تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبيه سعيد بن مسروقٍ عن رجلٍ لا يحفظ سفيان في قوله: {قد جاءكم برهانٌ من ربكم} قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم {وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا} قال: الكتاب [الآية: 174]). [تفسير الثوري: 98]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها النّاس قد جاءكم برهانٌ من ربّكم وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {يا أيّها النّاس قد جاءكم برهانٌ من ربّكم} يا أيّها النّاس من جميع أصناف الأمم، يهودها ونصاراها ومشركيها، الّذين قصّ اللّه جلّ ثناؤه قصصهم في هذه السّورة {قد جاءكم برهانٌ من ربّكم} يقول: قد جاءتكم حجّةٌ من اللّه تبرهن لكم بطول ما أنتم عليه مقيمون من أديانكم ومللكم، وهو محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، الّذي جعله اللّه عليكم حجّةً قطع بها عذركم، وأبلغ إليكم في المعذرة بإرساله إليكم، مع تعريفه إيّاكم صحّة نبوّته وتحقيق رسالته. {وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا} يقول: وأنزلنا إليكم معه نورًا مبينًا، يعني: يبيّن لكم المحجّة الواضحة والسّبل الهادية إلى ما فيه لكم النّجاة من عذاب اللّه وأليم عقابه إن سلكتموها واستنرتم بضوئه. وذلك النّور المبين هو القرآن الّذي أنزله اللّه على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {برهانٌ من ربّكم} قال: حجّةٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها النّاس قد جاءكم برهانٌ من ربّكم} أي بيّنةٌ من ربّكم {وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا} وهو هذا القرآن.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قد جاءكم برهانٌ من ربّكم} يقول: حجّةٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: برهانٌ، قال: بيّنةٌ {وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا} قال: القرآن). [جامع البيان: 7/710-712]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا أيّها النّاس قد جاءكم برهانٌ من ربّكم وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا (174)
قوله تعالى: يا أيّها النّاس قد جاءكم برهانٌ من ربّكم.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: برهانٌ من ربّكم قال: حجّةٌ. وروي عن السّدّيّ مثل ذلك.
- أخبرنا عمرو بن ثورٍ القيساريّ فيما كتب إليّ، ثنا الفرياني قال: قال سفيان في قوله: قد جاءكم برهانٌ من ربّكم قال: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: يا أيّها النّاس قد جاءكم برهانٌ من ربّكم بيّنةٌ من ربّكم
قوله تعالى: وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا.
- وبه عن قتادة قوله: وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا وهو هذا القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 4/1125]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قد جاءكم برهان من ربكم يعني حجة). [تفسير مجاهد: 181]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود أنه كان إذا تحرك من الليل قال {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا}.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن رجل لا يحفظ اسمه في قوله {قد جاءكم برهان من ربكم} قال: محمد صلى الله عليه وسلم {وأنزلنا إليكم نورا مبينا} قال: الكتاب
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {برهان من ربكم} قال: حجة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {قد جاءكم برهان من ربكم} قال: بينة {وأنزلنا إليكم نورا مبينا} قال: هذا القرآن). [الدر المنثور: 5/143-144]
تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأمّا الّذين آمنوا باللّه واعتصموا به فسيدخلهم في رحمةٍ منه وفضلٍ ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: فأمّا الّذين صدّقوا باللّه، وأقرّوا بوحدانيّته، وما بعث به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الملل {واعتصموا به} يقول: وتمسّكوا بالنّور المبين الّذي أنزل إلى نبيّه؛ كما:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {واعتصموا به} قال: بالقرآن
{فسيدخلهم في رحمةٍ منه وفضلٍ} يقول: فسوف تنالهم رحمته الّتي تنجيهم من عقابه وتوجب لهم ثوابه وجنّته، ويلحقهم من فضله ما لحق أهل الإيمان به والتّصديق برسله {ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا} يقول: ويوفّقهم لإصابة فضله الّذي تفضّل به على أوليائه، ويسدّدهم لسلوك منهج من أنعم عليه من أهل طاعته، ولاقتفاء آثارهم، واتّباع دينهم. وذلك هو الصّراط المستقيم، وهو دين اللّه الّذي ارتضاه لعباده، وهو الإسلام. ونصب الصّراط المستقيم على القطع من الهاء الّتي في قوله {إليه} ). [جامع البيان: 7/712]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فأمّا الّذين آمنوا باللّه واعتصموا به فسيدخلهم في رحمةٍ منه وفضلٍ ويهديهم إليه صراطًا مستقيمًا (175)
قوله تعالى: فأمّا الّذين آمنوا باللّه واعتصموا به
- حدّثنا الحسن بن عرفة ثنا يحيى بن اليمان، عن حمزة الزّيّات عن سعدٍ الطّائيّ، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث قال: دخلت على عليّ بن أبي طالبٍ فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: الصّراط المستقيم كتاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 4/1125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {واعتصموا به} قال: القرآن). [الدر المنثور: 5/144]