العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:07 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الإسراء [ من الآية (73) إلى الآية (77) ]

{وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:09 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره قال أطافوا به ليلة فقالوا أنت سيدنا وابن سيدنا فأرادوه على بعض ما يريدون فهم النبي أن يقاربهم في بعض ما يريدون ثم عصمه الله قال فذلك قوله لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا للذي أرادوا فهم أن يقاربهم فيه). [تفسير عبد الرزاق: 1/383]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلاً}.
اختلف أهل التّأويل في الفتنة الّتي كاد المشركون أن يفتنوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بها عن الّذي أوحى اللّه إليه إلى غيره، فقال بعضهم: ذلك الإلمام بالآلهة، لأنّ المشركين دعوه إلى ذلك، فهمّ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يستلم الحجر الأسود، فمنعته قريشٌ، وقالوا: لا ندعك حتّى تلمّ بآلهتنا، فحدّث نفسه، وقال: " ما عليّ أن ألمّ بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر، واللّه يعلم أنّي لها كارهٌ " فأبى اللّه، فأنزل اللّه: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره} الآية.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولولا أن ثبّتناك، لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} ذكر لنا أنّ قريشًا خلوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات ليلةٍ إلى الصّبح يكلّمونه ويفخّمونه ويسوّدونه ويقاربونه، وكان في قولهم أن قالوا: إنّك تأتي بشيءٍ لا يأتي به أحدٌ من النّاس، وأنت سيّدنا وابن سيّدنا، فما زالوا يكلّمونه حتّى كاد أن يقارفهم ثمّ منعه اللّه وعصمه من ذلك، فقال: {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {لتفتري علينا غيره} قال: أطافوا به ليلة، فقالوا: أنت سيّدنا وابن سيّدنا، فأرادوه على بعض ما يريدون فهمّ أن يقاربهم في بعض ما يريدون، ثمّ عصمه اللّه، فذلك قوله: {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} الّذي أرادوا فهمّ أن يقاربهم فيه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قالوا له: ائت آلهتنا فامسسها، فذلك قوله: {شيئًا قليلاً}.
وقال آخرون: إنّما كان ذلك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم همّ أن ينظر قومًا بإسلامهم إلى مدّةٍ سألوه الإنظار إليها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي، أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلاً} وذلك أنّ ثقيفًا كانوا قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا رسول اللّه أجّلنا سنةً حتّى يهدى لآلهتنا، فإذا قبضنا الّذي يهدى لآلهتنا أخذناه، ثمّ أسلمنا وكسرنا الآلهة، فهمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يعطيهم، وأن يؤجّلهم، فقال اللّه: {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً}.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّ المشركين كادوا أن يفتنوه عمّا أوحاه اللّه إليه ليعمل بغيره، وذلك هو الافتراء على اللّه، وجائزٌ أن يكون ذلك كان ما ذكر عنهم من ذكر أنّهم دعوه أن يمسّ آلهتهم ويلمّ بها، وجائزٌ أن يكون كان ذلك ما ذكر عن ابن عبّاسٍ من أمر ثقيفٍ، ومسألتهم إيّاه ما سألوه ممّا ذكرنا، وجائزٌ أن يكون غير ذلك، ولا بيان في الكتاب ولا في خبرٍ يقطع العذر أيّ ذلك كان، والاختلاف فيه موجودٌ على ما ذكرنا، فلا شيء فيه أصوب من الإيمان بظاهره، حتّى يأتي خبرٌ يجبّ التّسليم له ببيان ما عنى بذلك منه.
وقوله: {وإذًا لاتّخذوك خليلاً} يقول تعالى ذكره: ولو فعلت ما دعوك إليه من الفتنة عن الّذي أوحينا إليك لاتّخذوك إذًا لأنفسهم خليلاً، وكنت لهم وكانوا لك أولياء). [جامع البيان: 15/13-15]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 73 - 75.
أخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس قال: إن أمية بن خلف وأبا جهل بن هشام ورجالا من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: تعال فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك} إلى قوله {نصيرا}.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن باذان، عن جابر بن عبد الله مثله). [الدر المنثور: 9/406-407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر فقالوا: لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافه فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك} إلى قوله {نصيرا}). [الدر المنثور: 9/407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف يقول له المشركون: استلم آلهتنا كي لا تضرك فكاد يفعل فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك} الآية). [الدر المنثور: 9/407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير رضي الله عنه أن قريشا أتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن كنت أرست إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم لنكون نحن أصحابك فركن إليهم فأوحى الله إليه {وإن كادوا ليفتنونك} الآية). [الدر المنثور: 9/407]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: أنزل الله (والنجم إذا هوى) (النجم آية 1) فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (أفرأيتم اللات والعزى) (النجم آية 19) فألقى عليه الشيطان كلمتين تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، فقرأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما بقي من السورة وسجد فأنزل الله {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} الآية، فما زال مغموما مهموما حتى أنزل الله تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} الحج آية 52 الآية). [الدر المنثور: 9/407-408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجلنا سنة حتى نهدي لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى للآلهة أحرزناه ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة، فهم أن يؤجلهم فنزلت {وإن كادوا ليفتنونك} الآية). [الدر المنثور: 9/408]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني خالد بن حميد عن عقيل عن ابن شهاب أن هذه الآية أنزلت: {لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}، أنه حين كان بمكة إذا طاف كان يقول له المشركون: استلم آلهتنا كي لا نضرك، أو نحو ذلك من الكلام، فكاد يفعل، فأنزل الله في ذلك ما أنزل ينهاه أن يركن إليهم شيئا قليلا وتواعده). [الجامع في علوم القرآن: 1/55]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً}.
يقول تعالى ذكره: ولولا أن ثبّتناك يا محمّد بعصمتناك عمّا دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} يقول: لقد كدت تميل إليهم وتطمئنّ شيئًا قليلاً، وذلك ما كان صلّى اللّه عليه وسلّم همّ به من أن يفعل بعض الّذي كانوا سألوه فعله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما ذكر حين نزلت هذه الآية، ما:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة، في قوله {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ "). [جامع البيان: 15/15-16]

تفسير قوله تعالى: (إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات قال عذاب الدنيا وعذاب الآخرة). [تفسير عبد الرزاق: 1/383]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر بن سليمان بن دينار قال سألت أبا الشعثاء عن قوله ضعف الحياة وضعف الممات قال ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة). [تفسير عبد الرزاق: 1/383]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، قال: مالك بن دينارٍ، قال: سألت جابر بن زيدٍ، قلت: قول الله تعالى: {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلاً * إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} ما ضعف الحياة وضعف الممات؟

قال جابرٌ: ضعف عذاب الدّنيا وضعف عذاب الآخرة، ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 447]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ضعف الحياة} [الإسراء: 75] : «عذاب الحياة» ، {وضعف الممات} [الإسراء: 75] : «عذاب الممات»). [صحيح البخاري: 6/83]

- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ضعف الحياة وضعف الممات عذاب الحياة وعذاب الممات قال أبو عبيدة في قوله ضعف الحياة مختصرٌ والتّقدير ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات وروى الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله ضعف الحياة قال عذابها وضعف الممات قال عذاب الآخرة ومن طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ قال ضعف عذاب الدّنيا والآخرة ومن طريق سعيدٍ عن قتادة مثله وتوجيه ذلك أنّ عذاب النّار يوصف بالضّعف قال لقوله تعالى عذابا ضعفا من النّار أي عذابًا مضاعفًا فكأنّ الأصل لأذقناك عذابًا ضعفًا في الحياة ثمّ حذف الموصوف وأقام الصّفة مقامه ثمّ أضيفت الصّفة إضافة الموصوف فهو كما لو قيل أليم الحياة مثلًا). [فتح الباري: 8/393]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ضعف الحياة عذاب الحياة وضعف الممات عذاب الممات
أشار به إلى قوله تعالى: {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} (الإسراء: 75) قال أبو عبيدة: التّقدير ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات، يريد عذاب الدّنيا والآخرة، أي: ضعف ما يعذب به غيره، وهذا تخويف لأمته، عليه الصّلاة والسّلام، لئلّا يركن أحد من المسلمين إلى أحد من المشركين في شيء من أحكام الله وشرائعه، وذلك لأن النّبي صلى الله عليه وسلم كان معصوما، وقال ابن الجوزيّ: هذا وما شابهه محال في حقه عليه الصّلاة والسّلام). [عمدة القاري: 19/23-24]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ضعف الحياة}) في قوله تعالى: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلًا (74) إذًا لأذقناك ضعف الحياة} [الإسراء: 74] أي لو قاربت تركن إليهم أدنى ركنة لأذقناك (عذاب الحياة) أي (وعذاب الممات) ولأبي ذر: وضعف الممات بدل وعذاب الممات أي ضعف ما يعذب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لأن خطأ الخطير أخطر. وكان أصل الكلام عذابًا ضعفًا في الحياة وعذابًا ضعفًا في الممات بمعنى مضاعفًا ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، ثم أضيفت الصفة إضافة الموصوف فقيل ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل: لأذقناك أليم الحياة وأليم الممات، في قوله: {ولولا أن ثبتناك} [الإسراء: 74] تصريح بأنه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ما همّ بإجابتهم مع قوّة الداعي إليها وفيه تخويف لأمته لئلا يركن أحد من المسلمين إلى أحد من المشركين فافهم واعلم). [إرشاد الساري: 7/202]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا}.
يقول تعالى ذكره: لو ركنت إلى هؤلاء المشركين يا محمّد شيئًا قليلاً فيما سألوك إذن لأذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} يعني: ضعف عذاب الدّنيا والآخرة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ضعف الحياة} قال: عذابها {وضعف الممات} قال: عذاب الآخرة.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} أي عذاب الدّنيا والآخرة.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ضعف الحياة وضعف الممات} قال: عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {ضعف الحياة وضعف الممات} يعني عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول في قوله: {إذًا لأذقناك ضعف الحياة} مختصرٌ، كقولك: ضعف عذاب الحياة {وضعف الممات} فهما عذابان: عذاب الممات به ضوعف عذاب الحياة.
وقوله {ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} يقول: ثمّ لا تجد لك يا محمّد إن نحن أذقناك لركونك إلى هؤلاء المشركين لو ركنت إليهم عذاب الحياة وعذاب الممات علينا نصيرًا ينصرك علينا، ويمنعك من عذابك، وينقذك ممّا نالك منّا من عقوبةٍ). [جامع البيان: 15/16-18]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إذا لأذقناك ضعف الحياة يعني عذاب الدنيا وضعف الممات يعني عذاب الآخرة). [تفسير مجاهد: 367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ضعف الحياة وضعف الممات} يعني ضعف عذاب الدنيا والآخرة). [الدر المنثور: 9/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ضعف الحياة} قال: هو عذاب القبر). [الدر المنثور: 9/408]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {وضعف الممات} قال: عذاب القبر). [الدر المنثور: 9/408]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ليستفزونك من الأرض قد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله يوم بدر فلم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر كذلك كانت سنة الله في الرسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/383-384]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان في قراءة عبد اللّه (وإذًا لا يلبثون خلفك إلّا قليلا) [الآية: 76]). [تفسير الثوري: 175]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({خلافك} [الإسراء: 76] : «وخلفك سواءٌ»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله خلافك وخلفك سواءٌ قال أبو عبيدة في قوله وإذًا لا يلبثون خلفك إلّا قليلا أي بعدك قال خلافك وخلقك سواءٌ وهما لغتان بمعنًى وقرئ بهما قلت والقراءتان مشهورتان فقرأ خلفك الجمهور وقرأ خلافك بن عامرٍ والإخوان وهي رواية حفصٍ عن عاصمٍ). [فتح الباري: 8/393]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (خلافك وخلفك سواءٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {وإذا لا يلبثون خلافك إلّا قليلا} (الإسراء: 76) وكذا قال أبو عبيدة. قال: وهما لغتان بمعنى، وقرىء بهما فالجمهور قرؤوا خلفك إلاّ قليلا وابن عامر خلافك، ومعناه: إلاّ قليلا بعدك). [عمدة القاري: 19/24]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (خلافك وخلفك) في قوله تعالى: {وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلًا} [الإسراء: 76] والأولى بكسر الخاء وفتح اللام وألف بعدها وهي قراءة ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي والأخرى بفتح فسكون وهما (سواء) في المعنى أي لا يبقون بعد خروجك من مكة إلا زمنًا قليلًا وقد كان كذلك فإنهم أهلكوا ببدر بعد هجرته بسنة). [إرشاد الساري: 7/202]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً}.
يقول عزّ وجلّ: وإن كاد هؤلاء القوم ليستفزّونك من الأرض: يقول: ليستخفّونك من الأرض الّتي أنت بها ليخرجوك منها {وإذًا لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} يقول: ولو أخرجوك منها لم يلبثوا بعدك فيها إلاّ قليلاً، حتّى أهلكهم بعذابٍ عاجلٍ.
واختلف أهل التّأويل في الّذين كادوا أن يستفزّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليخرجوه من الأرض وفي الأرض الّتي أرادوا أن يخرجوه منها، فقال بعضهم: الّذين كادوا أن يستفزّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك اليهود، والأرض الّتي أرادوا أن يخرجوه منها المدينة
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرميّ أنّه بلغه أنّ بعض اليهود قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ أرض الأنبياء أرض الشّام، وإنّ هذه ليست بأرض الأنبياء، فأنزل اللّه {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها}.
وقال آخرون: بل كان القوم الّذين فعلوا ذلك قريشًا، والأرض مكّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} وقد همّ أهل مكّة بإخراج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة، ولو فعلوا ذلك لما توطّنوا، ولكنّ اللّه كفّهم عن إخراجه حتّى أمره، ولقلّما مع ذلك لبثوا بعد خروج نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة حتّى بعث اللّه عليهم القتل يوم بدرٍ.
- حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {ليستفزّونك من الأرض} قال: قد فعلوا بعد ذلك، فأهلكهم اللّه يوم بدرٍ، ولم يلبثوا بعده إلاّ قليلاً حتّى أهلكهم اللّه يوم بدرٍ وكذلك كانت سنّة اللّه في الرّسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {خلافك إلاّ قليلاً} قال: لو أخرجت قريشٌ محمّدًا لعذّبوا بذلك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب، قول قتادة ومجاهدٍ، وذلك أنّ قوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض} في سياق خبر اللّه عزّ وجلّ عن قريشٍ وذكره إيّاهم، ولم يجر لليهود قبل ذلك ذكرٌ، فيوجّه قوله {وإن كادوا} إلى أنّه خبرٌ عنهم، فهو بأن يكون خبرًا عمّن جرى له ذكرٌ أولى من غيره.
وأمّا القليل الّذي استثناه اللّه جلّ ذكره في قوله ( وإذًا لا يلبثون خلفك إلاّ قليلاً ) فإنّه فيما قيل، ما بين خروج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة إلى أن قتل اللّه من قتل من مشركيهم ببدرٍ
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: ( وإذًا لا يلبثون خلفك إلاّ قليلاً ) يعني بالقليل يوم أخذهم ببدرٍ، فكان ذلك هو القليل الّذي لبثوا بعد.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: ( وإذًا لا يلبثون خلفك إلاّ قليلاً ) كان القليل الّذي لبثوا بعد خروج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من بين أظهرهم إلى بدرٍ، فأخذهم بالعذاب يوم بدرٍ.
وعنى بقوله خلافك: بعدك، كما قال الشّاعر:
عقب الرّذاذ خلافها فكأنّما = بسط الشّواطب بينهنّ حصيرا
يعني بقوله: خلافها: بعدها.
وقد حكي عن بعضهم أنّه كان يقرؤها: ( خلفك ). ومعنى ذلك، ومعنى الخلاف في هذا الموضع واحدٌ). [جامع البيان: 15/18-21]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا قال لو أخرجت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم لعذبوا بذلك). [تفسير مجاهد: 367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 76 - 79
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يسكنون الشام فمالك والمدينة فهم أن يشخص فأنزل الله تعالى {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} الآية). [الدر المنثور: 9/408-409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حضرمي رضي الله عنه أنه بلغ أن بعض اليهود قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أرض الأنبياء أرض الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء، فأنزل الله تعالى {وإن كادوا ليستفزونك} الآية). [الدر المنثور: 9/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه: أن اليهود أتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن كنت نبيا فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا فغزا تبوك لا يريد إلا الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} الآية، إلى قوله: {تحويلا} فأمره بالرجوع إلى المدينة وقال: فيها محياك وفيها مماتك وفيها تبعث، وقال له جبريل عليه السلام: سل ربك، فإن لكل نبي مسألة، فقال: ما تأمرني أن أسأل قال: (قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) فهؤلاء نزلن عليه في رجعته من تبوك). [الدر المنثور: 9/409]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض} قال: هم أهل مكة بإخراج النّبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة وقد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله تعإلى يوم بدر ولم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر وكذلك كانت سنة الله تعالى في الرسل عليهم الصلاة والسلام إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك). [الدر المنثور: 9/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا} قال: يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر فكان ذلك هو القليل الذي كان كثيرا بعده). [الدر المنثور: 9/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: القليل ثمانية عشر شهرا). [الدر المنثور: 9/410]

تفسير قوله تعالى: (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}.
يقول تعالى ذكره: لو أخرجوك من مكة لم يلبثوا خلافك إلاّ قليلاً، ولأهلكناهم بعذابٍ من عندنا، سنّتنا فيمن قد أرسلنا قبلك من رسلنا، فإنّا كذلك كنّا نفعل بالأمم إذا أخرجت رسلها من بين أظهرهم.
نصبت السّنّة على الخروج من معنى قوله {لا يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} لأنّ معنى ذلك: لعذّبناهم بعد قليلٍ كسنّتنا في أمم من أرسلنا قبلك من رسلنا، ولا تجد لسنّتنا تحويلاً عمّا جرت به. كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً} أي سنّة الأمم والرّسل كانت قبلك كذلك إذا كذبوا رسلهم وأخرجوهم، لم يناظروا أنّ اللّه عاجل عليهم عذابه). [جامع البيان: 15/21-22]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:12 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن كادوا} [الإسراء: 73]، يعني: قد كادوا.
تفسير السّدّيّ.
{ليفتنونك} [الإسراء: 73] ليضلّونك.
وقال بعضهم: يعني ليصدّونك.
{عن الّذي أوحينا إليك} [الإسراء: 73] القرآن.
{لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلا} [الإسراء: 73] لو فعلت.
وذلك أنّ المشركين خلوا برسول اللّه بمكّة ليلةً حتّى الصّباح، فقالوا: يا
[تفسير القرآن العظيم: 1/151]
محمّد إنّ الّذي جئت به لم يجئ به أحدٌ من قومك.
ورفقوا به وقالوا له: كفّ عن شتم آلهتنا وذمّها وانظر في هذا الأمر، فإنّ هذا لو كان حقًّا لكان فلانٌ أحقّ به منك، وفلانٌ أحقّ به منك.
فأنزل اللّه: {وإن كادوا ليفتنونك} [الإسراء: 73] إلى قوله: {ولولا أن ثبّتناك} [الإسراء: 74] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/152] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وإن كادوا ليفتنونك} أي يستزلّونك.

{لتفتري علينا غيره} لتختلق غيره.
{وإذاً لاتّخذوك خليلًا} أي لو فعلت ذاك لودّوك). [تفسير غريب القرآن: 259]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: الصدّ والاستزلال. قال الله عز وجل: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ،
أي: يصدّوك ويستزلوك. وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ، وقال: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}
أي: صادين). [تأويل مشكل القرآن: 473] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتّخذوك خليلا}
معنى الكلام كادوا يفتنونك، ودخلت " إن " واللام للتوكيد، وتأويله أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نتركك تستلم الحجر حتى تلمّ بآلهتنا، فقال - صلى الله عليه وسلم - في نفسه، وما على أن أفعل ذلك واللّه يعلم ما في نفسي، وأتمكن من استلام الحجر.
هذا مما جاء في التفسير.
وجاء في التفسير أيضا أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد عنك سقاط الناس ومواليهم وهؤلاء الذين رائحتهم رائحة الضأن، وذلك أنهم كانوا يلبسون الصوف، فقالوا: اطرد هؤلاء إن كنت أرسلت إلينا حتى تجلس إلينا ونسمع منك فهمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل في ذلك ما يستدعي به إسلامهم،
فتوعده اللّه - عز وجل - فيه أشد الوعيد وعصمه الله من أن يمضي ما عزم عليه،
فقال: (وإذا لاتّخذوك خليلا) أي إن فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلا). [معاني القرآن: 3/254-253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} المعنى كادوا يفتنونك لأن إن واللام تدل على التوكيد
ويروى أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى نجلس معك ونستمع منك فهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ميلا منه إلى أن يؤمنوا فعصم صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تبارك وتعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} إلى قوله: {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات}
قال مالك بن دينار سألت جابر بن زيد عن قوله: {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} فقال: {إذا لأذقناك ضعف} عذاب الحياة {وضعف} عذاب {الممات}
قال أبو جعفر وكذلك معناه عند أهل اللغة وخوطب بهذا النبي صلى الله عليه وسلم لأن الثواب به جزل كما قال تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} ولمشاهدة الأنبياء والملائكة والآيات العظام كان في ذلك الخطاب من الفائدة أنه علم به أن هذا حكم الله فيمن عصاه من الأنبياء فكيف غيرهم). [معاني القرآن: 4/180-178]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ليفتنونك} أي يستزلونك {لتفتري} أي لتختلق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن كادوا} [الإسراء: 73]، يعني: قد كادوا.
تفسير السّدّيّ.
{ليفتنونك} [الإسراء: 73] ليضلّونك.
وقال بعضهم: يعني ليصدّونك.
{عن الّذي أوحينا إليك} [الإسراء: 73] القرآن.
{لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلا} [الإسراء: 73] لو فعلت.
وذلك أنّ المشركين خلوا برسول اللّه بمكّة ليلةً حتّى الصّباح، فقالوا: يا
[تفسير القرآن العظيم: 1/151]
محمّد إنّ الّذي جئت به لم يجئ به أحدٌ من قومك.
ورفقوا به وقالوا له: كفّ عن شتم آلهتنا وذمّها وانظر في هذا الأمر، فإنّ هذا لو كان حقًّا لكان فلانٌ أحقّ به منك، وفلانٌ أحقّ به منك.
فأنزل اللّه: {وإن كادوا ليفتنونك} [الإسراء: 73] إلى قوله: {ولولا أن ثبّتناك} [الإسراء: 74] بالنّبوّة، عصمناك بها {لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلا} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/152]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {لقد كدت تركن إليهم شيئاً} أي تميل وتعدل وتطمئن).
[مجاز القرآن: 1/386]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {كدت تركن إليهم}.
طلحة بن مصرف "كدت تركن" وقد فسرنا ما فيها). [معاني القرآن لقطرب: 829]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا }
وحكيت (تركن) بضم الكاف.
يقال ركن يركن، وركن يركن، فتوعده اللّه في ذلك أشد التوعد، فقال:{إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرا} ). [معاني القرآن: 3/254]

تفسير قوله تعالى: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إذًا لأذقناك} [الإسراء: 75] لو فعلت {ضعف الحياة} [الإسراء: 75] سعيدٌ، عن قتادة: أي: عذاب الدّنيا.
{وضعف الممات} [الإسراء: 75] أي: عذاب الآخرة.
قال: {ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا} [الإسراء: 75] ينتصر لك بعد عقوبتنا إيّاك.
سعيدٌ، عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ قومًا خلوا برسول اللّه ذات ليلةٍ إلى الصّبح يكلّمونه، ويفحمونه، ويسوّدونه، ويقاربونه، وكان في قولهم أن قالوا: يا محمّد، إنّك تأتي بشيءٍ لا يأتي به أحدٌ من النّاس، وأنت سيّدنا وابن سيّدنا، فما زالوا يكلّمونه حتّى كاد يقاربهم.
ثمّ إنّ اللّه منعه وعصمه من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/152]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {إذاً لأذقناك ضعف الحياة} مختصر، كقولك ضعف عذاب الحياة وعذاب الممات فهما عذابان عذاب الممات به ضوعف عذاب الحياة).
[مجاز القرآن: 1/386]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو جعفر وشيبة ونافع {ضعف الحياة} بالكسر؛ وقالوا: في كلامهم: لك لك ضعف ذا وضعفه وضعفه؛ ومثله {ضعف الحياة} قال: مثلاه؛ {يضاعف لها العذاب ضعفين} قال: يصير ثلاثة أعذبة). [معاني القرآن لقطرب: 831]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ضعف الحياة} أي ضعف عذاب الحياة.
{وضعف الممات} أي ضعف عذاب الممات). [تفسير غريب القرآن: 259]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الحذف والاختصار
من ذلك: أن تحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه وتجعل الفعل له.
كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} أي سل أهلها.
{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي حبّه.
و{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أي وقت الحج.
وكقوله: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات). [تأويل مشكل القرآن: 210] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرا }
والمعنى لو ركنت إليهم في ذلك الشّيء القليل إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات، أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات لأنك أنت نبي ويضاعف لك العذاب على عذاب غيرك لو جنى هذه الجناية كما قال: {يا نساء النّبيّ من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين} لأن درجة النبي ودرجة آله الذين وصفهم الله فوق درجة غيرهم). [معاني القرآن: 3/254]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ضعف الحياة} أي عذاب الحياة، وكذلك عذاب الممات). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض} [الإسراء: 76]، يعني أرض المدينة.
{ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك} [الإسراء: 76] بعدك.
{إلا قليلا {76} سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلا {77}} [الإسراء: 76-77].
سعيدٌ، عن قتادة قال: همّ أهل مكّة بإخراجه من مكّة، ولو فعلوا ذلك ما نوظروا، ولكنّ اللّه كفّهم عن إخراجه حتّى أمره بالخروج.
ولقلّ مع ذلك ما لبثوا بعد خروجه من مكّة حتّى بعث اللّه عليهم القتل يوم بدرٍ.
قال يحيى: هي في هذا التّفسير قوله: {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك} [الأنفال: 30].
وتفسير الحسن: {ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها} [الإسراء: 76] بالقتل {وإذًا لا يلبثون خلافك} [الإسراء: 76] بعدك {إلا قليلا} [الإسراء: 76] حتّى نستأصلهم بالعذاب فنهلكهم أجمعين لو قتلوك). [تفسير القرآن العظيم: 1/152]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض...}

لمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة حسدته اليهود وثقل عليهم مكانه، فقالوا: إنك لتعلم أن هذه البلاد ليست ببلاد الأنبياء، إنما بلادهم الشأم.
فإن كنت نبيّا فاخرج إليه، فإن الله سينصرك. قال: فعسكر النبي صلى الله عليه وسلم على أميال من المدينة فأنزل الله: {وإن كادوا ليستفزّونك} ليستخفونك وإذاً لا يلبثون
{من الأرض ليخرجوك منها وإذاً لاّ يلبثون خلافك إلاّ قليلاً} يقول: إنك لو خرجت ولم يؤمنوا لنزل بهم العذاب). [معاني القرآن: 2/129-128]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذا لاّ يلبثون خلافك} رفع يلبثون على التقديم والتأخير كقولك: ولا يلبثون خلافك إذاً، أي بعدك، قال:
عفت الديار خلافها فكأنما= بسط الشواطب بينهن حصيرا
أي بعدهن ويقرؤه آخرون خلفك والمعنى واحد). [مجاز القرآن: 1/387]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {لا يلبثون خلافك}.
أبو عمرو {خلفك}.
والمعنى في {خلافك}: خلفك؛ أي بعدك). [معاني القرآن لقطرب: 829]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذاً لا يلبثون خلافك} أي بعدك). [تفسير غريب القرآن: 259]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلّا قليلا }
كانوا قد كادوا أن يخرجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة فأعلمهم الله أنهم لو فعلوا ذلك لم يلبثوا بعده إلا قليلا.
وقيل {ليستفزّونك أي ليقتلونك). [معاني القرآن: 3/254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجونك منها} قيل المعنى يستفزونك بالقتل
قال عوف عن الحسن هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وأراد الله بقاء أهل مكة فأمره أن يخرج منها مهاجرا إلى المدينة فخرج بأمر الله ولو أخرجوه لهلكوا كما قال سبحانه: {وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا}
قال أهل التفسير {خلافك} أي بعدك
وحكي عن العرب جاء فلان خلف فلان وخلافة أي بعده وقد يجيء خلاف بمعنى مخالفة). [معاني القرآن: 4/180-181]

تفسير قوله تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({سنّة من قد أرسلنا} [الإسراء: 77] إنّهم إذا قتلوا نبيّهم أهلكهم اللّه بالعذاب.
{ولا تجد لسنّتنا تحويلا} [الإسراء: 77] سعيدٌ، عن قتادة قال: إنّ سنّة الرّسل والأمم كانت قبلك كذلك، إذا كذّبوا رسلهم وأخرجوهم لم يناظروا أن يبعث اللّه عليهم عذابه.
- قرّة بن خالدٍ، أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ قال: إنّ أشدّ النّاس عذابًا من قتل نبيًّا، أو قتله نبيٌّ، أو مصوّرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/153]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {سنّة من قد أرسلنا قبلك...}

نصب السنّة على العذاب المضمر، أي يعذّبون كسنّة من قد أرسلنا {ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}.
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رّسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلاً}
وقال: {سنّة من قد أرسلنا قبلك} أي: سننّاها سنّة. كما قال: {رحمةً مّن رّبّك} ). [معاني القرآن: 2/73-72]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلا}
(سنّة) منصوب بمعنى أنا سننّا هذه السنة فيمن أرسلنا قبلك من رسلنا.
أنهم إذا أخرجوا نبيهم من بين أظهرهم أو قتلوه لم يلبثهم العذاب أن ينزل بهم، وكان خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة مهاجرا بأمر اللّه). [معاني القرآن: 3/255]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:14 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) }

تفسير قوله تعالى: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله عز وجل: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} قال: ضعف عذاب الحياة وذعف عذاب الممات). [مجالس ثعلب: 221]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن إذن إذا كانت بين الفاء والواو وبين الفعل فإنك فيها بالخيار إن شئت أعملتها كإعمالك أرى وحسبت إذا كانت واحدةٌ منهما بين اسمين وذلك قولك زيداً حسبت أخاك وإن شئت ألغيت إذن كإلغائك حسبت إذا قلت زيدٌ حسبت أخوك.
فأما الاستعمال فقولك فإذن آتيك وإذن أكرمك.
وبلغنا أن هذا الحرف في بعض المصاحف: (وإذن لا يلبثوا خلفك إلا قليلاً) وسمعنا بعض العرب قرأها فقال: (وإذن لا يلبثوا).
وأما الإلغاء فقولك فإذن لا أجيئك وقال تعالى: {فإذن لا يؤتون الناس نقيراً}.
واعلم أن إذن إذا كانت بين الفعل وبين شيء الفعل معتمدٌ عليه فإنها ملغاة لا تنصب البتة كما لا تنصب أرى إذا كانت بين الفعل والاسم في قولك كان أرى زيدٌ ذاهباً وكما لا تعمل في قولك إني أرى ذاهبٌ فإذن لا تصل في ذا الموضع إلى أن تنصب كما لا تصل أرى هنا إلى أن تنصب فهذا تفسير الخليل وذلك قولك أنا إذن آتيك فهي ههنا بمنزلة أرى حيث لا تكون إلا ملغاة). [الكتاب: 3/13-14]

تفسير قوله تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 05:52 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 06:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 06:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} الآية. "إن" هذه عند سيبويه هي المخففة من الثقيلة، واللام في قوله سبحانه: "ليفتنونك" لام تأكيد، و"إن" هذه عند الفراء بمعنى "ما"، واللام بمعنى "إنما"، والضمير في قوله تعالى: "كادوا" قيل: هو لقريش، وقيل: لثقيف، فأما لقريش فقال ابن جبير، ومجاهد: نزلت الآية لأنهم
[المحرر الوجيز: 5/518]
قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ندعك تستلم الحجر الأسود حتى تمس أوثاننا، على جهة التشرع بذلك، قال الطبري وغيره: فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يظهر لهم ذلك وقلبه منكر، فنزلت الآية في ذلك، قال الزجاج: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه: وما علي أن أفعل لهم ذلك والله تعالى يعلم ما في نفسي؟ وقال ابن إسحاق وغيره: إنهم اجتمعوا ليلة فعظموه وقالوا له: أنت سيدنا، ولكن: أقبل على بعض أمرنا ونقبل على بعض أمرك، فنزلت الآية في ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهي في معنى قوله تعالى: {ودوا لو تدهن فيدهنون}. وحكى الزجاج أن الآية قيل: إنما هي فيما أرادوه من طرد فقراء أصحابه.
وأما لثقيف فقال ابن عباس رضي الله عنهما- وغيره: لأنهم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخرهم بعد إسلامهم سنة يعبدون فيها اللات، وقالوا: إنا نريد أن نأخذ ما يهدى لها، ولكن إن خفت أن تنكر ذلك عليك العرب فقل: أوحى الله ذلك إلي، فنزلت الآية في ذلك. ويلزم قائل هذا القول أن يجعل الآية مدنية، وقد روي ذلك، وروى قائلو الأقوال الأخر أنها مكية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وجميع ما أريد من النبي صلى الله عليه وسلم بحسب هذا الاختلاف قد أوحى الله تعالى إليه خلافه، إما في معجز، وإما في غير معجز، وفعله هو -إن لو وقع- افتراء على الله، إذ أفعاله وأقواله إنما هي كلها شرع.
وقوله تعالى: {وإذا لاتخذوك خليلا} توقيف على ما نجاه الله تعالى منه من مخالفة الكفار والولاية لهم). [المحرر الوجيز: 5/519]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {لولا أن ثبتناك} الآية، تعديد نعمة على النبي صلى الله عليه وسلم، وروي أن رسول الله
[المحرر الوجيز: 5/519]
و "الركون": شد الظهر إلى الأمر، أو الحزم على جهة السكون إليه، كما يفعل الإنسان بالركن من الجدران، ومنه قوله تعالى حكاية: {أو آوي إلى ركن شديد}، وقرأ الجمهور: "تركن" بفتح الكاف، وقرأ ابن مصرف، وقتادة، وعبد الله بن أبي إسحاق: "تركن" بضم الكاف. ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركن، لكنه كاد بحسب همه بموافقتهم طمعا منه في استئلافهم، وذهب ابن الأنباري إلى أن معناه: لقد كاد أن يخبروا عنك أنك ركنت، ونحو هذا، ذهب في ذلك إلى نفي الهم بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحمل اللفظ ما لا يحتمل. وقوله تعالى: {شيئا قليلا} يبطل ذلك. وهذا الهم من النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت خطرة مما لا يمكن دفعه، ولذلك قيل: "كدت"، وهي تعطي أنه لم يكن ركونا، ثم قيل: شيئا قليلا إذ كانت المقاربة التي تتضمنها "كدت" قليلة، خطرة لم تتأكد في النفس، وهذا الهم هو كهم يوسف عليه السلام، والقول فيهما واحد). [المحرر الوجيز: 5/520]

تفسير قوله تعالى: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إذا لأذقناك} يبطل أيضا ما ذهب إليه ابن الأنباري.
وقوله تعالى: {ضعف الحياة وضعف الممات}، قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك: يريد: ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
على معنى أن ما يستحقه هذا الذنب من عقوبتنا في الدنيا والآخرة كنا نضعفه لك، وهذا التضعيف شائع مع النبي صلى الله عليه وسلم في أجره وألمه وعقاب أزواجه. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/520]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}
قال حضرمي: الضمير في "كادوا" ليهود المدينة وناحيتها، كحيي بن أخطب وغيره، وذلك أنهم ذهبوا إلى المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذه الأرض ليست بأرض الأنبياء، وإنما أرض الأنبياء بالشام، ولكنك تخاف الروم، فإن كنت نبيا، فاخرج إليها فإن الله سيحميك كما حمى غيرك من الأنبياء، فنزلت الآية في ذلك، وأخبر الله تعالى أن رسوله لو خرج لم يلبثهم بعده إلا قليلا.
وحكى النقاش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بسبب قولهم، وعسكر بذي الحليفة، وأقام ينتظر أصحابه، فنزلت الآية عليه فرجع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف، لم يقع في سيرة ولا في كتاب يعتمد عليه، وذو الحليفة ليس في طريق الشام.
وقالت فرقة: الضمير في "كادوا" هو لقريش، وحكى الزجاج أن استفزازهم هو ما كانوا أجمعوا عليه في دار الندوة من قتله، و"الأرض" -على هذا- عامة في الدنيا، كأنه قال: يخرجوك من الدنيا، وعلى سائر الأقوال هي أرض مخصوصة، إما مكة وإما المدينة، كما قال تعالى: {أو ينفوا من الأرض}، وإما معناه: من الأرض التي بها تصرفهم وتمتعهم. وقال ابن عباس، وقتادة: واستفزاز قريش هو ما كانوا ذهبوا إليه من إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، كما ذهبوا قبل إلى حصره في الشعب. ووقع استفزازهم هذا بعد نزول الآية، وضيقوا عليه حتى خرج واتبعوه إلى الغار وغير ذلك، ونفذ عليهم
[المحرر الوجيز: 5/521]
الوعيد في أن لم يلبثوا خلفه إلا قليلا يوم بدر. وقال مجاهد: ذهبت قريش إلى هذا ولكنه لم يقع منها; لأنه لما أراد الله استبقاء قريش وألا يستأصلها أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فخرج من الأرض بإذن الله تعالى لا بقهر قريش، واستبقيت قريش يسلم منها ومن أعقابها من أسلم، قال: ولو أخرجته قريش لعذبوا، فذهب مجاهد رحمه الله إلى أن الضمير في "يلبثون" عام في جميعهم. وفي مصحف عبد الله بن مسعود: "وإذا لا يلبثوا" بحذف النون وإعمال "إذا"، وسائر القراء ألغوها وأثبتوا النون. وقرأ عطاء بن أبي رباح: "يلبثون" بضم الياء وشد الباء وفتح اللام، وروي مثله عن يعقوب إلا أنه كسر الباء. وقرأ عطاء: "بعدك إلا قليلا"، وقرأ الجمهور: "خلفك"، وقرأ ابن عامر، وحمزة، الكسائي، وحفص عن عاصم: "خلافك"، والمعنى واحد، ومنه قول الشاعر:
عقب الرذاذ خلافها فكأنما ... بسط الشواطب بينهن حصيرا
ومنه قوله تعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله}، على بعض تأويلاته، أي: بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه اللفظة قد لزم حذف المضاف; لأن التقدير في آياتنا: "خلاف خروجك"، وفي بيت الشاعر: "خلاف انبساط الشمس" أو نحوه.
قال أبو علي: أصابوا هذه الظروف تضاف إلى الأسماء الأعيان التي ليست أحداثا، فلم
[المحرر الوجيز: 5/522]
يستحبوا إضافتها إلى غير ما جرى عليه كلامهم، كما أنها لما جرت منصوبة في كلامهم تركوها على حالها إذا وقعت في غير موقع النصب، كقوله تعالى: {وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك}، وقوله تعالى: {يوم القيامة يفصل بينكم}.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله). [المحرر الوجيز: 5/523]

تفسير قوله تعالى: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "سنة" نصب على المصدر، وقال الفراء: نصبه على حذف الخافض; لأن المعنى: "كسنة"، فحذف الكاف ونصب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويلزمه على هذا أن لا يقف على قوله: "قليلا".
ومعنى الآية الإخبار أن سنة الله تعالى في الأمم الخالية وعادته أنها إذا أخرجت نبيها من بين أظهرها نالها العذاب، واستأصلها الهلاك، فلم تلبث بعده إلا قليلا). [المحرر الوجيز: 5/523]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 05:27 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 05:31 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذًا لاتّخذوك خليلا (73) ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلا (74) إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرًا (75)}.
يخبر تعالى عن تأييد رسوله، صلوات اللّه عليه وسلامه، وتثبيته، وعصمته وسلامته من شرّ الأشرار وكيد الفجّار، وأنّه تعالى هو المتولّي أمره ونصره، وأنّه لا يكله إلى أحدٍ من خلقه، بل هو وليّه وحافظه وناصره ومؤيّده ومظفّره، ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه، في مشارق الأرض ومغاربها، صلّى اللّه عليه وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدّين). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 100]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلا (76) سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلا (77)}.
قيل: نزلت في اليهود، إذ أشاروا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بسكنى الشّام بلاد الأنبياء، وترك سكنى المدينة.
وهذا القول ضعيفٌ؛ لأنّ هذه الآية مكّيّةٌ، وسكنى المدينة بعد ذلك.
وقيل: إنّها نزلت بتبوك. وفي صحّته نظرٌ.
قال البيهقيّ، عن الحاكم، عن الأصمّ، عن أحمد بن عبد الجبّار العطاردي، عن يونس بن بكير، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرّحمن بن غنم؛ أنّ اليهود أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا فقالوا: يا أبا القاسم، إن كنت صادقًا أنّك نبيٌّ، فالحق بالشّام؛ فإنّ الشّام أرض المحشر وأرض الأنبياء. فصدّق ما قالوا، فغزا غزوة تبوك، لا يريد إلّا الشّام. فلمّا بلغ تبوك، أنزل اللّه عليه آياتٍ من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السّورة: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها} إلى قوله: {تحويلا} فأمره اللّه بالرّجوع إلى المدينة، وقال: فيها محياك ومماتك، ومنها تبعث.
وفي هذا الإسناد نظرٌ. والأظهر أنّ هذا ليس بصحيحٍ؛ فإنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يغز تبوك عن قول اليهود، إنّما غزاها امتثالًا لقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار} [التّوبة: 123]، وقوله تعالى: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التّوبة: 29]. وغزاها ليقتصّ وينتقم ممّن قتل أهل مؤتة، من أصحابه، واللّه أعلم. ولو صحّ هذا لحمل عليه الحديث الّذي رواه الوليد بن مسلمٍ، عن عفير بن معدان، عن سليم بن عامرٍ، عن أبي أمامة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنزل القرآن في ثلاثة أمكنةٍ: مكّة، والمدينة، والشّام". قال الوليد: يعني بيت المقدس. وتفسير الشّام بتبوك أحسن ممّا قال الوليد: إنّه بيت المقدس واللّه أعلم.
وقيل: نزلت في كفّار قريشٍ، همّوا بإخراج الرّسول من بين أظهرهم، فتوعّدهم اللّه بهذه الآية، وأنّهم لو أخرجوه لما لبثوا بعده بمكّة إلّا يسيرًا. وكذلك وقع؛ فإنّه لم يكن بعد هجرته من بين أظهرهم، بعد ما اشتدّ أذاهم له، إلّا سنةٌ ونصفٌ. حتّى جمعهم اللّه وإيّاه ببدرٍ على غير ميعادٍ، فأمكنه منهم وسلّطه عليهم وأظفره بهم، فقتل أشرافهم وسبى سراتهم ؛ ولهذا قال: {سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا} أي: هكذا عادتنا في الّذين كفروا برسلنا وآذوهم: يخرج الرّسول من بين أظهرهم: ويأتيهم العذاب. ولولا أنّه عليه [الصّلاة و] السّلام رسول الرّحمة، لجاءهم من النّقم في الدّنيا ما لا قبل لأحدٍ به؛ ولهذا قال تعالى: {وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33] ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 100-101]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة