العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:27 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (41) إلى الآية (46) ]

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44) وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 05:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه يسبّح له من في السّموات والأرض والطّير صافّاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه واللّه عليمٌ بما يفعلون (41) وللّه ملك السّموات والأرض وإلى اللّه المصير}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ألم تنظر يا محمّد بعين قلبك فتعلم أنّ اللّه يصلّي له من في السّماوات والأرض من ملكٍ وإنسٍ وجنٍّ. {والطّير صافّاتٍ} في الهواء أيضًا تسبّح له {كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه}.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} والتّسبيح عندك صلاةٌ؟ فيقال: قيل: إنّ الصّلاة لبني آدم، والتّسبيح لغيرهم من الخلق، ولذلك فصل فيما بين ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثني عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يسبّح له من في السّموات والأرض والطّير صافّاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} قال: والصّلاة للإنسان، والتّسبيح لما سوى ذلك من الخلق.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ألم تر أنّ اللّه يسبّح له من في السّموات والأرض والطّير صافّاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} قال: {صلاته}: للنّاس، و{تسبيحه}: عامّةٌ لكلّ شيءٍ ويتوجّه قوله: {كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} لوجوهٍ: أحدها: أن تكون الهاء الّتي في قوله: {صلاته وتسبيحه} من ذكر {كلٌّ}، فيكون تأويل الكلام: كلٌّ مصلٍّ ومسبّحٌ منهم، قد علم اللّه صلاته وتسبيحه، ويكون (الكلّ) حينئذٍ مرتفعًا بالعائد من ذكره في قوله: {كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} وهو الهاء الّتي في الصّلاة.
والوجه الآخر: أن تكون الهاء في الصّلاة والتّسبيح أيضًا لـ (الكلّ)، ويكون (الكلّ) مرتفعًا بالعائد من ذكره عليه في {علم} ويكون {علم} فعلاً لـ (الكلّ)، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ: قد علم كلّ مصلٍّ ومسبّحٌ منهم صلاة نفسه، وتسبيحه الّذي كلّفه، وألزمه.
والوجه الآخر أن تكون الهاء في الصّلاة والتّسبيح من ذكر اللّه، والعلم لـ (الكل)، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ: قد علم كلّ مسبّحٍ ومصلٍّ صلاة اللّه الّتي كلّفه إيّاها، وتسبيحه.
وأظهر هذه المعاني الثّلاثة على هذا الكلام المعنى الأوّل، وهو أن يكون المعنى: كلّ مصلٍّ منهم ومسبّحٌ، قد علم اللّه صلاته وتسبيحه.
وقوله: {واللّه عليمٌ بما يفعلون} يقول تعالى ذكره: واللّه ذو علمٍ بما يفعل كلّ مصلٍّ ومسبّحٌ منهم، لا يخفى عليه شيءٌ من أفعالهم، طاعتها ومعصيتها، محيطٌ بذلك كلّه، وهو مجازيهم على ذلك كلّه). [جامع البيان: 17/333-334]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم تر أنّ اللّه يسبّح له من في السّماوات والأرض والطّير صافّاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه واللّه عليمٌ بما يفعلون (41)
قوله: ألم تر أنّ اللّه يسبّح له.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: يسبّح له يقول: يصلّي له.
قوله: يسبّح له من في السماوات والأرض.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيدٌ، عن قتادة: ألم تر أنّ اللّه يسبّح له من في السماوات والأرض قال: المؤمن يسجد طائعًا والكافر يسجد كارهًا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ عن قتادة يعنى قوله: يسبّح له من في السماوات والأرض قال: لم يدع شيئًا من خلقه إلا عبّده له طائعًا وكارهًا.
قوله: والطّير صافّاتٍ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: والطّير صافّاتٍ بسط أجنحتهنّ.
- حدّثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد ابن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: والطّير صافّاتٍ بأجنحتها.
قوله تعالى: كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه فالصّلاة للإنسان، والتّسبيح لما سوى ذلك من خلقه.
- ذكر عن سهل بن أبي سهل بن زنجلة، أنبأ سفيان بن عيينة عن مسعرٍ قال: قال اللّه عزّ وجلّ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه قال: فهذه الطّير لا تركع ولا تسجد.
قوله: والله عليم بما يفعلون
تقدم تفسيره عليم بمعنى عالم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2615-2616]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه قال الصلاة للإنس والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه). [تفسير مجاهد: 2/443-444]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون * لله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله {ألم تر أن الله يسبح له} إلى قوله {كل قد علم صلاته وتسبيحه} قال: الصلاة للانسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه). [الدر المنثور: 11/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {والطير صافات} قال: بسط أجنحتهن). [الدر المنثور: 11/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {والطير صافات} قال: صافات بأجنحتها). [الدر المنثور: 11/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مسعر في قوله {والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه} قال: قد سمى لها صلاة ولم يذكر ركوعا ولا سجودا). [الدر المنثور: 11/91]

تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وللّه ملك السّموات والأرض} يقول جلّ ثناؤه: وللّه سلطان السّماوات والأرض وملكها، دون كلّ من هو دونه من سلطانٍ وملكٍ، فإيّاه فارهبوا أيّها النّاس، وإليه فارغبوا لا إلى غيره، فإنّ بيده خزائن السّماوات والأرض، لا يخشى بعطاياكم منها فقرًا. {وإلى اللّه المصير} يقول: وأنتم إليه بعد وفاتكم، مصيركم، ومعادكم، فيوفّيكم أجور أعمالكم الّتي عملتموها في الدّنيا، فأحسنوا عبادته، واجتهدوا في طاعته، وقدّموا لأنفسكم الصّالحات من الأعمال). [جامع البيان: 17/335]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وللّه ملك السّماوات والأرض وإلى اللّه المصير (42)
قوله ولله ملك السماوات والأرض وإلى اللّه المصير
تقدّم تفسيره.
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن عليٍّ، أنبأ الأصمعيّ، ثنا النمر ابن هلالٍ عن قتادة عن أبي الجلد قال: الأرض أربعةٌ وعشرون ألف فرسخٍ، فالسّودان اثنا عشر، والروم ثمانية، والفارسي ثلاثة، وللعرب ألف). [تفسير القرآن العظيم: 8/2616]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يكاد سنا برقه قال لمحان البرق يكاد يذهب بالأبصار). [تفسير عبد الرزاق: 2/61-62]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {من خلاله} [النور: 43] : «من بين أضعاف السّحاب» ، {سنا برقه} [النور: 43] : «وهو الضّياء»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (من خلاله من بين أضعاف السّحاب هو قول أبي عبيدة ولفظة أضعافٍ أو بين مزيدةٌ فإنّ المعنى ظاهرٌ بأحدهما وروى الطّبريّ من طريق بن عبّاسٍ أنّه قرأ يخرج من خلله قال هارون أحد رواته فذكرته لأبي عمرٍو فقال أنّها لحسنة ولكن خلاله أعم.
قوله سنا برقه وهو الضّياء قال أبو عبيدة في قوله يكاد سنا برقه مقصورٌ أي ضياء والسّناء ممدودٌ في الحسب وروى الطّبريّ من طريق بن عبّاس في قوله يكاد سنا برقه يقول ضوء برقه ومن طريق قتادة قال لمعان البرق). [فتح الباري: 8/446]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (من خلاله من بين أضعاف السّحاب
أشار به إلى قوله تعالى: {فترى الودق يخرج من خلاله} (النّور: 43) وفسره بقوله: (من بين أضعاف السّحاب) ، وهكذا فسره أبو عبيدة. والخلال جمع خلل وهو الوسط، ويقال: الخلل موضع المطر، والودق المطر.
سنا برقه الضّياء
أشار به إلى قوله تعالى: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} (النّور: 43) من شدّة ضوئه وبرقه). [عمدة القاري: 19/72]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (من خلاله) في قوله تعالى: {فترى الودق يخرج من خلاله} [النور: 43] أي فترى المطر يخرج (من بين أضعاف السحاب) وخلال مفرد كحجاب أو جمع كجبال جمع جبل.
(سنا برقه وهو الضياء) يقال: سنا يسنو سنا أي أضاء يضيء قال امرؤ القيس:
يضيء سناه أو مصابيح راهب
والسناء بالمد الرفعة والمعنى هنا يكاد ضوء برق السحاب يذهب بالأبصار من شدة ضوئه والبرق الذي صفته كذلك لا بد وأن يكون نارًا عظيمة خالصة والنار ضد الماء والبرد فظهوره يقتضي ظهور الضد من الضد وذلك لا يمكن إلا بقدرة قادر حكيم وسقط لغير أبي ذر قوله وهو من قوله وهو الضياء). [إرشاد الساري: 7/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه يزجي سحابًا ثمّ يؤلّف بينه ثمّ يجعله ركامًا فترى الودق يخرج من خلاله وينزّل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار (43) يقلّب اللّه اللّيل والنّهار إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ألم تر} يا محمّد {أنّ اللّه يزجي} يعني يسوق {سحابًا} حيث يريد. {ثمّ يؤلّف بينه} يقول: ثمّ يؤلّف بين السّحاب.
وأضاف (بين) إلى السّحاب، ولم يذكر مع غيره، و(بين) لا تكون مضافةً إلاّ إلى جماعةٍ أو اثنين، لأنّ السّحاب في معنى جمعٍ، واحده سحابةٌ، كما يجمع النّخلة: نخلٌ، والتّمرة تمرٌ، فهو نظير قول قائلٍ: جلس فلانٌ بين النّخل.
وتأليف اللّه السّحاب: جمعه بين متفرّقها.
وقوله: {ثمّ يجعله ركامًا} يقول: ثمّ يجعل السّحاب الّذي يزجيه ويؤلّف بعضه إلى بعضٍ {ركامًا} يعني: متراكمًا بعضه على بعضٍ.
- وقد حدّثنا عبد الحميد بن بيانٍ، قال: أخبرنا خالدٌ، قال: حدّثنا فطرٌ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن عبيد بن عميرٍ اللّيثيّ، قال: الرّياح أربعٌ: يبعث اللّه الرّيح الأولى فتقمّ الأرض قمًّا، ثمّ يبعث الثّانية فتنشيء سحابًا، ثمّ يبعث الثّالثة فتؤلّف بينه فتجعله ركامًا، ثمّ يبعث الرّابعة فتمطره.
وقوله: {فترى الودق يخرج من خلاله} يقول: فترى المطر يخرج من بين السّحاب، وهو الودق قال الشّاعر:
فلا مزنةٌ ودقت ودقها = ولا أرض أبقل إبقالها
والهاء في قوله: {من خلاله} من ذكر السّحاب، والخلال: جمع خللٍ.
وذكر عن ابن عبّاسٍ وجماعةٍ أنّهم كانوا يقرءون ذلك: من خلله.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا حرميّ بن عمارة، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا قتادة، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، أنّه قرأ هذا الحرف: {فترى الودق يخرج من خلاله} من خلله.
- قال: حدّثنا شعبة، قال: أخبرني عمارة، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قرأ هذا الحرف: {فترى الودق يخرج من خلاله} من خلله.
- حدّثنا أحمد بن يوسف قال: حدّثنا القاسم قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون قال: أخبرني عمارة بن أبي حفصة، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قرأها: من خلله بفتح الخاء، من غير ألفٍ.
قال هارون: فذكرت ذلك لأبي عمرٍو، فقال: إنّها لحسنةٌ، ولكنّ خلاله أعمّ.
وأمّا قرّاء الأمصار، فإنّهم على القراءة الأخرى: {من خلاله} وهي الّتي نختار، لإجماع الحجّة من القرّاء عليها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فترى الودق يخرج من خلاله} قال: الودق القطر، والخلال: السّحاب.
وقوله: {وينزّل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ} قيل في ذلك قولان: أحدهما: أنّ معناه: وأنّ اللّه ينزّل من السّماء من جبالٍ في السّماء من بردٍ، مخلوقةٌ هنالك خلقه. كأنّ الجبال على هذا القول، هي من بردٍ، كما يقال: جبالٌ من طينٍ.
والقول الآخر: أنّ اللّه ينزّل من السّماء قدر جبالٍ، وأمثال جبالٍ من بردٍ إلى الأرض، كما يقال: عندي بيتان تبنًا، والمعنى: قدر بيتين من التّبن، والبيتان ليسا من التّبن.
وقوله: {فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء} يقول: فيعذّب بذلك الّذي ينزل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ من يشاء فيهلكه، أو يهلك به زروعه وماله. {ويصرفه عن من يشاء} من خلقه، يعني عن زروعهم وأموالهم.
وقوله: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} يقول: يكاد شدّة ضوء برق هذا السّحاب يذهب بأبصار من لاقى بصره. والسّنا: مقصورٌ، وهو ضوء البرق.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يكاد سنا برقه} قال: ضوء برقه.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {يكاد سنا برقه} يقول: لمعان البرق يذهب بالأبصار.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} قال: سناه: ضوءٌ يذهب بالأبصار.
وقرأت قرّاء الأمصار {يكاد سنا برقه يذهب} بفتح الياء من {يذهب}، سوى أبي جعفرٍ القارئ، فإنّه قرأه بضمّ الياء: (يذهب بالأبصار).
والقراءة الّتي لا أختار غيرها هي فتحها، لإجماع الحجّة من القرّاء عليها، وأنّ العرب إذا أدخلت الباء في مفعول (ذهبت)، لم يقولوا: إلاّ ذهب به، دون أذهبت به. وإذا أدخلوا الألف في (أذهبت)، لم يكادوا أن يدخلوا الباء في مفعوله، فيقولون: أذهبته، وذهبت به). [جامع البيان: 17/335-339]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم تر أنّ اللّه يزجي سحابًا ثمّ يؤلّف بينه ثمّ يجعله ركامًا فترى الودق يخرج من خلاله وينزّل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار (43)
قوله: ألم تر أنّ اللّه يزجي سحابًا.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: يزجي سحابًا يقول: يجري الفلك.
قوله: سحابًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عقبة حدّثني أسامة بن زيدٍ، حدّثني معاذ بن عبد اللّه بن خبيب الجهنيّ قال: رأيت ابن عبّاسٍ مرّ به تبيعٌ ابن امرأة كعبٍ فسلّم عليه فسأله ابن عبّاسٍ هل سمعت كعبًا يقول في السّحاب شيئًا؟ قال: نعم سمعته يقول: إنّ السّحاب غربال المطر، لولا السّحاب حين ينزل الماء من السّماء لفسد ما يقع عليه، قال: سمعت كعبًا يقول: في الأرض تنبت العام نبات، وعام قابلٍ غيره، قال:
نعم سمعته يقول: إنّ البذر ينزل من السّماء، قال ابن عبّاسٍ: وسمعت ذلك من كعبٍ يقوله.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل عن جابرٍ، عن عطاءٍ قال: السّحاب يخرج من الأرض ثمّ تلا: اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحابًا.
- حدّثنا أحمد بن الفضل العسقلانيّ، ثنا بشر بن بكرٍ، حدّثتني أمّ عبد اللّه بنت خالد بن معدان، عن أبيها قال: إنّ في الجنّة شجرةً تثمر السّحاب، فأمّا السّوداء منها فالثّمرة الّتي قد نضجت فهي الّتي تحمل المطر، وأمّا البيضاء فهي الّتي لم تنضج، لم تحمل المطر.
قوله تعالى: ثمّ يؤلّف بينه.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسحاق بن سليمان، قال: سمعت أبا سنانٍ الشّيبانيّ الرّازيّ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن عبيد بن عميرٍ قال: يبعث اللّه المثيرة فتقمّ الأرض قمًّا، ثمّ يبعث اللّه النّاشئة فتنشئ السّحاب، ثمّ يبعث اللّه المؤلّفة فيؤلّف بينه، ثمّ يبعث اللّواقح فتلقم السّحاب أو الشّجر، شك أبو يحي.
قوله: ثم يجعله ركاما
بياض.
قوله: فترى الودق.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا هاني بن سعيد، وأبو عبد الرحمن الحارثي، عن جويبرٍ عن الضّحّاك قوله: فترى الودق قال: الودق المطر.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن نصرٍ، ثنا عمرو بن عاصمٍ، ثنا أبو الأشهب، حدّثني أبو تميلة رجلٌ من بني جمانٍ عن أبيه فترى الودق يخرج قال: البرق.
قوله: يخرج من خلاله.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول في قول اللّه: فترى الودق يخرج من خلاله قال: الخلال السحاب.
قوله: وينزّل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا اليمان بن عدي الحمصي، ثنا يافع بن عامرٍ، عن قتادة، عن كعبٍ قال: لولا أنّ الجليد ينزل من السّماء الرّابعة ما مرّ بشيءٍ إلا أهلكه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا أبو معشرٍ عن عبد الجليل عن شهر بن حوشبٍ، أنّ كعبًا سأل عبد اللّه بن عمرٍو عن البرق، قال: هو ما يسبق من البرد، وقال اللّه عزّ وجلّ: جبالٍ فيها من برد يكاد سنا برقه يذهب بالابصار.
قوله تعالى: فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان قال: سمعت عمرو بن دينارٍ يقول: فيصيب به من يشاء فهي تصيب.
قوله: ويصرفه عن من يشاء.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن عونٍ، ثنا عبد السّلام بن حربٍ عن زياد بن خثيمة عن أبي جعفرٍ قال: الصّاعقة تصيب المؤمن والكافر، ولا تصيب ذاكرا لله عز وجل.
قوله: يكاد سنا برقه.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ عن ابن عبّاسٍ: يكاد سنا برقه ضوء برقه.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً عليه، أخبرني محمّد بن شعيبٍ حدّثني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه: يكاد سنا برقه فيقال: يكاد ضوء برقه يذهب بالأبصار.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: يكاد سنا برقه قال: لمعان البرق يكاد يذهب بالأبصار.
قوله: يذهب بالأبصار.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ في قوله: يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار قال: لم أر أحدًا ذهب البرق ببصره ولكن يرسل الصّواعق فيصيب بها من يشاء.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقول: فضوء برقه يلمع البصر منه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2617-2619]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (حدثنا أحمد بن عمران الأخنسيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما في قوله عزّ وجلّ: {يرسل الرّياح فتثير سحابًا فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفًا} يقول: قطعًا: يجعل بعضها فوق بعضٍ، {فترى الودق} - يعني المطر - {يخرج من خلاله}: من بينه). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/72]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار * يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فترى الودق} قال: المطر). [الدر المنثور: 11/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {فترى الودق} قال: القطر). [الدر المنثور: 11/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بجيلة عن أبيه قال: {الودق} البرق). [الدر المنثور: 11/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {من خلاله} قال: السحاب). [الدر المنثور: 11/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس انه قرأها (من خلله) بفتح الخاء من غير ألف). [الدر المنثور: 11/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب قال: لو أن الجليد ينزل من السماء الرابعة لم يمر بشيء إلا أهلكه). [الدر المنثور: 11/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يكاد سنا برقه} يقول: ضوء برقه). [الدر المنثور: 11/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له: أخبرني عن قوله: {يكاد سنا برقه} قال: السنا الضوء، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث وهو يقول: يدعو إلى الحق لا ينبغي به بدلا * يجلو بضوء سناه داجي الظلم). [الدر المنثور: 11/92-93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة {يكاد سنا برقه} قال: لمعان البرق). [الدر المنثور: 11/93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب ان كعبا سأل عبد الله بن عمرو عن البرق قال: هو ما يسبق من البرد، وقرأ (جبال فيها من برد يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) ). [الدر المنثور: 11/93]

