[خطبة الكتاب]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وعليه نتوكل
{[الحمد] لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} لا إله إلا الله أكذب العادلون بالله وضلوا ضلالاً بعيدًا، وخسروا خسرانًا مبينًا أن: {قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} بل هو الله الواحد الصمد القهار، الفرد، لا مثل له ولا عديل، ولا ند ولا ضد، خلق الأشياء قبل كونها، وأحصى كل شيءٍ عددًا، وأحاط به علمًا. ثم اختار الله من خلقه أجمعين، نبيا فضله على كل الأنام وانتخبه لرسالته، فصدع بأمره وجاهد في الله حق جهاده وصبر حتى أتاه اليقين و: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فصلى الله على محمد سيد المرسلين، أبي القاسم الطهر الطاهر البدر المنير والقمر الأزهر، صلاةً تامةً زاكية تزلف لديه وترضيه.
هذا كتاب شرحتُ فيه إعراب قراءات أهل الأمصار مكة والمدينة، والبصرة، والكوفة، والشام، ولم أعدُ ذلك إلى ما يتصل بالإعراب من
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/3]
مشكل أو تفسير وغريب. والحروف بالقراءة الشاذة، إذ كنتُ قد أفردتُ لذلك كتابًا جامعًا وإنما اختصرته جهدي ليستعجل الانتفاع به المتُعلم، ويكون تذكرة للعالم، ويسهل حفظه على من أراد ذلك إن شاء الله، وما توفيقي إلا بالله.
وأئمة هذه الأمصار:
- عبد الله بن كثير، من أهل مكة، ويكنى: أبا معبد.
- ونافع بن أبي نعيم، من أهل المدينة، ويكنى: أبا عبد الرحمن.
- وأبو عمرو بن العلاء، واسمه زبان بن العلاء.
- ومن أهل الكوفة عاصم [بن بهدلة و] بهدلة، أمه ويكنى أبوه أبا النجود، ويكنى عاصم أبا عمرو. وقيل: أبا بكر.
- وأبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات.
- وأبو الحسن علي بن حمزة الكسائي.
- وعبد الله بن عامر اليحصبي، من أهل الشام.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/4]
وكان أبو عمرو والكسائي رضي الله عنهما نحويين، وكان عاصم أفصح بيانًا، كان إذا تكلم يكادُ تدخله خيلاء، وكان مرض سنتين فلما نقه من علته قام فما أخطأ حرفًا.
قال أبو عبد الله – رحمه الله -: وحدثني أبو بكر بن مجاهد – رحمه الله – قال: حدثنا ابن شاكر، قال: حدثني يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، أنه كان يقرأ بالهمز والمد والقراءة الشديدة، وكان لا يرى الإمالة والإدغام، وكانت قراءة حمزة بهما.
وذهب حمزة – كما حدثني به ابن مجاهد – قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، قال: حدثنا سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: «نزل القرآن بالتحقيق».
قال: حدثنا البزي قال: حدثنا أبو حذيفة عن شبل عن ابن أبي بحر عن مجاهد في قوله: {ورتل القرآن ترتيلا} قال: ترسل فيه ترسلا.
قال: وحدثنا عباس الدوري، قال: حدثنا إسحاق بن منصور قال:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/5]
حدثنا جعفر الأحمر، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: «لا تهذوا القرآن كهذ الشعر، ولا تنثروه كنثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم من السورة آخرها».
[قال:] وحدثنا أبو عبيد: قال: حدثنا يوسف القطان: قال: حدثنا جعفر بن عوف العمري، قال: حدثنا مسعر بن كرام عن رجل قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيلاً وترسيلا:
والباقون يقرءون قراءةً سهلةً، والكسائي أيضًا يقرأ كذلك قراءة متوسطة، وذلك أن القرآن يُقرأ بالترتيل والتحقيق والحدر.
سمعتُ ابن مجاهد يقول ذلك، وإنما ذهب من قرأ الحدر إلى أن تكثر حسناته؛ إذ كان له في كل حرف عشر حسنات. وقال: وحدثني موسى بن إسحاق قال: حدثنا عمر بن الحسن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن أبان عن عبد الأعلى التيمي، عن إبراهيم السلمي عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال: «من تعلم القرآن كان له بكل حرف مائة زوجة من الحور العين، لا أقول {الم}.
قال: وحدثنا جعفر الصادق قال: حدثنا عاصم بن علي قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: سمعت، ابن سيرين يذكر، قال: قالت امرأة عثمان: «إن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/6]
يقتلوه أو يتركوه فإنه كان يحيي الليل في ركعة يجمع [فيها] القرآن» وقال الشاعر يرثي عثمان رضي الله عنه:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به ......يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
وقال آخر يرثيه:
تمنى كتاب الله أول ليله ......وآخره لاقى حمام المقادر
ويقال: إن عثمان قتل صبيحة يوم النحر، قال الشاعر:
عثمان إذ قتلوه وانتهكوا........دمه صبيحة ليلة النحر
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/7]
وقال آخر:
تمنى كتاب الله أول ليلة.......تمنى داود الكتاب على رسل
التمني – هاهُنا-: التلاوة
وقال الفرزدق يمدح أحد خلفاء بن أمية:
إنا نؤمل أن تقيم لنا........سنن الخلائف من بني فهر
وعمادة الدين التي اعتدلت.........عمرا وصاحبه أبا بكر
رفقاء متكئين في غرف.........فكهين فوق أسره خضر
في ظل من عنت الوجوه له.........ملك الملوك ومالك الغفر
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/8]
فأما قول الراعي:
قتلوا بن عفان الخليفة محرما........ودعا فلم أر مثله مخذولا
أي: داخلاً في الشهر الحرام.
وحدثنا الصاغاني، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة قال: «وكان ثابت يقرأ القرآن في يوم وليلة، وكان يصوم الدهر« وكن أبو يونس القوي بتلك الصفة؟
وحدثني محمد بن موسى النهرتيري قال: حدثنا أبو هشام قال: حدثنا بحر بن سلمان قال: كان أبو يونس القوي صام حتى جوي، وبكى حتى عمى، وصلى حتى أقعد.
حدثني بهذا محمد الفقيه قال: حدثنا محمد بن موسى، وقد خبر الله تعالى عن نبي من أنبيائه أنه سهل عليه القرآن وهو داود عليه السلام.
حدثني محمد بن حفص، قال: حدثنا محشاد بن محمد، قال: حدثنا
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/9]
أحمد بن حفص السلمي، قال: حدثني أبي عن إبراهيم بن طُهمان عن موسى بن عقبة عن صفوان ابن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خفف الله على داود القرآن فكان يأمُر بدابته أن تسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تُسرج، وكن لا يأكل إلا من عمل يده أفلا تراه صلى الله عليه قد عد ذلك نعمة عليه من الله» يعني: سرعة القراءة.
وحدثني أيضًا محمد، قال: حدثنا محمد بن سعد عن أبيه عن جده، قال: قال عطية العوفي: «ما القرآن علي إلا كسورة واحدة».
وحدثني أحمد بن العباس، قال: حدثني أبو غانم، قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا ابن وهب عن أبي لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي، قال: كان سليمان التجيبي على عهد عمر بن الخطاب تزوج
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/10]
بامرأة فبنى عليها فلما أصبح قيل لامرأته: كيف وجدته؟ قال: أرضى الله عز وجل وأرضى أهله؛ جامع ثلاث مرات وختم مرتين.
وحدثنا الفضل بن الحسن، قال: حدثنا جعفر بن أبي حفص الخوارزمي قال: حدثنا يحيى بن حمزة عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: من كثرت قراءته كثر جماعه.
وكان كرز بن وبرة الحارثي أحد الزهاد، وكان سأل الله تعالى باسمه الأعظم على أنه لا يسأل به شيئًا من الدنيا فأعطى، فسأل الله تعالى أن يسهل عليه تلاوة القرآن، فكان يختم كل ليلة ثلاث ختمات.
قال: وسمعت محمد بن عبيد الفقيه يقول: كان منصور بن زاذان يقرأ ختمة بين المغرب والعشاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/11]