العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:04 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة القلم[ من الآية (44) إلى الآية (52) ]

{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:04 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (44) وأملي لهم إنّ كيدي متينٌ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: كل يا محمّد أمر هؤلاء المكذّبين بالقرآن إليّ؛ وهذا كقول القائل لآخر غيره يتوعّد رجلاً: دعني وإيّاه، وخلّني وإيّاه، بمعنى: أنّه من وراء مساءته.
و(من) في قوله: {ومن يكذّب بهذا الحديث} في موضع نصبٍ، لأنّ معنى الكلام ما ذكرت، وهو نظير قولهم: لو تركت ورأيك ما أفلحت، والعرب تنصب ورأيك لأنّ معنى الكلام: لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح.
وقوله: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}. يقول جلّ ثناؤه: سنكيدهم من حيث لا يعلمون، وذلك بأن يمتّعهم بمتاع الدّنيا حتّى يظنّوا أنّهم متّعوا به بخيرٍ لهم عند اللّه، فيتمادوا في طغيانهم، ثمّ يأخذهم بغتةً وهم لا يشعرون). [جامع البيان: 23 / 198]

تفسير قوله تعالى: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأملي لهم إنّ كيدي متينٌ}. يقول تعالى ذكره: وأنسئ في آجالهم ملاوةً من الزّمان، وذلك برهةً من الدّهر على كفرهم وتمرّدهم على اللّه لتتكامل حجج اللّه عليهم. {إنّ كيدي متينٌ} يقول: {إنّ كيدي} بأهل الكفر قويٌّ شديدٌ). [جامع البيان: 23 / 198]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أم تسألهم أجرًا فهم من مغرمٍ مثقلون (46) أم عندهم الغيب فهم يكتبون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: أتسأل يا محمّد هؤلاء المشركين باللّه على ما أتيتهم به من النّصيحة، ودعوتهم إليه من الحقّ، ثوابًا وجزاءً. {فهم من مغرمٍ مثقلون} يعني من عزّة ذلك الأجر مثقلون، قد أثقلهم القيام بأدائه، فتحاموا لذلك قبول نصيحتك، وتجنّبوا لمعظم ما أصابهنّ من ثقل الغرم الّذي سألتهم على ذلك - الدّخول في الّذي دعوتهم إليه من الدّين). [جامع البيان: 23 / 199]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أم عندهم الغيب فهم يكتبون}. يقول: أعندهم اللّوح المحفوظ الّذي فيه نبأ ما هو كائنٌ، فهم يكتبون منه ما فيه، ويجادلونك به، ويزعمون أنّهم على كفرهم بربّهم أفضل منزلةً عند اللّه من أهل الإيمان به؟). [جامع البيان: 23 / 199]

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولا تكن كصاحب الحوت قال لا تعجل كما عجل ولا تغضب كما غضب). [تفسير عبد الرزاق: 2/310-311]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله: {وهو مكظوم} قال: مكروب). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 122]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظومٌ (48) لولا أن تداركه نعمةٌ من ربّه لنبذ بالعراء وهو مذمومٌ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فاصبر يا محمّد لقضاء ربّك وحكمه فيك، وفي هؤلاء المشركين بما أتيتهم به من هذا القرآن، وهذا الدّين، وامض لما أمرك به ربّك، ولا يثنيك عن تبليغ ما أمرت بتبليغه تكذيبهم إيّاك وأذاهم لك.
وقوله: {ولا تكن كصاحب الحوت} الّذي حبسه في بطنه، وهو يونس بن متّى صلّى اللّه عليه وسلّم فيعاقبك ربّك على تركك تبليغ ذلك، كما عاقبه فحبسه في بطنه {إذ نادى وهو مكظومٌ} يقول: إذ نادى وهو مغمومٌ، قد أثقله الغمّ وكظمه.
- كما: حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إذ نادى وهو مكظومٌ}. يقول: مغمومٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {مكظومٌ}. قال: مغمومٌ.
- وكان قتادة يقول في قوله: {ولا تكن كصاحب الحوت} لا تكن مثله في العجلة والغضب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظومٌ} يقول: لا تعجل كما عجل، ولا تغاضب كما غضب.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة مثله). [جامع البيان: 23 / 199-200]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله مكظومٌ وكظيمٌ مغمومٌ كذا للنّسفيّ وحده هنا وسقط للباقين ورأيته أيضًا في مستخرج أبي نعيمٍ وهو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى وهو مكظوم من الغم مثل كظيم وأخرج بن المنذر من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله مكظومٌ قال مغمومٌ). [فتح الباري: 8 / 662]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (مكظومٌ وكظيمٌ مغنومٌ، تدهن فيدهنو ترخص فيرخصون
هذا كله للنسفي، ولم يقع للباقين، وأشار بقوله: تدهن إلى قوله تعالى: {ودّوا لو تدهن فيدهنون} وفسره بقوله: (ترخص فيرخصون) (القلم: 9) وكذا روي عن ابن عبّاس وعن عطيّة والضّحّاك، لو نكفر فيكفرون. وعن الكلبيّ: لو تلين لهم فيلينون لك، وعن الحسن: لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم، وعن الحسن: لو تقاربهم فيقاربونك. وأشار بقوله: مكظوم. إلى قوله تعالى: {ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم} (القلم: 48) وفسره: بقوله: {مغموم} وأشار أيضا بأن مكظوم وكظيم، سواء في المعنى). [عمدة القاري: 19 / 256]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ولا تكن كصاحب الحوت} قال: تغاضب كما غاضب يونس.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد، وابن المنذر عن قتادة {ولا تكن كصاحب الحوت} قال: لا تعجل كما عجل ولا تغاضب كما غاضب.
وأخرج الحاكم عن وهب قال: كان في خلق يونس ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة منها تفسخ الربع فقذفها من يديه وهرب قال تعالى لنبيه {ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم}.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وهو مكظوم} قال: مغموم وفي قوله: {وهو مذموم} قال: مليم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {وهو مكظوم} قال: مغموم). [الدر المنثور: 14 / 655-656]

تفسير قوله تعالى: (لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لولا أن تداركه نعمةٌ من ربّه}. يقول جلّ ثناؤه: لولا أن تدارك صاحب الحوت نعمةٌ من ربّه، فرحمه بها، وتاب عليه من مغاضبته ربّه {لنبذ بالعراء}. وهو الفضاء من الأرض،
ومنه قول ابن جعدة:
ورفعت رجلاً لا أخاف عثارها = ونبذت بالبلد العراء ثيابي
{وهو مذمومٌ}. اختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {وهو مذمومٌ}، فقال بعضهم: معناه وهو مليمٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وهو مذمومٌ}. يقول: مليمٌ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهو مذنبٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن بكرٍ، {وهو مذمومٌ}. قال: هو مذنبٌ). [جامع البيان: 23 / 200-201]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وهو مكظوم} قال: مغموم وفي قوله: {وهو مذموم} قال: مليم). [الدر المنثور: 14 / 656] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاجتباه ربّه فجعله من الصّالحين (50) وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنونٌ (51) وما هو إلاّ ذكرٌ للعالمين}.
يقول تعالى ذكره: فاجتبى صاحب الحوت ربّه، يعني اصطفاه واختاره لنبوّته {فجعله من الصّالحين} يعني من المرسلين العاملين بما أمرهم به ربّهم، المنتهين عمّا نهاهم عنه). [جامع البيان: 23 / 201]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ليزلقونك بأبصارهم قال ليزهقونك.
قال معمر عن الكلبي ليصرعونك). [تفسير عبد الرزاق: 2/311]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه: {ليزلقونك بأبصارهم} قال: ليزيلونك بأبصارهم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 122]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم}. يقول جلّ ثناؤه: وإن يكاد الّذين كفروا يا محمّد ينفذونك بأبصارهم من شدّة عداوتهم لك ويزيلونك فيرموا بك عند نظرهم إليك غيظًا عليك.
وقد قيل: إنّه عني بذلك: وإن يكاد الّذين كفروا ممّا عانوك بأبصارهم ليرمون بك يا محمّد، ويصرعونك، كما تقول العرب: كاد فلانٌ يصرعني بشدّة نظره إليّ. قالوا: وإنّما كانت قريشٌ عانوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليصيبوه بالعين، فنظروا إليه ليعينوه، وقالوا: ما رأينا ولا مثله، أو إنّه لمجنونٌ، فقال اللّه لنبيّه عند ذلك: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنونٌ}.
وبنحو الّذي قلنا في معنى {ليزلقونك} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر}. يقول: ينفذونك بأبصارهم من شدّة النّظر. يقول ابن عبّاسٍ: يقال للسّهم: زهق السّهم أو زلق.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ليزلقونك بأبصارهم} يقول: لينفذونك بأبصارهم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} يقول: ليزهقونك بأبصارهم.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، أنّه كان يقرأ: (وإن يكاد الّذين كفروا ليزهقونك).
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في، قوله: {ليزلقونك} قال: لينفذونك بأبصارهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {ليزلقونك بأبصارهم} قال: ليزهقونك. وقال الكلبيّ: ليصرعونك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} لينفذونك بأبصارهم معاداةً لكتاب اللّه، ولذكر اللّه.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} يقول: ينفذونك بأبصارهم من العداوة والبغضاء.
واختلفت القرأة في قراءة قوله: {ليزلقونك} فقرأ ذلك عامّة قرأة المدينة: (ليزلقونك) بفتح الياء من زلقته أزلقه زلقًا. وقرأته عامّة قرأة الكوفة والبصرة: {ليزلقونك} بضمّ الياء من: أزلقه يزلقه.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان في العرب متقاربتا المعنى؛ والعرب تقول للّذي يحلق الرّأس: قد أزلقه وزلقه، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {لمّا سمعوا الذّكر}. يقول: لمّا سمعوا كتاب اللّه يتلى. {ويقولون إنّه لمجنونٌ} يقول تعالى ذكره: يقول هؤلاء المشركون الّذين وصف صفتهم: إنّ محمّدًا لمجنونٌ، وهذا الّذي جاءنا به من الهذيان الّذي يهذي به في جنونه). [جامع البيان: 23 / 202-204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا} الآية.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ليزلقونك بأبصارهم} قال: ينفذونك بأبصارهم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {ليزلقونك بأبصارهم} لينفذونك بأبصارهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ليزلقونك بأبصارهم} قال: لينفذونك بأبصارهم معاداة لكتاب الله ولذكر الله.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه عن عطاء قال: كان ابن عباس يقرأ {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} قال: يقول: ينفذونك بأبصارهم من شدة النظر إليك قال ابن عباس: فكيف يقولون أزلق السهم أو زهق السهم.
وأخرج أبو عبيدة فضائله، وابن جرير عن ابن مسعود أنه قرأ ليزهقونك بأبصارهم.
وأخرج البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العين حق.
وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن جابر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر.
وأخرج البزار، عن جابر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين). [الدر المنثور: 14 / 656-657]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({وما هو إلاّ ذكرٌ للعالمين} وما محمّدٌ إلاّ ذكرٌ ذكّر اللّه به العالمين الثّقلين الجنّ والإنس). [جامع البيان: 23 / 204]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:07 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث...} .معنى فذرني ومن يكذب أي: كلهم إليّ، وأنت تقول للرجل: لو تركتك ورأيك ما أفلحت،: أي: لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح، وكذلك قوله: {ذرني ومن خلقت وحيداً}، و(من) في موضع نصب، فإذا قلت: قد تركت ورأيك، وخليت ورأيك نصبت الرأي؛ لأن المعنى: لو تركت إلى رأيك، فتنصب الثاني لحسن هذا المعنى فيه، ولأنّ الاسم قبله متصل بفعل.
فإذا قالت العرب: لو تركت أنت ورأيك، رفعوا بقوة: أنت، إذ ظهرت غير متصلة بالفعل.
وكذلك يقولون: لو ترك عبد الله والأسد لأكله، فإن كنّوا عن عبد الله، فقالوا: لو ترك والأسد أكله، نصبوا؛ لأن الاسم لم يظهر، فإن قالوا: لو ترك هو والأسد، آثروا الرفع في الأسد، ويجوز في هذا ما يجوز في هذا إلا أن كلام العرب على ما أنبأتك به إلا قولهم: قد ترك بعض القوم وبعض، يؤثرون في هذا الإتباع؛ لأن بعض وبعضٌ لما اتفقتا في المعنى والتسمية اختير فيهما الإتباع والنصب في الثانية غير ممتنع). [معاني القرآن: 3/177-178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} أي نأخذهم قليلا قليلا، ولا نباغتهم). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (44)} ومثله: (ذرني ومن خلقت وحيدا)، معناه لا تشغل قلبك به، كله إليّ فإني أجازيه. ومثله قول الرجل: ذرني وإياه. وليس أنه منعه به ولكن تأويله كله إليّ فإني أكفيك أمره). [معاني القرآن: 5/211]

تفسير قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأملي لهم} أي أطيل لهم وأمهلهم، {إنّ كيدي متينٌ} أي شديد. و«الكيد»: الحيلة والمكر). [تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأُمْلِي لَهُمْ} أي أطيل لهم. {مَتِينٌ} أي شديد. (والكيد) الحيلة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أم عندهم الغيب فهم يكتبون...}.يقول: أعندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون منه، ويجادلونك بذلك). [معاني القرآن: 3/179]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تكن كصاحب الحوت...}.كيونس صلى الله عليه وسلم، يقول: لا تضجر بهم؛ كما ضجر يونس حتى هرب من أصحابه؛ فألقى نفسه في البحر؛ حتى التقمه الحوت). [معاني القرآن: 3/178]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مكظومٌ} من الغم كثل كظيم). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مكظوم}: مثل كظيم من الغم). [غريب القرآن وتفسيره: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({وهو مكظومٌ} من الغمّ. و«كظيم» مثله).
[تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقالوا في قوله: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا}: إنه غاضب قومه! استيحاشا من أن يكون مع تأييد الله وعصمته وتوفيقه وتطهيره، يخرج مغاضبّا لربّه.
...
ولم أخرجه من أولي العزم من الرّسل، حين يقول لنبيه، صلّى الله عليه وسلم: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}
وإن كان الغضب عليهم بعد أن آمنوا، فهذا أغلظ مما أنكروا، وأفحش مما استقبحوا، كيف يجوز أن يغضب على قومه حين آمنوا، ولذلك انتخب وبه بعث، وإليه دعا؟!.
وما الفرق بين عدو الله ووليّه إن كان وليّه يغضب من إيمان مائة ألف أو يزيدون؟.
والقول في هذا أنّ المغاضبة: المفاعلة من الغضب، والمفاعلة تكون من اثنين، تقول: غاضبت فلانا مغاضبة وتغاضبنا: إذا غضب كلّ واحد منكما على صاحبه، كما تقول: ضاربته مضاربة، وقاتلته مقاتلة، وتضاربنا وتقاتلنا.
وقد تكون المفاعلة من واحد، فنقول: غاضبت من كذا: أي غضبت، كما تقول:
سافرت وناولت، وعاطيت الرّجل، وشارفت الموضع، وجاوزت، وضاعفت، وظاهرت، وعاقبت.
ومعنى المغاضبة هاهنا: الأنفة، لأن الأنف من الشيء يغضب، فتسمّى الأنفة غضبا، والغضب أنفة، إذا كان كل واحد بسبب من الآخر، تقول: غضبت لك من كذا، وأنت تريد أنفت، قال الشاعر:
غَضِبْتُ لَكُم أن تُسَامُوا اللَّفَاء = بشَجْنَاءَ مِن رَحِمٍ تُوصَلُ
يروى مرة: (أنفت لكم)، ومرة: (غضبت لكم)، لأنّ المعنيين متقاربان.
وكذلك (العبد) أصله: الغضب. ثم قد تسمّى الأنفة عبدا.
وقال الشاعر:
وَأَعْبَدُ أَن تُهْجَى تَميم بدَارِم
يريد: آنَفُ). [تأويل مشكل القرآن: 405-407](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم (48)} يعني: يونس عليه السلام.
{إذ نادى وهو مكظوم} أي مملوء غمّا وكربا). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَكْظُومٌ}: مغموم). [العمدة في غريب القرآن: 311]

تفسير قوله تعالى:{لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّولا أن تداركه نعمةٌ مّن رّبّه لنبذ بالعراء...} حين نبذ ـ وهو مذموم، ولكنه نبد عير مذموم، {فاجتباه ربّه...}. وفي قراءة عبد الله: "لولا أن تداركته"، وذلك مثل قوله: {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} {وأخذت} في موضع آخر؛ لأن النعمة اسم مؤنث مشتق من فعل، ولك في فعله إذا تقدم التذكير والتأنيث). [معاني القرآن: 3/178]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لنبذ بالعراء...}. العراء الأرض... ). [معاني القرآن: 3/178]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لنبذ بالعراء} لألقى بوجه الأرض، قال رجل من خزاعة يقال له قيس ابن جعدة أحد الفزارين:
دفعت رجالاً لا أخاف عثارها = ونبذت بالبلد العراء ثيابي). [مجاز القرآن: 2/266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لنبذ بالعراء}: لألقي بوجه الأرض). [غريب القرآن وتفسيره: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
((العراء): الأرض التي لا تواري من فيها بجبل ولا شجر).
[تفسير غريب القرآن: 481]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لولا أن تداركه نعمة من ربّه لنبذ بالعراء وهو مذموم (49)} والمعنى أنه قد نبذ بالعراء وهو غير مذموم، ويدل على ذلك أن النعمة قد شملته). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((والعراء) الأرض التي ليس فيها نخيل ولا شجر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَنُبِذَ بالعراء}: لطرح بالسحراء). [العمدة في غريب القرآن: 311]

تفسير قوله تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فاجتباه ربّه فجعله من الصّالحين (50)} هذا تخليص له من الذّم، والعراء المكان الخالي قال الشاعر:
رفعت رجلا لا أخاف عثارها = ونبذت بالبلد العراء ثيابي). [معاني القرآن: 5/211]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم...}
- قرأها عاصم والأعمش: (ليزلقونك) بضم الياء، من أزلقت.
- وقرأها أهل المدينة: (ليزلقونك) بفتح الياء من زلقت، والعرب تقول للذي يحلق الرأس: قد زلقه وأزلقه.
- وقرأها ابن عباس: "ليزهقونك بأبصارهم" حدثنا محمد قال: سمعت الفراء قال: حدثنا بذلك سفيان بن عيينة عن رجل ابن عباس، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود كذلك بالهاء: "ليزهقونك"، أي: ليلقونك بأبصارهم؛ وذلك أن العرب كان أحدهم إذا أراد أن يعتان المال، أي: يصيبه بالعين تجوّع ثلاثاً، ثم يتعرض لذلك المال فيقول: تالله مالا أكثر ولا أحسن [يعني ما رأيت أكثر] فتسقط منه الأباعر، فأرادوا برسول الله صلّى الله عليه وسلم مثل ذلك فقالوا: ما رأينا مثل حججه، ونظروا إليه ليعينوه، فقالوا: ما رأينا مثله، وإنه لمجنون، فقال الله عز وجل: {وما هو إلاّ ذكرٌ لّلعالمين...}.
ويقال: {وإن كادوا ليزلقونك} أي: ليرمون بك عن موضعك، ويزيلونك عنه بأبصارهم، كما تقول: كاد يصرعني بشدة نظره، وهو بيّن من كلام العرب كثير، كما تقول: أزهقت السهم فرهق). [معاني القرآن: 3/179]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ليزلقونك} ولينقذونك وكل ذاكٍ إزلاق). [مجاز القرآن: 2/266]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنونٌ}وقال: {وإن يكاد الّذين كفروا} وهذه "إن" التي تكون للإيجاب وهي في معنى الثقيلة إلا أنها ليست بثقيلة، لأنك إذا قلت: "إن كان عبد الله لظريفاً" فمعناه "إن عبد الله لظريفٌ قبل اليوم" فـ"إن" تدخل في هذا المعنى وهي خفيفة). [معاني القرآن: 4/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ليزلقونك بأبصارهم}: ليزيلونك وليرمون بك. يقال أزلقت شعره وزلقته أي حلقته من أصله). [غريب القرآن وتفسيره: 385]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر}.
قال الفراء: «يعتانونك أي يصيبونك بأعينهم»، وذكر: «أن الرجل من العرب كان يمثل على طريق الإبل - إذا صدرت عن الماء - فيصيب منها ما أراد بعينه، حتى يهلكه». هذا معنى قوله، وليس هو بعينه.ولم يرد اللّه جل وعز - في هذا الموضع - أنهم يصيبونك بأعينهم، كما يصيب العائن بعينه ما يستحسنه ويعجب منه.وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك - إذا قرأت القرآن - نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يكاد يزلقك، أي يسقطك كما قال الشاعر: يتقارضون - إذا التقوا في موطن - نظرا يزيل مواطئ الأقدام). [تفسير غريب القرآن: 482]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}، أي يسقطونك بشدة نظرهم). [تأويل مشكل القرآن: 420](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته، أي يسقطك.
ومثله قول الشاعر:
يتقارضون إذا التقوا في موطن = نظرا يزيل مواطئ الأقدام
أي ينظر بعضهم إلى بعض نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء، يزيل الأقدام عن مواطئها.
فتفهّم قول الله عز وجل: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} أي يقاربون أن يفعلوا ذلك، ولم يفعلوا.
وتفهّم قول الشاعر: (نظرا يزيل) ولم يقل: يكاد يزيل، لأنه نواها في نفسه.
وكذلك قول الله عز وجل: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} إعظاما لقولهم.
وقوله جل وعز: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} إكبارا لمكرهم. وقرأها بعضهم: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ}.
وأكثر ما في القرآن من مثل هذا فإنه يأتي بكاد، فما لم يأت بكاد ففيه إضمارها، كقوله: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}، وأي كادت من شدّة الخوف تبلغ الحلوق.
وقد يجوز أن يكون أراد: أنها ترجف من شدّة الفزع وتجف ويتصل وجيفها بالحلوق، فكأنها بلغت الحلوق بالوجيب). [تأويل مشكل القرآن: 171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 20، 22].
كان المسلمون إذا بطل الوحي يقولون: هلّا نزل شيء، تأميلا أن تنزل عليهم بشرى من الله وفتح وخير وتخفيف فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ أي محدثة. وسميت المحدثة: محكمة، لأنها حين تنزل تكون كذلك حتى ينسخ منها شيء. وهي في حرف عبد الله فإذا أنزلت سورة محدثة وذكر فيها القتال، أي فرض فيها الجهاد رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ أي شك ونفاق ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت، يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم، وينظرون نظرا شديدا بتحديق، وتحديد، كما ينظر الشّاخص ببصره عند الموت، من شدّة العداوة. والعرب تقول: رأيته لمحا باصرا أي نظرا صلبا بتحديق. ونحوه قوله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ}، أي يسقطونك بشدة نظرهم، وقد تقدم ذكر هذا). [تأويل مشكل القرآن: 420-421] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله عزّ وجلّ: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنون} وقرئت (ليزهقونك) - بالهاء - ولكن هذه تخالف المصحف أعني الهاء والقراءة على ما وافق المصحف.وهذه الآية تحتاج إلى فصل إبانة في اللغة فأمّا ما روي في التفسير [معاني القرآن: 5/211]
فروي أن الرجل من العرب كان إذا أراد أن يعتان شيئا. أي يصيبه بالعين تجوع ثلاثة أيام، ثم يقول للذي يريد أن يعتانه: لا أرى كاليوم إبلا أو شاء أو ما أراد.المعنى لم أر كإبل أراها اليوم إبلا فكان يصيبها بالعين بهذا القول.فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمعوا منه الذكر كما كانوا يقولون لما يريدون أن يصيبوه بالعين.
فأما مذهب أهل اللغة فالتأويل عندهم أنه من شدة إبغاضهم لك وعدوانهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يضروك، وهذا مستعمل في الكلام، يقول القائل: نظر إليّ نظرا يكاد يصرعني به، ونظرا يكاد يأكلني فيه.
وتأويله كله أنه نظر إليّ نظرا لو أمكنه معه أكلي أو أن يصرعني لفعل.وهذا بين واضح، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 5/212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَيُزْلِقُونَكَ} أي يعتانونك، أي يصيبونك بالعين من إعجابهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَيُزْلِقُونَكَ}: ليزيلونك). [العمدة في غريب القرآن: 311]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 03:08 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وحيث فيمن ضم وهي اللغة الفاشية. والقراءة المختارة {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}. فهي غاية، والذي يعرفها ما وقعت عليه من الابتداء والخبر). [المقتضب: 3/175]

تفسير قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) }

تفسير قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) }

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) }

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وذكرت أهلي بالعراء = وحاجة الشعث التوالب
(العَراء) الصحراء التي لا نبت بها). [شرح أشعار الهذليين: 1/315] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: " شجر العرى " فالعرى: نبت إن ضم العين، والعراء ممدودًا وجه الأرض، قال الله عز وجل: {لنبذ بالعراء وهو مذموم} [القلم: 49]. وقال الهذلي:
رفعت رجلاً لا أخاف عثارها = ونبذت بالبلد العراء ثيابي).
[الكامل: 1/359-360]

تفسير قوله تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:16 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:16 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:17 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:17 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث وعيد ولم يكن ثم مانع، ولكنه كما تقول: دعني مع فلان، أي سأعاقبه، ومن في موضع نصب عطفا على الضمير في: «ذرني» أو نصبا على المفعول معه، و «الحديث» المشار إليه هو القرآن المخبر بهذه الغيوب، والاستدراج هو: الحمل من رتبة إلى رتبة، حتى يصير المحمول إلى شر وإنما يستعمل الاستدراج في الشر، وهو مأخوذ من الدرج، قال سفيان الثوري: تسبغ عليهم النعم، ويمنعون الشكر، وقال غيره: كلما زادوا ذنبا زادوا نعمة، وفي معنى الاستدراج قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته». وقال الحسن: كم من مستدرج بالإحسان إليه ومغرور بالستر عليه). [المحرر الوجيز: 8/ 380-381]

تفسير قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأملي لهم معناه: أؤخرهم ملاوة من الزمن، وهي البرهة والقطعة، يقال: ملاوة: بضم الميم وبفتحها وبكسرها، والكيد: عبارة عن العقوبة التي تحل بالكفار من حيث هي: على كيد منهم، فسمى العقوبة باسم الذنب، والمتين: القوي الذي له متانة، ومنه المتن الظهر). [المحرر الوجيز: 8/ 381]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: أم تسئلهم أجراً فهم من مغرمٍ مثقلون (46) أم عندهم الغيب فهم يكتبون (47) فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظومٌ (48) لولا أن تداركه نعمةٌ من ربّه لنبذ بالعراء وهو مذمومٌ (49) فاجتباه ربّه فجعله من الصّالحين (50) وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنونٌ (51) وما هو إلاّ ذكرٌ للعالمين (52)
هذه أم التي تتضمن الإضراب عن الكلام الأول لا على جهة الرفض له، لكن على جهة الترك والإقبال على سواه، وهذا التوقيف لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمراد به توبيخ الكفار لأنه لو سألهم أجرا فأثقلهم غرم ذلك لكان لهم بعض العذر في إعراضهم وقرارهم). [المحرر الوجيز: 8/ 381]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: أم عندهم الغيب فهم يكتبون معناه: هل لهم علم بما يكون فيدعون مع ذلك أن الأمر على اختيارهم جار). [المحرر الوجيز: 8/ 381]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه بالصبر لحكمه، وأن يمضي لما أمر به من التبليغ واحتمال الأذى والمشقة، ونهى عن الضجر والعجلة التي وقع فيها يونس صلى الله عليه وسلم، ثم اقتضبت القصة، وذكر ما وقع في آخرها من ندائه من بطن الحوت وهو مكظومٌ، أي غيظه في صدره. وحقيقة الكظم: هو الغيظ والحزن والندم فحمل المكظوم عليه تجوزا، وهو في الحقيقة كاظم، ونحو هذا قول ذي الرمة: [البسيط]
وأنت من حب مني مضمر حزنا = عاني الفؤاد قريح القلب مكظوم
وقال النقاش: المكظوم، الذي أخذ بكظمه وهو مجاري القلب، ومنه سميت الكاظمة وهي القناة في جوف الأرض). [المحرر الوجيز: 8/ 381-382]

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: «لولا أن تداركه» أسند الفعل دون علامة تأنيث، لأن تأنيث النعمة غير حقيقي وقرأ أبيّ بن كعب وابن مسعود وابن عباس: «تداركته» على إظهار العلامة، وقرأ ابن هرمز والحسن: «تدّاركه» بشد الدال على معنى: تتداركه وهي حكاية حال تام، فلذلك جاء الفعل مستقبلا بمعنى: لولا أن، يقال فيه تتداركه نعمة من ربه ونحوه، قوله تعالى: فوجد فيها رجلين يقتتلان فهذا وجه القراءة، ثم أدغمت التاء في الدال، والنعمة: هي الصفح والتوب، والاجتباء: الذي سبق له عنده، والعراء: الأرض الواسعة التي ليس فيها شيء يوارى من بناء ولا نبات ولا غيره من جبل ونحوه، ومنه قول الشاعر [أبو الخراش الهذلي]: [الكامل]
رفعت رجلا لا أخاف عثارها = ونبذت بالأرض العراء ثيابي
وقد نبذ يونس عليه السلام بالعراء ولكن غير مذموم). [المحرر الوجيز: 8/ 382]

تفسير قوله تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و«فاجتباه» معناه: اختاره واصطفاه). [المحرر الوجيز: 8/ 382]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى نبيه بحال نظر الكفار إليهم، وأنهم يكادون من الغيظ والعداوة، يزلقونه فيذهبون قدمه من مكانها ويسقطونه. وقرأ جمهور القراء: «يزلقونك» بضم الياء من أزلق، وقرأ نافع وحده: «يزلقونك». بفتح الياء من زلقت الرجل، يقال: زلق الرجل بكسر اللام وزلقته بفتحها مثل: حزن وحزنته وشترت العين بكسر التاء وشترنها، وفي مصحف عبد الله بن مسعود: «ليزهقونك» بالهاء، وروى النخعي أن في قراءة ابن مسعود:
«لينفدونك»، وفي هذا المعنى الذي في نظرهم من الغيظ والعداوة قول الشاعر: [الكامل]
يتقارضون إذا التقوا في مجلس = نظرا يزيل مواطئ الأقدام
وذهب قوم من المفسرين إلى أن المعنى: يأخذونك بالعين، وذكر أن الدفع بالعين كان في بني
أسد، قال ابن الكلبي: كان رجل يتجوع ثلاثة أيام لا يتكلم على شيء إلا أصابه بالعين، فسأله الكفار أن يصيب النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابهم إلى ذلك، ولكن عصم الله تعالى نبيه، قال الزجاج: كانت العرب إذا أراد أحدهم أن يعتان شيئا، تجوع ثلاثة أيام، وقال الحسن: دواء من أصابه العين أن يقرأ هذه الآية، و «الذكر» في الآية القرآن). [المحرر الوجيز: 8/ 383]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قرر تعالى أن هذا القرآن العزيز ذكرٌ للعالمين من الجن والإنس، ووعظ لهم وحجة عليهم، فالحمد لله الذي أنعم علينا به وجعلنا أهله وحماته لا رب غيره). [المحرر الوجيز: 8/ 383]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:18 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:19 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث} يعني: القرآن. وهذا تهديدٌ شديدٌ، أي: دعني وإيّاه منّي ومنه، أنا أعلم به كيف أستدرجه، وأمدّه في غيّه وأنظر ثمّ آخذه أخذ عزيزٍ مقتدرٍ؛ ولهذا قال: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} أي: وهم لا يشعرون، بل يعتقدون أنّ ذلك من اللّه كرامةٌ، وهو في نفس الأمر إهانةٌ، كما قال: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} [المؤمنون: 55، 56]، وقال: {فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شيءٍ حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون} [الأنعام: 44]. ولهذا قال هاهنا: {وأملي لهم إنّ كيدي متينٌ} أي: وأؤخّرهم وأنظرهم وأمدّهم وذلك من كيدي ومكري بهم؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ كيدي متينٌ} أي: عظيمٌ لمن خالف أمري، وكذّب رسلي، واجترأ على معصيتي.
وفي الصّحيحين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ اللّه تعالى ليملي للظّالم، حتّى إذا أخذه لم يفلته". ثمّ قرأ: {وكذلك أخذ ربّك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ إنّ أخذه أليمٌ شديدٌ} [هود: 102]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 200]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أم تسألهم أجرًا فهم من مغرمٍ مثقلون * أم عندهم الغيب فهم يكتبون} تقدّم تفسيرهما في سورة "الطّور" والمعنى في ذلك: أنّك يا محمّد تدعوهم إلى اللّه، عزّ وجلّ، بلا أجرٍ تأخذه منهم، بل ترجو ثواب ذلك عند اللّه، عزّ وجلّ، وهم يكذّبون بما جئتهم به، بمجرّد الجهل والكفر والعناد). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 200]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فاصبر لحكم ربّك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظومٌ (48) لولا أن تداركه نعمةٌ من ربّه لنبذ بالعراء وهو مذمومٌ (49) فاجتباه ربّه فجعله من الصّالحين (50) وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذّكر ويقولون إنّه لمجنونٌ (51) وما هو إلا ذكرٌ للعالمين (52)}
يقول تعالى: {فاصبر} يا محمّد على أذى قومك لك وتكذيبهم؛ فإنّ اللّه سيحكم لك عليهم، ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدّنيا والآخرة، {ولا تكن كصاحب الحوت} يعني: ذا النّون، وهو يونس بن متّى، عليه السّلام، حين ذهب مغاضبًا على قومه، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له، وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليمّ، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعليّ القدير، الّذي لا يردّ ما أنفذه من التّقدير، فحينئذٍ نادى في الظّلمات. {أن لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين} [الأنبياء: 87]. قال اللّه {فاستجبنا له ونجّيناه من الغمّ وكذلك ننجي المؤمنين} [الأنبياء: 88]، وقال تعالى: {فلولا أنّه كان من المسبّحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [الصّافّات: 143، 144] وقال هاهنا: {إذ نادى وهو مكظومٌ} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والسّدّيّ: وهو مغمومٌ. وقال عطاءٌ الخراسانيّ، وأبو مالكٍ: مكروبٌ. وقد قدّمنا في الحديث أنّه لمّا قال: {لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين} خرجت الكلمة تحفّ حول العرش، فقالت الملائكة: يا ربّ، هذا صوتٌ ضعيفٌ معروفٌ من بلادٍ غريبةٍ. فقال اللّه: أما تعرفون هذا؟ قالوا: لا. قال: هذا يونس. قالوا: يا ربّ، عبدك الّذي لا يزال يرفع له عملٌ صالحٌ ودعوةٌ مجابةٌ؟ قال: نعم. قالوا: أفلا ترحم ما كان يعمله في الرّخاء فتنجيه من البلاء؟ فأمر اللّه الحوت فألقاه بالعراء؛ ولهذا قال تعالى: {فاجتباه ربّه فجعله من الصّالحين}
وقد قال الإمام أحمد: حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا ينبغي لأحدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متّى".
ورواه البخاريّ من حديث سفيان الثّوريّ وهو في الصّحيحين من حديث أبي هريرة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 200-201]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وإن يكاد الّذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وغيرهما: {ليزلقونك} لينفذونك بأبصارهم، أي: ليعينونك بأبصارهم، بمعنى: يحسدونك لبغضهم إيّاك لولا وقاية اللّه لك، وحمايته إيّاك منهم. وفي هذه الآية دليلٌ على أنّ العين إصابتها وتأثيرها حقٌّ، بأمر اللّه، عزّ وجلّ، كما وردت بذلك الأحاديث المرويّة من طرقٍ متعدّدةٍ كثيرةٍ.
حديث أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه: قال أبو داود: حدّثنا سليمان بن داود العتكي، حدّثنا شريكٌ (ح)، وحدّثنا العبّاس العنبريّ، حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شريكٌ، عن العبّاس بن ذريح، عن الشّعبيّ -قال العبّاس: عن أنسٍ-قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا رقية إلّا من عينٍ أو حمة أو دمٍ لا يرقأ". لم يذكر العبّاس العين. وهذا لفظ سليمان.
حديث بريدة بن الحصيب، رضي اللّه عنه: قال أبو عبد اللّه ابن ماجه: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن نمير، حدّثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن حصين، عن الشّعبيّ، عنبريدة بن الحصيب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا رقية إلّا من عينٍ أو حمة".
هكذا رواه ابن ماجه وقد أخرجه مسلمٌ في صحيحه، عن سعيد بن منصورٍ، عن هشيمٌ، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن عامرٍ الشّعبيّ، عن بريدة موقوفًا، وفيه قصّةٌ وقد رواه شعبة، عن حصينٍ، عن الشّعبيّ، عن بريدة. قاله التّرمذيّ وروى هذا الحديث الإمام البخاريّ من حديث محمّد بن فضيلٍ، وأبو داود من حديث مالك بن مغول، والتّرمذيّ من حديث سفيان بن عيينة، ثلاثتهم عن حصينٍ، عن عامرٍ عن الشّعبيّ، عن عمران بن حصين موقوفًا.
حديث أبي جندب بن جنادة: قال الحافظ أبو يعلى الموصليّ، رحمه اللّه: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرعرة بن البرند السّاميّ، حدّثنا ديلم بن غزوان، حدّثنا وهب بن أبي دبيٍّ، عن أبي حربٍ عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ العين لتولع الرجل بإذن اللّه، فيتصاعد حالقًا، ثمّ يتردّى منه" إسناده غريبٌ، ولم يخرّجوه.
حديث حابسٍ التّميميّ: قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا حربٌ، حدّثنا يحيى بن أبي كثيرٍ، حدّثني حيّة بن حابسٍ التّميميّ: أنّ أباه أخبره: أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا شيء في الهامّ، والعين حقٌّ، وأصدق الطيرة الفأل".
وقد رواه التّرمذيّ عن عمرو بن عليٍّ، عن أبي غسّان يحيى بن كثيرٍ، عن عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، به ثمّ قال غريبٌ. قال وروى شيبان، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن حيّة بن حابسٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قلت: كذلك رواه الإمام أحمد، عن حسن بن موسى وحسين بن محمد، عن شيبان، يحيى بن أبي كثيرٍ، عن حيّة، حدّثه عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا بأس في الهامّ، والعين حقٌّ، وأصدق الطّيرة الفأل ".
حديث ابن عبّاسٍ: قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد اللّه بن الوليد، عن سفيان، عن دويد، حدّثني إسماعيل بن ثوبان، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "العينحقٌّ، العين حقٌّ، تستنزل الحالق" غريبٌ.
طريقٌ أخرى: قال مسلمٌ في صحيحه: حدّثنا عبد اللّه بن عبد الرّحمن الدّارميّ، أخبرنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا وهيب، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "العين حقٌّ، ولو كان شيءٌ سابق القدر سبقت العين، وإذا اغتسلتم فاغسلوا". انفرد به دون البخاريّ.
وقال عبد الرّزّاق، عن سفيان الثّوريّ، عن منصورٍ، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعوّذ الحسن والحسين، يقول: "أعيذكما بكلمات اللّه التّامّة، من كلّ شيطانٍ وهامّة، ومن كلّ عينٍ لامّة"، ويقول هكذا كان إبراهيم يعوّذ إسحاق وإسماعيل، عليهما السّلام".
أخرجه البخاريّ وأهل السّنن من حديث المنهال، به
حديث أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيفٍ، رضي اللّه عنه: "قال ابن ماجه: حدّثنا هشام بن عمّارٍ، حدّثنا سفيان، عن الزّهريّ، عن أبي أمامة ابن سهل بن حنيف قال: مرّ عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف، وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبّأةٍ. فما لبث أن لبط به، فأتي به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقيل له: أدرك سهلًا صريعًا. قال: "من تتّهمون به؟ ". قالوا: عامر بن ربيعة. قال: "علام يقتل أحدكم أخاه؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة". ثم دعا بماءٍ فأمر عامرًا أن يتوضّأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، وركبتيه، وداخلة إزاره، وأمره أن يصبّ عليه.
قال سفيان: قال معمر، عن الزّهريّ: وأمر أن يكفأ الإناء من خلفه.
وقد رواه النّسائيّ، من حديث سفيان بن عيينة ومالك بن أنسٍ، كلاهما عن الزّهريّ، به. ومن حديث سفيان بن عيينة أيضًا عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن أبي أمامة: ويكفأ الإناء من خلفه. ومن حديث ابن أبي ذئبٍ عن الزّهريّ، عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف، عن أبيه، به. ومن حديث مالكٍ أيضًا، عن محمّد بن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، به.
حديث أبي سعيدٍ الخدريّ: قال ابن ماجه: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا سعيد بن سليمان، حدّثنا عبّادٌ، عن الجريريّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتعوّذ من أعين الجانّ وأعين الإنس. فلمّا نزل المعوّذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك.
ورواه التّرمذيّ والنّسائيّ من حديث سعيد بن إياسٍ أبي مسعودٍ الجريري، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ.
حديثٌ آخر عنه: قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الصّمد بن عبد الوارث، حدّثني أبي، حدّثني عبد العزيز بن صهيب، حدّثني أبو نضرة، عن أبي سعيدٍ: أنّ جبريل أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: اشتكيت يا محمّد؟ قال: "نعم". قال باسم اللّه أرقيك، من كلّ شيءٍ يؤذيك، من شر كل نفس وعين يشفيك، باسم اللّه أرقيك.
ورواه عن عفّان، عن عبد الوارث، مثله. ورواه مسلمٌ وأهل السّنن -إلّا أبا داود-من حديث عبد الوارث، به.
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا عفّان، حدّثنا وهيبٌ، حدّثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ -أو: جابر بن عبد اللّه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اشتكى، فأتاه جبريل فقال: باسم اللّه أرقيك، من كلّ شيءٍ يؤذيك، من كل حاسد وعين والله يشفيك.
ورواه أيضًا، عن محمّد بن عبد الرّحمن الطّفاويّ، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ به.
قال أبو زرعة الرّازيّ: روى عبد الصّمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن عبد العزيز، عن أبي نضرة، وعن عبد العزيز، عن أنسٍ، في معناه، وكلاهما صحيح.
حديث أبى هريرة: قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أنبأنا معمر، عن همّام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ العين حقٌّ".
أخرجاه من حديث عبد الرّزّاق.
وقال ابن ماجه: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا إسماعيل بن عليّة، عن الجريري، عن مضارب بن حزن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "العين حقٌّ".تفرّد به.
ورواه أحمد، عن إسماعيل بن عليّة، عن سعيدٍ الجريريّ، به.
وقال الإمام أحمد حدّثنا ابن نميرٍ، حدّثنا ثورٌ -يعني ابن يزيد-عن مكحول، عن أبيهريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "العين حقٌّ، ويحضرها الشيطان، وحسد ابن آدم"
وقال أحمد: حدّثنا خلف بن الوليد، حدّثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن قيس: سئل أبو هريرة: هل سمعت رسول اللّه يقول: الطّيرة في ثلاثٍ: في المسكن والفرس والمرأة؟ قال: قلت: إذًا أقول على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما لم يقل! ولكنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أصدق الطّيرة الفأل، والعين حقٌّ".
حديث أسماء بنت عميس: قال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عروة بن عامرٍ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي قال: قالت أسماء: يا رسول اللّه، إنّ بني جعفرٍ تصيبهم العين، أفأسترقي لهم؟ قال: "نعم، فلو كان شيءٌ يسبق القدر لسبقته العين".
وكذا رواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث سفيان بن عيينة، به ورواه التّرمذيّ أيضًا والنّسائيّ، من حديث عبد الرّزّاق، عن معمر، عن أيّوب، عن عمرو بن دينارٍ، عن عروة بن عامرٍ، عن عبيد بن رفاعة، عن أسماء بنت عميسٍ، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
حديث عائشة، رضي اللّه عنها: قال ابن ماجه: حدّثنا عليّ بن أبي الخصيب، حدّثنا وكيع، عن سفيان، ومسعر، عن معبد بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن شدّاد، عن عائشة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمرها أن تسترقي من العين.
ورواه البخاريّ عن محمّد بن كثيرٍ، عن سفيان، عن معبد بن خالدٍ، به. وأخرجه مسلمٌ من حديث سفيان ومسعر، كلاهما عن معبدٍ، به ثمّ قال ابن ماجه:حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا أبو هشامٍ المخزوميّ، حدّثنا وهيب، عن أبي واقدٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "استعيذوا باللّه فإنّ النّفس حقٌّ". تفرّد به
وقال أبو داود: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان يؤمر العائن فيتوضّأ ويغسل منه المعين.
حديث سهل بن حنيف: قال الإمام أحمد: حدّثنا حسين بن محمّدٍ، حدّثنا أبو أويسٍ حدّثنا الزّهريّ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أنّ أباه حدّثه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج وساروا معهنحو مكّة، حتّى إذا كانوا بشعب الخرار -من الجحفة-اغتسل سهل بن حنيف -وكان رجلًا أبيض حسن الجسم والجلد-فنظر إليه عامر بن ربيعة، أخو بني عديّ بن كعبٍ، وهو يغتسل، فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبّأة. فلبط سهلٌ، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقيل له: يا رسول اللّه، هل لك في سهلٍ. واللّه ما يرفع رأسه ولا يفيق. قال: "هل تتّهمون فيه من أحدٍ؟ ". قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة. فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عامرًا، فتغيّظ عليه، وقال: "علام يقتل أحدكم أخاه، هلّا إذا رأيت ما يعجبك بركت؟ ". ثمّ قال له: "اغتسل له" -فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح-ثمّ صب ذلك الماء عليه. يصبه رجلٌ على رأسه وظهره من خلفه، ثمّ يكفأ. القدح وراءه. ففعل ذلك، فراح سهلٌ مع النّاس، ليس به بأسٌ.
حديث عامر بن ربيعة: "قال الإمام أحمد في مسند عامرٍ: حدّثنا وكيع، حدّثنا أبي، حدّثنا عبد اللّه بن عيسى، عن أميّة بن هند بن سهل بن حنيف، عن عبد اللّه بن عامرٍ قال: انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيفٍ يريدان الغسل، قال: فانطلقا يلتمسان الخمر -قال: فوضع عامرٌ جبّة كانت عليه من صوفٍ، فنظرت إليه فأصبته بعيني فنزل الماء يغتسل. قال: فسمعت له في الماء فرقعةً، فأتيته فناديته ثلاثًا فلم يجبني. فأتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته. قال: فجاء يمشي فخاض الماء كأنّي أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فضرب صدره بيده ثمّ قال: "اللّهمّ اصرف عنه حرّها وبردها ووصبها". قال: فقام. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا رأى أحدكم من أخيه، أو من نفسه أو من ماله، ما يعجبه، فليبرّك، فإنّ العين حقٌّ".
حديث جابرٍ: قال الحافظ أبو بكرٍ البزّار في مسنده: حدّثنا محمّد بن معمر، حدّثنا أبو داود، حدّثنا طالب بن حبيب بن عمرو بن سهلٍ الأنصاريّ -ويقال له: ابن الضجيع، ضجيع حمزة، رضي اللّه عنه-حدّثني عبد الرّحمن بن جابر بن عبد اللّه، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أكثر من يموت من أمّتي بعد كتاب اللّه وقضائه وقدره بالأنفس".
قال البزّار: يعني العين. قال ولا نعلم يروى هذا الحديث عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا بهذا الإسناد.
قلت: بل قد روي من وجهٍ آخر عن جابرٍ؛ قال الحافظ أبو عبد الرّحمن محمّد بن المنذر الهرويّ -المعروف بشكّر-في كتاب العجائب، وهو مشتملٌ على فوائد جليلةٍ وغريبةٍ: حدّثنا الرّهاويّ، حدّثنا يعقوب بن محمّدٍ، حدّثنا عليّ بن أبي عليٍّ الهاشميّ، حدّثنا محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "العين حقٌّ، لتورد الرّجل القبر، والجمل القدر، وإنّ أكثر هلاك أمتي في العين".
ثمّ رواه عن شعيب بن أيّوب، عن معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن محمّد بن المنكدر، عن جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قد تدخل الرجل العين في القبر، وتدخل الجمل القدر".
حديث عبد اللّه بن عمرٍو: "قال الإمام أحمد: حدّثنا قتيبة، حدّثنا رشدين بن سعدٍ، عن الحسن بن ثوبان، عن هشام بن أبي رقية، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة ولا حسد، والعين حقٌّ". تفرّد به أحمد.
حديثٌ عن عليٍّ: روى الحافظ ابن عساكر من طريق خيثمة بن سليمان الحافظ: حدّثنا عبيد بن محمّدٍ الكشوري، حدّثنا عبد اللّه بن عبد اللّه بن عبد ربّه البصريّ، عن أبي رجاءٍ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ؛ أنّ جبريل أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فوافقه مغتمًّا، فقال: يا محمّد، ما هذا الغمّ الّذي أراه في وجهك؟ قال: "الحسن والحسين أصابتهما عينٌ". قال: صدق بالعين، فإنّ العين حقٌّ، أفلا عوّذتهما بهؤلاء الكلمات؟ قال: "وما هنّ يا جبريل؟ ". قال: قل: اللّهمّ ذا السّلطان العظيم، ذا المنّ القديم، ذا الوجه الكريم، وليّ الكلمات التّامّات، والدّعوات المستجابات، عاف الحسن والحسين من أنفس الجنّ، وأعين الإنس. فقالها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقاما يلعبان بين يديه. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "عوّذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا التّعويذ، فإنّه لم يتعوّذ المتعوّذون بمثله".
قال الخطيب البغداديّ: تفرّد بروايته أبو رجاءٍ محمّد بن عبيد اللّه الحيطي من أهل تستر. ذكره ابن عساكر في ترجمة "طرّاد بن الحسين"، من تاريخه.
وقوله: {ويقولون إنّه لمجنونٌ} أي: يزدرونه بأعينهم ويؤذونه بألسنتهم، ويقولون: {إنّه لمجنونٌ} أي: لمجيئه بالقرآن، قال اللّه تعالى {وما هو إلا ذكرٌ للعالمين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 201-207]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة