العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:31 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (20) إلى الآية (23) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)}

قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)}

قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)}

قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (24) إلى الآية (26) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والزهري: [بين الْمَرِّ وقلبِه].
قال أبو الفتح: وجه الصنعة في هذا أنه خفف الهمزة في "المرء" وألقى حركتها على الراء قبلها، فصارت "بين المرِّ وقبله"، ثم نوى الوقف فأسكن وثقَّل الراء على لغة من قال في الوقف: هذا خالدّ وهو يجعلّ، ثم أطلق ووصل على نية الوقف، فأقر التثقيل بحاله على إرادة الوقف، وعليه قوله، أنشدَناه أبو علي:
بِبَازلٍ وَجناءَ أو عَيْهَلِّ
يريد: العيهل، فنوى الوقف فثقل، ثم أطلق وهو يريد الوقف، ومثله ما قرأنا على أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى:
ومُقلتان جَوْنتا المكْحَلِّ
يريد: الْمَكْحَل. وأول هذه القصيدة:
ليث شبابي عاد للأولِّ ... وغضَّ عيش قد خلا أَرْغَلِّ
وفيها أشياء من هذا الطراز كثيرة، فكذلك "الْمَرِّ" على هذا.
وقراءة الجماعة من بعدُ أقوى وأحسن؛ لأن هذا من أغراض الشعر لا القرآن). [المحتسب: 1/276]

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة العامة: {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا}، وقراءة علي وزيد بن ثابت وأبي جعفر محمد بن علي والربيع بن أنس وأبي العالية وابن جماز: [لَتُصِيبَنَّ].
قال أبو الفتح: معنيا هاتين القراءتين ضدان كما ترى؛ لأن إحداهما: {لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، والأخرى: [لَتُصِيبَنَّ] هؤلاء بأعيانهم خاصة. وإذا تباعد معنيا قراءتين هذا التباعد وأمكن أن يُجمع بينهما كان ذلك جميلًا وحسنًا، ولا يجوز أن يراد زيادة "لا" من قِبَل أنه كان يصير معناه: واتقوا فتنة تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، فليس هذا عندنا من مواضع دخول النون، ألا تراك لا تقول: ضربت رجلًا يدخلَنَّ المسجد؟ هذا خطأ لا يقال؛ ولكن أقرب ما يصرف إليه الأمر في تلافي معنى القراءتين أن يكون يراد: لا تصيبن، ثم يحذف الألف من "لا" تخفيفًا واكتفاء بالفتحة منها، فقد فَعَلَت العرب هذا في أخت "لا" وهي أَمَا.
من ذلك ما حكاه محمد بن الحسن من قول بعضهم: أَمَ والله ليكونن كذا، فحذف ألف أَمَا تخفيفًا، وأنشد أبو الحسن وابن الأعرابي وغيرهما:
فلستُ بمدرك ما فات مني ... بلَهْف ولا بِلَيت ولا لو اني
يريد: بلهفا، فحذف الألف، وذهب أبو عثمان في قوله الله سبحانه: {يَا أَبَتَ} -فيمن فتح التاء- أنه أراد: يا أبتا، فحذف الألف تخفيفًا، وأنشدوا:
قد وردت من أَمكنه ... من هاهنا ومن هُنَهْ
إن لم أُروّها فَمَهْ
يريد: إن لم أروها فما أصنع؟ أو فما مغناي؟ أو فما مقداري؟ فحذف الألف، وألحق الهاء لبيان الحركة، وروينا عن قطرب.
[المحتسب: 1/277]
فعلى هذا يجوز أن يكون أراد بقوله: [لَتُصِيبَنَّ]: لا تُصِيبَنَّ، فحذف ألف "لا" تخفيفًا من حيث ذكرنا.
فإن قلت: فهل يجوز أن يحمله على أنه أراد: لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، ثم أشبع الفتحة، فأنشأ عنها ألفًا كالأبيات التي أنشدتها قبل هذا الموضع، نحو قوله:
ينباع من ذِفْرَى غَضوب جَسْرة
وهو يريد: ينبع.
قيل: يمنع من هذا المعنى، وهو قوله تعالى يليه: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. فهذا الإغلاظ والإرهاب أشبه بقراءة مَن قرأ: {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} من أن يكون معناه: إنما تصيب الذين ظلموا خاصة.
فتأمل ذلك؛ فإنه يضح لك بمشيئة الله). [المحتسب: 1/278]

قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:35 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (27) إلى الآية (29) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) }


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)}

قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (30) إلى الآية (35) ]

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34) وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)}

قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}

قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32)}

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}

قوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)}

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما كان صلاتهم عند البيت إلّا مكاءً وتصديةً... (35).
حكى سفيان الثوري عن عاصم، وهاون عن حسين عن أبي بكر عن عاصم (وما كان صلاتهم) نصبًا، (إلّا مكاءٌ وتصديةٌ) بالرفع. وقرأ الباقون (صلاتهم) رفعًا، (إلّا مكاءً وتصديةً) نصبًا.
قال أبو منصور: من قرأ (وما كان صلاتهم) نصبًا.
(إلّا مكاءٌ وتصديةٌ) رفعًا لأنهم نصبوه على أنه خبر (كان)، والاسم مؤخر، وهو قوله (إلّا مكاءً).
ومن قرأ (وما كان صلاتهم) رفعًا، (إلّا مكاءً) نصبًا جعل (صلاتهم) اسمًا لـ (كان)، و(مكاءً) الخبر، وهذا هو وجه الكلام، وعليه أكثر القراء.
قال الثوري: قال لي الأعمش لما أعلمته قراءة عاصم: إن لحن عاصم تلحن أنت؟.
قال أبو منصور: وليس بلحنٍ، وكان عاصم فصيحًا، وكان كثيرًا يقرأ الحرف على وجهين، ولا يقرأ إلا بما سمع، ووجهه في العربية صحيح). [معاني القراءات وعللها: 1/439]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {وما كان صلواتهم عند البيت} [35].
قرأ عاصم في رواية حسين الجعفي عن أبي بكر {وما كان صلاتهم} بالنصب {إلا مكاء وتصدية} بالرفع. وهذا خلف عند النحويين؛ لأن «كان» إذا أتى بعدها معرفة ونكرة كانت المعرفة الاسم والنكرة الخبر، وإنما يجوز أن تجعل النكرة اسمًا لكان لضرورة شاعر كما قال:
كأن سبيئة من بيت رأس = يكون مزاجها عسل وماء
وكقول الآخر:
فإنك لا تبالي بعد حول = أظبي كان أمك أم حمار
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/227]
وإنما جاز ذلك للشاعر إذا كان الخبر هو الاسم أو من سببه، والمكاء: الصفير. والتصدية: التصفيق.
وروى عباس عن أبي عمرو {مكا} مقصور.
قال ابن مجاهد: ولا وجه للقصر، كأنه ذهب إلى أن الأصوات كلها جاءت بالمد نحو الدعاء، والرغاء.
قال أبو عبد الله: وقد جاء البكاء ممدودًا ومقصورًا قال الشاعر:
بكت عيني وحق لها بكاها = وما يغني البكاء ولا العويل
فإن صح في اللغة قصرها على ما روى عن أبي عمرو جاز كما قصر البكاء وإن لم يصح في اللغة كما شذ في القراءة رفض فاعرف ذلك فإنه لطيف.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/228]
والمكاء ممدود خفيف الكاف -: الصفير، لا يثنى ولا يمع، والمكاء مشدد الكاف -: طائر، وجمعه مكاكي قال الشاعر:
ألا أيها المكاء مالك هاهنا = ألاء ولا أرطي فأين تبيض
فأصعد إلى أرض المكاكي واجتنب = قرى الشام لا تنوي وأنت حريض
فأما مكاكيك: فجمع مكوك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/229]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ: وما كان صلاتهم رفعا، عند البيت إلا مكاء وتصدية نصبا [الأنفال/ 35]، إلا ما حدثني به موسى بن إسحاق الأنصاري. عن هارون بن حاتم عن حسين عن أبي بكر، ورواه أيضا خلّاد عن حسين عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ: وما كان صلاتهم نصبا، عند البيت إلا مكاء وتصدية رفعا جميعا.
حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا حسين بن الأسود، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش: أن عاصما قرأ: وما كان صلاتهم نصبا، عند البيت إلا مكاء وتصدية رفعا، قال الأعمش:
وإن لحن عاصم تلحن أنت ؟! قال أبو علي: الوجه: الرفع في قوله [جل وعزّ]:
[الحجة للقراء السبعة: 4/144]
صلاتهم لأنّه معرفة، والمعرفة أولى بأن يكون المحدّث عنها من النّكرة، لأن النكرة شائعة غير مختصة، فتلتبس، ولا تختص لما فيها من الشّياع، فكرهوا أن يقربوا باب لبس، ويشبه أن يكون القارئ إنّما أخذ به، لمّا رأى الصلاة مؤنّثة في اللفظ، ولم يلحق الفعل علامة للتأنيث، فلمّا لم ير فيه علامة التأنيث أسنده إلى المذكّر الذي هو المكاء ولم يكن ينبغي هذا، لأن الفعل الذي لم تلحقه علامة التأنيث قد أسند إلى المؤنّث كقوله: وأخذ الذين ظلموا الصيحة [هود/ 67]، وقوله: فكان عاقبتهما أنهما في النار [الحشر/ 17] ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى [الروم/ 10] فانظر كيف كان عاقبة مكرهم [النمل/ 51]، فانظر كيف كان عاقبة المفسدين [الأعراف/ 103] وليس هذا كقول من قال: أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل [الشعراء/ 197]، لأنه قد يجوز أن يكون جعل في يكن* ضمير القصة، فلا يكون آية* مرتفعة بيكن، ولكن بخبر الابتداء، ألا ترى أنه إذا جعل في الجملة اسم المؤنث، جاز أن يؤنّث الضمير الذي يضمر، على شريطة التفسير، وعلى
[الحجة للقراء السبعة: 4/145]
ذلك جاء قوله [جلّ وعزّ]: فإنها لا تعمى الأبصار [الحج/ 46]، وقوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء/ 97].
وقال أبو عبيدة وغيره: المكاء: الصفير والتصدية:
التصفيق. وقال أبو زيد: مكت است الدابّة، فهي تمكو مكاء، إذا نفخت بالريح، قال: ولا تمكو إلّا است مفتوحة مكشوفة.
وقال أبو الحسن: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق، ولم أسمع فيه بفعل.
قال أبو علي: قوله [جل وعزّ]: إلا مكاء وتصدية الهمزة في المكاء منقلبة عن الواو، بدلالة ما حكاه أبو زيد من قوله: تمكو، وكذلك ما جاء من قوله:
تمكو فريصته..
[الحجة للقراء السبعة: 4/146]
والمكاء: مصدر على فعال، وجاء على فعال، لأن الأصوات تجيء عليه كثيرا، كقولهم: النّباح والصّراخ، والعواء والدّعاء، وأما المكّاء: المغرّد في الروض، فهو من هذا الباب أيضا، ولكنّه كالخطّاف، وليس كالحسّان والكرّام، كما أنّ الجاهل والباقر ليس كالضّارب والشّاتم.
فأما التصدية: فمن أحد شيئين: قالوا: صدّ زيد عن الشيء وصددته عنه قال:
صدّت خليدة عنا ما تكلّمنا وقال:
صددت الكأس عنّا أمّ عمرو
[الحجة للقراء السبعة: 4/147]
فيمكن أن تكون التّصدية مصدرا من صدّ، بني الفعل منه على فعّل للتكثير، على حدّ غلقت الأبواب ليس على حدّ غرّمته، وفرّحته، لأنّ الفعل الذي هو على فعل متعدّ، فإنّما يكون [على] فعّل على حدّ غلّق للتكثير، فبناء الفعل على فعّل، والمصدر من فعّل على تفعيل وتفعلة، إلّا أن تفعلة في هذا كالمرفوض من مصدر التضعيف، كأنّهم
عدلوا عنه إلى التفعيل، نحو: التحقيق، والتشديد، والتخفيف، لما يكون فيه من الفصل بين المثلين بالحرف الذي بينهما. كما لم يجعلوا شديدة في النسب كحنيفة وفريضة، وكما لم يجعلوا شديدا، وشحيحا، كفقيه وعليم، لما كان يلتقي في التضعيف، فعدلوا عنه إلى أفعلاء وأفعلة نحو: أشدّاء وأشحّة لمّا لم يظهر المثلان في ذلك، فلمّا خرج المصدر على ما هو مرفوض في هذا النحو، أبدل من المثل الثاني الياء، وكأنّ التصفيق منع من المصفّق للمصفّق به، وزجر له.
وفي الحديث «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء».
[الحجة للقراء السبعة: 4/148]
وقوله [جل وعزّ]: رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا [النساء/ 61]، يحتمل أنهم يمتنعون في أنفسهم عن اتباعك ونصرتك كما وصفوا بذلك في قوله: وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون [المنافقون/ 5]. ويجوز أن يكون المعنى على أنهم يمنعون غيرهم ويثبّطونهم عنكم، كما قال [جل وعز]:
وإن منكم لمن ليبطئن [النساء/ 72]. ويجوز أن يكون التقدير في قوله تعالى: صاد والقرآن [ص/ 1] أي:
صاد بالقرآن عملك وأمرك. ومن ذلك الصدى، وهو انعكاس الصوت إذا فعل في موضع صقيل كثيف، وكأنّهم جعلوا ذلك معارضة للصوت لما كان يتبعه، كما أن المصفّق بمعارضته المصفّق به يمنعه مما يأخذ فيه، والفاعل على هذا من نفس الكلمة.
[الحجة للقراء السبعة: 4/149]
ومن ذلك قولهم: فلان صدا مال، إذا كان حسن القيام به والتعاهد له، فكأنّ المراد به: أنه يقابل بإصلاحه ما رأى فيه من فساد، وكذلك قولهم: هو إزاء مال، معناه: أنه يمنع من أن يشيع فيه الفساد لحسن قيامه وتعهّده.
قال: حدثنا علي بن سليمان [قال: يقال]: فلان صدا مال، وإزاء مال، وخال مال [وخايل مال].
وسوبان مال.
وقال:
هذا الزمان مولّ خيره آزي أي: ممتنع ليس بمتّصل، ومن ذلك قول الشاعر:
[الحجة للقراء السبعة: 4/150]
ظلّ من الشعرى لنا يوم أزي* يعوذ منه بزرانيق الرّكيّ فأز وآز، كأسن وآسن، وهذا في المعنى كقوله:
ويوم من الشّعرى تظلّ ظباؤه... بسوق العضاه عوّذا ما تبرّح
وتقدير بسوق، أي: بظلال سوقه، كما أن قوله:
بزرانيق الركي، أي: بظلالها من حرّه، وكذلك العوذ منه، أي من حرّه. ومثله:
وقدت لها الشّعرى فآ... لفت الخدور بها الجآذر
[الحجة للقراء السبعة: 4/151]
فوصف اليوم بأن يكون ذلك فيه، كقولهم: ليل نائم، ويجوز في قياس قول سيبويه: أن يكون الهمزة في إزاء من نفس الكلمة غير منقلبة عن شيء، ولو كان على ثلاثة أحرف، لم يكن من نفس الكلمة، ألا ترى أنّ نحو: أجاء، قليل! ). [الحجة للقراء السبعة: 4/152]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رُوي عن عاصم أنه قرأ: [وَمَا كَانَ صَلاتَهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ] نصبًا [إِلَّا مُكَاءٌ وَتَصْدِيَةٌ] رفعًا، رواه عبيد الله عن سفيان عن الأعمش أن عاصمًا قرأ كذلك.
[المحتسب: 1/278]
قال الأعمش: وإن لحن عاصم تلحن أنت؟! وقد رُوي هذا الحرف أيضًا عن أبان بن تغلب أنه قرأ كذلك.
قال أبو الفتح: لسنا ندفع أنَّ جعل اسم كان نكرة وخبرها معرفة قبيح، فإنما جاءت منه أبيات شاذة، وهو في ضرورة الشعر أعذر، والوجه اختيار الأفصح الأَعرب، ولكن من وراء ذلك ما أذكره.
اعلم أن نكرة الجنس تفيد مفاد معرفته، ألا ترى أنك تقول: خرجت فإذا أسد بالباب، فتجد معناه معنى قولك: خرجت فإذا الأسد بالباب، لا فرق بينهما؟ وذلك أنك في الموضعين لا تريد أسدًا واحدًا معينًا، وإنما تريد: خرجت فإذا بالباب واحد من هذا الجنس، وإذا كان كذلك جاز هنا الرفع في {مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} جوازًا قريبًا، حتى كأنه قال: وما كان صلاتَهم عند البيت إلا المكاءُ والتصديةُ؛ أي: إلا هذا الجنس من الفعل، وإذا كان كذلك لم يجرِ هذا مجرى قولك: كان قائم أخاك، وكان جالس أباك؛ لأنه ليس في جالس وقائم من معنى الجنسية التي تلاقى معنيا نكرتها ومعرفتها على ما ذكرنا وقدمنا.
وأيضًا فإنه يجوز مع النفي من جعل اسم كان وأخواتها نكرة ما لا يجوز مع الإيجاب، ألا تراك تقول: ما كان إنسان خيرًا منك، ولا تجيز: كان إنسان خيرًا منك؟ فكذلك هذه القراءة أيضًا، لَمَّا دخلها النفي قَوِي وحسن جعل اسم كان نكرة، هذا إلى ما ذكرناه من متشابهة نكرة اسم الجنس لمعرفته؛ ولهذا ذهب بعضهم في قول حسان:
كأَنَّ سبيئة من بيت رأس ... يكون مزاجَها عسل وماءُ
إنه إنما جاز ذلك من حيث كان عسل وماء هما جنسين، فكأنه قال: يكون مزاجَها العسل والماء، فبهذا تسهل هذه القراءة، ولا يكون من القبح واللحن الذي ذهب إليه الأعمش على ما ظن). [المحتسب: 1/279]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:39 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (36) إلى الآية (40) ]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) }

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)}

قوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {ليميز الله الخبيث من الطيب} [37].
قرأ حمزة والكسائي {ليميز الله} مشددًا.
وقرأ الباقون مخففًا، وقد ذكرت علته في (آل عمران)، ومعنى {ليميز الله الخبيث من الطيب} أي: يميز ما ينفق الكافر وما ينفق المؤمن فيركمه جميعًا، أي: يجعل بعضه على بعض، ثم يحمل على الكافر في النار، فذلك مما يزيده عذابًا وثقلاً، قال الله تعالى: {فتكوى بهم جباههم وجنوبهم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/229]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء وضمّها من قوله [جل وعزّ]: ليميز الله [الأنفال/ 37] بفتح الياء خفيفة.
وقرأ حمزة والكسائي ليميز الله بضم الياء والتشديد.
فقرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر:
ليميز الله بضم الياء والتشديد.
قال أبو علي: حجّة من قال: ليميز أنهم قد قالوا:
مزته فلم ينمز، حكاه يعقوب، ومما يثبت ذلك ما أنشده أبو زيد:
لما ثنى الله عنّي شرّ عدوته... وانمزت لا مسئيا ذعرا ولا وجلا
[الحجة للقراء السبعة: 4/152]
وقال أبو الحسن: خفّفها بعضهم، فجعلها من ماز يميز، قال: وبها نقرأ. وحجة من قال: ليميز الله أنه قد جاء في التنزيل: تميز، وتميّز: مطاوع ميّزته تقول: ميّزته فتميّز، كما تقول: قطّعته فتقطّع وذلك [قوله جل وعز]:
وهي تفور. تكاد تميز من الغيظ. [الملك/ 7 و 8]، وقوله:
تكاد تميز دليل على شدة التفوّر، ولأن التميّز انفصال بعض الأشياء من بعض، وذلك إنّما يكون بكثرة التقلّب والتزعزع، ودلّ قوله [جل وعز]: من الغيظ على شدّة الفوران والتقلّب، لأنّ المغتاظ قد يكون منه التزعزع. وقد قال قوم في الغيظ والغضب: إنه غليان دم القلب لإرادة الانتقام.
وقد يراد التشبيه فتحذف حروفه كقوله:
حلبانة ركبانة صفوف... تخلط بين وبر وصوف
[الحجة للقراء السبعة: 4/153]
وقال في صفة غليان القدر:
لهنّ نشيج بالنّشيل كأنّها * ضرائر حرميّ تفاحش غارها وقد تقدم القول في هذا الحرف في سورة آل عمران). [الحجة للقراء السبعة: 4/154]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {ليُمَيِّزََ الله} [آية/ 37] بضم الياء الأولى وتشديد الثانية:
قرأها حمزة والكسائي ويعقوب.
والوجه أنه مضارع ميز يميز تمييزاً، يقال: ميزته فتميز، قال الله تعالى {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ}.
وقرأ الباقون {لِيَمِيزَ الله} بفتح الياء الأولى وتخفيف الثانية.
والوجه أنه مضارع ماز يميز ميزاً، بمعنى ميز، ويقال مزته فامتاز، كما يقال: ميزته فتميز، قال الله تعالى {وامْتَازُوا اليَوْمَ أَيُّهَا المُجْرِمُونَ} ). [الموضح: 578]

قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38)}

قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {فَإنِ انتَهَوْا فَإنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آية/ 39] بالتاء:
قرأها يعقوب في رواية- يس-، وكذلك روى- ان- عنه بالتاء.
والوجه أنه قد تقدم الكلام على معنى الخطاب، وذلك أنه تعالى قال {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} الآية، فالكل (مقول)، فكأنه قال: قل لهم إن الله بما تعملون بصير.
[الموضح: 578]
وقرأ الباقون و- ح- عن يعقوب {يَعْمَلُونَ} بالياء.
والوجه أن ما قبله على الغيبة، وهو قوله {فَإنِ انتَهَوْا} فكذلك قوله {وقَاتِلُوهُمْ} ). [الموضح: 579]

قوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:41 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (41) إلى الآية (44) ]

{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)}

قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)}

قوله تعالى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إذ أنتم بالعدوة الدّنيا... (42).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (بالعدوة) بكسر العين، وقرأ الباقون بضم العين.
قال أبو منصور: هما لغتان: عدوة الوادي وعدوته: جانبه). [معاني القراءات وعللها: 1/440]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ... (42).
قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم ونافع والكسائي رواية نصير ويعقوب (ويحيى من حيي) بياءين، الأولى مكسورة والثانية مفتوحة.
وقرأ الباقون بياء مدغمة.
قال أبو منصور: من قرأ (حيّ) بالإدغام فالأصل (حيي) فأدغم إحدى الياءين في الأخرى.
ومن أظهرهما فهو أتم وأفصح.
وكان الخليل
[معاني القراءات وعللها: 1/440]
وسيبويه يجيزان الإدغام والإظهار إذا كانت الحركة في الثاني لازمة). [معاني القراءات وعللها: 1/441]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {إذا أنتم بالعدوة الدنيا} [42].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو [بالعدوة الدنيا} بكسر العين والعدوة والعُدوة والعِدواء كملطاط: حافة الوادي وهما جانباه، كله بمعنى واحد. والعدوة الدنيا: القريبة، والعدوة القصوى: البعيدة. وكذلك: {مكانا قصيا} بعيدًا.
فإن سأل سائل فقال: قصا يقصو، ودنا يدنو، هما من ذوات الواو فلم يقل وهم بالعدوة القصيا كما قيل الدنيا؟
ففي ذلك جوابان:
أحدهما: أن الدنيا اسم مبني على الفعل فقلبت الواو ياء كما انقلبت في دنا وأدنى ويدني. والقصوى: اسم مختلف ليس مبنيًا على الفعل هذا قول الكوفيين.
وأما أهل البصرة فيقولون: إن الاسم إذا ورد على (فعلى) صحت الواو فيه، وإن كان من ذوات الياء انقلب الياء فيه واوًا مثل الفتوى والتقوى، وإن كانت صفة انقلبت الواو، ياء نحو الصدياء، والصفة: ما كان على (فُعلى) بالضم فانقلبت الواو ياء اسستثقالاً نحو الدنيا والعليا، وخرجت القصوى على اصلها، على أن ابن الأعرابي حكى القُصيا بالياء أيضًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/224]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {ويحيى من حي عن بينة} [42]
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/224]
قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن كثير برواية البزي {من حيي عن بينة} بياءين غير مدغم، يبنى الماضي وإن كان غير معتل على المضارع، واسم الفاعل نحو المحيي.
وقرأ الباقون: {من حيي عن بينة} بالإدغام، وهو الأجود.
قال الشاعر:
عيوا بأمرهم كما = عيت بيضتها الحمامة
جعلت لها عودين من = نشم وآخر من ثمامه
النشم: شجر يتخذ منه القسي. فأدغم ولم يقل: عييوا، وأنشد ابن دريد عن أبي حاتم للمتلمس:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/225]
فهذا أوان العرض حتى ذبابه = زنابيره والأزرق المتلمس
العرض: وادي اليمامة. والزنابير: النحل. والأزرق: ذباب يلسع الحمير. وسمي بهذا البيت المتلمس.
وحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء أن من العرب من يبني الفعل المستقبل على الماضي فيدغم فيقول: {أليس ذلك بقادر على أن يحي الموتى} بتشديد الياء قال الشاعر:
وكأنها بين النساء سبيكة = تمشي بسدة بيتها فتعي
قال البصريون: هذا غلط؛ لأن الصحيح إذا سكن الحرف لم يجز الإدغام فكيف المعتل.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه: هو عندي جائز، لأن المعتل فرع للصحيح فإذا جاز في الصحيح تحرك الحرف الثاني فيدغم نحو: {من يرتد منكم}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/226]
جاز أن يدغم المعتل ويحرك الحرف الثاني، ولا سيما أن الياء إذا أدغم سكن فصار غير عليل، وهذا واضح جدًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/227]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر العين وضمّها من قوله جلّ وعزّ: بالعدوة [الأنفال/ 42].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: بالعدوة*، وبالعدوة* العين فيهما مكسورة.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائيّ بضم العين فيهما.
[الحجة للقراء السبعة: 4/128]
قال أبو الحسن: تقرأ بالكسر، وهو كلام العرب لم يسمع منهم غير ذلك، وقال: وهي قراءة أبي عمرو وعيسى، قال:
وبها قرأ يونس، وزعم يونس أنه سمعها من العرب. قال أحمد بن يحيى: الضم في العدوة أكثر اللغتين، وقال أبو عبيدة: هما لغتان، وأكثر القراءة بالضم). [الحجة للقراء السبعة: 4/129]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الإدغام والإظهار من قوله [جل وعز]: ويحيا من حي عن بينة [الأنفال/ 42].
فقرأ ابن كثير في رواية قنبل، وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: من حي عن بينة بياء واحدة مشدّدة.
حفص عن عاصم بياء واحدة أيضا: حي.
وقال البزّي عن أصحابه عن ابن كثير: حيي عن بينة بياءين، الأولى مكسورة والثانية مفتوحة.
وحدثني الحسين بن بشر الصوفي قال: حدّثنا روح بن عبد المؤمن قال: حدثنا محمد بن صالح عن شبل عن ابن كثير أنه قرأ من حيي بياءين، ظاهرة مثل رواية البزّي.
[الحجة للقراء السبعة: 4/129]
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ونافع بياءين: الأولى مكسورة والثانية مفتوحة حيي*.
[قال] أبو عبيدة: الحياة والحيوان، والحيّ واحد، فهذه على ما حكاه أبو عبيدة، مصادر، فالحياة كالجلبة، والحدمة، والحيوان كالغليان والنّزوان، والحيّ، كالعيّ، قالوا: حيي يحيا حيّا، كما قالوا: عيي يعيا عيّا، فمن ذلك قوله:
كنّا بها إذ الحياة حيّ فهذا كقوله: إذ الحياة حياة.
ومن زعم أنّ حيّ، جمع حياة، كبدنة وبدن، فإن قوله غير متّجه لأن باب المصادر الأعمّ فيها أن لا تجمع، ولأنه لو كان جمعا لفعل لجاء فيه الضمّ، والكسر، كما جاء في
[الحجة للقراء السبعة: 4/130]
قولهم: قرن ألوى، وقرون ليّ، فأن لم يسمع في الحيّ إلا الكسر، ولم نعلم أحدا حكاه، ولا ادّعى أنه جمع فعل؛ دلالة على أنّه لا مجاز له.
وذكر محمد بن السريّ أن بعض أهل اللغة قال في قول أمية:
يأتي بها حيّة تهديك رؤيتها* من صلب أعمى أصمّ الصّلب منقصم أن المعنى: يأتي بها حياة، وهذا على ما قاله هذا القائل مثل قولهم: عيب، وعاب، وذيم، وذام، ونحو ذلك مما جاء على فعل [وفعل]، ولم يكن كآية، وغاية، لأنّ باب غاية وآية نادر، ألا ترى أن الأول من المعتلّين، يصحّح ويعلّ الثاني، مثل نواة وضواة، وحيا وحياة. وباب آية على غير القياس.
ويمكن أن يكون قوله: «يأتي بها حية» يعني بها خلاف الميّتة، لأنها قد وصفت بالحياة، فيكون صفة كسهلة، وعدلة، لأنّ النار قد وصفت بالحياة في نحو قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/131]
فبعثتها تقص المقاصر بعد ما* كربت حياة النّار للمتنوّر فإذا جعل لها حياة جاز أن يكون قوله: حيّة وصفا غير مصدر، ويقوّي ذلك قولهم في وصفها: خمدت وهمدت، فهذا خلاف الحياة. ويقوي ذلك قوله:
... يهديك رؤيتها فإنّما يريد: يهدي ضياؤها الضالّ لتعرّفه قصده. ومن ذلك ما أنشده أبو زيد:
ونار قبيل الصبح بادرت قدحها... حيا النار قد أوقدتها للمسافر
وقال أبو زيد: الحيوان لما فيه روح، والموتان والموات لما لا روح فيه.
فالحيوان في روايتي أبي زيد وأبي عبيدة على ضربين:
أحدهما: أن يكون مصدرا، كما حكاه أبو عبيدة، والآخر: أن يكون وصفا كما حكاه أبو زيد، والحيوان مثل الحي الذي هو صفة يراد به خلاف الميّت.
[الحجة للقراء السبعة: 4/132]
وقد جاء من الصفة على هذا المثال نحو قولهم: رجل صميان للسريع الخفيف والزّفيان، قال:
وتحت رحلي زفيان ميلع فهذا أظهر من أن يقال: إنه وصف بالمصدر.
فأما قوله: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان [العنكبوت/ 64]، فيحتمل أن يكون المعنى: وإنّ حياة الدار هي الحياة، لأنّه لا تنغيص فيها ولا نفاد لها، أي: فتلك الحياة هي الحياة، لا التي يشوبها ما يشوب الحياة في هذه الدار، فيكون الحيوان مصدرا على هذا.
ويجوز أن يكون الحيوان الذي هو خلاف الموتان، وقيل لها: الحيوان، لأنها لا تزول ولا تبيد، كما تبيد هذه الدار، وتزول، فتكون الدار قد وصفت بالحياة لهذا المعنى، والمراد أهلها.
ويجوز أن يكون التقدير في قوله: لهي الحيوان هي ذات الحيوان، أي: الدار الآخرة هي ذات الحياة، كأنه لم يعتدّ بحياة هذه الدار حياة.
فأمّا القول في حروف الحيوان، فهو أن العين واللام منه مثلان في أصل الكلمة، أبدلت من الثانية الواو لمّا لم
[الحجة للقراء السبعة: 4/133]
يسغ الإدغام في هذا المثال، ألا ترى أن مثل طلل، وشرر يصح، ولا يدغم؟ فكذلك الحيوان لم يجز فيه الإدغام، فيتوصّل منه إلى إزالة المثلين بالبدل. ووجب ذلك في الثاني منهما وهو الكثير العام في كلامهم لأن التكرير به وقع.
ومن زعم أنّ الحيوان ليس على هذا النحو الذي سلكه الخليل، ولكنّه بمنزلة قولهم: فاظ الميّت فيظا وفوظا، ولم يستعمل من الفوظ فعل. فإنّ قوله غير متّجه لأنّ الحيوان لا يكون كالفيظ، والفوظ، ألا ترى أنه كثيرا ما تكون العين منه مرة ياء وأخرى واوا، وليس في كلامهم في الاسم والفعل ما عينه ياء ولامه واو، فإذا جعل هذا مثل الفوظ والفيظ، بناه على شيء لا يصحّ ولا نظير له.
وأما قولهم: الحيّة، فالعين واللام فيه مثلان، والدليل على ذلك ما حكاه من أنّهم يقولون في الإضافة إلى حيّة بن بهدلة: حيويّ، فلو كانت واوا لقالوا: حوويّ، كما قالوا في النسب إلى ليّة: لوويّ، وإذا ثبتت أن العين ياء بهذه الدلالة،
[الحجة للقراء السبعة: 4/134]
علمت أن اللام ياء أيضا، ولا يصح أن تكون واوا.
فأما قولهم: الحوّاء في صاحب الحيّات، فليس من الحيّة، ولكنه من: حويت لجمعه لها في جؤنه وأوعيته.
وعلى هذا قالوا: أرض محياة للتي بها الحيّات.
ومثل قولهم: الحوّاء، لمعالج الحيّات، قولهم: اللئّال لبائع اللؤلؤ، وليس اللئّال من اللّؤلؤ وكذلك الحوّاء ليس من الحيّة.
ومن هذا الباب قولهم: حيا الغيث، فالحيا مثل المطر.
ومنه أيضا قولهم: حياء الناقة في أن حروفه حروف الحي، وقالوا في جمعه: أحيّة وأحيية.
وقال أبو زيد في جمع حياء الناقة: حياء وأحياء، وهو فعال وأفعال، وحكى أيضا: جواد، وأجواد.
فأما ما حكاه بعض البغداديين من قولهم: فلان يبيع الحيوان والحيوات، فلا وجه للحيوات هنا، إلّا أن يكون جمع حياة، وحياة لم نعلمه جمع في موضع، ولا وجه له غير الجمع، ألا ترى أنه لا يحمل على فعلال، ولا فعوال، ولا غير ذلك من أبنية الآحاد ولا تكون التاء بدلا من النون في الحيوان كما كان اللام بدلا منها في أصيلال، ألا ترى أن
[الحجة للقراء السبعة: 4/135]
النون تبدل منها اللام في غير هذا الموضع، وهما حرفان متقاربان، والتاء لا تقارب النون فتجعله في الحيوات بدلا، وأما ما روي من قوله:
ويأكل الحيّة والحيّوتا فأظن البيت أيضا بغداديا، وينبغي أن يكون الحيّوت مثل سفّود وكلّوب، ألا ترى أنه ليس في الكلام فعلوت، فيكون فيه بعض حروف الحي، وليس منه والتاء لام الفعل. فإن قلت:
فقد جاء المروت في قوله:
وما خليج من المروت ذو حدب* [يرمي الضرير بعود الأيك والضّال
[الحجة للقراء السبعة: 4/136]
ويروى: بخشب الأيك]، فإنه أيضا فعّول من المرت، ولا يكون: فعلوتا من المرور، لأنّ هذا الوزن لم يجيء في شيء.
فإن قلت: فهذا التأليف الذي هو: ح ي ت لم نعلمه في موضع.
فإن ذلك أسهل من أن يدخل في الأبنية ما ليس منها.
وإن قلت: فما تنكر أن يكون حيّوت فعلوت كالرّغبوت، فالتاء فيه زيادة، وإنما أسكن لكراهة المثلين، كما أبدل في الحيوان لكراهة المثلين، ومع ذلك فلو لم يدغم ويثبت للزمك أن تجري اللام التي هي ياء بالضم، وإذا لزم تحريكها لزم إسكانها، فإذا لزم إسكانها لزم حذفها لالتقاء الساكنين.
فأسكنت العين من فعلوت لتحتمل الياء الحركة لسكون ما قبلها، كما قلبت اللام من طاغوت وحانوت وجالوت، لمّا لزم حركتها بالضم في فعلوت، فلمّا قلبت الكلمتان انقلب حرف العلّة فيهما، فإسكان العين من فعلوت في الحيّوت كقلب اللام من طاغوت وحانوت، فذلك إن قاله قائل أمكن أن يقول.
وتقول: إن المعتل يختص بأبنية لا تكون في
[الحجة للقراء السبعة: 4/137]
الصحيح، فكذلك فعلوت جاء حيّوت عليه لما قدّمنا، وإن لم يجيء في غير المعتل. فأما قول الشاعر:
إذا شئت آداني صروم مشيّع... معي وعقام يتّقي الفحل مقلت
يطوف بها من جانبيها ويتّقي... بها الشمس حيّ في الأكارع ميّت
من أعمل الآخر من الفعلين، أضمر في الأول على شريطة التفسير، ومن أعمل الأول لم يضمر وكان التقدير:
يطوف بها حيّ من جانبيها. وفي يتّقي ذكر من حيّ.
ومعنى حيّ في الأكارع: حيّ في أسفل الأكارع، وأسفل الأكارع: الخفّ ومعنى ميّت، أي: ميت في غير هذا المكان، لأنه لا يثبت إلا في أسفل الأكارع في ذلك الوقت، فجعل عدمه في هذه المواضع موتا له فيها.
[الحجة للقراء السبعة: 4/138]
وقد يقولون: حيّ فلان، يريدون فلانا، وأنشد أبو زيد:
يا قرّ
إنّ أباك حيّ خويلد... قد كنت خائفه على الإحماق
وأنشد أبو الحسن:
أبو بحر أشدّ الناس منّا... علينا بعد حيّ أبي المغيرة
وروي عن أحمد بن إبراهيم:
وحيّ بكر طعنّا طعنة نجرا يريد: بكرا.
[الحجة للقراء السبعة: 4/139]
وسئل أعرابيّ عن قائل أبيات أنشدها فقال: قالهنّ حي رياح، يريد: رياحا.
فأما قول من أدغم، فقال: حي عن بينة [الأنفال/ 42]، فلأن الياء قد لزمتها الحركة وصارت بلزوم الحركة لها مشابهة للصحيح، ألا ترى أن من حذف الياء من قوله: جوار، وعذار في الجرّ والرّفع، لم يحذفها إذا تحرّكت بالفتح لمشابهتها بالحركة سائر الحروف الصحيحة، وقال في الوقف: كلا إذا بلغت التراقي [القيامة/ 26] فلم تحذف، كما حذفت الياء من [نحو] قوله: الكبير المتعال [الرعد/ 9].
ومن جعلها وصلا في نحو:
.... وبعض القوم يخلق ثم لا يفري و:... ما يمرّ وما يحلو.
[الحجة للقراء السبعة: 4/140]
قد يحذفها في الوقف، ولو تحركت لم يحذفها، فهذا ونحوه يدلّك على أنّها بالحركة قد صارت في حكم الصحيح، وإذا صارت كذلك، جاز الإدغام فيها، كما جاز في الصحيح، وعلى هذا جاء ما أنشده من قوله:
عيّوا بأمرهم كما... عيّت ببيضتها الحمامة
وقال:
فهذا أوان العرض حيّ ذبابه... زنابيره والأزرق المتلمّس
وقال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/141]
سألتني جارتي عن أمّتي... وإذا ما عيّ ذو اللّبّ سأل
فجعلوا هذه الأشياء في الإدغام بمنزلة شمّوا وعضّوا.
وعبرة هذا أنّ كلّ موضع يلزم ياء يخشى فيه الحركة، جاز الإدغام في اللام من حيي.. فأما قوله جلّ وعز: على أن يحيي الموتى [الأحقاف/ 33]، فلا يجوز فيه الإدغام، لأن حركة النصب غير لازمة، ألا ترى أنها تزول في الرفع، وتذهب في الجزم مع الحرف! وإذا لم تلزم لم يجز الاعتداد بها، كأشياء لم يعتدّ بها لمّا لم تلزم، نحو الواو الثانية في: ووري، ونحو ضمة الرفع، في: غزو، لزوالها في النصب والجرّ، ونحو احتمالهم الضمّة في: هذه فخذ، وإن لم يكن في الكلام ضمّة قبلها كسرة، لما كانت غير لازمة، وهذا النحو كثير.
وقد أجاز ناس الإدغام في لام يعيا، وأنشدوا بيتا فيه:
تمشي بسدّة بيتها فتعي وهذا لا يتجه في القياس، ولم يأت في نثر ولا نظم معروف، وما كان كذلك وجب اطّراحه.
[الحجة للقراء السبعة: 4/142]
وقد كنّا بينّا فساد ذلك في المسائل المصلحة من كتاب أبي إسحاق.
فأمّا قول من قال: حيي* فبيّن ولم يدغم؛ قال سيبويه: أخبرنا بهذه اللغة يونس قال: وسمعنا بعض العرب يقول: أحيياء وأحيية، فبيّن. ومما يقوّي البيان فيه أن مثال الماضي قد أجري حركته مجرى حركة المعرب، فلم تلحقه الهاء في الوقف، كما لم يلحق المعربة، فكما أجريت مجرى المعربة في هذا، كذلك تجري مجراها في ترك الإدغام فيها، ومما يقوّي ذلك أن حركة اللام في حيي- فيمن بيّن يزول لاتصالها بالضمير، فصار زوال الحركة عن اللام في هذا البناء بمنزلة زوال حركة النصب عن المعرب لحدوث إعراب آخر فيه، ويقوّي ذلك قولهم: أعيياء، فبيّنوا مع أنّ الحركة غير مفارقة، فإذا لم يدغموا ما لم تفارقه الحركة، فأن لا يدغموا ما
تفارقه الحركة أولى.
ومثل ذلك قولهم: أبيناء [جمع بيّن]، والإخفاء في
[الحجة للقراء السبعة: 4/143]
هذا النحو في قول من أظهر ولم يدغم [حسن]، وهو بزنة المتحرك). [الحجة للقراء السبعة: 4/144]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الناس {بِالْعُدْوَةِ} و"العِدْوَةِ" بالضم والكسر. وقرأ: [بالعَدْوَةِ] قتادة والحسن وعمرو، واختلف عنهم.
قال أبو الفتح: الذي في هذا أنها لغة ثالثة، كقولهم: في اللبن رِغوة ورَغوة ورُغوة. ولها نظائر مما جاءت فيها فُعْلة وفِعْلة وفَعْلة، منه قولهم: له صِفوة مالي وصَفوته وصُفوته، روى ذلك أبو عبيدة. ومثله أَوطأته عَشوة وعُشوة وعِشوة، روى ذلك أبو عبيدة وابن الأعرابي.
وروى الكسائي: كلمته بِحَضْرة فلان وحِضْرته، وحكى ابن الأعرابي: غَشوة وغُشوة وغِشوة، وغِلظة وغُلظة وغَلظة. وقالوا: شاة لَجْبة ولُجْبة ولِجْبة، ورِبْوة ورُبْوة ورَبْوة، فكذلك تكون أيضًا العِدْوة والعَدْوة والعُدْوة. وروى ابن الأعرابي أيضًَا: الْمُدية والْمِدية والْمَدية، بالفتح). [المحتسب: 1/280]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى} {ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {إذ أنتم بالعدوة الدّنيا وهم بالعدوة القصوى}
[حجة القراءات: 310]
بكسر العين فيهما مثل إسوة وقدوة
وقرأ الباقون بالرّفع فيهما قال الكسائي وأبو عبيد هما لغتان مثل حذوة وجذوة
قرأ نافع والبزي عن ابن كثير وأبو بكر (ويحيا من حييّ) بياءين وقرأ الباقون {حيّ} بالإدغام
قال الخليل يجوز الإدغام والإظهار إذا كانت الحركة في الثّاني لازمة فأما من أدغم فلاجتماع الحرفين من جنس واحد كما تقول عيي بالأمر يعيا ثمّ تقول عي بالأمر وأما من أظهر فلأن الحرف الثّاني ينتقل من لفظ الياء تقول حييّ يحيا والمحيا والممات فلهذا جاز الإظهار). [حجة القراءات: 311]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {بالعدوة} و{بالعدوة} قرأه ابن كثير وأبو عمرو، بكسر العين فيهما، وضمهما الباقون، وهما لغتان، والكسر عند الأخفش أشهر، وقال أحمد بن يحيى: الضم أكثر اللغتين، وهو الاختيار؛ لأن أكثر القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/491]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {من حي عن بينة} قرأه نافع وأبو بكر والبزي بياءين ظاهرتين، وقرأ الباقون بياء واحدة مشددة مفتوحة.
وحجة من قرأ بياءين أنه أتى بالفعل على أصله، واستثقل الإدغام والتشديد في الياء وأيضًا فإنه شبهها بياء «يحيى» التي لا يحسن فيها الإدغام في حال نصب ولا رفع، وإنما أشبهتها لأنها قد تتغير بالسكون، إذا اتصل بها المضمر المرفوع، كما تتغير ياء «يحيى» في النصب ولا تدغم فيها، لأن تغيرها عارض، وقد ذكر سيبويه «أحييا، وأحيية» بالإظهار، وقد قالوا: اعيياء، فلم يدغموا، وإن كانت حركة اللام لا تتغير، كذلك لم يدغموا في «حي» لأن حركة اللام قد تتغير مع المضمر.
11- وحجة من أدغم أن الياء الأولى من «حي» يلزمها الكسر، كما يلزم عين «عضضت وشممت» فصارت بلزوم الحركة لها كغيرها من حروف السلامة، فصارت كالصحيح في نحو: «شم وعض» أجرى هذا مجراه فأدغم إذ صارت الياء الأولى بالحركة في حكم الصحيح، فإذا لزمت الحركة لام الفعل جاز الإدغام، وإذا لم تلزم الحركة لم يحسن الإدغام، نحو: {أن يحي الموتى} «الأحقاف 33» فهذا لا يحسن فيه الإدغام لأن حركة الياء الثانية غير لازمة، وهي تنتقل بالإعراب إلى السكون، فلما لم تلزم الحركة لم يعتد بها، فصارت الياء الثانية كأنها ساكنة، ولاساكن لا يدغم فيه، إنما يدغم في المتحرك، فلم يجز الإدغام فيما حركته ليست بلازمة، كما لم يجز فيه في حال الرفع، لئلا يلتقي ساكنان، وإنما حسن الإظهار في «حي»، وإن كانت حركته لازمة،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/492]
لأنها قد تتغير، إذا اتصل بها مضمر مرفوع وتسك، فشابهت في تغيرها «أن يحيى الموتى» الذي لا يحسن فيه الإدغام، لأن حركته غير لازمة، فصارت كالساكن، ولا يُدغم في ساكن، وقد أجاز الفراء إدغام «أن يحي الموتى» في حال النصب لتحرك الياء، ولا اختلاف في منع الإدغام في حال الرفع). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/493]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وهُم بِالْعُدْوَةِ القُصْوَى} [آية/ 42] بكسر العين فيهما:
قرأهما ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب، وقرأ الباقون بضم العين فيهما.
والوجه أنهما لغتان: عدوة وعدوة كجثوة وجثوة). [الموضح: 579]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ} [آية/ 42] بياءين مخففتين الأولى منهما مكسورة، والثانية مفتوحة:
قرأها ابن كثير برواية البزي، ونافع وعاصم- ياش- ويعقوب.
والوجه أنهم جاءوا بالكلمة على الأصل في الإظهار دون الإدغام، وشبهوا حركة الماضي بحركة المعرب لتصرفه، ألا ترى أن حركة اللام من الكلمة تزول عند اتصاله بالضمير في قولك حييت وحيين، كما تزول حركة النصب عن المعرب وهو المضارع بحدوث الرفع في نحو قوله تعالى {أَن يُحْيِيَ}
[الموضح: 579]
و{يُحْيِي فأجرى الماضي مجرى المستقبل، (فأظهر) ولم يدغم كما أظهر المضارع ولم يدغم.
وقرأ ابن كثير- ل- وأبو عمرو وابن عامر وعاصم- ص- وحمزة والكسائي {حَيَّ} بياء واحدة مشددة.
والوجه أن الياء قد لزمتها الحركة؛ لأن حركتها حركة بناءٍ، فأدغم الحرف لاجتماع المثلين المتحركين، والحركة الأخيرة لازمة، فصار بلزوم الحركة مشبهًا للصحيح فأدغم كفر ومد). [الموضح: 580]

قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43)}

قوله تعالى: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (45) إلى الآية (49) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)}

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)}

قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ورئاء النّاس... (47).
[معاني القراءات وعللها: 1/443]
روى الأعشى عن أبي بكر (ورياء النّاس) غير مهموز، وسائر القراء همزوا ومدّوا.
قال أبو منصور: القراءة بالهمزة؛ لأنه مصدر (رائى) بوزن (راعى) يرائي بوزن يراعي، (رئاء) بوزن (رعاء)، ومن لم يهمز قلب الهمزة ياء). [معاني القراءات وعللها: 1/444]

قوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تراءت الفئتان... (48).
اتفق القراء على (تراءت)، أي: التقتا، يقال: تراءت القوم ترائيًا، إذا تلاقوا في الحرب). [معاني القراءات وعللها: 1/443]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي أرى ما لا ترون إنّي أخاف اللّه... (48)
حرّك ياء (إنّي) ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأسكنها الباقون، وكذلك قرأوا (إنّي أخاف اللّه) ). [معاني القراءات وعللها: 1/446]

قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:45 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (50) إلى الآية (54) ]

{ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54)}

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إذ يتوفّى الّذين كفروا... (50).
قرأ ابن عامر وحده (إذ تتوفى) بتاءين، وقرأ الباقون (يتوفى) بياء وتاء.
قال أبو منصور: من قرأ (تتوفى) فلتأنيث الجماعة، ومن قرأ (يتوفى) فلتقديم فعل الجمع، وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/441]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة} [50].
قرأ ابن عامر {إذ تتوفى} بتاءين.
والباقون بياء وتاء، والأمر بينهما قريب؛ وذلك أنك تريد جماعة الملائكة كما تقول: قال الرجال وقالت الرجال و{فنادته الملائكة} و{فنداه الملائكة} كل ذل صواب.
وأما قوله: {إن الذين توفاهم الملائكة} فإنه أراد: تتوفاهم الملائكة فحذف إحدى التاءين.
وقرأ ابن كثير {الذين توفاهم} بتشديد التاء، أراد: تتوفاهم فأدغم. فإجماعهم على هذا شاهد لابن عامر، غير أن الباقين يحتجون بأن هذا قد حجز بين الاسم والفعل بحاجز). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/232]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلهم قرأ: إذ يتوفى الذين كفروا [الأنفال/ 50] بالياء غير ابن عامر، فإنه قرأ: إذ تتوفى بتاءين.
قال أبو علي: قول ابن عامر: إذ تتوفى مثل قوله: إذ قالت الملائكة، ومثل قوله: توفته رسلنا [الأنعام/ 61] [آل عمران/ 45]، ونحو ذلك من الفعل المسند إلى المؤنث، ألحقت به علامة التأنيث.
وإذ يتوفى مثل قوله: قد جاءكم بصائر من ربكم [الأنعام/ 104]، وقال نسوة في المدينة [يوسف/ 30] ونحو ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 4/159]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولو ترى إذ يتوفى الّذين كفروا الملائكة}
قرأ ابن عامر (ولو ترى إذ تتوفى الّذين كفروا) بالتّاء وحجته قوله (إن الّذين كفروا توفّاهم الملائكة) وقوله {تحمله الملائكة}
وقرأ الباقون {إذ يتوفى} بالياء الأمر بينهما قريب وذلك أنّك إذا قرأت بالتّاء أردت جماعة الملائكة وإذا قرأت بالياء أردت جمع الملائكة كما تقول قالت الرّجال وقال الرّجال قال الله تعالى (فناداه الملائكة) و{فنادته الملائكة} ). [حجة القراءات: 311]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {ولو ترى إذ يتوفى} قرأه ابن عامر بتاءين، على تأنيث لفظ الملائكة، وقرأ الباقون بياء وتاء على التذكير؛ لأنه قد فرّق بين الفعل والفاعل، ولأن تأنيث الملائكة غير حقيقي، وهو في الحجة مثل: {فنادته الملائكة} «آل عمران 39» و{ناداه} «النازعات 16»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/493]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {إذْ تَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا} [آية/ 50] بالتاء:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن الفعل مسند إلى جماعة وهي الملائكة، والجماعة مؤنثة في اللفظ، فلهذا دخلت التاء في الفعل إيذانًا بأن الفاعل مؤنث.
وقرأ الباقون {يَتَوَفَّى} بالياء.
والوجه أن تأنيث الجمع غير حقيقي، فيجوز تذكيره لذلك، كقوله تعالى {قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ} لا سيما وقد فصل بين الفعل وفاعله، وإذا وقع
[الموضح: 580]
الفصل حسن التذكير). [الموضح: 581]

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51)}

قوله تعالى: {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52)}

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)}

قوله تعالى: {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:47 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنفال
[ من الآية (55) إلى الآية (59) ]

{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59)}

قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56)}

قوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما يروى عن الأعمش أنه قرأ: [فَشَرِّذ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ] بالذال معجمة.
قال أبو الفتح: لم يمرر بنا في اللغة تركيب ش ر ذ، وأوجه ما يُصْرَف إليه ذلك أن تكون الذال بدلًا من الدال، كما قالوا: لحم خَرادل وخَراذل، والمعنى الجامع لهما أنهما مجهوران ومتقاربان). [المحتسب: 1/280]

قوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58)}

قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تحسبنّ الّذين كفروا... (59).
قرأ ابن عامر وحفص وحمزة (ولا يحسبنّ) بالياء ها هنا، وكذلك في النور، إلا حفصًا فإنه قرأ في النور بالتاء مثل أبي بكر.
وقرأ الباقون (ولا تحسبنّ) بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/441]
قال أبو منصور: من قرأ (ولا تحسبنّ) بالتاء فهو خطاب للنبي صلى الله عليه، ويكون (تحسبنّ) عاملا في (الذين) وفي (سبقوا)، المعنى: ولا تحسبن من أفلت من هذه الواقعة قد سبق، ومعنى سبق: فات الموت، كأنه قال: لا تحسبن الذين كفروا سابقين الموت، أي: فائتين.
وأما من قرأ: (ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا) بالياء فوجهه ضعيف عند أهل العربية، وهو مع ضعفه جائز على أن يكون المعنى ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، وقد روي لابن مسعود أنه قرأ (ولا يحسبنّ الّذين كفروا) بالياء، وهذه القراءة تؤيد هذه القراءة، والله أعلم). [معاني القراءات وعللها: 1/442]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّهم لا يعجزون (59).
قرأ ابن عامر وحده (أنّهم) بفتح الألف، وكسرها الباقون.
قال أبو منصور: القراءة بالكسر على الاستئناف، ومن فتح (أنّهم) فالمعنى: ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا؛ لأنهم لا يعجزون. والنون مفتوحة من (يعجزون) ). [معاني القراءات وعللها: 1/442]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون} [59].
قرأ حمزة وابن عامر وحفص عن عاصم بالياء وفتح السين.
وقرأ الباقون بالتاء وكسر السين، إلا عاصما فإنه فتح السين أيضًا. فمن قرأ بالتاء وهو الاختيار جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. أي: فلا تحسبن يا محمد الذين أفلتوا من هذا الحرب إنهم لا يعجزون الله، أي: يفوتونه فـ «الذين» المفعول الأول لـــ «تحسبن» و«كفروا» صلة «الذين» و«سبقوا» المفعول الثاني، و«إنهم» بكسر الهمزة مستأنف.
وقرأ ابن عامر وحده {أنهم لا يعجزون} بالفتح على معنى بأنهم لا يعجزون، ويجعل «أنهم» بدلاً من «سبقوا» ويكون معنى «سبقوا» مصدرًا بإضمار «أن» خفيفًا والتقدير: أن سبقوا، كما تقول: حسبت زيدًا أن قام، ثم تحذف «أن» فتقول: حسبت زيدًا قام.
وفي حرف ابن مسعود: {ولا تحسبن الذين كفروا أنهم سبقوا}.
وقوله: {إنهم لا يعجزون} اتفق القراء على فتح النون؛ لأنها نون جماعة كما تقول: يضربون ويأكلون، وإنما ذكرته لأن أحمد بن عبدان حدثني عن علي عن أبي عبيد قال: قرأ ابن محيصن: {لا يعجزوني} بكسر النون، أراد: يعجزونني فحذف إحدى النونين اختصارًا، وحذف الياء اجتزاء بالكسرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/230]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله [جلّ وعزّ]: ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا [الأنفال/ 59].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم، في رواية أبي بكر، والكسائيّ، ولا تحسبن الذين كفروا بالتاء وكسر السين، غير عاصم فإنّه فتح السين، وفي النور أيضا [57] بالتاء.
وروى حفص عن عاصم، وابن عامر وحمزة: ولا يحسبن بالياء وفتح السين.
وقرأ [عاصم] في رواية حفص بالياء هنا، وفي
[الحجة للقراء السبعة: 4/154]
النور بالتاء. والباقون غير حمزة وابن عامر في السورتين بالتاء، وقرأهما حمزة بالياء.
قال أبو علي: من قرأ: ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا.
بالتاء، ف الذين كفروا: المفعول الأول، وسبقوا المفعول الثاني، وموضعه نصب، ووجهه بيّن.
ومن قرأ: يحسبن الذين كفروا* بالياء، فلا يخلو القول فيه من أن يكون أسند يحسبن* إلى الذين كفروا، فجعل الذين كفروا الفاعل، فإن جعل الذين كفروا رفعا لإسناد الفعل إليهم، لم يحسن، لأنه لم يعمل يحسبن* في المفعولين، فلا يحمله على هذا، ولكن يحمله على أحد ثلاثة أشياء:
إما أن تجعل فاعله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، كأنه: ولا يحسبنّ النبي الذين كفروا، وهو قول أبي الحسن.
ويجوز أن يكون أضمر المفعول الأول، التقدير: ولا يحسبنّ الذين كفروا نفسهم سبقوا، أو إيّاهم سبقوا.
ويجوز أيضا أن تقدره على حذف «أن» كأنه: ولا يحسبنّ الذين كفروا أن سبقوا؛ فحذفت أن كما حذفتها في تأويل سيبويه، في قوله: أفغير الله تأمروني أعبد [الزمر/ 64]،
[الحجة للقراء السبعة: 4/155]
كأنّه: أفغير عبادة الله تأمرونّي، وحذف أن قد جاء في شيء من كلامهم. قال:
وإنّ لكيزا لم تكن ربّ علّة * لدن صرّحت حجّاجهم فتفرقوا فحذف أن، والتقدير: لدن أن صرّحت، وأثبته الأعشى في قوله:
أراني لدن أن غاب رهطي كأنّما... يرى بي فيكم طالب الضّيم أرنبا
وقد حذفت من الفعل وهي مع صلتها في موضع الفاعل، أنشد أحمد بن يحيى:
[الحجة للقراء السبعة: 4/156]
وما راعنا إلا يسير بشرطة... وعهدي به قينا يفشّ بكير
فإذا وجّهته على هذا، سدّ: أن سبقوا، مسدّ المفعولين، كما أن قوله [جلّ وعزّ]: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا [العنكبوت/ 2] كذلك). [الحجة للقراء السبعة: 4/157]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ: إنهم لا يعجزون [الأنفال/ 59] بكسر الألف، إلا ابن عامر فإنه قرأ: أنهم لا يعجزون بفتح الألف.
قال أبو عبيدة: سبقوا معناها: فاتوا، وإنهم لا يعجزون لا يفوتون. ومثل ما فسّره أبو عبيدة بفاتوا قوله:
أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا [العنكبوت/ 4]، وكما أن ما بعد هذه الآية من قوله: ساء ما يحكمون منقطعة من الجملة التي قبلها، كذلك يكون ما بعد هذه، فتكون إن مكسورة على أنها استئناف كلام، كما كان: ساء ما يحكمون كذلك.
[الحجة للقراء السبعة: 4/157]
ووجه قول ابن عامر أنه جعله متعلقا بالجملة الأولى، فيكون التقدير: لا تحسبنّهم سبقوا، لأنهم لا يفوتون، فهم يجزون على كفرهم). [الحجة للقراء السبعة: 4/158]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا يحسبن الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون}
قرأ ابن عامر وحمزة وحفص {ولا يحسبن الّذين كفروا} بالياء قال الزّجاج وجهها ضعيف عند أهل العربيّة إلّا أنّها جائزة على أن يكون المعنى ولا يحسبن الّذين كفروا أن سبقوا لأنّها في حروف ابن مسعود (أنهم سبقوا) ف أن مخفّفة من أن وأن تنوب عن الاسم والخبر قال وفيها وجه آخر يكون ولا يحسبن قبيل المؤمنين الّذين كفروا سبقوا
وقرأ الباقون {ولا تحسبن الّذين} بالتّاء ف {الّذين} المفعول الأول و{سبقوا} المفعول الثّاني المعنى لا تحسبن يا محمّد من أفلت من هذه الحرب قد سبق إلى الحياة
قرأ ابن عامر {إنّهم لا يعجزون} بفتح الألف المعنى ولا تحسبن الّذين كفروا سبقوا لأنهم لا يعجزون الله قال الزّجاج وقد يجوز أن يكون {لا} لغوا فيكون المعنى ولا تحسبن الّذين كفروا أنهم يعجزون وتكون أن بدلا من سبقوا
وقرأ الباقون {إنّهم} بالكسر على الابتداء). [حجة القراءات: 312]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {لا يحسبن الذين كفروا} قرأ حفص وابن عامر وحمزة بالياء، على لفظ الغيبة، لتقدم ذكر الذين كفروا ولقوله: {فهم لا يؤمنون} «55»، وقوله: {لعلهم يذكرون} «57» وقوله: {إليهم على سواء} «58» فردّ «يحسبن» في الغيبة على هذه الألفاظ المتكررة بلفظ الغيبة، وهم الفاعلون، والمفعول الأول لـ «يحسبن» مضمر، و«سبقوا» المفعول الثاني: والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا، ويجوز أن يضمر مع «سبقوا» «أن» فتسد مسد المفعولين، والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم أن سبقوا، فهو مثل {أحسب الناس أن يتركوا} «العنكبوت
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/493]
2» في سد «أن» مسد المفعولين، ويجوز أن يكون الفاعل لمن قرأ بالياء النبي عليه السلام، فتستوي القراءة بالياء وبالتاء، والتقدير: ولا يحسبن محمد الذين كفروا سبقوا، وقرأ الباقون بالتاء، على الخطاب للنبي عليه السلام، و«الذين كفروا» و«سبقوا» مفعولان لـ «يحسب» وهو الاختيار، لظهور معناه، ولأن الجماعة عليه، وقد تقدم ذكر فتح السين وكسرها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/494]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {إنهم لا يعجزون} قرأ ابن عامر بفتح الهمزة، على إضمار اللام وحذفها، أي: سبقوا لأنهم لا يعجزون، والمعنى: لا يحسبن الكفار أنفسهم فاتوا؛ لأنهم لا يعجزون، أي لا يفوتون. فـ «أن» في موضع نصب لحذف اللام، أو في موضع خفض على إعمال اللام، لكثرة حذفها مع «أن» وهو مروي عن الخليل والكسائي، وقرأ الباقون بكسر «إن» على الاستئناف والقطع مما قبله، وهو لاختيار؛ لما فيه من معنى التأكيد، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/494]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا} [آية/ 59] بالياء:
قرأها ابن عامر وحمزة وعاصم، وكذلك في النور غير عاصم.
والوجه أن قوله {الَّذِينَ كَفَرُوا} فاعل {يَحْسَبَنَّ وقوله {سَبَقُوا} المفعول الثاني، والمفعول الأول محذوف، والتقدير: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا، أو إياهم سبقوا.
ويجوز أن يكون على إضمار أن المخففة من الثقيلة، كأنه قال: ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، فلا يحتاج حينئذ إلى إضمار المفعول الأول؛ لأن أن سبقوا يقوم مقام المفعولين، كما أضمر أن في قول الشاعر:
41- وما راعني إلا يسير بشرطةٍ = وعهدي به فينا يفش بكير
والتقدير: إلا أن يسير.
[الموضح: 581]
ويجوز أن يكون في {يَحْسَبَنَّ} ضمير النبي صلى الله عليه (وسلم)، كأنه قال: ولا يحسبن النبي الذين كفروا، فيكون الذين كفروا المفعول الأول {سَبَقُوا} المفعول الثاني.
وقرأ الباقون {تَحْسَبَنَّ} بالتاء في السورتين.
والوجه أنه على خطاب النبي صلى الله عليه (وسلم) و{الَّذِينَ كَفَرُوا} مفعول أول، و{سَبَقُوا} مفعول ثانٍ، وهذا الوجه ظاهر). [الموضح: 582]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {أنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ} [آية/ 59] بفتح الألف من {أنَّهُمْ}:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه على تقدير اللام، وهو متعلق بما قبله تعلق المفعول له، والتقدير: لا يحسبن الذين كفروا سبقوا؛ لأنهم لا يفوتون.
وقرأ الباقون {إنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ} بكسر الألف.
والوجه أنه على الاستئناف والقطع عما قبله؛ لأن الكلام تم عند قوله {سَبَقُوا ثم استأنف فقال {إنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ} فهو كلام مبتدأ، ومثله {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا} ثم استأنف فقال {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} ). [الموضح: 582]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة