جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني محمد بن مسلم عن أيوب بن موسى عن محمد بن كعب القرظي قال: إن ابن أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله الأصغر الأبتر، فقال: [ ....... ] كذا قولا عنه وكره أن يعلم صاحبه أن ابن أم مكتوم من أصحاب ........ {عبس وتولى (1) أن جاءه الأعمى}). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 104]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {عبس وتولى}؛ قال جاء ابن أم مكتوم إلى النبي وهو يكلم أبي بن خلف فأعرض عنه فأنزل الله تعالى عليه: {عبس وتولى}؛ قال: فكان النبي بعد ذلك يكرمه). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 348]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({عبس وتولّى}«كلح وأعرض»). [صحيح البخاري: 6/ 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}: كَلَحَ وأَعرَضَ، أمَّا تَفسِيرُ عَبَسَ فَهُو لأَبِي عُبَيْدَةَ، وأمَّا تَفسِيرُ تَوَلَّى؛ فَهُو في حَدِيثِ عَائِشَةَ الذي سَأَذكُرُهُ بعدُ ولم يَختَلِفِ السَّلَفُ في أنَّ فَاعِلَ عَبَسَ هُو النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ، وأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: هُو الكَافِرُ). [فتح الباري: 8/ 692]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({عَبَسَ}: كَلَحَ وَأعْرَضَ.
تَفْسِيرُ {عَبَسَ}؛ بِقَوْلِهِ: كَلَحَ هُوَ لأَبِي عُبَيْدَةَ، وَتَفْسِيرُهُ بِأَعْرَضَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفِ السَّلَفُ فِي أَنَّ فَاعِلَ عَبَسَ هُوَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وَأَغَرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَاَلَ: هُوَ الْكَافِرُ الَّذِي كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- انْتَهَى. قِيلَ: كَانَ هَذَا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، وَقِيلَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يُخَاطِبُ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ نَاسٌ مِنْ وُجُوهِ الْمُشْرِكِينَ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ وَعُتْبَةُ فَهَذَا يَجْمَعُ الأَقْوَالَ). [عمدة القاري: 19/ 278]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({عَبَسَ} النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَادَ أَبُو ذَرٍّ: وَتَوَلَّى (كَلَحَ) بفَتْحَتَيْنِ قَالَ في الصِّحَاحِ: الْكُلُوحُ تَكَشُّرٌ في عُبُوسٍ وقد كَلَحَ الرَّجُلُ كُلُوحًا وكُلاَحًا، (وَأَعْرَضَ) هو، تَفْسِيرُ وَتَوَلَّى؛ أي: أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ الكريمِ لأجْلِ أنْ جَاءَهُ الأَعْمَى عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وعنده صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُمْ إلى الإسلامِ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي مما عَلَّمَكَ اللَّهُ وكَرَّرَ ذلك، ولم يَعْلَمْ أنه مَشْغُولٌ بذلك، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطْعَهُ لكلامِهِ، وَعَبَسَ وَأَعْرَضَ عنه، فَعُوتِبَ في ذلك بما نَزَلَ عَلَيْهِ في هذه السُّورَةِ، فَكَانَ بعد ذلك يَقُولُ إِذَا جَاءَ: ((مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي اللَّهُ فِيهِ)) وَيَبْسُطُ لَهُ رِدَاءَهُ). [إرشاد الساري: 7/ 411]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَعْنِي تَعالَى ذِكْرُهُ بقولِهِ: {عَبَسَ}: قَبَضَ وَجْهَهُ تَكَرُّهاً، {وَتَوَلَّى}، يَقُولُ: وَأَعْرَضَ). [جامع البيان: 24/ 102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ سَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عن أبي مَالِكٍ في قَوْلِهِ: {عَبَسَ وتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}؛ قَالَ: جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فعَبَسَ فِي وَجْهِهِ وتَوَلَّى، وكانَ يَتَصَدَّى لأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ؛ فقَالَ اللَّهُ: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى}). [الدر المنثور: 15/ 242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن الحَكَمِ قَالَ: مَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- بعدَ هذهِ الآيةِ مُتَصَدِّياً لغَنِيٍّ ولا مُعْرِضاً عَنْ فَقِيرٍ). [الدر المنثور: 15/ 242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن ابنِ زَيْدٍ قَالَ: لو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- كَتَمَ شَيْئاً مِن الوَحْيِ كَتَمَ هَذا عَنْ نَفْسِه). [الدر المنثور: 15/ 242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عن الضَّحَّاكِ في قَوْلِهِ: {عَبَسَ وتَوَلَّى}. قَالَ: هو رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ-, لَقِيَ رَجُلاً مِن أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فدَعَاهُ إلى الإسلامِ، فأَتَى عَبْدُ اللَّهِ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فجَعَلَ يَسْأَلُه عن أَشْيَاءَ مِن أَمْرِ الإِسْلامِ، فعَبَس فِي وَجْهِهِ، فعَاتَبَهُ اللَّهُ في ذلك، فَلَمَّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- ابنَ أُمِّ مَكْتُومٍ فأَكْرَمَهُ، واسْتَخْلَفَهُ علَى المَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ). [الدر المنثور: 15/ 243]
تفسير قوله تعالى: {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني محمد بن مسلم عن أيوب بن موسى عن محمد بن كعب القرظي قال: إن ابن أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله الأصغر الأبتر، فقال: [ ....... ] كذا قولا عنه وكره أن يعلم صاحبه أن ابن أم مكتوم من أصحاب [ ........ {عبس وتولى (1) أن جاءه الأعمى}). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 104] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، قال أخبرني أنس بن مالك قال رأيته يوم القادسية عليه درع ومعه راية سوداء يعني ابن أم مكتوم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 348]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}، يَقُولُ: لأَنَّ جَاءَهُ الأَعْمَى.
وقدْ ذُكِرَ عنْ بَعْضِ القَرَأَةِ أَنَّهُ كانَ يُطَوِّلُ الأَلِفَ وَيَمُدُّهَا مِنْ {أَنْ جَاءَهُ} فيَقُولُ: (أآنْ جَاءَهُ)، وكأنَّ معنَى الكلامِ كانَ عندَهُ: أَأَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى عَبَسَ وَتَوَلَّى؟ كما قَرَأَ مَنْ قَرَأَ: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينٍ} بِمَدِّ الأَلِفِ مِنْ (أَنْ) وقَصْرِها.
وذُكِرَ أنَّ الأعمَى الذي ذَكَرَهُ اللَّهُ في هذهِ الآيَةِ هوَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، عُوتِبَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِهِ). [جامع البيان: 24 / 102]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {أن جاءه الأعمى}؛ قال الأعمى ابن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر). [تفسير مجاهد: 730]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ سَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عن أبي مَالِكٍ في قَوْلِهِ: {عَبَسَ وتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}؛ قَالَ: جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فعَبَسَ فِي وَجْهِهِ وتَوَلَّى، وكانَ يَتَصَدَّى لأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ؛ فقَالَ اللَّهُ: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى}). [الدر المنثور: 15/ 242] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}؛ قَالَ: رجُلٌ مِن بَنِي فِهْرٍ اسْمُه عَبْدُ اللَّهِ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى}. عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ وأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ). [الدر المنثور: 15/ 243]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}؛ يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا يُدْرِيكَ يا مُحَمَّدُ، لعَلَّ هذا الأعمَى الذي عَبَسْتَ في وَجْهِهِ يَزَّكَّى، يقولُ: يَتَطَهَّرُ مِنْ ذُنُوبِهِ.
وكانَ ابنُ زَيْدٍ يقولُ في ذلكَ ما حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}: يُسْلِمُ). [جامع البيان: 24/ 105-106]
تفسير قوله تعالى: {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى}، يقولُ: أَوْ يَتَذَكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى، يعنِي: يَعْتَبِرُ فيَنْفَعَهُ الاعتبارُ والاتِّعاظُ.
والقِراءَةُ على رَفْعِ: ((فَتَنْفَعُهُ)) عَطْفاً بهِ على قولِهِ: {يَذَّكَّرُ}. وقدْ رُوِيَ عنْ عاصِمٍ النَّصْبُ فيهِ والرفعُ، والنصبُ على أنْ تَجْعَلَهُ جواباً بالفاءِ لِـ(لَعَلَّ)، كما قالَ الشاعِرُ:
عَلَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ أَوْ دُولاتِهَا ....... يُدِلْنَنَا اللَّمَّةَ مِنْ لَمَّاتِهَا
فتَسْتَرِيحَ النفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا ....... وتُنْقَعَ الغُلَّةُ مِنْ غُلاَّتِهَا
(وتُنْقَعَُ) يُرْوَى بالرفعِ والنصبِ). [جامع البيان: 24/ 106]
تفسير قوله تعالى: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يقولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لنبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أمَّا مَن اسْتَغْنَى بمالِهِ، فأنْتَ لهُ تَتَعَرَّضُ؛ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهْرانُ، عنْ سُفْيَانَ: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى}، قالَ: نَزَلَتْ فِي العَبَّاسِ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قالَ: ثَنَا عِيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبِي نَجِيحٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: قولُهُ: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى}، قالَ: عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ وشَيْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ). [جامع البيان: 24/ 107]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {وأما من استغنى}؛ يعني رجلا من قريش وأمية بن خلف). [تفسير مجاهد: 730]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}؛ قَالَ: رجُلٌ مِن بَنِي فِهْرٍ اسْمُه عَبْدُ اللَّهِ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى}؛ عُتْبَةُ بنُ رَبِيعَةَ وأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ). [الدر المنثور: 15/ 243] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)}
- قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {تصدّى}: «تغافل عنه»). [صحيح البخاري: 6/ 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قَولُهُ: {تَصدَّى}: تَغَافَلُ عنهُ في رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ: وقَالَ غَيرُهُ إلخ. وسَقَطَ منه شَيْءٌ، والذي قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قَولِهِ تَعَالَى:{فأَنتَ لَه تصَدَّى}؛ أي: تَتَعَرَّضُ لَه، تَلَهَّى: تَغَافَلُ عَنه. فالسَّاقِطُ لَفظُ: تَتَعَرَّضُ له، ولَفظُ تَلَهَّى. وسَيَأتِي تَفسيرُ تَلَهَّى على الصَّوَابِ، وهُو بحَذفِ إِحدَى التَّاءَينِ في اللَّفظَتَينِ، والأصْلُ تَتَصَدَّى وتَتَلَهَّى.
وقد تَعقَّبَ أَبُو ذَرٍّ مَا وَقَعَ في البُخَارِيِّ فَقَالَ: إنما يُقَالُ: تَصَدَّى للأمرِ إذا رَفَعَ رَأسَهُ إليه فأمَّا تَغَافَلُ فهُو تَفسيرُ تَلَهَّى، وقَالَ ابنُ التِّينِ: قِيلَ: تَصَدَّى تَعَرَّضُ وهو اللاَّئِقُ بتَفسيرِ الآيَةِ؛ لأنَّه لَم يَتَغَافَلْ عنِ المُشْرِكِينَ إنما تَغَافَلَ عنِ الأعْمَى). [فتح الباري: 8/ 692]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({تَصَدَّى}: تَغَافَلُ عَنْهُ
أَشَارَ به إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} وفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: تَغَافَلُ، وَأَصْلُهُ: تَتَغَافَلُ، وَكَذَلِكَ أَصْلُ تَصَدَّى: تَتَصَدَّى فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ: تَتَعَرَّضُ لَهْ بِالإِقْبَالِ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْوِيحِ: فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ: تَصَدَّى تَغَافَلُ عَنْهُ، وَالَّذِي فِي غَيْرِهَا: تَصَدَّى أَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: تَصَدَّى تَغَافَلُ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ ذِكْرِ أَحَدٍ قَبْلَهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ أَنْ يُقَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ). [عمدة القاري: 19/ 279]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ غَيْرُهُ: سَقَطَ لأَبِي ذَرٍّ كالسَّابِقِ {تَصَدَّى} أي: (تَغَافَلَ عنه). قَالَ الْحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ: ليس هذا بصحيحٍ وإنما يُقَالُ: تَصَدَّى للأمْرِ إذا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، فأمَّا تَلَهَّى: فَتَغَافَلَ وَتَشَاغَلَ عنه. انْتَهَى. لأنَّهُ لم يَتَغَافَلْ عَنِ المشْرِكِ إِنَّمَا تَغَافَلَ عمَّنْ جَاءَهُ يَسْعَى). [إرشاد الساري: 7/ 412]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: {تصدّى}؛ أي: تغافل عنه وأصلهما تتصدى وتتغافل بحذف إحدى التاءين. وقال الزمخشري، أي: تتعرض له بالإقبال عليه، وهذا هو المناسب المشهور.
وقال الحافظ أبو ذرّ: إن تفسيره بتغافل عنه ليس بصحيح لأنه إنما يقال: تصدى للأمر إذا رفع رأسه إليه. اهـ شيخ الإسلام. قوله: (مثل الذي يقرأ القرآن) لفظ مثل زائد للتأكيد). [حاشية السندي على البخاري: 3/ 78]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)}
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى}، يقولُ: وأيُّ شَيْءٍ عَلَيْكَ أَنْ لا يَتَطَهَّرَ مِنْ كُفْرِهِ فيُسْلِمَ؟ ). [جامع البيان: 24/ 107]
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8)}
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى}، يقولُ: وَأَمَّا هذا الأعمَى الذي جاءَكَ سَعْياً، وهوَ يَخْشَى اللَّهَ ويَتَّقِيهِ). [جامع البيان: 24/ 107]
تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ يَخْشَى (9)}
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى}، يقولُ: وَأَمَّا هذا الأعمَى الذي جاءَكَ سَعْياً، وهوَ يَخْشَى اللَّهَ ويَتَّقِيهِ). [جامع البيان: 24/ 107] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)}
- قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({تلهّى}: تشاغل). [صحيح البخاري: 6/ 166]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {تَلَهَّى}: تَشَاغَلُ) تَقَدَّمَ القَولُ فيه). [فتح الباري: 8/ 693]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {تَلَهَّى}: تَشَاغَلُ.
أَشَارَ به إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} أَصْلُهُ: تَتَلَهَّى أَيْ: تَتَشَاغَلُ، حُذِفَتِ التَّاءُ مِنْهُمَا، وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: أَيْ: تُعْرِضُ وَتَتَغَافَلُ عَنْهُ وَتَتَشَاغَلُ بِغَيْرِهِ). [عمدة القاري: 19/ 279]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({تَلَهَّى}؛ أي: (تَشَاغَلُ) ). [إرشاد الساري: 7/ 412]
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} يقولُ: فأَنْتَ عنهُ تُعْرِضُ، وتَشَاغَلُ عنهُ بغَيْرِهِ وتَغَافَلُ). [جامع البيان: 24/ 107]