العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > تقريب دراسات عضيمة > المعجم النحوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 رجب 1432هـ/25-06-2011م, 02:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي مع أساليب القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم


مع أساليب القرآن

محاضرة ألقيت في الرياض في 25 من المحرم سنة 1399: 25 من ديسمبر سنة 1978:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين.
رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. وبعد:
فمن خصائص النسج المحكم الدقيق الصنع أن يحتمل ما لا يحتمل غيره لهذا فخر الأعرابي بإحكام نسج عبارته، وقوة احتمالها في قوله:
حوكت على نيرين إذ تحاك.......تختبط الشوك ولا تشاك
والقرآن الكريم أحكم نسجه، وأتقن صنعه خالق الخلق وباري النسم، فلا عجب في أن نرى نظمه لا يهتز ولا يضطرب، وإن وقع فيه ما يجعل كلام البشر مضطربا متنافرًا وأضرب، لذلك مثلاً:
مثل علماء البلاغة لتنافر الكلمات بقول الشاعر:
وقبر حرب بمكان قفر.......وليس قرب قبر حرب قبر
التنافر في قوله: (وليس قرب قبر حرب قبر).
والذي جعله ثقيلا متنافرًا ما فيه من التكرير: ثلاث قافات، وأربع باءات، وأربع راءات.

لقد وقع في القرآن تكرير «أكثر مما وقع في البيت، ولم يضطرب نظمه، ولم تتنافر كلماته».
تكررت الميم ثماني مرات متواليات متتابعات في جزء من الجملة في قوله تعالى: {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك} [11: 8].
{أمم ممن معك}: فيها ثمان ميمات متواليات. الأصل: أمم من من معك. قلب تنوين {أمم} ميما، فهذه ثلاثة ميمات، ثم قلبت نون {من} ميما، فهذه خمسة ميمات، ثم قلبت نون {من} ميما، فهذه سبع ميمات، والميم الثامنة ميم {معك}.
قلب النون ميما واجتماع هذه الميمات متفق عليه من جميع القراء، قراء المتواتر والشواذ، لم يقرأ أحد بغير ذلك.
لم يعرض أحد من المفسرين لتعليل اجتماع هذه الميمات، وإنما الذي عرض له حواشي مغني اللبيب: الشمني والأمير:
في [الشمني:2/68]: «قال ابن المنير: وهذا من الغريب أن تتكرر أمثال، ولا يفطن لذلك، ولا يحس اللسان منه بثقل، ولا السمع بنبو».
في [حاشية الأمير:2/222]: «وعدم مج السمع لمثل هذا من العجائب المختصة بالقرآن».
لابن المنير حاشية على الكشاف، وليس فيها هذا الحديث، فالنقل عن ابن المنير من كتاب آخر له غير هذه الحاشية.
القرآن الكريم معجز بنظم أسلوبه، وبجرس ألفاظه، وأصوات كلماته.
أما بلاغة النظم في القرآن فيتعرفها أصحاب السليقة العربية، كما تعرفها الوليد بن المغيرة المخزومي: فقد رُوي أن الوليد قال لبني مخزوم: والله لقد سمعت من محمد آنفًا كلامًا ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن.
إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه. [الكشاف:4/469].
أما إعجاز جرس ألفاظه، وأصوات كلماته فيحس بها من له أذن موسيقية، ولو كان أعجميًا لا يعرف اللغة العربية.
في عصرنا، وفي "أيمانا" هذه فتاة أمريكية مسيحية، ثقافتها لا تتجاوز دراسة الموسيقى سمعت تلاوة القرآن الكريم من الإذاعات المختلفة، فشد انتباهها جرس ألفاظ القرآن، وأصوات كلماته، ودفعها ذلك إلى أن تتعلم اللغة العربية، حتى تستطيع قراءة القرآن، تعلمت اللغة العربية واستطاعت أن تقرأ القرآن، ولكنها لم تقنع بذلك، حضرت إلى القاهرة لتتعلم قراءة القرآن مع التجويد على يد شيخ من شيوخ القراءة، وهو الشيخ عامر، وقد تركتها في القاهرة، وأخبرني الشيخ عامر بأن فتاة أمريكية أخرى قد انضمت إليها.
وفيما قرأت: ضابط كندي من جنود الحلفاء في الحرب العالمية الثانية تأثر بقراءة الشيخ محمد رفعت - رحمه الله - فحضر إلى مجلسه، واستمع لقراءته، ثم أعلن إسلامه.
نما تأثر هؤلاء بجرس ألفاظ القرآن، وأصوات كلماته، من غير فقه لمعاني الألفاظ القرآنية، ولا وقوف على أسرار النظم في القرآن الكريم.

الناظر في القرآن، والمتتبع لأساليبه يلحظ التزامًا معينًا في بعض الأساليب، ويرى أنماطًا كثيرة في التصوير والتعبير، قد يعرف بعض أسرارها، ثم يخفى عليه الكثير من الأسرار.

لو تتبعنا استعمالات القرآن الكريم لحتى لوجدنا:
أ- حتى العاطفة لم تقع في القرآن.
ب- حتى الجارة للاسم الظاهر الصريح جاءت جارة للفظ (حين) نكرة في ستة مواضع:
1- {ليسجننه حتى حين} [12: 35].
2- {فتربصوا به حتى حين} [23: 25].
3- {فذرهم في غمرتهم حتى حين} [23: 54].
4- {فتول عنهم حتى حين} [37: 174].
5- {وتول عنهم حتى حين} [37: 179].
6- {تمتعوا حتى حين} [51: 43].
وجاءت جارة لاسم زمان أو مصدر ميمي في قوله تعالى: {سلام هي حتى مطلع الفجر} [97: 5].

لم هذا الالتزام؟
أقول: الله أعلم بأسرار كتابه.

ج- حتى الابتدائية تقع بعدها الجملة الفعلية والجملة الاسمية، كقول امرئ القيس:
سريت بهم حتى تكل مطيهم.......وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
تكل مطيهم: جملة فعلية. الجياد ما يقدن بأرسان: جملة اسمية.

أما في القرآن الكريم فلم يقع بعد (حتى) الابتدائية إلا الجملة الفعلية التي فعلها ماض:
1- {وأوذوا حتى أتاهم نصرنا} [6: 34].
2- {كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا} [6: 148].
3- {ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا} [7: 95].
4- {وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله} [8: 48].
5- {فما اختلفوا حتى جاءهم العلم} [10: 93].
6- {فما زالت تلك دعواهم، حتى جعلناهم حصدا خامدين} [21: 15].
7- {بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر} [21: 44].
8- {فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري} [23: 110].
9- {متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر} [25: 18].
10- {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} [36: 37].
11- {فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب} [38: 32].
12- {بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاء أمر الله} [57: 14].
13- {وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله} [57: 14].
14- {وكنا نكذب بيوم الدين. حتى أتانا اليقين} [74: 46–47].
15- {ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر} [102: 1–2].

ولم يقع الفعل المضارع المرفوع بعد (حتى) الابتدائية إلا في قراءة نافع في قوله تعالى:
{حتى يقول الرسول} قرأ نافع برفع المضارع.

وجاءت (إذا) الشرطية بعد (حتى) الابتدائية في اثنين وأربعين موضوعًا.
الفراء لما عرض لقراءة نافع في كتابه (معاني القرآن) أطال الحديث عن (حتى) حتى أملّ، شغل حديثها ست صفحات [1/132–138].
وقد نقل عن الفراء أنه قال: أموت وفي نفسي شيء من حتى.
ويظهر أن هذا التطويل كان أثرًا من آثار ما يعتلج في نفس الفراء من (حتى).


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 رجب 1432هـ/25-06-2011م, 02:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي ثم العاطفة



ثم العاطفة

جاءت (ثم) العاطفة في مواضع كثيرة من القرآن: بلغت في إحصائي ثلاثين وثلثمائة موضع.
جاءت (ثم) في هذه المواضع كلها عاطفة للجملة على الجملة، والجار والمجرور على الجار والمجرور.
وللفعل على الفعل، ولم تقع في القرآن عاطفة اسما مفردًا على اسم مفرد لم هذا؟
أقول: الله أعلم بأسرار كتابه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 رجب 1432هـ/25-06-2011م, 02:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي الفاء العاطفة



الفاء العاطفة

جاءت الفاء عاطفة مفردًا على مفرد، وجملة على جملة في القرآن. وكان عطفها للمفرد مقصورًا على عطف اسم الفاعل على اسم الفاعل، لم تتجاوز هذا كما في هذه المواضع:
1- {والصافات صفا. فالزاجرات زجرا. فالتاليات ذكرا} [37: 1–3]
2- {والذاريات ذروا. فالحاملات وقرا. فالجاريات يسرا. فالمقسمات أمرا} [51: 1–4]
3- {والسابحات سبحا. فالسابقات سبقا. فالمدبرات أمرا} [79: 3–5]
4- {والمرسلات عرفا. فالعاصفات عصفا. والناشرات نشرا. فالفارقات فرقا. فالملقيات ذكرا} [77: 1–5]
5- {والعاديات ضبحا. فالموريات قدحا. فالمغيرات صبحا} [100: 1–3]
6- {لآكلون من شجر من زقوم. فمالئون منها البطون. فشاربون عليه من الحميم. فشاربون شرب الهيم} [56: 52–55]
7- {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه} [84: 6]
8- {وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون} [27: 35]

أما قوله تعالى:
{وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب} [4: 34]
فالصالحات مبتدأ خبره ما بعده. [الجمل:1/378].

لم لزمت الفاء في عطف المفرد عطف اسم الفاعل على اسم الفاعل، ولم تعطف غيره من الصفات أو من الأسماء؟
أقول: الله أعلم بأسرار كتابه.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة