العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:27 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (51) إلى الآية (55) ]
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)}

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {إنه كان مخلصًا} [51].
قرأ عاصم وحموة والكسائي {مخلصًا} بفتح اللام.
أي أخلصهم الله واختارهم، أعني: الأنبياء موسى معهم فصار مخلصًا.
والباقون {مخلصًا} بكسر اللام مثل {مخلصين له الدين} أي: أخلص هو لله التوحيد، فصار مخلصًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/19]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر اللام وفتحها من قوله عز وجل: كان مخلصا [مريم/ 51].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية الكسائي عن أبي بكر والمفضل عن عاصم: (مخلصا) بكسر اللام.
وقرأ عاصم في رواية يحيى عن أبي بكر وحفص عنه: مخلصا بفتح اللام.
وقرأ حمزة والكسائي بفتح اللام أيضا.
من كسر اللام فحجّته قوله: وأخلصوا دينهم لله [النساء/ 146] ومن فتحها فحجته قوله: إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار [ص/ 46] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/202]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واذكر في الكتاب موسى إنّه كان مخلصا وكان رسولا نبيا} 51
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {إنّه كان مخلصا} بفتح اللّام أي أخلصه الله واختاره وجعله خالصا من الدنس وحجتهم قوله {إنّا أخلصناهم بخالصة}
[حجة القراءات: 444]
وقرأ الباقون {مخلصا} بكسر اللّام أي أخلص هو التّوحيد فصار مخلصا وجعل نفسه خالصة في طاعة الله وحجتهم قوله {مخلصين له الدّين} ). [حجة القراءات: 445]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {مخلصًا} قرأه الكوفيون بفتح اللام.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/89]
وكسرها الباقون، وقد تقدم الكلام على ذلك في يوسف، وكذلك {يبشرك} و«فيكون» و«يدخلون» وشبهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/90]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {إنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا}[آية/ 51] بفتح اللام:
قرأها الكوفيون.
والوجه أنه مفعول من أخلصه الله فهو مخلص بالفتح، ومصداقه قوله {إنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ}.
وقرأ الباقون {مُخْلَصًا}بكسر اللام.
والوجه أنه فاعل من أخلص دينه فهو مخلص بكسر اللام، ودليله قوله تعالى {وأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} ). [الموضح: 820]

قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)}

قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)}

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)}

قوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (56) إلى الآية (58) ]
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) }

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56)}

قوله تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد بلغت من الكبر عتيًّا) وقوله (بكيًّا (58) و(صليًّا (75) و(جثيًّا (72).
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكيًّا) فإن حفصًا خالفهما فضم الباء من (بكيًّا) وقرأ الباقون أوائلهنٌ بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو منصور: أما (عتيًّا) فهو مصدر عتا يعتو عتيًّا، وكان في الأصل عتوًّا فأدغمت الواو في الياء وشددت.
ومن قرأ (عتيًّا) بكسر العين فإنه كسر العين لكسرة التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع باك، وكان في الأصل: بكوًّا، وكذلك صليًّا: جمع صالٍ - وجثيًّا: جمع جاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فعول) فإنه يجوز أن يجعل جمعًا لفاعل كقولك: حضرت حضورًا، وقومٌ حضورٌ، وشهدت شهودًا، وقومٌ شهودٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/131] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (59) إلى الآية (63) ]
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) }

قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}

قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئا}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر {يدخلون الجنّة} برفع الياء وحجتهم قوله تعالى {وأدخل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}
وقرأ الباقون {يدخلون} بفتح الياء وحجتهم قوله {جنّات عدن يدخلونها} وقد تقدم ذكره في سورة النّساء). [حجة القراءات: 445]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ}[آية/ 60] بضم الياء وفتح الخاء:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم- ياش- ويعقوب.
والوجه أنه مضارع أدخلوا بإسناد الفعل إلى المفعول به، والذي يدخلهم هو الله تعالى، فلهذا قال {يَدْخُلُونَ}على بناء الفعل للمفعول به.
وقرأ الباقون {يَدْخُلُونَ}بفتح الياء وضم الخاء.
[الموضح: 820]
والوجه أنه مضارع دخلوا على إسناد الفعل إلى الفاعل، والمعنى يدخلون الجنة بإدخال الله تعالى إياهم، فالمعنى مثل الأول؛ لأنه إذا أدخلهم دخلوا). [الموضح: 821]

قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)}

قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)}

قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تلك الجنّة الّتي نورث من عبادنا (63)
قرأ الحضرمي وحده (نورّث) مفتوحة الواو مشددة الراء، وقرأ الباقون (نورث) ساكنة الواو، خفيفة الراء.
قال أبو منصور: المعنى في (نورث) و(نورّث) واحد، يقول: تلك الجنة التي نورثها من عبادنا التقي، وهما يتعديان إلى مفعولين، تقول: ورّث الحاكم فلانًا مال فلانٍ الميت، وأورثه ماله في معناه، ومات فلانً، فأورث فلانا ماله). [معاني القراءات وعللها: 2/136]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا}[آية/ 63] بفتح الواو وتشديد الراء:
قرأها يعقوب وحده- يس-.
وقرأ الباقون و- ح- و- ان- عن يعقوب {نُورِثُ}بإسكان الواو وتخفيف الراء.
والوجه أن أورث وورث واحد في المعنى، وكلاهما يتعدى إلى مفعولين، تقول أورث فلان زيداً مالاً وورثه إياه، ولازمهما ورث بكسر الراء). [الموضح: 821]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:46 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (64) إلى الآية (67) ]
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)}

قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)}

قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {هل تعلم له سميا} [65].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/19]
روى هارون عن أبي هارون عن أبي عمر {هل تعلم له} مدغمًا. وكذلك حمزة والكسائي يدغمان لقرب اللام من التاء.
والباقون يظهرون؛ لأنهما من كلمتين ففرقوا بين المتصل والمنفصل. فالمتصل {التابوت} والمنفصل {هل تعلم} ومعنى قوله: {هل تعلم له سميا} أيسمي الولد. وقيل: هل تعلم في السهل والجبل والبحر والمشرق والمغرب أحدًا اسمه الله غير الله عز وجل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/20]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عليّ بن نصر عن أبي عمرو: هل تعلم له [مريم/ 65] يدغم اللام ويقول: إن شئت أدغمته، وما كان مثله، وإن شئت بيّنته. وقال هارون عن أبي عمرو إنه كان يدغم هل تعلم ثم رجع إلى البيان.
قال أبو علي: يرى سيبويه: أن إدغام اللام في الطاء والدال والتاء والصاد والزاي والسين جائز، وجواز إدغامها فيهن على أن آخر مخرج اللام قريب من مخارجهنّ، وهن حروف طرف اللسان، وليس إدغام اللام في الطاء والدال والتاء. في الحسن كإدغامها في الحروف الستة، لأن هذه أخرج من الفم من تلك. وقد جاز إدغامها أيضا في الطاء وأختها. قال: وقرأ أبو عمرو هل ثوب الكفار [المطففين/ 36] فإذا أدغمها في التاء مع أنها أخرج من الفم، فإدغامها في التاء التي هي أدخل فيه أجدر. ومما أدغم فيه اللام في التاء: بل تؤثرون الحياة الدنيا [الأعلى/ 16] وأنشد لمزاحم العقيلي:
فذر ذا ولكن هتّعين متيّما... على ضوء برق آخر الليل ناصب). [الحجة للقراء السبعة: 5/203]

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويقول الإنسان أإذا ما متّ (66)
قرأ ابن عامر وحده (إذا ما متّ) بكسر الألف على الخبر لا استفهام فيه، وقرأ الباقون بالاستفهام.
قال أبو منصور: الإنسان ها هنا عنى به الكافر الذي لا يؤمن بالبعث خاصة ومن قرأ (أإذا ما متّ) فهو استفهام معناه الإنكار، كأنه أنكر أن يخرج حيًّا يعد موته.
والدليل عليه قوله (أولا يذكر الإنسان..) الآية.
[معاني القراءات وعللها: 2/136]
ومن قرأ (إذا ما متّ لسوف أخرج) بكسر الألف لا استفهام فيه كأنه خبر، معناه التهكم والاستهزاء، لا أعرف له وجهًا غيره.
والقراءة بالاستفهام، وعليه أكثر القراء). [معاني القراءات وعللها: 2/137]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {أإذا ما مت} قرأه ابن ذكوان بهمزة واحدة على لفظ الخبر، وقرأه الباقون بهمزتين، وكل واحد على أصله المذكور.
فحجة من قرأ بهمزتين أنه أدخل همزة الاستفهام فيها على معنى التوبيخ والتقرير للمخبر عنه أنه يقول: لا يبعث أبدا... وتقريره على كفره. وكذلك من مده أنه استثقل الجمع بين همزتين فخفف الثانية بين بين وأدخل بينهما ألفا للفصل بين الهمزتين؛ لأن المخففة بزنتها محققة كما فعل في «أنذرتهم» وشبهه.
21- وحجة من قرأ بهمزة واحدة أنه لما أتى الكلام ليس باستخبار لم يأت بلفظ يدل على الاستخبار فأتى به على لفظ الخبر الذي معناه التوبيخ والتقرير.
22- قوله: {أو لا يذكر الإنسان} قرأه نافع وعاصم وابن عامر بضم الكاف والتخفيف، وقرأه الباقون بفتح الكاف والتشديد.
وحجة من خفف أنه جعله من «الذكر» الذي يكون عقيب النسيان والغفلةز
23- وحجة من شدد أنه جعله من «التذكر» الذي هو بمعنى التدبر، فأصله «يتذكر» ثم أدغمت التاء في الذال، وهو الاختيار؛ لأنه أبلغ في المعنى في التدبر والاعتبار للإنسان بخلق نفسه، كما قال: {وضرب لنا مثلًا ونسي خلقه} «يس 78»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/90]

قوله تعالى: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {أو لا يذكر الإنسان} [67].
قرأ نافع وعاصم وابن عامر {أو لا يذكر} بالياء خفيفًا.
والباقون يشددون. وقد ذكرت علته في غير موضع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/19]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: (أولا يذكر الإنسان) [مريم/ 67].
[الحجة للقراء السبعة: 5/203]
فقرأ عاصم ونافع وابن عامر: أولا يذكر الإنسان ساكنة الذال خفيفة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي بفتح الذال مشدّدة الكاف (يذّكّر).
قال أبو علي: التذكّر يراد به التدبّر والتفكر، وليس تذكرا عن نسيان. والثقيلة كأنه في هذا المعنى أكثر، فمن ذلك قوله: أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر [فاطر/ 37] وقال: إنما يتذكر أولو الألباب [الرعد/ 19] [الزمر/ 9] فإضافته إلى (أولي) يدلّ على أن المراد به النظر والتفكّر. والخفيفة في هذا المعنى دون ذلك في الكثرة، وقد قال: إن هذه تذكرة [الإنسان/ 29] فمن شاء ذكره [عبس/ 11].
وزعموا أن في حرف أبي: (أولا يتذكّر الإنسان). فأما قوله: ولم يك شيئا [مريم/ 67] فمعناه: لم يك شيئا موجودا، وليس يراد أنّه قبل الخلق لم يقع عليه اسم شيء، وهذا كما قال: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا [الإنسان/ 1] وقد قال: إن زلزلة الساعة شيء عظيم [الحج/ 1] والمعنى: أولا يذكر الإنسان الجاحد للبعث أول خلقه، فيستدلّ بالابتداء على أن الإعادة مثل الابتداء، كما قال: قل يحييها الذي أنشأها أول مرة [يس/ 79] وقال: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه [الروم/ 27] وقال: وضرب لنا مثلا ونسي خلقه [يس/ 78] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/204]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا}
قرأ نافع وابن عامر وعاصم {أولا يذكر الإنسان} بالتّخفيف أي أولا يعمل أولا يتنبّه من ذكر يذكر وحجتهم قوله تعالى {كلا إنّها تذكرة فمن شاء ذكره}
وقرأ الباقون {أولا يذكر} بالتّشديد أي أولا يتدبر ويتفكر
[حجة القراءات: 445]
ويعتبر والأصل يتذكّر فأدغموا التّاء في الذّال وحجتهم قوله تعالى و{إنّما يتذكّر أولوا الألباب} ). [حجة القراءات: 446]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {أَوَلا يَذْكُرُ الإنسَانُ}[آية/ 67] بالتخفيف:
قرأها نافع وابن عامر وعاصم و- ان- عن يعقوب.
والوجه أنه من الذكر الذي يراد به التفكر والتدبر، وهو هنا مثل التذكر في المعنى، كما قال الله تعالى {كَلاَّ إنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ}والمراد: أو لا يذكر الإنسان الجاحد للبعث أول خلقه فيستدل بالإبداء على الإعادة.
[الموضح: 821]
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب- ح- و- يس- «يذكر» بالتشديد.
والوجه أن أصله يتذكر، فأدغم التاء في الذال، ومعنى التذكر ههنا التدبر والتفكر، وهو ما قررناه في القراءة الأولى، والتذكر في معنى التدبر أكثر من الذكر، فلهذا كان أكثر القراء عليه). [الموضح: 822]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:48 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (68) إلى الآية (72) ]
{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}

قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)}

قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)

قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد بلغت من الكبر عتيًّا) وقوله (بكيًّا (58) و(صليًّا (70) و(جثيًّا (72).
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكيًّا) فإن حفصًا خالفهما فضم الباء من (بكيًّا) وقرأ الباقون أوائلهنٌ بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو منصور: أما (عتيًّا) فهو مصدر عتا يعتو عتيًّا، وكان في الأصل عتوًّا فأدغمت الواو في الياء وشددت.
ومن قرأ (عتيًّا) بكسر العين فإنه كسر العين لكسرة التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع باك، وكان في الأصل: بكوًّا، وكذلك صليًّا: جمع صالٍ - وجثيًّا: جمع جاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فعول) فإنه يجوز أن يجعل جمعًا لفاعل كقولك: حضرت حضورًا، وقومٌ حضورٌ، وشهدت شهودًا، وقومٌ شهودٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/131] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)

قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)}

قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقد بلغت من الكبر عتيًّا) وقوله (بكيًّا (58) و(صليًّا (75) و(جثيًّا (72).
قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر أوائل هذه الحروف، إلا (بكيًّا) فإن حفصًا خالفهما فضم الباء من (بكيًّا) وقرأ الباقون أوائلهنٌ بالضم.
[معاني القراءات وعللها: 2/130]
قال أبو منصور: أما (عتيًّا) فهو مصدر عتا يعتو عتيًّا، وكان في الأصل عتوًّا فأدغمت الواو في الياء وشددت.
ومن قرأ (عتيًّا) بكسر العين فإنه كسر العين لكسرة التاء.
وكذلك سائر الحروف.
وبكيًّا: جمع باك، وكان في الأصل: بكوًّا، وكذلك صليًّا: جمع صالٍ - وجثيًّا: جمع جاثٍ، وكل مصدر يجيء على (فعول) فإنه يجوز أن يجعل جمعًا لفاعل كقولك: حضرت حضورًا، وقومٌ حضورٌ، وشهدت شهودًا، وقومٌ شهودٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/131] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا} [72]. قرأ الكسائي وحده {ثم ننجي} خفيفًا من أنجي ينجي.
والباقون {ننجي} والأمر بينهما قريب، نحبي وأنحبي مثل كرم وأكرم، و«ثم» حرف نسق؛ لأن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها} [71]. فما أحد إلا هو يرد النار تحلة القسم، الدليل على ذلك قوله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظلمين فيها جثيا} وقال آخرون: ليس يرد الموحد النار. واحتجوا بما حدثني ابن مجاهد. قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن أبي داود عن شعبة عن عبد الله بن السائب قال: حدثني من سمع ابن عباس يقرأ: {وإن منهم إلا واردها} يعني: من الكفار. وكذلك قرأها ابن كثير في راية، وعكرمة. وحدثني ابن مجاهد أيضًا قال: حدثني إسماعيل بن عبد الله بن إسماعيل، عن أبي زيد في قوله: {وإن منكم إلا واردها}. قال: ورود المسلمين المرور على الجسر، وورود الكافرين الدخول.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/20]
قال ابن مجاهد: وحدثني فضل الوراق قال: حدثنا روح، عن علي بن نصر، عن مطرف [النهدي] عن ابن كثير {وإن منهم إلا واردها} فإن سأل سائل ما معنى قوله: {ثم ننجي}؟ فقل: احتجت هذه الطائفة بقراءة ابن عباس وعاصم الحجدري وابن ألي ليل ويعقوب الحضرمي {ثم} بفتح الثاء أي: هنالك، وليس في القرآن ما يكون حرفًا وأسمًا إلا هذا، وقوله: {من بعثنا من مرقدنا} و{من بعثنا من مرقدنا}و {هذا سراط على مستقيم} و{على مستقتيم} قرأ به ابن سيرين، و{كلا سيكفرون} [82] قرأ بذلك أبو نهيك. {ومن تحتها} وقد ذكرته). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/21]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ ننجي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيا}
قرأ الكسائي {ثمّ ننجي الّذين اتّقوا} بالتّخفيف من أنجى ينجي
وقرأ الباقون بالتّشديد من نجى ينجي وهما لغتان مثل كرم وأكرم). [حجة القراءات: 446]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {ثم ننجي} قرأه الكسائي بالتخفيف من «أنجى» وشدد الباقون، جعلوه من «نجى»، وكلاهما بمعنى، واللغتان في القراءتين كثير، وفي التشديد معنى التكرير والتكثير، كأنه نجاة بعد نجاة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/91]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {مِنَ الكِبَرِ عِتِيًا}[آية/ 8 و69] بكسر العين:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {بُكِيًا} و{جِثِيًا} و{صِلِيًا}مكسورات الأوائل.
ووافقهما- ص- عن عاصم، إلا في قوله {بُكِيًا}فإنه ضمه.
والوجه أنها أبنية على وزن فعول من معتل اللام، وما كان من ذلك فيكون على ضربين: مصدر وجمع، فالمصدر كعتي والجمع كجثي، فما كان جمعًا فلا يخلو إما أن يكون اللام واواً أو ياءً فما كان لامه واواً من ذلك، فإن العرب تقلب الواو الأخيرة ياء، فتجتمع الواو والياء، وأحدهما سابق بالسكون، ثم تقلب الواو ياء، ثم تدغم الياء في الياء، نحو جمع دلوٍ فإنه في
[الموضح: 812]
القياس دلوؤ فيجعلون الأخيرة ياء، فيبقي دلوي ثم يقلبون الأولى أيضًا ياءً، فيدغمون الياء في الياء، فبقي دلي، ثم أنهم لما أجروا عليها تغييرين، أقدموا أيضًا على تغيير آخر بأن كسروا فاء الكلمة، فقالوا دلي بكسر الدال، ومثله خفي وجثي وعتي، فالكسر لأجل التغييرين، وأما ما كان لامه ياء، نحو ثدي وجلي وصلي فإنهم يكسرون الفاء أيضًا، وإن لم يكن فيها التغييران؛ لأن الأصل ثدوي فقلبت واو فعول ياءً لاجتماع الواو والياء وسكون الأول، فأدغمت الياء في الياء، فبقي ثدي وحلي، فالتغيير فيها واحد، وهو قلب واو فعلو، إلا أنهم أجروها مجرى ما كان من الواو فكسروا فاءها.
وأما ما كان مصدراً من ذلك، فإن كان من الواو فالقياس يقتضي تصحيحه نحو العلو والعتو، بخلاف الجمع فإن الجمع لثقله يلزم فيه الإعلال بالقلب؛ لأن الياء أخف من الواو، لكنهم عاملوا المصدر معاملة الجمع، فقالوا عتي كما قالوا دلي، ثم كسروا الفاء لمكان التغييرين كالجمع، فقالوا عتي بكسر العين، وعلى هذا جاء في حرف عبد الله {ظُلْمًا وعُليًا}بالياء وكسر العين يعني علواً.
وأما ما كان مصدراً من الياء فلا يستمر الكسر في فائه كما استمر في الجمع، والمصدر الذي من الواو؛ لأنه ليس بجمع ولا فيه تغييران، ألا ترى أن أحداً لم يرو في المضي إلا ضم الميم، قال الله تعالى {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا}بالضم على الاتفاق.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم بضم أوائل الجميع.
والوجه أن الضم فيما ذكرنا كله هو الأصل، وما كان أصلاً فلا يحتاج فيه إلى التعليل). [الموضح: 813] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا}[آية/ 72] بتخفيف النون الثانية:
قرأها الكسائي ويعقوب.
وقرأ الباقون {نُنَجِّي}بالتشديد، وقد ذكرنا غير مرة أن الإنجاء والتنجية بمعنى واحد، وأن النقل بالهمزة مثل النقل بالتضعيف). [الموضح: 822]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:49 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (73) إلى الآية (76) ]
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}

قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (خيرٌ مّقامًا (73) و: (لا مقام لكم)
و (في مقامٍ أمينٍ).
قرأ ابن كثير وحده (خيرٌ مقامًا) بضم الميم، وفتح الباقي، وقرأ حفص وحده (لا مقام لكم) بضم الميم في الأحزاب، وفتح الباقي.
وقرأ نافع وابن عامر في الدخان (في مقام أمين) بضم الميم، وفتحا الباقي. وقرأ الباقون بفتح الميم فيهن أجمع.
قال أبو منصور: (المقام) بضم الميم معناه: الإقامة، يقال: أقمت مقامًا وإقامة.
والمقام: المكان الذي يقام فيه - وأنشد أبو عبيد للطرمّاح:
شت شعب الحي بعد التئام... وشجاك الربع ربع المقام
ويروى: ربع المقام - فمن رواه (ربع المقام) أراد: ربع المكان الذي يقام.
ومن روى (ربع المقام) أراد: دار الإقامة). [معاني القراءات وعللها: 2/137]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {خير مقامًا} [73].
قرأ بن كثير: {خير مقامًا}.
والباقون يفتحون، فالمقام: الإقامة. يقال: طال مقامي بالبلد، وأقمت بالبلد مقامًا، وإقامة. والمقام بالفتح كقوله تعالى: {مقام إبراهيم}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/21]
فأما قوله في (الأحزاب): {لا مقام لكم فارجعوا} فقرأها عاصم في رواية حفص بالضم.
والباقون يفتحون.
وقوله في (الدخان): {مقام أمين}. فضمنها نافع، وابن عامر.
والباقون يفتحوهن.
فإن قيل لك: بم انتصب {خير مقامًا}؟
فقل: على التمييز، كما تقول: هو أحسن منك وجهًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/22]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {وأحسن نديًا} [73].
الندي والنادي: المجلس. قال الله تعالى: {وتأتون في ناديكم المنكر} قيل: المنكر: مضع العلك، وحل الإزرار، والضحك، والضرط، والحذف بالحصا، والاستبال على الطر. والرجل المنادي: المجالس يقال: فلان ينادي الملوك أي: يجالسهم، قال زهير:
وجار الميت والرجل المنادي = أمام الحي عهدهما سواء
والمنادي: النبي صلى الله عليه وسلم من قوله تعالى: {واستمع يوم يناد المناد} وقيل: هو إسرافيل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/22]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: خير مقاما [مريم/ 73] في ضم الميم وفتحها في مريم والدخان والأحزاب.
[الحجة للقراء السبعة: 5/204]
فقرأ ابن كثير: (خير مقاما) بضم الميم وفي مقام أمين [الدخان/ 51] بفتح الميم، و (لا مقام لكم) [الأحزاب/ 13] بفتح الميم أيضا.
وقرأ نافع وابن عامر: (في مقام أمين) بضم الميم، وخير مقاما بفتح الميم و (لا مقام لكم) بفتح أيضا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي وأبو عمرو: خير مقاما بفتح الميم، وفي مقام أمين بالفتح، و (لا مقام لكم) بالفتح فيهن.
وروى حفص عن عاصم في الأحزاب: لا مقام لكم بالضم و (خير مقاما) وفي مقام أمين بفتح الميم فيهما. وروى غيره: (لا مقام لكم) بفتح الميم.
اعلم أنهم قد قالوا: قام يقوم، وأقام يقيم، والمصدر واسم الموضع جميعا من فعل يفعل على: مفعل، وذلك نحو: قتل يقتل مقتلا، وهذا مقتلنا، وكذلك: المقام، يستقيم أن يكون اسما للمصدر ويستقيم أن يكون اسم الموضع. وأما أقام يقيم فالمصدر والموضع يجيئان منه على مقام، وكذلك ما زاد من الأفعال على ثلاثة أحرف بحرف زائد أو حرف أصل، فالمقام يصلح أن يكون الإقامة فتقول: أقمت إقامة، ومكان الإقامة مقام أيضا وعلى هذا قوله: (بسم الله مجراها ومرساها) [هود/ 41] تقديره: إجراؤها وإرساؤها، وقد يكون المقام: المكان الذي تقيم فيه، فهذا هو الأصل المقام والمقام، وقال: فيه آيات بينات مقام إبراهيم [آل عمران/ 97] فهذا على موضع قيامه،
[الحجة للقراء السبعة: 5/205]
وليس المصدر. وزعم أبو الحسن أنهم يقولون للمقعد: المقام، وللمشهد: المقام. وتأوّل قوله: قبل أن تقوم من مقامك [النمل/ 39] أي: من مشهدك، وهذا مما لا يسوغ فيه أن يكون اسما للموضع، ألا ترى أن المصدر لا يكون هاهنا، وأمّا قوله: إن المتقين في مقام أمين [الدخان/ 51] فالمعنى على الموضع، ألا ترى أن الموضع يوصف بالأمن، كما يوصف بخلافه الذي هو الخوف، كما قال:
يا ربّ ماء صرىّ وردته... سبيله خائف جديب
فأمّا من قرأه: (في مقام أمين) [الدخان/ 51] فإن المقام اسم لما يقيم فيه، ويثوي. يدلّك على ذلك ما قدّمناه من وصفه بالأمن، ويدلّ عليه أيضا قول حسّان:
ما هاج حسّان رسوم المقام فالرسم إنما يضاف إلى الأمكنة، ولا يضاف إلى الأحداث، وعلى هذا قال الشاعر:
رسم دار وقفت في طلله
[الحجة للقراء السبعة: 5/206]
وأمّا قول الشاعر:
وفيهم مقامات حسان وجوهها... وأندية ينتابها القول والفعل
فإنّما هذا على حذف المضاف، أي: أهل مقامات ومشاهد.
وروى السكري عن الأصمعي أنه قال: المجلس: القوم، وأنشد:
واستبّ بعدك يا كليب المجلس قال أبو علي: والمجلس: موضع الجلوس، والمعنى: على أهل المجلس، كما أن المعنى على أهل المقامات. قال السكري: المقامة المجلس والمقام: المنزل. فأما قوله: الذي أحلنا دار المقامة من فضله [فاطر/ 35] فهو من الإقامة. وسمّي دار المقامة كما سمّي دار الخلد، وجنات عدن، وكلّ ذلك من اللّبث والمكث، وأنشد أبو زيد:
إنّ التي وضعت دارا مهاجرة... بكوفة الخلد قد غالت بها غول
قالوا: زعم الأصمعي أن هذا تصحيف، وإنّما هو بكوفة الجند، قال الجرمي: ليس بتصحيف، وإنما هو بكوفة الخلد، وإنما المعنى
[الحجة للقراء السبعة: 5/207]
أن أهلها قاطنون فيها، لا ينتقلون للنجع، وطلب المراعي، وأما ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر:
وذاك فراق
لا فراق ظعائن... لهنّ بذي القرحى مقام ومحتمل
فإن المقام مصدر كما أن خلافه الذي هو محتمل كذلك فأما قوله (لا مقام لكم فارجعوا) [الأحزاب/ 13] فالمعنى: لا مشهد لكم، لأن المقام قد أريد به المشهد، ومن قرأ لا مقام: أراد الإقامة، وكلا الأمرين سائغ، وقد يكون المقام حيث يقوم الإنسان، مما يدلّ على ذلك قول الراجز:
هذا مقام قدمي رباح... للشمس حتى دلكت براح
المعنى: هذا موضع قيامه، وأما قوله: (أي الفريقين خير مقاما) [مريم/ 73] فمن ضم الميم كان اسما للمثوى ومن فتح، كان كذلك أيضا، ألا ترى أن النديّ والنادي هما المجلس، من ذلك قوله:
(وتأتون في ناديكم المنكر) [العنكبوت/ 29] ومن ذلك قول كثير:
أناديك ما حجّت حجيج وكبّرت... بفيفا غزال رفقة وأهلّت
[الحجة للقراء السبعة: 5/208]
فأما المقام فيمن ضمّ، وفيمن فتح على اسم المكان، وليس اسم الحدث، ويدلّ على ذلك: وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا [مريم/ 74] فلا يراد بهذا الحدث، إنما يراد به حسن الشارة والمنظر، وهذا إنما يكون في الأماكن فعلى هذه المسالك تسلك وجوه هذه القراءات). [الحجة للقراء السبعة: 5/209]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا}
قرأ ابن كثير {خير مقاما} بضم الميم أي إقامة يقال طال مقامي بالبلد وأقمت بالبلد مقاما وإقامة
وقرأ الباقون خير مقاما بالفتح أي مكانا تقول قام يقوم مقاما وهذا مقامنا فالمقام يستقيم أن يكون مصدرا ويستقيم أن يكون اسم الموضع). [حجة القراءات: 446]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {خيرٌ مقامًا} قرأه ابن كثير بضم الميم، وفتحها الباقون.
وحجة من فتح أنه جعله مصدرًا أو اسم مكان من «قام يقوم» لأن المصدر واسم المكان من «فعل يفعل» على «مفعل».
26- وحجة من ضم أنه جعله مصدرًا أو اسم مكان من «أقام يقوم» لأن المصدر منه واسم المكان من «مفعل»، فالقراءتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/91]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {خَيْرٌ مَّقَامًا}[آية/ 73] بضم الميم:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن يجوز أن يكون اسمًا لمكان الإقامة؛ لأن مفعلاً قد يكون للمكان، فمقام هاهنا مفعل للمكان، ويجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإقامة؛ لأن مفعلاً قد يأتي مصدراً أيضًا كما يأتي للمكان.
[الموضح: 822]
وقرأ نافع وابن عامر بالفتح ههنا، وكذلك في الأحزاب، لكن {مَقَامٍ أَمِينٍ}، في الدخان بالضم.
وقرأ- ص- عن عاصم ههنا أيضًا بالفتح، وكذلك في الدخان، وبالضم في الأحزاب.
وقرأ أبو عمرو وعاصم- ياش- وحمزة والكسائي ويعقوب بالفتح في الأحرف الثلاثة.
والوجه أن {مَقَامًا}بالفتح مفعل من القيام، يجوز أن يكون مصدراً من قام قيامًا ومقامًا، ويجوز أن يكون اسمًا لمكان القيام.
ومتى حمل في القراءتين على معنى المكان كان أحسن، لما قُرن به من ذكر المكان فيما بعد من قوله: {وأَحْسَنُ نَدِيًا} ). [الموضح: 823]

قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ (أثاثًا ورئيًا (74)
[معاني القراءات وعللها: 2/137]
قرأ نافع وابن عامر (ريّا) بغير همزة. وروى ورش وابن جماز وأبو بكر بن أبي أويس عن نافع (ورءيًا) بهمزة بين الراء والياء.
وقرأ الباقون (ورءيًا) مهموزًا.
قال أبو منصور: من قرأ (ورءيًا) بالهمز فالمعنى: هم أحسن أثاثًا، أي: متاعًا، وأحسن رءيًا، أي: منظرًا، من رأيت، هكذا. قال الفراء.
وقال الأخفش: الرئي: ما ظهر عليه مما رأيت.
ومن قرأ (ريّا) بغير همز ففيه قولان:
أحدهما: أنه أريد به الرئي، فحذف الهمزة.
والقول الثاني: أن منظرهم مرتو من النعمة، كأنّ النعيم بيّن فيهم.
وأفادني المنذري عن ابن اليزيدي النحوي عن أبي زيد أنه قال: الرئي: الزينة، من رأيت.
وقال غيره: الرّي: بغير همز: النعمة، وهذا حسنٌ). [معاني القراءات وعللها: 2/138]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {أثاثًا ورءيا} [74].
قرأ قراءة نافع برواية قالون وابن عامل برواية اين ذاكوان [فبالهمز أيضًا] فمن همز فمعناه: المنظر الحسن، فقيل من الرؤية، ومن لم يهمز فله حجتان:
إحداهما: أن يكون أراد الهمز فترك، كما قرأووا {خير البرية} والأصل: بريئة.
والحجة الثانية: أن تأخذه من الري، وهو امتلاء الشباب، والنضارة أي: تري الري في وجهوههم. تقول العرب: قد تجبر في وجهه ماء الشباب.
وفيها قراءة ثالثة: قراءة سعيد بن جبير {أثاثًا وزيًا} جعله من الزي أنشدني ابن دريد:-
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/23]
أهاجتك الضغائن يوم بانوا = بذي الزي الجميل من الأثاث
والأثاث: متاع البيت، وجمعها آثثة. وقد يجوز آثاث، وأثث..
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال: يقال أثثت الجارية: إذا زينتها. وأرقت الجارية وأرعدت: إذا تزينت. والزي لا يثني ولا يجمع؛ لأنه كالمصدر، وزعنفها مثله. وترمنعت وتزتتت، وأنشد:
* إن فتاة الحي بالتزتت *). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/24]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في همز ورئيا وتركه (مريم/ 74).
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: ورئيا مهموزة بين الراء والياء في وزن رعيا.
وقرأ ابن عامر ونافع: (وريّا) بغير همز، وروى ابن جمّاز وورش وأبو بكر بن أبي أويس: ورئيا بالهمز بين الراء والياء.
أخبرني محمد بن عبد الله، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت أشهب يقول: سمعت نافعا يقرأ: ورئيا مهموزا. وروى إسماعيل بن جعفر وقالون والمسيّبي والأصمعي عن نافع: (وريّا) غير مهموز. وأخبرنا محمد بن يحيى الكسائي عن أبي الحارث عن أبي عمارة عن يوسف عن ابن جماز عن أهل المدينة: (وريّا) غير مهموز.
وذكر غير أحمد بن موسى أن الأعشى روى عن أبي بكر عن عاصم: (وريئا) مثل: وريعا. أبو عبيدة: رئيا ما ظهر مما رأيت. قال
[الحجة للقراء السبعة: 5/209]
أبو علي: رئي فعل من رأيت، وكأنه اسم لما ظهر وليس المصدر، إنما المصدر الرأي والرؤية، يدلّك على ذلك قوله: يرونهم مثليهم رأي العين [آل عمران/ 13] والرأي الفعل، والرئي: المرئي، كالطّحن والطّحن والسّقي والسّقي، والرّعي والرّعي.
فأما ما روي عن عاصم من قوله: (وريئا)، فإنه قلب الهمزة التي هي عين إلى موضع اللام فصار تقديره، فلعا. فأما قولهم: له رواء، فيمكن أن يكون فعالا من الرؤية، فإن كان كذلك جاز أن تحقق الهمزة، فيقال: رآء، فإن خففت الهمزة أبدلت منها الواو، كما أبدلتها من جون وتودة، فقلت: رواء، ويجوز في الرواء أن يكون فعالا من الريّ فلا يجوز همزة، كما جاز في قول من أخذه من باب رأيت، فيكون في المعنى أنه له طراءة وعليه نضارة، لأن الريّ يتبعه ذلك، كما أن العطش يتبعه ذلك الذبول والجهد.
ومن خفّف الهمزة من رئيا لزم أن يبدل منها الياء لانكسار ما قبلها كما تبدل من ذيب وبير، فإذا أبدل منها الياء وقعت ساكنة قبل حرف مثله فلا بد من الإدغام، وليس يجوز الإظهار في هذا كما جاز الإظهار للواو في نحو رؤيا وروية، ونوي، إذا خففت الهمزة فيها، لأن الياء في ريّا قبل مثل، ووقعت في رؤيا قبل ما يجري مجرى المقارب، فإن خفّفت الهمزة على ما روى عن عاصم من قوله: (ريئا) حذفتها وألقيت حركتها على الياء التي قبلها فقلت: ريّا ومن قال: سوء وسيّ قلب على قياس قوله: ريّا). [الحجة للقراء السبعة: 5/210]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة: [وريًِا]، خفيفة بلا همز.
[المحتسب: 2/43]
وقرأ: [وَزِيًّا]، بالزاي سعيد بن جبير ويزيد البربري والأعسم المكي.
قال أبو الفتح: النظر من ذلك في [وَرِيًّا]، خفيفة بلا همز؛ وذلك أنه في الأصل فعل إما من رأيت وإما من رويت، فأصله -وهو من الهمز- [ورِثْيًا] كَرِعْيًا، على قراءة أبي عمرو وغيره؛ فأريد تخفيف الهمز، فأبدلت الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم أدغمت الياء المبدلة من الهمزة في الياء الثانية التي هي لام الفعل، فصارت [وَرِيًّا].
ويجوز أن يكون من رويت قال أبو علي: وذلك لأن المريان نضارة وحسنا؛ فيتفق إذا معناه ومعنى "وزيا" بالزاي. وأصله على هذا "رِوْيٌ"، فأبدلت الواو ياء، وأدغمت في الياء بعدها؛ فصارت [وَرِيًّا].
حدثنا أبو علي عن ابن مجاهد أن القراءة فيها على ثلاث أضرب: [ورِثْيًا]، [وَرِيًّا]، [وَزِيًّا] فهذا هذا.
فأما [رِيًا]، مخففة غير مهموزة فتحتمل أمرين:
أحدهما أن تكون مقلوبة من فعل إلى فلع؛ فصارت في التقدير [رِيئًا]، ثم خفف على هذا، فحذفت الهمزة، فألقيت حركتها على الياء؛ فصارت "رِيًا"، كقولك في تخفيف نيء: أكلت طعاما نِيًا، وفي تخفيف الجيئة: الجية. فإن خففت البيئة من قولهم: بات بيئة سوء قلت فيها: البِوَة، وذلك أنها في الأصل بِوْءَة، لأنها فِعْلَة من تَبَوَّأت، فانقلبت الواو ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها، فصارت بيئة، فإذا ألقيت عليها فتحة الهمزة قويت بها، فرجعت الواو لقوة الحرف بالحركة، فقلبت "بِوَة" وقد استقصينا هذا الموضع من كتابنا المعرب، فهذا أحد الوجهين في "رِيًا" بالتخفيف.
والآخر أن يكون يريد "رِيًا" من رويت، ثم يخفف الكلمة بحذف إحدى الياءين، كما قال: أتاني القوم لا سيما زيد بتخفيف الياء، وقولهم في الطَّيَّة والنية: الطِيَة والنِّيَة، بحذف إحدى الياءين. وينبغي أن تكون المحذوفة من ذلك كله هي الياء الثانية؛ لأمرين:
أحدهما أنها هي المكررة، وبها وقع الاستثقال، وإياها ما حذف.
[المحتسب: 2/44]
والآخر أنها لام، وقد كثر حذف اللام حرف علة: كمائة، ورِئة، وفِئة. وقلما تحذف العين، فهذا هذا.
وأما "الزِّي"، بالزاي ففِعل من زَوَيْت؛ وذلك أنه لا يقال لمن له شيء واحد من آلته: زِيٌّ، حتى تكثر آلته المستحسنة، فهي إذا من زويْت، أي جمعت.
ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "زُوِيَت لِيَ الأرضُ"، أي جمعت، ومن قول الأعشى؛
يَزِيدُ يغُضّ الطرْفَ دُونِي كَأَنَّما ... زَوَى بين عَيْنَيْه علَى المَحَاجِمِ
وأصلها زِوْيٌ، فقلبت الواو على ما مضى، وأدغمت في الياء). [المحتسب: 2/45]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا} 74
قرأ نافع وابن عامر (أحسن أثاثا وريا) بالتّشديد وقرأ ورش عن نافع {ورئيا} بالهمزة وبه قرأ الباقون المعنى هم أحسن متاعا
[حجة القراءات: 446]
ورئيا أي منظرًا من رأيت ومن لم يهمز فله حجتان إحداهما أن يكون أراد الهمز فترك كما قرؤوا {خير البريّة} والأصل {رئيا} بالهمز ثمّ تركت الهمزة فصارت ياء مثل ذيب إذا تركت الهمزة ثمّ أدغمت الياء في الياء فصارت ريا مشددا فهذا مثل الأول في التّفسير والثّانية أن تأخذه من الرّيّ وهو امتلاء الشّباب أي أن منظرهم مرتو من النّعمة كأن النّعيم بين فيهم). [حجة القراءات: 447]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (27- قوله: {ورءيا} قرأه قالون وابن ذكوان بتشديد الياء، من غير همز، وهمز الباقون.
وحجة من لم يهمز أنه يحتمل أن يكون من «ري الشارب» فلا أصل له في الهمز، أي: أحسن أثاثًا وأحسن شربا، ويجوز أن يكون من «الرواء»، وهو ما يظهر من الزي في اللباس وغيره، فيكون أصله الهمز، ولكن خففت الهمزة، فأبدل منها ياء، وأدغمت في الياء التي بعدها، وفيه قبح لتغير الياء مرة بعد مرة، ولأن لفظ الياء الأول عارض، والهمزة منوية، وهي لا تدغم في الياء فكذلك لا يدغم ما عوض منها، وعلى ذلك ومثله رؤيا في وقف حمزة بغير إدغام، يبدل من الهمزة ياء ولا يدغمها فيما بعدها، وقد روي عنه الإدغام، وهو بعيد على ما ذكرتُ لك، ومثله «رؤيا» في وقف حمزة يبدل من الهمزة واوا ساكنة ولا يدغمها في الواو على أصل وقوع الواو الساكنة قبل الياء نحو في ميت والياء على أصل وقوع الياء الساكنة قبل الياء في نحو: «ميت وهين ومرضي» والياء على أصل وقوع الياء الساكنة قبل الياء في نحو: «ميت وهين ومرضي» ونحوه؛ لأن الهمزة مرادة منوية، ولفظ الواو عارض، لكن الإدغام في «وريا» إذا جعلته من الهمز أخف من الإدغام في «رؤيا» لأنه يجتمع في «وريا»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/91]
مثلان، ولا يجتمع ذلك في «رؤيا» في التخفيف، وأيضًا فإنه ليس في كلام العرب مثلان الأول منهما ساكن، اجتمعا في كلمة لم يدغم الأول في الثاني، فقوي الإدغام في «وريا» إذا سهلت، وتجد مثلين متقاربين في كلمة، والأول ساكن، لا يدغم الأول في الثاني، فقوي الإظهار في تخفيف «رؤيا» فافهم الفرق بينهما.
28- وحجة من همز أنه جعله من الرواء الزينة فأتى به على الأصل وهو من «رأيت» فهو اسم لما ظهر على المرء، وليس هو بمصدر). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/92]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {أَثَاثًا ورِيًا}[آية/ 74] بتشديد الياء غير مهموزة:
قرأها نافع- ن- و- يل-، وابن عامر.
والوجه أن أصله: رأي على وزن رعي، وهو فعل بكسر الفاء من رأيت كالطحن والسقي بكسر الأول منهما، وهو اسم لما يرى ويظهر فخففت الهمزة المكسور ما قبلها فصار ريي كذئب وبئر فلم يكن بد حينئذ من الإدغام فأدغم الياء في الياء فصار {رِيًا}بالتشديد.
وروى- ياش- عن عاصم {ريئًا}على وزن ريعًا.
[الموضح: 823]
والوجه أنه مقلوب من رئي كرعي، كما سبق، فنقلت الهمزة التي هي عين إلى موضع اللام، فانتقل من رئي إلى رئئ، فصار في وزن فلعٍ، وأصله فعل.
وقرأ الباقون {رِئيًا}بهمز بعد الراء، وياء بعده، مثل رعي.
والوجه أنه هو الأصل، وهو فعل من الرؤية: اسم لما ظهر من الشيء كالطحن والسقي وقد ذكرناه.
وكان حمزة إذا وقف ترك الهمزة؛ لأن الوقف موضع تغيير). [الموضح: 824]

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75)}

قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:51 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (77) إلى الآية (82) ]
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لأوتينّ مالًا وولدًا (77)
[معاني القراءات وعللها: 2/138]
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (ولدًا) بفتح اللام والواو في كل القرآن.
إلا في سورة نوح فإنهم قرأوا (ماله وولده إلّا خسارًا) بضم الواو، وسكون اللام.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر (لأوتينّ مالًا وولدًا) و(ولده) بفتح اللام والواو في كل القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي (لأوتينّ مالًا وولدًا) بضم الواو وسكون اللام). [معاني القراءات وعللها: 2/139]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {مالاً وولدًا} [77].
قرأ حمزة، ولاكسائي بالضم في ستة مواضع، أربعة في (مريم) وفي (الزخرف) وفي (نوح).
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو بضم الذي في (نوح)، وفتح الباقي. والباقون يفتحون. كل ذلك.
واختلف النحويون في ذلك، فقال قوم: هما لغتان الولد والولد مثل العدم والعدم والسقم والسقم. قال الشاعر:
فليت فلانًا كان في بطن أمه = وليت فلانًا كان ولد حمار
وقال آخرون: الولد واحد، والولد جمع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/24]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضم الواو وفتحها من قوله عز وجل: وولدا [مريم/ 77] في ستة مواضع في مريم أربعة مواضع [77، 88، 91، 92]، وفي الزخرف [81] ونوح [21].
[الحجة للقراء السبعة: 5/210]
فقرأهنّ ابن كثير وأبو عمرو: وولدا بالفتح إلا في سورة نوح: (ماله وولده) فإنهما قرءاه بضم الواو في هذه وحدها.
وقرأهن نافع وعاصم وابن عامر بفتح الواو في كلّ القرآن.
وقرأهن حمزة والكسائي بضم الواو في كلّ القرآن.
قال أبو الحسن: الولد: الابن والابنة، قال: والولد: هم الأهل والولد. وقال بعضهم: بطنه الذي هو منه. قال أبو علي: الولد: هو ما ذكر في التنزيل في غير موضع مع المال، قال: المال والبنون زينة الحياة الدنيا [الكهف/ 46] وقال: إنما أموالكم وأولادكم فتنة [التغابن/ 15] وقال: إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم [التغابن/ 14].
وروى محمد بن السّريّ، عن أحمد بن يحيى عن الفراء قال:
من أمثال بني أسد: ولدك من دمّى عقبك. قال الفراء: وكان معاذ يعني: الهراء يقول: لا يكون الولد إلا جماعا، وهذا واحد، يعني:
الذي في المثل، أي: لا تقل لكل إنسان: ابني ابني وأنشد:
فليت فلانا كان في بطن أمّه... وليت فلانا كان ولد حمار
[الحجة للقراء السبعة: 5/211]
قال أبو علي: الذي قال معاذ وجه، ويجوز أن يكون جمعا كأسد وأسد، ونمر ونمر، وثمر وثمر، والفلك، ويجوز أن يكون واحدا، فيكون ولد وولد، كبخل وبخل، وحزن وحزن، وعرب وعرب، فيكون لفظ الواحد موافقا للفظ الجمع، كما كان الفلك كذلك، فلا يكون القول فيه كما قال معاذ، لأنه لا يكون إلا جمعا، ولكن على ما ذكرناه. وأما قوله: واتبعوا من لم يزده ماله وولده [نوح/ 21] فينبغي أن يكون جمعا، وإنما أضيف إلى ضمير المفرد لأن الضمير يعود إلى (من) وهو كثرة في المعنى، وإن كان اللفظ مفردا، وإنما المعنى: إنهم عصوني واتبعوا الكفار الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا خسارا، فأضيف إلى لفظ المفرد وهو جمع، وقد حكى الكسائي أو غيره من البغداديين: ليت هذا الجراد قد ذهب فأراحنا من أنفسه، فولد، في أنه جمع، مثل الأنفس. وما أنشده الفراء من قوله:
وليت فلانا كان ولد حمار.
يدلّ على أنه واحد ليس بجمع، وأنه مثل ما ذكرناه من قولهم: الفلك، الذي يكون مرّة جمعا ومرّة واحدا. ولهذا يشبه أن يكون ابن كثير وأبو عمرو قرءاه بالضم. (ماله وولده) وفتحا ما سوى ذلك.
وأما قراءة نافع وعاصم وابن عامر بفتح الواو في كلّ القرآن، فإن فتحهم الواو في قوله: ماله وولده على أنه واحد يراد به الجمع، ويجوز ذلك من وجهين: أحدهما: أنه إذا أضافه إلى اسم، هو جمع في المعنى، علم أن المفرد في موضع جمع، كقوله:
قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس
[الحجة للقراء السبعة: 5/212]
وكقوله:
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا ويجوز أن يكون كقوله: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [النحل/ 18].
وأما قراءة حمزة والكسائي: (ولدا) في جميع القرآن فإن ما كان منه مفردا قصدا به المفرد، وما كان جمعا قصدا به الجمع). [الحجة للقراء السبعة: 5/213]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لأوتينّ مالا وولدا}
قرأ حمزة والكسائيّ {مالا وولدا} بضم الواو وسكون اللّام جميع ما في هذه السّورة وفي الزخرف
وقرأ الباقون بفتح الواو واللّام قال الفراء هما لغتان مثل البخل والبخل والحزن والحزن قال الشّاعر:
فليت فلانا كان في بطن أمه ... وليست فلانا كان ولد حمار
يعني الولد وقال آخرون منهم ابن أبي حمّاد الولد ولد الولد والولد بالفتح ولد الصلب). [حجة القراءات: 447]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (29- قوله: {وولدا} قرأ حمزة والكسائي بضم الواو، وإسكان اللام في أربعة مواضع، في هذه السورة، وفي موضع في الزخرف وفي موضع في سورة نوح عليه السلام، وقرأ ذلك كله الباقون بفتح الواو واللام، غير أن ابن كثير وأبا عمرو ضما الواو، وأسكنا اللام في سورة نوح خاصة.
وحجة من ضم الواو أنه جعله جمع «ولد» كقولهم: وثَن ووثْن، وأسد وأُسْد، وقال الأخفش: الولد بالفتح الابن والابنة، والوُلد بالضم الأهل. وقيل: هما لغتان في الولد كقولهم: البَخَل والبُخل والعَدَم والعُدْم، فيتفق لفظ الواحد في إحدى اللغتين مع لفظ الجمع كما قالوا: الفلك في الواحد وفي الجمع.
30- وحجة من فتح الواو أنها اللغة المشهورة في الابن والابنة، وهو الاختيار لأن عليه الجماعة، ولأن الضم قد يكون بمعنى الفتح، ويكون معنى قراءة من فتح أنه أنكر عليهم قولهم: {المسيح ابن الله} «التوبة 30» فهو واحد، ويكون معنى قراءة من ضم إن جعله جمعًا أنه أنكر عليهم قولهم:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/92]
«الملائكة بنات الله» فهي جماعة.
31- وحجة ابن كثير وأبي عمرو في تخصيصهما للضم في سورة نوح أنه محمول على الجمع، على الخطاب للجماعة، فكل واحد منهم له ولد وأولاد، فإنما أتى بالهاء مفردة في «ولده وماله» لأنه ردّه على لفظ من لو حمل على المعنى لقيل: ومالهم وولدهم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/93]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {مَالاً ووَلَدًا}[آية/ 77] بضم الواو وتسكين اللام:
قرأها حمزة والكسائي في أربعة مواضع من هذه السورة، وفي الزخرف {قُلْ إن كَانَ لِلرَّحْمَنِ ولَدٌ}، وفي نوح {مَالُهُ ووَلَدُهُ}، فهذه ستة مواضع.
[الموضح: 824]
والوجه أنه يجوز أن يكون واحداً فيكون الولد والولد واحداً كبخل وبخلٍ وعدمٍ وعدمٍ، ويجوز أن يكون جمعًا لولدٍ كأسدٍ لجمع أسدٍ، وثُمرٍ لجمع ثَمرٍ.
وقرأ نافع وابن عامر وعصام «ولداً» بفتح الواو واللام في المواضع الستة.
والوجه أنه مفرد، لكنه يجوز أن يعنى به الجمع، وإن كان لفظه مفرداً، لما فيه من معنى الجنسية، وقال بعضهم: الولد بمعنى المولود وهو كالقبض بمعنى المقبوض، وهو يقع على الواحد والجميع، والمراد ههنا الجمع؛ لأن الكافر ادعى أنه يعطى في الآخرة أموالاً وأولاداً.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب في نوح {ووَلَدُهُ}مضمومة الواو، وفي الخمسة الباقية وهي الأربعة في مريم، والواحد في الزخرف بفتح الواو واللام. ولم يختلفوا في غير هذه الستة.
وقد تقدم وجه اللغتين). [الموضح: 825]

قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)}

قوله تعالى: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)}

قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)}

قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)}

قوله تعالى: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي نهيك: [كَلًّا سَيَكْفُرُون]، بالتنوين.
قال أبو الفتح: ينبغي أن تكون "كلا" هذه مصدران كقولك: كل السيف كلا، فهو إذًا منصوب بعفل مضمر، فكأنه لما قال: سبحانه: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} قال الله سبحانه رادا عليهم: "كلا"، أي: كل الرأي والاعتقاد كلا، ورأوا منه رأيا كلا، كما يقال: ضعفا لهذا الرأي وفيالة، فتم الكلام، ثم قال تعالى مستأنفا فقال: كل رأيهم كلا، ووقف، ثم قال من بعد: [سيكفرون]، فهناك إذا وقفان: أحدها "عزا"، والآخر "كلا"؛ من حيث كان منصوبا بفعل مضمر، لا من حيث كان زجرا وردا وردعا). [المحتسب: 2/45]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:52 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (83) إلى الآية (87) ]
{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) }

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)}

قوله تعالى: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)}

قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)}

قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)}

قوله تعالى: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)}




روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 12:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة مريم

[ من الآية (88) إلى الآية (95) ]
{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}

قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): ( (وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا (88). (أن دعوا للرّحمن ولدًا (91) وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا (92).
وكذلك قوله في سورة الزخرف (قل إن كان للرّحمن ولدٌ)، وقوله: (ماله وولده).
وقال الفراء: الولد - والولد لغتان، مثل العدم والعدم.
قال: ومن أمثال العرب: "ولدك من دمّى عقبيك)، المعنى ولدك من ولدته، قال بعض الشعراء:
فليت فلانا مات في بطن أمه... وليست فلانًا كان ولد حمار
أراد: ولد حمار.
فهذا واحد.
وقال الفراء: قيس عيلان تجعل الولد - جميعًا، والولد واحد.
[معاني القراءات وعللها: 2/139]
قال الزّجّاج: هذا مثل أسدٍ وأسد.
قال: وجائز أن يكون الولد في معنى الولد، والولد يصلح للواحد والجمع، والولد والولد مثل العرب والعرب، والعجم والعجم). [معاني القراءات وعللها: 2/140] (م)

قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة السلمى: شيئا أدا، بالفتح.
قال أبو الفتح: الأد، بالفتح: القوة.
[المحتسب: 2/45]
قال:
نَضَوْنَ عَنِّي شِرَّةً وَأَدَّا ... مِنْ بَعْدِ مَا كُنْتُ صَمُلًّا نَهْدَا
فهو إذًا حذف المضاف، فكأنه قال: لقد جِئْتُم شيئا ذا أدٍّ، أي: ذا قوة. فهو كقولهم رجل زَوْر وعَدْل وضَيْف، تصفه بالمصدر إن شئت على حذف المضاف، وإن شئت على وجه آخر أصنع من هذا وألطف، وذلك أن تجعله نفسه هو المصدر للمبالغة، كقول الخنساء:
تَرْتَعُ مَا غَفَلَتْ حَتَّى إِذَا ادَّكَرَتْ ... فإنما هِيَ إقبالُ وإدبارٌ
إن شئت على ذات إقبال وإدبار، وإن شئت جعلتها نفسها هي الإقبال والإدبار، أي: مخلوقة منهما: ويدلك على أن هذا معنى عندهم لا على حذف المضاف، بل لأنهم جعلوه الحدث نفسه قولهم، أنشدناه أبو علي:
ألّا أصبحَتْ أسماءُ جَاذِمَةَ الْحَبْلِ ... وَضَنَّتْ عَلَيْنَا وَالضَّنِينُ مِنَ الْبُخْلِ
أي: هو مخلوق من البخل، ولا تحمله على القلب، أي: والبخل من الضنين؛ لصغر معناه إلى المعنى الآخر، ولأنه مع ذلك أيضا نزول عن الظاهر وأنشدنا أيضا.
وَهُنَّ مِنَ الإخْلافِ قَبْلَكَ وَالْمُطْلِ
وأنشدنا أيضا:
وَهُنَّ مِنَ الإخْلافِ وَالْوَلَعانِ
ويكفي من هذا كله قول الله سبحانه: {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}، أي من العَجَلَة، لا من الطين كما يقول قومٌ؛ لقوله: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} ). [المحتسب: 2/46]

قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تكاد السّماوات يتفطّرن منه (90)
قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم ويعقوب (تكاد)، بالتاء، (يتفطرن) بالياء والتاء في السورتين.
وكذلك قال هبيرة عن حفص.
وقرأ نافع والكسائي (يكاد) بالياء (يتفطرن) بالياء والتاء مشددة الطاء في السورتين.
وقرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر وابن عامر في هذه السورة (ينفطرن) بنون ساكنة، وكسر الطاء مخففة.
والباقون (يتفطرن) بتاء مفتوحة، وطاء مفتوحة مشددة.
وقرأ نصير عن الكسائي في مريم مثل أبي عمرو (تكاد) بالتاء، وفي (عسق) بالياء، وقرأ ابن عامر وحمزة في مريم مثل أبي عمرو وفي (عسق) مثل ابن كثير.
قال أبو منصور: من قرأ (تكاد السماوات) بالتاء فلتأنيث السّماوات، ومن قرأ (يكاد) بالياء فلتقديم فعل الجمع.
ومن قرأ (ينفطرن) فهو بمعنى: ينشققن، كقوله: (إذا السّماء انفطرت) أي: انشقت.
ومن قرأ (يتفطّرن) فمعناه: يتشققن، يقال: تفطّر وانفطر بمعنى واحد). [معاني القراءات وعللها: 2/140]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- قوله تعالى: {تكاد السموات} [90].
قرأ نافع والكسائي {يكاد} بالياء.
والباقون بالتاء لتأنيث السموات. ومن ذكر فشبهه بجمع المؤنث ممن يعقل كقوله: وقول نسوة} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/25]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله تعالى: {يتفطرن منه} [90].
قرأ ابن كثير ونافع والكسائي بياء وتاء.
{يتفطرن} من تفطر يتفطر تفطرًا فهو متفطر.
وقرأ حمزة وابن عامرٍ في {كهيعص} مثل أبي عمرو وفي {عسق} مثل ابن كثير.
وقرأ عاصم في راية أبي بكر، وأبو عمرو {ينفطرن}، وهو الاختيار عند النحويين؛ لأن الله تعالى قال: {إذا السماء انفطرت} ولم يقل تفطرت، وقال: {السماء منفطر به}.
ومعنى انفطر وتفطر واحد، إلا أن الشاهد له في القرآن أكثر، وكأنه أولى بالإتباع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/25]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: تكاد السموات يتفطرن منه [مريم/ 90] في الياء والتاء، وفي (عسق) [الشورى/ 5] مثله.
فقرأهنّ ابن كثير في السورتين: تكاد السموات بالتاء يتفطرن بالياء والتاء مشدّدة الطاء. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو: تكاد بالتاء، (ينفطرن) بالياء والنون في السورتين جميعا.
ابن اليتيم عن أبي حفص عن عاصم: تكاد بالتاء، يتفطرن مشدّدة. وفي (عسق) مثله.
[الحجة للقراء السبعة: 5/213]
هبيرة عن حفص مثل أبي بكر في السورتين جميعا. أبو عمارة عن حفص عن عاصم مثل ابن اليتيم.
وقرأ نافع والكسائي: (يكاد) بالياء، يتفطرن بالياء والتاء، مشدّدة الطاء في الموضعين:
وقرأ حمزة وابن عامر في مريم مثل أبي عمرو، وفي عسق مثل ابن كثير.
أما اختلافهم في: (تكاد) و (يكاد) وإلحاق علامة التأنيث، وترك الإلحاق فكلاهما حسن. وقد تقدّم ذلك، وإلحاق العلامة أحسن، لأن الجمع بالألف والتاء في الأصل للجمع القليل، والجمع القليل يشبه الآحاد، فكما أن الأحسن في الآحاد إلحاق العلامة في هذا النحو، فكذلك مع الألف والتاء. وروينا عن مجاهد في هذه السورة: الانفطار: الانشقاق، وقال أبو عبيدة: يتفطرن يتشققن. وفي التنزيل: بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن [الأنبياء/ 56] وفيه فاطر السموات والأرض [فاطر/ 1] فمطاوع فطر: انفطر، كما أنّ مطاوع فطّر: تفطّر وفطّر للتكثير، فمطاوعه في الدلالة على الكثرة مثل ما هو مطاوع له، فكأنه أليق بهذا الموضع لما فيه من معنى المبالغة، وتكثير الفعل ولا يدلّ ما جاء في قوله: إذا السماء انفطرت [الانفطار/ 1] وقوله: السماء منفطر به [المزمل/ 18] على ترجيح قراءة من قرأ: (ينفطرن) وذاك أن قوله: إذا السماء انفطرت كقوله: إذا السماء انشقت [الانشقاق/ 1] وذلك في القيامة لما يريد الله
[الحجة للقراء السبعة: 5/214]
سبحانه من إبادتها وإفنائها وجاء ذلك على تفعّل أيضا في قوله: ويوم تشقق السماء بالغمام [الفرقان/ 25] وما في سورة مريم، إنما هو لعظم فريتهم وعتوّهم في كفرهم، فالمعنيان مختلفان. وذهب أبو الحسن في معنى قوله: تكاد السموات إلى أن تكاد معناها: تريد، وكذلك قال: في قوله: كذلك كدنا ليوسف [يوسف/ 76] أي: أردنا له، وأنشد:
كادت وكدت، وتلك خير إرادة... لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى
وكذلك قال في قوله: أكاد أخفيها [طه/ 15] أي: أريد أخفيها، وعلى هذا فسّر غير أبي الحسن قول الأفوه:
بلغوا الأمر الذي كادوا أي: أرادوا. قال أبو الحسن: المعنى: يدنون، لأنهن لا يكون أن ينفطرن ولا يدنون من ذلك، ولكن هي هممن به إعظاما لقول المشركين.
ولا يكون على من همّ بالشيء أن يدنو منه، ألا ترى أن رجلا لو أراد أن ينال السماء لم يدن من ذلك وقد كانت منه إرادة.
وقال بعض المتأوّلين في قوله: (تكاد السموات ينفطرن منه): هذا مثل، كانت العرب إذا سمعت كذبا ومنكرا تعاظمته، عظّمته
[الحجة للقراء السبعة: 5/215]
بالمثل الذي كان عندها عظيما، تقول: كادت الأرض تنشقّ، وأظلم ما بين السماء والأرض، فلمّا افتروا على الله الكذب ضرب مثل كذبهم بأهول الأشياء وأعظمها، قال أبو علي: ومما يقرّب من هذا قول الشاعر:
ألم تر صدعا في السماء مبيّنا... على ابن لبينى الحارث بن هشام
وقريب من هذا قول الآخر:
وأصبح بطن مكة مقشعرّا... كأنّ الأرض ليس بها هشام
والآخر:
بكى حارث الجولان من موت ربّه... وحوران منه خاشع متضائل
وقال:
لما أتى خبر الزبير تواضعت... سور المدينة والجبال الخشع). [الحجة للقراء السبعة: 5/216]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تكاد السّماوات يتفطرن منه}
قرأ نافع والكسائيّ (يكاد السّموات) بالياء لأن السّموات جمع قليل والعرب تذكر فعل المؤنّث إذا كان قليلا كقوله {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} ولم يقل انسلخت وقوله {وقال نسوة} ولم يقل وقالت قال ابن الأنباري سألت ثعلبا لم صار ذلك كذلك فقال لأن الجمع القليل قبل الكثير والمذكر قبل المؤنّث فحمل الأول على الأول وقرأ الباقون {تكاد} بالتّاء لتأنيث السّموات وسقط السّؤال
قرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة وأبو بكر (ينفطرن) بالنّون أي ينشققن وحجتهم إجماع الجميع على قوله {السّماء منفطر به} ولم يقل متفطر و{إذا السّماء انفطرت} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
قرأ نافع وابن كثير والكسائيّ وحفص {يتفطرن} بالتّاء والتّشديد أي يتشققن والأمر في التّاء والنّون يرجع إلى معنى واحد إلّا أنه
[حجة القراءات: 448]
التّاء للتكثير وذلك أن ينفطرن إنّما هو من فطرت فانفطرت مثل كسرت فانكسرت وقطعت فانقطعت و{يتفطرن} من قولك فطرت فتفطرت مثل كسرت فتكسرت وقطعت فتقطعت فهذا لا يكون إلّا للتكثير فقوله {يتفطرن} أشد مبالغة في تغيظهن على من نسب إلى الله ولدا كقوله في قصّة النّار {تكاد تميز من الغيظ} ولم يقل تنماز). [حجة القراءات: 449]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {تكاد السماوات يتفطرن منه} قرأ نافع والكسائي «يكاد» بالياء ومثله في الشورى، وقرأها الباقون بالتاء، وقرأ أبو بكر وأبو عمرو وحمزة وابن عامر «ينفطرن» ههنا، بالنون والتخفيف، وقرأ أبو بكر وأبو عمرو في الشورى بالنون والتخفيف وقرأها الباقون بالتاء والتشديد.
وحجة من قرأ بالنون مخففا أنه جعله مطاوع «فطر» كمال قال: {فطرهن} «الأنبياء 56» وقال: {إذا السماء انفطرت} «الانفطار 1» ولم يقل «تفطرت»، وقال: {فاطر السماوات} «الأنعام 14» وقال: {السماء منفطر به} «المزمل 18» فكله إجماع في: فطر وانفطر.
33- وحجة من قرأ بالتاء مشددا أنه جعله مطاوع: فطّر، وفطّر من التكثير، والتكثير أليق بهذا المعنى، لأنه موضع مبالغة واستعظام لما قالوا: إن لله ولدا، فأما التاء والياء في «تكاد» فقد مضى له نظائر، فيكون التذكير لأن التأنيث غير حقيقي، والتأنيث حملًا على لفظه، و{تكاد} عند
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/93]
الأخفش بمعنى «تريد» كما قال: {أكاد أخفيها} «طه 15» بمعنى: أريد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/94]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {يَكَادُ السَّمَوَاتُ}بالياء {يَتَفَطَّرْنَ}بالياء والتاء [آية/ 90]:
قرأهما نافع والكسائي، وكذلك في عسق.
[الموضح: 825]
والوجه في تذكير {يَكَادُ}أن تأنيث فاعله غير حقيقي، وهو {السَّمَوَاتُ}؛ لأنه تأنيث جماعة فهو لفظي.
وأما {يَتَفَطَّرْنَ}بالياء والتاء فهو من تفطر، وهو مطاوع فطر مشدداً، يقال فطرت الشيء بالتشديد فتفطر هو، وفطر يكون للتكثير والمبالغة، فكذلك مطاوعه، وهو أليق بهذا الموضع لما أريد فيه من معنى المبالغة وكثرة الفعل استعظامًا لافترائهم.
وقرأ أبو عمرو وعاصم- ياش- ويعقوب {تَكَادُ}بالتاء {يَتَفَطَّرْنَ}بالنون.
وقرأ ابن كثير و- ص- عن عاصم {تَكَادُ}بالتاء في السورتين، فأما {يَتَفَطَّرْنَ}(فبالياء والتاء) كنافع والكسائي.
وقرأ حمزة وابن عامر في مريم {تَكَادُ}بالتاء {يَتَفَطَّرْنَ}بالنون، مثل أبي عمرو، وفي عسق مثل ابن كثير.
والوجه في تأنيث {تَكَادُ}أن فاعله جماعة فهي مؤنثة، فلذلك أنث فعله، وأما {يَتَفَطَّرْنَ}بالنون فهو من انفطر مطاوع فطر مخففًا يقال فطرته بالتخفيف
[الموضح: 826]
فانفطر هو، وانفعل أدخل في باب اللزوم من تفعل، ألا ترى أنه لا يكون إلا لازمًا). [الموضح: 827]

قوله تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): ( (وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا (88). (أن دعوا للرّحمن ولدًا (91) وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا (92).
وكذلك قوله في سورة الزخرف (قل إن كان للرّحمن ولدٌ)، وقوله: (ماله وولده).
وقال الفراء: الولد - والولد لغتان، مثل العدم والعدم.
قال: ومن أمثال العرب: "ولدك من دمّى عقبيك)، المعنى ولدك من ولدته، قال بعض الشعراء:
فليت فلانا مات في بطن أمه... وليست فلانًا كان ولد حمار
أراد: ولد حمار.
فهذا واحد.
وقال الفراء: قيس عيلان تجعل الولد - جميعًا، والولد واحد.
[معاني القراءات وعللها: 2/139]
قال الزّجّاج: هذا مثل أسدٍ وأسد.
قال: وجائز أن يكون الولد في معنى الولد، والولد يصلح للواحد والجمع، والولد والولد مثل العرب والعرب، والعجم والعجم). [معاني القراءات وعللها: 2/140] (م)

قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): ( (وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا (88). (أن دعوا للرّحمن ولدًا (91) وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا (92).
وكذلك قوله في سورة الزخرف (قل إن كان للرّحمن ولدٌ)، وقوله: (ماله وولده).
وقال الفراء: الولد - والولد لغتان، مثل العدم والعدم.
قال: ومن أمثال العرب: "ولدك من دمّى عقبيك)، المعنى ولدك من ولدته، قال بعض الشعراء:
فليت فلانا مات في بطن أمه... وليست فلانًا كان ولد حمار
أراد: ولد حمار.
فهذا واحد.
وقال الفراء: قيس عيلان تجعل الولد - جميعًا، والولد واحد.
[معاني القراءات وعللها: 2/139]
قال الزّجّاج: هذا مثل أسدٍ وأسد.
قال: وجائز أن يكون الولد في معنى الولد، والولد يصلح للواحد والجمع، والولد والولد مثل العرب والعرب، والعجم والعجم). [معاني القراءات وعللها: 2/140] (م)

قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)}

قوله تعالى: {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)}

قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة