تفسير قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ رفعه: {ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} يذكر اللّه لرؤيتهم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 72-73]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا ابن مهديٍّ، عن سفيان، عن العلاء بن المسيّب، عن أبي الضّحى في قوله: {ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} قال: هم الّذين إذا رؤوا ذكر اللّه). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 389]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}
- أخبرنا حفص بن عمر، حدّثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، عن يعقوب، وأخبرنا إبراهيم بن يعقوب، حدّثنا عثمان بن زفر، حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سئل وقال إبراهيم: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أولياء الله؟ قال: «الّذين إذا رءوا ذكر الله»
- أخبرنا واصل بن عبد الأعلى، أخبرنا محمّد بن فضيلٍ، عن أبيه، وعمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ من العباد عبادًا يغبطهم الأنبياء والشّهداء» قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «هم قومٌ تحابّوا بروح الله على غير أموالٍ ولا أنسابٍ، وجوههم نورٌ - يعني على منابر من نورٍ، لا يخافون إن خاف النّاس، ولا يحزنون إن حزن النّاس» ثمّ تلا هذه الآية {ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} [يونس: 62]).
[السنن الكبرى للنسائي: 10/124]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.
يقول تعالى ذكره: ألا إنّ أنصار اللّه لا خوفٌ عليهم في الآخرة من عقاب اللّه؛ لأنّ اللّه رضي عنهم فآمنهم من عقابه، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدّنيا.
والأولياء جمع وليٍّ، وهو النّصير وقد بيّنّا ذلك بشواهده.
واختلف أهل التّأويل فيمن يستحقّ هذا الاسم، فقال بعضهم: هم قومٌ يذكر اللّه لرؤيتهم لما عليهم من سيما الخير والإخبات.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن يمانٍ، قال: حدّثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} قال: الّذين يذكر اللّه لرؤيتهم.
- حدّثنا أبو كريبٍ، وأبو هشامٍ، قالا: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن العلاء بن المسيّب، عن أبي الضّحى، مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن العلاء بن المسيّب، عن أبيه، {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} قال: الّذي يذكر اللّه لرؤيتهم.
- قال: حدّثنا ابن مهديٍّ وعبيد اللّه، عن سفيان، عن العلاء بن المسيّب، عن أبي الضّحى، قال: سمعته يقول في هذه الآية: {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} قال: من النّاس مفاتيح إذا رؤوا ذكر اللّه لرؤيتهم.
- قال: حدّثنا أبي، عن مسعرٍ، عن سهل أبي الأسد، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أولياء اللّه، فقال الّذين إذا رؤوا ذكر اللّه.
- قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه، {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} قال: الّذين إذا رؤوا ذكر اللّه لرؤيتهم.
- قال: حدّثنا أبو يزيد الرّازيّ، عن يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: قال: هم الّذين إذا رؤوا ذكر اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا فراتٌ، عن أبي معبدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: سئل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن أولياء اللّه، قال: هم الّذين إذا رؤوا ذكر اللّه.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، في قوله: {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} الآية، قال: إنّ وليّ اللّه إذا رئي ذكر اللّه.
وقال آخرون في ذلك بما:
- حدّثنا أبو هاشمٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، قال: حدّثنا أبي، عن عمارة بن القعقاع الضّبّيّ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ البجليّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ من عباد اللّه عبادًا يغبطهم الأنبياء والشّهداء. قيل: من هم يا رسول اللّه، فلعلّنا نحبّهم؟ قال: هم قومٌ تحابّوا في اللّه من غير أموالٍ ولا أنسابٍ، وجوههم من نورٍ، على منابرٍ من نورٍ، لا يخافون إذا خاف النّاس، ولا يحزنون إذا حزن النّاس، وقرأ: {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن عمر بن الخطّاب، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ من عباد اللّه لأناسًا ما هم بأنبياء، ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشّهداء يوم القيامة بمكانهم من اللّه. قالوا: يا رسول اللّه أخبرنا من هم، وما أعمالهم، فإنّا نحبّهم لذلك؟ قال: هم قومٌ تحابّوا في اللّه بروح اللّه على غير أرحامٍ بينهم ولا أموالٍ يتعاطونها، فواللّه إنّ وجوههم لنورٌ، وإنّهم لعلى نورٍ، لا يخافون إذا خاف النّاس ولا يحزنون إذا حزن النّاس. وقرأ هذه الآية: {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.
- حدّثنا بحر بن نصرٍ الخولانيّ، قال: حدّثنا يحيى بن حسّان، قال: حدّثنا عبد الحميد بن بهرام، قال: حدّثنا شهر بن حوشبٍ، عن عبد الرّحمن بن غنمٍ، عن أبي مالكٍ الأشعريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يأتي من أفناء النّاس ونوازع القبائل قومٌ لم يتّصل بينهم أرحامٌ متقاربةٌ، تحابّوا في اللّه وتصافوا في اللّه؛ يضع اللّه لهم يوم القيامة منابر من نورٍ فيجلسهم عليها، يفزع النّاس فلا يفزعون، وهم أولياء اللّه الّذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: الوليّ، أعني وليّ اللّه، هو من كان بالصّفة الّتي وصفه اللّه بها، وهو الّذي آمن واتّقى، كما قال اللّه {الّذين آمنوا وكانوا يتّقون}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، كان ابن زيدٍ يقول.
- حدّثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} من هم يا ربّ؟ قال: {الّذين آمنوا وكانوا يتّقون} قال: أبى أن يتقبّل الإيمان إلاّ بالتّقوى).
[جامع البيان: 12/208-213]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون (62)
قوله تعالى: ألا إنّ أولياء اللّه
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد الرّحمن بن غنمٍ أنّ أبا مالكٍ الأشعريّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا قضى صلاته أقبل على النّاس، فقال: إنّ للّه عبادًا، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النّبيّون والشّهداء على مجالسهم وقربهم من اللّه، فجثى رجلٌ من الأعراب فقال: يا نبيّ اللّه انعتهم لنا عليم لنا؟ شكّلهم لنا فسرّ وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لسؤال الأعرابيّ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، هم ناسٌ من النّاس ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحامٌ متقاربةٌ تحابّوا في اللّه وتصافوا بصفو اللّه لهم يوم القيامة منابر من نورٍ فيجلسون عليها، وجوههم نورٌ وثيابهم نورٌ يفزع النّاس يوم القيامة، ولا يفزعون وهم أولياء اللّه، ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
- حدّثنا أبي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرٍو، عن عمر بن الخطّاب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ من عباد اللّه لأناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشّهداء يوم القيامة بمكانهم من اللّه قالوا: يا رسول اللّه أخبرنا ما هم وما أعمالهم إنا نحبهم: لذلك قال: هم قومٌ تحابّوا بروح اللّه على غير أرحامٍ بينهم ولا أموالٍ يتقاضونها، واللّه إنّ وجوههم لنورٌ وإنّهم لعلى نورٍ، لا يخافون إذا خاف النّاس ولا يحزنون إذا حزن النّاس ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن عمر بن محمّد بن أبان، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون قال: يذكر اللّه لرؤيتهم.
- حدّثنا كثير بن شهابٍ القزوينيّ، ثنا محمّد بن سعيد، سابقٌ، ثنا يعقوب الأشعريّ، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال رجلٌ: يا رسول اللّه، من أولياء اللّه؟ قال: الّذين إذا رأوا ذكر اللّه عزّ وجلّ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى بن عمر الواسطيّ، حدّثني محمّد بن الحسن، ثنا أحمد بن محمّدٍ هو ابن حنبلٍ ثنا غوث بن جابرٍ قال: سمعت محمّد بن داود عن أبيه، عن وهبٍ قال: قال الحواريّون: يا عيسى من أولياء اللّه الّذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون؟ قال عيسى عليه الصّلاة والسّلام: الّذين نظروا إلى باطن الدّنيا حين نظر النّاس إلى ظاهرها والّذين نظروا إلى آجل الدّنيا حين نظر النّاس إلى اجلها وأماتوا منها ما يخشون أن يمتهم، وتركوا ما علموا أن سيتركهم فصار استكثارهم منها استقلالا وذكرهم إيّاها فواتًا وفرحهم بما أصابوا منها حزنًا وما عارضهم من نائلها ورفضوه وما عارضهم من رفعتها بغير الحقّ وضعوه له خلت الدّنيا عندهم فليسوا يجدّدونها وخربت بينهم فليسوا يعمرونها وماتت في صدورهم فليسوا يحيونها يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم، رفضوها فكانوا برفضها الفرحين، باعوها وكانوا ببيعها هم المربحين، ونظروا إلى أهلها صرعى قد حلت فيهم المثلات وأحيوا ذكر الموت وأماتوا ذكر الحياة، يحبّون اللّه تعالى ويستضيئون بنوره ويضيئون به، لهم خبرٌ عجيبٌ، وعندهم الجزاء العجيب، بهم قام الكتاب، وبه قاموا وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا وبهم علم الكتاب وبه علموا، ليسوا يرون نائلا مع ما نالوا ولا أماني دون ما يرجون، ولا خوفًا دون ما يحذرون.
قوله تعالى: لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون يعني: في الآخرة ولا هم يحزنون يعني: لا يحزنون للموت).
[تفسير القرآن العظيم: 6/1963-1965]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم} [يونس: 62].
- عن ابن عبّاسٍ «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - {ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} [يونس: 62] قال: يذكر اللّه بذكرهم».
رواه الطّبرانيّ عن شيخه الفضل بن أبي روحٍ، ولم أعرفه، وبقيّة رجاله ثقاتٌ).
[مجمع الزوائد: 7/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 62 - 63
أخرج أحمد في الزهد، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب قال: قال الحواريون: يا عيسى من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال عيسى عليه السلام: الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها والذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها وأماتوا منها ما يخشون أن يميتهم وتركوا ما علموا أن سيتركهم فصار استكثارهم منها استقلالا وذكرهم إياها فواتا وفرحهم بما أصابوا منها حزنا وما عارضهم من نائلها رفضوه وما عارضهم من رفعتها بغير الحق وضعوه خلقت الدنيا عندهم فليس يجددونها وخربت بينهم فليس يعمرونها وماتت في صدورهم فليس يحبونها يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ويرفضونها فكانوا برفضها هم الفرحين وباعوها فكانوا ببيعها هم المربحين ونظروا إلى أهلها صرعى قد خلت فيهم المثلات فأحبوا ذكر الموت وتركوا ذكر الحياة يحبون الله تعالى ويستضيئون بنوره ويضيئون به لهم خبر عجيب وعندهم الخبر العجيب بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا وبهم علم الكتاب وبه علموا وليس يرون نائلا مع ما نالوا ولا أماني دون ما يرجون ولا خوفا دون ما يحذرون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قيل: من هم يا رب ؟ قال: (الذين أمنوا وكانوا يتقون)
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) قال: هم الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا وموقوفا {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال هم الذين إذا رؤوا يذكر الله لرؤيتهم.
وأخرج ابن المبارك، وابن أبي شيبة، وابن جرير وأبو الشيخ، وابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال يذكر الله لرؤيتهم.
وأخرج ابن المبارك والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبزار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل يا رسول الله من أولياء الله قال الذين إذا رؤوا ذكر الله
وأخرج أبو الشيخ من طريق مسعر عن سهل بن الأسد رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله قال الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج ابن مردويه من طريق مسعر بن بكر بن الأخنس عن سعد رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولياء الله قال الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الضحى رضي الله عنه في قوله {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال: هم الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج أحمد، وابن ماجة والحكيم الترمذي، وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخياركم قالوا: بلى، قال: خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة بقربهم ومجلسهم منه فجثا أعرابي على ركبيته فقال: يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا، قال: قوم من أفناء الناس من نزاع القبائل تصادقوا في الله وتحابوا في الله يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم يخاف الناس ولا يخافون هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي عن عمرو بن الجموح رضي الله عنه أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحق للعبد حق صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله تعالى فإذا أحب لله وأبغض لله فقد استحق الولاء من الله وإن أوليائي من عبادي وأحبأئي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه يبلغ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله وشر عباد الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون البرآء العنت.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خياركم من ذكركم الله رؤيته وزاد في علمكم منطقه ورغبكم في الآخرة عمله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل: يا رسول الله أي جلسائنا خير قال: من ذكركم الله رؤيته وزاد في أعمالكم منطقه وذكركم الآخرة عمله.
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله أينا
أفضل كي نتخذه جليسا معلما قال: الذي إذا رئي ذكر الله برؤيته.
وأخرج أبو داود وهناد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله ناسا يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل: من هم يا رسول الله قال: قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب لا يفزعون إذا فزع الناس ولا يحزنون إذا حزنوا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله عبادا يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله، قيل: من هم يا رسول الله قال: قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج أحمد، وابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله، قال أعرابي يا رسول الله انعتهم لنا، قال: هم أناس من أبناء الناس ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتصافوا في الله يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها يفزع الناس ولا هم يفزعون وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتجالسين في الذين يعمرون مساجدي بذكري ويعلمون الناس الخير ويدعونهم إلى طاعتي أولئك أوليائي الذين أظلهم في ظل عرشي وأسكنهم في جواري وآمنهم من عذابي وأدخلهم الجنة قبل الناس بخمسمائة عام يتنعمون فيها وهم فيها خالدون ثم قرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال الذين يتحابون في الله.
وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} قال هم الذين يتحابون في الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن أبي مسلم رضي الله عنه قال: لقيت معاذ بن جبل رضي الله عنه بحمص فقلت: والله إني لأحبك لله، قال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم لمكانهم النبيون والشهداء ثم خرجت فلقيت عبادة بن الصامت رضي الله عنه فحدثته بالذي قال معاذ فقال عبادة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه عز وجل أنه قال: حقت محبتي للمتحابين في وحقت محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن مسعود رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للمتحابين في الله تعالى عمودا من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة يضيء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس أهل الدنيا يقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا حتى ننظر إلى المتحابين في الله فإذا أشرفوا عليها أضاء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا عليهم ثياب خضر من سندس مكتوب على جباههم هؤلاء المتحابون في الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط رضي الله عنه أنبئت أن عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - قوما على منابر من نور وجوههم نور عليهم ثياب خضر تغشي أبصار الناظرين رؤيتهم ليسوا بأنبياء ولا شهداء قوم تحابوا في جلال الله حين عصي الله في الأرض.
وأخرج ابن أبي شيبة عن العلاء بن زياد رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال عباد من عباد الله ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة يقربهم من الله على منابر من نور يقول الأنبياء والشهداء: من هؤلاء فيقول: هؤلاء كانوا يتحابون في الله على غير أموال يتعاطونها ولا أرحام كانت بينهم
وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المتحابين لنرى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي فيقال: من هؤلاء فيقال: المتحابون في الله تعالى).
[الدر المنثور: 7/671-680]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين آمنوا وكانوا يتّقون}.
يقول تعالى ذكره: الّذين صدقوا اللّه ورسوله، وما جاء به من عند اللّه، وكانوا يتّقون اللّه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.
وقوله: {الّذين آمنوا} من نعت الأولياء. ومعنى الكلام: ألا إنّ أولياء اللّه الّذين آمنوا وكانوا يتّقون، لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
فإن قال قائلٌ: فإذ كان معنى الكلام ما ذكرت عندك أفي موضع رفعٍ الّذين آمنوا أم في موضع نصبٍ؟
قيل: في موضع رفعٍ، وإنّما كان كذلك وإن كان من نعت الأولياء لمجيئه بعد خبر الأولياء، والعرب كذلك تفعل خاصّةً في إنّ، إذا جاء نعت الاسم الّذي عملت فيه بعد تمام خبره رفعوه، فقالوا. إنّ أخاك قائمٌ الظّريف، كما قال اللّه: {قل إنّ ربّي يقذف بالحقّ علام الغيوب} وكما قال: {إنّ ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النّار}.
وقد اختلف أهل العربيّة في العلّة الّتي من أجلها قيل ذلك كذلك، مع أنّ إجماع جميعهم على أنّ ما قلناه هو الصّحيح من كلام العرب؛ وليس هذا من مواضع الإبانة عن العلل الّتي من أجلها قيل ذلك كذلك).
[جامع البيان: 12/213-214]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين آمنوا وكانوا يتّقون (63)
قوله تعالى: الّذين آمنوا وكانوا يتّقون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ألا إنّ أولياء اللّه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون قال: قال: من هم يا ربّ؟ قال: الّذين آمنوا وكانوا يتّقون أي: لا يقبل الإيمان إلا بالتّقوى).
[تفسير القرآن العظيم: 6/1965]
تفسير قوله تعالى: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني طلحة أيضا أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: {لهم البشرى في الحياة الدنيا}، قال: الرؤيا الصالحة يراها المسلم لنفسه أو ترى له، والرؤيا جزءٌ من سبعة وأربعين جزء من النبوة).
[الجامع في علوم القرآن: 1/91]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن هذه الآية: {لهم البشرى في الحياة الدنيا}، قال: هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له).
[الجامع في علوم القرآن: 1/111]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني سليمان بن بلالٍ عن شريك بن عبد اللّه عن عيسى بن طلحة بن عبيد اللّه أنّ رجلا سأل رسول اللّه عن قول الله: {الذين آمنوا وكانوا (63) يتّقون لهم البشرى في الحياة الدّنيا وفي الآخرة}، فقال رسول اللّه: ما سئلت عنها بعد، ولقد كنت أحبّ أن أسأل عنها، فقال رسول اللّه: البشرى في الحياة الدّنيا الرّؤيا الصّالحة يراها الرّجل المسلم أو ترى له، وفي الآخرة الجنّة).
[الجامع في علوم القرآن: 2/44-45]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله لهم البشرى في الحياة الدنيا قال البشارة عند الموت قال معمر وقال الزهري البشارة عند الموت).
[تفسير عبد الرزاق: 1/296]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن يحيى بن أبي كثير يرويه عن النبي لهم البشرى في الحياة الدنيا قال الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له).
[تفسير عبد الرزاق: 1/296]