العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يوسف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:17 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يوسف [ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

تفسير سورة يوسف
[ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:17 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فلمّا جاءه الرّسول}
- أخبرنا العبّاس بن عبد العظيم، حدّثنا عبد الله بن محمّدٍ، أخبرنا جويرية بن أسماء، عن مالك بن أنسٍ، عن الزّهريّ: أنّ سعيد بن المسيّب، وأبا عبيدٍ أخبراه، عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " رحم الله إبراهيم، نحن أحقّ بالشّكّ منه، قال: {ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي} [البقرة: 260] وقال: «يرحم الله لوطًا، كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف، ثمّ جاءني الدّاعي لأجبته»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/134]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ}
- أخبرنا يوسف بن عيسى، أخبرنا الفضل، أخبرنا محمّدٌ، حدّثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن» قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لو لبثت في السّجن ما لبث يوسف، ثمّ جاءني الدّاعي لأجبته إذ {جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ} [يوسف: 50]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/134]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الملك ائتوني به فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا رجع الرّسول الّذي أرسلوه إلى يوسف، الّذي قال: {أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون} فأخبرهم بتأويل رؤيا الملك عن يوسف، علم الملك حقيقة ما أصابة يوسف من تأويل رؤياه، وصحّة ذلك، وقال الملك: ائتوني بالّذي عبّر رؤياي هذه. كالّذي؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك حتّى أتى الملك، فأخبره بما قال، فلمّا أخبره بما في نفسه كمثل النّهار وعرف أنّ الّذي قال كائنٌ كما قال، قال: (ائتوني به).
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: لمّا أتى الملك رسوله، قال: (ائتوني به).
وقوله: {فلمّا جاءه الرّسول} يقول: فلمّا جاء رسول الملك يدعوه إلى الملك، {قال ارجع إلى ربّك} يقول: قال يوسف للرّسول: ارجع إلى سيّدك {فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ} وأبى أن يخرج مع الرّسول، وإجابة الملك حتّى يعرف صحّة أمره عندهم ممّا كانوا قذفوه به من شأن النّساء، فقال للرّسول: سل الملك ما شأن النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ، والمرأة الّتي سجنت بسببها. كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ} والمرأة الّتي سجنت بسبب أمرها عمّا كان من ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: لمّا أتى الملك رسوله فأخبره، قال {ائتوني به} فلمّا أتاه الرّسول ودعاه إلى الملك أبى يوسف الخروج معه، وقال: {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ} الآية
- قال السّدّيّ، قال ابن عبّاسٍ: لو خرج يوسف يومئذٍ قبل أن يعلم الملك بشأنه، ما زالت في نفس العزيز منه حاجةٌ، يقول: هذا الّذي راود امرأته
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن رجلٍ، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يرحم اللّه يوسف إن كان ذا أناةٍ، لو كنت أنا المحبوس، ثمّ أرسل إليّ لخرجت سريعًا، إن كان لحليمًا ذا أناةٍ
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لو لبثت في السّجن ما لبث يوسف ثمّ جاءني الدّاعي لأجبته، إذ جاءه الرّسول فقال {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ} الآية.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني سليمان بن بلالٍ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بمثله
- حدّثنا زكريّا بن أبان المصرى، قال: حدّثنا سعيد بن تليدٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن القاسم، قال: ثني بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن، وسعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لو لبثت في السّجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، وسعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بمثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عفّان بن مسلمٍ، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقرأ هذه الآية: {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ} قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لو كنت أنا لأسرعت الإجابة، وما ابتغيت العذر
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. ومحمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قرأ: {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ} = الآية، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لو كنت أنا لو بعث إليّ لأسرعت في الإجابة وما ابتغيت العذر.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، واللّه يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسّمان، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم بشيءٍ حتّى أشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه واللّه يغفر له حين أتاه الرّسول، ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب، ولكنّه أراد أن يكون له العذر
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة} أراد نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن لا يخرج حتّى يكون له العذر
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ} قال: أراد يوسف العذر قبل أن يخرج من السّجن
وقوله: {إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ} يقول: إنّ اللّه تعالى ذكره ذو علمٍ بصنيعهنّ وأفعالهنّ الّتي فعلن بي ويفعلن بغيري من النّاس، لا يخفى عليه ذلك كلّه، وهو من وراء جزائهنّ على ذلك.
وقيل: إنّ معنى ذلك: إنّ سيّدي إطفير العزيز زوج المرأة الّتي راودتني عن نفسي ذو علمٍ ببراءتي ممّا قرفتني به من السّوء). [جامع البيان: 13/198-203]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال الملك ائتوني به فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ (50)
قوله تعالى: فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّادٌ، عن محمّد بن عمرٍو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- قال في هذه الآية: ارجع إلى ربك فسئله ما بال النّسوة قال: لو كنت أنا لأسرعت الإجابة، وما ابتغيت العذر.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن أبي عمر العدنيّ، ثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-: ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه واللّه يغفر له، ولو كنت أنا ثمّ دعيت إلى الخروج لبدرت إلى الباب، ولكنّه أحبّ أن يكون له العذر لقول اللّه: فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربك فسئله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 7/2155-2156]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، ثنا الحسن بن مكرمٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " إنّ الكريم ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن، ولو لبثت ما لبث يوسف ثمّ جاءني الدّاعي لأجبت إذ جاءه الرّسول فقال: ارجع إلى ربّك، فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه بهذه السّياقة» إنّما اتّفقا على حديث الزّهريّ، عن سعيدٍ وأبي عبيدٍ، عن أبي هريرة: «لو لبثت في السّجن ما لبث يوسف» فقط). [المستدرك: 2/377]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن أبي هريرة «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - في قوله - عزّ وجلّ - للرّسول: ما {بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ} [يوسف: 50] قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر». قلت: له حديثٌ في الصّحيح غير هذا.
رواه أحمد، وفيه محمّد بن عمرٍو وهو حسن الحديث). [مجمع الزوائد: 7/40]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 50 - 53
أخرج أحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} فقال: لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر). [الدر المنثور: 8/270]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يرحم الله يوسف إن كان لذا أناة حليما لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إلي لخرجت سريعا). [الدر المنثور: 8/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبت لصبر أخي يوسف وكرمه - والله يغفر له - حيث أرسل إليه ليستفتى في الرؤيا وإن كنت أنا لم أفعل حتى أخرج وعجبت من صبره وكرمه - والله يغفر له - أتي ليخرج فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره ولو كنت أنا لبادرت الباب ولكنه أحب أن يكون له العذر). [الدر المنثور: 8/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله أخي يوسف لو أنا أتاني الرسول بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة حين قال {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة}). [الدر المنثور: 8/271]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} قال: أراد يوسف عليه السلام العذر قبل أن يخرج من السجن). [الدر المنثور: 8/271]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى الآن حصحص الحق قال تبين الحق). [تفسير عبد الرزاق: 1/324]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ (50) قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه} [يوسف: 51] "
وحاش وحاشى: تنزيهٌ واستثناءٌ، {حصحص} [يوسف: 51] : وضح "
- حدّثنا سعيد بن تليدٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن القاسم، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيّب، وأبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يرحم اللّه لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي، ونحن أحقّ من إبراهيم إذ قال له: {أولم تؤمن، قال: بلى ولكن ليطمئنّ قلبي} [البقرة: 260] "). [صحيح البخاري: 6/77]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربك إلى قوله قلن حاش لله)
كذا لأبي ذرٍّ وكأنّ التّرجمة انقضت عند قوله ربّك ثمّ فسّر قوله حاش للّه وساق غيره من أوّل الآية إلى قوله عن نفسه قلن حاش لله قوله حاش وحاشا تنزيهٌ واستثناءٌ قال أبو عبيدة في قوله حاش لله الشّين مفتوحةٌ بغير ياءٍ وبعضهم يدخلها في آخره كقول الشّاعر حاشى أبي ثوبان إنّ به ومعناه التّنزيه والاستثناء عن الشّرّ تقول حاشيته أي استثنيته وقد قرأ الجمهور بحذف الألف بعد الشّين وأبو عمرٍو بإثباتها في الوصل وفي حذف الألف بعد الحاء لغةٌ وقرأ بها الأعمش واختلف في أنّها حرفٌ أو اسمٌ أو فعلٌ وشرح ذلك يطول والّذي يظهر أنّ من حذفها رجّح فعليّتها بخلاف من نفاها ويؤيّد فعليّتها قول النّابغة ولا أحاشي من الأقوام من أحدٍ فإنّ تصرّف الكلمة من الماضي إلى المستقبل دليلٌ فعليّتها واقتضى كلامه أنّ إثبات الألف وحذفها سواءٌ لغةً وقيل إنّ حذف الألف الأخيرة لغة أهل الحجاز دون غيرهم تنبيهٌ قوله تنزيهٌ في رواية الأكثر بفتح أوّله وسكون النّون بعدها زايٌ مكسورةٌ ثمّ تحتانيّةٌ ساكنةٌ ثمّ هاءٌ وفي رواية حكاها عياضٌ موحّدةٌ ساكنةٌ بعد أوّله وكسر الرّاء بعدها تحتانيّةٌ مفتوحةٌ مهموزةٌ ثمّ تاء تأنيثٍ قوله حصحص وضح قال أبو عبيدة في قوله الآن حصحص الحق أي السّاعة وضح الحقّ وتبيّن وقال الخليل معناه تبيّن وظهر بعد خفاءٍ ثمّ قيل هو مأخوذٌ من الحصّة أي ظهرت حصّة الحق من حصّة الباطل وقيل من حصّه إذا قطعه ومنه أحصّ الشّعر وحصّ وحصحص مثل كفّ وكفكف
- قوله حدّثنا سعيد بن تليدٍ بفتح المثنّاة وكسر اللّام بعدها تحتانيّةٌ ساكنةٌ ثمّ مهملةٌ هو سعيد بن عيسى بن تليدٍ مصريٌّ يكنّى أبا عثمان تقدّم ذكره في بدء الخلق نسبه البخاريّ إلى جدّه قوله حدّثنا عبد الرّحمن بن القاسم هو العتقيّ بضمّ المهملة وفتح المثنّاة بعدها قافٌ المصريّ الفقيه المشهور صاحب مالكٍ وراوي المدوّنة من علم مالكٍ وليس له في البخاريّ سوى هذا الموضع والإسناد مسلسلٌ بالمصريّين إلى يونس بن يزيد والباقون مدنيّون وفيه رواية الأقران لأنّ عمرو بن الحارث المصريّ الفقيه المشهور من أقران يونس بن يزيد وقد تقدّم شرح حديث الباب في ترجمتي إبراهيم ولوط من أحاديث الأنبياء). [فتح الباري: 8/366-367]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة الّلاتي قطّعن أيديهنّ إنّ بكيدهنّ عليمٌ قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه} (يوسف: 50 51)
(أي: هذا باب في قوله تعالى: {فلمّا جاء الرّسول} إلى آخره، وليس في بعض النّسخ لفظ: باب، والترجمة بطولها عند غير أبي ذر وعنده إلى قوله: (ربك) . قوله: (فلمّا جاءه الرّسول) أي: فلمّا جاء يوسف رسول الملك، وقال: أجب الملك فأبى أن يخرج معه حتّى يظهر عذره وبراءته عند الملك ويعرف صحة أمره من قبل النسوة اللّاتي قطعن أيديهنّ، وقصته مشهورة قوله: (إن ربّي بكيدهن عليم) أي: إن الله تعالى عالم بكيد النّساء، وقيل: إن سيّدي الملك قطفير عالم بما فتنتني به المرأة. قوله: (ما خطبكن) فيه حذف تقديره، فرجع الرّسول إلى الملك من عند يوسف برسالته فدعا الملك النسوة اللّاتي قطعن أيديهنّ وامرأة العزيز، فقال لهنّ: (ما خطبكن) أي: ما شأنكن وأمركن، (إذراودتن يوسف) فأجبنه بقلن: (حاش لله) أي: معاذ الله (ما علمنا عليه من سوء) أي: من فاحشة وبقيّة القصّة مشهورة.
وحاش وحاشى تنزيهٌ واستثناءٌ
إعلم إن: حاش على ثلاثة أوجه (أحدها) أن تكون فعلا متعدّيا متصرفا، تقول: حاشيته بمعنى استثنيته (والثّاني) أن تكون للتنزيه، نحو: حاش لله وهي عند المبرد وابن جنى والكوفيين فعل لتصرفهم فيها بالحذف. والصّحيح أنّها اسم مرادف للتنزيه بدليل قراءة بعضهم: حاشا لله، بالتّنوين كما يقال براءة لله من كذا وزعم بعضهم أنّها اسم فعل ومعناها: أتبرأ أو تبرأت. (الثّالث) أن تكون للاستثناء، فذهب سيبويهٍ وأكثر البصريين إلى أنّها حرف دائما بمنزلة إلّا لكنّها تجر المستثنى وذهب الجرمي والمازني والمبرد والزجاج والأخفش وأبو زيد والفراء وأبو عمرو الشّيبانيّ إلى أنّها تستعمل كثيرا حرفا جارا، وقليلاً فعلا متعدّيا جامدا لتضمنها معنى إلاّ وقال أبو عبيدة الشين في حاش في قوله حاش لله، مفتوحة بغير ياء، وبعضهم يدخلها في آخرها، كقول الشّاعر.
حاشى أبي ثوبان إن به ضمنا
ومعناها التّنزيه والاستثناء عن الشّرّ تقول: حاشيته أي: استثنيته، وقد قرأ الجمهور بحذف الألف بعد الشين، وأبو عمرو بإثباتها في الأصل، وفي حذف الألف بعد الحاء لغة، وقرأ بها الأعمش قوله: (تنزيه) من نزه ينزه تنزيها بالزاي كذا هو في وراية الأكثرين، وفي رواية حكاها عياض: تبرية من التبرى بمعنى البراءة بالباء الموحدة والرّاء المهملة.
حصحص وضح
أشار به إلى قوله: {الآن حصحص الحق} (يوسف: 51) الآية وفشر: حصحص، بقوله: وضح، وقيل: ذهب الباطل والكذب فانقطع وتبين الحق وظهر، والأصل فيه: حص. فقيل: حصحص. كما يقال في: كف كفكف، وفي رد ردد وأصل الحص استئصال الشّيء، يقال: حص شعره إذا استأصله جزا.
- حدّثنا سعيد بن تليدٍ حدثنا عبد الرحمان بن القاسم عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن يونس بن يزيد عن ابن شهابٍ عن سعيد بن المسيّب وأبي سلمة بن عبد الرحمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي ونحن أحقّ من إبراهيم إذ قال له أولم تؤمن قال بلى ولاكن ليطمئنّ قلبي.
يمكن أن يأخذ وجه المطابقة بين التّرجمة والحديث من قوله: (ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي) على ما لا يخفي على المتأمل الفطن.
وسعيد بن تليد: بفتح التار المثنّاة من فوق وكسر اللّام وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة، وهو سعيد بن عيسى بن تليد المصريّ. مر في كتاب بدء الخلق، وعبد الرّحمن بن القاسم العتقي، بضم العين المهملة وفتح التّاء المثنّاة من فوق وبعدها قاف المصريّ الفقيه صاحب الإمام مالك وراوي المدوّنة من علمه، وليس له في البخاريّ إلاّ هذا الموضع.
وهذا الإسناد من أوله إلى قوله: عن ابن شهاب، مصريون، ومن ابن شهاب إلى آخره مدنيون، وفيه رواية الأقران لأن عمرو بن الحارث المصريّ الفقيه المشهور من أقران يونس بن يزيد.
قوله: (يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد) قد مر في باب {ولوطاً إذ قال لقومه} (الأعراف: 80) فإنّه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزّناد عن الأعرج. والحديث من قوله: (ولو ثبت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي) قد مر في: باب قول الله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} (يوسف: 7) فإنّه أخرجه هناك عن عبد الله بن محمّد بن أسماء إلى آخره وقوله: (ونحن أحق من إبراهيم) إلى آخره قد مر في سورة البقرة في باب {إذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى} (البقرة: 260) فإنّه أخرجه هناك عن أحمد بن صالح، وقد مر الكلام في الكل مستقصىً). [عمدة القاري: 18/307-308]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {فلمّا جاءه الرّسول قال: ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاّتى قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ * قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه} [يوسف: 50، 51] وحاش وحاشا: تنزيهٌ واستثناءٌ: حصحص: وضح
(باب قوله) جل وعلا ({فلما جاءه الرسول}) رسول الملك ليخرجه من السجن ({قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن}) أي سله عن حقيقة شأنهن ليعلم براءتي عن تلك التهمة وأراد بذلك حسم مادّة الفساد عنه لئلا ينحط قدره عند الملك ولعل معظم غرضه عليه الصلاة والسلام أن لا يقع خلل في الدعوة وإظهار النبوّة وقال فاسأله ما بال النسوة ولم يقل فاسأله أن يفتش عن حالهن تهييجًا له على البحث وتحقيق الحال ولم يتعرض لامرأة العزيز مع ما صنعت به كرمًا ومراعاة للأدب وعبر بما التي يسأل بها عن حقيقة الشيء ظاهرًا ({إن ربي}) العالم بخفيات الأمور ({بكيدهن عليم}) حين قلن أطع مولاتك أو أن كل واحدة منهن طمعت فيه فلما لم تجد مطلوبها منه طعنت فيه ونسبته إلى القبيح، فرجع الرسول من عند يوسف إلى الملك
فدعا النسوة وامرأة العزيز فلما حضرن ({قال}) لهن ({ما خطبكن}) أي ما شأنكن ({إذ روادتن يوسف عن نفسه}) هل وجدتن منه ميلاً إليكن فنزّهنه، متعجبات من كمال عفته حيث ({قلن حاش لله}) [يوسف: 50، 51] (وحاش) بغير ألف بعد الشين (وحاشا) بها لفظًا (تنزيه) فتكون اسمًا ويدل له قراءة بعضهم حاشا لله بالتنوين (واستثناء) وذهب سيبويه وأكثر البصريين إلى أنها حرف بمنزلة إلا لكنها تجر المستثنى.
وقوله: ({حصحص}): أي (وضح) الحق بانكشاف ما يغمره وهو معنى قول بعض المفسرين، وقيل ظهر من حص شعره أي استأصل قطعه بحيث ظهرت بشرته وهذا إنما قالته امرأة العزيز لما علمت أن هذه المناظرات والتفحصات إنما وقعت بسببها، وقيل: إن النسوة أقبلن عليها يقررنها وقيل خافت أن يشهدن عليها فاعترفت وهذه شهادة جازمة لما راعى جانبها ولم يذكرها البتة فعرفت أنه ترك ذكرها تعظيمًا لها فكافأته على ذلك فكشفت الغطاء واعترفت أن الذنب كله من جانبها وأنه كان مبرأ عن الكل وسقط باب قوله لغير أبي ذر.
- حدّثنا سعيد بن تليدٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن القاسم، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيّب، وأبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «يرحم اللّه لوطًا لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي ونحن أحقّ من إبراهيم إذ قال له: {أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي} [البقرة: 260].
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (سعيد بن تليد) بفتح الفوقية وكسر اللام وبعد التحتية الساكنة دال مهملة هو سعيد بكسر العين ابن عيسى بن تليد المصري قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن القاسم) المصري العتقي صاحب الإمام مالك (عن بكر بن مضر) بفتح الموحدة وسكون الكاف ومضر بضم الميم وفتح المعجمة ابن محمد المصري (عن عمرو بن الحارث) بفتح العين ابن يعقوب بن عبد الله مولى قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري المصري الفقيه المقري أحد الأئمة الأعلام (عن يونس بن يزيد) الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن سعيد بن المسيب) المخزومي أحد الأعلام (وأبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-): (يرحم الله لوطاً) هو ابن أخي إبراهيم الخليل وكان ممن آمن وهاجر معه إلى مصر (لقد كان يأوي إلى ركن شديد) يشير إلى قوله تعالى: {قال لو أن لي بكم قوّة أو آوي إلى ركن شديد} [هود: 80] (ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف) ولأبي ذر: ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف بضم اللام وسكون الموحدة، وكان قد لبث سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات كما قيل (لأجبت الداعي) لأسرعت إلى الإجابة إلى الخروج من السجن.
قال محيي السنّة إنه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وصف يوسف عليه الصلاة والسلام بالأناة والصبر حيث لم يبادر إلى الخروج حين جاءه رسول الملك فعل المذنب حين يعفى عنه مع طول لبثه في السجن، بل قال {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} [يوسف: 50] أراد أن يقيم الحجة في حبسهم إياه ظلمًا فقال -صلّى اللّه عليه وسلّم- على سبيل التواضع لا أنه صلوات الله وسلامه عليه كان في الأمر منه مبادرة وعجلة لو كان مكان يوسف -صلّى اللّه عليه وسلّم- والتواضع لا يصغر كبيرًا ولا يضع رفيعًا ولا يبطل لذي حق حقًّا لكنه يوجب لصاحبه فضلاً ويكسبه جلالاً وقدرًا (ونحن أحق من إبراهيم) في سورة البقرة وغيرها ونحن أحق بالشك من إبراهيم يعني لو كان الشك متطرقًا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به وقد علمتم أني لم أشك فإبراهيم -صلّى اللّه عليه وسلّم- لم يشك ({إذ قال له}) ربه جل وعلا ({أولم تؤمن}) بعد قوله: {رب أرني كيف تحيي الموتى}
({قال بلى}) آمنت ({ولكن}) سألتك أن تريني كيف الإحياء ({ليطمئن قلبي}) [البقرة: 260] فلم يكن شك في القدرة على الإحياء، بل أراد الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين مع مشاهدة الكيفية). [إرشاد الساري: 7/180-182]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين}.
وفي هذا الكلام متروكٌ قد استغنى بدلالة ما ذكر عليه عنه، وهو: فرجع الرّسول إلى الملك من عند يوسف برسالته، فدعا الملك النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ، وامرأة العزيز، فقال لهنّ: {ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه}
- كالّذي: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، فلمّا جاء الرّسول الملك من عند يوسف بما أرسله إليه جمع النّسوة {قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه}.
ويعني بقوله: {ما خطبكنّ} ما كان أمركنّ، وما كان شأنكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه، فأجبنه: {قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ}
{قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ} تقول: الآن تبيّن الحقّ وانكشف فظهر، {أنا راودته عن نفسه} وإنّ يوسف لمن الصّادقين في قوله {هي راودتني عن نفسي}.
وبمثل ما قلنا في معنى: {الآن حصحص الحقّ} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {الآن حصحص الحقّ} قال: تبيّن
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {الآن حصحص الحقّ} تبيّن.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {الآن حصحص الحقّ} الآن تبيّن الحقّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {الآن حصحص الحقّ} قال: تبيّن.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {الآن حصحص الحقّ} قال: تبيّن.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، مثله
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قالت راعيل امرأة إطفير العزيز: {الآن حصحص الحقّ}: أي الآن برز الحقّ وتبيّن، {أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين} فيما كان قال يوسف ممّا ادّعت عليه
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، قال: قال الملك: ائتوني بهنّ، فقال: {ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ} ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنّها راودته عن نفسه، ودخل معها البيت، وحلّ سراويله، ثمّ شدّه بعد ذلك، فلا تدري ما بدا له. فقالت امرأة العزيز: {الآن حصحص الحقّ}
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {الآن حصحص الحقّ}. تبيّن.
وأصل حصحص: حصّ؛ ولكن قيل: حصحص، كما قيل: {فكبكبوا} في كبّوا، وقيل: كفكف في كفّ، وذرذر في ذرّ. وأصل الحصّ: استئصال الشّيء، يقال منه: حصّ شعره: إذا استأصله جزًّا. وإنّما أريد في هذا الموضع: حصحص الحقّ: ذهب الباطل والكذب، فانقطع، وتبيّن الحقّ فظهر). [جامع البيان: 13/203-206]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين (51)
قوله: قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف، عن نفسه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: فأرسل إلى فلانة وفلانة ف قال: ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف، عن نفسه الآية فقال ما أمركنّ؟ قلن: حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ.
قوله تعالى: قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو داود، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: حاش للّه: قال: معاذ اللّه.
قوله تعالى: قالت امرأة العزيز.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد ابن إسحاق قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: الآن حصحص الحقّ. تقول: تبيّن الحقّ.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ. يقول: الآن تبين الحق، أنا راودته، عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين. قال: كان الحسن إذا تلا هذه الآية قال:
قاتلها؟! اللّه ما جرّأها.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق قوله: الآن حصحص الحقّ. أي: الآن برز وتبيّن، أنا راودته، عن نفسه.
قوله تعالى: أنا راودته، عن نفسه.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبدة الضّبّيّ، أنبأ حفص بن جميح، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا جمع النّسوة قال لهنّ فرعون مصر: أنتنّ راودتنّ يوسف، عن نفسه؟ قالت امرأة العزيز: أعرفت؟ أنا راودته، عن نفسه.
قوله تعالى: وإنّه لمن الصّادقين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق قوله: وإنّه لمن الصّادقين فيما كان قال يوسف: إنّما ادّعت عليه). [تفسير القرآن العظيم: 7/2156-2157]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد الآن حصحص الحق يقول تبين الحق). [تفسير مجاهد: 316-317]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما جمع الملك النسوة قال لهن: أنتن راودتن يوسف عن نفسه {قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين} قال يوسف: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فغمزه جبريل عليه السلام فقال: ولا حين هممت بها فقال {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}). [الدر المنثور: 8/272]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {الآن حصحص الحق} قال: تبين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة والضحاك، وابن زيد والسدي مثله). [الدر المنثور: 8/272]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني الليث أن البرهان الذي رأى يوسف [صورة أبيه يعقوب] عاضا على يده، قال: هو يحل الهميان، فلما رآه قام وقال: إن يوسف [ = ... .] ليعلم إني لم أخنه بالغيب؛ قال له جبريل: اذكر ما هممت [ = ... يوسف] وما أبري نفسي إن النفس لا مارة بالسوء إلا ما رحم ربي، إن ربي [غفورٌ، رحيم]). [الجامع في علوم القرآن: 2/157-158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال هو قول يوسف قال بلغنا أن الملك حين قال ما قال اذكر همك قال وما أبرى نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم). [تفسير عبد الرزاق: 1/325]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] لمّا جاء الرّسل إلى لوطٍ تبعهم أهل قريته وكان لهم جمال فلم يقولوا لهم شيئا فلمّا دخلوا على لوطٍ ورأوا موجدة لوطٍ عليهم وما قد دخله من خشيتهم قالوا: {إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} فلمّا دنوا أخذوا التّراب فرموهم به ففقئوا أعينهم فذلك قوله: {فطمسنا أعينهم} فرجعوا إلى أصحابهم وهم يقولون: سحر سحرونا فقال لوطٌ للرّسل الآن، الآن يعني هلاكهم فقالوا: {إنّ موعدهم الصّبح} فقال ابن عباس ثلاثة أحرفٍ في القرآن لا يحفظون ألا ترى أنّه قول اللّه: {أليس الصبح بقريب} والحرفان الآخران ثمّ أتبعهم {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذله} قال الله: {وكذلك يفعلون} وقولٌ ليوسف: {ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين} فقال له ملكٌ من الملائكة ولا حين هممت قال: {وما أبرئ نفسي} فرجع فرفع جبريل عليه السّلام القرية بجناحه فدحدها وما فيها حتّى أسمع أهل السّماء الدّنيا أصواتهم ثمّ قلبها ثمّ تتبّع من شذّ منهم بالحجارة [الآية: 81]). [تفسير الثوري: 131-132] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال: ليعلم اللّه أنّي لم أخنه بالغيب قال له الملك ولا حين هممت؟ قال: {وما أبرئ نفسي} [الآية: 52 - 53]). [تفسير الثوري: 143]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (52 و 53) : قوله تعالى: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ الله لا يهدي كيد الخائنين (52) وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن بيان، عن حكيم (بن) جابرٍ، قال: قال يوسف: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب}، قال: حدّثت أنّ جبريل قال له: ولا حين هممت؟ قال: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}). [سنن سعيد بن منصور: 5/396-397]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين}.
يعني بقوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} هذا الفعل الّذي فعلته من ردّي رسول الملك إليه، وتركي إجابته والخروج إليه، ومسألتي إيّاه أن يسأل النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ، عن شأنهنّ إذ قطّعن أيديهنّ، إنّما فعلته ليعلم أنّي لم أخنه في زوجته بالغيب: يقول: لم أركب منها فاحشةً في حال غيبته عنّي. وإذا لم يركب ذلك بمغيبه، فهو في حال مشهده إيّاه أحرى أن يكون بعيدًا عن ركوبه.كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: يقول يوسف: {ذلك ليعلم} إطفير سيّده، {أنّي لم أخنه بالغيب} أنّي لم أكن لأخالفه إلى أهله من حيث لا يعلمه
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} يوسف يقوله
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} يوسف يقوله: لم أخن سيّدي
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال يوسف يقوله
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال: هذا قول يوسف
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} هو يوسف يقول: لم أخن الملك بالغيب
وقوله: {وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين} يقول: فعلت ذلك ليعلم سيّدي أنّي لم أخنه بالغيب، {وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين}: يقول: وإنّ اللّه لا يسدّد صنيع من خان الأمانات، ولا يرشد فعالهم في خيانتهموها.
واتّصل قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} بقول امرأة العزيز: {أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين} المعرّفة السّامعين لمعناه، كاتّصال قول اللّه تعالى: {وكذلك يفعلون} بقول المرأة: {وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً}، وذلك أنّ قوله: {وكذلك يفعلون} خبر مبتدإٍ، وكذلك قول فرعون لأصحابه في سورة الأعراف: {فماذا تأمرون} وهو متّصلٌ بقول الملأ: {يريد أن يخرجكم من أرضكم} واللّه أعلم). [جامع البيان: 13/207-209]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين (52)
قوله تعالى: ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب.
- أخبرنا محمّد بن سعيدٍ فيما كتب إليّ، ثنا أبي ثنا عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين هو: قول يوسف لمليكه، حين أراد اللّه عذره، فذكر أنّه قد همّ بها وهمّت به.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ قال: قال يوسف، وقد جئ به،: ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب في أهله وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال يوسف: ذلك ليعلم أطيفير سيّده أنّي لم أخنه بالغيب أي: لم أكن لأخالف إلى أهله من حيث لا يعلم، وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين). [تفسير القرآن العظيم: 7/2157]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال الحارث بن محمّد بن أبي أسامة: ثنا يحيى بن أبي بكيرٍ ثنا إسرائيل، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: "عيّر يوسف بثلاثٍ: قوله: (اذكرني عند ربّك فأنساه الشّيطان ذكر ربّه) وقوله لإخوته (إنكم لسارقون) (قالوا إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل) قال أبو إسرائيل (وذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) فقال له جبريل: ولا حين هممت؟ فقال: (وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء إلا ما رحم ربي) .
هذا إسناد موقوف ضعيف، لضعف خصيف ولاسيما فيما رواه في حقّ الأنبياء وهم معصومون قبل البعثة وبعدها هذا هو الحقّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/225] (م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحارث: حدثنا يحيى ابن أبي (بكيرٍ)، ثنا إسرائيل عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه قال: عيّر يوسف عليه الصلاة والسلام بقوله: {اذكرني عند ربّك فأنساه الشّيطان ذكر ربّه} وقوله لإخوته: {إنّكم لسارقون (70) }، قالوا: إن يسرق فقد سرق (أخٌ له) من قبل، وقال: ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب، فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام: ولا حين هممت؟ (قال): {وما أبرّئ نفسي} الآية). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/749] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في تاريخه، وابن مردويه والديلمي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال لما قالها يوسف عليه السلام قال له جبريل عليه السلام: يا يوسف اذكر همك، قال {وما أبرئ نفسي}). [الدر المنثور: 8/272-273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: لما قال يوسف عليه السلام {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال له جبريل عليه السلام: ولا يوم هممت بما هممت به فقال {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}). [الدر المنثور: 8/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال: لما قال يوسف عليه السلام {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال الملك - وطعن في جنبه - يا يوسف ولا حين هممت قال {وما أبرئ نفسي}). [الدر المنثور: 8/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن حكيم بن جابر في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: قال له جبريل: ولا حين حللت السراويل فقال عند ذلك {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}). [الدر المنثور: 8/273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: هو قول يوسف لمليكه حين أراه الله عذره). [الدر المنثور: 8/273-274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج قال: أراد يوسف عليه السلام العذر قبل أن يخرج من السجن فقال {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم} {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال ابن جريج: وبين هذا وبين ذلك ما بينه قال: وهذا من تقديم القرآن وتأخيره). [الدر المنثور: 8/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال يوسف - يقول - لم أخن سيدي). [الدر المنثور: 8/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال هذا قول يوسف عليه السلام لم يخن العزيز في امرأته، قال: فقال له جبريل عليه السلام: ولا حين حللت السراويل فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي} إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 8/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: قال له جبريل عليه السلام: اذكر همك، قال {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء} ). [الدر المنثور: 8/274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فقال له الملك أو جبريل: ولا حين هممت بها فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}). [الدر المنثور: 8/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فقال له الملك أو جبريل ولا حين ههمت بها فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}). [الدر المنثور: 8/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال فقال له الملك: ولا حين ههمت فقال {وما أبرئ نفسي}). [الدر المنثور: 8/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - قال: ذكر لنا أن الملك الذي كان مع يوسف عليه السلام قال: اذكر ما هممت به، قال {وما أبرئ نفسي} ). [الدر المنثور: 8/275]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: خشي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يكون زكى نفسه فقال {وما أبرئ نفسي} الآية). [الدر المنثور: 8/275]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني الليث أن البرهان الذي رأى يوسف [صورة أبيه يعقوب] عاضا على يده، قال: هو يحل الهميان، فلما رآه قام وقال: إن يوسف [ = ... .] ليعلم إني لم أخنه بالغيب؛ قال له جبريل: اذكر ما هممت [ = ... يوسف] وما أبري نفسي إن النفس لا مارة بالسوء إلا ما رحم ربي، إن ربي [غفورٌ، رحيم]). [الجامع في علوم القرآن: 2/157-158] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال: ليعلم اللّه أنّي لم أخنه بالغيب قال له الملك ولا حين هممت؟ قال: {وما أبرئ نفسي} [الآية: 52 - 53]). [تفسير الثوري: 143] (م)
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (52 و 53) : قوله تعالى: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ الله لا يهدي كيد الخائنين (52) وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن بيان، عن حكيم (بن) جابرٍ، قال: قال يوسف: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب}، قال: حدّثت أنّ جبريل قال له: ولا حين هممت؟ قال: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}). [سنن سعيد بن منصور: 5/396-397] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء إلاّ ما رحم ربّي إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ}.
يقول يوسف صلوات اللّه عليه: {وما أبرّئ نفسي} من الخطأ والزّلل فأزكّيها {إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء} يقول: إنّ النّفوس نفوس العباد تأمرهم بما تهواه، وإن كان هواها في غير ما فيه رضا اللّه {إلاّ ما رحم ربّي} يقول: إلاّ أن يرحم ربّي من شاء من خلقه، فينجيه من اتّباع هواها وطاعته فيما تأمره به من السّوء. {إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ}.
و ما في قوله: {إلاّ ما رحم ربّي} في موضع نصبٍ، وذلك أنّه استثناءٌ منقطعٌ عمّا قبله، كقوله: {ولا هم ينقذون. إلاّ رحمةً منّا} بمعنى: إلاّ أن يرحموا، ( وأن ) إذا كانت في معنى المصدر تضارع ( ما ). ويعني بقوله: {إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ}: أنّ اللّه ذو صفحٍ عن ذنوب من تاب من ذنوبه، بتركه عقوبته عليها وفضيحته بها، رحيمٌ به بعد توبته أن يعذّبه عليها. وذكر أنّ يوسف قال هذا القول من أجل أنّ يوسف لمّا قال: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال ملكٌ من الملائكة: ولا يوم هممت بها؟ فقال يوسف حينئذٍ: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء} وقد قيل: إنّ القائل ليوسف: ولا يوم هممت بها فحللت سراويلك؟ هو امرأة العزيز، فأجابها يوسف بهذا الجواب. وقيل: إنّ يوسف قال ذلك ابتداءً من قبل نفسه
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا جمع الملك النّسوة فسألهنّ: هل {راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ، قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ} الآية، قال يوسف: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال: فقال له جبرئيل: ولا يوم هممت بما هممت؟ فقال: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا جمع الملك النّسوة، قال لهنّ: أنتنّ راودتنّ يوسف عن نفسه؟ ثمّ ذكر سائر الحديث مثل حديث أبي كريبٍ، عن وكيعٍ.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا عمرٌو، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا جمع الملك النّسوة، قال: أنتنّ راودتنّ يوسف عن نفسه؟ ثمّ ذكر نحوه غير أنّه قال: فغمزه جبرائيل فقال: ولا حين هممت بها؟ فقال يوسف: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن مسعرٍ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: لمّا قال يوسف {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال جبرئيل، أو ملكٌ: ولا يوم هممت بما هممت به؟ فقال: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا مسعرٌ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ بنحوه، إلاّ أنّه قال: قال له الملك: ولا حين هممت بها؟ ولم يقل: أو جبرئيل، ثمّ ذكر سائر الحديث مثله
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ وأحمد بن بشيرٍ عن مسعرٍ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال: فقال له الملك، أو جبرئيل: ولا حين هممت بها؟ فقال يوسف: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي سنانٍ، عن ابن أبي الهذيل، قال: لمّا قال يوسف: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال له جبرئيل: ولا يوم هممت بما هممت به؟ فقال: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي سنانٍ، عن ابن أبي الهذيل بمثله.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا عمرٌو قال: أخبرنا مسعرٌ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ مثل حديث ابن وكيعٍ، عن محمّد بن بشرٍ، وأحمد بن بشيرٍ سواءً
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا العلاء بن عبد الجبّار، وزيد بن حبابٍ، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن الحسن: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال له جبرئيل: اذكر همّك فقال: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}
- حدّثنا الحسن قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن الحسن: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال جبرئيل: يا يوسف اذكر همّك قال: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال: هذا قول يوسف، قال: فقال له جبرئيل: ولا حين حللت سراويلك؟ قال: فقال يوسف {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء} الآية.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ، بنحوه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} ذكر لنا أنّ الملك الّذي كان مع يوسف قال له: اذكر ما هممت به قال نبيّ اللّه: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: بلغني أنّ الملك قال له حين قال ما قال: أتذكر همّك؟ فقال: {وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء إلاّ ما رحم ربّي}
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال الملك، وطعن في جنبه: يا يوسف، ولا حين هممت؟ قال: فقال: {وما أبرّئ نفسي}.
ذكر من قال: قائل ذلك له المرأة
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} قال: قاله يوسف حين جيء به ليعلم العزيز أنّه لم يخنه بالغيب في أهله {وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين} فقالت امرأة العزيز: يا يوسف ولا يوم حللت سراويلك؟ فقال يوسف: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}.
ذكر من قال: قائل ذلك يوسف لنفسه، من غير تذكير مذكّرٍ ذكّره ولكنّه تذكّر ما كان سلف منه في ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين} هو قول يوسف لمليكه حين أراه اللّه عذره، فذكّره أنّه قد همّ بها وهمّت به، فقال يوسف: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء} الآية). [جامع البيان: 13/209-215]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء إلّا ما رحم ربّي إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ (53)
قوله تعالى: وما أبرّئ نفسي.
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، ثنا أبو أحمد، ثنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: هذا قول يوسف: ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب فغمزه جبريل، فقال: ولا حين هممت؟ فقال: وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء.
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ، ثنا خالد بن عبد اللّه، عن بيانٍ، عن حكيم بن جابرٍ في قوله: ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب. قال: فقال له جبريل: ولا حين حللت السّراويل؟. قال: فقال عند ذلك. وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء وروي عن سعيد بن جبيرٍ مثل ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الوليد، ثنا السّريّ بن يحيى، عن الحسن في قوله: ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب. قال: خشي نبيّ اللّه أن يكون زكّى نفسه، فقال: وما أبرئ نفسي الآية.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ قالت امرأة العزيز يا يوسف ولا حين حللت السّراويل؟ قال يوسف: وما أبرّئ نفسي.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة قال: ذكر لنا أنّ الملك الّذي مع يوسف قال اذكر ما همت به، قال: وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء.
قوله: إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مباركٌ، عن الحسن في قوله: وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء. يعني: همّته الّتي همّ بها.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن أبي الحواريّ، حدّثني أبو خزيمة قال: سمعت عبد العزيز بن عميرٍ يقول إن النّفس أمّارةٌ بالسّوء، فإذا جاء العزم من اللّه كانت هي الّتي تدعوك إلى الحياء.
قوله تعالى: إلا ما رحم ربّي إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ قوله: غفورٌ لما كان منهم قبل التّوبة رحيمٌ بهم بعد التّوبة). [تفسير القرآن العظيم: 7/2158-2159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وما أبرئ نفسي} قال: يعني همته التي هم بها). [الدر المنثور: 8/275-276]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد العزيز بن عمير - رضي الله عنه - قال: النفس أمارة بالسوء فإذا جاء العزم من الله كانت هي التي تدعو إلى الخير). [الدر المنثور: 8/276]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:18 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله سبحانه: {وقال الملك ائتوني به فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليم}
لما أعلم بمكانه من العلم بالتأويل طلبه {قال ارجع إلى ربّك فاسأله}.
أي إلى صاحبك، ورب الشيء صاحبه
{فاسأله ما بال النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ}.
ويجوز اللائي قطعن، أي اسأله أن يستعمل صحة براءتي مما قرفت به.
ويروى أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لو كنت في مكان يوسف ثم جاءني الرسول لبادرت إليه أنه - صلى الله عليه وسلم - استحسن حزم يوسف وصبره حين دعاه الملك فلم يبادر إليه حتى يعلم أنه قد استقر عند الملك صحة براءته). [معاني القرآن: 3/115-114]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك}
يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجب من صبره وقال لو كنت مكانه ثم جاء الرسول لبادرت ثم قال: {فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} [معاني القرآن: 3/435]
ولم يذكر امرأة العزيز فيهن حسن عشرة منه وأدبا). [معاني القرآن: 3/436]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحقّ...}
لمّا دعا النسوة فبرّأته قالت: لم يبق إلا أن يقبل عليّ بالتقرير فأقرّت، فذلك قوله: {حصحص الحقّ} يقول: ضاق الكذب وتبيّن الحقّ). [معاني القرآن: 2/47]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الآن حصحص الحقّ} أي الساعة وضح الحقّ وتبيّن). [مجاز القرآن: 1/314]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال ما خطبكنّ إذ راودتّنّ يوسف عن نّفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودتّه عن نّفسه وإنّه لمن الصّادقين}
قال: {إذ راودتنّ يوسف عن نّفسه} وقال بعض أهل العلم: "إنهن راودنه لا امرأة الملك" وقد يجوز وإن كانت واحدة أن تقول "راودتنّ" كما تقول {إنّ الناس قد جمعوا لكم}
وهذا ههنا واحد يعنى بقوله لكم النبيّ صلى الله عليه و(الناس) "أبا سفيان" فيما ذكروا). [معاني القرآن: 2/53-52]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {الآن حصحص الحق} المصدر حصحصة؛ وهو بروز الأمر: ظهوره). [معاني القرآن لقطرب: 746]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {حصحص الحق}: وضح وتبين). [غريب القرآن وتفسيره: 184]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما خطبكنّ} ما أمركنّ، ما شأنكنّ؟
{الآن حصحص الحقّ} أي وضح وتبيّن). [تفسير غريب القرآن: 218]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد وهو قولان:
نحو قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، ثم قال: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، وليس هذا من قولها، وانقطع الكلام عند قوله: {أَذِلَّةً}،
ثم قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وقوله: {الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}، هذا قول المرأة، ثم قال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}،
أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، وانقطع الكلام، ثم قالت الملائكة: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}
وقوله حكاية عن ملأ فرعون: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ}
هذا قول الملأ، ثم قال فرعون: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} ). [تأويل مشكل القرآن: 295-294] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين}
لم يفرد يوسف عليه السلام امرأة العزيز بالذكر، حسن عشرة منه وأدب. فخلطها بالنسوة.
وقوله: {قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوء}.
قرئت " حاش للّه " و " حاشا للّه" وقرأ الحسن: حاش للّه بتسكين الشين.
ولا اختلاف بين النحويين أن الإسكان غير جائز، لأن الجمع بين ساكنين لا يجوز ولا هو من كلام العرب.
{ما علمنا عليه من سوء}.
فأعلم النسوة الملك ببراءة يوسف، وقالت - امرأة العزيز: {الآن حصحص الحقّ}.
أي برز وتبيّن، واشتقاقه في اللغة من الحصّة، أي بانت حصّة الحق وجهته من جهة الباطل). [معاني القرآن: 3/115]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه}
روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال جمع فرعون النسوة فقال لهن أنتن راودتن يوسف عن نفسه فقالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين فقال يوسف ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب إن الله لا يهدي كيد الخائنين فقال جبريل عليه السلام وغمزه ولا حين هممت فقال:
{وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
قال أبو جعفر وهذا كلام غامض عند أهل العربية لأن كلام يوسف مختلط بما قبله وغير منفصل منه ألا تراه خبر عن امرأة العزيز أنها قالت أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ثم اتصل به قول يوسف {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}
ونظيره إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون
قال أبو جعفر وفي الآية تأويل آخر
روى حجاج عن ابن جريج قال: قال يوسف ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب
وقال ابن جريج وهذا من تقديم القرآن وتأخيره
قال أراد أن يبين عذره قبل أن يخرج من السجن فهذا على هذا التأويل قاله يوسف في السجن
وعلى تأويل ابن عباس قاله يوسف بعد ما خرج من السجن حين جمعه الملك مع النسوة
قال أبو جعفر والتأويلان حسنان والله أعلم بحقيقة ذلك
قال مجاهد وقتادة معنى حصحص الحق تبين
قال أبو إسحاق هو مأخوذ من الحصة أي بانت حصة الحق من حصة الباطل). [معاني القرآن: 3/438-436]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حصحص} وضح وتبين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 115]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَصْحَصَ}: تبين). [العمدة في غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب...}:
قال ذلك يوسف لما رجع إليه الساقي فأخبره ببراءة النسوة إيّاه. فقال يوسف {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} وهو متّصل بقول امرأته {الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين ذلك} وربّما وصل الكلام بالكلام، حتى كأنه قول واحدٍ وهو كلام اثنين، فهذا من ذلك. وقوله: {من أرضكم بسحره فماذا تأمرون} اتّصل قول فرعون بقول الملأ: وكذلك قوله: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها} إلى قوله: {وكذلك يفعلون} انقطع كلامها عند قوله: {أذلّةً} ثم قال عزّ وجلّ: {وكذلك يفعلون} ويقال إنه من قول سليمان عليه السّلام). [معاني القرآن: 2/48-47]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنها إرشاد بالإمضاء، كقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}، أي لا يمضيه ولا ينفذه، ويقال: لا يصلحه.
وبعض هذا قريب من بعض). [تأويل مشكل القرآن: 444]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين }
هذا قول يوسف عليه السلام، المعنى إني أردت التبيين للملك أمر امرأته والنسوة، ليعلم أني لم أخنه بالغيب.
و " ذلك " مرفوع بالابتداء، وإن شئت على خبر الابتداء.
كأنّه قال: أمري ذلك.
ويروى أن جبريل عليه السلام قال له: ولا حين حللت التكة، وقيل ولا حين هممت، فقال:
{وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء إلّا ما رحم ربّي إنّ ربّي غفور رحيم}. [معاني القرآن: 3/116-115]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء إلاّ ما رحم ربّي...}
(ما) في موضع نصب. وهو استثناء منقطع ممّا قبله: ومثله {إلاّ حاجةً في نفس يعقوب قضاها} ومثله في سورة يس {فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلاّ رحمةً منّا} إنما هو
- والله أعلم - إلا أن يرحموا. و(أن) تضارع (ما) إذا كانتا في معنى مصدر). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء إلّا ما رحم ربّي إنّ ربّي غفور رحيم}
موضع ما نصب على الاستثناء). [معاني القرآن: 3/116]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:19 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (باب إعلان السر وإبداؤه بعد كتمانه
قال الأصمعي: من أمثالهم في هذا:
صرح الحق عن محضه. أي انكشف لك الأمر بعد ستره.
قال الزبير: صرح وحصحص بمعنى، قال: {قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقُ} ). [الأمثال: 59]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث سمرة بن جندب حين أتي برجل عنين فكتب فيه إلى معاوية، فكتب أن: اشتر له جارية من بيت المال وأدخلها معه ليلة ثم سلها عنه، ففعل سمرة، فلما أصبح قال: ما صنعت؟ قال: فعلت حتى حصحص فيه، قال: فسأل الجارية فقالت: لم يصنع شيئا، فقال خل سبيلها يا محصحص.
حدثنيه يزيد عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن سمرة.
قوله: حصحص، الحصحصة: الحركة في الشيء حتى يستمكن ويستقر فيه يقال: حصحصت التراب وغيره، إذا حركته وفحصته يمينا وشمالا قال حميد بن ثور يصف بعيرا قد أثقل حمله فهو يتحرك تحت الحمل عند النهوض فقال:
وحصحص في صم الحصى ثفناته = ورام القيام ساعة ثم صمما).
[غريب الحديث: 5/327]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال عمرو بن بحر: قرأ قارئ " قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ " إلى قوله تعالى: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب}، قال إسماعيل بن غزوان: لا واللّه ما سمعت بأغزل من هذه الفاسقة.
وسمع بكثرة مراودتها يوسف عنها فقال إسماعيل: أما واللّه بي تمرست). [عيون الأخبار: 10/108]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا} قال: أفلم يعلموا.
وقال في قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} قال: بعضهم يقول: ويلك، وبعضهم يقول: اعلم أن الله. وأنشد:
ويكأن من يكن له نشب يح = بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال في قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}: ذلك في موضع رفع ونصب أراد فعلنا ذلك، ومن رفع أراد فعلنا ليعلم ذلك، فيرفع باللام.
{أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}، الحقب سنة، والأحقاب السنون.
{كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ}، فأنشد:
كذاك ابنة الأعيار خافى بسالة الـ = ـرجال فأصلان الرجال أقاصره).
[مجالس ثعلب: 322] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله جل وعلا تفسيرين متضادين قوله جل اسمه: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأنت الله لا يهدي كيد الخائنين}.
قال أصحاب الحديث: وأكثر أهل العلم: يوسف القائل هذا الكلام، وذلك أن العزيز –وهو الملك- لما وجه إليه وهو في الحبس ليحضر، قال للرسول: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن}، فسألهن الملك، ويوسف غائب عن المجلس، فقلن: {ما علمنا عليه من سوءْ }–يعنون يوسف عليه السلام- وشهدت له المرأة أيضا بالبراءة، فلما اتصل الأمر بيوسف، قال: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}، أي لم تكن المراودة مني، ولم أجب المرأة إلى ما أرادت. وانصرف من كلام المرأة إلى كلام يوسف عليه السلام من غير إدخال قول، كما انصرف من كلام الملأ إلى كلام فرعون بغير إدخال قول في قوله: {قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم}، فقال له فرعون: {فماذا تأمرون}.
قال جماعة من أهل العلم أيضا: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}، من كلام يوسف، ولذلك غمزه الملك فقال: ولا حين هممت! فقال: {وما أبرئ نفسي إن النفس
لأمارة بالسوء}.
وقالوا: لما وجه الملك إلى يوسف في الحبس ليحضر، وقد أحضر النسوة والمرأة، وكان النسوة في وقت مراودة المرأة يوسف عليه السلام حاضرات، يقلن ليوسف: ما عليك في أن تجيبها إلى ما تريد! فلما وصل الرسول إلى يوسف عليه السلام أقبل معه، فحضر مجلس الملك، هو والمرأة والنساء، فلما أقبل الملك على النسوة بالمسألة فقلن: {حاش لله ما علمنا عليه من سوء}، وقالت المرأة: {أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين}، قال يوسف والملك يسمع: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}. ذكر هذا أبو عبيد.
فإن قال قائل: كيف قال: {ذلك ليعلم}، ولم يقل، (لتعلم) لحضور الملك؟
قيل له: جرت مخاطبة يوسف الملك على سبيل ما يخاطب الناس به الملوك، فخبر عنه بغيبة وهو حاضر، كما يقول الرجل للوزير إذا خاطبه: إن رأى الوزير أن يفعل كذا وكذا! فيكون أحسن في المخاطبة من أن يقول: إن رأيت أن تفعل كذا وكذا!
وقال آخرون: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} من كلام المرأة، لأنه متصل به، ولم يفصل بينهما بما يدل على انقطاعه والخروج منه إلى غيره.
فاحتج أصحاب القول الأول بأن الذي جرى في الآيتين من الحكمة والثناء على الله، هو بيوسف أليق منه بالمرأة الكافرة في ذلك الوقت.
وقال آخرون: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال يوسف عليه السلام بحضرة الملك والعزيز غائب، وزعموا أن العزيز كان قهرمان الملك، وأن يوسف راودته امرأة العزيز ولم تكن امرأة الملك، فأحضر الملك يوسف وامرأة العزيز والنسوة، والعزيز غائب، فلما برأته المرأة والنسوة، قال يوسف: ذلك ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب.
يحكى هذا عن الكلبي ووهب بن منبه.
وأكثر أهل العلم يقولون: العزيز هو الملك، كان أولئك القوم يسمون الملك عزيزا، كما يسمي الفرس الملك كسرى، ويسمي الروم الملك قيصر، ويسمي الترك الملك خاقان. والله أعلم بجميع هذا وأحكم). [كتاب الأضداد:416- 419]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:20 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 04:20 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1439هـ/24-07-2018م, 04:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم}
في تضاعيف هذه الآية محذوفات يعطيها ظاهر الكلام ويدل عليها، والمعنى هنا: فرجع الرسول إلى الملأ والملك فقص عليهم مقالة يوسف، فرأى الملك وحاضروه نبل التعبير وحسن الرأي وتضمن الغيب في أمر العام الثامن، مع ما وصفه به الرسول من الصدق في المنامة المتقدمة، فعظم يوسف في نفس الملك، وقال: ائتوني به، فلما وصل الرسول في إخراجه إليه وقال: إن الملك قد أمر بأن تخرج فقال له: ارجع إلى ربك أي: الملك وقل له: ما بال النسوة ومقصد يوسف عليه السلام
[المحرر الوجيز: 5/101]
إنما كان: وقل له يستقصي عن ذنبي وينظر في أمري، هل سجنت بحق أو بظلم؟ فرسم قصته بطرف منها إذا وقع النظر عليه بان الأمر كله، ونكب عن ذكر امرأة العزيز حسن عشرة ورعاية لزمام الملك العزيز له.
وقرأ أبو بكر عن عاصم، وأبو حيوة: "النسوة" بضم النون، وقرأ الباقون: "النسوة" بكسر النون، وهما لغتان في تكسير "نساء" الذي هو اسم جمع لا واحد له من لفظه، وقرأت فرقة: "اللايي" بالياء، وقرأت فرقة: "اللاتي" بالتاء، وكلاهما جمع "التي".
وكان هذا الفعل من يوسف عليه السلام أناة وصبرا وطلبا لبراءة الساحة، وذلك أنه -فيما روي- خشي أن يخرج وينال من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحا، فيراه الناس بتلك العين أبدا، ويقولون: هذا الذي راود امرأة مولاه، فأراد يوسف عليه السلام أن تبين براءته وتتحقق منزلته من العفة والخير، وحينئذ يخرج للأخطاء والمنزلة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يرحم الله أخي يوسف، لقد كان صابرا حليما، ولو لبثت في السجن لبثه لأجبت الداعي ولم ألتمس العذر حينئذ"، وروي نحو هذا الحديث من طريق عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك في كتاب التفسير من صحيح البخاري، وليس لابن القاسم في الديوان غيره.
وهنا اعتراض ينبغي أن ينفصل عنه، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر هذا الكلام على جهة المدح ليوسف، فما باله هو يذهب بنفسه عن حالة قد مدح بها غيره؟ فالوجه في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخذ لنفسه وجها آخر من الرأي له جهة أيضا من الجودة، أي: لو كنت أنا لبادرت بالخروج ثم حاولت بيان عذري بعد ذلك، وذلك أن هذه القصص والنوازل إنما هي معرضة ليقتدي الناس بها إلى يوم القيامة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل
[المحرر الوجيز: 5/102]
الناس على الأحزم من الأمور، وذلك أن المتعمق في مثل هذه النازلة التارك فرصة الخروج من مثل ذلك السجن ربما ينتج له من ذلك البقاء في سجنه، وانصرفت نفس مخرجه عنه، وإن كان يوسف عليه السلام أمن من ذلك بعلمه من الله فغيره من الناس لا يأمن ذلك، فالحالة التي ذهب النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه إليها حالة حزم ومدح، وما فعله يوسف عليه السلام صبر عظيم وجلد.
وقوله: {إن ربي بكيدهن عليم} يحتمل أن يريد بالرب الله عز وجل، وفي الآية وعيد -على هذا- وتهديد، ويحتمل أن يريد بالرب العزيز مولاه، ففي ذلك استشهاد به وتقريع له، والضمير في "بكيدهن" للنسوة المذكورات لا للجنس لأنها حالة توقيف على ذنب). [المحرر الوجيز: 5/103]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين}
المعنى: فجمع الملك النسوة وامرأة العزيز معهن، وقال لهن: ما خطبكن الآية، أي: أي شيء كانت قصتكن؟ فهو استدعاء منه أن يعلمنه القصة، فجاوب النساء بجواب جيد تظهر منه براءة أنفسهن جملة، وأعطين يوسف بعض براءة، وذلك أن الملك لما قرر لهن أنهن راودنه قلن -جوابا عن ذلك-: حاش لله، وقد يحتمل -على بعد- أن يكون قولهن: {حاش لله} في جهة يوسف عليه السلام، وقولهن: {ما علمنا عليه من سوء} ليس بإبراء تام، وإنما كان الإبراء التام وصف القصة على وجهها حتى يتقرر الخطأ في جهتين، ولو قلن: (ما علمنا عليه إلا خيرا) لكان أدخل في التبرئة، وقد بوب البخاري على هذه الألفاظ على أنها تزكية، وأدخل قول أسامة بن زيد في حديث الإفك: (أهلك ولا نعلم إلا خيرا)، وأما مالك رحمه الله فلا يقنع بهذا في تزكية الشاهد؛ لأنه ليس بإثبات العدالة.
قال بعض المفسرين: فلما سمعت زوجة العزيز مقالتهن وحيدتهن عن الوقوع في
[المحرر الوجيز: 5/103]
الخزي حضرتها نية وتحقيق فقالت: الآن حصحص الحق. و"حصحص" معناه: تبين بعد خفائه، كذا قال الخليل وغيره، وقيل: هو مأخوذ من الحصة، أي بانت حصته من حصة الباطل، ثم أقرت على نفسها بالمراودة، والتزمت الذنب، وأبرأت يوسف البراءة التامة). [المحرر الوجيز: 5/104]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين}
قالت جماعة من أهل التأويل: هذه المقالة هي من يوسف عليه السلام، أي: ذلك ليعلم العزيز سيدي أني لم أخنه في أهله وهو غائب، وليعلم أيضا أن الله تعالى لا يهدي كيد خائن ولا يرشد سعيه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والهدى للكيد مستعار، بمعنى: لا يكلمه ولا يمضيه على طريق إصابة، ورب كيد مهدي إذا كان من تقي في مصلحة.
واختلفت هذه الجماعة فقال ابن جريج: هذه المقالة من يوسف عليه السلام هي متصلة بقوله للرسول: {إن ربي بكيدهن عليم} وفي الكلام تقديم وتأخير؛ فالإشارة بقوله: "ذلك" -على هذا التأويل- هي إلى بقائه في السجن والتماسه البراءة، أي: هذا ليعلم سيدي أني لم أخنه، وقال بعضهم: إنما قال يوسف هذه المقالة حين قالت امرأة العزيز كلامها إلى قولها: {وإنه لمن الصادقين}، فالإشارة -على هذا- إلى إقرارها وصنيع الله تعالى فيه. وهذا يضعف؛ لأنه يقتضي حضوره مع النسوة عند الملك، وبعد هذا يقول الملك: ائتوني به.
[المحرر الوجيز: 5/104]
وقالت فرقة من أهل التأويل: هذه الآية من قول امرأة العزيز، وكلامها متصل، أي: قولي هذا وإقراري ليعلم يوسف أني لم أخنه في غيبته، بأن أكذب عليه أو أرميه بذنب هو بريء منه، والتقدير -على هذا التأويل-: توبتي وإقراري ليعلم أني لم أخنه وأن الله لا يهدي ... وعلى أن الكلام من يوسف يجيء التقدير: وليعلم أن الله لا يهدي كيد الخائنين). [المحرر الوجيز: 5/105]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله عز وجل: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم}
هذه أيضا مختلف فيها هل هي من كلام يوسف أم من كلام المرأة، حسب التي قبلها؟
فمن قال: "من كلام يوسف " روى في ذلك عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لما قال يوسف: أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل: "ولا حين هممت وحللت سراويلك؟!"، وقال نحوه ابن عباس، وابن جبير، وعكرمة، والضحاك. وروي أن المرأة قالت له ذلك، قاله السدي، وروي أن يوسف تذكر من تلقائه ما كان هم به فقال: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء، قاله ابن عباس رضي الله عنهما- أيضا.
ومن قال: "إن المرأة قالت: وما أبرئ نفسي " فوجه كلامها الاعتذار عن وقوعها فيما يقع فيه البشر من الشهوات، كأنها قالت: وما هذا ببدع ولا ذلك بنكير على البشر فأبرئ أنا منه نفسي، والنفوس أمارات بالسوء مائلة إليه.
و"أمارة" بناء مبالغة، و"ما" في قوله: {إلا ما رحم} مصدرية، هذا قول الجمهور فيها، وهو -على هذا- استثناء منقطع، أي: إلا رحمة ربي. ويجوز أن تكون بمعنى
[المحرر الوجيز: 5/105]
"من"، هذا على أن تكون "النفس" يراد بها النفوس؛ إذ النفس تجري صفة لمن يعقل كالعين والسمع، كذا قال أبو علي، فتقدير الآية: إلا النفوس التي يرحمها الله.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإذا "النفس" اسم جنس، فصح أن تقع "ما" مكان "من" إذ هي كذلك في صفات من يعقل وفي أجناسه، وهو نص في كلام المبرد، وهو -عندي- معنى كلام سيبويه، وهو مذهب أبي علي، ذكره في "البغداديات".
ويجوز أن تكون "ما" ظرفية، المعنى: إن النفس لأمارة بالسوء إلا مدة رحمة الله العبد وذهابه عن اشتهاء المعاصي.
ثم ترجى في آخر الآية بقوله: {إن ربي غفور رحيم}). [المحرر الوجيز: 5/106]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:02 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:04 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري


تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الملك ائتوني به فلمّا جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ (50) قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين (51) ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين (52) وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء إلا ما رحم ربّي إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ (53)}
يقول تعالى إخبارًا عن الملك لمّا رجعوا إليه بتعبير رؤياه، الّتي كان رآها، بما أعجبه وأينقه، فعرف فضل يوسف، عليه السّلام، وعلمه [وحسن اطّلاعه على رؤياه] وحسن أخلاقه على من ببلده من رعاياه، فقال {ائتوني به} أي: أخرجوه من السّجن وأحضروه. فلمّا جاءه الرّسول بذلك امتنع من الخروج حتّى يتحقّق الملك ورعيّته براءة ساحته، ونزاهة عرضه، ممّا نسب إليه من جهة امرأة العزيز، وأنّ هذا السّجن لم يكن على أمرٍ يقتضيه، بل كان ظلمًا وعدوانًا، قال: {ارجع إلى ربّك فاسأله ما بال النّسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ}
وقد وردت السّنة بمدحه على ذلك، والتّنبيه على فضله وشرفه، وعلوّ قدره وصبره، صلوات الله وسلامه عليه، ففي المسند والصّحيحين من حديث الزّهريّ، عن سعيدٍ وأبي سلمة، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "نحن أحقّ بالشّكّ من إبراهيم إذ قال {ربّ أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي} [البقرة: 260] ويرحم اللّه لوطًا لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي"
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {فاسأله ما بال النّسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربّي بكيدهنّ عليمٌ} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو كنت أنا لأسرعت الإجابة، وما ابتغيت العذر".
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، واللّه يغفر له، حين سئل عن البقرات العجاف والسّمان، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتّى أشترط أن يخرجوني. ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، واللّه يغفر له، حين أتاه الرّسول، ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب، ولكنّه أراد أن يكون له العذر". هذا حديثٌ مرسلٌ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 393-394]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {قال ما خطبكنّ إذ راودتنّ يوسف عن نفسه} إخبارٌ عن الملك حين جمع النّسوة اللّاتي قطّعن أيديهنّ عند امرأة العزيز، فقال مخاطبًا لهنّ كلّهنّ -وهو يريد امرأة وزيره، وهو العزيز -: {ما خطبكنّ} أي: شأنكنّ وخبركنّ {إذ راودتنّ يوسف عن نفسه} يعني: يوم الضّيافة؟ {قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ} أي: قالت النّسوة جوابًا للملك: حاش للّه أن يكون يوسف متّهما، واللّه ما علمنا عليه من سوءٍ. فعند ذلك {قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ}
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وغير واحدٍ: تقول الآن: تبيّن الحقّ وظهر وبرز.
{أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين} أي: في قوله: {هي راودتني عن نفسي}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 394]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب} تقول: إنّما اعترفت بهذا على نفسي، ذلك ليعلم زوجي أن لم أخنه في نفس الأمر، ولا وقع المحذور الأكبر، وإنّما راودت هذا الشّابّ مراودةً، فامتنع؛ فلهذا اعترفت ليعلم أنّي بريئةٌ، {وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين وما أبرّئ نفسي} تقول المرأة: ولست أبرّئ نفسي، فإنّ النّفس تتحدّث وتتمنّى؛ ولهذا راودته لأنّها أمارةٌ بالسّوء، {إلا ما رحم ربّي} أي: إلّا من عصمه اللّه تعالى، {إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ}.
وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصّة ومعاني الكلام. وقد حكاه الماورديّ في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام العلّامة أبو العبّاس ابن تيميّة، رحمه اللّه، فأفرده بتصنيفٍ على حدةٍ
وقد قيل: إنّ ذلك من كلام يوسف، عليه السّلام، من قوله: {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه} في زوجته {بالغيب} الآيتين أي: إنّما رددت الرّسول ليعلم الملك براءتي وليعلم العزيز {أنّي لم أخنه} في زوجته {بالغيب} {وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء} [الآية] وهذا القول هو الّذي لمّ يحك ابن جريرٍ ولا ابن أبي حاتمٍ سواه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا جمع الملك النّسوة فسألهنّ: هل راودتنّ يوسف عن نفسه؟ {قلن حاش للّه ما علمنا عليه من سوءٍ قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ أنا راودته عن نفسه وإنّه لمن الصّادقين} قال يوسف {ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب [وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين]} قال: فقال له جبريل، عليه السّلام: ولا يوم هممت بما هممت به. فقال: {وما أبرّئ نفسي إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء}
وهكذا قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وابن أبي الهذيل، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، والسّدي. والقول الأوّل أقوى وأظهر؛ لأنّ سياق الكلام كلّه من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف، عليه السّلام، عندهم، بل بعد ذلك أحضره الملك). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 394-395]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة