التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَن (1)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الرّحمن * علّم القرآن} .
{الرّحمن}: اسم من أسماء الله تعالى , لا يقال لغيره، وهو في الكتب المتقدمة، ومعناه الكثير الرحمة). [معاني القرآن: 5/95]
تفسير قوله تعالى: {عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : وقوله: {علّم القرآن} :معناه يسّره لأن يُذكر). [معاني القرآن: 5/95]
تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {خلق الإنسان * علّمه البيان}: قيل : إنه يعني بالإنسان ههنا النبي صلى الله عليه وسلم علّمه البيان. علمه القرآن الذي فيه بيان كل شيء.
وقيل: الإنسان ههنا آدم صلى الله عليه وسلم .
ويجوز في اللغة أن يكون الإنسان اسما لجنس الناس جميعا، ويكون على هذا المعنى :{علّمه البيان}, جعله مميِّزا حتى انفصل الإنسان من جميع الحيوان). [معاني القرآن: 5/95]
تفسير قوله تعالى: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)}
تفسير قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({بحسبان}: أي بقدر وحساب يجريان). [غريب القرآن وتفسيره: 360]
تفسير قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والنّجم والشّجر يسجدان...}
النجم: ما نجم مثل: العشب، والبقل وشبهه.
والشجر: ما قام على ساق.
ثم قال: يسجدان، وسجودهما: أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت، ثم يميلان معها حتى ينكسر الفيء، , والعرب إذا جمعت الجمعين من غير الناس مثل: السدر، والنخل جعلوا فعلهما واحداً، فيقولون: الشاء والنعم قد أقبل، والنخل والسدر قد ارتوى، فهذا أكثر كلامهم، وتثنيته جائزة.
قال الكسائي: سمعت العرب تقول: مرت بنا غنمان سودان وسود...
- وسود أجود من سودان؛ لأنه نعت تأتي على الاثنين، فإذا كان أحد الاثنين مؤنثاً مثل: الشاء والإبل قالوا: الشاء والإبل مقبلة؛ لأن الشاء ذكر، والإبل أنثى، ولو قلت: مقبلان لجاز، ولو قلت: مقبلتان تذهب إلى تأنيث الشاء مع تأنيث الإبل كان صواباً، إلا أن التوحيد أكثر وأجود.
فإذا قلت: هؤلاء قومك وإبلهم قد أقبلوا ذهب بالفعل إلى الناس خاصة؛ لأن الفعل لهم، وهم الذين يقبلون بالإبل، ولو أردت إقبال هؤلاء وهؤلاء لجاز ـ قد أقبلوا؛ لأن الناس إذا خالطهم شيء من البهائم، صار فعلهم كفعل الناس كما قال:{ونبّئهم أنّ الماء قسمةٌ بينهم} , فصارت الناقة بمنزلة الناس.
ومنه قول الله عز وجل: {فمنهم من يمشي على بطنه} , و"من" إنما تكون للناس، فلما فسّرهم وقد كانوا اجتمعوا في قوله: {والله خالق كلّ دابّةٍ من ماءٍ} فسرهم بتفسير الناس). [معاني القرآن: 3/112-113]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({والنّجم والشّجر يسجدان}: الشجر ما كان على ساق, والنجم ما نجم من الأرض , ولم يكن على ساق , ومجازها على الأشجار , وثنى فعلهما على لفظهما. ). [مجاز القرآن: 2/242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({والنجم والشجر يسجدان}: ما كان على ساق فهو الشجر والنجم ما لم يكن على ساق من النبات وقالوا هو ما نجم من الأرض من الشجر أي طلع). [غريب القرآن وتفسيره: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({والنّجم} : العشب والبقل، {والشّجر}: ما قام على ساق.
{يسجدان}: قال الفراء: سجودهما: أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت، ثم يميلان معها حتى نكسر الفيء, وقد بينت السجود في كتاب «تأويل المشكل»، وأنه الاستسلام من جميع الموات، والانقياد لما سخر له). [تفسير غريب القرآن: 436]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} أي يستسلمان لله بالتّسخير). [تأويل مشكل القرآن: 418](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {والنّجم والشّجر يسجدان} [معاني القرآن: 5/95]
قال أهل اللغة وأكثر أهل التفسير: النجم كل ما نبت على وجه الأرض مما ليس له ساق.
والشجر كل ما له ساق، ومعنى سجودهما دوران الظل معهما كما قال: {أولم يروا إلى ما خلق اللّه من شيء يتفيّأ ظلاله عن اليمين والشّمائل سجّدا للّه}.
وقد قيل: إنّ النجم أيضا يراد به النجوم.
وهذا جائز أن يكون، لأن اللّه - عزّ وجلّ - قد أعلمنا أن النجم يسجد، فقال: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّماوات ومن في الأرض والشّمس والقمر والنّجوم}.
ويجوز أن يكون النجم ههنا يعني به ما نبت على وجه الأرض, وما طلع من نجوم السماء، يقال لكل ما طلع: قد نجم). [معاني القرآن: 5/96]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَالنَّجْمُ} العُشْب والبَقْل , {وَالشَّجَرُ}، ما قام على ساق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 253]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({والنَّجْمُ}: ما لم ينبت على ساق , {والشَّجَرُ}: ما ينبت على ساق). [العمدة في غريب القرآن: 291]
تفسير قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):وقوله: {والسّماء رفعها...} فوق الأرض , {ووضع الميزان...} , في الأرض , وهو العدل.
وفي قراءة عبد الله: وخفض الميزان، والخفض والوضع متقاربان في المعنى). [معاني القرآن: 3/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ووضع الميزان} , أي : العدل في الأرض .). [تفسير غريب القرآن: 436]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والسّماء رفعها ووضع الميزان}: المعنى : رفعها فوق الأرض وأمسكها أن تقع على الأرض، ووضع الميزان لينتصف بعض الناس من بعض.
وقيل: الميزان ههنا العدل، لأن المعادلة موازنة الأشياء). [معاني القرآن: 5/96]
تفسير قوله تعالى:{أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ألاّ تطغوا...}, وفي قراءة عبد الله: لا تطغوا بغير أن في الوزن , وأقيموا اللسان.
وقوله: {ألاّ تطغوا} , إن شئت جعلتها مجزومة بنية النهي، وإن شئت جعلتها منصوبة بأن، كما قال الله: {إنّي أمرت أن أكون أوّل من أسلم ولا تكوننّ} , وأن تكون {تطغوا}في موضع جزم أحبّ إليّ؛ لأن بعدها أمرا). [معاني القرآن: 3/113]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ألاّ تطغوا في الميزان}: أن لا تظلموا وتنقصوا). [مجاز القرآن: 2/242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ألّا تطغوا في الميزان}: أي ألا تجوروا). [تفسير غريب القرآن: 436]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألّا تطغوا في الميزان (8)}: ألا يجاوزوا القدر والعدل.
ويجوز }ألّا تطغوا} بمعنى اللام، " لأن لا تطغوا "
وتكون {ألّا تطغوا} , على النهي , ومعنى " أن " التفسير.
فيكون المعنى - واللّه أعلم - ووضع الميزان أي لا تطغوا في الميزان.
ويدل عليه المعطوف عليه وهو قوله: {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} ). [معاني القرآن: 5/96]
تفسير قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأقيموا الوزن بالقسط...} ). [معاني القرآن: 3/113]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ولا تخسروا }: أي لا تظلموا , وتنقصوا، بالقسط والعدل). [مجاز القرآن: 2/242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وأقيموا الوزن بالقسط}, أي : بالعدل، {ولا تخسروا الميزان}، أي لا تنقصوا الوزن)[تفسير غريب القرآن: 436]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}: القراءة بضم التاء، وروى أهل اللغة: أخسرت الميزان وخسرت، فعلى خسرت : { ولا تخسروا }, ولا تقرأنّ بها إلا أن تثبت رواية صحيحة عن إمام في القراءة, وقد روي أن إنسانا قرأ بها من المتقدمين , ولكنه ليس ممن أخذت عنه القراءة ولا له حرف يقرأ به.). [معاني القرآن: 5/96-97]
تفسير قوله تعالى: ({وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ({والأرض وضعها للأنام...}. لجميع الخلق). [معاني القرآن: 3/113]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وضعها للأنام}: للخلق.). [مجاز القرآن: 2/242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (الأنام): الخلق). [غريب القرآن وتفسيره: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (و{للأنام}: الخلق). [تفسير غريب القرآن: 436]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله : {والأرض وضعها للأنام}: الأنام: الإنس والجنّ). [معاني القرآن: 5/97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْأَنَام}: للخلق). [العمدة في غريب القرآن: 291]
تفسير قوله تعالى: {فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({والنّخل ذات الأكمام }, واحدها كم). [مجاز القرآن: 2/242]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فيها فاكهةٌ والنّخل ذات الأكمام},
وقال: {ذات الأكمام} : وواحدها "الكمّ"). [معاني القرآن: 4/23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (و{ذات الأكمام} , أي : ذات الكفرّى قبل أن ينفتق. وغلاف كل شيء: كمّه.
و الكفرّى: هو الجفّ، وهو الكم، وهو الكافور، وهو الذي ينشق عن الطّلع. ). [تفسير غريب القرآن: 436-437]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فيها فاكهة والنّخل ذات الأكمام}: معنى {الأكمام}: ما غطّى , وكل شجرة تخرج ما هو مكمّم , فهي ذات أكمام .
وأكمام النخلة : ما غطى جمّارها من السّعف , والليف , والجذع , وكلّ ما أخرجته النخلة , فهو ذو أكمام فالطّلعة كمّها قشرها , ومن هذا قيل للقلنسوة كمّة ؛ لأنها تغطّي الرأس.
ومن هذا كمّا القميص ؛ لأنهما يغطيان اليدين). [معاني القرآن: 5/97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ذَاتُ الْأَكْمَامِ} : ذات الغُلف، وغلاف كلّ شيء كمُّه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 253]
تفسير قوله تعالى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):وقوله:{والحبّ ذو العصف والرّيحان...} خفضها الأعمش، ورفعها الناس.
فمن خفض أراد: ذو العصف وذو الريحان، ومن رفع الريحان جعله تابعاً لذو، والعصف، فيما ذكروا: بقل الزرع؛ لأن العرب تقول: خرجنا نعصف الزرع إذا قطعوا منه شيئا قبل أن يدرك فذلك العصف.
والريحان هو رزقه، والحب هو الذي يؤكل منه. والريحان في كلام العرب الرزق، ويقولون: خرجنا نطلب ريحان الله. الرزق عندهم، وقال بعضهم: ذو العصف المأكول من الحب، والريحان: الصحيح الذي لم يؤكل.
ولو قرأ قارئ: {والحبّ ذا العصف والريحان} , لكان جائزاً، أي: خلق ذا وذا، وهي في مصاحف أهل الشام: والحبّ ذا العصف، ولم نسمع بها قارئا، كما أن في بعض مصاحف أهل الكوفة: {والجار ذا القربى} , ولم يقرأ به أحد، وربما كتب الحرف على جهة واحدة، وهو في ذلك يقرأ بالوجوه.
وبلغني: أن كتاب علي بن أبي طالب رحمه الله كان مكتوبا: هذا كتاب من علي بن أبو طالب كتابها: أبو.في كل الجهات، وهي تعرّب في الكلام إذا قرئت.) [معاني القرآن: 3/113-114]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ والحب ذو العصف والرّيحان }, تخرج له عصيفة وهي أذنته أعلاه وهو الهبوذ وأذنه الثمام زيادته وكثرته وورقه الذي يعتصف فيؤكل قال علقمة ابن عبدة:
تسقى مذانب قد مالت عصيفتها حدورها من أنىّ الماء مطموم
طمها ملأها لم يبق فيها شيء وطم إناءه ملأه. والريحان الحب منه الذي يؤكل، يقال: سبحانك وريحانك أي رزقك قال النمر بن تولب:
سماء الإله وريحانه وجنّته وسماءٌ درر )
[مجاز القرآن: 2/242-243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ذو العصف}: الذي لا شيء فيه.
{والريحان}: الرزق الذي يوكل والعرب تقول ذهبنا نطلب ريحان الله أي رزق الله). [غريب القرآن وتفسيره: 360-361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({العصف}: ورق الزرع، ثم يصير، إذا جفّ ودرس - تبنا.
و{الرّيحان}: الرزق، يقال:خرجت اطلب ريحان اللّه.
قال النّمر ابن تولب:
سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر
[معاني القرآن: 3/114], [تفسير غريب القرآن: 437]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {والحبّ ذو العصف والرّيحان} , ويقرأ :{ والريحان}, وأكثر القراءة :{والريحان} .
والعصف: ورق الزرع , ويقال التّبن هو العصف، ويقال العصفة
قال الشاعر:
تسقي مذانب قد مالت عصيفتها جدورها من أتيّ الماء مطموم
ويروى بأتي الماء.
ومعنى { ذو العصف والرّيحان} : ذو الورق , { والرّزق} ، العرب تقول: سبحان اللّه وريحانه.
قال أهل اللغة: معناه واسترزاقه، قال النمر بن تولب:
سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر
قال: معنى ريحانه : رزقه , لمن قرأ،{والريحان}: عطف على العصف، ومن قرأ: {والريحان}: عطف على {الحب}, ويكون المعنى فيهما فاكهة فيهما الحب ذو العصف وفيهما الريحان، فيكون الريحان ههنا : الريحان الذي يشم، ويكون أيضا ههنا الرزق.
فذكر اللّه - عزّ وجلّ - في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان وتعليم البيان ومن خلق الشمس والقمر والسماء والأرض). [معاني القرآن: 5/97-98]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({والْعَصْفِ} : ورق الزرع الذي يصير –إذا جَفّ– تبنا.
و{الرَّيْحَان}: الرزق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 253]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْعَصْف} : التبن , {الرَّيْحَانُ}: الرزق). [العمدة في غريب القرآن: 291]
تفسير قوله تعالى: : { فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان...}: وإنما ذكر في أول الكلام: الإنسان ففي ذلك وجهان:
أحدهما: أن العرب تخاطب بفعل الاثنين، فيقال: ارحلاها، ازجراها يا غلام.
والوجه الآخر: أن الذّكر أريد في الإنسان والجان، فجرى لهما من أول السورة إلى آخرها). [معاني القرآن: 3/114]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان } أي : فبأي نعمة، واحدها ألىً تقديرها قفىً , وقال بعضهم: تقديرها معىً .
{ وتكذّبان }: مجازها مخاطبة الجن والإنس وهما الثقلان). [مجاز القرآن: 2/243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): و{الآلاء}: النعم. واحدها : تألي, إلى : مثل قفا، وإلي: مثل معي). [تفسير غريب القرآن: 437]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن الاختصار أن تضمر لغير مذكور...
وقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ، يعني: القرآن. فكنى في أوّل السّورة.
قال حميد بن ثور في أوّل قصيدة:
وصهباء منها كالسّفينة نضّجت = به الحمل حتّى زاد شهرا عديدها
أراد: وصهباء من الإبل.
وقال حاتم:
أماويَّ ما يغني الثَّراء عن الفتى = إذا حشرجت يوما وضاق بها الصَّدر
يعني النفس.
وقال لبيد:
حتى إذا ألقت يداً في كافِرٍ = وأجنَّ عوراتِ الثُّغورِ ظلامُها
يعني الشمس بدأت في المغيب.
وقال طرفة:
ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
يعني: من الفلاة.
وأنشد الفرّاء:
إذا نُهي السَّفيهُ جَرى إليه = وَخالفَ، والسَّفِيهُ إلى خِلاف
أراد: جرى إلى السّفه.
وقال الله عز وجل في أول سورة الرحمن: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ، ولم يذكر قبل ذلك إلا الإنسان، ثم خاطب الجانّ معه لأنّه ذكرهم بعد، وقال: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}.
قال الفراء: ومثله قول المثقّب العبدي:
فما أدري إذا يمّمت أرضا = أريد الخير: أيّهما يليني؟
أألخير الّذي أنا أبتغيه؟ = أم الشرّ الّذي هو يبتغيني؟
فكنى عن الشر وقرنه في الكتابة بالخير قبل أن يذكره، ثم أتى به بعد ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 226-228] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما تكرار الكلام من جنس واحد وبعضه يجزئ عن بعض، كتكراره في: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي سورة الرحمن بقوله: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} فقد أعلمتك أنّ القرآن نزل بلسان القوم، وعلى مذاهبهم. ومن مذاهبهم التكرار: إرادة التوكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار: إرادة التخفيف والإيجاز، لأن افتنان المتكلم والخطيب في الفنون، وخروجه عن شيء إلى شيء- أحسن من اقتصاره في المقام على فنّ واحد). [تأويل مشكل القرآن: 235] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما تكرار {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} فإنه عدّد في هذه السورة نعماءه، وأذكر عباده آلاءه، ونبههم على قدرته ولطفه بخلفه، ثم أتبع ذكر كل خلّة وصفها بهذه الآية، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين، ليفهّمهم النّعم ويقرّرهم بها.
وهذا كقولك للرجل أجل أحسنت إليه دهرك وتابعت عنده الأيادي، وهو في ذلك ينكرك ويكفرك: ألم أبوّئك منزلا وأنت طريد؟ أفتنكر هذا؟ وألم أحملك وأنت راجل؟ ألم أحج بك وأنت صرورة؟ أفتنكر هذا؟.
ومثل ذلك تكرار {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} في سورة (اقتربت الساعة) أي: هل من معتبر ومتّعظ؟). [تأويل مشكل القرآن: 239-240]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم خاطب الإنس والجن فقال:{فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}
أي: فبأيّ نعم ربّكما تكذّبان من هذه الأشياء المذكورة، لأنها كلها منعم بها عليكم في دلالتها إياكم على وحدانيته وفي رزقه إياكم ما به قوامكم والوصلة إلى حياتكم، والآلاء واحدها ألى وإلي.
وكل ما في السورة من قوله : {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان} , فمعناه على ما فسّرناه، فبأيّ نعم ربّكما تكذّبان. ). [معاني القرآن: 5/98]