تفسير قوله تعالى: (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يقلّب اللّه اللّيل والنّهار} يقول: يعقّب اللّه بين اللّيل والنّهار ويصرّفهما، إذا أذهب هذا جاء هذا، وإذا أذهب هذا جاء هذا. {إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار} يقول: إنّ في إنشاء اللّه السّحاب، وإنزاله منه الودق، ومن السّماء البرد، وفي تقليبه اللّيل والنّهار، لعبرةً لمن اعتبر به، وعظةً لمن اتّعظ به ممّن له فهمٌ وعقلٌ؛ لأنّ ذلك ينبيء، ويدلّ على أنّ له مدبّرًا ومصرّفًا ومقلّبًا، لا يشبهه شيءٌ). [جامع البيان: 17/339]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يقلّب اللّه اللّيل والنّهار إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار (44)
قوله: يقلّب اللّه اللّيل والنّهار.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ يقلّب اللّه اللّيل والنّهار أمّا يقلّب اللّه اللّيل والنّهار فإنّه يأتي باللّيل ويذهب بالنّهار ويأتي بالنّهار ويذهب باللّيل.
قوله تعالى: إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه عن الرّبيع قوله: إن في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار، يقول: لقد كان في هؤلاء عبرةٌ ومتفكّرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يقلب الله الليل والنهار} قال: يأتي الليل ويذهب بالنهار ويأتي بالنهار ويذهب بالليل). [الدر المنثور: 11/93]

تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه خلق كلّ دابّةٍ من ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ يخلق اللّه ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {واللّه خلق كلّ دابّةٍ من ماءٍ} فقرأته عامّة قرّاء الكوفة غير عاصمٍ: (واللّه خالق كلّ دابّةٍ) وقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة وعاصمٌ: {واللّه خلق كلّ دابّةٍ} بنصب كلّ، و{خلق} على مثال (فعل). وهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، وذلك أنّ الإضافة في قراءة من قرأ ذلك (خالق) تدلّ على أنّ معنى ذلك المضيّ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {خلق كلّ دابّةٍ من ماءٍ} يعني: من نطفةٍ {فمنهم من يمشي على بطنه} كالحيّات وما أشبهها. وقيل: إنّما قيل: {فمنهم من يمشي على بطنه} والمشي لا يكون على البطن؛ لأنّ المشي إنّما يكون لما له قوائم، على التّشبيه، وأنّه لمّا خالط ما له قوائم ما لا قوائم له، جاز، كما قال: {ومنهم من يمشي على رجلين} كالطّير، {ومنهم من يمشي على أربعٍ} كالبهائم.
فإن قال قائلٌ: فكيف قيل: فمنهم من يمشي، و(من) للنّاس، وكلّ هذه الأجناس أو أكثرها لغيرهم؟
قيل: لأنّه تفريق ما هو داخلٌ في قوله: {واللّه خلق كلّ دابّةٍ} وكان داخلاً في ذلك النّاس وغيرهم، ثمّ قال: {فمنهم} لاجتماع النّاس والبهائم وغيرهم في ذلك واختلاطهم، فكنّى عن جميعهم كنايته عن بني آدم، ثمّ فسّرهم بـ (من)، إذ كان قد كنّى عنهم كناية بني آدم خاصّةً.
{يخلق ما يشاء} يقول: يحدث اللّه ما يشاء من الخلق. {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} يقول: إنّ اللّه على إحداث ذلك وخلقه وخلق ما يشاء من الأشياء غيره، ذو قدرةٍ لا يتعذّر عليه شيءٌ أراد). [جامع البيان: 17/339-340]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واللّه خلق كلّ دابّةٍ من ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ يخلق اللّه ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (45)
قوله: واللّه خلق كلّ دابةٍ من ماءٍ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: واللّه خلق كلّ دابةٍ من ماءٍ قال: الماء النّطفة من الفحول.
قوله: فمنهم من يمشي على بطنه إلى قوله: أربعٍ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، فيما كتب إليّ، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم، حدّثني عبد الصّمد بن معقلٍ، أنّه سمع عمّه وهب بن منبّهٍ قال: يقول عزيرٌ: يا ربّ خلقت من الماء دوابّ الماء وطير السّماء فخلقت منها أعمى أعينٍ أبصرته، ومنها أصمّ أذانٍ أسمعته، ومنها ميّت نفسٍ أحييته، خلقت ذلك كلّه بكلمةٍ واحدةٍ، منه ما عيشه الماء، ومنها ما لا صبر له على الماء، خلقًا مختلفًا في الأجسام والألوان، جنّسته أجناسًا، وزوّجته أزواجًا وخلقت أصنافًا، وألهمته الّذي له خلقته، ثمّ خلقت من التّراب والماء دوابّ الأرض وماشيتها وسباعها، فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ، ومنهم العظيم والصّغير.
قوله: يخلق اللّه ما يشاء.
- وبه عن وهب بن منبّهٍ قال: قال عزيرٌ: يا ربّ اللّهمّ بكلمتك خلقت جميع خلقك، فأتى على مشيئتك لم تأت فيه مؤنةً ولم تنصب فيه نصبًا، كان عرشك على الماء والظّلمة على الهواء، والملائكة يحملون عرشك ويسبّحون بحمدك، والخلق مطيعٌ لك خاشعٌ من خوفك، لا يرى في نورٌ إلا نورك، ولا يسمع فيه صوتٌ إلّا سمعك، ثمّ فتحت خزانة النّور وطريق الظّلمة فكانا ليلا ونهارًا يختلفان بأمرك.
قوله تعالى: إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال قال محمّد بن إسحاق: إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ أي أنّ اللّه على ما أراد بعباده من نقمةٍ أو عفوٍ قديرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2620]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير * لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {والله خلق كل دابة من ماء} قال: النطفة). [الدر المنثور: 11/93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مغفل انه قرأ (والله خالق كل دابة من ماء) ). [الدر المنثور: 11/93-94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن ابن عباس قال: كل شيء يمشي على أربع إلا الإنسان والله أعلم). [الدر المنثور: 11/94]

تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لقد أنزلنا آياتٍ مبيّناتٍ واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}.
يقول تعالى ذكره: لقد أنزلنا أيّها النّاس علاماتٍ واضحاتٍ، دالاّتٍ على طريق الحقّ، وسبيل الرّشاد. {واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}: يقول: واللّه يرشد من يشاء من خلقه بتوفيقه، فيهديه إلى دين الإسلام، وهو الصّراط المستقيم والطّريق القاصد الّذي لا اعوجاج فيه). [جامع البيان: 17/340]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لقد أنزلنا آياتٍ مبيّناتٍ واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ (46)
قوله: لقد أنزلنا آيات.
- حثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله: لقد أنزلنا آياتٍ هو هذا القرآن فيه حلاله وحرامه.
قوله: مبيّناتٍ.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله:
لقد أنزلنا آياتٍ مبيّناتٍ يعنى ما فرض عليهم في هذه السّورة من أوّلها إلى آخرها.
قوله: واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ
تقدّم تفسيره غير مرّةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2621]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 05:15 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تر أنّ اللّه يسبّح له من في السّموات والأرض والطّير صافّاتٍ} [النور: 41] قال قتادة: صافّاتٌ بأجنحتها.
{كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} [النور: 41] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: {كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} [النور: 41] الصّلاة للإنسان يعني المؤمن، {وتسبيحه} [النور: 41] التّسبيح لما سوى ذلك من خلقه.
{واللّه عليمٌ بما يفعلون} [النور: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/454]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والطّير صافّاتٍ كلٌّ قد علم صلاته...}

وتسبيحه ترفع كلاًّ بما عاد إليه من ذكره وهي الهاء في (صلاته وتسبيحه) وإن شئت جعلت العلم لكل، أي كل قد عاد صلاته وتسبيحه فإن شئت جعلت الهاء صلاة نفسه وتسبيحها. وإن شئت: تسبيح الله وصلاته التي نصلّيها له وتسبيحها، وفي القول الأوّل: كلّ قد علم الله صلاته وتسبيحه، ولو أتت كلاًّ قد علم بالنصب على قولك: علم الله صلاة كلٍّ وتسبيحه فتنصب لوقوع الفعل على راجع ذكرهم، أنشدني بعض العرب:
كلاً قرعنا في الحروب صفاته=ففررتم وأطلتم الخذلانا

ولا يجوز أن تقول: زيداً ضربته. وإنما جاز في كلّ لأنها لا تأتي إلاّ وقبلها كلام، كأنها متّصلةٌ به؛ كما تقول: مررت بالقوم كلّهم ورأيت القوم كلاّ يقول ذلك، فلمّا كانت نعتاً مستقصىً به كانت مسبوقةً بأسمائها وليس ذلك لزيدٍ ولا لعبد الله ونحوهما؛ لأنها أسماء مبتدآتٌ.
وقد قال بعض النحويين: زيداً ضربته، فنصبه بالفعل كما تنصبه إذا كان قبله كلامٌ. ولا يجوز ذلك إلا أن تنوي التكرير، كأنه نوى أن يوقع ب: يقع الضرب على زيد قبل: أن يقع على الهاء، فلمّا تأخّر الفعل أدخل الهاء على التكرير، ومثله مّما يوضحه.
قولك: بزيدٍ مررت به. ويدخل على من قال زيدا ضربته على كلمة أن يقول: زيداً مررت به وليس ذلك بشيء لأنه ليس قبله شيء يكون طرفاً للفعل). [معاني القرآن: 2/256-255]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والطّير صافّاتٍ}: قد صفّت أجنحتها في الطيران). [تفسير غريب القرآن: 306]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألم تر أنّ اللّه يسبّح له من في السّماوات والأرض والطّير صافّات كلّ قد علم صلاته وتسبيحه واللّه عليم بما يفعلون}
ويجوز {والطير} على معنى: {يسبح له الخلق مع الطير} ولم يقرأ بها.
وقوله: {كلّ قد علم صلاته وتسبيحه}.
معناه كل قد علم اللّه صلاته وتسبيحه، والصلاة للناس، والتسبيح لغير الناس، ويجوز أن يكون (كلّ قد علم صلاته وتسبيحه) كل شيء قد علم صلاة نفسه وتسبيحها، ويجوز أن يكون كل إنسان قد علم صلاة الله، وكل شيء قد علم تسبيح اللّه.
والأجود أن يكون كل قد علم اللّه صلاته وتسبيحه.
ودليل ذلك قوله - {واللّه عليم بما يفعلون} ). [معاني القرآن: 4/49-48]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه}
حدثنا الفريابي قال أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة قال أخبرنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: {كل قد علم صلاته وتسبيحه} الصلاة للإنسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه). [معاني القرآن: 4/542-543]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وللّه ملك السّموات والأرض وإلى اللّه المصير} [النور: 42] البعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/454]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تر أنّ اللّه يزجي سحابًا} [النور: 43] ينشئ سحابًا.
{ثمّ يؤلّف بينه} [النور: 43] يجمع بعضه إلى بعضٍ.
{ثمّ يجعله ركامًا} [النور: 43] بعضه على بعضٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/454]
{فترى الودق} [النور: 43] المطر.
{يخرج من خلاله} [النور: 43] من خلل السّحاب.
{وينزّل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ} [النور: 43] ينزّل من تلك الجبال الّتي هي من بردٍ.
إنّ في السّماء جبالًا من بردٍ.
{فيصيب به من يشاء} [النور: 43] فيهلك الزّرع كقوله: {ريحٍ فيها صرٌّ} [آل عمران: 117] بردٌ.
وقال بعضهم: ريحٌ باردةٌ {أصابت} [آل عمران: 117] الرّيح {حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته} [آل عمران: 117] وما أصاب العباد من مصيبةٍ فبذنوبهم، وما يعفو اللّه عنه أكثر كقوله: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ} [الشورى: 30] نصر بن طريفٍ أنّ رجلًا قال لابن عبّاسٍ: بتنا اللّيلة نمطر الضّفادع.
فقال ابن عبّاسٍ: صدق، إنّ في السّماء بحارًا.
قوله: {ويصرفه عن من يشاء} [النور: 43] يصرف ذلك البرد عمّن يشاء.
{يكاد سنا برقه} [النور: 43] قال قتادة: أي ضوء برقه.
{يذهب بالأبصار} [النور: 43]
- حدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن سليمان بن عويمرٍ، عن عروة بن الزّبير قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا رأى أحدكم البرق أو الودق فلا يشر إليه ولينعت».
- وحدّثني إبراهيم، عن عبد العزيز بن عمر، عن مكحولٍ قال: قال رسول اللّه: «اطلبوا استجابة الدّعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصّلاة، وعند نزول الغيث»). [تفسير القرآن العظيم: 1/455]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يزجي سحاباً...}

يسوقه حيث يريد. والعرب تقول: نحن نزجي المطي أي نسوقه.
وقوله: {يؤلّف بينه} يقول القائل: بين لا تصلح إلاّ مضافة إلى اثنين فما زاد، فكيف قال {ثمّ يؤلّف بينه} وإنما هو واحدٌ؟ قلنا: هو واحد في اللفظ ومعناه جميع؛ ألا ترى قوله: {ينشئ السّحاب الثقال} ألا ترى أن واحدته سحابة، فإذا ألقيت الهاء كان بمنزلة نخلةٍ ونخلٍ وشجرة وشجر، وأنت قائل: فلان بين الشجرة وبين النخل، فصلحت (بين) مع النخل واحده لأنه جمع في المعنى. والذي لا يصلح من ذلك قولك: المال بين زيد، فهذا خطأ حتى تقول: بين زيد وعمرو وإن نويت بزيد أنه اسم لقبيلة جاز ذلك؛ كما تقول: المال بين تميم تريد: المال بين بني تميم وقد قال الأشهب بن رميلة:
قفا نسأل منازل آل ليلى=بتوضح بين حومل أو عرادا
أراد بحومل منزلاً جامعاً فصلحت (بين) فيه لأنه أراد بين أهل حومل أو بين أهل عراد.
وقوله: {فترى الودق} الودق: المطر.
وقوله: {فيصيب به من يشاء} يعذّب به من يشاء.
قوله: {من جبالٍ فيها من بردٍ} والمعنى - والله أعلم - أن الجبال في السّماء من برد خلقةً مخلوقة. كما تقول في الكلام. الآدميّ من لحمٍ ودم فـ (من) ها هنا تسقط فتقول: الآدميّ لحمٌ ودمٌ، والجبال برد، وكذا سمعت تفسيره. وقد يكون في العربيّة أمثال الجبال ومقاديرها من البرد، كما تقول: عندي بيتان تبناً، والبيتان ليسا من التبن، إنما تريد: عندي قدر بيتين من التبن، فمن في هذا الموضع إذا أسقطت نصبت ما بعدها، كما قال {أو عدل ذلك صياماً} وكما قال {ملء الأرض ذهباً}.
وقوله: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} وقد قرأها أبو جعفر (يذهب بالأبصار) ). [معاني القرآن: 2/257-256]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ألم تر أنّ الله يزجي سحاباً} أي يسوق). [مجاز القرآن: 2/67]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ يجعله ركاماً} أي متراكما بعضه على بعض). [مجاز القرآن: 2/67]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فترى الودق} أي القطر والمطر، قال عامر بن جوبن الطائي:
فلا مزنة ودقت ودقها=ولا أرض أبقل إبقالها).
[مجاز القرآن: 2/67]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يخرج من خلاله} أي من بين السحاب، يقال: من خلاله ومن خلله، قال زيد الخيل:
ضربن بغمرة فخرجن منها=خروج الودق من خلل السّحاب).
[مجاز القرآن: 2/68]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سنا برقه} منقوص أي ضوء البرق " وسناء " الشرف ممدود). [مجاز القرآن: 2/68]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يزجي سحابا}: يسوق.
{ركاما}: بعضه على بعض.
{الودق}: القطر.
{سنا برقه}: ضياؤه والإثنان سنوان). [غريب القرآن وتفسيره: 274-273]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يزجي سحاباً} أي يسوقه، {ثمّ يجعله ركاماً}: بعضه فوق بعض.
{فترى الودق} يعني المطر، {يخرج من خلاله} أي من خلله.
{سنا برقه}: ضوءه). [تفسير غريب القرآن: 306]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ( ألم تر أنّ اللّه يزجي سحابا ثمّ يؤلّف بينه ثمّ يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}
معنى: (يزجي) يسوق، (ثمّ يؤلّف بينه) أي يجعل القطع المتفرّقة من السحاب قطعة واحدة (ثمّ يجعله ركاما)، أي يجعل بعض السحاب يركب بعضا.
(فترى الودق يخرج من خلاله) الودق المطر، ويقرأ من خلله، وخلاله أعم وأجود في القراءة، وخلال جمع خلل وخلال، مثل جبل وجبال، ويجوز أن يكون السحاب جمع سحابة،
ويكون " بينه " أي بين جميعه، ويجوز أن يكون السحاب واحدا إلا أنه قال بينه لكثرته، ولا يجوز أن تقول جلست بين زيد حتى تقول وعمرو.
وتقول ما زلت أدور بين الكوفة، لأن الكوفة اسم يتضمّن أمكنة كثيرة، فكأنك تقول ما زلت أدور بين طرق الكوفة.
وقوله تعالى: {وينزّل من السّماء من جبال فيها من برد}.
ويجوز وينزل بالتخفيف، ومعنى {من السّماء من جبال فيها من برد} من جبال برد فيها كما تقول هذا خاتم في يدي من حديد.
المعنى هذا خاتم حديد في يدي.
ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون معنى " من جبال " من مقدار جبال من برد كما تقول عند فلان جبال مال تريد مقدار جبال من كثرته.
قوله: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}.
وقرأ أبو جعفر المدني: يذهب بالأبصار، ولم يقرأ بها غيره، ووجهها في العربيّة ضعيف، لأن كلام العرب: ذهبت به وأذهبته.
وتلك جائزة أيضا - أعني الضم في الياء في يذهب.
ومعنى {سنا برقه} ضوء برقه، وقرئت {سنا برقه يذهب بالأبصار}
على جمع برقة وبرق، والفرق بين برقه - بالضم -وبرقه بالفتح أن البرق المقدار من البرق، والبرقة أن يبرق الشيء مرة واحدة، كما تقول: غرفت غرفة واحدة تريد مرة واحدة.
والغرفة مقدار ما يغرف، وكذلك اللّقمة واللّقمة). [معاني القرآن: 4/49-50]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله يزجي سحابا}
أي يسوقه ثم يؤلف بينه أي يجمع القطع المتفرقة حتى تتألف ثم يجعله ركاما أي بعضه فوق بعض فترى الودق يخرج من خلاله
الودق المطر يقال ودقت سرته تدق ودقا ودقة وكل خارج وادق كما قال:
فلا مزنة ودقت ودقها = ولا أرض أبقل إبقالها

وخلال جمع خلل يقال جبل وجبال). [معاني القرآن: 4/544-543]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وينزل من السماء من جبال فيها من برد}
قيل المعنى من جبال برد فيها كما تقول هذا خاتم في يدي من حديد أي هذا خاتم حديد في يدي
كما يقال جبال من طين وجبال طين
وقيل إن المعنى من مقدار جبال ثم حذف كما تقول عند فلان جبال مال
والأخفش يذهب إلى أن من فيهما زائدة أي جبالا فيها برد
قال وقال بعضهم الجبال من برد فيها في السماء وتجعل الإنزال منها). [معاني القرآن: 4/544]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}
أي ضوء برقه وروى ربيعة بن أبيض عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال البرق مخاريق الملائكة
وقال عبد الله بن عمرو هو ما يكون من جبال البرد
حدثني محمد بن أحمد الكاتب قال حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن طلحة بن مصرف أنه قرأ يكاد سنا برقه
قال أحمد بن يحيى وهو جمع برقة
قال أبو جعفر البرقة المقدار من البرق والبرقة المرة الواحدة مثل غرفة وغرفة). [معاني القرآن: 4/545]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ثم يجعله ركاما} أي: ويجعل بعضه على بعض، ليثخن ويغلظ). [ياقوتة الصراط: 379-378]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (و{الودق}: المطر. والسنا: الضوء، مقصور). [ياقوتة الصراط: 379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُزْجِي سحابا}: أي: يسوقه ويسيره.
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا}: أي يسوق بعضه فوق بعض.
{الْوَدْقَ}: المطر.
{سَنَا بَرْقِهِ}: ضوء برقه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 169]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُزْجِي}: يسوق
{رُكَامًا}: بعضه على بعض
{الْوَدْقَ}: المطر كبار القطر
(السَنَا): لمع البرق). [العمدة في غريب القرآن: 221-220]

تفسير قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يقلّب اللّه اللّيل والنّهار} [النور: 44] هو أخذ كلّ واحدٍ منهما من صاحبه كقوله: {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} [الحديد: 6]
[تفسير القرآن العظيم: 1/455]
قال: {إنّ في ذلك لعبرةً} [النور: 44] لآيةً.
وقال السّدّيّ: لمعرفةً.
{لأولي} [النور: 44] لذوي.
{الأبصار} [النور: 44] وهم المؤمنون أبصروا الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 1/456]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واللّه خلق كلّ دابّةٍ من ماءٍ} [النور: 45] يعني النّطفة، تفسير السّدّيّ.
- وحدّثنا همّامٌ، عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كلّ شيءٍ خلق من الماء».
أراه يعني الحيوان.
نحو قول السّدّيّ.
قوله: {فمنهم من يمشي على بطنه} [النور: 45] الحيّة.
{ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ} [النور: 45] أي: ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك.
وإنّما قال: فمنهم من يمشي على كذا، ومنهم من يمشي على كذا، ومنهم يمشي على كذا، خلق اللّه كثيرٌ.
قال: {ويخلق ما لا تعلمون} [النحل: 8] قوله: {يخلق اللّه ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [النور: 45] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/456]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {واللّه خلق كلّ دآبّةٍ...}

و (خلق) وأصحاب عبد الله قرأوا (خالق) ذكر من أبي إسحاق السّبيعيّ - ... وهو الهمداني - أنه قال: صليت إلى جنب عبد الله بن معقل فسمعته يقول (واللّه خالق كلّ دابّة) والعوامّ بعد {خلق كلّ}.
وقوله: {كلّ دآبّةٍ مّن مّاء فمنهم مّن يمشي على بطنه} يقال: كيف قال {مّن يمشي} وإنما تكون (من) للناس وقد جعلها ها هنا للبهائم؟
قلت: لمّا قال {خالق كل دابّة} فدخل فيهم الناس كنى عنهم فقال (منهم) لمخالطتهم الناس، ثم فسّرهم بمن لمّا كنى عنهم كناية الناس خاصّة، وأنت قائل في الكلام: من هذان المقبلان لرجل ودابّته، أو رجلٍ وبعيره. فتقوله بمن وبما لاختلاطهما، ألا ترى أنك تقول: الرجل وأباعره مقبلون فكأنهم ناس إذا قلت: مقبلون). [معاني القرآن: 2/257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فمنهم مّن يمشي على بطنه} فهذا من التشبيه لأن المشي لا يكون على البطن إنما يكون لمن له قوائم فإذا خلطوا ماله قوائم بما لا قوائم له جاز ذلك كما يقولون: أكلت خبزاً ولبناً ولا يقال: أكلت لبناً، ولكن يقال: أكلت الخبز قال الشاعر:
[مجاز القرآن: 2/68]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: (واللّه خلق كلّ دابّة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق اللّه ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيء قدير}
{واللّه خالق كلّ دابّة من ماء}
ويقرأ، {واللّه خلق كلّ دابّة من ماء}، فدابّة اسم لكل حيوان مميز وغيره: فلما كان لما يعقل ولما لا يعقل قال (فمنهم)، ولوكان لما لا يعقل لقيل فمنها أو منهنّ.
ثم قال: {من يمشي على بطنه فقال (من) - وأصل من لما يعقل- لأنه لمّا خلط الجماعة فقيل فمنهم جعلت العبارة بمن، وقيل يمشي على بطنه، لأن كل سائر كان له رجلان أو أربع أو لم تكن له قوائم، يقال له ماش وقد مشى، ويقال لكل مستمر ماش، وإن لم يكن من الحيوان حتى يقال قد مشى. هذا الأمر.
(من ماء)، وإنما قيل من ماء كما قال اللّه سبحانه: {وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ} ). [معاني القرآن: 4/50]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله خلق كل دابة من ماء}
يقال لكل شيء من الحيوان مميزا كان أو غير مميز دابة). [معاني القرآن: 4/546]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فمنهم من يمشي على بطنه}
ولم يقل فمنها ولا فمنهن لأنه غلب ما يميز، فلما وقعت الكناية على ما يكون لما يميز جاء ب من ولم يأت ب ما ألا ترى أنه قد خلط في أول الكلام ما يميز مع ما لا يميز).
[معاني القرآن: 4/546]
تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لقد أنزلنا آياتٍ مبيّناتٍ} [النور: 46] القرآن، ما يبيّن اللّه فيه.
{واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} [النور: 46] إلى دينٍ مستقيمٍ.
والصّراط: الطّريق المستقيم إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/456]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 05:32 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) }

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والسنا على وجهين: سنا البرق مقصور يكتب بالألف ويثنى بالواو، فيقال سنوان، وسناء المجد والشرف ممدود يكتب بالألف). [المقصور والممدود: 18]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ويقال: هو سنا البرق وهو ضوء البرق تراه من غير أن ترى البرق أو ترى مخرجه في موضعه. وإنما يكون السنا بالليل دون النهار وربما كان ذلك في غيم وربما كان ذلك بغير سحاب والسماء مصحية، وضوء البرق مثل سناه). [كتاب المطر: 12]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (والركام الذي قد تراكم بعضه على بعض مثل النضد). [كتاب المطر: 14]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: اليعلول واحدها يعلول، ..... غيره: الودق المطر). [الغريب المصنف: 2/501]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

يضيء سناه راتق متكشف = أغر كمصباح اليهود دلوج
...
(سناه) ضوء البرق). [شرح أشعار الهذليين: 1/129-130]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
غداة بنو سعد كأن عديهم = عثانين سيل في ذراه القوانس
...
وروى أبو عمرو: (في سناه) سنا السيل يعني السحاب، و(سناه) برقه). [شرح أشعار الهذليين: 2/643]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ومنها وأصحابي بريعان موهنا = بلألؤ برق في سنا متألق
...
و(السنا) الضوء). [شرح أشعار الهذليين: 2/655]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
كأنهم تحت صيفي له نحم = مصرح طحرت أسناؤه القردا
...
و(الأسناء) جمع سنا، وهو الضوء). [شرح أشعار الهذليين: 2/675]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
لا زالت الريح تزجي كل ذي لجب = غيثا إذا ما ونته ديمة دفقا
...
وتزجي: تسوق). [شرح ديوان كعب بن زهير: 234] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى = بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل
ويروى: «بطن حقف ذي ركام».
...
و(ركام): بعضه فوق بعض. يقال: رمل ركام). [شرح ديوان امرئ القيس: 208-210]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

يضيء سناه أو مصابيح راهب = أمال السليط بالذبال المفتل
...
سناه: ضوءه، يقال: سنا البرق يسنو: إذا أضاء، يريد: كأن مصابيح راهب في سناه). [شرح ديوان امرئ القيس: 278]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ويهدأ تارات سناه وتارة = ينوء كتعتاب الكسير المهيض
...
سناه: ضوءه.
وقال أبو زيد: السنا: ضوء البرق تراه من غير أن ترى البرق، أو ترى مخرجه من موضعه، وإنما يكون السنا بالليل دون النهار، وربما كان ذلك في غيم، وربما كان بغير سحاب والسماء مصحية). [شرح ديوان امرئ القيس: 458-459]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقولها: سنا الصبح، السنا: من الضوء، مقصور كقول الله جل وعز: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}. والسناء: من الشرف، ممدود). [التعازي والمراثي: 106]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعا"
يقول: سقيت هذا السجل وقد دنت أعناقها من أن تقطع عطشًا، وكرب في معنى المقاربة، يقال: كاد يفعل ذلك، وجعل يفعل ذلك، وكرب يفعل ذلك، أي دنا من ذلك. ويقال: جاء زيد والخيل كاربته، أي قد دنت منه وقربت. فأما أخذ يفعل، وجعل يفعل، فمعناهما أنه قد صار يفعل، ولا تقع بعد واحدة منهما: "أن" إلا أن يضطر شاعرٌ، قال الله عز وجل: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي لم يقرب من رؤيتها، وإيضاحه: لم يرها ولم يكد، وكذلك: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}، وكذلك: {كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} بغير "أن". ومن أمثال العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميرًا، وكاد المنتعل يكون راكبًا وقد اضطر الشاعر فأدخل "أن" بعد "كاد"، كما أدخلها هذا بعد "كرب" فقال:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعها"
وقال رؤبة:
"قد كاد من طول البلى أن يمصحا"
فكاد بمنزلة كرب في الإعمال والمعنى، قال الشاعر:

أغثني غياثًا يا سليمان إنني = سبقت إليك الموت، والموت كاربي
خشية جورٍ من أميرٍ مسلطٍ = ورهطي، وما عاداك مثل الأقارب).
[الكامل: 1/252-253] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (السنا: ضوء النار، وهو مقصور، قال الله عز وجل: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} والسناء من الشرف، ممدود، قال حسان بن ثابت:
وإنك خير عثمان بن عمرٍو = وأسناها إذا ذكر السناء).
[الكامل: 1/286]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: في أفانين ودقه يريد ضروبًا من ودقه. والودق: المطر. قال الله تبارك وتعالى: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}.
وقال عامر بن جوين الطائي:
فلا مزنة ودقت ودقها = ولا أرض أبقل إبقالها).
[الكامل: 2/993-994]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: سنا برق غاد والسنا: من الضياء مقصور. قال الله جل وعز: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}. والسناء: من المجد ممدود. وقال الشاعر:
وهم قوم كرام الحي طرًا = لهم خول إذا ذكر السناء).
[الكامل: 2/1043]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
فيه روائع من إنس ومن جان
الواحدة رائعة، يقال: راعني يروعني روعًا، أي أفزعني، قال الله تعالى ذكره: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ}. ويكون الرائع الجميل، يقال: جمال رائع، يكون ذلك في الرجل والفرس وغيرهما، وأحسب الأصل فيهما واحدًا؛ أنه يفرط حتى يروع، كما قال الله جل ثناؤه: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}، للإفراط في ضيائه. والرائع؛ مهموز، وكذلك كل فعل من الثلاثة مما عينه واو أو ياء، إذا كانت معتلة ساكنة، تقول: قال يقول: وباع يبيع، وخاف يخاف، وهاب يهاب، يعتل اسم الفاعل فيهمز موضع العين، نحو قائل، وبائع، وخائف، وصائب، فإن صحت العين في الفعل، صحت في اسم الفاعل، نحو: عور الرجل فهو عاور، وصيد فهو صائد، والصيد: داء يأخذ في الرأس والعينين والشؤون. وإنما صحت في عور وحول وصيد لأنه منقول من أحوال وأعور. وقد أحكمنا تفسير هذا الكتاب المقتضب). [الكامل: 3/1089-1090] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: وقد طار السنا في ربابه، السنا: الضوء، وهو مقصور، قال جل وعز: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} والسناء، من الحسب ممدود. والرباب: سحاب دون السحاب كالمتعلق بما فوق). [الكامل: 3/1441]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال: وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {يكاد سنا برقه} معناه يقارب. يقال سنا البرق يسنو، إذا أضاء. وهو مقصور؛ والسناء من المجد ممدود). [مجالس ثعلب: 141]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
أقول وقد طار السنا في ربابه = وجون يسح الماء حتى تريعا
السنا: ضوء البرق. والرباب: السحاب يرى دون السحاب، قال: فأنشدني للمازني:
كأن الرباب دوين السحاب = نعام تعلق بالأرجل
وقال عياض بن كثير:
كأن الرباب الجون في حجراته = بأرجائه القصوى نعام معلق
الجون ههنا سحاب أسود وقد يكون الجون الأبيض وهو من الأضداد ويسح يصب وتريع جاء وذهب. غيره: المزن: السحاب الأبيض ويروى: ومزن يسح. قال: والتريع التردد ويقال للسحاب هو يتريع إذا كثر فصار متحيرًا مترددًا. وسنا: يكتب بالألف وكذلك سنا النار وهو ضوءها والسنا نبت). [شرح المفضليات: 535]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والوادق: الذي يكون فيه الودق، وهو المطر العظيم القطر، ويكون الداني من الأرض، يقال: ودق يدق إذا دنا، والوديقة من هذا، وهي شدة الحر، لأن حرارة الشمس تدنو من الأرض). [الأمالي: 1/172]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (السنا: الضوء). [الأمالي: 2/35]

تفسير قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44) }

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإنما قلنا: إن إن أصل الجزاء؛ لأنك تجازي بها في كل ضرب منه. تقول: إن تأتني آتك، وإن تركب حماراً أركبه، ثم تصرفها منه في كل شيء. وليس هكذا سائرها. وسنذكر ذلك أجمع.
تقول في من: من يأتني آته، فلا يكون ذلك إلا لما يعقل. فإن أردت بها غير ذلك لم يكن.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل: {والله خلق كل دابةٍ من ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه} فهذا لغير الآدميين، وكذلك {ومنهم من يمشي على أربع}.
قيل: إنما جاز هذا؛ لأنه قد خلط مع الآدميين غيرهم بقوله: {والله خلق كل دابةٍ من ماءٍ}، وإذا اختلط المذكوران جرى على أحدهما ما هو للآخر إذا كان في مثل معناه، لأن المتكلم يبين به ما في الآخر وإن كان لفظه مخالفاً. فمن ذلك قول الشاعر:
شراب ألبانٍ وتمرٍ وإقط). [المقتضب: 2/49-50]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويكون: "تبكي عليك نجوم الليل والقمر"، على أن تكون الواو في معنى مع، وإذا كانت كذلك فكان قبل الاسم الذي يليه أو بعده فعلٌ انتصب لأنه في المعنى مفعول وصل الفعل إليه فنصبه. ونظيرُ ذلك: استوى الماء والخشبة لأنك لم ترد استوى الماء واستوت الخشبة؛ ولو أردت ذلك يم يكن إلا الرفع، ولكن التقدير: ساوى الماءُ الخشبة، وكذلك "ما زلت أسير والنيلَ" يا فتى؛ لأنك لست تخبر عن النيل بسير، وإنما تريدُ أن سيرك بحذائه ومعه، فوصل الفعلُ. وهذا بابٌ يطولُ شرحه. فإن قلتَ: "عبد الله وزيدٌ أخواك" وأنت تريد بالواو معنى مع، لم يكن إلا الرفعُ، لن قبلها اسمًا مبتدأ، فهي على موضعِهِ.
وأجود التفسير عندنا في قوله الله جلَّ وعزَّ: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} أن تكون الواو في معنى مع، لأنك تقولُ: أجمعت رأيي وأمري، وجمعتُ القومَ، فهذا هو الوجهُ. وقومٌ ينصبونه على دخوله بالشركة مع اللام في معنى الأول، والمعنى الاستعدادُ بهما، فيجعلونه كقولِ القائلِ:
يا ليت زوجكِ قد غدا = متقلدًا سيفًا ورمحا
والرمح لا يتقلد، ولكن أدخل مع ما يتقلد، فتقديره: "متقلدًا سيفًا وحاملاً رمحًا"، ويكون تقدير الآية: فأجمعوا أمركم وأعدوا شركاءكم. والمعنى يؤول إلى أمر واحدٍ. ومن ذلك قوله:
شراب ألبانٍ وتمرٍ وأقطْ
فأما ما جاء من القرآن على هذا خاصة؛ فقوله جل وعز: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} فأدخل من ههنا، لأن الناس مع هذه الأشياء، فجرت على لفظٍ واحدٍ، ولا تكون من إلا لمن يعقل إذا أفردتها). [الكامل: 2/835-837] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير}
"ألم تر" تنبيه، و"الرؤية" رؤية الفكر، قال سيبويه: كأنه قال: انتبه، الله يسبح له من في السماوات، و"التسبيح" هنا التعظيم والتنزيه، فهو من العقلاء بالنطق وبالصلاة من كل ذي دين، واختلف في تسبيح الطير وغير ذلك مما قد ورد الكتاب بتسبيحه، فالجمهور على أنه تسبيح حقيقي، وقال الحسن وغيره: هو لفظ تجوز، وإنما تسبيحه بظهور الحكمة فيه، فهو -لذلك- يدعو إلى التسبيح.
وقال المفسرون: قوله تعالى: {من في السماوات والأرض} عامة لكل شيء، من له عقل وسائر الجمادات، لكنه لما اجتمع ذلك عبر عنه بـ "من" تغليبا لحكم من
[المحرر الوجيز: 6/396]
يعقل. و"صافات" معناه: مصطفة في الهواء، وقرأ الأعرج: "والطير" بنصب الراء، وقرأ الحسن: "والطير صافات" مرفوعتان.
وقوله تعالى: {كل قد علم صلاته وتسبيحه}، قال الحسن: المعنى: كل قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه، فهو يثابر عليهما ويؤديهما، قال مجاهد: الصلاة للبشر والتسبيح لما عداهم، وقالت فرقة: المعنى: كل قد علم صلاة الله وتسبيح الله اللذين أمر بهما وهدى إليهما، فهذه إضافة خلق إلى خالق، وقال الزجاج وغيره: المعنى: كل قد علم الله صلاته وتسبيحه، فالضميران للكل. وقرأت فرقة: "علم صلاته وتسبيحه" بالرفع وبناء الفعل للمفعول الذي لم يسم فاعله، ذكرها أبو حاتم، وقرأ الجمهور: "يفعلون" بالياء، على معنى المبالغة في وصف قدرة الله وعلمه بخلقه، وقرأ عيسى، والحسن: "تفعلون" بالتاء من فوق، ففيه المعنى المذكور وزيادة الوعيد والتخويف من الله تعالى، وإعلام بعد بكون الملك على الإطلاق له، وتذكيره بأمر المصير إليه والحشر يقوي أمر التخويف من الله تبارك وتعالى. وفي مصحف أبي بن كعب رضي الله عنه، وابن مسعود رضي الله عنه: "والله بصير بما تفعلون"). [المحرر الوجيز: 6/397]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار}
"الرؤية" في هذه الآية رؤية عين، والتقدير: أن أمر الله وقدرته. و"يزجي" معناه: يسوق، والإزجاء إنما يستعمل في سوق كل ثقيل ومدافعته كالسحاب والإبل المزاحف، كما قال الفرزدق:
... ... ... ... على مزاحف تزجيها محاسير
[المحرر الوجيز: 6/397]
والبضاعة المزجاة: التي تحتاج من الشفاعة والتحسين إلى ما هو كسوق الثقيل، ومنه قول حبيب في الشيب: "ونحن نزجيه" وسيبويه أبدا يقول في كلامه: "فأنت تزجيه إلى كذا"، أي تسوقه ثقيلا متباطئا.
وقوله تعالى: {ثم يؤلف بينه} أي بين مفترق السحاب نفسه؛ لأن مفهوم السحاب يقتضي أن بينه فروجا، وهذا كما تقول: جلست بين الدور، ولو أضيفت "بين" إلى مفرد لم يصح إلا أن تريد آخر، لا تقول: "جلست بين الدار" إلا أن تريد: "وبين كذا".
وورش عن نافع لا يهمز "يؤلف"، وقالون عن نافع، والباقون يهمزون "يؤلف"، وهو الأصل.
و "الركام": الذي يركب بعضه بعضا ويتكاثف، والعرب تقول: إن الله تعالى إذا جعل السحاب ركاما بالريح عصر بعضه بعضا فخرج الودق منه، ومن ذلك قوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}، ومن ذلك قول حسان بن ثابت:
كلتاهما حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل
[المحرر الوجيز: 6/398]
ويروى "للمفصل" بكسر الميم وبفتح الصاد، فالمفصل: واحد المفاصل، والمفصل: اللسان، ويروى بالقاف، أراد حسان الخمر والماء الذي مزجت به، أي: هذه من عصر العنب وهذه من عصر السحاب، فسر هذا التفسير قاضي البصرة عبد الله بن الحسن للقوم الذين حلف صاحبهم بالطلاق أن يسأل القاضي عن تفسير بيت حسان.
و "الودق": المطر، ومنه قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها
وقرأ جمهور الناس: "من خلاله" وهو جمع خلل، كجبل وجبال، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما، والضحاك: "من خلله". وقرأ عاصم، والأعرج: "وينزل" على المبالغة، والجمهور على التخفيف.
وقوله تعالى: {من جبال فيها من برد} قيل: تلك حقيقة، وقد جعل الله تعالى في السماء جبالا من برد، وقالت فرقة: ذلك مجاز، وإنما أراد وصف كثرته، وهذا كما تقول: عند فلان جبال من المال، وجبال من العلم، أي في الكثرة مثل الجبال، وحكي عن الأخفش تقديره زيادة "من" في قوله تعالى: "من برد"، وهو قول ضعيف، و"من" في قوله تعالى: "من السماء" هي لابتداء الغاية، وفي قوله: "من جبال" هي للتبعيض، وفي قوله: "من برد" هي لبيان الجنس.
[المحرر الوجيز: 6/399]
و "السنا" (مقصور): الضوء، و"السناء" (ممدودا): المجد والارتفاع في المنزلة، وقرأ الجمهور: "سنا" بالقصر، وقرأ طلحة بن مصرف: "سناء" بالمد والهمز، وقرأ طلحة أيضا: "برقه" بضم الباء وفتح الراء، وهي جمع برقة -بضم الباء وسكون الراء- فعلة، وهي القدر من البرق، كلقمة ولقم وغرفة وغرف، وقرأ الجمهور: "يذهب" بفتح الياء، وقرأ أبو جعفر: "يذهب" بضمها، من أذهب، كأن التقدير: يذهب النفوس بالأبصار، نحو قوله: {تنبت بالدهن}، ويحتمل أن يكون كقوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} [الحج: 25] فالباء زائدة دالة على فعل يناسبها). [المحرر الوجيز: 6/400]

تفسير قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم اقتضت ألفاظ الآية الإخبار عن تقليب الليل والنهار، والإتيان بهذا بعد هذا دون توطئة، وهذا هو الذي تعجز عنه الفصحاء حتى يقع منهم التخليق في الألفاظ والتوطئة بالكلام، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/400]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون}
هذه آية اعتبار، وقرأ حمزة، والكسائي: "والله خالق كل" على الإضافة، وقرأ الجمهور: "والله خلق كل"، و"الدابة": كل من يدب من الحيوان، أي يتحرك منتقلا أمامه قدما، ويدخل فيه الطير إذ قد يدب، ومنه قول الشاعر:
... ... ... ... ... .... دبيب قطا البطحاء في كل منهل
[المحرر الوجيز: 6/400]
ويدخل فيه الحوت، وفي الحديث دابة من البحر مثل الظرب، وقوله: "من ماء" قال النقاش: أراد أمنية الذكور، وقال جمهور النظرة: أراد أن خلقة كل حيوان أن فيها ماء كما خلق آدم من الماء والطين، وعلى هذا يتخرج قول النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الذي سأل في غزاة بدر: ممن أنتما؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نحن من ماء، الحديث.
والمشي على البطن للحيات والحوت ونحوه من الدود وغيره، وعلى الرجلين للإنسان والطير إذا مشى، والأربع لسائر الحيوان، وفي مصحف أبي بن كعب: "ومنهم من يمشي على أكثر"، فعم بهذه الزيادة جميع الحيوان، ولكنه قرآن لم يثبته الإجماع، لكن قال النقاش: إنما اكتفى القول بذكر ما يمشي على أربع عن ذكر ما يمشي على أكثر لأن جميع الحيوان إنما اعتماده على أربع، وهي قوام مشيه، وكثرة الأرجل في بعضه زيادة في الخلقة لا يحتاج ذلك الحيوان في مشيه إلى جميعها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر أن تلك الأرجل الكثيرة ليست باطلا، بل هي محتاج إليها في تنقل الحيوان، وفي كلها تتحرك في تصرفه). [المحرر الوجيز: 6/401]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {آيات مبينات} يعم كل ما نصب الله تعالى من آية وصنعه للعبرة، وكل ما نص في كتابه من آية تنبيه وتذكير، وأخبر تعالى أنه أنزل الآيات ثم قيد الهداية إليها لأنه من قبله لبعض دون بعض). [المحرر الوجيز: 6/401]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 05:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر أنّ اللّه يسبّح له من في السّموات والأرض والطّير صافّاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه واللّه عليمٌ بما يفعلون (41) وللّه ملك السّموات والأرض وإلى اللّه المصير (42)}
يخبر تعالى أنّه يسبّحه من في السموات والأرض، أي: من الملائكة والأناسيّ، والجانّ والحيوان، حتّى الجماد، كما قال تعالى: {تسبّح له السّماوات السّبع والأرض ومن فيهنّ وإن من شيءٍ إلا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنّه كان حليمًا غفورًا} [الإسراء: 44].
وقوله: {والطّير صافّاتٍ} أي: في حال طيرانها تسبّح ربّها وتعبده بتسبيحٍ ألهمها وأرشدها إليه، وهو يعلم ما هي فاعلةٌ؛ ولهذا قال: {كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه} أي: كلٌّ قد أرشده إلى طريقته ومسلكه في عبادة اللّه، عزّ وجلّ.
ثمّ أخبر أنّه عالمٌ بجميع ذلك، لا يخفى عليه من ذلك شيءٌ؛ ولهذا قال: {واللّه عليمٌ بما يفعلون}).[تفسير ابن كثير: 6/ 72]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض، فهو الحاكم المتصرّف الّذي لا معقّب لحكمه، وهو الإله المعبود الّذي لا تنبغي العبادة إلّا له. {وإلى اللّه المصير} أي: يوم القيامة، فيحكم فيه بما يشاء؛ {ليجزي الّذين أساءوا بما عملوا ويجزي الّذين أحسنوا بالحسنى} [النّجم: 31]، فهو الخالق المالك، ألا له الحكم في الدّنيا والأخرى، وله الحمد في الأولى والآخرة؟!). [تفسير ابن كثير: 6/ 72]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر أنّ اللّه يزجي سحابًا ثمّ يؤلّف بينه ثمّ يجعله ركامًا فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار (43) يقلّب اللّه اللّيل والنّهار إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار (44)}
يذكر تعالى أنّه بقدرته يسوق السّحاب أوّل ما ينشئها وهي ضعيفةٌ، وهو الإزجاء {ثمّ يؤلّف بينه} أي: يجمعه بعد تفرّقه، {ثمّ يجعله ركامًا} أي: متراكمًا، أي: يركب بعضه بعضًا، {فترى الودق} أي المطر {يخرج من خلاله} أي: من خلله. وكذا قرأها ابن عبّاسٍ والضّحّاك.
قال عبيد بن عميرٍ اللّيثيّ: يبعث اللّه المثيرة فتقمّ الأرض قمًّا، ثمّ يبعث اللّه النّاشئة فتنشئ السّحاب، ثمّ يبعث اللّه المؤلّفة فتؤلّف بينه، ثمّ يبعث [اللّه] اللّواقح فتلقح السّحاب. رواه ابن أبي حاتمٍ، وابن جريرٍ، رحمهما اللّه.
وقوله: {وينزل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ}: قال بعض النّحاة: "من" الأولى: لابتداء الغاية، والثّانية: للتّبعيض، والثّالثة: لبيان الجنس. وهذا إنّما يجيء على قول من ذهب من المفسّرين إلى أنّ قوله: {من جبالٍ فيها من بردٍ} ومعناه: أنّ في السّماء جبال برد ينزّل اللّه منها البرد. وأمّا من جعل الجبال ههنا عبارةً عن السّحاب، فإنّ "من" الثّانية عند هذا لابتداء الغاية أيضًا، لكنّها بدل من الأولى، واللّه أعلم.
وقوله: {فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء} يحتمل أن يكون المراد بقوله: {فيصيب به} أي: بما ينزل من السّماء من نوعي البرد والمطر فيكون قوله: {فيصيب به من يشاء} رحمةً لهم، {ويصرفه عن من يشاء} أي: يؤخّر عنهم الغيث.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: {فيصيب به} أي: بالبرد نقمةً على من يشاء لما فيه من نثر ثمارهم وإتلاف زروعهم وأشجارهم. ويصرفه عمّن يشاء [أي:] رحمةً بهم.
وقوله: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} أي: يكاد ضوء برقه من شدّته يخطف الأبصار إذا اتّبعته وتراءته). [تفسير ابن كثير: 6/ 72-73]

تفسير قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يقلّب اللّه اللّيل والنّهار} أي: يتصرّف فيهما، فيأخذ من طول هذا في قصر هذا حتّى يعتدلا ثمّ يأخذ من هذا في هذا، فيطول الّذي كان قصيرًا، ويقصر الّذي كان طويلًا. واللّه هو المتصرّف في ذلك بأمره وقهره وعزّته وعلمه.
{إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار} أي: لدليلًا على عظمته تعالى، كما قال الله تعالى: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} [آل عمران: 190]. وما بعدها من الآيات الكريمات). [تفسير ابن كثير: 6/ 73]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واللّه خلق كلّ دابّةٍ من ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ يخلق اللّه ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (45)}.
يذكر تعالى قدرته التّامّة وسلطانه العظيم، في خلقه أنواع [المخلوقات]. على اختلاف أشكالها وألوانها، وحركاتها وسكناتها، من ماءٍ واحدٍ، {فمنهم من يمشي على بطنه} كالحيّة وما شاكلها، {ومنهم من يمشي على رجلين} كالإنسان والطّير، {ومنهم من يمشي على أربعٍ} كالأنعام وسائر الحيوانات؛ ولهذا قال: {يخلق اللّه ما يشاء} أي: بقدرته؛ لأنّه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن؛ ولهذا قال: {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}). [تفسير ابن كثير: 6/ 73]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لقد أنزلنا آياتٍ مبيّناتٍ واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ (46)}.
يقرّر تعالى أنّه أنزل في هذا القرآن من الحكم والأمثال البيّنة المحكمة، كثيرًا جدًّا، وأنّه يرشد إلى تفهّمها وتعقّلها أولي الألباب والبصائر والنّهى؛ ولهذا قال: {واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}).[تفسير ابن كثير: 6/ 73]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة