دراسة [أنى] في القرآن الكريم
1- ذكر سيبويه لأني معنيين: كيف، وأين. [2/312].
وتكلم عنها شرطية في [1/432].
وقال الرضي [من] مع [أني] ظاهرة أو مقدرة، وإنما جاز إضمار [من] لأنها تدخل في أكثر الظروف التي لا تتصرف، أو يقل تصرفها.
وقال: لا يقال: أني زيد بمعنى أين زيد [2/108–109].
ويرد عليه بقوله تعالى: {أنى لك هذا}.
وانظر ما قاله ابن الدهان. [البرهان:4/250].
2- ذكر أبو حيان في [البحر:2/156] أن [أني] تأتي بمعنى متى، ولكنه لم يخرج على ذلك المعنى آية من الآيات، بل كان يكتفي بكيف ومن أين.
وقال بذلك الرضي أيضا وأجاز في قوله تعالى: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} أن يكون بمعنى كيف، أو من أين، أو متى.
وقال بذلك العكبري في قوله تعالى: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها}. [2: 259]، أيضا [البرهان:4/250].
والأزهري في التهذيب خرج على ذلك قوله تعالى: {قلتم أنى هذا} وكذلك البرهان، والقاموس.
3- قال الرضي: «ولا يجيء بمعنى متى أو كيف إلا وبعده فعل».
ويرد عليه بقوله تعالى:
- {قال يا مريم أنى لك هذا} [3: 37]
- {قلتم أنى هذا} [3: 165]
- {أنى لهم الذكرى} [14: 33]
- {فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} [47: 18]
- {وأنى له الذكرى} [89: 23]. قيل فيها بمعنى كيف.
4- إذا كانت [أنى] بمعنى كيف كانت اسما مبنيا منصوبا على الحال ؛ وإذا كانت بمعنى من أين كانت ظرفا مبنيا مكانيا، فهي مبنية لتضمن حرف الاستفهام أو الشرط، وإذا كانت خبرا فهي متعلقة بمحذوف هو الخبر. [البحر:2/156].
5- جاءت [أنى] شرطية في قوله تعالى: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} [2: 223].
في [البحر:2/171–172] «لا جائز أن تكون استفهاما؛ لأنها إذا كانت استفهاما اكتفت بما بعدها من فعل ؛ كقوله: {أنى يكون لي ولد} أو من اسم، كقوله: {أنى لك هذا} ولا تفتقر إلى غير ذلك. وهنا يظهر افتقارها وتعلقها بما قبلها..
والذي يظهر لي – والله أعلم – أنها تكون شرطا ؛ لافتقارها إلى جملة غير الجملة التي بعدها، وتكون قد جعلت فيها الأحوال كجعل الظروف المكانية، وأجريت مجراها، تشبيها للحال بالظرف المكاني، وقد جاء نظير ذلك في لفظ [كيف] خرج به عن الاستفهام إلى معنى الشرط في قولهم: كيف تكون أكون.. فلا يجوز ها هنا أن تكون استفهاما، وإنما لحظ فيها معنى الشرط وارتباط الجملة بالأخرى، وجواب الجملة محذوف، ويدل عليه ما قبله، وتقديره: أنى شئتم فأتوه... كما حذف جواب الشرط في قولك: اضرب زيدا أنى لقيته.
فإن قلت: قد أخرجت [أنى] عن الظرفية الحقيقية، وأبقيتها لتعميم الأحوال، مثل كيف، وجعلتها مقتضية لجملة أخرى كجملة الشرط فهل الفعل الماضي الذي هو [شئتم] في موضع جزم كحالها إذا كانت ظرفا أم هو في موضع رفع كهو بعد كيف في قولهم: كيف تصنع أصنع؟
فالجواب: أنه يحتمل الأمرين، لكن يرجح أن يكون في موضع جزم، لأنه قد استقر الجزم بها إذا كانت ظرفا صريحا، غاية ما في ذلك تشبيه الأحوال بالظروف، وبينهما علاقة واضحة، إذ كل منهما على معنى [في] بخلاف [كيف] فإنه لم يستقر فيها الجزم».
6- في غير الآية السابقة كانت [أنى] استفهامية بمعنى كيف أو من أين، وهذا بيانها:
1. {ثم انظر أنى يؤفكون} [5: 75].
[الكشاف:1/356] بمعنى كيف. [القرطبي:6/251]، [البرهان:4/249] بمعنى كيف أو، من أين، [الرضي:2/109].
2. {قاتلهم الله أنى يؤفكون} [9: 30].
بمعنى كيف، [الكشاف:2/149]، [البحر:5/32].
3. {قاتلهم الله أنى يؤفكون} [63: 4].
بمعنى كيف، [الكشاف:4/101]، [البحر:8/273]، [القرطبي:8/121].
4. {ذالكم الله فأنى تؤفكون} [6: 95].
بمعنى كيف، [الكشاف:2/29]، بمعنى من أين، [القرطبي:7/44].
5. {قل الله يبدؤ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون} [10: 34].
بمعنى كيف، [القرطبي:8/341].
6. {ليقولن الله فأنى يؤفكون} [29: 61].
بمعنى كيف، [الكشاف:3/195].
7. {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} [35: 3].
فمن أي وجه، [الكشاف:3/268]، [القرطبي:14/322] بمعنى من أين. [البحر:7/300] بمعنى كيف.
8. {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} [40: 62].
فكيف من أي جهة [الكشاف:3/377]، فكيف، [البحر:7/473]، [القرطبي:15/328].
9. {ليقولن الله فأنى يؤفكون} [43: 87].
بمعنى كيف، [البحر:8/30].
10. {قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه} [2: 247].
كيف ومن أين، [الكشاف:1/148]، كيف، [البحر:2/258]، [القرطبي:3/246].
11. {قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر} [3: 40].
بمعنى كيف أو من أين. [العكبري:1/75]، وفي [البرهان:4/249] «بمعنى من أين.. قال ابن فارس: والأجود أن يقال في هذا أيضا «كيف [فقه اللغة:ص113]. بمعنى كيف، [البحر:2/249]، [القرطبي:4/79].
12. {قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر} [3: 47].
بمعنى من أين أو كيف، [البحر:2/462]، من أين [البرهان:4/249].
13. {بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة} [6: 101].
بمعنى كيف أو من أين، [العكبري:1/143]، كيف، [البحر:4/194] من أين، [القرطبي:7/54].
14. {قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا} [19: 8].
15. {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} [19: 20].
سؤال عن الكيفية، [البحر:6/181].
16. {فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون} [10: 32].
بمعنى كيف، [البحر:5/154]، [القرطبي:8/340].
17. {لا إله إلا هو فأنى تصرفون} [39: 6].
بمعنى كيف، [الكشاف:3/339]، [القرطبي:15/236]، [البحر:7/417].
18. {ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون} [40: 69].
19. {أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين} [44: 13].
بمعنى كيف [الكشاف:3/431]، [البحر:8/34]، من أين، [القرطبي:16/132].
20. {يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى} [89: 23].
ومن أين له [الكشاف:4/211]، [القرطبي:20/56].
21. {قال يا مريم أنى لك هذا} [3: 37].
من أين لك [الكشاف:1/187]، [البرهان:4/249]، [الرضي:2/108].
[العكبري:1/75]. سؤال عن الجهة أو عن الكيفية. [البحر:2/443].
22. {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا} [3: 165].
في [البحر:3/107] «[أنى] سؤال عن الحال هنا، ولا يناسب هنا أن يكون بمعنى أين، أو متى ؛ لأن الاستفهام لم يقع عن المكان، ولا عن الزمان هنا، وإنما الاستفهام وقع عن الحالة التي اقتضت لهم ذلك سألوا عنها على سبيل التعجب».
وانظر [الكشاف:1/228]، في [البرهان:4/250] بمعنى متى أو من أين.
23. {فإنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} [47: 18].
بمعنى كيف، [البحر:8/80]، [البرهان:4/249]، بمعنى من أين [القرطبي:16/241].
24. {قال إنى يحي هذه الله بعد موتها} [2: 259].
بمعنى متى، أو كيف. [العكبري:1/61]، [البرهان:4/249–250] من أي طريق، [القرطبي:3/290].
25. {سيقولون لله قل فأنى تسحرون} [23: 89].
بمعنى كيف، [البحر:6/418]، [القرطبي:12/145].
26. {فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون} [36: 66].
بمعنى كيف، [البحر:7/344]، من أين [القرطبي:15/49].
27. {وأنى لهم التناوش من مكان بعيد} [34: 52].
من أين لهم. [لسان العرب].
قرئ في الشواذ في قوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه * إنا صببنا الماء صبا} [80: 24-25]. قرئ: [أنى] أي من أين. [ابن خالويه:ص169]، [البرهان:4/249]، وعلى هذا فالوقف على قوله: {طعامه}.