والمراد به هنا: الحرف الهاوي وفي بعض النسخ الهوائي، وهو ما يمتنع الابتداء به لكونه لا يقبل الحركة، وابن جني يرى أن هذا الحرف اسمه "لا"، وأنه الحرف الذي يذكر قبل "الياء" عند عد الحروف، وأنه لما لم يكن أن يلفظ به في أول اسمه كما فعل في أخواته؛ إذ قيل "صاد" "جيم" توصل إليه "باللام" كما توصل إلى التلفظ "بلام التعريف" "بالألف" حين قيل في الابتداء: الغلام، وأن قول المعلمين "لام ألف" خطأ، وقد ذكر "للألف" تسعة أوجه:
احدها: أن تكون ضمير الاثنين نحو: قاما، وقال المازني: هي حرف والضمير مستتر.
الثاني: أن تكون علامة الاثنين، كقوله:
ورمى وما رمتا يداه فصابني .... سهم يعذب والسهام تريح
الثالث: الكافة، نحو:
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا .... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
وقيل: للإشباع.
الرابع: أن تكون فاصلة بين "الهمزتين"، نحو: {أأنذرتهم}، ودخولها جائز لا واجب.
الخامس: أن تكون فاصلة بين "نون النسوة" و"نون التوكيد"، نحو: اضربنان، وهذه واجبة.
السادس: أن تكون لمد الصوت بالمنادى المستغاث أو المتعجب منه أو المندوب، نحو: يا يزيدا لآمل نيل عز، ونحو: يا عجبا لهذه الفليقة، أي: الداهية، وقوله: وقمت فيه بأمر الله يا عمرا.
السابع: أن تكون بدلًا من "نون ساكنة" وهي: إما تنوين التوكيد نحو: ولا تعبد الشيطان والله فاعبد، أو تنوين المنصوب نحو: رأيت زيدًا في لغة غير ربيعة، ولا يعد منها "الألف المبدلة" من "نون" إذن، ولا "ألف التأنيث" "كألف" حبلى، ولا "ألف الإطلاق" كقوله: من طلل كالا تحمى أنهجما، ولا "ألف الإشباع" كقوله: أعوذ بالله من العقراب، ولا "ألف أنا" عند البصرييين، ولا "ألف التصغير" نحو ذيا.
أما "الهمزة": فتكون حرفا ينادي به القريب كقوله:
أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل .... وإن كنت قد أزمعت هجري فاجملي
وقيل: إنها تكون للمتوسط وتكون للاستفهام، وحقيقته طلب الفهم نحو: أزيد قائم، إذا استفهمت عن تعيين المبتدأ، وإن شئت أزيد أم عمرو قائم، وإذا استفهمت عن تعيين الخبر قلت: أقائم زيد أم قاعد، وإن شئت أقائم أم قاعد زيد.
وقد تدخل على "الفاء" نحو: {أفمن كان على بينة من ربه} وعلى "الواو" نحو: {أولما أصابتكم مصيبة}، {أو لم يسيروا في الأرض}، وعلى "ثم" نحو: {أثم إذا ما وقع آمنتم به}، ويجب هنا تقديمها على العاطف وأخواتها تتأخر عنه نحو: {وكيف تكفرون}، {فأين تذهبون}، {فأنى تؤفكون}، {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}، {فأي الفريقين}، {فما لكم في المنافقين فئتين} وقد تخرج عن الاستفهام الحقيقي فترد لمعان:
أحدها: التسوية ما أبالي أقمت أم قعدت.
والثاني: الإنكار الإبطالي نحو: {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثًا}
والثالث: الإنكار التوبيخي نحو: {أتعبدون ما تنحتون}.
والرابع: التقرير، ومعناه: حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر ثبوته عنده أو نفيه، ويجب أن يليها الشيء الذي تقرره به، تقول في التقرير بالفعل: أضربت زيدًا، وبالفاعل: أنت ضربت زيدًا وبالمفعول أزيدًا ضربت، كما يجب ذلك في المستفهم عنه.
والخامس: التهكم نحو: {أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا}.
والسادس: التعجب نحو: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل}.
والسابع: التحقيق نحو: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}، ويجوز حذفها سواء تقدمت على أم أم لم تتقدم فالأول كقول عمر بن أبي ربيعة:
فوالله ما أدري وإن كنت داريا .....بسبع رمين الجمر أم بثمان
أراد أبسبع، ومثال الثاني كقول الكميت:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب ..... وما لعب مني وذو الشيب يلعب
أراد: أو ذو الشيب يلعب، وقال المتنبي:
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا ..... والبين جار على ضعفي وما عدلا
والأصل: أأحيا، و"الواو" للحال، والأخفش يقيس ذلك في الاختيار عند أمن اللبس، وقرأ ابن محيصن: (سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم)، وستأتي له قراءة ثانية عند ذكر "أم"، وقد يحذف معادلها كقول ابن ذؤيب الهذلي:
دعاني إليها القلب إني لأمره ..... سميع فما أدري أرشد طلابها
تقديره: "أم" غي ولك أن تقول: لا حاجة إلى تقدير المعادل لصحة قولك: لا أدري هل رشد طلابها.
"آ": بالمد حرف لنداء البعيد وهو مسموع لم يذكره سيبويه وذكره غيره.
"الأبد": الدهر، تقول: لا آتيه أبد الأبد، وأبد الآبدين كارضين، وأبد الآبدين، وأبد الأبدية، وأبد الآباد، وأبد الأبيد، وأبد الدهر، ولا يختص بالنفي، ومنه: المؤمنون في الجنة أبدًا.
"الأجل": بفتح "الهمزة" وسكون "الجيم" ، مصدر أجل شرا إذا جناه، استعمل أولًا في تعليل الجنايات ثم اتسع فيه فاستعمل في كل تعليل، تقول: فعلته من أجلك، ومن أجلاك، ومن إجلالك بفتح "الهمزة" فيهن وقد تكسر ومن جللك، كما تقول: فعلته من جزاك، ومن جزائك ويخففان ومن جريرتك، وأصل معنى جز مثل أجل.
"أجل": بسكون "اللام" حرف جواب مثل: "نعم"، فتكون تصديقًا للخبر وإعلامًا للمستخبر ووعدًا للطالب، فتقع بعد نحو: قام زيد، وأقام زيد، واضرب زيدًا، وقيل: إنها لا تجيئ بعد الاستفهام، وعن الأخفش: هي بعد الخبر أحسن من "نعم"، و"نعم" بعد الاستفهام أحسن منها، وقيل: إنها تختص بالخبر، وهو قول الزمخشري وابن مالك وجماعة.
"أحد": في مفردات الراغب المستعمل في أحد الإثبات على ثلاثة أوجه:
الأول: في المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.
والثاني: أن يستعمل مضافًا أو مضافًا إليه، كقوله تعالى: {أما أحدكما فيسقي ربه خمرًا}.
والثالث: أن يستعمل وصفًا، وليس ذلك إلا في وصف الباري تعالى نحو: {قل هو الله أحد}، وأصله: وحد، وفي الكليات: لا يقع أحد في الإثبات إلا مع كل، وقد يراد به جمع من الجنس الذي يدل عليه الكلام، فمعنى {لا نفرق بين أحد من رسله} أي: بين جمع من الرسل.
"إذن": قال الجمهور: هي حرف والأصل في إذن أكرمك إذا جئتني، أكرمك من غير تنوين، ثم حذفت الجملة وعوض التنوين عنها وأضمرت، أن قال سيبويه: معناها الجواب والجزاء، فقال الشلوبين في كل موضع، وقال الفارسي: في الأكثر، وقد تتمحض للجواب من دون جزاء؛ بدليل أنه يقال: أحبك، فتقول: إذن أظنك صادقًا؛ إذ لا مجازاة هنا، اهـ.
وأحكامها مرت في نواصب الفعل المضارع بما يغني عن المزيد.
"إذ": على أربعة أوجه.
أحدها: أن تكون اسمًا للزمن الماضي، ولها أربعة استعمالات:
الأول: أن تكون ظرفًا، وهو الغالب نحو: {فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا}.
والثاني: أن تكون مفعولًا به، نحو: {واذكروا إذ كنتم قليلًا فكثركم}.
والثالث: أن تكون بدلًا من المفعول نحو: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها}، فإذ بدل اشتمال من مريم على حد البدل في {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه}.
والرابع: أن يكون مضافًا إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه، نحو: يومئذٍ، وحينئذٍ، تقول: أكرمتني فأثنيت عليك يومئذٍ، فاليوم صالح للاستغناء عنه لجواز أن تقول: فأثنيت عليك إذ أكرمتني، والمعنى واحد.
وفي مثل قوله تعالى: {فانشقت السماء فهي يومئذٍ واهية}، الأصل: فهي يوم إذ انشقت واهية، أو غير صالحة نحو: {بعد إذ هديتنا}.
والوجه الثاني: أن تكون للزمن المستقبل، نحو: {يومئذٍ تحدث أخبارها}.
والثالث: أن تكون للتعليل، كقولك: ضربته إذ ساء.
والرابع: أن تكون للمفاجأة، وهي الواقعة بعد "بين" أو "بينما"، كقوله: "فبينما" العسر إذ دارت مياسير.
وهل هذه ظرف زمان أو مكان أو حرف بمعنى المفاجأة، أو حرف مؤكد، أي: زائد أقوال، وتقدير: بينما أنا قائم إذ جاء عمرو بن أوقات قيامي، ويلزم إذ الإضافة إلى جملة اسمية نحو: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض}، أو فعلية فعلها ماض لفظًا ومعنى نحو: {وإذ قال ربك للملائكة}، أو فعلية فعلها مضارع لفظًا نحو: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت}. وقد يحذف أحد شطري الجملة فيظن من لا خبرة له أنها أضيفت إلى المفرد كقوله:
هل ترجعن ليال قد مضين لنا ..... والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا
والتقدير: إذ ذاك كذلك.
"إذ ما": تقدم ذكرها في عوامل الجزم.
"إذا": على وجهين:
أحدهما: أن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الاسمية ولا تحتاج إلى جواب لعدم تضمنها الشرط، ولا تقع في الابتداء نحو: خرجت فإذا الأسد بالباب، ومنه: {فإذا هي حية تسعى}، وهي حرف عند الأخفش، وظرف مكان عند المبرد، وظرف زمان عند الزجاج، ولم يقع الخبر بها في التنزيل إلا مصرحًا به نحو: {فإذا هي حية}، {فإذا هم خامدون}، {فإذا هي بيضاء}، {فإذا هم بالساهرة}. وإذا قيل: خرجت فإذا الأسد، صح كونها عند المبرد خبرًا أي: فبالحضرة أسد، وصح أيضًا كون الخبر محذوفًا تقديره حاضر.
وتقول: خرجت فإذا زيد جالس أو جالسًا، فالرفع على الخبرية والنصب على الحالية.
والثاني: أن تكون ظرفًا للمستقبل مضمنة معنى الشرط، وتختص بالدخول على الجملة الفعلية عكس الفجائية، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنت تخرجون}، وقوله: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون}، ويكون الفعل بعدها ماضيًا كثيرًا ومضارعًا دون ذلك، وقد اجتمعا في قول ابن ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغبتها .... وإذا ترد إلى قليل نقنع
وإنما دخلت الشرطية على الاسم في نحو: {إذا السماء انشقت}؛ لأنه فاعل بفعل محذوف على شريطة التفسير؛ إذ الأصل: إذا انشقت السماء، فحذف الفعل الرافع للفعل المدلول عليه بالمفسر الواقع بعده خلافًا للأخفش، حيث قال: إنه مبتدأ وظاهره أن الأخفش يقول بتعيين دخولها على المبتدأ، وليس كذلك بل هو مجوز له بشرط أن يقع بعده فعل، كما أجاز دخولها على الفعل، وأما من يقول بدخولها على الفعل فيقول بتعيين ذلك.
قيل: وقد تخرج إذا عن كل من الظرفية والاستقبال ومعنى الشرط، فمثال خروجها عن الظرفية قوله تعالى: {حتى إذا جاءوها} زعم أبو الحسن أن إذا في محل جر بحتى، وزعم ابن مالك أنها وقعت مفعولًا في قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها: «إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى»، والجمهور على أن "إذا" لا تخرج عن الظرفية، وإن "حتى" في نحو: {حتى إذا جاءوها} حرف ابتداء داخل على الجملة بأسرها، ولا عمل له.
ومثال خروجها عن الاستقبال ومجيئها للماضي كما جاءت إذ للمستقبل قوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا}، {وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها}.
ومثال مجيئها للحال وذلك بعد القسم نحو: {والليل إذا يغشى}، {والنجم إذا هوى}، ومثال خروجها عن الشرطية قوله تعالى: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}، فإذا فيها ظرف لخبر المبتدأ بعدها، ولو كانت شرطية والجملة الاسمية جوابًا لاقترنت "بالفاء" مثل: {وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير}، ولا تعمل إذا الجزم إلا في الضرورة كقوله:
استغن ما أغناك ربك بالغنى .....وإذا تصبك خصاصة فتحمل
ولها استعمال آخر سيذكر في أي التفسيرية.
"أف": كلمة تضجر وفيها أربعون لغة، وأفف تأفيفًا وتأفف، قالها كما في القاموس.
"ال": حرف تعريف وهي نوعان: عهدية وجنسية.
فالعهدية إما أن يكون مصحوبًا معهودًا ذكريًا نحو: {كما أرسلنا فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول}، ونحو: اشتريت فرسًا ثم بعت الفرس، وعلامة هذه أن يسد الضمير مسدها مع مصحوبها، أو معهودًا ذهنيًا نحو: {إذ هما في الغار}، ونحو: {إذ يبايعونك تحت الشجرة}. أو معهودًا حضوريًا نحو: جاءني هذا الرجل.
والجنسية إما لاستغراق الأفراد وهي التي تخلفها كل مجازًا نحو: زيد الرجل علما، أي: الكامل في هذه الصفة.
أو لتعريف الماهية نحو: {وجعلنا من الماء كل شيء حي}، وقولك: لا أتزوج النساء، أو لا ألبس الثياب وبعضهم يقول في هذه: إنها لتعريف العهد. قال ابن مالك: ويلحق بالعهد ما يسميه المتكلمون تعريف الماهية، كقول القائل: اشتر اللحم، فإن قائل هذا لما كان يخاطب من هو معتاد لقضاء حاجته صار ما يبعثه لأجله معهودًا بالعلم فهو كالمذكور المشاهد.
وقد تكون زائدة وهي نوعان: لازمة، وغير لازمة، فاللازمة كالتي في الأسماء الموصولة وكالواقعة في الإعلام: كالنضر، والنعمان، واللات، والعزى.
وغير اللازمة الداخلة على علم منقول من مجرد صالح لها ملموح أصله: كحارث، وعباس، وضحاك، تقول فيها: الحارث، والعباس، والضحاك، ويتوقف هذا النوع على السماع، ألا ترى أنه لا يقال ذلك في مثل محمد، وأحمد ومعروف.
وأجاز الكوفيون وبعض البصريين وكثير من المتأخرين نيابة ال عن الضمير، وخرجوا عن ذلك، {فإن الجنة هي المأوى}، ونحو: ضرب زيد الظهر والبطن، والمانعون يقدرون: هي المأوى له، والظهر والبطن منه.
وقد تأتي بمعنى "هل"، وذلك في حكاية قطرب "ال" فعلت بمعنى: "هل" فعلت؟ وذلك من إبدال الخفيف بالثقيل كما في "ال" عند سيبويه.
"ألا": بفتح "الهمزة" والتخفيف على خمسة أوجه:
أحدها: أن تكون للتنبيه فتدل على تحقق ما بعدها، وتدخل على الجملتين نحو: {ألا إنهم هم السفهاء}، {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفًا عنهم}، ويقول المعربون: فيها حرف استفتاح فيبينون مكانها ويهملون معناها وإفادتها التحقيق من جهة تركبها من "الهمزة" و"لا" و"همزة الاستفهام" إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق كما مر في قوله تعالى: {أليس ذلك بقادر} الآية، ويتعين كسر "أن" بعد "ألا"، ويجوز الفتح والكسر بعد "إما".
والثاني: التوبيخ والإنكار، كقوله:
ألا طعان إلا فرسان عادية ..... ألا تجشؤكم خول التنانير
وقوله:
ألا رعواء لمن ولت شبيبته ..... وأذنت بمشيب بعده هرم
والثالث: التمني، كقوله:
إلا عمر ولى مستطاع رجوعه ..... فيرأب ما أثأت يد الغفلات
نصب يرأب؛ لأنه جواب تمن مقرون "بالفاء"، ومعنى يرأب: يصلح، وأثأت أي: أفسدت.
والرابع: الاستفهام عن النفي، كقوله.
ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد ..... إذا أتلاقي الذي لاقاه أمثالي
وهذه الأقسام الثلاثة مختصة بالدخول على الجملة الاسمية، وتعمل عملا "لا التبرئة"، ولكن تختص التي لتمني بأنها لا خبر لها فيكون قول مستطاع رجوعه مبتدأ وخبرًا على التقديم والتأخير.
والخامس: العرض والتحضيض، ومعناهما طلب الشيء لكن العرض طلب بلين والتحضيض طلب بحث وتختص إلا هذه بالجملة الفعلية نحو: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم}، {ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم}، ومنه عند الخليل.
ألا رجلًا جزاه الله خيرا .... يدل على محصلة تبيت
والتقدير عنده: "ألا" تروني رجلًا هذه صفته، فحذف الفعل لدلالة المعنى عليه، والمحصلة المرأة التي تحصل المعدن أي: تخلصه من التراب، وتبيت من بات الناقصة، وقال يونس: "ألا" هنا للتمني، و"نون" الاسم للضرورة.
"ألا": بفتح "الهمزة" وتشديد "اللام" حرف تحضيض مختص بالجملة الفعلية الخبرية كسائر أدوات التحضيض وهي تشمل المضارع نحو: "ألا" تصلي، أي: صل ولابد، والماضي نحو: "ألا" صليت، فهي حينئذٍ للتوبيخ، وليس من "ألا" هذه التي في قوله تعالى: {ألا تعلو على} بل هذه كلمتان "إن" الناصبة و"لا" النافية، ويحتمل أن تكون "أن" المفسرة و"لا" الناهية.
"إلا": بالكسر والتشديد على أربعة أوجه:
أحدها: الاستثناء نحو: {فشربوا منه إلا قليلًا}، ونحو: {ما فعلوه إلا قليل منهم}، وارتفاع ما بعدها في هذه الآية على أنه بدل بعض من كل عند البصريين وعند الكوفيين على أنه معطوف على المستثنى، و"إلا" حرف عطف.
الثاني: أن تكون بمنزلة "غير"، نحو: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، فلا يجوز في إلا هذه أن تكون للاستثناء من جهة المعنى؛ إذ التقدير حينئذٍ: لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا، وذلك يقتضي أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا، وليس ذلك مرادًا، وزعم المبرد أن "إلا" في الآية للاستثناء، وأن ما بعدها بدل، وتفارق إلا هذه غير من وجهين:
أحدهما: أنه لا يجوز حذف موصوفها، فلا يقال: جاءني "إلا" زيد، ويقال: جاءني "غير" زيد.
والثاني: أنه لا يوصف بها في مثل قولك: عندي درهم "إلا" جيد، ويجوز درهم "غير" جيد.
الوجه الثالث: أن تكون عاطفة بمنزلة "الواو" في التشريك في اللفظ والمعنى ذكره الأخفش والفراء وأبو عبيدة، وجعلوا منه: {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم}، وقوله أيضًا عز وجل: {لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم}، أي: ولا الذين ظلموا ولا من ظلم، وتأولها الجمهور على الاستثناء المنقطع.
الرابع: أن تكون زائدة، وحمل عليه ابن مالك: أرى الدهر "إلا" مجنونًا بأهله.
والمحفوظ: وما الدهر، قلت: ذكر أبو البقاء: أن "إلا" تكون استدراكية في مثل قولك: هذا الكتاب وإن صغر حجمه "إلا" أن فوائده كثيرة.
وليس من أقسام "إلا" التي في نحو: {إلا تنصروه فقد نصره الله}، وإنما هذه كلمتان: "إن الشرطية" و"لا النافية"، ومن العجب أن ابن مالك على إمامته ذكرها في شرح التسهيل من أقسام "إلا"، هذه عبارة ابن هشام بحروفها، ورد عليه الدسوقي ما ذكره، قال: فإن ابن مالك لم يقل ذلك.
ثم أني لم أظفر في هذا الموضع من المغني بشرح لقولهم: سألتك بالله "إلا" فعلت، والتقدير: سألتك بالله لا تفعل شيئًا "إلا" فعلك كذا، أو ما أسألك "إلا" فعلك كذا، وما أسألك "إلا" فعلك كذا، ويقال أيضًا: سألتك بالله "إلا" "ما" فعلت، فتكون "ما" مصدرية، وسيأتي نظيره في "لما".
"الآن": اسم للوقت الذي أنت فيه، وهو ظرف غير متمكن وقع معرفة، ولم تدخل عليه "الألف" و"اللام" للتعريف؛ لأنه ليس له ما يشركه، وربما فتحوا منه "اللام" وحذفوا "الهمزتين"، وأنشد الأخفش:
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة ..... فبح لأن منها بالذي أنت بائح
وآن لك أن تفعل حان:
"ألون": بضم "الهمزة" و"اللام"، قال في القاموس قبل مادة "أم" "ل" "ألون" بالضم بمعنى ذوو، ولا يفرد له واحد، ولا يكون إلا مضافًا نحو: أولو الأمر، كأن واحده "ال" مخففة، ألا ترى أنه في الرفع "واو" وفي النصب والجر "ياء".
وقال في باب الحروف "الو" جمع "لا" واحد له من لفظه، وقيل: اسم جمع واحده ذو والات للإناث، وتدخله "هاء" التنبيه نحو: هؤلاء، و"كاف" الخطاب نحو: أولئك وأولالك والاك بالتشديد لغة، وقال الجوهري: وأما "أولو" فجمع لا واحد له من لفظه واحده ذو والات للإناث، واحدتها ذات، تقول: أولو الألباب، وأولات الأحمال، إلى أن قال: قال الكسائي: من قال: أولئك، فواحده ذلك، ومن قال: أولاك، فواحده ذاك، وأولالك مثل أولئك.
"إلى": حرف جر له ستة معان:
أحدها: انتهاء الغاية، والمراد أنها تدل على بلوغ آخر الشيء المتلبس به الفعل، وليس المراد بالانتهاء الآخر، وإلا لأفاد أنها تدل على آخر الآخر، ولا معنى له، وقد تكون الغاية زمانية نحو: {أتموا الصيام إلى الليل}، أو مكانية نحو: {من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}، والأكثر أن لا يدخل ما بعدها فيما قبلها.
والثاني: المعية، وذلك إذا ضممت شيئًا "إلى" شيء، وبه قال الكوفيون وجماعة من البصريين في: {من أنصاري إلى الله}، وقولهم: الذود "إلى" الذود، بل والمعنى: إذا جمع القليل "إلى" مثله صار كثيرًا، ولا يجوز "إلى" زيد مال، تريد: مع زيد مال.
والثالث: مرادفة "اللام" نحو: {الأمر إليك}، وقيل: لانتهاء الغاية، أي: منته إليك، ويقولون: أحمد الله إليك سبحانه، أي: أنهي حمده إليك.
والرابع: موافقة في قال ابن مالك، ويمكن أن يكون منه: {ليجمعنكم إلى يوم القيامة}، وقال ابن عصفور: ولو صح مجيء "إلى" بمعنى في لجاز زيد إلى الكوفة.
والخامس: موافقة "من"، كقوله: فلا يروى "إلى" ابن احمرا، أي: "مني".
والسادس: موافقة "عند"، كقوله: أشهى غلي من الرحيق السلسل.
"أم": تأتي على أربعة أوجه:
أحدها: أن تكون متصلة وهي إما أن يتقدم عليها "همزة التسوية" نحو: {سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم}، ونحو: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا}، والجمهور على أنها عاطفة، وقال أبو عبيدة: هي بمعنى "الهمزة"، فإذا قلت: أقام زيد "أم" عمرو، فالمعنى: أعمرو قام.
وزعم ابن كيسان أن أصل "أم": "أو"، وقلبت "الواو" "ميمًا"، ورده أبو حيان بأنها دعوى بلا دليل.
وأما أن يتقدم عليها "همزة" يطلب بها، و"بأم التعيين" نحو: أزيد في الدار "أم" عمرو، وإنما سميت في النوعين متصلة؛ لأن ما قبلها وما بعدها لا يُستغنى بأحدهما عن الآخر، وتسمى أيضًا معادلة لمعادلتها "الهمزة" في إفادة التسوية.
ثم إن "أم" الواقعة بعد "همزة التسوية" لا تستحق جوابًا؛ لأن المعنى معها ليس على الاستفهام، وليست "أم" المعادلة "لهمزة الاستفهام" كذلك؛ لأن الاستفهام معها على حقيقته، فإذا سألت بها لزم الجواب بالتعيين؛ لأنها سؤال عنه، فإذا قيل: زيد عندك "أم" عمرو، قيل في الجواب: زيد "أو" عمرو، ولا يقال: لا أو نعم.
وإذا كانت "الهمزة للتسوية" لم يجز العطف "بأو" قياسًا وإنما يعطف "بأم".
وقد أولع الفقهاء بأن يقولوا: سواء كذا أو كذا، وهو نظير قولهم: يجب أقل الأمرين من كذا وكذا، والصواب العطف في الأول "بأم"، وفي الثاني "بأو"، وفي الصحاح: سواء عَليَّ قمت "أو" قعدت، انتهى، ولم يذكر غير ذلك وهو سهو، وفي كامل الهذلي أن ابن محيصن قرأ: (أم لم تنذرهم) وهذا من الشذوذ بمان هذه عبارة المغني.
قال الشارح: اعلم ان السيرافي قال في شرح الكتاب (أي كتاب سيبويه): وسواء إذا دخلت بعدها "ألف الاستفهام" لزمت "أم" بعدها، كقولك: سواء عَليَّ أقمت "أم" قعدت، وإذا كان بعد سواء فعلان لغير استفهام عطف أحدهما على الآخر "بأو"، كقولك: سواء على قمت "أو" قعدت، انتهى كلامه، وهو نص صريح يقضي بصحة قول الفقهاء وغيرهم، سواء كان كذا "أو" كذا، وبصحة التركيب الواقع في الصحاح، وقراءة ابن محيصن فجميع ما ذكره لا شذوذ فيه في العربية، فإن قلت: سواء عَليَّ قمت "أو" قعدت فتقديره: إن قمت"أو" قعدت فهما عَليَّ سواء اهـ.
وإن كانت "الهمزة للاستفهام" جاز العطف "بأو" قياسًا كما مر في: أزيد عندك "أو" عمرو، وكان الجواب بلا أو نعم؛ لأنه إذا قيل لك: أزيد عندك "أو" عمرو فالمعنى أحدهما عندك "أم" لا، وإن أجبت بالتعيين صح أيضًا.
وسمع حذف "أم" المتصلة ومعطوفها كقول الهذلي:
دعاني إليها القلب إني لأمره .... سميع فما أدري أرشد طلابها
تقديره: "أم" غي كذا قالوا، ويجوز أن تجعل "الهمزة" لطلب التصديق "كهل"، فلا يقدر المعادل حينئذٍ، وكذلك سمع حذف "الهمزة" للضرورة كقوله: شعيب بن سهم "أم" شعيب بن منقر. والأصل: أشعيب.
الوجه الثاني من أوجه "أم" أن تكون منقطعة فتكون مسبوقة بالخبر المحض، نحو: {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه}، ومسبوقة "بهمزة" لغير الاستفهام نحو: {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيدٍ يبطشون بها} فإن "الهمزة" في ذلك للإنكار، فهي بمنزلة النفي.
ومسبوقة باستفهام بغير "الهمزة"، نحو: {هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور}، وإنما سميت منقطعة لانقطاع ما بعدها عما قبلها، فكل منهما كلام مستقل لا ارتباط لأحدهما بالآخر، معناها الإضراب، ولهذا دخلت على "هل" في قوله تعالى: {أم هل تستوي الظلمات والنور}؛ لأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام، وزعم أبو عبيدة أنها قد تأتي بمعنى الاستفهام المجرد، فقال في قول الأخطل.
كذبتك عينك أم رأيت بواسط .... غلس الظلام من الرباب خيالا
إن المعنى: "هل" رأيت، ونقل ابن السجري عن جميع البصرين أنها أبدًا بمعنى "بل" و"الهمزة" جميعًا، وأن الكوفيين خالفوهم في ذلك.
الوجه الثالث: أن تقع زائدة، ذكره أبو زيد وقال في قوله تعالى: {أفلا تبصرون}، {أم أنا خير}، أن التقدير: أفلا تبصرون أنا خير، وتظهر الزيادة في قول ساعدة بن جؤية:
يا ليت شعري ولا منجي من الهرم .... أم هل على العيش بعد الشيب من ندم
الوجه الرابع: أن تكون للتعريف، نقلت عن طي وعن حمير، وأنشدوا:
ذاك خليلي وذو يواصلني ..... يرمي ورائي بأمسهم وامسلمه
قوله: ذو، بمعنى: الذي، والسلمة: بفتح "السين" وكسر "اللام": واحدة السلام بكسر "السين" وهي الحجارة، وفي الحديث: «ليس من أمير أمصيام في سفر» كذا رواه النمر بن تولب رضي الله عنه، وقيل: إنّ هذه اللغة مختصة بالأسماء التي لا تدغم "لام التعريف" في أولها نحو: غلام، وكتاب، بخلاف ناس، ولباس، والحروف التي لا تدغم معها "لام التعريف" تسمى قرية، يجمعها ابغ حجك وخف عقيمه، وباقي الحروف شمسية.
"أما": بالفتح والتخفيف على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف استفتاح بمنزلة "ألا"، ويكثر بعدها القسم كقوله:
أما والذي أبكى وأضحك والذي .... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
وقد تبدل "همزتها" "هاء" أو "عينًا" قبل القسم وتكسر أن بعدها كما تكسر بعد "إلا"، نحو: "أما" "أن" زيدًا قائم.
والثاني: أن تكون بمعنى حقًا، أو أحقًا، والمثال المذكور صالح لها، وهذه تفتح بعدها أن كما تفتح بعد حقا، وهي عند ابن خروف حرف، وقال بعضهم: اسم بمعنى حقا، وقال آخرون: هي كلمتان: "الهمزة للاستفهام"، وما اسم بمعنى شيء، وذلك الشي حق، وزاد المالقي لاما معنى ثالثًا، أما تقعد، وقد يدعي في ذلك أن "الهمزة للاستفهام التقريري" مثلها في "الم" و"الما" و"أن" "ما نافية"، وقد تحذف هذه "الهمزة" كقوله:
ما ترى الدهر فد أباد معدا .... وأباد السراة من عدنان
"أما": بالفتح والتشديد حرف شرط وتفصيل وتوكيد، وقد تبدل "ميمها" الأولى "ياء" استثقالًا للتضعيف كقول عمر بن أبي ربيعة:
رأت رجلًا أيما إذا الشمس عارضت .... فيضحي وأما بالعشي فيخصر
عارضت: أي صارت في وسط السماء، وضحى برز للضحاء وخصر برد، يعني: أنه لا ثياب له، أما أنها شرط فبدليل لزوم "الفاء" بعدها نحو: {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون} الآية، فإذا قلت قد استغنى عنها في قوله:
فأما القتال لا قتال لديكم .....ولكن سيرا في عراض المناكب
قلت: هو ضرورة فإن قلت فقد حذفت في التنزيل أيضًا في قوله تعالى: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم}، قلت: الأصل فيقال لهم: أكفرتم، فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته "الفاء" في الحذف، ورب شيء يصح تبعًا ولا يصح استقلالًا.
وزعم بعض المتأخرين أن "فاء" جواب "أما" لا تحذف في غير الضرورة أصلًا، وأن في الجواب في الآية: {فذوقوا العذاب} والأصل: فيقال لهم فذوقوا العذاب.
وأما التفصيل فهو غالب أحوالها كما مر، ومن ذلك: {أما السفينة فكانت لمساكين}، {وأما الغلام}، {وأما الجدار} الآيات، وقد يترك تكرارها نحو: {فأما الذين آمنوا واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل}، أي: وأما الذين كفروا فلهم كذا وكذا.
وقد تأتي لغير تفصيل أصلًا كقولك: "أما" زيد فمنطلق. وأما التوكيد فقد نص عليه الزمخشري فإنه قال: فائدة "أما" في الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة، قلت: و"أما" زيد فذاهب، ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب.
وليس من أقسام "أما" التي في قوله تعالى: {أماذا كنتم تعملون}، ولا التي في قول الشاعر:
أبا خراشة أما أنت ذو نفر ..... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
بل هي فيهما كلمتان، فالتي في الآية هي "أم المنقطعة" و"ما الاستفهامية"، فأدغمت "الميم" في "الميم" للتماثل والتي في البيت هي "أن المصدرية" و"ما المزيدة"، والأصل: لأن كنت، فحذف الجار وكان فانفصل الضمير وجيء بما عوضًا من كان، وأدغمت "الميم" في "النون" للتقارب.
"أما": بكسر "الهمزة" وتشديد "النون"، وقد تفتح "همزتها"، وقد تبدل "ميمها" الأولى "ياء" مع فتح "الهمزة" وكسرها وهي مركبة عند سيبويه من "أن" و"ما"، ولها خمسة معان:
أحدها: الشك، نحو: جاءني "إما" زيد و"إما" عمرو، وإذا لم تعلم من جاء منهما، وقال أبو عبيدة: أن "إما" الثانية في هذا المثال عاطفة عند أكثرهم، وزعم غيره أنه غير عاطفة كالأولى، ووافقهم ابن مالك لملازمتها "الواو" العاطفة غالبًا، ومن غير الغالب قوله:
يا ليتما أمنا شالت نعامتها .....أيما إلى جنة أيما إلى نار
وقوله: شالت نعامتها كناية عن الموت.
والثاني: الإبهام نحو: {وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم}.
والثالث: التخيير نحو: {إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنًا}، {إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى} وعلم من ذلك أنها تستعمل مع "أن المصدرية" وبدونها.
والرابع: الإباحة نحو: تعلم "إمَّا" فقهًا و"إمَّا" نحوًا، ونازع في إثبات هذا المعنى جماعة مع إثباتهم إياه "لأو".
والخامس: التفصيل نحو: {إنها هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا} وانتصابهما على هذه الحال المقدرة من ضمير هديناه الثاني الواقع مفعولًا.
قال الشارح: وزاد أبو حيان معنى سادسًا وهو إيجاب أحد الشيئين في وقت دون آخر، كقولك للشجاع: إنما أنت "إما" طعن و"إما" ضرب، أي: تارة كذا وتارة كذا.
وقد يستغنى عن "إما" الثانية بذكر ما يغني عنها نحو: "إما" أن تتكلم بخير و"إلا" فاسكت، وكقول المثقب العبدي:
فإما أن تكون أخي بصدق .... فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني .... عدوًا أتقيك وتتقيني
وقد يستغنى عن الأولى لفظًا كقوله:
تلم بدار قد تقادم عهدها .... وإما بأموات الم خيالها
"أي": "إما" بدار والفراء يقيسه فيجيز زيد يقوم و"إما" يقعد، كما يجوز "أو" يقعد.
(تنبيه): ليس من أقسام "إما" التي في قوله تعالى: {فإما ترين من البشر أحدًا}، بل هذه "إن الشرطية" و"ما الزائدة".
"أمس": تقدم ذكرها في المبني على الكسر.
"إن": "إن الشرطية" مر تفصيلها في الجوازم فراجعها هناك.
"أن": بفتح "الهمزة" وسكون "النون" على وجهين: اسم، وحرف، والاسم على وجهين:
أحدهما: ضمير المتكلم في قول بعضهم: "إن" فعلت، أي: أنا فعلت، والأكثر على فتح "النون"، وعلى الإتيان "بالألف" بعدها.
والثاني: ضمير المخاطب في قولك: "أنت"، و"أنت"، و"أنتما"، و"أنتم"، و"أنتن" على قول الجمهور أن الضمير هو "أن" و"التاء" حرف خطاب.
وذهب الفراء إلى أن "أنت" بكماله اسم و"التاء" من نفس الكلمة، والحرف على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون حرفًا مصدريًا ناصبًا للفعل المضارع، أحدهما في الابتداء فيكون في موضع رفع، نحو: {وأن تصوموا خيرٌ لكم}، {وأن تصبروا خيرٌ لكم}، {وأن تعفوا أقرب للتقوى}.
والثاني: أن يكون في موضع نصب نحو: {نخشى أن تصيبنا دائرة}.
والثالث: أن يكون في موضع خفض نحو: {أوذينا من قبل أن تأتينا}.
وذكر بعض الكوفيين وأبو عبيدة أن بعض العرب يجزم "بأن" وأنشدوا. تعالوا إلى "أن" يأتنا الصيد نحطب.
وقوله: أحاذر "أن" تعلم بها فتردها.
وقيل في هذا: إنه سكن للضرورة، وقد يرفع الفعل بعدها، كقراءة ابن محيصن: {لمن أراد أن يتم الرضاعة}، وقول الشاعر:
أن تقرآن على أسماء ويحكما .... مني السلام وأن لا تشعرا أحدا
وزعم الكوفيون أن "إن" هذه هي المخففة من الثقيلة، شذ اتصالها بالفعل، والصواب قول البصريين: إنها "إن الناصبة" أهملت حملًا على أختها "ما المصدرية"، وقد تكون مخففة من الثقيلة نحو: {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولًا}، {علم أن سيكون}، {وحسبوا أن لا تكون} فيمن رفع تكون وقوله:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا .... أبشر بطول سلامة يا مربع
وشرط اسمها أن يكون ضميرًا محذوفًا وربما ثبت كقوله:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني .... طلاقك لم أبخل وأنت صديق
وهو مختص بالضرورة على الأصح.
وقد تكون مفسرة بمنزلة أي، نحو: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك}، ويشترط فيها أن تكون مسبوقة بجملة فيها معنى القول، ويدخل فيه الكتابة نحو: كتبت إليه أن أفعل، والنداء نحو: {ونودوا أن تلكم الجنة}، وقال الفخر الرازي: إن في قوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النخل أن اتخذي من الجبال بيوتًا} مصدرية، فإن الوحي هنا إلهام باتفاق، وليس في الإلهام معنى القول، وهو رد على الزمخشري حيث زعم ذلك.
وقد يقال إن الإلهام في معنى القول؛ لأن المقصود من القول الإعلام، والإلهام يتضمنه، فإذا تقدمها حرف القول لم يجز أن تكون مفسرة فلا يقال: قلت له أن افعل.
وفي شرح الجمل لابن عصفور أنها قد تكون مفسرة بعد صريح القول، وذكر الزمخشري في قوله تعالى: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله}، أنه يجوز أن تكون مفسرة للقول على تأويله بالأمر وهو حسن، وعلى هذا فيقال في هذا الضابط: أن لا يكون فيها حروف القول إلا والقول مؤول بغيره.
وإذا دخل عليها جار كانت مصدرية لا تفسيرية نحو: كتبت إليه "بأن" أفعل، وإذا ولى "أن التفسيرية" مضارع مقترن "بلا"، نحو: أشرت إليه "أن لا" يفعل جاز رفعه على تقدير "لا نافية"، وجزمه على تقديرها ناهية، وعليهما فإن مفسرة ونصبه على تقدير "لا نافية" لا عمل لها، و"إن مصدرية"، فإن فقدت لا امتنع الجزم، وجاز الرفع والنصب.
وقد تكون "إن" زائدة في أربعة مواضع:
أحدها: وهو الأكثر أن تقع بعد "لما الحينية" نحو: {ولما أن جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم}.
والثاني: أن تقع بين "لو" وفعل القسم مذكورًا كقوله:
فأقسم أن لو التقينا وأنتم .... لكان لكم يوم من الشر مظلم
أو متروكًا كقوله: أما والله إن لو كنت حرًا .... وما بالحر أنت ولا العتيق
والثالث: وهو نادر أن تقع بين "الكاف" ومخفوضها كقوله: كان ظبية تعطو إلى وارق السلم، في رواية من جر الظبية.
والرابع: بعد إذا كقوله:
فأمهله حتى إذا أن كأنه ....معاطى يد في لجة البحر غامر
غامر هنا فسروه بالمغرور، كماء دافق بمعنى مدفوق.
وزعم الأخفش أنها تزاد في غير ذلك وأنها تنصب المضارع ولا معنى؛ لأن الزائدة غير التوكيد كسائر الزوائد، وقد ذكر لأن معان أخرى:
أحدها: الشرطية كان المكسورة، وإليه ذهب الكوفيون، وقرئ بالوجهين في قوله تعالى: {أن تضل إحداهما}، {أفنضرب عنكم الذكر صفحًا أن كنتم قومًا مسرفين}، وكقوله: أتغضب في أذنا قتيبة حزنًا.
الثاني: النفي كان المكسورة أيضًا، قال بعضهم في: {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم}.
الثالث: معنى إذ كما تقدم عن بعضهم في أن المكسورة قاله بعضهم في: {بل عجبوا أن جاءهم}، وفي أتغضب في أذنا قتيبة حزنًا.
الرابع: أن تكون بمعنى "لئلا" نحو: {ليبين الله لكم أن تضلوا}، وقوله:
نزلتم منزل الأضياف منا .... فعجلنا القرى أن تشتمونا
والصواب أنها هنا مصدرية، والأصل: كراهة أن تضلوا ومخافة أن تشتمونا، وهو قول البصريين.
"أن": الشرطية تقدم تفصيلها في عوامل الجزم.
"إن": بكسر "الهمزة" وتشديد "النون" وفتحها على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر، وقد تنصبهما في لغة كقوله:
إذا اسود جنح الليل فلنأت ولتكن ..... خطاك سراعا أن حراسنا أسدا
وفي الحديث: «إن قعر جهنم سبعين خريفًا»، وخرج البيت على الحالية، وأن الخبر محذوف أي: تلقاهم أسدًا، ويصح أن يكون المنصوب مفعولًا لفعل محذوف أي: يشبهون أسدًا، والحديث على أن القعر مصدر قعرت البئر إذا بلغت قعرها، وسبعين ظرف، أي: أن بلوغ قعرها يكون في سبعين عامًا.
وقد يرفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن محذوفًا، كقوله عليه الصلاة والسلام: «من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون»، الأصل: أنه أي الشأن، كما قال الشاعر:
إن من يدخل الكنيسة يومًا .... يلق فيها جاذرا وظباء
وإنما لم تجعل من اسمها لأنها شرطية بدليل جزمها الفعلين، وقد تخفف "إن" فتعمل قليلًا وتهمل كثيرًا، وعن الكوفيين أنها لا تخفف، وأنه إذا قيل: "إن" زيد لمنطلق "فإن نافية" و"اللام" بمعنى "إلا"، ويرده أن منهم من يعملها مع التخفيف، حكى سيبويه أن عمرًا لمنطلق.
الثاني: أن تكون حرف جواب بمعنى "أن"، خلافًا لأبي عبيدة، واستدل المثبتون بقول ابن الزبير رضي الله عنهما: «لمن قال له لعن الله ناقة حملتني إليك: إن وراكبها – أي: نعم- ولعن أيضًا راكبها»، وحمل المبرد على ذلك قراءة من قرأ: {إن هذان لساحران}، وحكى بعضهم أن أبا علي الفارسي رده "بأما" قبل "أن" المذكورة لا يقتضي أن يكون جوابه نعم؛ إذ لا يصح أن يكون جوابًا لقول موسى عليه السلام: {ويلكم لا تفتروا على الله كذبًا فيسحتكم بعذاب}، ولا يكون جوابًا لقوله: {فتنازعوا أمرهم بينهم}، وهو كلام حسن، وقد تأتي "أن" مركبة من "أن النافية"، و"أن" بمعنى "أنا"، كقول بعضهم: أنا قائم، والأصل: أن أنا قائم.
"أن": المفتوحة المشددة على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر، والأصح أنها فرع عن "أن المكسورة"، وإذا كان الخبر مشتقًا فالمصدر المؤول به من لفظه فتقدير: بلغني "أنك" تنطلق، أو "أنك" منطلق بلغني انطلاقك، ومنه: بلغني "أنك" في الدار، أي: بلغني استقرارك، وإن كان جامدًا قدر بالكون نحو: بلغني "أن" هذا زيد، أي: بلغني كون هذا زيدًا، وإن شئت بلغني "أن" هذا كائن زيدًا، ومعناهما واحد.
الثاني: أن تكون لغة في "لعل"، كقول بعضهم: ائت السوق أنك تشتري لنا شيئًا، وقراءة بعضهم: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}، قال الشارح: لا يتم الاستدلال بقوله: "أن" بمعنى "لعل"، في قوله: أنك تشتري لنا شيئًا إلا إذا ثبت أن العربي المتكلم بهذا الكلام قصد الترجي، وإلا فاللفظ محتمل لإرادة التعليل على حذف "اللام"، أي: لأنك تشتري.
"آنفًا": قريبًا أو هذه الساعة أو أول وقت كنا فيه من قولهم: "أنف" الشيء لما يتقدم منه، والمد فيه أشهر من القصر.
"أهل": فلان "أهل" لكذا، أي: جدير به، وكذلك مستأهل له وهو عربي فصيح خلافًا لمن أنكره، كما في شرح درة الغواص للعلامة الخفاجي.
"أهلًا وسهلًا": منصوب بفعل محذوف أي: صادفت "أهلًا وسهلًا".
"أو": حرف عطف ذكر له المتأخرون معاني انتهت إلى اثني عشر.
أحدها: الشك من جهة المتكلم نحو: {لبثنا يومًا أو بعض يوم}.
الثاني: الإبهام، وهو إخفاء المتكلم مراده على السامع نحو: {إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}.
وقول الشاعر:
نحن أو أنتم الالى ألفوا الحق..... فبعدا للمبطلين وسحقا
الثالث: التخيير، وهي الواقعة بعد الطلب، وقيل: ما يمتنع فيه الجمع نحو: تزوج هندًا "أو" أختها، وخذ من مالي درهمًا "أو" دينارًا.
الرابع: الإباحة، وهي الواقعة بعد الطلب، وقيل: ما يجوز فيه الجمع نحو: جالس العلماء "أو" الزهاد، وإذا دخلت "لا الناهية" امتنع فعل الجميع نحو: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا}؛ إذ المعنى: لا تفعل أحدهما، فأيهما فعله فهو أحدهما، وعارض التمني فيه، وقال أبو البقاء في الكليات: وقد تكون "أو" بمعنى و"لا" إذا دخلت بين نفيين، كقوله تعالى: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا}. اهـ.
وذكر ابن مالك أن أكثر ورود "أو" للإباحة في التشبيه نحو: {فهي كالحجارة أو أشد قسوة}، والتقدير نحو: {فكان قاب قوسين أو أنى}، فلم يخصها بالمسبوقة بالطلب.
الخامس: الجمع المطلق "كالواو"، قاله الكوفيون والأخفش والجرمي، واحتجوا بقول توبة:
وقد زعمت ليلى بأني فاجر .... لنفسي تقاها أو عليها فجورها
وقيل: "أو" فيه للإبهام، وقول جرير:
جاء الخلافة أو كانت له قدرا .....كما أتى ربه موسى على قدر
قال ابن هشام: والذي رأيته في ديوانه إذ كانت، وبقول النابغة:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ..... إلى حمامتنا أو نصفة فقد
قولها: فقدي، أي: حسبي، ويروي ونصفه.
السادس: الإضراب كبل، وعن سيبويه إجازة ذلك بشرطين: تقد نفي أو نهي، وإعادة العامل نحو: "ما" قام زيد، "أو" "ما" قام عمرو و"لا" يقم زيد، "أو" "لا" يقم عمرو. وقال الكوفيون وأبو علي وأبو الفتح وابن برهان: تأتي للإضراب مطلقًا احتجاجًا بقول جرير:
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ..... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي
واختلف في: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}، فقال الفراء: بل يزيدون، هكذا جاء في التفسير مع صحته في العربية، وقال بعض الكوفيين بمعنى: "الواو"، وللبصريين فيها أقوال.
السابع: التقسيم نحو: الكلمة اسم أو فعل أو حرف، واستعمال "الواو" للتقسيم أجود، نحو: الكلمة اسم وفعل وحرف.
الثامن: أن تكون بمعنى "إلا" في الاستثناء، وهذه ينتصب المضارع بعدها بإضمار "أن" كقولهم لأضربنه "أو" يتوب، وقوله:
وكنت إذا غمزت قناة قوم .... كسرت كعوبها أو تستقيما
التاسع: أن تكون بمعنى "إلى"، وهذه أيضًا ينتصب المضارع بعدها "بأن مضمرة" نحو: لألزمنك و"أو" تقضيني ديني، وقوله: لأستسهلن الصعب "أو" أدرك المنى.
العاشر: التقريب، نحو: "ما" أدري أسلم "أو" دع، قاله الحريري وغيره.
الحادي عشر: الشرطية نحو: لأضربنه عاش "أو" مات، أي: "إن" عاش بعد الضرب "أو" مات، ومثله: لأتينك أعطيتني "أو" حرمتني، قاله ابن الشجري.
الثاني عشر: التبغيض نحو: {وقالوا كونوا هودًا أو نصارى}، والضمير في قالوا لليهود والنصارى، فاليهود قالوا للنصارى: كونوا هودًا، والنصارى قالوا لليهود: كونوا نصارى، فالتبغيض دل عليه "أو"، والتحقق أن "أو" موضوعة لأحد الشيئين "أو" الأشياء، وهو الذي قاله المتقدمون.
وقد تخرج إلى معنى "بل" وإلى معنى "الواو"، وأما بقية المعاني فمستفادة من غيرها، أي: من قران المقام، وذلك كقولهم: "ما" أدري أسلم "أو" دع، فإن التقريب مستفاد من إثبات اشتباه التسليم بالتوديع؛ إذ حصول ذلك مع تباعد "ما" بين الوقتين ممتنع "أو" مستبعد.
"أوه": "كجير" و"حيث" و"أين" و"أو" بحذف "الهاء" مع التشديد، و"آه" كلمة تقال عند الشكاية "أو" التوجع.
"أي": بالفتح والسكون على وجهين:
أحدهما: حرف لنداء القريب "أو" البعيد "أو" المتوسط على خلاف ذلك. وفي الحديث: «أي رب»، وقد تمد ألفها.
والثاني: حرف تفسير، تقول: عندي عسجد، "أي": ذهب، وغضنفر، "أي": أسد، وقد تقع تفسيرًا للجمل أيضًا كقوله:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب .....وتقلينني لكن إياك لا أقلي
وإذا وقعت بعد تقول وقبل فعل مسند للضمير حكى الضمير نحو: تقول استكتمته الحديث، "أي": سألته كتمانه، يقال: ذلك بضم "التاء"، ولو جئت بإذا مكان أي فتحت "التاء" فتقول: إذا سألته.
"أيا": اسم مبهم يتصل به جميع المضمرات المنصوبة نحو: "إياه" و"إياك" و"إياي"، ولا موضع لها من الإعراب فهي "كالكاف" في ذلك، فيكون "أيا" الاسم وما بعدها للخطاب، وقد صارا كالشيء الواحد، وقال بعض النحويين أن "أيا" مضافًا إلى ما بعده، وعليه إذا بلغ الرجل الستين "فإياه" و"يا" الشواب.
"إي": بالكسر والسكون حرف جواب بمعنى نعم، ولا تقع إلا قبل القسم نحو: {قل إي وربي إنه لحق}، وإذا قيل: "أي والله" ثم أسقطت "الواو" جاز إسكان "الياء" وفتحها وحذفها، وعلى الأول فيلتقي ساكنان على غير حدهما لكن أجازوه قياسًا على "ها" الله.
"أيضًا": قال في الكليات "أيضًا" مصدر "آض" ولا يستعمل إلا مع شيئين بينهما توافق ويمكن استغناء كل منها عن الآخر نحو: زرته وكلمته "أيضًا". وفي الصحاح: وإذا قال لك: فعلت ذلك "أيضًا" قلت: قد أكثرت من "أيض" ودعني من "أيض" و"آض" كذا أي: صار.
"إيه": بكسر "الهمزة" و"الهاء" وفتحها، وتنون المكسوة كلمة استزادة واستنطاق، و"إيه" بإسكان "الهاء": زجر، و"أيها" بالنصب والفتح أمر بالسكوت. وفي الكليات تقول: "إيه" حدثنا استزدته، و"إيه" كف عنا إذا أردته أن يقطعه. اهـ، و"إيهان" وتكسر "نونها" و"إيها" و"إيهات" لغات في "هيهات" و"إيهك" بمعنى "ويهك".
"إي": بفتح "الهمزة" وتشديد "الياء": اسم يأتي على خمسة أوجه:
أحدها: الشرط، نحو: {أيًا ما تدعو فله الأسماء الحسنى} "فأيا شرطية" معمولة لتدعوا وعاملة فيه الجزم، وعلامة جزمه حذف "النون" و"الفاء" رابطة للجواب.
والثاني: الاستفهام نحو: {أيكم زادته هذه إيمانًا}، وقد يراد بالاستفهام أحيانًا النفي كقولك لمن ادعى أنه أكرمك: "أي" يوم أكرمتني، ومنه قول المتنبي:
أي: يوم سررتني بوصال ..... لم ترعني ثلاثة بصدود
وقد تخفف كقوله:
تنظرت نصرًا والسماكين أيهما .... على من الغيث استهلت مواطر
والثالث: أن تكون موصولًا نحو: {لننزعن من كل شيعة أيهم أشد}، التقدير: لننزعن الذي هو أشد، قال سيبويه وخالفه الكوفيون وجماعة من البصريين؛ لأنهم يرون أن "أيا الموصولة" معربة دائمًا كالشرطية والاستفهامية.
وقال الزجاج: ما تبين لي أن سيبويه غلط إلا في موضعين هذا أحدهما، فإنه يسلم أنها تعرب إذا أفردت، فكيف يقول ببنائها إذا أضيفت، وقد مر في باب البناء ما قاله الجرمي.
وزعم ثعلب أن "أيا" لا تكون موصولة أصلًا، وقال: لم يسمع "أيهم" فاضل جاءني، بمعنى الذي هو فاضل جاءني، ورد بأن عدم سماع ذلك ينتج عدم كون الموصولة مبتدأ، ولا ينتج نفي الموصولة من أصلها.
والرابع: أن تكون دالة على معنى الكمال فتقع صفة للنكرة نحو: زيد رجل، "أي": رجل، "أي": كامل في صفات الرجال، وحالًا للمعرفة كمررت بزيد "أي" رجل. وتقول في المعرفة: هذا زيد "أيما" رجل فتنصب "أيا" على الحال، وهذه أمة الله "أيتما" جارية وتقول: "أي" امرأة جاءتك وجاءك، و"أية" امرأة جاءتك، ومررت بجارية "أي" جارية، وجئتك بملاءة "أي": ملاءة و"أية" ملاءة كل جائز، قال الله تعالى: {وما تدري نفس بأي أرض تموت}.
وفي الصحاح: وقد تكون "أي" نعتًا للنكرة، تقول: مررت برجل "أي" رجل، و"أيما" رجل، ومررت بامرأة "أية" امرأة وبامرأتين "أيتما" امرأتين، وهذه امرأة "أيما" امرأة، وامرأتان "أيتما" امرأتان، و"ما زائدة"، و"أي" قد يتعجب بها، قال جميل:
بثين الزمى لا أن لا أن لزمته .... على كثرة الواشين أي معون.
والخامس: أن تكون وصلة لنداء ما فيه "ال" ال نحو: يا أيها الرجل، ويا أيتها المرأة، ويقال: جاءني رجل فتقول: "أي" يا هذا، وجاءني رجلان فتقول: "إيان"، وجاءني رجال فتقول: "أيون"، وهذا يسمى الحكاية.
"أيم": قال في القاموس: "أيمن" الله، و"أيم" الله، وبكسر أولهما، و"أيمن" الله بفتح "الميم" و"الهمزة"، و"الهمزة"وتكسر، و"أيم" الله بكسر "الهمزة"و"الميم"، وقيل: "ألفه" "ألف الموصل"، و"هيم" الله بفتح "الهاء" وضم "الميم"، و"أم" الله مثلثة "الميم"، و"أم" الله بكسر "الهمزة" وضم "الميم" وفتحها، و"من" الله بضم "الميم" وكسر "النون"، و"من" الله مثلثة "الميم" و"النون"، و"م" الله مثلثة، و"ليم" الله و"ليمن" الله اسم وضع للقسم نحو: "أيمن" الله لأفعلن، والتقدير: "أيمن الله"، قسمي، و"أيمن" الله مشتق من اليمن وهو البركة، وعند الكوفيين جمع يمين، و"همزته" قطع). [غنية الطالب: 141 - 169]