دراسة (لام الجحود) في القرآن الكريم
1- أسلوب لام الجحود أبلغ من غيره: ما كان زيد ليقوم أبلغ من: ما كان زيد يقوم، لأن الأول نفي للتهيئة والإرادة للقيام، وهو أبلغ من نفي الفعل، لأن نفي الفعل لا يستلزم نفي إرادته.
{ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله} أبلغ في النفي من: لم يؤمنوا، لأن فيه نفي التأهل والصلاحية للإيمان.
{لم يكن الله ليغفر لهم} فيها دلالة على أنه مختوم عليها بانتفاء الغفران، وهداية السبيل، وأنهم تقرر عليهم ذلك في الدنيا وهم أحياء، وهذه فائدة المجيء بلام الجحود. وقال [الرضى: 2/ 227]: «وكأن هذه اللام في الأصل هي التي في نحو قولهم: أنت لهذه الخطة، أي مناسب لها، وهي تليق بك. فمعنى (ما كنت لأفعل): ما كنت مناسبًا لفعله، ولا يليق بي ذلك. ولا شك في أن في هذا معنى التأكيد.
وأبلغيه أسلوب لام الجحود إنما هي على مذهب البصريين. أما على مذهب الكوفيين فاللام عندهم زائدة لتوكيد النفي.
2- مذهب البصريين أن (أن) مضمرة بعد لام الجحود، والجار والمجرور متعلق بخبر (كان) المحذوف. ومذهب الكوفيين أن اللام هي الناصبة بنفسها والجملة الفعلية خبر (كان)، فلا فرق عندهم بين: ما كان زيد يقوم، وما كان زيد ليقوم إلا مجرد التوكيد الذي تفيده زيادة اللام.
ضعف مذهب الكوفيين العكبري فقال في قوله تعالى: [1: 89-90].
{ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه} [ 3: 179].
«لا يجوز أن يكون الخبر {ليذر} لأن الفعل بعد اللام ينتصب بأن، فيصير التقدير: ما كان الله لترك المؤمنين على ما أنتم عليه. وخبر (كان) هو اسمها في المعنى، وليس الترك هو الله تعالى.
وقال الكوفيون: اللام زائدة، والخبر هو الفعل. وهذا ضعيف، لأن ما بعدها قد انتصب، فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا».
وقال في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [2: 143].
«يصير التقدير على قولهم: ما كان الله إضاعة إيمانكم» [1: 38].
3- قال ابن عطية: فتح لام الجحود لغة غير معروفة، ولا مستعملة في القرآن. وفي شواذ [ابن خالويه: 49-50]: «قرأ أبو السمال بفتح اللام في {وما كان الله ليعذبهم} ومثله ما روى عبد الوارث عن أبي عمرو {فلينظر الإنسان إلى طعامه} بفتح لام {فلينظر}. قال ابن خالويه: حكى أبو زيد أن من العرب من يفتح كل لام إلا في قولهم: «الحمد لله». يريد اللام الجارة للاسم الظاهر الصريح أو لياء المتكلم. انظر [البحر: 4/ 489].
(وانظر لام الجحود في كتاب [اللامات: 55-59].