التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما يستوي البحران هذا عذبٌ فراتٌ} [فاطر: 12] حلوٌ.
{سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاجٌ} [فاطر: 12] مرٌّ.
{ومن كلٍّ} [فاطر: 12] من العذب والمالح.
{تأكلون لحمًا طريًّا} [فاطر: 12]، يعني: الحيتان.
{وتستخرجون حليةً تلبسونها} [فاطر: 12] اللّؤلؤ.
{وترى الفلك فيه مواخر} [فاطر: 12] مقبلةً ومدبرةً بريحٍ واحدةٍ.
وقال بعضهم: تمخر تشقّ الماء.
{لتبتغوا من فضله} [فاطر: 12] طلب التّجارة في البحر، وهو تفسير مجاهدٍ.
قال: {ولعلّكم تشكرون} [فاطر: 12] ولكي تشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/782]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ومن كلٍّ تأكلون لحماً طريّاً...}
يريد: من البحرين جميعاً: من الملح , والعذب. {وتستخرجون حليةً}: من الملح دون العذب.
وقوله: {وترى الفلك فيه مواخر} , ومخرها: خرقها للماء إذا مرّت فيه، واحدها : ماخرة.).[معاني القرآن: 2/368]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({هذا عذب فراتٌ سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاجٌ}: الفرات : أعذب العذب , والاجاج : أملح الملوحة.
{فيه مواخر }: تقديرها فواعل من " مخرت السفن الماء " , والمعنى: شقّت.). [مجاز القرآن: 2/153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وترى الفلك فيه مواخر} : أي:جواري, ومخرها: خرقها للماء). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان ولأحدهما فعل فيجعل الفعل لهما:
كقوله سبحانه: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}.
روي في التفسير: أن النّاسي كان يوشع بن نون ويدلّك قوله لموسى، صلّى الله عليه وسلم: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}.
وقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} والرسل من الإنس دون الجن.
وقوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} ثم قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} . واللؤلؤ والمرجان إنما يخرجان من الماء الملح لا من العذب.
وكذلك قوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}.
وقد غلط في هذا المعنى أبو ذؤيب الهذليّ ولا أدري أمن جهة هذه الآيات غلط
أم من غيرها؟ قال يذكر الدّرّة:
فجاء بها ما شئت من لطميّة = يدوم الفرات فوقها ويموج
والفرات لا يدوم فوقها وإنما يدوم الأجاج). [تأويل مشكل القرآن: 286-288] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كلّ تأكلون لحما طريّا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون (12)}
الفرات: المبالغ في العذوبة.
{وهذا ملح أجاج}:الأجاج الشديد المرارة، والأجاج أيضا : الشديد الحرارة.
{ومن كلّ تأكلون لحما طريّا وتستخرجون حلية تلبسونها}: وإنما تستخرج الحلية من الملح دون العذب، إلا أنهما لما كانا مختلط ين العذب , والملح، جاز أن يقال : تستخرجون الحلية, وهي اللؤلؤ والمرجان , وما أشبه ذلك منهما, كما قال: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان}. {وترى الفلك فيه مواخر}: المعنى : في مواخر : تشق الماء.
وجاء في التفسير : أنها تصاعد , وتنحدر في البحر بريح واحدة.
والفلك جمع فلك : لفظ الواحد كلفظ الجمع لأن فعلا : جمع فعل نحو : أسد وأسد، ووثن ووثن، فكذلك جمع فعل لأنهما أختان في الجمع، تقول: جبل وأجبال، وقفل وأقفال، وكذلك أسد وآساد., وفلك للواحد , وفلك للجماعة). [معاني القرآن: 4/266]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما يستوي البحران هذا عذب فرات}
قال أبو عبيدة : الفرات أعذب العذوبة , والأجاج: أملح الملوحة .
ثم قال جل وعز: {ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها}
الحلية : اللؤلؤ , والمرجان , كما قال تعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} , وإنما يخرج من الملح
قال أبو جعفر : وهذا كثير في كلام العرب لأن البحرين مختلطان , فجاز أن يقال يخرج منهما , وإنما يخرج من أحدهما على قول بعض أهل اللغة .
ثم قال جل وعز: {وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله}
قال قتادة: أي : (تجري الفلك مقبلة , ومدبرة) .
قال أبو جعفر : مخرت السفينة : تمخر , وتمخر مخرا ومخورا إذا خرقت الماء.). [معاني القرآن: 5/446-447]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أجاج}: أخبرنا أبو عمر , قال: أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي , قال: الأجاج : أشد الماء ملوحة).). [ياقوتة الصراط: 418]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَوَاخِرَ}: أي جواري. ومخرها: خرقها للماء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 199]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فُرَاتٌ}: عذب .
{أُجَاجٌ}: ملح.
{مَوَاخِرَ}: تشق الماء.). [العمدة في غريب القرآن: 248]
تفسير قوله تعالى:{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} [فاطر: 13] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: هو أخذ أحدهما من صاحبه.
{وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} [فاطر: 13] لا يعدوه.
وقال السّدّيّ: وهو مطالع الشّمس والقمر إلى غايةٍ لا يجاوزانه في شتاءٍ ولا صيفٍ.
{ذلكم اللّه ربّكم له الملك والّذين تدعون من دونه} [فاطر: 13] يقوله للمشركين، يعني: أوثانهم.
{ما يملكون من قطميرٍ} [فاطر: 13] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: القطمير: القشرة الّتي تكون على
[تفسير القرآن العظيم: 2/782]
النّواة، يعني: السّحاة البيضاء.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: القطمير، لفافة النّواة كسحاة البصلة). [تفسير القرآن العظيم: 2/783]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ كلٌّ يجري لأجل مسمّى}: مجازه : مجاز ما خرج من الحيوان , والموات مخرج الآدميين.
{ما يملكون من قطمير}:وهو: الفوقة التي فيها النواة.). [مجاز القرآن: 2/153] قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({من قطمير}: القطمير القشرة التي بين لحاء الثمرة والنواة). [غريب القرآن وتفسيره: 309]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ما يملكون من قطميرٍ}: القطمير: الفوفة التي تكون في النواة.
وفي التفسير: أنه الذي بين قمع الرطبة وبين النواة, وهو من الاستعارة في قلة الشيء , وتحقيره.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قول الله عز وجل: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}
والفتيل: ما يكون في شقّ النّواة. والنّقير: النّقرة في ظهرها.
ولم يرد أنهم لا يظلمون ذلك بعينه، وإنما أراد أنهم إذا حوسبوا لم يظلموا في الحساب شيئا ولا مقدار هذين التّافهين الحقيرين.
والعرب تقول: ما رزأتُه زِبَالاً. (وَالزِّبَالُ) ما تحمله النَّمْلَةُ بفَمِهَا، يريدون ما رزأته شيئاً.
وقال النابغة الذّبياني:
يجمعُ الجيش ذا الألوفِ ويغزو = ثم لا يرزأُ العدوَّ فَتيلا
وكذلك قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} وهو (الفوقة) التي فيها النّواة. يريد ما يملكون شيئا.
ومنه قوله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} أي قصدنا لأعمالهم وعمدنا لها.
والأصلُ أنَّ مَن أرادَ القُدوم إلى موضع عَمَدَ له وَقَصَدَه.
والهباء المنثور: ما رأيته في شُعَاعِ الشَّمس الداخلِ من كُوَّةِ البيتِ.
والهباء المنبثُّ: ما سَطَعَ مِن سَنابكِ الخيلِ.
وإنما أراد أنّا أبطلناه كما أنَّ هذا مُبطَلُ لا يُلْمَسُ ولا يُنْتَفَعُ بهِ). [تأويل مشكل القرآن: 138] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير (13)}
وهي: لفافة النواة، والنقير : النقرة في ظهر النواة، والفتيل : الذي في وسط النّواة.). [معاني القرآن: 4/266]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير}
روى خصيف , عن عكرمة , عن ابن عباس قال : القطمير: القشرة التي على النواة أي: بينها , وبين التمرة , والفتيل الذي في شق النواة , قال : والنقير : الحبة التي في وسط النواة.).[معاني القرآن: 5/447-448] قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قِطْمِيرٍ}: هو القشرة التي تكون على النواة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 199]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((القِطْمِيرٍ): غشاة النواة.). [العمدة في غريب القرآن: 248]
تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إن تدعوهم} [فاطر: 14]، يعني: تنادوهم.
{لا يسمعوا دعاءكم} [فاطر: 14] نداءكم تفسير السّدّيّ.
{ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم} [فاطر: 14] بعبادتكم إيّاهم.
{ولا ينبّئك مثل خبيرٍ} [فاطر: 14] وهو اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/783]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير (14)}
{ويوم القيامة يكفرون بشرككم}: يعني يقولون: ما كنتم إيّانا تعبدون، فيكفرون بعبادتكم إيّاهم {ولا ينبّئك مثل خبير}: وهو اللّه، لأن ما أنبأ اللّه به مما يكون فهو وحده يخبره، لا يشركه فيه أحد). [معاني القرآن: 4/267]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}
أي:يتبرءون منهم,ومن عبادتهم إياهم, ويوبخونهم على ذلك .
ثم قال تعالى: {ولا ينبئك مثل خبير}:وهو الله جل وعز خبير بما يكون لا يعلمه غيره.). [معاني القرآن: 5/448]