هل في سورة الماعون آيات منسوخة؟
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): ( سورة الدين: نصفها مكي ونصفها من أولها إلى قوله: {ولا يحض على طعام السكين} [3 / الماعون / 107] نزل بمكة في العاص بن وائل السهمي وإلى آخرها نزل بالمدينة في عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين وجميعها محكم).[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 67-68]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (سورة القدر إلى آخر القرآن
حدّثنا يموت بإسناده عن ابن عبّاسٍ،: «أنّ سورة القدر، ولم يكن مدنيّتان، وأنّ إذا زلزلت الأرض زلزالها إلى آخر قل يا أيّها الكافرون مكّيّةٌ، وأنّ إذا جاء نصر اللّه إلى آخر قل أعوذ بربّ النّاس مدنيّةٌ»
وقال كريبٌ: وجدنا في كتاب ابن عبّاسٍ: «أنّ من سورة القدر إلى آخر القرآن مكّيّةٌ إلّا إذا زلزلت الأرض، وإذا جاء نصر اللّه، وقل هو اللّه أحدٌ، وقل أعوذ بربّ الفلق، وقل أعوذ بربّ النّاس فإنّهنّ مدنيّاتٌ»
وقال أبو جعفرٍ: لم يجد فيهنّ ناسخًا ولا منسوخًا
وإذا تدبّرت ذلك وجدت أكثرهنّ وأكثر ما ليس فيه ناسخٌ ولا منسوخٌ إنّما هو
فيما لا يجوز أن يقع فيه نسخٌ لأنّه لا يجوز أن يقع نسخٌ في توحيد اللّه عزّ وجلّ، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، والعلماء يقولون: ولا في إخباره، ومعناه: ولا في إخباره بما كان وما يكون والحكمة في هذا: أنّ النّسخ إنّما يكون في أحكام الشّرائع من الصّلاة، والصّيام، والحظر، والإباحة
وقد يجوز أن ينقل الشّيء من الأمر إلى النّهي، ومن النّهي إلى الأمر لأنّك إذا قلت: افعل كذا، وكذا محرمٌ عليك سنةً، جاز أن تبيحه بعد سنةٍ، وإذا قلت: افعل كذا، وكذا محرمٌ عليك، وأنت لا تريد وقتًا أو شرطًا فكذا أيضًا سواءٌ عليك ذكرته أم لم تذكره، فهذا محالٌ في توحيد اللّه عزّ وجلّ، وأسمائه، وصفاته، وإخباره بما كان وما يكون ألا ترى أنّه محالٌ أن تقول: قام فلانٌ، ثمّ تقول بعد وقتٍ: لم يقم، لأنّه لم يقع في الأوّل اشتراطٌ، ولا زمانٌ، فالنّسخ في الإخبار بما كان وما يكون كذبٌ، وفي الأمر والنّهي أيضًا ممّا لا يقع فيه نسخٌ وذلك الأمر بتوحيد اللّه عزّ وجلّ واتّباع رسله صلّى اللّه عليهم أجمعين وخصّ محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم نبيّ الرّحمة بالصّلاة والتّسليم وعلى آله وأصحابه وأزواجه واتباعه بإحسانٍ وفضلٍ وكرمٍ، والحمد للّه ربّ العالمين).[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 3/153-154] (م)
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (سورة الدّين، نزلت نصفين أو نصفان نصفها بمكّة ونصفها بالمدينة فالّذي أنزل منها بمكّة {أرأيت الّذي يكذب بالدّين} نزلت في العاص بن وائل السّهمي {فذلك الّذي يدع اليتيم ولا يحضّ على طعام المسكين} إلى ههنا.
ونزل باقيها في عبد الله بن أبي بن سلول المنافق {فويل للمصلين} إلى أخّرها نزلت بالمدينة وليس فيها ناسخ ولا منسوخ).[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 205]