سورة الأعراف
[ من الآية (103) إلى الآية (112) ]
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) }
قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)}
قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)}
قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حقيقٌ على أن لا أقول... (105)
قرأ نافع وحده (عليّ) أضاف (على) إلى نفسه، وأرسلها الباقون (على) مفخمة.
قال أبو منصور: من شدد ياء (عليّ) فلإضافته إلى نفسه، ومن سكن ألف (على) جعله بمعنى الباء، كقولك: رميت على القوس، وبالقوس.
و (على) مفخم، وكذلك (إلى) و(حتى) ). [معاني القراءات وعللها: 1/414]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأرسل معي بني إسرائيل (105).
حرك الياء من (معي) حفص عن عاصم، وكذلك ياء (معي) حيث وقعت، وأسكنها الباقون، وهما لغتان). [معاني القراءات وعللها: 1/415]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {حقيق على أن لا أقول} [105] قرأ نافع وحده {حقيق على} مشددة الياء، أي: واجب علي، ويجب علي، فالياء الأخيرة ياء الإضافة، والأولى من نفس الكلمة فأدغمت الأولى في الثانية، وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين على أصلها، ومثله (لدي) و(إلى) ولو قرأ قارئ {علي} مثل {مصرخي} جاز عند بعض النحويين. وبعضهم يراه لحنًا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
وقرأ الباقون {حقيق على أن لا} وحجتهم قراءة عبد الله: {حقيق بأن لا}.
فحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال الباء بمعنى «على» كقول العرب رمى عن القوس وبالقوس، وفلان على حال حسنة وبحال حسنة. وقال غير الفراء: في قراءة عبد الله {حقيق أن لا} بغير باء، فإن في قراءة نافع في موضع رفع، وفي قراءة الباقين في موضع نصب وفي موضع خفض). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/197]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الياء وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: حقيق علي أن لا أقول [الأعراف/ 105].
[الحجة للقراء السبعة: 4/55]
فقرأ نافع وحده: حقيق على أن لا أقول بتشديد الياء ونصبها.
وقرأ الباقون بتخفيف الياء وهي مرسلة.
حجة نافع في قوله عزّ وجلّ: حقيق علي وإيصاله له بعلي* أنّه يسوغ من وجهين:
أحدهما: أنّ «حقّ» الذي هو فعل، قد تعدّى بعلى، قال: فحق علينا قول ربنا [الصافات/ 31]، وقال: فحق عليها القول [الإسراء/ 16]، فحقيق يتصل بعلى من هذا الوجه.
والوجه الآخر: أنّ حقيق بمعنى واجب، فكما أنّ وجب يتعدى بعلى، كذلك تعدى حقيق به إذا أريد به ما أريد بواجب.
وأمّا من قرأ: حقيق على فجاز تعدّيه بعلى من الوجهين اللّذين ذكرنا.
وقد قالوا: هو حقيق بكذا، فيجوز على هذا أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 4/56]
على بمنزلة الباء تقول: «حقيق على أن». فتضع على موضع الباء.
قال أبو الحسن: قال: ولا تقعدوا بكل صراط توعدون [الأعراف/ 86]، فكما وقعت الباء في قوله: بكل صراط توعدون موقع على، كذلك وقعت على موقع الباء في قوله: حقيق على أن لا.
قال: والأول أحسنهما عندنا، يعني: حقيق على أن لا بالألف غير مضاف إلى المتكلم.
قال: لأنّ حقيق على، معناها الباء، أي حقيق بذا، قال: وليس ذلك بالمقيس لو قلت: ذهبت على زيد، وأنت تريد بزيد؛ لم يجز، قال: وجاز في علي* لأنّ القراءة قد وردت به). [الحجة للقراء السبعة: 4/57]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حقيق على أن لا أقول على الله إلّا الحق}
قرأ نافع {حقيق على} مشدّدة الياء وحجته ما جاء في التّفسير حقيق عليّ أي واجب عليّ كما يقول الرجل هذا عليّ واجب فالياء الأخيرة ياء الإضافة والأولى من نفس الكلمة فأدغمت الأولى في الثّانية وفتحت الثّانية لالتقاء الساكنين على أصلها ومثله لدي وإلي
وقرأ الباقون (حقيق على ألا أقول) بالتّخفيف معناه حقيق بألا أقول كقولك جدير وخليق ألا أفعل كذا وقال قوم معناه حريص على ألا أقول وحجتهم قراءة ابن مسعود قرأ (حقيق بألا أقول) قال الفراء الباء بمعنى على كقول العرب فلان على حالة حسنة وبحالة حسنة). [حجة القراءات: 289]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {حقيق على} قرأه نافع بياء مشددة مفتوحة، على تعدية «حقيق» إلى ضمير المتكلم فلما اجتمع ياءان ياء «على» التي تنقلب مع الضمير ياء، وياء المتكلم، أدغم الأولى في الثانية وفتح؛ لأن الإضافة أصلها الفتح، و«حقق وحق» سواء بمعنى واجب ومثله حق، وأصله أن يتعدى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/469]
بعلى كما يتعدى واجب بعلى، قال الله تعالى ذكره: {فحق علينا قول ربنا} «الصافات 31»، وقال: {فحق عليها القول} «الإسراء 16» وقرأ الباقون بألف بعد اللام من «على»، ولم يضيفوها إلى المتكلم، وذلك أنه عدى «حقيق» بـ «على» إلى «أن»، ويجوز أن تكون «على » في هذا بمعنى الباء، كما جاز وقوع الباء في موضع «على» في قوله: {ولا تقعدوا بكل صراط} «الأعراف 86» أي: على كل طريق). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/470]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {حَقِيقٌ عَلَى} [آية/ 105] بتشديد الياء:-
قرأها نافع وحده.
والوجه أن حقيقة فعيل من حق، وهو معدى بعلى قال الله تعالى {فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا} فإذا عدي الفعل بعلى وجب أن يعدي به ما هو منه، ثم إن معناه يقتضي أيضًا تعديته بعلى؛ لأن معناه وجب، ووجب يعدى بعلى، تقول وجب علي دين، فكذلك ما هو بمعناه.
وقرأ الباقون {عَلى} بالتخفيف.
والوجه أن {على} ههنا بمعنى الباء، والتقدير: حقيق بأن لا أقول، وعلى قد يكون بمعنى الباء، كما تقول: أتانا فلان على حالة وبحالة حسنة، وقال أبو عبيدة: حقيق معناه حريص، فكما يقال هو حريص على كذا، فكذلك
[الموضح: 542]
هو حقيق عليه، وقال أبو عمرو بن العلاء: معناه حقيق أن لا أقول، ويؤيده قراءة عبد الله {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ}، بغير على). [الموضح: 543]
قوله تعالى: {قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106)}
قوله تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107)}
قوله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)}
قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)}
قوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)}
قوله تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أرجه وأخاه... (111).
قرأ ابن كثيرٍ (أرجئهو وأخاه) يهمز وضم الهاء ضما مشبعًا بلفظ واو، وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر ويعقوب (أرجئه وأخاه)
بالهمز وضم الهاء ضمة غير مشبعة، وقرأ نافع (أرجه) بلا همز ويكسر الهاء كسرةً مختلسة، وروى ورش عنه أنه جرّ الهاء ووصلها بياء ولا يهمز، وكذلك روى خلف وابن سعدان عن أبي المسيبي عنه.
وقرأ ابن عامر (أرجئه وأخاه) بالهمز وكسر الهاء خفيفة.
وقرأ حمزة وحفص والأعشى عن أبي بكر (أرجه) ساكنة الهاء غير مهموزة، وكذلك قال خلف وأبو هشام عن يحيى عن أبي بكر.
وقرأ الكسائي (أرجهي) غير مهموز، ويجر الهاء بياء في اللفظ، وكذلك قولهم في الشعراء مثل قولهم في الأعراف، إلا أن هبيرة روى عن حفص بجزم الهاء هنا، وجرّها في الشعراء.
قال أبو منصور: هذه الوجوه كلها وإن اختلفت فهي لغات
[معاني القراءات وعللها: 1/415]
محفوظة عن العرب، وأبعدها عند النحويين تسكين الهاء بلا همزة لأنها ليست بموضع الجزم، وهي ضعيفة عند جميعهم.
وقراءة ابن عامر بالهمز وكسر الهاء ليست بجيدة؛ لأن أصل الهاء الضم في (أرجئه)، وإنما يجر مع الياءات والكسرات، والهمزة تكون ساكنة فالكسرة لا تتبعها). [معاني القراءات وعللها: 1/416]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله: {أرجه وأخاه} [111].
قرأ أبو عمرو وابن كثير بهمزة ساكنة جعلاه من أرجئت الأمر أي: أخرته، ومنهم (المرجئة)، لأنهم أرجأوا العمل فقالوا: الإيمان قول بلا عمل وأخطأوا؛ لأن الله تعالى ذم قومًا آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، وهم المنافقون، فقال تعالى: {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} فلا يصح الإيمان إلا بثلاثة أشياء نطق باللسان وعمل بالجوارح وعقد بالقلب. وعلامة الجزم في أرجئة سكون الهمزة، كما تقول: أقرئ زيدًا السلام ثم تكنى فتقول أقرئه.
وكان أبو عمرو يصل الهائين بضمة مختلسة، وابن كثير يلفظه كالواو {أرجهو وأخاهو}. وقد بينت علة ذلك فيما سلف.
وقرأ نافع والكسائي في رواية: ورش بالصلة {أرجهي وأخاه}، ويسقطان الياء للجزم ويصلان الهاء بياء؛ لانكسار ما قبلهما، أعني أرجهي، وهما لغتان
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/197]
أرجأت وأرجيت وكذلك: {ترجى من تشاء} و{ترجئ من تشاء}.
وقرأ عاصم وحمزة بترك الهمزة أيضًا غير أنهما أسكنا الهاء {أرجه} وإنما سكنت الهاء توهما أن الهاء آخر الكلمة، أو تخفيفًا، لما طالبت الكلمة بالهاء.
وقرأ ابن عامر في رواية هشام بن عمار {أرجئهي} – بالهمز وكسر الهاء مع الصلة – وفي رواية ذكوان {أرجئه} بالهمز وكسر الهاء بغير الصلة.
فقال ابن مجاهد هو غلط، وكذلك عند النحويين هو غلط؛ لأن الكسرة لا تجوز في الهاء إذا سكن ما قبلها نحو منهم واضربهم، وله وجه عندي؛ وذلك: أن الهمزة لما سكنت للجزم وبعدها الهاء ساكنة على لغة من يسكن كسر الهاء، لالتقاء الساكنين، وليس هذا كقولهم: منهم واضربهم؛ لأن الهاء هنالك لا تكون إلا متحركة، فيحمل قول من خطاه أن يكون خطأ الرواية ولم ينعم النظر في هذا الحرف.
وقد اجترأ جماعة في الطعن على هؤلاء السبعة في بعض حروفهم وليس واحد منهم عندي لاحنًا بحمد الله. فإن قال قائل: فقد لحن يونس والخليل وسيبويه رضي الله عنهم حمزة في قراءته {فما استطاعوا}.
فالجواب عن ذلك كالجواب فيما سلف؛ لأن هؤلاء – وإن كانوا أئمة – فريما لم يأخذوا أنفسهم بالاحتجاج لكل من يروى عن هؤلاء السبعة كعناية غيرهم به، وسترى الاحتجاج لحمزة وجميع ما يلحن فيه، ولا قوة إلا بالله.
ولابن كثير نحو {وكشفت عن ساقيها} {ثم ائتوا صفًا}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/198]
و{بمصرخي} و{مكر السيء} و{قال فرعون} و{آمنتم} في مواضعها إن شاء الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/199]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وإسقاطه من قوله تعالى: قالوا أرجه وأخاه [الأعراف/ 111].
فقرأ ابن كثير أرجئهو وأخاه مهموز بواو بعد الهاء في اللّفظ، وقرأ أبو عمرو مثله، غير أنّه كان يضم الهاء ضمة من غير أن يبلغ بها الواو، وكانا يهمزان مرجئون [التوبة/ 106] وترجئ من تشاء [الأحزاب/ 51].
[الحجة للقراء السبعة: 4/57]
وقرأ نافع [وحده] أرجه وأخاه بكسر الهاء، ولا يبلغ بها الياء، ولا يهمز. هذه رواية المسيّبي وقالون.
وروى ورش عنه: أرجهي وأخاه يصلها بياء، ولا يهمز بين الجيم والهاء، وكذلك قال إسماعيل بن جعفر عن نافع.
وقال خلف وابن سعدان عن إسحاق عن نافع أنّه وصل الهاء بياء.
وقرأ ابن عامر: أرجئه وأخاه في رواية هشام بن عمار مثل أبي عمرو.
وفي رواية ابن ذكوان: كسرها بالهمز، وكسر الهاء أرجئه، وهمز مرجئون وترجئ، وهذا غلط، لا يجوز كسر الهاء مع الهمز، وإنما يجوز إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة.
واختلف عن عاصم فروى هارون بن حاتم عن حسين الجعفيّ عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ مثل أبي عمرو أرجئه مهموزا.
وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر أنه ربما كان همزها ورفع الهاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/58]
وحدّثني محمد بن الجهم عن ابن أبي أميّة عن أبي بكر عن عاصم أرجئه مهموز ساكنة الهاء.
وقال محمد بن الجهم فيما نحسب- شكّ ابن الجهم-:
بهمز الألف التي قبل الراء.
وقال إبراهيم بن أحمد الوكيعي عن أبيه عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: أرجئه مهموز جزم. حدّثني موسى بن إسحاق القاضي، عن أبي هشام عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: أرجه جزم بغير همز.
وكذلك روى خلف عن يحيى عنه جزم.
وكذلك حدثني عبد الله بن شاكر عن يحيى عن أبي بكر:
بجزم الهاء، والكسائي عن أبي بكر [عن عاصم]: بجزم الهاء، ولم يذكر هو الهمز.
[قال الأعشى عن أبي بكر عن عاصم أرجه بغير همز، ويهمز مرجئون ولا يهمز ترجي أبو البحتري عن يحيى عن أبي بكر عنه أنه لا يهمز ترجي ولا مرجون].
[الحجة للقراء السبعة: 4/59]
و قال هبيرة عن حفص عن عاصم: أنه جزم الهاء في الأعراف، وجرّها في الشعراء [36].
وقال غير هبيرة عن حفص: أرجه جزم ولا يهمز مرجون وترجى وفي الشعراء أرجه جزم، وكذلك قال وهيب [بن عبد الله] عن الحسن بن مبارك عن أبي حفص عمرو بن الصباح عن أبي عمر عن عاصم.
وقرأ حمزة والكسائي أرجه وأخاه.
واختلفا في الهاء؛ فأسكنها حمزة مثل عاصم، ووصلها الكسائي بياء فقال أرجهي وأخاه.
قال أبو زيد: أرجأت الأمر إرجاء: إذا أخّرته، فقوله:
أرجئه. أفعله من هذا، وضمّ الهاء مع الهمزة لا يجوز غيره، وأن لا يبلغ الواو أحسن لأنّ الهاء خفيّة، فلو بلغ بها الواو لكان كأنّه قد جمع بين ساكنين، ألا ترى أنّ من قال: ردّ يا فتى،
[الحجة للقراء السبعة: 4/60]
فضمّ، فإنّه إذا وصل بالدّال الضمير المؤنث قال: ردّها، ففتح، كما تقول: ردّا، لخفاء الهاء، فكذلك أرجئه لا ينبغي أن يبلغ بها الواو، فيصير كأنّه جمع بين ساكنين.
ومن قال: أرجئهو فألحق الواو، فلأنّ الهاء متحركة ولم يلتق ساكنان، لأنّ الهاء فاصل، فقال: أرجئهو كما تقول:
اضربهو قبل، ولو كان مكان الباء حرف لين لكان وصلها بالواو أقبح، نحو: عليهو، لاجتماع حروف متقاربة مع أن الهاء، ليس بحاجز قوي في الفصل، واجتماع المتقاربة في الكراهة كاجتماع الأمثال.
قال: وقرأ نافع: أرجه وأخاه بكسر الهاء، ولا يبلغ بها الياء، ولا يهمز. هذه رواية المسيّبي وقالون.
وروى ورش: أرجهي يصلها بياء، ولا يهمز بين الجيم والهاء.
وكذلك قال إسماعيل بن جعفر.
[قال أبو علي]: وصل الهاء بياء إذا قال: أرجهي لأنّ هذه الهاء توصل في الإدراج بواو أو ياء، نحو: بهو أو بهي وضربهو، ولا تقول في الوصل: به، ولا به، ولا ضربه
[الحجة للقراء السبعة: 4/61]
حتّى. تشبع فتقول: بهو فاعلم، وبهي داء، أو: بهو داء، إلّا في ضرورة شعر كقوله:
وما له من مجد تليد قال: وقرأ ابن عامر: أرجئه وأخاه في رواية هشام ابن عمّار مثل أبي عمرو، وفي رواية ابن ذكوان كسرها بالهمز.
[قال أبو علي]: كسر الهاء مع الهمز غلط، لا يجوز، وإنّما يجوز إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة، ولو خفّف الهمزة فقلبها ياء فقال: أرجيه، فكسر الهاء؛ لم يستقم، لأنّ هذه الياء في تقدير الهمزة؛ فكما لم يدغم نحو: رؤيا، إذا خفّفت الهمزة، لأنّ الواو في تقدير الهمزة، كذلك لا يحسن تحريك الهاء بالكسر مع الياء المنقلبة عن الهمز.
وقياس من قال: ريّا، فأدغم، أن يحرّك الهاء أيضا بالكسر، وعلى هذا المسلك قول من قال: أنبيهم [البقرة/ 33] إذا كسر الهاء مع قلب الهمزة ياء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/62]
قال: واختلف عن عاصم، فروى هارون بن حاتم عن حسين الجعفي عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ مثل قراءة أبي عمرو أرجئه مهموز.
وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم أنه كان ربّما همزها ورفع الهاء.
وروى أبان عن عاصم: أرجه جزم، [قال أبو علي]: وهذا لأنّه قد جاء في أرجأت لغتان: أرجأت، وأرجيت، وإذا قال: أرجه كان من أرجيت). [الحجة للقراء السبعة: 4/63]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا أرجه وأخاه}
قرأ ابن كثير وهشام عن ابن عامر (أرجئه) مهموزة بواو بعد الهاء في اللّفظ واصل هذه الهاء الّتي للمضمر أن تكون مضمومة
[حجة القراءات: 289]
بعدها واو كقولك ضربتهو يا فتى ومررت بهويا فتى زعم سيبويهٍ أن الواو زيدت على الهاء في المذكر كما زيدت الألف في المؤنّث كقولك ضربتها ومررت بها ليستوي المذكر والمؤنث في باب الزّيادة وعلامة الأمر في أرجئهو سكون الهمزة
وقرأ أبو عمرو (وأرجئه) مضمومة الهاء من غير إشباع اكتفاء بالضمة عن الواو لأنّها نابت عن الواو وأخرى أن الهاء ليست بحاجز حصين فكأن السّاكن الّذي قبلها ملاق للساكن الّذي بعدها فتحذف الواو كما يحذف السّاكن عند ملاقاة ساكن
وقرأ نافع والكسائيّ (أرجهي) بغير همزة وبجر الهاء يصلان بياء والأصل في هذه الهاء الضمة كما ذكرنا ولكنهم قلبوا الواو ياء لانكسار ما قبلها أعني كسرة الجيم وإنّما اختار الكسرة على الضمة الّتي هي الأصل لاستثقال الضمة بعد الكسرة ألا ترى أنه رفض في اصل البناء فلم يجئ بناء على فعل مضمومة العين بعد كسرة الفاء
وقرأ الحلواني عن نافع {أرجه} بكسر الهاء من غير إشباع وحجته هي أن الكسرة تدل على الياء وتنوب كما قال {أكرمن} و{أهانن} والأصل أكرمني وأهانني
وقرأ عاصم وحمزة {أرجه} بترك الهمزة وسكون الهاء وحجتهما ذكرها الفراء قال إن من العرب من يسكن الهاء إذ تحرّك ما قبلها فيقول ضربته ضربا شديدا فينزلون الهاء وأصلها الضمة بمنزلة أنتم وأصل الميم الرّفع ولم يصلوها بواو والّذي يدل على ما قال
[حجة القراءات: 290]
أنّك تردها إلى الأصل مع المضمر فتقول رأيتموه قال الله تعالى {فقد رأيتموه وأنتم تنظرون} فأجريا الهاء وأصلها الضّم مجرى الميم قال الشّاعر:
فيصلح اليوم ويفسده غدا
وقرأ ابن عامر (أرجئه) بالهمز وكسر الهاء من غير إشباع
قال أهل النّحو هذا غلط لأن الكسرة لا تجوز في الهاء إذا سكن ما قبلها نحو منهم بكسر الهاء قال وإنّما يجوز كسر الهاء إذا كان ما قبلها ياء أو كسرة فتكسر الهاء لأجلهما وله وجه قد ذكره بعض النّحويين قال إن الهمزة لما سكنت للجزم وبعدها الهاء ساكنة على لغة من يسكن فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وليس هذا كقولهم منهم لأن الهاء هنالك لا تكون إلّا متحركة). [حجة القراءات: 291]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (29- قوله: {أرجه وأخاه} قرأه ابن كثير وهشام بهمزة ساكنة، ويصلان الهاء بواو في الوصل، وكذلك قرأ أبو عمرو، غير أنه يضم الهاء، ولا يصلها بواو، وقرأ ابن ذكوان بهمزة ساكنة وبكسر الهاء، من غير أن يصلها بياء، وكذلك قرأ قالون، غير أنه لم يهمز، وقرأ ورش والكسائي بغير همز، ويصلان الهاء بياء في الوصل، وقرأ حمزة وعاصم بإسكان الهاء، من غير همز، ومثله الاختلاف في الشعراء، والهمز في هذا الفعل وتكره لغتان، يقال: أرجيته وأرجأته، بمعنى: أخرته وإسكان الهمزة فيه أو حذف الياء علم البناء على قول البصريين، وعلم الجزم على قول الكوفيين، فأما الهاء فأصلها أن توصل بواو، على ما تقدم من العلة، فمن أثبت الواو أتى به على الأصل، فاعتد بالهاء حاجزًا بين الهمزة والواو.
ومن حذف الواو ولم يعتد بالهاء حاجزًا لخفائها، فحذف الواو لالتقاء الساكنين على مذهب سيبويه وأكثر البصريين، وقيل حذفت الواو
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/470]
استخفافًا، واكتفى بالضمة الدالة عليها، ومن وصل الهاء بياء أبدل من ضمة الهاء كسرة للكسرة التي قبلها، فانقلبت الواو ياء، ومن حذف الياء فعلى وجه العلة في حذف الواو، ومن أسكن الهاء فعلى نية الوقف عليها، أو على توهم أنها لام الفعل، فأسكن للبناء أو للجزم، وكل هذا في إسكان الهاء ضعيف، على ما ذكرنا من العلل المذكورة في إسكان الهاء في «يؤده» و«لا يؤده» و«نصله» و«نوله»، والإسكان أضعف القراءات في هذه الكلمة، لما ذكرنا في «نوله، ونصله» والاختيار ترك الهمز وصلة الهاء بياء؛ لأنك إذا لم تهمز تحرك ما قبل الهاء، فلا تقدر فيه اجتماع ساكنين.
فأما من حذف الياء، ولم يهمز، فإنه أجرى الكلمة على أصلها قبل حذف الياء الأولى، فكأنه حذف الياء الثانية لسكونها وسكون الياء الأولى، ثم حذف الياء الأولى للبناء وللجزم، فبقيت الثانية على حذفها، ولم يعتد بحذف الياء الأولى، وقد تقدم بسط هذا وشرحه، وكلهم وقف على هاء دون ياء أو واو، والروم والإشمام جائزان فيها، في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وهشام؛ لأن قبلها ساكنًا، لا يشبه حركتها، والروم، في قراءة ابن ذكوان جائز، ولا يجوز الروم في قراءة الكسائي وورش وقالون لأن حركة الهاء حركة كحركة ما قبلها، وهي خفية، فكأن حركة ما قبلها عليها على ما قدمنا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/471]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {أَرْجِئهْو وَأَخَاهُ} [آية/ 111]، بالهمز وضم الهاء وإثبات الواو: -
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه أمر من أرجـأت الأمر إذا أخرته، فالأصل فيه الهمز، والهاء أصله الضم أيضا وأن يتصل به واو بعده، فأجراه ابن كثير على الأصل في إلحاق الواو، لأنه جعل الهاء فاصلاُ بين الساكنين فلم يجتمعا.
وقرأ أبو عمرو وعاصم -ياش- ويعقوب وأرجئه بالهمز وضم الهاء ضمه غير مشعبة. والوجه أنه مجرى على الأصل في إثبات الهمزة وضم الهاء، فإن ضم الهاء فيما سكن ما قبله إذا لم يكن بياء لا يجوز في العربية غيره.
وأما ترك إلحاق الواو للهاء، فلأجل أن الهاء حرف خفي، وليس بحاجز حصين، فلو ألحق الواو وما قبل الهاء ساكن، كان كأن الساكنين التقيا؛ لأن الهاء كأنه لم يعتد به، وهذه القراءة أحسن في العربية من الأولى.
وقرأ نافع {أَرْجِهْ} بلا همز وبكسر الهاء كسرة مختلسة.
[الموضح: 543]
والوجه أنه أمر من أرجيت الأمر بالياء، فقد جاء أرجأت وأرجيت بمعنى واحد، والأمر منه أرج، ثم ألحق الهاء الضمير المفعول به، فكسر لكسرة ما قبله، وهذا الهاء قد يلحق به ياء مكان الواو إذا انكسر ما قبله، نحو قولك: بهي داء، وقد يحذف الياء ويكتفى بالكسرة عن الياء، إلا أن إلحاق الياء في مثل هذا أحسن، وقد جاء في الشعر بغير ياء، قال:
36- فإن يك غثًا أو سمينًا فإنني سأجعل عينيه لنفسه مقنعا
فحذف الياء من نفسه، واختلس الكسرة اكتفاء بها عن الياء.
وقرأ الكسائي و- ش - و- يل - عن نافع {أَرْجِهِي} غير مهموز وبكسر الهاء وإلحاق الياء به.
والوجه هو ما ذكرنا أنه أحسن من قراءة نافع، وذلك لأن هذه الياء والواو يحذفان من الهاء إذا سكن ما قبل الهاء، لما ذكرنا من أنه يكون حينئذ في تقدير التقاء الساكنين، فأما إذا لم يسكن ما قبل الهاء فلا موجب لحذف الياء، وههنا تحرك ما قبل الهاء، فلهذا كان الاختيار هو إثبات الياء.
وقرأ حمزة و-ص- عن عاصم {أَرْجِهْ} ساكنة الهاء غير مهموزة.
والوجه أنه من أرجيت كما سبق، وإسكان هاء الضمير هو على تشبيه المنفصل بالمتصل، وذلك أنه شبه قوله جه من {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} في قراءة من
[الموضح: 544]
قرأ بها بإبل وإطل، فأسكن الأوسط وهو الهاء، كما أسكن الأوسط من إبل، فقالوا: إبل، ومن إطل فقالوا: إطل.
وقرأ ابن عامر {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} بالهمز وكسر الهاء كسرة خفيفة.
وهذا لا يرتضيه النحويون، فإنهم لا يجوزون كسر الهاء، إلا إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة. فأما إذا كان قبلها ساكن غير الياء فلا، والعذر لهذه القراءة أنه لما رأى هذه الهمزة يجوز أن تخفف فتصير إلى الياء، أجراها غير مخففة مجراها مخففة، فكسر الهاء بعدها كما يكسرها بعد الياء، وهذا كما قال النابغة:
37- كليني لهم يا أميمة ناصب
في رواية من روى بفتح التاء من أميمة؛ لأنه نوى فيه الترخيم ولم يرخم، ولو رخم لكان يا أميم بالفتح، فأجراها غير مرخمة مجراها مرخمة، وهو مع هذا بعيد.
ويجوز أن يكون ابن عامر إنما كسر الهاء من {أَرْجِئهْ} مع إثبات الهمزة
[الموضح: 545]
لكسرة الجيم ولم يعتد بالساكن الذي هو الهمزة لكونه ساكنًا، كما قلبوا الواو في قنية ياء لكسرة القاف، وإن كان بينهما ساكن، فإن الأصل قنوة). [الموضح: 546]
قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112).
قرأ حمزة والكسائي (بكلّ سحّارٍ) ها هنا وفي يونس والشعراء، وقرأ الباقون ها هنا وفي يونس (ساحرٍ عليمٍ) فاعل، وفي الشعراء (سحّارٍ).
قال أبو منصور: من قرأ (سحّارٍ) فهو أبلغ من (ساحرٍ) والقراءتان كلتاهما جيدتان). [معاني القراءات وعللها: 1/416]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- وقوله تعالى: {بكل ساحر عليهم} [112].
قرأ حمزة والكسائي {سحار} مشددًا على فعال بتأخير الألف في جميع القرآن.
وقرأ الباقون {ساحر} إلا في {الشعراء} فإنهم أجمعوا على {سحار عليم} إذا كانت كذلك كتبت في المصحف، وسحار أبلغ من ساحر؛ لأنه لمن تكرر الفعل منه، ففاعل يصلح لزمانين للحال والاستقبال، فإذا شددت دل على المضي، تقديره: إنه سحر مرة بعد مرة كقولك: آتيك برجل خارج إلى مكة أي: سيخرج. فإذا قلت: آتيتك برجل خراج إلى مكة أي: قد خرج مرة بعد أخرى قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/199]
قد كنت خراجا ولوجا صيرفا = لم تلتحصني حيص بيص لحاص
أي: في بلاد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/200]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: يأتوك بكل ساحر عليم [الأعراف/ 112].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر في الأعراف وفي يونس [79]: بكل ساحر عليم بالألف قبل الحاء. وقرءوا في [الشعراء/ 37] سحار* بألف بعد الحاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/63]
وقرأ حمزة والكسائيّ ثلاثتهنّ سحار* بألف بعد الحاء.
[قال أبو علي]: من حجة من قال: ساحر قوله: ما جئتم به السحر [يونس/ 81]، والفاعل من السّحر، ساحر يدلّك على ذلك قوله: فألقي السحرة ساجدين [الأعراف/ 120]. ولعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم.. [الشعراء/ 40].
والسّحرة جمع ساحر، ككاتب وكتبة، وفاجر وفجرة.
ومن حجّتهم: سحروا أعين الناس [الأعراف/ 116]، واسم الفاعل على سحروا: ساحر.
ومن حجّة من قال: سحار*، أنّه قد وصف بعليم، ووصفه به يدلّ على تناهيه فيه، وحذقه به؛ فحسن لذلك أن يذكروا بالاسم الدّالّ على المبالغة في السحر). [الحجة للقراء السبعة: 4/64]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يأتوك بكل ساحر عليم}
قرأ حمزة والكسائيّ {بكل سحار عليم} بالألف بعد الحاء وكذلك في يونس وحجتهما إجماع الجميع على قوله في سورة الشّعراء {بكل سحار عليم} ولا فرق بينهما وبين ما أجمعوا عليه فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه وأخرى أن سحارا أبلغ من ساحر وأشد مبالغة في الوصف من ذلك علام أبلغ من عالم فكذلك سحار أبلغ من ساحر
[حجة القراءات: 291]
وقرأ الباقون {يأتوك بكل ساحر} الألف قبل الحاء وحجتهم إجماعهم على قوله {ولا يفلح السّاحر حيث أتى} ). [حجة القراءات: 292]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {بكل ساحر} قرأ حمزة والكسائي «سحار» على وزن «فعال»، هنا وفي يونس؛ لأن فيه معنى المبالغة ولأنهم قد أجمعوا على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/471]
«سحار» في الشعراء فجرى هذا عليه، ويقوي ذلك أنه قد وصفه بـ «عليم»، فدل على التناهي في علم السحر، و«فعال» من أبنية المبالغة والتناهي، وقرأ الباقون «ساحر» على وزن «فاعل»، كما قال تعالى: {فألقي السحرة} «طه 70»، ولعلنا نتبع السحرة} «الشعراء 40»، والسحرة جمع ساحر، ككاذب وكذبة، وفاجر وفجرة، وقوله: {سحروا أعين الناس} «الأعراف 116» يدل على ذلك، لأن اسم الفاعل من «سحر» «ساحر» وأمالهما الدوري عن الكسائي وحده على أصله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/472]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحٌارٍ} [أية/ 112]، بتشديد الحاء على فعال:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في يونس، والكل قرأ في الشعراء {سَحٌارٍ} بلا خلاف.
والوجه أن المراد به الكثير السحر؛ لأن بناء فقال إنما هو للمبالغة في الفعل، وضع لمن يكثر منه الفعل ويتكرر، وقد وصف الله تعالى هؤلاء السحرة بقوله تعالى {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} فلهذا وصفوا ههنا بالمبالغة في السحر.
وقرأ الباقون {سَاحِرٍ} بتخفيف الحاء، وألف قبل الحاء، على بناء فاعل في السورتين.
والوجه أن ساحرًا قد يراد به ما يراد بسحار، وذلك أن لفظ فاعل يتضمن الجنسية، وهو قد يطلق على الكثير؛ لأنه مأخوذ من المصدر، والمصدر جنس، فقد يجوز أن يتضمن ساحر ما يتضمنه سحار من الكثرة). [الموضح: 546]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين