سورة الفلق
[ من الآية (1) إلى آخر السورة ]
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}
{قُلْ أَعُوذُ}
- قرأ ورش في الوصل بنقل حركة الهمزة إلى اللام ثم حذف الهمزة (قل اعوذ).
- وقراءة الباقين بتحقيق الهمز (قل أعوذ) ). [معجم القراءات: 10/645]
قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ((مِنْ شَرٍّ) منون أبو حنيفة، الباقون مضاف، وهو الاختيار؛ إذ الشر والخير مخلوقات
[الكامل في القراءات العشر: 663]
للَّه تعالى والتنوين يوهم النفي). [الكامل في القراءات العشر: 664]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)}
{مِنْ شَرِّ مَا}
- قرأ الجمهور (من شر ما) بإضافة (شر) إلى (ما).
- وقرأ عمرو بن فائد وعمر بن عبيد وأبو حنيفة (من شر ما…) بالتنوين، وتنسب هذه القراءة إلى المعتزلة القائلين بأن الله تعالى لم يخلق الشر، وأن النص (من شرٍ). ثم (ما خلق) ما: نافية.
قال ابن عطية: (وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل، فالله خالق كل شيء).
قال أبو حيان: (ولهذه القراءة وجه غير النفي، فلا ينبغي أن ترد، وهو أن يكون (ما خلق) بدلًا من (من شر) على تقدير محذوف أي: من شر شر ما خلق، فحذف لدلالة (شر) الأول عليه، أطلق أولًا ثم عمم ثانيًّا).
[معجم القراءات: 10/645]
وأخذ هذا ابن هشام عن شيخه أبي حيان ولم يعز الفضل لصاحبه على عادته مع شيخه.
وقال مكي: (وقد فارق عمرو بن عبيد رئيس المعتزلة جماعة المسلمين فقرأ (من شر ما خلق) بالتنوين ليثبت أن مع الله خالقًا يخلق الشر، تعالى الله عما قالوا علوًّا كبيرًا، وقوله إلحاد…
فيجب أن تكون (ما) والفعل مصدرًا فيكون معنى الكلام: إن الله عمم جميع الأشياء انها مخلوقة…
وقد قالت المعتزلة إن (ما) بمعنى (الذي) فرارًا من أن يقروا بعموم الخلق لله…).
{خَلَقَ}
- قراءة الجماعة (خلق) مبنيًّا للفاعل.
- وقرأ ابين يعمر وابن السميفع (… خلق) بضم الخاء المعجمة وكسر اللام، مبنيًّا للمفعول). [معجم القراءات: 10/646]
قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)}
{غَاسِقٍ}
- قراءة الجماعة (غاسقٍ) بالقاف.
والغاسق: الليل.
- وقرئ (غاسفٍ) بالفاء.
والغاسف: الظلام.
{وَقَبَ}
- قرأ بإسكان الباء في الحالين [كذا] أبو عمارة عن حمزة). [معجم القراءات: 10/646]
قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ) بألف قبل الفاء ابن الفتح النحوي عن يَعْقُوب، وعبد السلام المعلم عن رُوَيْس، وأبو السَّمَّال، والْجَحْدَرِيّ عن هشام عن الحسن إلا أنه أسقط الألف بعد النون، الباقون بالألف بعد الفاء مشدد، وهو الاختيار، لموافقة المصحف). [الكامل في القراءات العشر: 664]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (واخْتُلِفَ عن رُوَيْسٍِ في {النَّفَّاثَاتِ} [الفلق: 4]؛ فرَوَى النَّخَّاسُ عن التَّمَّارِ عنه مِن طريقِ الكارزينيِّ والجَوْهَرِيِّ عن التَّمَّارِ: (النَّافِثَاتِ) بألفٍ بعدَ النونِ وكسرِ الفاءِ مُخَفَّفَةً مِن غيرِ ألفٍ بعدَها، وكذا رَوَاهُ أحمدُ بنُ محمدٍ اليَقْطِينِيُّ وغيرُه عن التَّمَّارِ، وهي روايةُ عبدِ السلامِ المعلمِ، عن رُوَيْسٍ، وروايةُ أبي الفَتْحِ النَّحْوِيِّ عن يَعْقُوبَ، وقراءةُ عبدِ اللَّهِ بنِ القاسِمِ المَدَنِيِّ وأبي السَّمَّالِ وعاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، وروايةُ ابنِ أبي شُرَيْحٍ عن الكِسائِيِّ، وجاءَتْ عن الحسنِ البَصْرِيِّ، وهي التي قَطَعَ بها لرُوَيْسٍ صاحِبُ المُبْهِجِ وصاحبُ التَّذْكِرَةِ، وذَكَرَه عنه أيضاً أبو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وأبو الكَرَمِ وأبو الفَضْلِ الرَّازِيُّ وغيرُهم، ورَوَى باقي
[النشر في القراءات العشر: 2/404]
أصحابِ التَّمَّارِ عنه، عن رُوَيْسٍ بتشديدِ الفاءِ وفَتْحِها وألفٍ بعدَها مِن غيرِ ألفٍ بعدَ النونِ، وبذلك قَرَأَ الباقونَ، وأَجْمَعَتِ المصاحفُ على حذفِ الألفيْنِ، فاحْتَمَلَتْها القراءتانِ، وكذلك (النُّفَاثَاتِ) مما انْفَرَدَ به أبو الكَرَمِ الشَّهْرزُورِيُّ في كتابِه المِصْبَاحِ عن رَوْحٍ بضمِّ النونِ وتخفيفِ الفاءِ جمعَ (نُفَاثَةٍ) وهو ما نَفَثْتَه مِن فِيكَ.
وقَرَأَ أبو الرَّبِيعِ والحَسَنُ أيضاً: (النَّفِثَاتِ) بغيرِ ألفٍ وتخفيفِ الفاءِ وكسرِها.
والكلُّ مأخوذٌ مِن النَّفْثِ، وهو شِبْهُ النَّفْخِ يكونُ في الرُّقْيَةِ، ولا رِيقَ معَه، فإنْ كانَ معَه رِيقٌ فهو التَّفْلُ، يُقَالُ مِنه: نَفَثَ الرَّاقِي يَنْفُِثُ بالكسرِ والضمِّ، فالنَّفَّاثَاتُ في العُقَدِ بالتشديدِ السواحِرُ على مرادِ تَكْرَارِ الفعلِ والاحْتِرَافِ به، والنافِثَاتُ تكونُ للدَّفْعَةِ الواحدةِ مِن الفعلِ ولِتَكْرَارِهِ أيضاً، والنَّفِثَاتُ يَجُوزُ أنْ يكونَ مقصوراً مِن النَّافِثَاتِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ في الأصلِ على فَعِلاَتٍ مثلَ حَذِرَاتٍ لكونِه لازماً، فالقراآتُ الأربعُ تَرْجِعُ إلى شيءٍ واحدٍ، ولا تُخَالِفُ الرَّسْمَ. واللَّهُ سبحانَه وتعالى أَعْلَمُ). [النشر في القراءات العشر: 2/405]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (رَوَى رُوَيْسٌ بخِلافٍ عنه (النَّافِثاتِ) بأَلِفٍ بَعْدَ النُّونِ وكَسْرِ
[تقريب النشر في القراءات العشر: 745]
الفاءِ مُخَفَّفَةً، وانْفَرَدَ أَبُو الْكَرَمِ في المِصْبَاحِ عن رَوْحٍ ؛النُّفَاثاتِ بضَمِّ النُّونِ وتَخْفِيفِ الفاءِ، وقَرَأَ الباقُونَ بتَشْدِيدِ الفاءِ مَفْتوحَةً وأَلِفٍ بَعدَها). [تقريب النشر في القراءات العشر: 746]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (999- .... .... .... .... .... = والنّافثات عن رويس الخلف تم). [طيبة النشر: 102]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (وقرأ «النّافثات» بألف بعد النون وكسر الفاء مخففة من غير ألف بعدها كما لفظ به رويس بخلاف عنه، وهي قراءة عاصم الجحدري وعبد الله بن قاسم الهذلي وأبي السمال ورواية ابن أبي شريح عن الكسائي وجاءت عن الحسن البصري، والباقون «النّفّاثات» كما هو هو المشهور؛ ففيها قراءات ذكرت في النشر، وكلها مأخوذة من النفث: وهو شبه النفخ في الرقي من غير ريق، وإن كان معه ريق فهو ثفل، ومعناه السواحر.
قوله: (ثم) ما أحسن ما اتفق للناظم أناله الله تعالى الجنة ولطف بنا وبه في قوله: الخلف تم، فإنه يؤذن بنية مخلصة بإتمام الخلف فيه لرويس وتم حرف الخلاف، والله تعالى أعلم). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 331]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ص:
... ... ... .... = والنافثات عن رويس الخلف تم
ش: واختلف عن رويس في النّفثت في العقد [4]:
فروى النخاس عن التمار عنه من طريق الكارزيني، والجوهري عن التمار النافثات [بألف بعد النون وكسر الفاء مخففة من غير ألف بعدها] [4] وكذا رواه اليقطيني وغيره عن التمار وهي رواية عبد السلام المعلم عن رويس، [ورواية أبي الفتح النحوي عن يعقوب، وقطع بها لرويس] صاحب «المبهج»، و«التذكرة»، وذكره عنه الداني وأبو الكرم وأبو الفضل الرازي وغيرهم.
وروى باقي أصحاب التمار عنه عن رويس النّفّاثات، وبه قرأ الباقون.
[واجتمعت] المصاحف على حذف الألفين؛ فاحتملت [القراءتين].
[وانفرد الشهرزوري عن] روح بضم النون وتخفيف الفاء وكسرها وهو ما نفثته من فيك.
وقرأ أبو الربيع والحسن النّفثات بغير ألف وتخفيف الفاء وكسرها.
والكل مأخوذ من «النفث» - بالألف وتخفيف الفاء وكسرها- يكون في الرقية ولا ريق
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/627]
معه فإن كان معه ريق فهو «التفل»، يقال منه: نفث الراقي، ينفث بضم الفاء، وكسرها.
والنّفّاثات في العقد السواحر على تكرار الفعل، والاحتراف [به] والنافثات [تكون] للدفعة الواحدة وللتكرار، والنّفثات: يجوز أن يكون مقصورا من النافثات ويحتمل أن يكون أصلها فعلات، مثل: حذرات. فالقراءات الأربع ترجع لشيء واحد، ولا تخالف الرسم، والله أعلم). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/628]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَاخْتُلِفَ فِي {النَّفَّاثَاتِ}: فَرُوَيْسٌ مِنْ طَرِيقِ النَّخَّاسِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْجَوْهَرِيِّ كِلاَهُمَا عَنِ التَّمَّارِ عَنْهُ. (النَّافِثَاتِ) بِأَلِفٍ بَعْدَ اَلنُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مُخَفَّفَةً، بِلاَ أَلِفٍ بَعْدَهَا، وَهِيَ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَرُوِيَتْ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَقُطِعَ بِهَا لِرُوَيْسٍ فِي الْمُبْهِجِ، وَالتَّذْكِرَةِ.
وَانْفَرَدَ أَبُو الْكَرَمِ فِي مِصْبَاحِهِ عَنْ "رُوحٍ" بِضَمِّ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ جَمْعِ "نَفَّاثَةٍ"، وَهُوَ مَا تَنْفُثُهُ مِنْ فِيكَ.
وَعَنِ الْحَسَنِ بِضَمِّ اَلنُّونِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَأَلِفٍ بَعْدَهَا، بِلاَ أَلِفٍ بَعْدَ النُّونِ "كَالتُّفَّاحَاتِ".
وَالْبَاقُونَ كَذَلِكَ لَكِنْ بِفَتْحِ اَلنُّونِ، جَمْعِ "نَفَّاثَةٍ" وَهِيَ رِوَايَةُ مَا فِي أَصْحَابِ التَّمَّارِ عَنْهُ عَنْ رُوَيْسٍ، وَالرَّسْمُ مُحْتَمِلٌ لِلْقِرَاءَاتِ اَلأَرْبَعِ، لِحَذْفِ الأَلِفَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ، وَالْكُلُّ مَأْخُوذٌ مِنَ "النَّفْثِ" وَهُوَ شِبْهُ اَلنَّفْخِ، يَكُونُ فِي اَلرُّقْيَةِ وَلاَ رِيقَ مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ رِيقٌ فَهُوَ اَلتَّفْلُ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/638]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)}
{النَّفَّاثَاتِ}
- قرأ الجمهور (النفاثات)، جمع نفاثة، وهو ما تنفثه من فيك ولا ريق معه.
- وقرأ الحسن وعبيد الله بن القاسم ويعقوب في رواية رويس، وعبد الله بن عمرو، وعمر بن سابط وعيسى بن عمر، وعبد الله بن القاسم مولى أبي بكر، ورواية أصحاب التمار عن رويس، وعاصم الجحدري والكسائي وابن أبي سريج وابن السميفع (النافثات)، جمع نافثة.
- وقرأ الحسن (النفاثات) بضم النون وشد الفاء وفتحها، وألف بعدها.
- وقرأ روح (النفاثات) بضم النون وتخفيف الفاء.
- وقرأ الحسن وأبو الربيع (النفثات) بغير ألف بعد الفاء، وبكسر الفاء نحو: الحذرات). [معجم القراءات: 10/647]
قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (1 - قَوْله {وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} 5
قَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر وَعَاصِم وَحَمْزَة والكسائي {حَاسِد} بِفَتْح الْحَاء
وحدثني الْجمال عَن أَحْمد بن يزِيد عَن روح عَن أَحْمد بن مُوسَى عَن أَبي عَمْرو {حَاسِد} بِكَسْر الْحَاء). [السبعة في القراءات: 703]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} {حَاسِدٍ}
- قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي (حاسدٍ) بفتح الحاء.
- وقرأ أحمد بن يزيد عن روح عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو، ونصير (حاسدٍ) بكسر الحاء على الإمالة.
وقال أبو الحسن: (وبالفتح قرأت لأبي عمرو، وبه آخذ) ). [معجم القراءات: 10/648]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين