العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأعراف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 10:53 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأعراف [ من الآية (134) إلى الآية (137) ]

{وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:36 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {الطوفان} قال: أرسل الله عليهم الماء حتى قاموا فيه قياما ثم كشف عنهم فلم ينتهوا وأخصبت بلادهم خصبا لم تخصب مثله فأرسل الله عليهم الجراد فأكلته إلا قليلا فلم يؤمنوا فأرسل الله عليهم القمل وهي الدبا أولاد الجراد فأكلت ما بقي من زرعهم فلم يؤمنوا فأرسل الله عليهم الضفادع فدخلت عليهم بيوتهم ووقعت في آنيتهم وفرشهم فلم يؤمنوا ثم أرسل الله -تعالى- عليهم الدم فكانوا إذا أراد أحدهم أن يشرب ماء تحول الماء دما قال الله تعالى: {آيات مفصلات فاستكبروا} {ولما وقع عليهم الرجز} يقول العذاب). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 234] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمّا وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل}.
يقول تعالى ذكره: {ولمّا وقع عليهم الرّجز}، ولمّا نزل بهم عذاب اللّه، وحلّ بهم سخطه.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في ذلك الرّجز الّذي أخبر اللّه أنّه وقع بهؤلاء القوم، فقال بعضهم: كان ذلك طاعونًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: وأمر موسى قومه من بني إسرائيل، وذلك بعد ما جاء قوم فرعون بالآيات الخمس الطّوفان، وما ذكر اللّه في هذه الآية، فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فقال: ليذبح كلّ رجلٍ منكم كبشًا، ثمّ ليخضب كفّه في دمه، ثمّ ليضرب به على بابه، فقالت القبط لبني إسرائيل: لم تجعلون هذا الدّم على أبوابكم؟ فقالوا: إنّ اللّه يرسل عليكم عذابًا فنسلم وتهلكون، فقالت القبط: فما يعرفكم اللّه إلاّ بهذه العلامات؟ فقالوا: هكذا أمرنا به نبيّنا. فأصبحوا وقد طعن من قوم فرعون سبعون ألفًا، فأمسوا وهم لا يتدافنون، فقال فرعون عند ذلك: {ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز} وهو الطّاعون، {لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل} فدعا ربّه فكشفه عنهم، فكان أوفاهم كلّهم فرعون، فقال لموسى: اذهب ببني إسرائيل حيث شئت.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حبّويه الرّازيّ، وأبو داود الحفريّ، عن يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال حبّويه: عن ابن عبّاسٍ: {لئن كشفت عنّا الرّجز} قال: الطّاعون.
وقال آخرون: هو العذاب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: الرّجز العذاب.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلمّا كشفنا عنهم الرّجز} أي: العذاب.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، قال: حدّثنا معمرٌ، عن قتادة: {ولمّا وقع عليهم الرّجز} يقول: العذاب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولمّا وقع عليهم الرّجز} قال: الرّجز: العذاب الّذي سلّطه اللّه عليهم من الجراد والقمّل وغير ذلك، وكلّ ذلك يعاهدونه ثمّ ينكثون.
وقد بيّنّا معنى الرّجز فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده المغنيّة عن إعادتها.
وأولى القولين بالصّواب في هذا الموضع أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن فرعون وقومه أنّهم لمّا وقع عليهم الرّجز، وهو العذاب والسّخط من اللّه عليهم، فزعوا إلى موسى بمسألته ربّه كشف ذلك عنهم وجائزٌ أن يكون ذلك الرّجز كان الطّوفان والجراد والقمّل والضّفادع والدّم؛ لأنّ كلّ ذلك كان عذابًا عليهم، وجائزٌ أن يكون ذلك الرّجز كان طاعونًا. ولم يخبرنا اللّه أيّ ذلك كان؟ ولا صحّ عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- بأيّ ذلك كان خبرٌ فنسلّم له. فالصّواب أن نقول فيه كما قال جلّ ثناؤه: {ولمّا وقع عليهم الرّجز} ولا نتعدّاه إلاّ بالبيان الّذي لا تمانع فيه بين أهل التّأويل، وهو لمّا حلّ بهم عذاب اللّه وسخطه، {قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك} يقول: بما أوصاك وأمرك به، وقد بيّنّا معنى العهد فيما مضى {لئن كشفت عنّا الرّجز} يقول: لئن رفعت عنّا العذاب الّذي نحن فيه {لنؤمننّ لك} يقول: لنصدّقنّ بما جئت به ودعوت إليه ولنقرّنّ به لك {ولنرسلنّ معك بني إسرائيل} يقول: ولنخلّينّ معك بني إسرائيل فلا نمنعهم أن يذهبوا حيث شاءوا). [جامع البيان: 10/ 399-401]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولمّا وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل (134)}
قوله تعالى: {ولما وقع عليهم الرجز}
الوجه الأول:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ عن إبراهيم بن سعدٍ، عن سعد بن مالكٍ، وأسامة بن زيدٍ وخزيمة بن ثابتٍ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: الطّاعون رجزٌ عذابٌ عذّب به قومٌ قبلكم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا جريرٌ، عن يعقوب عن جعفرٍ، عن سعيدٍ بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ولمّا وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل والرّجز: الطّاعون.
وروي عن سعيد بن جبيرٍ أنّه قال: {الرّجز}: الطّاعون.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: {الرّجز}: العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن مردويه عن عائشة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: {الرجز} العذاب.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أمر موسى نبي إسرائيل فقال: ليذبح كل رجل منكم كبشا ثم ليخضب كفه في دمه ثم ليضرب على بابه. فقالت القبط لبني إسرائيل: لم تجعلون هذا الدم على بابكم قال: إن الله يرسل عليكم عذابا فنسلم وتهلكون. قال القبط: فما يعرفكم الله إلا بهذه العلامات قالوا: هكذا أمرنا نبينا. فأصبحوا وقد طعن من قوم فرعون سبعون ألفا فأمسوا وهم لا يتدافنون، فقال فرعون عند ذلك {ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} والرجز: الطاعون. فدعا ربه فكشفه عنهم فكان أوفاهم كلهم فرعون قال: اذهب ببني إسرائيل حيث شئت.
- وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: ألقى الله الطاعون على آل فرعون فشغلهم بذلك حتى خرج موسى فقال موسى لبني إسرائيل: اجعلوا أكفكم في الطين والرماد ثم ضعوه على أبوابكم كيما يجتنبكم ملك الموت. قال فرعون: أما يموت من عبيدنا أحد قالوا: لا. قال: أليس هذا عجبا أنا نؤخذ ولا يؤخذون ....
- وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير: {لئن كشفت عنا الرجز} قال: الطاعون.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة قال: {الرجز} العذاب). [الدر المنثور: 6/ 519-520]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلى أجلٍ هم بالغوه إذا هم ينكثون}.
يقول تعالى ذكره: فدعا موسى ربّه، فأجابه، فلمّا رفع اللّه عنهم العذاب الّذي أنزله بهم إلى أجلٍ هم بالغوه ليستوفوا عذاب أيّامهم الّتي جعلها اللّه لهم من الحياة أجلاً إلى وقت هلاكهم، {إذا هم ينكثون} يقول: إذا هم ينقضون عهودهم الّتي عاهدوا ربّهم وموسى، ويقيمون على كفرهم وضلالهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {إلى أجلٍ هم بالغوه} قال: عددٍ مسمًّى لهم من أيّامهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلى أجلٍ هم بالغوه إذا هم ينكثون} قال: ما أعطوا من العهود، وهو حين يقول اللّه: {ولقد أخذنا آل فرعون بالسّنين} وهو الجوع، {ونقصٍ من الثّمرات لعلّهم يذكّرون}). [جامع البيان: 10/ 402-403]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلى أجلٍ هم بالغوه إذا هم ينكثون (135)}
قوله تعالى: {فلمّا كشفنا عنهم الرّجز}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا جريرٌ، عن يعقوب، عن جعفر بن محمّدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أمر موسى قومه من بني إسرائيل فقال: ليذبح كلّ رجلٍ منكم كبشًا ثمّ ليخضّب كفّه في دمه، ثمّ ليضرب على بابه، قال فقالت القبط: فما يعرفكم اللّه إلا بهذه العلامات، قالوا: هكذا أمرنا نبيّنا -صلّى اللّه عليه وسلّم-، قال: فأصبحوا وقد طعن من قوم فرعون سبعون ألفٍ ذرًى قال: فأمسوا وهم لا يتدافنون، قال: فقال له فرعون عن ذلك: ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك، ولنرسلنّ معك بني إسرائيل والرّجز: الطّاعون قال: فدعا ربّه فكشف عنهم فكان أوفاهم كلّهم فرعون، قال: اذهب ببني إسرائيل حيث شئت.
قوله تعالى: {إلى أجلٍ هم بالغوه}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إلى أجلٍ هم بالغوه} قال: الغرق.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إلى أجلٍ هم بالغوه} عددٌ مسمًّى معهم من أيّامهم.
قوله تعالى: {إذا هم ينكثون}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ: يقول اللّه: {إلى أجلٍ هم بالغوه} إذا هم ينكثون ما أعطوا من العهود). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1550-1551]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {فلما كشفنا عنهم الرجز}، قال: يعني العذاب إلى أجل هم بالغوه يعني إلى عدد مسمى من أيامهم).[تفسير مجاهد: 241-242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {إلى أجل هم بالغوه} قال: الغرق.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {فلما كشفنا عنهم الرجز} قال: العذاب {إلى أجل هم بالغوه} قال: عدد مسمى معهم من أيامهم.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {إذا هم ينكثون} قال: ما أعطوا من العهود). [الدر المنثور: 6/ 520-521]

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا نكثوا عهودهم، انتقمنا منهم، يقول: انتصرنا منهم بإحلال نقمتنا بهم وذلك عذابه فأغرقناهم في اليمّ، وهو البحر، كما قال ذو الرّمّة:
داويّةٌ ودجى ليلٍ كأنّهما ....... يمٌّ تراطن في حافاته الرّوم
وكما قال الرّاجز:
كباذخ اليمّ سقاه اليمّ
{بأنّهم كذّبوا بآياتنا} يقول: فعلنا ذلك بهم، بتكذيبهم بحججنا وأعلامنا الّتي أريناهموها. {وكانوا عنها غافلين} يقول: وكانوا عن النّقمة الّتي أحللناها بهم غافلين قبل حلولها بهم أنّها بهم حالّةٌ.
والهاء والألف في قوله: {عنها} كنايةٌ من ذكر النّقمة، فلو قال قائلٌ: هي كنايةٌ من ذكر الآيات، ووجه تأويل الكلام إلى: وكانوا عنها معرضين فجعل إعراضهم عنها غفولاً منهم إذ لم يقبلوها كان مذهبًا.
يقال من الغفلة، غفل الرّجل عن كذا يغفل عنه غفلةً وغفولاً وغفلاً). [جامع البيان: 10/ 403]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (136)}
قوله تعالى: {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: يعني قوله: {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ} فأخذهم الله بذنوبهم فأغرقهم الله في اليم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أبو الشيخ عن الضحاك في الآية قال: فانتقم الله منهم بعد ذلك فأغرقهم في اليم.
- وأخرج ابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال: {اليم} البحر.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: {اليم} هو البحر). [الدر المنثور: 6/ 521]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث، عن غالب، عن مجاهد في قول الله: {وما كانوا يعرشون}، قال: يبنون المساكن). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 44]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {ومغاربها التي باركنا فيها} قال التي بارك فيها الشام). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 234]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن إسرائيل عن فرات القزاز قال سمعت الحسن يقول: {مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} يقول: مشارق الشام ومغاربها). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 235]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن أبي يحيى، عن مجاهد، في قوله تعالى: {التي باركنا فيها}؛ قال هي قرى الشام). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 129]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {وأورثنا الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها} قال: الشام ). [تفسير الثوري: 113]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... عروشٌ وعريشٌ بناءٌ»). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: عروشٌ وعريشٌ بناءٌ وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وما كانوا يعرشون} أي يبنون وعرش مكّة خيامها وقد تقدّم في سورة الأنعام تفسير معروشاتٍ). [فتح الباري: 8/ 300]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (عروشٌ وعريشٌ بناءٌ
قال صاحب (التّلويح) : قول البخاريّ: عروش وعريش، بناء وجدناه مروياً عن ابن عبّاس، قال الطّبريّ: حدثنا المثنى حدثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: {وما كانوا يعرشون} أي: يبنون، وقال مجاهد: يبنون البيوت والمساكن. وقال بعضهم: قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وما كانوا يعرشون} أي: يبنون. انتهى. قلت: أما قول صاحب (التّلويح) : قول البخاريّ إلى آخره، فلا وجه له أصلا لأن قول ابن عبّاس في تفسير قوله: {وما كانوا يعرشون} يبنون، فكيف يطابق تفسير عروش وعريش؟ وكذا قول بعضهم مثله، وأما تفسير البخاريّ: العروش والعريش بالبناء فليس كذلك لأن العروش جمع عرش والعرش سرير الملك وسقف البيت والعرش مصدر، قال الجوهري: عرش يعرش عرشاً أي: بنى بناء من خشب، والعريش ما يستظل به، قاله الجوهري. وقال أيضا: العرش الكرم والعريش شبه الهودج العريش وخيمة من خشب وتمام الجمع عرش مثل قليب وقلب، ومنه قيل لبيوت مكّة: العرش لأنّها عيدان تنصب وتظلل عليها، وهذا الّذي ذكره مخالف لقاعدته في تفسير بعض الألفاظ في بعض السّور وفي بعض المواضع، وكان ينبغي أنّي يقول: يعرشون يبنون إشارة لما وقع في الآية من قوله: {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}). [عمدة القاري: 18/ 235-236]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (عروش وعريش) يريد تفسير قوله تعالى: {وما كانوا يعرشون} أي (بناء، سقط من كل من ندم. فقد سقط في يده). قال ابن عباس فيما رواه الطبري وما كانوا يعرشون أي يبنون ولا مطابقة بين قوله: {يعرشون} وقول البخاري عروش وعريش لأن العروش جمع عرش وهو سرير الملك ولو قال يعرشون يبنون لكان أنسب). [إرشاد الساري: 7/ 125]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمت ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}.
يقول تعالى ذكره: وأورثنا القوم الّذين كان فرعون وقومه يستضعفونهم، فيذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، ويستخدمونهم تسخيرًا واستعبادًا من بني إسرائيل، مشارق الأرض الشّام، وذلك ما يلي الشّرق منها، ومغاربها الّتي باركنا فيها، يقول: الّتي جعلنا فيها الخير ثابتًا دائمًا لأهلها.
وإنّما قال جلّ ثناؤه: {وأورثنا} لأنّه أورث ذلك بني إسرائيل، بمهلك من كان فيها من العمالقة.
وبمثل الّذي قلنا في قوله: {مشارق الأرض ومغاربها} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن إسرائيل، عن فرات القزّاز، عن الحسن، في قوله: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها} قال: الشّام.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن فرات القزّاز، قال: سمعت الحسن يقول، فذكر نحوه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا قبيصة، عن سفيان، عن فرات القزّاز، عن الحسن: الأرض الّتي باركنا فيها، قال: الشّام.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها} هي أرض الشّام.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قوله: {مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها} قال: الّتي بارك فيها: الشّام.
وكان بعض أهل العربيّة يزعم أنّ مشارق الأرض ومغاربها نصبٌ على المحلّ، يعني: وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها، وأنّ قوله: {وأورثنا}.
إنّما وقع على قوله: {الّتي باركنا فيها} وذلك قولٌ لا معنًى له؛ لأنّ بني إسرائيل لم يكن يستضعفهم أيّام فرعون غير فرعون وقومه، ولم يكن له سلطانٌ إلاّ بمصر، فغير جائزٍ والأمر كذلك أن يقال: الّذين يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها.
فإن قال قائلٌ: فإنّ معناه: في مشارق أرض مصر ومغاربها فإنّ ذلك بعيدٌ من المفهوم في الخطّاب: مع خروجه عن أقوال أهل التّأويل والعلماء بالتّفسير.
وأمّا قوله: {وتمّت كلمة ربّك الحسنى} فإنّه يقول: وفي وعد اللّه الّذي وعد بني إسرائيل بتمامه، على ما وعدهم من تمكينهم في الأرض، ونصره إيّاهم على عدوّهم فرعون. وكلمته الحسنى قوله جلّ ثناؤه: {ونريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل} قال: ظهور قوم موسى على فرعون، وتمكين اللّه لهم في الأرض، وما ورّثهم منها.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ بنحوه.
وأمّا قوله: {ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} فإنّه يقول: وأهلكنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع. {وما كانوا يعرشون} يقول: وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور، وأخرجناهم من ذلك كلّه، وخرّبنا جميع ذلك.
وقد بيّنّا معنى التّعريش فيما مضى بشواهده.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما كانوا يعرشون} يقول: يبنون.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {يعرشون} يبنون البيوت والمساكن ما بلغت، وكان عنبهم غير معروشٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والعراق {يعرشون} بكسر الرّاء، سوى عاصم بن أبي النّجود، فإنّه قرأه بضمّها. وهما لغتان مشهورتان في العرب، يقال: عرش يعرش ويعرش.
فإذا كان ذلك كذلك، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ لاتّفاق معنى ذلك، وأنّهما معروفان من كلام العرب، وكذلك تفعل العرب في فعلٍ إذا ردّته إلى الاستقبال، تضمّ العين منه أحيانًا، وتكسره أحيانًا. غير أنّ أحبّ القراءتين إليّ كسر الرّاء لشهرتها في العامّة وكثرة القراءة بها وأنّها أصحّ اللّغتين). [جامع البيان: 10/ 404-408]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (137)}
قوله تعالى: وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، ثنا إسرائيل، عن فراتٍ القزّاز قال: سمعت الحسن يقول: مشارق الشّام ومغاربها.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة مغاربها الّتي باركنا فيها الّتي باركنا فيها الشّام.
قوله تعالى: {وتمّت كلمت ربّك}
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عمر بن يزيد عن الحسن قال: لو أنّ النّاس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم بشيءٍ دعوا اللّه أوشك اللّه أن يرفع عنهم، ولكنّهم فزعوا إلى السّيف فوكلوا إليه واللّه ما جاءوا بيومٍ خيرٍ قطّ، ثمّ قرأ: وتمّت كلمت ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وتمت كلمت ربّك الحسنى ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين اللّه لهم في الأرض وما ورّثهم منها.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الطّاهر، أنبأ ابن وهبٍ، عن موسى بن عليٍّ، عن أبيه قال: كانت بنو إسرائيل بالرّبع من آل فرعون ووليهم فرعون أربعمائة وأربعون سنةً فأضعف اللّه ذلك لبني إسرائيل فولاهم ثمان مائة عامٍ وثمانين عامًا، قال: وإن كان الرّجل ليعمّر ألف سنةٍ في القرون الأولى وما يحتلم حتّى يبلغ عشرين ومائة سنةٍ.
قوله تعالى: {يعرشون}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {يعرشون} قال: تبتنون.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {يعرشون} يبنون البيوت والمساكن ما بلغت، وكان عنبهم غير معروشٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1551-1552]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل} وهو ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين الله لهم في الأرض وما ورثهم فيها). [تفسير مجاهد: 245]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {وما كانوا يعرشون} يقول: وما كانوا يبنون من البيوت والمساكن ما بلغت وكان عنبهم غير معروش). [تفسير مجاهد: 245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}.
- أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن عساكر عن الحسن في قوله: {مشارق الأرض ومغاربها}، قال: هي أرض الشام.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن عساكر عن قتادة في قوله: {مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} قال: هي أرض الشام.
- وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن شوذب في قوله: {مشارق الأرض ومغاربها}، قال: فلسطين.
- وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله: {التي باركنا فيها}، قال: قرى الشام.
- وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: إن الله تعالى بارك في الشام من الفرات إلى العريش.
- وأخرج ابن عساكر عن أبي الأغبش وكان قد أدرك أصحاب النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه سئل عن البركة التي بوركت في الشام أين مبلغ حده قال: أول حدوده عريش مصر والحد الآخر طرف التنية والحد الآخر الفرات والحد الآخر جعل فيه قبر هود النّبيّ عليه السلام.
- وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال: إن ربك قال لإبراهيم عليه السلام: أعمر من العريش إلى الفرات الأرض المباركة وكان أول من اختتن وقرى الضيف.
- وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال: دمشق بناها غلام إبراهيم الخليل عليه السلام وكان حبشيا وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار وكان اسم الغلام دمشق فسماها على اسمه وكان إبراهيم جعله على كل شيء له وسكنها الروم بعد ذلك بزمان.
- وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الملك الجزري قال: إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط كان الشام في رخاء وعافية وإذا كان الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بيت المقدس في رخاء وعافية وقال: الشام مباركة وفلسطين مقدسة وبيت المقدس قدس ألف مرة.
- وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قلت لأبي سلام الأسود ما نقلك من حمص إلى دمشق قال: بلغني أن البركة تضعف بها ضعفين
- وأخرج ابن عساكر عن مكحول، أنه سأل رجلا أين تسكن قال: الغوطة، قال: له مكحول: ما يمنعك أن تسكن دمشق فإن البركة فيها مضعفة.
- وأخرج ابن عساكر عن كعب قال: مكتوب في التوراة أن الشام كنز الله عز وجل من أرضه بها كنز الله من عباده يعني بها قبور الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
- وأخرج ابن عساكر عن ثابت بن معبد قال: قال الله تعالى: ياشام أنت خيرتي من بلدي أسكنك خيرتي من عبادي.
- وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والروياني في مسنده، وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن زيد بن ثابت قال: كنا حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال طوبى للشام، قيل له: ولم قال: إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم
- وأخرج البزار والطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنكم ستجندون أجنادا جندا بالشام ومصر والعراق واليمن
»، قلنا: فخر لنا يا رسول الله، قال: «عليكم بالشام فإن الله قد تكفل لي بالشام ».
- وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:
«إنكم ستجندون أجنادا»، فقال رجل: يا رسول الله خر لي، فقال: «عليك بالشام فإنها صفوة الله من بلاده فيها خيرة الله من عباده فمن رغب عن ذلك فليلحق بنجدة فإن الله تكفل لي بالشام وأهله».
- وأخرج أحمد، وابن عساكر عن عبد الله بن حوالة الأزدي، أنه قال: يا رسول الله خر لي بلدا أكون فيه، فقال:
«عليك بالشام إن الله يقول: يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي»، ولفظ أحمد: «فإنه خيرة الله من أرضه يجتبي إليه خيرته من عباده فإن أبيتم فعليكم بيمنكم فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله».
- وأخرج ابن عساكر عن واثلة بن الأسقع سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
«عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من عباده فمن أبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره فإن الله تكفل لي بالشام وأهله».
- وأخرج أحمد وأبو داود، وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن حوالة الأزدي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
«إنكم ستجندون أجنادا جندا بالشام وجندا بالعراق وجندا باليمن»، فقال الحوالي: خر لي يا رسول الله، قال: «عليكم بالشام فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله».
- وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه مؤمن إلا لحق بالشام.
- وأخرج ابن عساكر عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قرأت فيما أنزل الله على بعض الأنبياء: إن الله يقول: الشام كنانتي فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم
- وأخرج ابن عساكر والطبراني عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
«ستفتح على أمتي من بعدي الشام وشيكا فإذا فتحها فاحتلها فأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة فمن احتل ساحلا من تلك السواحل فهو في جهاد ومن احتل بيت المقدس وما حوله فهو في رباط».
- وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه، وابن ماجه، وابن عساكر عن قرة عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:
«إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الناس لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة».
- وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن ربيعة قال: سمعت أنه لم يبعث نبي إلا من الشام فإن لم يكن منها أسرى به إليها.
- وأخرج الحافظ أبو بكر النجاد في جزء التراجم عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«بينا أنا نائم رأيت عمود الإسلام احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام ألا فإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام ».
- وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«الشام أرض المحشر والمنشر».
- وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال: ليهاجرن الرعد والبرق والبركات إلى الشام.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم بن عبد الرحمن قال: مد الفرات على عهد عبد الله فكره الناس ذلك فقال: يا أيها الناس لا تكرهوا مده فإنه يوشك أن يلتمس فيه طست من ماء فلا يوجد وذاك حين يرجع كل ماء إلى عنصره فيكون الماء وبقية المؤمنين يومئذ بالشام.
- وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: أحب البلاد إلى الله الشام وأحب الشام إليه القدس وأحب القدس إليه جبل نابلس ليأتين على الناس زمان يتماسحونه كالحبال بينهم.
- وأخرج الطبراني، وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«دخل إبليس العراق فقضى منها حاجته ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بيسان ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ وبسط عبقرية».
- وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال: دخل الشيطان بالمشرق فقضى قضاءه ثم خرج يريد الأرض المقدسة الشام فمنع فخرج على ساق حتى جاء المغرب فباض بيضه وبسط بها عبقرية.
- وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال: إني لأجد تردد الشام في الكتب حتى كأنه ليس لله حاجة إلا بالشام.
- وأخرج أحمد، وابن عساكر عن ابن عمر أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:
«اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، قالوا: وفي نجدنا، وفي لفظ: وفي مشرقنا، قال: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان»، زاد ابن عساكر في رواية: وبها تسعة أعشار الشر.
- وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الخير عشرة أعشار تسعة بالشام وواحد في سائر البلدان والشر عشرة أعشار واحد بالشام وتسعه في سائر البلدان وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم».
- وأخرج الطبراني، وابن عساكر عن عبد الله بن مسعود قال: قسم الله الخير فجعله عشرة أعشار فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين وقسم الشر فجعله عشرة أعشار فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين.
- وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: نجد هذه الأرض في كتاب الله -تعالى- على صفة النسر فالرأس الشام والجناحان المشرق والمغرب والذنب اليمن فلا يزال الناس بخير ما بقي الرأس فإذا نزع الرأس هلك الناس والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا تبقى جزيرة من جزائر العرب إلا وفيهم مقنب خيل من الشام يقاتلونهم على الإسلام لولاهم لكفروا.
- وأخرج ابن عساكر عن أياس بن معاوية قال: مثلت الدنيا على طائر فمصر والبصرة الجناحان والجزيرة الجؤجؤ والشام الرأس واليمن الذنب.
- وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال: رأس الأرض الشام.
- وأخرج ابن عساكر عن كعب قال: إني لأجد في كتاب الله المنزل: أن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاما.
- وأخرج ابن عساكر عن بحير بن سعد قال: تقيم الشام بعد خراب الأرض أربعين عاما.
- وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«ستخرج نارمن حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس»، قلنا: يا رسول الله فما تأمرنا قال: «عليكم بالشام»
- وأخرج ابن عساكر عن كعب قال: يوشك أن تخرج نار من اليمن تسوق الناس إلى الشام تغدو معهم إذا غدوا وتقيل معهم إذا قالوا وتروح معهم إذا راحوا فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام.
- وأخرج تمام في فوائده، وابن عساكر عن عبد الله بن عمر وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام».
- وأخرج أبو الشيخ عن الليث بن سعد في قوله: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}، قال: هي مصر وهي مباركة في كتاب الله.
- وأخرج ابن عبد الحكم في تاريخ مصر ومحمد ابن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر عن عبد الله بن عمرو قال: مصر أطيب أرض الله ترابا وأبعده خرابا ولن يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة.
- وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو قال: من أراد أن يذكر الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتنور ثمارها.
- وأخرج ابن عبد الحكم عن كعب الأحبار قال: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى أرض مصر إذا أزهرت.
- وأخرج ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة قال: كان عمرو بن العاصي يقول: ولاية مصر جامعة لعدل الخلافة.
- وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة واليمن والصدر الشام ومصر والجناح الأيمن العراق والجناح الأيسر السند والهند والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر مافي الطير الذنب.
- وأخرج أبو نعيم في الحلية عن نوف قال: إن الدنيا مثلت على طير فإذا انقطع جناحاه وقع وإن جناحي الأرض مصر والبصرة فإذا خربا ذهبت الدنيا
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وتمت كلمة ربك الحسنى}، قال: ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين الله لهم في الأرض وما ورثهم منها.
- وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن موسى بن علي عن أبيه قال: كانت بنو إسرائيل بالربع من آل فرعون ووليهم فرعون أربعمائة وأربعين سنة فضاعف الله ذلك لبني إسرائيل فولاهم ثمانمائة عام وثمانين عاما، قال: وإن كان الرجل ليعمر ألف سنة في القرون الأولى وما يحتلم حتى يبلغ عشرين ومائة سنة.
- وأخرج ابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال: لو أن الناس إذا ابتلوا من سلطانهم بشيء صبروا ودعوا الله لم يلبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه والله ما جاؤو بيوم خير قط ثم تلا هذه الآية: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}.
- وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: ما أوتيت بنو إسرائيل ما أوتيت إلا بصبرهم وما فزغت هذه الأمة إلى السيف قط فجاءت بخير.
- وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: إذا جاء أمر لا كفاء لك به فاصبر وانتظر الفرج من الله.
- وأخرج أحمد عن بيان بن حكيم قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فشكا إليه جارا له قال: اصبر فإن الله سيجيرك منه فما لبث أن أتى معاوية فحباه وأعطاه فأتى أبا الدرداء فذكر ذلك له قال: إن ذلك لك منه جزاء.
- وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه}، قال: إن الله تعالى لا يملي للكافر إلا قليلا حتى يوبقه بعمله.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وما كانوا يعرشون} قال: يبنون.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {وما كانوا يعرشون} قال: يبنون البيوت والمساكن ما بلغت وكان عنبهم غير معروش، والله أعلم). [الدر المنثور: 6/ 521-535]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 09:18 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({الرّجز} مجازه: العذاب.
{بما عهد عندك} مجازه: أوصاك وأعلمك). [مجاز القرآن: 1/ 227]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {يا أيه الساحر} فكان ابن عباس يقول: "الساحر" يريد يا أيها العالم؛ يعظمونه بذلك.
وقال ذو الرمة:
وساحرة السراب من الموامي = ترقص في نواشزها الأروم
أي الحجارة.
وقال أبو خيرة:
تسحر الأبصار لا تدري أين وجهه.
[معاني القرآن لقطرب: 593]
وقالوا: أرض مسحورة، وقد سحرت سحرًا: يأخذها المطر الجود، فيقلب نباتها ويقلعه من أصوله، ويقلب ظهر الأرض لبطنها، لشدته؛ فكأن السحر مأخوذ من ذلك). [معاني القرآن لقطرب: 594]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({والرّجز}: العذاب). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الرِّجْزُ: العذاب. قال الله تعالى- حكاية عن قوم فرعون: {لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ} أي العذاب.
ثم قد يسمّى كيد الشيطان: رجزا، لأنّه سبب العذاب. قال الله تعالى: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} ). [تأويل مشكل القرآن: 471]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ولمّا وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل}
و(الرجز) اسم للعذاب.
{قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل} وكانوا قد أخذوا بني إسرائيل بالكد الشديد حتى قالوا لموسى: {أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا}.
فيقال إنهم كانوا يستعملون بنى إسرائيل في تلبين اللّبن، وكان فرعون وأصحابه من القبط يفعلون ذلك ببني إسرائيل، فلما بعث موسى أعطوهم اللّبن يلبّنونه، ومنعوهم التبن ليكون ذلك أشق عليهم). [معاني القرآن: 2/ 370-371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما وقع عليهم الرجز}
وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد (الرجز).
قال مجاهد: وهو العذاب.
{قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك} ، قال أبو عبيدة: بما أوصاك وأعلمك.
{لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} يروى أنهم كدوهم في العمل.
قال مجاهد إلى أجل هم بالغوه إلى عدة مسماة من أيامهم فأغرقناهم في اليم وهو البحر). [معاني القرآن: 3/ 72-72]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون}
وهو البحر، وكذلك هو في الكتب الأول). [معاني القرآن: 2/ 371]

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في اليمّ} أي في البحر، قال: كباذخ اليمّ سقاه اليمّ). [مجاز القرآن: 1/ 227]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {في اليم} فكان ابن عباس يقول: هو البحر؛ وقال بعضهم: هو القلزم.
وقال ذو الرمة:
داوية ودجى ليل كأنهما = يم تراطن في حافاته الروم
وقال أبو النجم:
فهو على التيار والتيار = يمور في اليم على موار
وقوله {غافلين} فإنهم قالوا: غفل غفلة وغفولا وغفلا). [معاني القرآن لقطرب: 598]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(اليم): البحر). [تفسير غريب القرآن: 171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين}
{وكانوا عنها غافلين} أي كانوا لا يعتبرون بالآيات التي تنزل بهم). [معاني القرآن: 2/ 371]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها...}
فتنصب مشارق ومغارب تريد: في مشارق الأرض وفي مغاربها، وتوقع (وأورثنا) على قوله: {الّتي باركنا فيها}. ولو جعلت (وأورثنا) واقعة على المشارق والمغارب لأنهم قد أورثوها وتجعل (التي) من نعت المشارق والمغارب فيكون نصبا، وإن شئت جعلت (التي) نعتا للأرض فيكون خفضا.
وقوله: (وما ظلمونا) يقول: وما نقصونا شيئا بما فعلوا، ولكن نقصوا أنفسهم. والعرب تقول: ظلمت سقاءك إذا سقيته قبل أن يمخض ويخرج زبده. ويقال ظلم الوادي إذا بلغ الماء منه موضعا لم يكن ناله فيما خلا؛ أنشدني بعضهم:
يكاد يطلع ظلما ثم يمنعه ....... عن الشواهق فالوادي به شرق
ويقال: إنه لأظلم من حيّة؛ لأنها تأتي الجحر ولم تحفره فتسكنه. ويقولون: ما ظلمك أن تفعل، يريدون: ما منعك أن تفعل، والأرض المظلومة: التي لم ينلها المطر، وقال أبو الجراح: ما ظلمك أن تفيء، لرجل شكا كثرة الأكل. ويقال صعق الرجل وصعق إذا أخذته الصاعقة، وسعد وسعد ورهصت الدابة ورهصت). [معاني القرآن: 1/ 397-398]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} مجازه: يبنون وبعرش ويعرش لغتان، وعريش مكّة: خيامها). [مجاز القرآن: 1/ 227]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}
وقال: {وما كانوا يعرشون} و"يعرشون" لغتان وكذلك {نبطش} و"نبطش" و"يحشر" و{يحشر}، و{يعكف} و{يعكف}، و{ينفر} و{ينفر}). [معاني القرآن: 2/ 16]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أهل المدينة وأبو عمرو {يعكفون} و{يعرشون} بالكسر.
عاصم بن أبي النجود {يعرشون} و{يعكفون} بالضم لغتان). [معاني القرآن لقطرب: 572] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وما كانوا يعرشون}: يبنون والعرش في هذا الموضع البناء). [غريب القرآن وتفسيره: 149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما كانوا يعرشون} أي: يبنون، والعروش: البيوت والعروش: السقوف). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمت ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}
يعني بني إسرائيل، وكان منهم داود وسليمان ملكوا الأرض.
وقوله: {وتمّت كلمت ربّك الحسنى} يعنى ما وعدهم اللّه به من إهلاك عدوّهم واستخلافهم في الأرض.
(ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون).
و(يعرشون) جميعا. يقال عرش يعرش ويعرش، إذا هو بنى). [معاني القرآن: 2/ 371]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}
(القوم) ههنا: بنو إسرائيل، وكان فيهم داود وسليمان عليهما السلام.
قال قتادة: التي بورك فيها الشام.
وقيل: مصر.
ثم قال عز وجل: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}
قيل يعني بالكلمة: {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض}
قال مجاهد في قوله جل وعز: {وما كانوا يعرشون} قال: يبنون البيوت والمساكن). [معاني القرآن: 3/ 72-73]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَعْرِشُونَ} أي يبنون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَعْرِشُونَ}: يبنون). [العمدة في غريب القرآن: 137]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 05:11 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) }

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 شعبان 1435هـ/11-06-2014م, 12:48 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 شعبان 1435هـ/11-06-2014م, 12:48 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 شعبان 1435هـ/11-06-2014م, 12:49 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 شعبان 1435هـ/11-06-2014م, 12:58 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولمّا وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل (134) فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلى أجلٍ هم بالغوه إذا هم ينكثون (135) فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (136)}
الرّجز العذاب، والظاهر من الآية أن المراد بالرجز هاهنا العذاب المتقدم الذكر من الطوفان والجراد وغيره، وقال قوم من المفسرين: الإشارة هنا بالرجز إنما هي إلى طاعون أنزله فيهم مات منهم في ليلة واحدة سبعون ألف قبطي، وروي في ذلك أن موسى عليه السلام أمر بني إسرائيل بأن يذبحوا كبشا ويضمخوا أبوابهم بالدم ليكون ذلك فرقا بينهم وبين القبط في نزول العذاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف، وهذه الأخبار وما شاكلها إنما تؤخذ من كتب بني إسرائيل فلذلك ضعفت، وقولهم: بما عهد يريدون بذمامك وماتتك إليه فهي تعم جميع الوسائل بين الله وبين موسى من طاعة من موسى ونعمة من الله تبارك وتعالى، ويحتمل أن يكون ذلك منهم على جهة القسم على موسى، ويحتمل أن يكون المعنى ادع لنا ربك ماتّا إليه بما عهد إليك، ويحتمل إن كان شعر أن بين الله تعالى وبين موسى في أمرهم عهد ما أن تكون الإشارة إليه، والأول أعم وألزم، والآخر يحتاج إلى رواية، وقولهم: لئن كشفت أي بدعائك لنؤمننّ ولنرسلنّ قسم وجوابه، وهذا عهد من فرعون وملئه الذين إليهم الحل والعقد، ولهم ضمير الجمع في قوله لنؤمننّ، وألفاظ هذه الآية تعطي الفرق بين القبط وبين بني إسرائيل في رسالة موسى، لأنه لو كان إيمانهم به على أحد إيمان بني إسرائيل لما أرسلوا بني إسرائيل ولا فارقوا دينهم، بل كانوا يشاركون فيه بني إسرائيل، وروي أنه لما انكشف العذاب قال فرعون لموسى اذهب ببني إسرائيل حيث شئت فخالفه بعض ملئه فرجع فنكث). [المحرر الوجيز: 4/ 30-31]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وأخبر الله -عز وجل- أنه لما كشف عنهم العذاب نكثوا عهدهم الذي أعطوه موسى. وإذا هاهنا للمفاجأة، وإلى متعلقة ب كشفنا و «الأجل» يراد به غاية كل واحد منهم بما يخصه من الهلاك والموت. وهذا اللازم من اللفظ كما تقول أخذت كذا إلى وقت وأنت لا تريد وقتا بعينه، وقال يحيى بن سلام «الأجل» هنا الغرق.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وإنما هذا القول لأنه رأى جمهور هذه الطائفة قد اتفق أن هلكت غرقا فاعتقد أن الإشارة هنا بالأجل إنما هي إلى الغرق، وهذا ليس بلازم لأنه لا بد أنه مات منهم قبل الغرق عالم وهم ممن أخر وكشف عنهم العذاب إلى أجل بلغه، ودخل في هذه الآية فأين الغرق من هؤلاء؟ وأين هو ممن بقي بمصر ولم يغرق؟ وذكر بعض الناس أن معنى الكلام فلما كشفنا عنهم الرجز المؤجل إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون، ومحصول هذا التأويل أن العذاب كان مؤجلا، والمعنى الأول أفصح لأنه تضمن توعدا ما وقرأ أبو البرهسم وأبو حيوة: «ينكثون» بكسر الكاف، والنكث نقض ما أبرم، ويستعمل في الأجسام وفي المعاني، وقرأ ابن محيصن ومجاهد وابن جبير «الرّجز» بضم الراء في جميع القرآن، قال أبو حاتم: إلا أن ابن محيصن كسر حرفين «رجز الشيطان» «والرجز فاهجر».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: رآهما بمعنى آخر بمثابة الرجز والنتن الذي يجب التطهر منه).[المحرر الوجيز: 4/ 31]

تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واليمّ البحر، ومنه قول ذي الرمة:
ذوية ودجا ليل كأنهما ....... يم تراطن في حافاته الروم
والباء في قوله: بأنّهم باء التسبيب، ووصف الكفار بالغفلة وهم قد كذبوا وردوا في صدر الآيات من حيث غفلوا عما تتضمنه الآيات من الهدى والنجاة فعن ذلك غفلوا).[المحرر الوجيز: 4/ 32]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمت ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (137) وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهةٌ قال إنّكم قومٌ تجهلون (138)}
قوله: الّذين كانوا يستضعفون كناية عن بني إسرائيل لاستعباد فرعون لهم وغلبته عليهم، وقوله: {مشارق الأرض ومغاربها}، قال: الحسن وقتادة وغيرهما: يريد أرض الشام، وقال أبو جعفر النحاس: وقيل يراد أرض مصر وهو قول الحسن في كتاب النقاش، وقالت فرقة: يريد الأرض كلها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا يتجه إما على المجاز لأنه ملكهم بلادا كثيرة، وإما على الحقيقة في أنه ملك ذريتهم وهو سليمان بن داود ولكن الذي يليق بمعنى الآية وروي فيها هو أنه ملك أبناء المستضعفين بأعيانهم مشارق الأرض ومغاربها لا سيما بوصفه الأرض بأنها التي بارك فيها ولا يتصف بهذه الصفة وينفرد بها أكثر من غيرها إلا أرض الشام لما بها من الماء والشجر والنعم والفوائد، وحكى الطبري عن قائل لم يسمه وذكر الزهراوي أنه الفراء: أن مشارق الأرض ومغاربها نصب على الظرف أي يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها، وأن قوله: {الّتي باركنا فيها} معمول ل {أورثنا}، وضعفه الطبري، وكذلك هو قول غير متجه، والّتي في موضع خفض نعت ل الأرض، ويجوز أن يكون في موضع نصب نعت لمشارق ومغارب، وقوله: {وتمّت كلمت ربّك الحسنى} أي ما سبق لهم في علمه وكلامه في الأزل من النجاة من عدوهم والظهور عليه، قاله مجاهد، وقال المهدوي: وهي قوله: {ونريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض} [القصص: 5] وقيل هي قوله: {عسى ربّكم أن يهلك عدوّكم}.
وروي عن أبي عمرو «كلمات» ويعرشون قال ابن عباس ومجاهد معناه يبنون وعرش البيت سقفه والعرش البناء والتنضيد، وقال الحسن هي في الكروم وما أشبهها، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم بكسر الراء، وقرأ الباقون: ابن عامر وعاصم فيما روي عنه والحسن وأبو رجاء ومجاهد بضمها، وكذلك في سورة النحل وهما لغتان، وقرأ ابن أبي عبلة «يعرّشون ويعكّفون» بضم الياء فيهما وفتحة العين مشددة الراء والكاف مكسورتين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ورأيت للحسن البصري أنه احتج بقوله تعالى: {وتمّت كلمت ربّك ... } إلى آخر الآية، على أنه لا ينبغي أن يخرج على ملوك السوء وإنما ينبغي أن يصبر عليهم، فإن الله تعالى يدمرهم، ورأيت لغيره أنه قال: إذا قابل الناس البلاء بمثله وكلهم الله إليه، وإذا قابلوه بالصبر وانتظار الفرج أتى الله بالفرج، وروي هذا القول أيضا عن الحسن). [المحرر الوجيز: 4/ 32-34]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 شعبان 1435هـ/11-06-2014م, 01:01 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 شعبان 1435هـ/11-06-2014م, 01:10 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فأرسلنا عليهم الطّوفان}
اختلفوا في معناه، فعن ابن عبّاسٍ في روايةٍ: كثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزّروع والثّمار. وبه قال الضّحّاك بن مزاحم.
وقال ابن عبّاسٍ في روايةٍ أخرى: هو كثرة الموت. وكذا قال عطاءٌ.
وقال مجاهدٌ: {الطّوفان} الماء، والطّاعون على كلّ حالٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، حدّثنا يحيى بن يمان، حدّثنا المنهال بن خليفة، عن الحجّاج، عن الحكم بن ميناء، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«الطّوفان الموت».
وكذا رواه ابن مردويه، من حديث يحيى بن يمانٍ، به وهو حديثٌ غريبٌ.
وقال ابن عبّاسٍ في روايةٍ أخرى: هو أمرٌ من اللّه طاف بهم، ثمّ قرأ: {فطاف عليها طائفٌ من ربّك وهم نائمون. فأصبحت كالصّريم} [القلم: 19-20]
وأمّا الجراد فمعروفٌ مشهورٌ، وهو مأكولٌ؛ لما ثبت في الصّحيحين عن أبي يعفور قال: سألت عبد اللّه بن أبي أوفى عن الجراد، فقال: غزونا مع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- سبع غزواتٍ نأكل الجراد.
وروى الشّافعيّ، وأحمد بن حنبلٍ، وابن ماجه من حديث عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال:
«أحلّت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد، والكبد والطّحال»
ورواه أبو القاسم البغويّ، عن داود بن رشيد، عن سويد بن عبد العزيز، عن أبي تمّامٍ الأيليّ، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر مرفوعًا مثله
وروى أبو داود، عن محمّد بن الفرج، عن محمّد بن الزّبرقان الأهوازيّ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: سئل رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن الجراد فقال:
«أكثر جنود اللّه، لا آكله، ولا أحرّمه»
وإنّما تركه، عليه السّلام لأنّه كان يعافه، كما عافت نفسه الشّريفة أكل الضّبّ، وأذن فيه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في جزءٍ جمعه في الجراد، من حديث أبي سعيدٍ الحسن بن عليٍّ العدويّ، حدّثنا نصر بن يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا يحيى بن خالدٍ، عن ابن جريج، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- لا يأكل الجراد، ولا الكلوتين، ولا الضّبّ، من غير أن يحرّمها. أمّا الجراد: فرجزٌ وعذابٌ. وأمّا الكلوتان: فلقربهما من البول. وأمّا الضّبّ فقال:
«أتخوّف أن يكون مسخًا»، ثمّ قال غريبٌ، لم أكتبه إلّا من هذا الوجه
وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، يشتهيه ويحبّه، فروى عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر: أنّ عمر سئل عن الجراد فقال:
«ليت أنّ عندنا منه قفعة أو قفعتين نأكله»
وروى ابن ماجه: حدّثنا أحمد بن منيع، عن سفيان بن عيينة، عن أبي سعدٍ سعيد بن المرزبان البقّال، سمع أنس بن مالكٍ يقول: كان أزواج النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يتهادين الجراد على الأطباق.
وقال أبو القاسم البغويّ: حدّثنا داود بن رشيد، حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن نمير بن يزيد القيني حدّثني أبي، عن صديّ بن عجلان، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«إنّ مريم بنت عمران، عليها السّلام، سألت ربّها [عزّ وجلّ] أن يطعمها لحمًا لا دم له، فأطعمها الجراد، فقالت: اللّهمّ أعشه بغير رضاعٍ، وتابع بينه بغير شياعٍ» وقال نمير: "الشياع": الصّوت.
وقال أبو بكر بن أبي داود: حدّثنا أبو تقيٍّ هشام بن عبد الملك اليزني حدّثنا بقيّة بن الوليد، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيدٍ، عن أبي زهير النّميريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«لا تقاتلوا الجراد، فإنّه جند اللّه الأعظم». غريبٌ جدًّا
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، في قوله تعالى: {فأرسلنا عليهم الطّوفان والجراد} قال: كانت تأكل مسامير أبوابهم، وتدع الخشب.
وروى ابن عساكر من حديث عليّ بن زيدٍ الخرائطيّ، عن محمّد بن كثيرٍ، سمعت الأوزاعيّ يقول: خرجت إلى الصّحراء، فإذا أنا برجل من جرادٍ في السّماء، وإذا برجل راكبٍ على جرادة منها، وهو شاكٍ في الحديد، وكلّما قال بيده هكذا، مال الجراد مع يده، وهو يقول: الدّنيا باطلٌ باطلٌ ما فيها، الدّنيا باطلٌ باطلٌ ما فيها، الدّنيا باطلٌ باطلٌ ما فيها.
وروى الحافظ أبو الفرج المعافى بن زكريّا الحريريّ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن زيادٍ، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحيم، أخبرنا وكيع، عن الأعمش، أنبأنا عامرٌ قال: سئل شريح القاضي عن الجراد، فقال: قبّح اللّه الجرادة. فيها خلقة سبعة جبابرةٍ: رأسها رأس فرسٍ، وعنقها عنق ثورٍ، وصدرها صدر أسد، وجناحها جناح نسرٍ، ورجلاها رجلا جملٍ. وذنبها ذنب حيّةٍ، وبطنها بطن عقربٍ.
و [قد] قدّمنا عند قوله تعالى: {أحلّ لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسّيّارة} [المائدة:96] حديث حمّاد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- في حج أو عمرة، فاستقبلنا رجل جرادٍ، فجعلنا نضربه بالعصيّ، ونحن محرمون، فسألنا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- [عن ذلك] فقال: «لا بأس بصيد البحر
»
وروى ابن ماجه، عن هارون الحمّال عن هاشم بن القاسم، عن زياد بن عبد اللّه بن علاثة، عن موسى بن محمّد بن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أنسٍ وجابرٍ [رضي اللّه عنهما] عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-؛ أنّه كان إذا دعا على الجراد قال:
«اللّهمّ أهلك كباره، واقتل صغاره، وأفسد بيضه، واقطع دابره، وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا، إنّك سميع الدّعاء». فقال له جابرٌ: يا رسول اللّه، أتدعو على جندٍ من أجناد اللّه بقطع دابره؟ فقال: «إنّما هو نثرة حوتٍ في البحر» قال هاشمٌ أخبرني زيادٌ أنّه أخبره من رآه ينثره الحوت قال: من حقّق ذلك إنّ السّمك إذا باض في ساحل البحر فنضب الماء عنه وبدا للشّمس، أنّه يفقس كلّه جرادًا طيّارًا.
وقدّمنا عند قوله: {إلا أممٌ أمثالكم} [الأنعام: 38] حديث عمر، رضي اللّه عنه:
«إنّ اللّه خلق ألف أمّةٍ، ستّمائةٍ في البحر وأربعمائةٍ في البرّ، وإنّ أوّلها هلاكًا الجراد»
وقال أبو بكر بن أبي داود: حدّثنا يزيد بن المبارك، حدّثنا عبد الرّحمن بن قيس، حدّثنا سالم بن سالمٍ، حدّثنا أبو المغيرة الجوزجانيّ محمّد بن مالكٍ، عن البراء بن عازبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«لا وباء مع السّيف، ولا نجاء مع الجراد». حديثٌ غريبٌ
وأمّا {القمّل} فعن ابن عبّاسٍ: هو السّوس الّذي يخرج من الحنطة. وعنه أنّه الدّبى -وهو الجراد الصّغار الّذي لا أجنحة له. وبه قال مجاهدٌ، وعكرمة، وقتادة.
وعن الحسن وسعيد بن جبيرٍ: {القمّل} دوابٌّ سودٌ صغارٌ.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: {القمّل} البراغيث.
وقال ابن جريرٍ: {القمّل} جمعٌ واحدتها "قمّلة"، وهي دابّةٌ تشبه القمل، تأكلها الإبل، فيما بلغني، وهي الّتي عناها الأعشى بقوله:
قومٌ تعالج قمّلا أبناؤهم وسلاسلًا أجدا وبابًا مؤصدا
قال: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يزعم أنّ القمّل عند العرب "الحمنان"، واحدتها "حمنانةٌ"، وهي صغار القردان فوق القمقامة.
وقال الإمام أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ الرّازيّ، حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: لمّا أتى موسى، عليه السّلام، فرعون قال له: أرسل معي بني إسرائيل، فأرسل اللّه عليهم الطّوفان -وهو المطر -فصبّ عليهم منه شيئًا، خافوا أن يكون عذابًا، فقالوا لموسى: ادع لنا ربّك يكشف عنّا المطر، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربّه، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل. فأنبت لهم في تلك السّنة شيئًا لم ينبته قبل ذلك من الزّرع والثّمر والكلأ فقالوا: هذا ما كنّا نتمنّى. فأرسل اللّه عليهم الجراد، فسلطه على الكلأ فلما رأوا أثره في الكلأ عرفوا أنّه لا يبقي الزّرع، فقالوا: يا موسى، ادع لنا ربّك ليكشف عنّا الجراد فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربّه، فكشف عنهم الجراد، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل، فداسوا وأحرزوا في البيوت، فقالوا: قد أحرزنا. فأرسل اللّه عليهم القمّل-وهو السّوس الّذي يخرج منه -فكان الرّجل يخرج عشرة أجربةٍ إلى الرّحى، فلم يردّ منها إلّا ثلاثة أقفزةٍ فقالوا لموسى: ادع لنا ربّك يكشف عنّا القمّل، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربّه، فكشف عنهم، فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل. فبينما هو جالسٌ عند فرعون، إذ سمع نقيق ضفدعٍ، فقال لفرعون: ما تلقى أنت وقومك من هذا. قال وما عسى أن يكون كيد هذا؟ فما أمسوا حتّى كان الرّجل يجلس إلى ذقنه في الضّفادع، ويهمّ أن يتكلّم فتثب الضّفدع في فيه. فقالوا لموسى: ادع لنا ربّك يكشف عنّا هذه الضّفادع، فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربّه، فكشف عنهم فلم يؤمنوا. وأرسل اللّه عليهم الدّم، فكانوا ما استقوا من الأنهار والآبار، وما كان في أوعيتهم، وجدوه دمًا عبيطًا، فشكوا إلى فرعون، فقالوا: إنّا قد ابتلينا بالدّم، وليس لنا شرابٌ. فقال: إنّه قد سحركم!! فقالوا: من أين سحرنا، ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئًا من الماء إلّا وجدناه دمًا عبيطًا؟ فأتوه وقالوا: يا موسى، ادع لنا ربّك يكشف عنّا هذا الدّم فنؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربّه، فكشف عنهم، فلم يؤمنوا، ولم يرسلوا معه بني إسرائيل
وقد روي نحو هذا عن ابن عبّاسٍ، والسّدّيّ، وقتادة وغير واحدٍ من علماء السّلف
وقال محمّد بن إسحاق بن يسارٍ، رحمه اللّه: فرجع عدوّ اللّه فرعون حين آمنت السّحرة مغلوبًا مغلولًا ثمّ أبى إلّا الإقامة على الكفر، والتّمادي في الشّرّ، فتابع اللّه عليه الآيات، وأخذه بالسّنين، فأرسل عليه الطّوفان، ثمّ الجراد، ثمّ القمّل، ثمّ الضّفادع، ثمّ الدّم، آياتٍ مفصّلاتٍ. فأرسل الطّوفان -وهو الماء -ففاض على وجه الأرض ثمّ ركد، لا يقدرون على أن يحرثوا ولا يعملوا شيئًا، حتّى جهدوا جوعًا، فلمّا بلغهم ذلك {قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل} فدعا موسى ربّه، فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيءٍ ممّا قالوا، فأرسل اللّه عليهم الجراد، فأكل الشّجر، فيما بلغني، حتّى إن كان ليأكل مسامير الأبواب من الحديد، حتّى تقع دورهم ومساكنهم، فقالوا مثل ما قالوا، فدعا ربّه فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيءٍ ممّا قالوا، فأرسل اللّه عليهم القمّل، فذكر لي أنّ موسى، عليه السّلام، أمر أن يمشي إلى كثيبٍ حتّى يضربه بعصاه، فمشى إلى كثيبٍ أهيل عظيمٍ، فضربه بها، فانثال عليهم قمّلًا حتّى غلب على البيوت والأطعمة ومنعهم النّوم والقرارة، فلمّا جهدهم قالوا له مثل ما قالوا له، فدعا ربّه، فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيءٍ ممّا قالوا. فأرسل اللّه عليهم الضّفادع، فملأت البيوت والأطعمة والآنية، فلا يكشف أحدٌ ثوبًا ولا طعامًا إلّا وجد فيه الضّفادع، قد غلبت عليه. فلما جهدهم ذلك، قالوا له مثل ما قالوا، فسأل ربّه فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيءٍ ممّا قالوا، فأرسل اللّه عليهم الدّم، فصارت مياه آل فرعون دمًا، لا يستقون من بئرٍ ولا نهرٍ، ولا يغترفون من إناءٍ، إلّا عاد دمًا عبيطًا
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن منصورٍ المروزيّ، أنبأنا النّضر، أنبأنا إسرائيل، أنبأنا جابر ابن يزيد عن عكرمة، قال عبد اللّه بن عمرو: لا تقتلوا الضّفادع، فإنّها لمّا أرسلت على قوم فرعون انطلق ضفدعٌ منها فوقع في تنّورٍ فيه نارٌ، يطلب بذلك مرضات اللّه، فأبدلهنّ اللّه من هذا أبرد شيءٍ يعلمه من الماء، وجعل نقيقهنّ التّسبيح. وروي من طريق عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، نحوه
وقال زيد بن أسلم: يعني بالدّم: الرّعاف. رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 461-466]


تفسير قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (136) وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (137)}
يخبر تعالى أنّهم لمّا عتوا وتمرّدوا، مع ابتلائه إيّاهم بالآيات المتواترة واحدةٍ بعد واحدةٍ، [أنّه] انتقم منهم بإغراقه إيّاهم في اليمّ، وهو البحر الّذي فرقه لموسى، فجاوزه وبنو إسرائيل معه، ثمّ ورده فرعون وجنوده على أثرهم، فلمّا استكملوا فيه ارتطم عليهم، فغرقوا عن آخرهم، وذلك بسبب تكذيبهم بآيات اللّه وتغافلهم عنها). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 466]

تفسير قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وأخبر تعالى أنّه أورث القوم الّذين كانوا يستضعفون -وهم بنو إسرائيل - {مشارق الأرض ومغاربها} كما قال تعالى: {ونريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين * ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} [القصص: 5-6] وقال تعالى: {كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ * وزروعٍ ومقامٍ كريم ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قومًا آخرين} [الدّخان:25-28]
وعن الحسن البصريّ وقتادة، في قوله: {مشارق الأرض ومغاربها الّتي باركنا فيها} يعني: الشّام.
وقوله: {وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} قال مجاهدٌ وابن جريرٍ: وهي قوله تعالى: {ونريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّةً ونجعلهم الوارثين * ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}
وقوله: {ودمّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} أي: وخرّبنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع، {وما كانوا يعرشون} قال ابن عباس ومجاهد: {يعرشون} يبنون). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 466]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة