما أهلك القرى؛ لأنّهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به). [جامع البيان: 10/ 339-341]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (102)}
قوله تعالى: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد}
الوجه الأول:
- حدّثنا عليّ بن حربٍ الموصليّ، ثنا بشر بن عمر الزّهرانيّ، ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الربيع ابن أنسٍ، عن أبي العالية وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ قال: هو ذلك العهد يعني يوم أخذ الميثاق.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قال: قدّم اللّه عند ذلك أكثرهم فقال: وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإنّ وجدنا أكثرهم لفاسقين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا مباركٌ، عن الحسن وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ قال: العهد الوفاء.
قوله تعالى: {وإنّ وجدنا أكثرهم لفاسقين}
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، عن أبيه، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله:
{وإنّ وجدنا أكثرهم لفاسقين} وذلك أنّ اللّه إنّما أهلك القرى لأنّهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
قوله: أكثرهم لفاسقين القرون الماضية). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1530-1531]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} قال يعني القرون الماضية).[تفسير مجاهد: 241]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو جعفرٍ محمّد بن عليٍّ الشّيبانيّ بالكوفة، ثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، ثنا أبو جعفرٍ عيسى بن عبد اللّه بن ماهان، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ: {وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّاتهم وأشهدهم على أنفسهم} إلى قوله تعالى {أفتهلكنا بما فعل المبطلون} [الأعراف: 173] قال: " جمعهم له يومئذٍ جميعًا ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فجعلهم أرواحًا، ثمّ صوّرهم، واستنطقهم، فتكلّموا، وأخذ عليهم العهد والميثاق، وأشهدهم على أنفسهم، ألست بربّكم؟ قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة، إنّا كنّا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنّما أشرك آباؤنا من قبل، وكنّا ذرّيّةً من بعدهم، أفتهلكنا بما فعل المبطلون، قال: فإنّي أشهد عليكم السّماوات السّبع والأرضين السّبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم، أو تقولوا إنّا كنّا عن هذا غافلين، فلا تشركوا بي شيئًا، فإنّي أرسل إليكم رسلي، يذكّرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي، فقالوا: نشهد أنّك ربّنا، وإلهنا لا ربّ لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك، ورفع لهم أبوهم آدم فنظر إليهم، فرأى فيهم الغنيّ والفقير وحسن الصّورة، وغير ذلك، فقال: ربّ لو سوّيت بين عبادك فقال: إنّي أحبّ أن أشكر، ورأى فيهم الأنبياء مثل السّرج، وخصّوا بميثاقٍ آخر بالرّسالة والنّبوّة فذلك قوله عزّ وجلّ: {وإذ أخذنا من النّبيّين ميثاقهم ومنك ومن نوحٍ} [الأحزاب: 7] الآية. وهو قوله تعالى: {فأقم وجهك للدّين حنيفًا فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه} [الروم: 30] وذلك قوله: {هذا نذيرٌ من النّذر الأولى} [النجم: 56] وقوله: {وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} [الأعراف: 102] وهو قوله: {ثمّ بعثنا من بعده رسلًا إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات، فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل} كان في علمه بما أقرّوا به، من يكذّب به ومن يصدّق به، فكان روح عيسى من تلك الأرواح الّتي أخذ عليها الميثاق في زمن آدم فأرسل ذلك الرّوح إلى مريم حين {انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًّا، فاتّخذت من دونهم حجابًا فأرسلنا إليها روحنا فتمثّل لها بشرًا سويًّا} [مريم: 17] إلى قوله: {مقضيًّا} [مريم: 21] فحملته قال: حملت الّذي خاطبها وهو روح عيسى عليه السّلام " قال أبو جعفرٍ: فحدّثني الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية عن أبيّ بن كعبٍ قال: دخل من فيها «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/ 353] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: الوفاء.
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} يقول: فيما ابتلاهم به ثم عافاهم.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: هو ذلك العهد يوم أخذ الميثاق.
- وأخرج أبو الشيخ عن قتادة: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: لما ابتلاهم بالشدة والجهد والبلاء ثم أتاهم بالرخاء والعافية ذم الله أكثرهم عند ذلك فقال: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.
- وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: الميثاق الذي أخذه في ظهر آدم.
- وأخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب في قوله: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: علم الله يومئذ من يفي ممن لا يفي فقال: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: الذي أخذ من بني آدم في ظهر آدم لم يفوا به {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} قال: القرون الماضية.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} قال: وذلك أن الله إنما أهلك القرى لأنهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به). [الدر المنثور: 6/ 489-490]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 12:35 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}


تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أن لّو نشاء أصبناهم بذنوبهم...}
ثم قال: {ونطبع} ولم يقل: وطبعنا، ونطبع منقطعة عن جواب لو؛ يدلّك على ذلك قوله: {فهم لا يسمعون}؛ ألا ترى أنه لا يجوز في الكلام: لو سألتني لأعطيتك فأنت غنيّ، حتى تقول: لو سألتني لأعطيتك فاستغنيت. ولو استقام المعنى في قوله: {فهم لا يسمعون} أن يتصل بما قبله جاز أن تردّ يفعل على فعل في جواب لو؛ كما قال الله عز وجل: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون} فنذر مردودة على {لقضي} وفيها النون. وسهّل ذلك أنّ العرب لا تقول: وذرت، ولا ودعت؛ إنما يقال بالياء والألف والنون والتاء؛ فأوثرت على فعلت إذا جازت؛ قال الله تبارك وتعالى: {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} ثم قال: {ويجعل لك قصورا} فإذا أتاك جواب لو آثرت فيه (فعل على يفعل) وإن قلته ينفعل جاز، وعطف فعل على يفعل ويفعل على فعل جائز، لأن التأويل كتأويل الجزاء). [معاني القرآن: 1/ 387]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أو لم نهد للّذين} مجازه: أو لم نبين لهم ونوضح لهم). [مجاز القرآن: 1/ 223]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ونطبع على قلوبهم} مجازه: مجاز نختم). [مجاز القرآن: 1/ 223]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لّو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون}
وقال: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} يقول: "أولم يتبيّن لهم" وقال بعضهم {نهد} بالنون أي: أولم نبيّن لهم {أن لّو نشاء أصبناهم بذنوبهم}). [معاني القرآن: 2/ 14]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {أو لم يهد للذين} بالياء.
وأبو عبد الرحمن "أو لم نهد" بالنون، والمعنى: من هديت وبينت ودللت). [معاني القرآن لقطرب: 568]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ} [الأعراف: 100]، أي ألم يبيّن لهم.
فالإرشاد في جميع هذه بالبيان). [تأويل مشكل القرآن: 443]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون (100)}
وتقرأ (نهد) بالنون، فمن قرأ نهدي بالنون فمعناه أولم نبين.
لأن قولك: هديته الطريق معناه بيّنت له الطريق.
ومن قرأ بالياء كان المعنى أو لم يبين الله لهم أنّه لو يشاء أصبناهم بذنوبهم.
وقوله: {ونطبع على قلوبهم}،
ليس بمحمول على أصبناهم.
المعنى ونحن نطبع على قلوبهم، لأنه لو حمل على أصبناهم لكان ولطبعنا، لأنه على لفظ الماضي، وفي معناه.
ويجوز أن يكون محمولا على الماضي، ولفظه لفظ المستقبل كما أن لو نشاء معناه لو شئنا). [معاني القرآن: 2/ 361]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أولم يهد للذين يرثون الأرض}
قال مجاهد أي أو لم يبين ومعنى يهد بالياء يتضح ويبين). [معاني القرآن: 3/ 58]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (وقوله: {أولم يهد للذين يرثون الأرض}: أي: أولم يبين). [ياقوتة الصراط: 230]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين}
وقال: {نقصّ عليك من أنبائها} صيّر "من" زائدة وأراد "قصصنا" كما تقول "هل لك في ذا" وتحذف "حاجة".
وقال: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} فقوله: {بما كذبوا} والله أعلم يقول: "بتكذيبهم" جعل - والله أعلم - {ما كذّبوا} اسما للفعل والمعنى: "لم يكونوا ليؤمنوا بالتكذيب" أي لا نسميهم بالإيمان بالتكذيب). [معاني القرآن: 2/ 14]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين (101)}
وهذا إخبار عن قوم لا يؤمنون.
كما قال جلّ وعزّ: {أنّه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن}
وكما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -:
{قل يا أيّها الكافرون (1) لا أعبد ما تعبدون (2) ولا أنتم عابدون ما أعبد (3)}.
فهذا إخبار من الله جل وعز أنّ هؤلاء لا يؤمنون.
وقال قوم: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل..} أي ليسوا مؤمنين بتكذيبهم، وهذا ليس بشيء، لأن قوله: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين}.. يدل على أنهم قد طبع على قلوبهم.
وموضع الكاف في " كذلك " نصب.
المعنى مثل ذلك يطبع الله على قلوب الكافرين). [معاني القرآن: 2/ 361-362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل}
قال مجاهد هذا مثل قوله تعالى: {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه}
وقال غيره هذا مخصوص به أقوام بأعيانهم خبر الله -جل وعلا- أنهم لا يؤمنون
وأما قول من قال معنى فما كانوا ليؤمنوا ليحكم لهم بالإيمان فلا يصح في اللغة ويدل على بطلانه أن بعده كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين فدل بهذا على أنه قد طبع على قلوبهم هذا قول أبي إسحاق جزاء بما عملوا). [معاني القرآن: 3/ 59]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ} مجازه وما وجدنا لأكثرهم عهداً أي وفاء ولا حفيظة؛ ومن من حروف الزوائد وقد فسرناها في غير هذا الموضع.
{وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} : أي لكافرين، ومجازه: إن وجدنا أكثرهم إلاّ فاسقين، أي ما وجدنا، وله موضع آخر أن العرب نؤكد باللام كقوله:
أمّ الحليس لعجوز شهر به
{فظلموا بها} مجازه: فكفروا بها). [مجاز القرآن: 1/ 223]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (102)}
هذه " إن " تدخل واللام على معنى التوكيد واليمين.
وتدخل على الأخبار. تقول: إن ظننت زيدا لقائما). [معاني القرآن: 2/ 362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد}
من زائدة وهي تدل على معنى الجنس ولولا من لجاز أن يتوهم أنه واحد في المعنى
قال أبو عبيدة المعنى وما وجدنا لأكثرهم حفظا ولا وفاء). [معاني القرآن: 3/ 59-60]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 12:11 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) }

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنهم يقولون إن زيد لذاهب وإن عمرو لخير منك لما خففها جعلها بمنزلة لكن حين خففها وألزمها اللام لئلا تلتبس بإن التي هي بمنزلة ما التي تنفى بها.
ومثل ذلك: {إن كل نفس لما عليها حافظ} إنما هي لعليها حافظ.
وقال تعالى: {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} إنما هي لجميع وما لغو
وقال تعالى: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}: {وإن نظنك لمن الكاذبين}.
وحدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق. وأهل المدينة يقرءون: (وإن كلاًّ لما ليوفّينّهم ربّك أعمالهم) يخففون وينصبون كما قالوا:
كأن ثدييه حقّان). [الكتاب: 2/ 139-140] (م)


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 02:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 02:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 02:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 03:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض ... الآية}، هذه ألف تقرير دخلت على واو العطف، و «يهدي» معناه يبين والهدى الصباح وأنشدوا على ذلك:
حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة ....... يسبحن في الآل غلفا أو يصلينا
ويحتمل أن يكون المبين الله تعالى ويحتمل أن يكون المبين قوله: أن لو نشاء أي علمهم بذلك.
وقال ابن عباس ومجاهد وابن زيد: و «يهدي» معناه يتبين، وهذه أيضا آية وعيد، أي ألم يظهر لوارث الأرض بعد أولئك الذين تقدم ذكرهم وما حل بهم أنا نقدر لو شئنا أن نصيبهم إصابة إهلاك بسبب معاصيهم كما فعل بمن تقدم وكنا نطبع: أي نختم، ونختم عليها بالشقاوة، وفي هذه العبارة ذكر القوم الذين قصد ذكرهم وتعديد النعمة عليهم فيما «ورثوا» والوعظ بحال من سلف من المهلكين، ونطبع عطف على المعاصي إذ المراد به الاستقبال، ويحتمل أن يكون ونطبع منقطعا إخبارا عن وقوع الطبع لا أنه متوعد به ويبقى التوعد بالإهلال الذي هو بعذاب كالصيحة والغرق ونحوه، وقرأ أبو عمرو: ونطبع على بإدغام العين في العين وإشمام الضم، ذكره أبو حاتم). [المحرر الوجيز: 4/ 9]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله عز وجل: {تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين (101) وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (102)}
تلك ابتداء، والقرى قال قوم هو نعت والخبر نقصّ ويؤيد هذا أن القصد إنما الإخبار بالقصص.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والظاهر عندي أن القرى هي خبر الابتداء، وفي ذلك معنى التعظيم لها ولمهلكها، وهذا كما قيل في: {ذلك الكتاب} [البقرة: 2] أنه ابتداء وخبر، وكما قال صلى الله عليه وسلم «أولئك الملأ»، وكقول أبي الصلت:
تلك المكارم ... ... ....... ... ... ... ...
وهذا كثير، وكأن في اللفظ معنى التحسر على القرى المذكورة، والمعنى: نقص عليك من أنباء الماضين لتتبين العبر وتعلم المثلات التي أوقعها الله بالماضين ثم ابتدأ الخبر عن جميعهم بقوله ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الكلام يحتمل أربعة وجوه من التأويل، أحدها أن يريد أن الرسول جاء لكل فريق منهم فكذبوه لأول أمره ثم استبانت حجته وظهرت الآيات الدالة على صدقه مع استمرار دعوته فلجّوا هم في كفرهم ولم يؤمنوا بما تبين به تكذيبهم من قبل، وكأنه وصفهم على هذا التأويل باللجاج في الكفر والصرامة عليه ويؤيد هذا قوله كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين ويحتمل في هذا الوجه أن يكون المعنى فما كانوا ليؤمنوا أي ما كانوا ليوفقهم الله إلى الإيمان بسبب أنهم كذبوا قبل فكان تكذيبهم سببا لأن يمنعوا الإيمان بعد، والثاني من الوجوه أن يريد فما كان آخرهم في الزمن والعصر ليهتدي ويؤمن بما كذب به أولهم في الزمن والعصر، بل كفر كلهم ومشى بعضهم عن سنن بعض في الكفر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: أشار إلى هذا القول النقاش، فكأن الضمير في قوله كانوا يختص بالآخرين، والضمير في قوله كذّبوا يختص بالقدماء منهم، والثالث من الوجوه يحتمل أن يريد فما كان هؤلاء المذكورون بأجمعهم لو ردوا إلى الدنيا ومكنوا من العودة ليؤمنوا بما كذبوا في حال حياتهم ودعاء الرسول لهم، قاله مجاهد وقرنه بقوله تعالى: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه} [الأنعام: 28] وهذه أيضا صفة بليغة في اللجاج والثبوت على الكفر، بل هي غاية في ذلك، والرابع من الوجوه أنه يحتمل أن يريد وصفهم بأنهم لم يكونوا ليؤمنوا بما قد سبق في علم الله تعالى أنهم مكذبون به، فجعل سابق القدر عليهم بمثابة تكذيبهم بأنفسهم لا سيما وقد خرج تكذيبهم إلى الوجود في وقت مجيء الرسل، وذكر هذا التأويل المفسرون وقرنوه بأن الله عز وجل حتم عليهم التكذيب وقت أخذ الميثاق، وهو قول أبي بن كعب). [المحرر الوجيز: 4/ 9-11]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ ... الآية}، أخبر تعالى أنه لم يجد لأكثرهم ثبوتا على العهد الذي أخذه على ذرية آدم وقت استخراجهم من ظهره، قاله أبو العالية عن أبي بن كعب، ويحتمل أن يكون الكلام عبارة عن أنهم لم يصرفوا عقولهم في الآيات المنصوبة ولا شكروا نعم الله ولا قادتهم معجزات الأنبياء، لأن هذه الأمور عهد في رقاب العقلاء كالعهود ينبغي أن يوفى بها، وأيضا فمن لدن آدم تقرر العهد الذي هو بمعنى الوصية وبه فسر الحسن هذه الآية فيجيء المعنى: وما وجدنا لأكثرهم التزام عهد وقبول وصاة، ذكره المهدوي، ومن في هذه الآية زائدة، إلا أنها تعطي استغراق جنس العهد ولا تجيء هذه إلا بعد النفي، وإن هي المخففة من الثقيلة عند سيبويه، واللام في قوله لفاسقين للفرق بين إن المخففة وغيرها، وإن عند الفراء هي بمعنى ما واللام بمعنى إلا والتقدير عنده وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين). [المحرر الوجيز: 4/ 11]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 03:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 03:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري


تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون (100)}
قال ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، في قوله: {أولم يهد للّذين يرثون الأرض من بعد أهلها} أو لم نبيًن، [وكذا قال مجاهدٌ والسّدّيّ، وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: أو لم نبيّن] لهم أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم.
وقال أبو جعفر بن جريرٍ في تفسيرها: يقول تعالى: أو لم نبيّن للّذين يستخلفون في الأرض من بعد إهلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها، فساروا سيرتهم، وعملوا أعمالهم، وعتوا على ربّهم: {أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم} يقول: أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم، {ونطبع على قلوبهم} يقول: ونختم على قلوبهم {فهم لا يسمعون} موعظةً ولا تذكيرًا.
قلت: وهكذا قال تعالى: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} [طه: 128] وقال تعالى: {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ أفلا يسمعون} [السّجدة: 29] وقال {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ. وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} [إبراهيم: 44، 45] وقال تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هل تحسّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزًا} [مريم: 98] أي: هل ترى لهم شخصًا أو تسمع لهم صوتًا؟ وقال تعالى: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ مكّنّاهم في الأرض ما لم نمكّن لكم وأرسلنا السّماء عليهم مدرارًا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين} [الأنعام: 6] وقال تعالى بعد ذكره إهلاك عادٍ: {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين. ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه وجعلنا لهم سمعًا وأبصارًا وأفئدةً فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيءٍ إذ كانوا يجحدون بآيات اللّه وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرّفنا الآيات لعلّهم يرجعون} [الأحقاف: 25-27] وقال تعالى: {وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير} [سبأٍ: 45] وقال تعالى: {ولقد كذّب الّذين من قبلهم فكيف كان نكير} [الملك: 18] وقال تعالى: {فكأيّن من قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ معطّلةٍ وقصرٍ مشيدٍ. أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذانٌ يسمعون بها فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} [الحجّ: 45، 46] وقال تعالى: {ولقد استهزئ برسلٍ من قبلك فحاق بالّذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون} [الأنعام: 10] إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على حلول نقمه بأعدائه، وحصول نعمه لأوليائه؛ ولهذا عقّب ذلك بقوله، وهو أصدق القائلين وربّ العالمين: {تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين (101) وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (102)} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 451-452]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تلك القرى نقصّ عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين (101) وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (102)}
لمّا قصّ تعالى على نبيّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- خبر قوم نوحٍ، وهودٍ، وصالحٍ، ولوطٍ، وشعيبٍ [عليهم الصّلاة والسّلام] وما كان من إهلاكه الكافرين وإنجائه المؤمنين، وأنّه تعالى أعذر إليهم بأن بيّن لهم الحقّ بالحجج على ألسنة الرّسل، صلوات اللّه عليهم أجمعين، قال تعالى: {تلك القرى نقصّ عليك} أي: يا محمّد {من أنبائها} أي: من أخبارها، {ولقد جاءتهم رسلهم بالبيّنات} أي: بالحجج على صدقهم فيما أخبروهم به، كما قال تعالى: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} [الإسراء: 15] وقال تعالى: {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك منها قائمٌ وحصيدٌ وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم} [هودٍ: 101، 102]
وقوله تعالى: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} الباء سببيّةٌ، أي: فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرّسل بسبب تكذيبهم بالحقّ أوّل ما ورد عليهم. حكاه ابن عطيّة، رحمه اللّه، وهو متّجهٌ حسنٌ، كقوله: {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون * ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّةٍ ونذرهم [في طغيانهم يعمهون]} [الأنعام: 110، 111]؛ ولهذا قال هنا: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 452-453]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقد قيل في تفسير قوله تعالى: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} ما روى أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} قال: كان في علمه تعالى يوم أقرّوا له بالميثاق، أي: فما كانوا ليؤمنوا لعلم اللّه منهم ذلك، وكذا قال الرّبيع بن أنسٍ، واختاره ابن جريرٍ.
وقال السّدّيّ: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} قال: ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرهًا.
وقال مجاهدٌ في قوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} هذا كقوله: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون} [الأنعام:28] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 453]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما وجدنا لأكثرهم} أي: لأكثر الأمم الماضية {من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} أي: ولقد وجدنا أكثرهم فاسقين خارجين عن الطّاعة والامتثال. والعهد الّذي أخذه [عليهم] هو ما جبلهم عليه وفطرهم عليه، وأخذ عليهم في الأصلاب أنّه ربّهم ومليكهم، وأنّه لا إله إلّا هو، فأقرّوا بذلك، وشهدوا على أنفسهم به، فخالفوه وتركوه وراء ظهورهم، وعبدوا مع اللّه غيره بلا دليلٍ ولا حجّةٍ، لا من عقلٍ ولا شرعٍ، وفي الفطر السّليمة خلاف ذلك، وجاءت الرّسل الكرام من أوّلهم إلى آخرهم بالنّهي عن ذلك، كما جاء في صحيح مسلمٍ يقول اللّه تعالى: "إنّي خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشّياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرّمت عليهم ما أحللت لهم". وفي الصّحيحين: "كلّ مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه" الحديث. وقال تعالى في كتابه العزيز: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء:25] وقال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهةً يعبدون} [الزّخرف:45] وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت} [النّحل:36] إلى غير ذلك من الآيات). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 453]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة