العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة العنكبوت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 12:18 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة العنكبوت [ من الآية (60) إلى الآية (63) ]

{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:31 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكأيّنٍ من دابّةٍ لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به، وبرسوله من أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: هاجروا وجاهدوا في اللّه أيّها المؤمنون أعداءه، ولا تخافوا عيلةً ولا إقتارًا، فكم من دابّةٍ ذات حاجةٍ إلى غذاءٍ ومطعمٍ ومشربٍ لا تحمل رزقها، يعني: غذاءها لا تحمله، فترفعه في يومها لغدها لعجزها عن ذلك {اللّه يرزقها وإيّاكم} يومًا بيومٍ {وهو السّميع} لأقوالكم: نخشى بفراقنا أوطاننا العيلة {العليم} ما في أنفسكم، وما إليه صائرٌ أمركم، وأمر عدوّكم من إذلال اللّه إيّاهم، ونصرتكم عليهم، وغير ذلك من أموركم، لا يخفى عليه شيءٌ من أمور خلقه.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وكأيّنٍ من دابّةٍ لا تحمل رزقها} قال: الطّير والبهائم لا تحمل الرّزق.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت عمران، عن أبي مجلزٍ، في هذه الآية {وكأيّنٍ من دابّةٍ لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم} قال: من الدّوابّ ما لا يستطيع أن يدّخر لغدٍ، يوفّق لرزقه كلّ يومٍ حتّى يموت.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن عليّ بن الأقمر، {وكأيّنٍ من دابّةٍ لا تحمل رزقها} قال: لا تدّخر شيئًا لغدٍ). [جامع البيان: 18/437-438]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإياكم
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّزّاق الهرويّ، يزيد بن هارون، ثنا الجرّاح بن المنهال الجزويّ، عن الزّهريّ، عن ابن عمر قال: خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وحين دخلنا على بعض حيطان الأنصار فجعل يلتقط من الثّمر ويأكل فقال لي: يا عمر مالك لا تأكل. قال: قلت: يا رسول اللّه، لا أستسيغه. قال: لأكل أشتهيه وهذه صبح رابعةٍ لم أذق طعامًا ولم أجده وإن شئت لدعوت ربّي فأعطاني مثل ملك قيصر وكسرى، فكيف بك يا بن عمر إذا بقيت في قومٍ يخبّئون رزق سنتهم ويضعف اليقين. فو الله ما برحنا مكاننا حتّى نزلت وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل رزقها). [تفسير القرآن العظيم: 9/3078]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وكأين من دآبة لا تحمل رزقها الله يرزقها قال منها البهائم والطير لا تحمل رزقها). [تفسير مجاهد: 497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم * ولئن سألتم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون * الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم * ولئن سألتم من نزل من السماء ماءا فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون.
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي، وابن عساكر بسند ضعيف عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل بعض حيطان المدينة فجعل يلتقط من التمر ويأكل فقال يا ابن عمر مالك لا تأكل قلت: لا أشتهيه يا رسول الله، قال: لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولم أجده ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسى وقيصر فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبؤون رزق سنتهم ويضعف اليقين قال: فو الله ما برحنا ولا رمنا حتى نزلت {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يأمرني بكنز الدنيا ولا باتباع الشهوات إلا وإني لا أكنز دينارا ولا درهما ولا أدخر رزقا لغد). [الدر المنثور: 11/567-568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكأين من دابة لا تحمل رزقها} قال: الطير والبهائم). [الدر المنثور: 11/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي بن الأقمر في قوله {وكأين من دابة لا تحمل رزقها} قال: لا تظفر شيئا لغد). [الدر المنثور: 11/568-569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن أبي مجلز في الآية قال: من الدواب لا يستطيع أن يدخر لغد يوفق رزقه كل يوم حتى يموت). [الدر المنثور: 11/569]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض وسخّر الشّمس والقمر ليقولنّ اللّه فأنّى يؤفكون}.
يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمّد هؤلاء المشركين باللّه: من خلق السّماوات والأرض فسوّاهنّ، وسخّر الشّمس والقمر لعباده، يجريان دائبين لمصالح خلق اللّه، ليقولنّ: الّذي خلق ذلك وفعله اللّه {فأنّى يؤفكون} يقول جلّ ثناؤه: فأنّى يصرفون عمّن صنع ذلك، فيعدلون عن إخلاص العبادة له؟
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فأنّى يؤفكون} أي يعدلون). [جامع البيان: 18/438]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولئن سألتهم من خلق السّماوات والأرض وسخّر الشّمس والقمر ليقولنّ اللّه فأنّى يؤفكون (61)
نحن نرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه لم يأمرني بكنز الدّنيا ولا باتّباع الشّهوات يريد به حياةً باقيةً، وإنّ الحياة بيد اللّه تبارك وتعالى، ألا وإنّي لا أكنز دينارًا أو درهمًا ولا أخبّئ رزقًا بعد.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل قال: والبهائم لا تحمل رزقًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر وعثمان أنبأ ابن أبي شيبة قالا: ثنا، عن سفيان، عن ابن المعتمر وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل رزقها قال: لا شيء لغدٍ.
قوله تعالى: من خلق السماوات والأرض... ليقولن اللّه
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن صالح بن مسلمٍ العجليّ، ثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: تسألهم من خلقهم ومن خلق السّموات والأرض، فيقولون: اللّه، فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسن بن سوّارٍ، ثنا النّضر بن عربيٍّ قال: يقال لهم، من ربّكم؟ فيقولون: اللّه ومن يدبّر السّموات والأرض؟ فيقولون: اللّه. ثمّ هم من بعد ذلك مشركون. يقولون: إنّ للّه ولدًا، ويقولون: إنّ اللّه ثالث ثلاثةٍ.
قوله تعالى: فأنّى يؤفكون
[الوجه الأول]
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ، فيما كتب إليّ ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: فأنّى يؤفكون قال: من أين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فأنّى يؤفكون قال: كيف يؤفكون يكذّبون.
الوجه الثّاني
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: يؤفكون قال: أي يعدلون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3079]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة {فأنى يؤفكون} قال: يعدلون). [الدر المنثور: 11/569]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: اللّه يوسّع من رزقه لمن يشاء من خلقه، ويضيّق فيقتّر لمن يشاء منهم. يقول: فأرزاقكم وقسمتها بينكم أيّها النّاس بيدي، دون كلّ أحدٍ سواي؛ أبسط لمن شئت منها، وأقتّر على من شئت، فلا يخلّفنّكم عن الهجرة وجهاد عدوّكم خوف العيلة {إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} يقول: إنّ اللّه عليمٌ بمصالحكم، ومن لا يصلح له إلاّ البسط في الرّزق، ومن لا يصلح له إلاّ التّقتير عليه، وهو عالمٌ بذلك). [جامع البيان: 18/438]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (62)
قوله تعالي: الله يبسط الرزق
تقدّم تفسير اللّه بأنّه الاسم الأعظم.
قوله تعالى: يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده
- حدّثنا يوسف بن موسى المرّوذيّ، ثنا مسكينٌ أبو فاطمة، عن حوشبٍ، عن سفيان قوله: يبسط الرّزق لمن يشاء قال: يبسط لهذا مكرًا به، ويقدر هذا نظرا له.
قوله تعالى: ويقدر له
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة بن خالدٍ، ثنا حرث بن السّائب قال: سمعت الحسن يقول: اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر قال: يخير له.
الوجه الثّاني
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: قوله: يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر قال: يقدر: يقل، وكذا لكلّ شيءٍ في القرآن يقدر كذلك.
قوله تعالى: إنّ اللّه بكل شيء
تقدم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/3080]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن سألتهم من نزّل من السّماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعقلون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ولئن سألت يا محمّد هؤلاء المشركين باللّه من قومك: من نزّل من السّماء ماءً، وهو المطر الّذي ينزّله اللّه من السّحاب {فأحيا به الأرض} يقول: فأحيا بالماء الّذي أنزله من السّماء الأرض، وإحياؤها: إنباته النّبات فيها {من بعد موتها} من بعد جدوبها وقحوطها.
وقوله: {ليقولنّ اللّه} يقول: ليقولنّ: الّذي فعل ذلك اللّه الّذي له عبادة كلّ شيءٍ، وقوله: {قل الحمد للّه} يقول: وإذا قالوا ذلك، فقل الحمد للّه {بل أكثرهم لا يعقلون} يقول: بل أكثر هؤلاء المشركين باللّه لا يعقلون ما لهم فيه النّفع من أمر دينهم، وما فيه الضّرّ، فهم لجهلهم يحسبون أنّهم لعبادتهم الآلهة دون اللّه، ينالون بها عند اللّه زلفةً وقربةً، ولا يعلمون أنّهم بذلك هالكون مستوجبون الخلود في النّار). [جامع البيان: 18/439]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالي: ولئن سألتهم
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: قل الحمد للّه بل أكثرهم
تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/3080]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 02:53 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقولوا: {وكأيّن مّن دابّةٍ...}نزلت في مؤمني أهل مكّة، لمّا أمروا بالتحوّل عنها , والخروج إلى المدينة قالوا: يا رسول الله , ليس لنا بالمدينة منازل , ولا أموال, فمن أين المعاش؟ , فأنزل الله : {وكأيّن مّن دابّةٍ لاّ تحمل رزقها} لا تدّخر رزقها , ولا تجمعه، أي: كذلك جميع هوامّ الأرض كلّها إلاّ النملة , فإنها تدّخر رزقها لسنتها.). [معاني القرآن: 2/318]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكأين من دابّةٍ لا تحمل رزقها} مجازه: وكم من دابة، ومجاز : الدابة: أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب , فهو دابة من إنس , أو غيرهم.). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكأيّن من دابّةٍ}: أي كم من دابة , {لا تحمل رزقها}: لا ترفع شيئا لغد، {اللّه يرزقها}. قال ابن عيينة: (ليس شيء يخبأ، إلا الإنسان , والنملة , والفأرة)). [تفسير غريب القرآن: 339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكأيّن من دابّة لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم (60)}كل حيوان على الأرض مما يعقل، وما لا يعقل فهو دابة، وإنما هو من دبّت على الأرض , فهي دابّة، والمعنى : نفس دابّة.
ومعنى {وكأيّن}:وكم من دابّة.
وقوله: {لا تحمل رزقها}: أي: لا تدّخر رزقها، إنما تصبح , فيرزقها اللّه.
وعلى هذا أكثر الحيوان , والدّبيب , وليس في الحيوان الذي هو دبيب ما يدخر فيما تبيّن غير النّمل، فإن ادّخاره بيّن.). [معاني القرآن: 4/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها}
قال مجاهد : (الطير , والبهائم لا تحمل رزقها) .
وروى الحميدي , عن سفيان : (لا تحمل) : لا تخبئ , قال: (وليس شيء يدخر إلا الإنسان, والنملة , والفأرة) .
قال أبو جعفر : دابة : تقع لكل الحيوان مما يعقل , ولا يعقل إلا أن معناه ههنا الخصوص , أي : وكم من دابة عاجزة الله يرزقها , وإياكم.). [معاني القرآن: 5/235]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا}: أي : لا تدخر وتخببيء, وليس شيء يدخر سوى الإنسان , والنملة , والفأرة.ومعنى {كأين} حيث وقعت، على وجه الخبر بالكثرة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 186]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 61]، يعني: المشركين.
{من خلق السّموات والأرض وسخّر الشّمس والقمر} [العنكبوت: 61] تجريان.
{ليقولنّ اللّه فأنّى يؤفكون} [العنكبوت: 61] فكيف يصرفون بعد إقرارهم بأنّ اللّه خلق هذه الأشياء). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده} [العنكبوت: 62] يوسّع الرّزق على من يشاء من عباده.
{ويقدر له} [العنكبوت: 62]، أي: ويقتّر عليه نظرًا له، يعني بذلك المؤمن.
{إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} [العنكبوت: 62] كقوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفًا من فضّةٍ} [الزخرف: 33] إلى آخر الآية.
- يحيى، عن بعض أصحابه، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لو كانت الدّنيا تعدل عند اللّه جناح ذبابٍ ما أعطى منها كافرًا شيئًا».
- الحسن بن دينارٍ، والمبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا إنّ الدّنيا، في حديث المبارك، سجن المؤمن وجنّة الكافر»). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 63]، يعني: المشركين.
{من نزّل من السّماء ماءً} [العنكبوت: 63]، يعني: المطر.
{فأحيا به الأرض من بعد موتها} [العنكبوت: 63] فأخرج به النّبات من بعد أن كانت تلك الأرض ميّتةً، أي: يابسةً ليس فيها نباتٌ.
قال: {ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعقلون} [العنكبوت: 63] فيؤمنون.
أي أنّهم قد أقرّوا بأنّ اللّه خالق هذه الأشياء ثمّ عبدوا الأوثان من دونه). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 02:54 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) }

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 11:04 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 11:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 12:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم * ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون * الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم * ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون}
"كأين" بمعنى "كم"، وهذه الآية تحريض على الهجرة; لأن بعض المؤمنين فكر في الفقر والجوع الذي يلحقه في الهجرة، وقالوا: غربة في بلد لا دار لنا فيه ولا عقار ولا من يطعم، فمثل لهم بأكثر الدواب التي تتقوت ولا تدخر ولا تروي في رزقها، والمعنى: فهو يرزقكم أنتم، ففضلوا طاعة الله تعالى على كل شيء. وقوله تعالى: {لا تحمل} يجوز أن يريد: من الحمل، أي: لا تنقل ولا تنظر في ادخاره، قاله ابن مجلز، ومجاهد، وعلي بن الأقمر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والادخار ليس من خلق الموقنين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما: كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس يخبئون رزق سنة بضعف اليقين، ويجوز أن يريد من الحمالة، أي: لا تتكفل برزقها ولا تروي فيه). [المحرر الوجيز: 6/ 658]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم خاطب تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في أمر الكفار وإقامة الحجة عليهم بأنهم إن سألوا عن الأمور العظام التي هي دلائل القدرة لم يكن لهم إلا التسليم بأنها لله تعالى، و"يؤفكون" معناه: يصرفون، ونبه تبارك وتعالى على خلق السماوات والأرض وتسخير الكواكب، وذكر عظمها، ونبه تعالى على بسط الرزق وقدره لقوم، وإنزال المطر من السماء، وهذه عبر كثيرة لمن تأمل بالنجاة والمعتقد الأقوم، ثم أمر تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بحمده على جهة التوبيخ لعقولهم، وحكم عليهم بأن أكثرهم لا يعقلون ولا يبدو منهم نظر).[المحرر الوجيز: 6/ 658-659]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبرهم تعالى أنّ الرّزق لا يختصّ ببقعةٍ، بل رزقه تعالى عامٌّ لخلقه حيث كانوا وأين كانوا، بل كانت أرزاق المهاجرين حيث هاجروا أكثر وأوسع وأطيب، فإنّهم بعد قليلٍ صاروا حكّام البلاد في سائر الأقطار والأمصار؛ ولهذا قال: {وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل رزقها} أي: لا تطيق جمعه وتحصيله ولا تؤخّر شيئًا لغدٍ، {اللّه يرزقها وإيّاكم} أي: اللّه يقيّض لها رزقها على ضعفها، وييسّره عليها، فيبعث إلى كلّ مخلوقٍ من الرّزق ما يصلحه، حتّى الذّرّ في قرار الأرض، والطّير في الهواء والحيتان في الماء، قال اللّه تعالى: {وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ} [هودٍ: 6].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الهرويّ، حدّثنا يزيد -يعني ابن هارون -حدّثنا الجرّاح بن منهال الجزريّ -هو أبو العطوف -عن الزّهريّ، عن رجلٍ، عن ابن عمر قال: خرجت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى دخل بعض حيطان المدينة، فجعل يلتقط من التّمر ويأكل، فقال لي: "يا بن عمر، ما لك لا تأكل؟ " قال: قلت: لا أشتهيه يا رسول اللّه، قال: "لكنّي أشتهيه، وهذه صبح رابعةٍ منذ لم أذق طعامًا ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربّي فأعطاني مثل ملك قيصر وكسرى فكيف بك يا بن عمر إذا بقيت في قومٍ يخبّئون رزق سنتهم بضعف اليقين؟ ". قال: فواللّه ما برحنا ولا رمنا حتّى نزلت: {وكأيّن من دابّةٍ لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه لم يأمرني بكنز الدّنيا، ولا باتّباع الشّهوات، فمن كنز دنياه يريد بها حياةً باقيةً فإنّ الحياة بيد اللّه، ألا وإنّي لا أكنز دينارًا ولا درهمًا، ولا أخبّئ رزقًا لغدٍ ".
وهذا حديثٌ غريبٌ، وأبو العطوف الجزريّ ضعيفٌ.
وقد ذكروا أنّ الغراب إذا فقس عن فراخه البيض، خرجوا وهم بيضٌ فإذا رآهم أبواهم كذلك، نفرا عنهم أيّامًا حتّى يسودّ الرّيش، فيظلّ الفرخ فاتحًا فاه يتفقّد أبويه، فيقيّض اللّه له طيرًا صغارًا كالبرغش فيغشاه فيتقوّت منه تلك الأيّام حتّى يسودّ ريشه، والأبوان يتفقّدانه كلّ وقتٍ، فكلّما رأوه أبيض الرّيش نفرا عنه، فإذا رأوه قد اسودّ ريشه عطفا عليه بالحضانة والرّزق، ولهذا قال الشّاعر:
يا رازق النعّاب في عشه = وجابر العظم الكسير المهيض...
وقد قال الشّافعيّ في جملة كلامٍ له في الأوامر، كقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم "سافروا تصحّوا وترزقوا".
قال البيهقيّ أخبرنا إملاءً أبو الحسن عليّ بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيدٍ، أخبرنا محمّد بن غالبٍ، حدّثني محمّد بن سنان، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن ردّاد -شيخٌ من أهل المدينة -حدّثنا عبد اللّه بن دينارٍ عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "سافروا تصحّوا وتغنموا". قال: وروّيناه عن ابن عبّاسٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا قتيبة، حدّثنا ابن لهيعة، عن درّاج، عن عبد الرّحمن بن حجيرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "سافروا تربحوا، وصوموا تصحّوا، واغزوا تغنموا".
وقد ورد مثل حديث ابن عمر عن ابن عبّاسٍ مرفوعًا، وعن معاذ بن جبل موقوفا. وفي لفظٍ: "سافروا مع ذوي الجدود والميسرة"
وقوله تعالى: {وهو السّميع العليم} أي: السّميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وسكناتهم). [تفسير ابن كثير: 6/ 292-294]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض وسخّر الشّمس والقمر ليقولنّ اللّه فأنّى يؤفكون (61) اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (62) ولئن سألتهم من نزل من السّماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعقلون (63)}.
يقول تعالى مقرّرًا أنّه لا إله إلّا هو؛ لأنّ المشركين -الّذين يعبدون معه غيره -معترفون أنّه المستقلّ بخلق السّموات والأرض والشّمس والقمر، وتسخير اللّيل والنّهار، وأنّه الخالق الرّازق لعباده، ومقدّرٌ آجالهم، واختلافها واختلاف أرزاقهم ففاوت بينهم، فمنهم الغنيّ والفقير، وهو العليم بما يصلح كلا منهم، ومن يستحقّ الغنى ممّن يستحقّ الفقر، فذكر أنّه المستبدّ بخلق الأشياء المتفرّد بتدبيرها، فإذا كان الأمر كذلك فلم يعبد غيره؟ ولم يتوكّل على غيره؟ فكما أنّه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته، وكثيرًا ما يقرّر تعالى مقام الإلهيّة بالاعتراف بتوحيد الرّبوبيّة. وقد كان المشركون يعترفون بذلك، كما كانوا يقولون في تلبيتهم: "لبّيك لا شريك لك، إلّا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك"). [تفسير ابن كثير: 6/ 294]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة