ضمير الظرف
في [شرح الكافية للرضي: 1/ 174]: «قال النحاة: قد يتوسع في الظرف المتصرف، فيجعل مفعولاً به، فحينئذ يسوغ أن يضمر مستغنيًا عن لفظ {في} كقولك: يوم الجمعة صمته، وأن يضاف إليه المصدر، والصفة المشتقة منه، نحو قوله تعالى: {بل مكر الليل والنهار} وقوله:
يا سارق الليلة أهل الدار
وقد اتفقوا على أن معناه متوسعًا فيه وغير متوسع فيه سواء».
وفي [الهمع: 1/ 202]: «التوسع: جعل الظرف مفعولاً به على طريق المجاز، فيسوغ حينئذ إضماره غير مقرون بفي نحو اليوم سرته، ولا يجوز ذلك في المنصوب على الظرف، بل إذا أضمر وجب التصريح بفي، لأن الضمير يرد الأشياء إلى أصولها، فيقال: اليوم سرت فيه وسواء في التوسع ظرف الزمان وظرف المكان، فالأول نحو:
ويوم شهدناه سلميا وعامرًا.
يا رب يوم لا أظلله.
والثاني نحو: ومشرب أشربه وشيل... ويجوز حينئذ الإضافة إليه على طريق الفاعلية والمفعولية».
1- {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [2: 85]
في [الكشاف: 1/ 228]: «{الشهر}: منصوب على الظرف، وكذا الهاء في {فليصمه}، ولا يكون مفعولاً به كشهدت الجمعة، لأن المقيم والمسافر كلاهما شاهدان للشهر».
تقدم أن ذلك على حذف مضاف تقديره: فمن شهد منكم دخول الشهر، أي من حضر. [البحر: 2/ 41].
وفي [العكبري: 1/ 46]: «ضمير الشهر» في {فليصمه} مفعول به على السعة، وليس ظرفًا، إذ لو كان ظرفًا وجدت معه {في} لأن الظرف لا يكون ظرفًا بنفسه.
وفي [البيان: 1/ 144]: «{الشهر}: منصوب على الظرف، لأن التقدير فيه: فمن شهد منكم المصر في الشهر لأن المسافر قد شهد الشهر، ولا يجب عليه الصوم فيه، فدل على أنه لا بد من إضمار المصر، ولهذا قال: {فليصمه} لأنه نصب المفعول به، ولم يرده إلى الظرف الذي يجب إيراده في موضع ضميره، نحو: اليوم صمت فيه».
2- {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه} [1: 191]
العامل في {عند} ولا تقاتلوهم. وفيه متعلق بيقاتلوكم، والضمير عائد على {عند} تعدى الفعل إلى ضمير فاحتيج في الوصول فيه إلى {في} هذا ولم يتسع الفعل إلى ضمير الظرف تعديته للمفعول به الصريح. لا يقال إن الظرف إذا كان غير متصرف لا يجوز أن يتعدى الفعل إلى ضميره بالاتساع، لأن ظاهره لا يجوز فيه ذلك، بل الاتساع جائز إذ ذاك، ألا ترى أنه يخالفه في جره بفي، وإن كان الظاهر لا يجوز فيه ذلك، فكذلك يخالفه في الاتساع، فحكم الضمير إذ ذاك ليس كحكم ظاهره.
[البحر: 2/ 67].
3- {هو الذي يسيركم في البر والبحر} [10: 22]
وأما جعل ابن عطية الضمير كالظرف، قال كما تقول: سرت الطريق فهذا لا يجوز عند الجمهور لأن الطريق عندهم ظرف مختص كالدار والمسجد فلا يصل غليه الفعل غيره دخلت عند سيبويه وانطلقت وذهبت عند الفراء إلا بواسطة {في} إلا في ضرورة، وإذا كان كذلك فضميره أحرى ألا يتعدى إليه الفعل.
وإذا كان ضمير الظرف الذي يصل إليه الفعل بنفسه يصل إليه بوساطة {في} إلا إن اتسع فيه فلأن يكون الضمير الذي يصل الفعل إلى ظاهره بفي أولى أن يصل إليه الفعل بوساطة {في}. [البحر: 5/ 138].