تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولقد قال لهم هارون من قبل} يقول: ولقد قال لعبدة العجل من بني إسرائيل هارون من قبل رجوع موسى إليهم، وقيله لهم ما قال، ممّا أخبر اللّه عنه {إنّما فتنتم به} يقول: إنّما اختبر اللّه إيمانكم ومحافظتكم على دينكم بهذا العجل، الّذي أحدث فيهم الخوار، ليعلم به الصّحيح الإيمان منكم من المريض القلب، الشّاكّ في دينه.
- كما: حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال لهم هارون: {إنّما فتنتم به} يقول: إنّما ابتليتم به، يقول: بالعجل.
وقوله: {وإنّ ربّكم الرّحمن فاتّبعوني وأطيعوا أمري} يقول: وإنّ ربّكم الرّحمن الّذي يعمّ جميع الخلق نعمه، فاتّبعوني على ما آمركم به من عبادة اللّه، وترك عبادة العجل، وأطيعوا أمري فيما آمركم به من طاعة اللّه، وإخلاص العبادة له). [جامع البيان: 16/144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما هجم فرعون على البحر وأصحابه - وكان فرعون على فرس أدهم حصان هاب الحصان أن يقتحم البحر فمثل له جبريل على فرس لأنثى فلما رآها الحصان هجم خلفها وعرف السامري جبريل - لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه في واحدة لبنا وفي الأخرى عسلا وفي الأخرى سمنا فلم يزل يغذوه حتى نشأ فلما عاينه في البحر عرفه فقبض قبضة من أثر فرسه، قال أخذ من تحت الحافر قبضة وألقى في روع السامري: إنك لا تلقيها على شيء فتقول: كن كذا إلا كان فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر أغرق الله آل فرعون، قال موسى لأخيه هرون (اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) ومضى موسى لموعد ربه وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون فكأنهم تأثموا منه فأخرجوه لتنزل النار فتأكله فلما جمعوه قال السامري: بالقبضة هكذا فقذفها فيه وقال: كن عجلا جسدا له خوار فصار {عجلا جسدا له خوار} فكان يدخل الريح من دبره ويخرج من فيه يسمع له صوت فقال {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا على العجل يعبدونه، فقال هارون: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} ). [الدر المنثور: 10/227-228] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان السامري رجلا من أهل باجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان حب عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هرون: إنكم قد حملتم {أوزارا من زينة القوم} آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال: اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهرون يا نبي الله ألقي ما في يدي قال: نعم، ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال: كن {عجلا جسدا له خوار} فكان للبلاء والفتنة، فقال: {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط: يقول الله: {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} وكان اسم السامري: موسى بن ظفر وقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هرون ما وقعوا فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري}.
{قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}. فأقام هارون في من معه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قوله. وكان له هائبا مطيعا). [الدر المنثور: 10/228-229] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: وانطلق موسى إلى ربه يكلمه، فلما كلمه قال له: {وما أعجلك عن قومك يا موسى}. قال: {هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى}. قال: {فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري}. فلما خبره خبرهم قال: يا رب، هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل، أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: يا رب، فأنت إذن أضلتهم.
ثم رجع {موسى إلى قومه غضبان أسفا}. قال: حزينا، {قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا} إلى قوله: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} يقول: بطاقتنا {ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم} يقول: من حلي القبط: {فقذفناها فكذلك ألقى السامري (87) فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار} فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي، فقال لهم هرون: {يا قوم إنما فتنتم به} يقول ابتليتم بالعجل، قال: {فما خطبك يا سامري} ما بالك، إلى قوله: {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه} قال: فأخذه فذبحه ثم خرقه بالمبرد، يعني سحكه ثم ذراه في اليم، فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم}، قال: فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل {قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون: ربنا هلكت بنو إسرائيل ربنا البقية، البقية، فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا عنه فذلك قوله تعالى: {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم}، ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فوعدهم موعدا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما أتوا ذلك قالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} فإنك قد كلمته فأرناه {فأخذتهم الصاعقة} فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، فذلك حين يقول موسى: {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء} الآية). [الدر المنثور: 10/231-233] (م)
تفسير قوله تعالى: (قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قالوا لن نبرح عليه عاكفين} يقول: قال عبدة العجل من قوم موسى: لن نزال على العجل مقيمين نعبده، حتّى يرجع إلينا موسى). [جامع البيان: 16/144]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن عون بن عبد الله قال: إن الله ليدخل خلقا الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم ناس في {الدرجات العلى} فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقول: يا ربنا إخواننا كنا معهم فبم فضلتهم علينا فيقال: هيهات، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤون حين تروون ويقومون حين تنامون ويستحصون حين تختصون فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} فأقام هرون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول له موسى: {فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} وكان له سامعا مطيعا). [الدر المنثور: 10/221-222] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان السامري رجلا من أهل باجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان حب عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هرون: إنكم قد حملتم {أوزارا من زينة القوم} آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال: اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهرون يا نبي الله ألقي ما في يدي قال: نعم، ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال: كن {عجلا جسدا له خوار} فكان للبلاء والفتنة، فقال: {هذا إلهكم وإله موسى} فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط: يقول الله: {فنسي} أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} وكان اسم السامري: موسى بن ظفر وقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هرون ما وقعوا فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري}.
{قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}. فأقام هارون في من معه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قوله. وكان له هائبا مطيعا). [الدر المنثور: 10/228-229] (م)
تفسير قوله تعالى: (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا (92) ألاّ تتّبعن أفعصيت أمري (93) قال يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إنّي خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي}.
يقول تعالى ذكره: قال موسى لأخيه هارون لمّا فرغ من خطاب قومه ومراجعته إيّاهم على ما كان من خطأ فعلهم: يا هارون أيّ شيءٍ منعك إذ رأيتهم ضلّوا عن دينهم، فكفروا باللّه وعبدوا العجل ألا تتّبعني.
واختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي عذل موسى عليه أخاه من تركه اتّباعه، فقال بعضهم: عذله على تركه السّير بمن أطاعه في أثره على ما كان عهد إليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا قال القوم: {لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع إلينا موسى} أقام هارون في من معه من المسلمين ممّن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوّف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: {فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} وكان له هائبًا مطيعًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا (92) ألاّ تتّبعن} قال: تدعهم.
وقال آخرون: بل عذله على تركه أن يصلح ما كان من فساد القوم
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا (92) ألاّ تتّبعن} قال: أمر موسى هارون أن يصلح، ولا يتّبع سبيل المفسدين، فذلك قوله: {ألاّ تتّبعن أفعصيت أمري} بذلك). [جامع البيان: 16/145-146]
تفسير قوله تعالى: (أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا (92) ألاّ تتّبعن أفعصيت أمري (93) قال يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إنّي خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي}.
يقول تعالى ذكره: قال موسى لأخيه هارون لمّا فرغ من خطاب قومه ومراجعته إيّاهم على ما كان من خطأ فعلهم: يا هارون أيّ شيءٍ منعك إذ رأيتهم ضلّوا عن دينهم، فكفروا باللّه وعبدوا العجل ألا تتّبعني.
واختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي عذل موسى عليه أخاه من تركه اتّباعه، فقال بعضهم: عذله على تركه السّير بمن أطاعه في أثره على ما كان عهد إليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا قال القوم: {لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع إلينا موسى} أقام هارون في من معه من المسلمين ممّن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوّف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: {فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} وكان له هائبًا مطيعًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا (92) ألاّ تتّبعن} قال: تدعهم.
وقال آخرون: بل عذله على تركه أن يصلح ما كان من فساد القوم
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا (92) ألاّ تتّبعن} قال: أمر موسى هارون أن يصلح، ولا يتّبع سبيل المفسدين، فذلك قوله: {ألاّ تتّبعن أفعصيت أمري} بذلك). [جامع البيان: 16/145-146] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا (92) ألا تتبعن} قال: تدعهم). [الدر المنثور: 10/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال: أمره موسى أن يصلح ولا يتبع سبيل المفسدين فكان من إصلاحه أن ينكر العجل، فذلك قوله: {ألا تتبعن أفعصيت أمري} كذلك أيضا). [الدر المنثور: 10/234]
تفسير قوله تعالى: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي} وفي هذا الكلام متروكٌ، ترك ذكره استغناءً بدلالة الكلام عليه، وهو: ثمّ أخذ موسى بلحية أخيه هارون ورأسه يجرّه إليه، فقال هارون: {يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي}.
وقوله: {إنّي خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} فاختلف أهل العلم في صفة التّفريق بينهم، الّذي خشيه هارون، فقال بعضهم: كان هارون خاف أن يسير بمن أطاعه، وأقام على دينه في أثر موسى، ويخلّف عبدة العجل، وقد {قالوا} له {لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع إلينا موسى} فيقول له موسى {فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} بسيرك بطائفةٍ، وتركك منهم طائفةً وراءك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال ابن زيدٍ، في قول اللّه تعالى: {ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا ألاّ تتّبعن أفعصيت أمري} قال: {خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} قال: خشيت أن يتّبعني بعضهم ويتخلّف بعضهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: خشيت أن نقتتل فيقتل بعضنا بعضًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {إنّي خشيت أن تقول، فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} قال: كنّا نكون فرقتين فيقتل بعضنا بعضًا حتّى نتفانى.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب، القول الّذي قاله ابن عبّاسٍ من أنّ موسى عذل أخاه هارون على تركه اتّباع أمره بمن اتّبعه من أهل الإيمان، فقال له هارون: إنّي خشيت أن تقول، فرّقت بين جماعتهم، فتركت بعضهم وراءك، وجئت ببعضهم، وذلك بيّنٌ في قول هارون للقوم {يا قوم إنّما فتنتم به وإنّ ربّكم الرّحمن فاتّبعوني وأطيعوا أمري} وفي جواب القوم له وقيلهم {لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع إلينا موسى}.
وقوله: {ولم ترقب قولي} يقول: ولم تنظر قولي وتحفظه، من مراقبة الرّجل الشّيء، وهي مناظرته لحفظه.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {ولم ترقب قولي} قال: لم تحفظ قولي). [جامع البيان: 16/146-147]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن عون بن عبد الله قال: إن الله ليدخل خلقا الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم ناس في {الدرجات العلى} فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقول: يا ربنا إخواننا كنا معهم فبم فضلتهم علينا فيقال: هيهات، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤون حين تروون ويقومون حين تنامون ويستحصون حين تختصون فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} فأقام هرون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول له موسى: {فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} وكان له سامعا مطيعا). [الدر المنثور: 10/221-222] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل} قال: خشيت أن يتبعني بعضهم ويتخلف بعضهم). [الدر المنثور: 10/234-235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اله عنه في قوله: {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل} قال: قد كره الصالحون الفرقة قبلكم). [الدر المنثور: 10/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ولم ترقب قولي} قال: لم تنتظر قولي وما أنا صانع وقائل، قال: وقال ابن عباس رضي الله عنهما {ولم ترقب قولي} لم تحفظ قولي). [الدر المنثور: 10/235]