شرح أبي سليمان الخطابي (ت:388هـ)
قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): (ومن ذلك قولهم:
(الديان): وهو المجازي. يقال: دنت الرجل؛ إذا جزيته، أدينه. والدين: الجزاء. ومنه المثلى: (كما تدين تدان) والديان أيضًا: الحاكم. ويقال: من ديان أرضكم؟ أي: من الحاكم بها؟
[40] وقال أعشى بن مازن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه.
يا سيد وديان العرب
ومما جرت به عادة الحكام في تغليظ الأيمان وتوكيدها، إذا حلفوا الرجل لخصمه، أن يقولوا: بالله الطالب الغالب المهلك المدرك في نظائرها، وليس يستحق شيء من هذه الأمور أن يطلق في باب صفات الله جل وعز وأسمائه، وإنما استحسنوا ذكرها في الأيمان ليقع الردع بها فتكون أدنى للحالف أن لا يستحل حق أخيه بيمين كاذبة لأنه إذا توعد بالطالب والغالب، استشعر الخوف، وارتدع عن الظلم، إذ كان يعلم أن الله تعالى سيطالبه بحق أخيه، وأنه سيغلبه على انتزاعه منه، ويقهره عليه. وإذا قال: ألمهلك المدرك، علم أنه يدركه إذا طلبه، ويهلكه إذا عاقبه. وإنما إضافة هذه الأفعال إليه على معنى المجازاة منه لهذا الظالم على ما يرتكبه من الإثم، وعلى ما يستبيحه من حق أخيه المسلم. ولو جاز أن يعد ذلك في أسمائه وصفاته، لجاز أن يعد في أسمائه: المخزي، والمضل؛ لأنه قال: {وأن الله مخزي الكافرين} [التوبة: 2]. وقال كذلك: {يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} [المدثر: 31] فإذا لم يصح أن يدخل مثل هذا في صفاته؛ لأنه كلام لم يرصد للمدح والثناء به عليه، لم يصح كذلك أن يعد منها سائر ما تقدم ذكره – والله أعلم -).[شأن الدعاء: 105-107]