تفسير سورة هود
[ من الآية (41) إلى الآية (44) ]
{ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) }
قوله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (5 - وَاخْتلفُوا في ضم الْمِيم وَفتحهَا من قَوْله {بِسم الله مجْراهَا} 41
فَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَعَاصِم في رِوَايَة أَبي بكر وَابْن عَامر (مجرها) بِضَم الْمِيم
وَقَرَأَ حَمْزَة والكسائي (مجرها) بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء
وَكَذَلِكَ حَفْص عَن عَاصِم (مجرها) بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء
وَلَيْسَ يكسر في الْقُرْآن غير هَذَا الْحَرْف يعْني الرَّاء في (مجرها) ). [السبعة في القراءات: 333]
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (6 - قَوْله {وَمرْسَاهَا} 41
كلهم قَرَأَ (ومرسهآ) بِضَم الْمِيم
وَكَانَ ابْن كثير وَابْن عَامر يفتحان الرَّاء من (مجرها) وَالسِّين من (مرسهآ)
وَكَانَ نَافِع وَعَاصِم في رِوَايَة أَبي بكر يقرآنهما بَين الْكسر والتفخيم
وَكَانَ أَبُو عَمْرو وَحَمْزَة والكسائي يميلون الرَّاء من (مجرها)
وَيفتح أَبُو عَمْرو وَحَفْص عَن عَاصِم السِّين من (مرسهآ) ويميلها حَمْزَة والكسائي
وَلَيْسَ فيهم أحد جعلهَا نعتا لله عز وَجل). [السبعة في القراءات: 333]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ((مجراها) بفتح الميم كوفي - غير أبي بكر –). [الغاية في القراءات العشر: 280]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({فعميت} [28]: بالتشديد، و{مجراها} [41]: بفتح الميم،
[المنتهى: 2/747]
و{سعدوا} [108]: بضم السين هما، وخلفٌ، وحفص، وافق علي عن أبي بكر، والمفضل في الميم، زاد المفضل فتح (ومرسها) [41]، وربما ضم الميمين.
بالإمالة أبو عمرو غير أبي زيد، وهما، وخلف، وابن مامويه، والصوري عن ابن ذكوان، وحفص غير البختري والخزاز والقواس إلا الصفار). [المنتهى: 2/748] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ حفص وحمزة والكسائي (مجريها) بفتح الميم، وضمها الباقون.
[التبصرة: 234]
وأمال أبو عمرو وحفص وحمزة والكسائي، وقرأ ورش بين اللفظين، وقرأ الباقون بالفتح). [التبصرة: 235]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (حفص، وحمزة، والكسائي: {مجراها} (41): بفتح الميم.
والباقون: بضمها.
وقد تقدم الاختلاف في الراء في باب الإمالة.
وأمال حفص فتحة الراء من : {مجراها} ). [التيسير في القراءات السبع: 314]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) :(حفص وحمزة والكسائيّ وخلف: {مجراها} بفتح الميم، والباقون بضمها، وقد تقدم [الاختلاف] في الرّاء في باب الإمالة). [تحبير التيسير: 405]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) بكسر الراء والسين مجاهد، وقد تقدم ذكرهما. (مَجْرَاهَا) كحفص، وافق المفضل في الميم، زاد (وَمُرْسَاهَا) بالفتح وافق ابْن مِقْسَمٍ في (عُمِّيَتْ) وزاد في القصص، الباقون بفتح العين والسين وضم الميم، وهو الاختيار لقوله: (عَلَى بَيِّنَةٍ)، و(مَجْرَاهَا) بضم الميم؛ لقوله: (وَمُرْسَاهَا) وفتح السين، لأن سعد أكثر ما يجيء لازمًا، وفي تعديته كلام طويل فالمشهور أولى). [الكامل في القراءات العشر: 570]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([41]- {مَجْرَاهَا} بفتح الميم: حفص وحمزة والكسائي). [الإقناع: 2/664]
قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (757 - وَفِي ضَمِّ مَجْرَاهَا سِوَاهُمْ .... = .... .... .... ....). [الشاطبية: 60]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([757] وفي ضم مجراها سواهم وفتح يا = بني هنا (نـ)ص وفي الكل (عـ)ولا
[758] وآخر لقمان يواليه (أحمدٌ) = وسكنه (ز)اك و(شيخه) الاولا
المُجرى، مصدر أجرى إجراء ومُجرى.
والمَجرى: مصدر جَرى جَريًا ومَجرى). [فتح الوصيد: 2/986]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([757] وفي ضم مجراها سواهم وفتح يا = بني هنا نصٌ وفي الكل عولا
[كنز المعاني: 2/311]
ح: (سواهم): مبتدأ، والضمير: لحمزة والكسائي وحفص، (في ضم): خبره، و(في): بمعنى (على)، (فتح): مبتدأ، (يا بني): مضاف إليه، (نص): خبره.
ص: أي: قرأ غير حمزة والكسائي وحفص: {مجريها} [41] بضم الميم مصدر (أجرى)، وحمزة والكسائي وحفص: بفتحها مصدر (جرى).
وقد سبق أن حفصًا يوافق حمزة والكسائي مع إمالة {مجريها}.
وقرأ عاصم: {يا بني اركب} بفتح الياء هنا [42]، وحفص في جميع القرآن على أن ياء المتكلم أبدلت ألفًا لتوالي الياءات، ثم اكتفى عن الألف بالفتح، والباقون: في الكل بالكسر على الأصل لالتقاء الساكنين بعد حذف ياء الإضافة كما في {يا عباد} [الزمر:10]). [كنز المعاني: 2/312] (م)
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (757- وَفِي ضَمِّ مَجْرَاهَا سِوَاهُمْ وَفَتْحُ يَا،.. بُنَيِّ هُنَا "نَـ"ـصٌّ وَفِي الكُلِّ "عُـ"ـوِّلا
أي: غير حمزة والكسائي وحفص ضم ميم "مجراها" على أنه مصدر أجرى وهؤلاء فتحوها على أنها مصدر جرى وفي في قوله: وفي ضم بمعنى على أي: على ضمها من عدا هؤلاء). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/233]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (757 - وفي ضمّ مجراها سواهم .... = .... .... .... .... ....
....
وقوله: (وفي ضم مجراها سواهم) معناه: أن سوى حمزة والكسائي وحفص قرءوا بضم ميم مجريها فتكون قراءة هؤلاء الثلاثة بفتحها فالضمير في (سواهم) يعود على حمزة والكسائي وحفص في البيت قبله). [الوافي في شرح الشاطبية: 290]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاخْتَلَفُوا) فِي: مَجْرَاهَا فَقَرَأَهَا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَحَفْصٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَدْ غَلِطَ مَنْ حَكَى فَتْحَ الْمِيمِ عَنِ الدَّاجُونِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ، وَشُبْهَتُهُمْ فِي ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُمْ رَأَوْا فِيهَا عَنْهُ الْفَتْحَ وَالْإِمَالَةَ فَظَنُّوا فَتْحَ الْمِيمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إِنَّمَا أُرِيدَ فَتْحُ الرَّاءِ، وَإِمَالَتُهَا فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فِيهَا الْفَتْحَ وَالْإِمَالَةَ فَالْإِمَالَةُ رِوَايَتُهُ عَنِ الصُّورِيِّ وَالْفَتْحُ رِوَايَتُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي الْإِمَالَةِ، وَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُنْتَبَهَ لَهُ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا أَئِمَّةُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ الْعَالِمُونَ بِالنُّصُوصِ وَالْعِلَلِ الْمُطَّلِعُونَ عَلَى أَحْوَالِ الرُّوَاةِ، فَلِذَلِكَ أَضْرَبَ عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَلَمْ
[النشر في القراءات العشر: 2/288]
يَعْتَبِرْهُ مَعَ رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْعِزِّ، الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِ، وَبِهَذَا يُعْرَفُ مِقْدَارُ الْمُحَقِّقِينَ، وَكَذَا فَعَلَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَهُوَ أَكْبَرُ أَصْحَابِ أَبِي الْعِزِّ وَابْنِ سَوَّارٍ، وَأَجَلُّهُمْ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الميم، وَهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ كَمَا أَثْبَتْنَاهُ مَنْصُوصًا مُفَصَّلًا). [النشر في القراءات العشر: 2/289]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (قرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص {مجراها} [41] بفتح الميم، والباقون بضمها، وهم في الإمالة كما ذكر في بابها). [تقريب النشر في القراءات العشر: 547]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (688- .... .... .... مجرى اضمما = صف كم سما .... .... .... ). [طيبة النشر: 79]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (قوله: (مجرى) يريد قوله تعالى: بسم الله مجراها ومرساها بضم الميم أبو بكر وابن عامر والمدنيان وابن كثير والبصريان على أنه مصدر أجرى، والباقون بفتحها على أنه مصدر جرى مجرى). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 251]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ثم كمل [(نونا)] فقال:
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/377]
ص:
من كلّ فيهما (ع) لا مجرى اضمما = (ص) ف (ك) م (سما) ويا بني افتح (ن) ما
ش: أي: قرأ ذو عين (علا) حفص: من كلّ زوجين هنا [40]، وفي الفلاح [المؤمنون: 27] بتنوين كلّ على تقدير مضاف، أي: من كل جنس أو ذكر وأنثى، واثنين [40] صفة زوجين مفعول، والباقون بحذفه، وإضافة كل إلى زوجين؛ ف اثنين مفعوله.
ومن عليهما متعلق الفعل أو حال المفعول لا صفة ثانية.
وقرأ ذو صاد (صف) أبو بكر، وكاف (كم) ابن عامر، و(سما) المدنيان، والبصريان، وابن كثير: مجراها [41] بضم الميم؛ مصدر: «أجرى» على حد: «أرسى»، والباقون بفتحها؛ مصدر: «جرى» على حد: وهي تجري بهم [42]، وإمالتها تقدمت في بابها.
وقرأ ذو نون (نما) عاصم: يبنيّ اركب معنا [هنا] [42] بفتح الياء). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/378] (م)
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "مَجْرَاهَا" [الآية: 41] فحفص وحمزة والكسائي وخلف بفتح الميم مع الإمالة من جرى ثلاثي ولم يمل حفص في القرآن العزيز غيرها، كما تقدم وافقهم الشنبوذي، [إتحاف فضلاء البشر: 2/125]
والباقون بالضم من أجرى أمالها منهم أبو عمرو وابن ذكوان من طريق الصوري، وقلله الأزرق). [إتحاف فضلاء البشر: 2/126]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأمال "مرساها" حمزة والكسائي وخلف، وقللها الأزرق بخلفه على قاعدته، كما صوبه في النشر، وإن اقتضى كلام العنوان فتحها فقط). [إتحاف فضلاء البشر: 2/126]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): ("وعن" المطوعي فتح الميمين مع الإمالة من جرى ورسى). [إتحاف فضلاء البشر: 2/126]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وعن الحسن مجريها ومرسيها بياء ساكنة فيهما بدل الألف مع كسر الراء والسين اسما فاعلين من أجرى وأرسى بدلان من اسم الله تعالى). [إتحاف فضلاء البشر: 2/126]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {وقال اركبوا فيها}
{مجراها} [41] قرأ حفص والأخوان بفتح الميم، والباقون بالضم). [غيث النفع: 714]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41)}
{مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}
قرأ حفص عن عاصم وحمزة والكسائي والأعمش وابن مسعود والداجوني ومسلم بن صبيح ومسروق وخلف والشنبوذي وأبو رزين وأبو المتوكل {مجراها ومرساها}، بفتح الميم في الأول، وضمها في الثاني، واختار هذه القراءة الطبري.
وتخريج هذه القراءة على ثلاثة أوجه:
1- أن يكون (مجراها) منصوبًا على تقدير حذف ظرف مضافي إلى (مجراها)، ومرساها: عطف عليه، والتقدير: باسم الله وقت إجرائها وإرسائها، أي: اركبوا فيها متبركين باسم الله تعالى في هذين الوقتين...
۲- أن يكون (مجراها) في موضع رفع لأنه مبتدأ، وباسم الله خبره، والتقدير: بسم الله إجراؤها وإرساؤها، وكانت الجملة في موضع نصب على الحال من الضمير (فيها).
3- أن يكون (مجراها) في موضع رفع بالظرف، ويكون الظرف حالا من (ها) المجرورة في (فيها).
وقرأ ابن مسعود وعيسى بن عمر الثقفي وزيد بن علي والأعمش وابن
[معجم القراءات: 4/51]
محيصن ويحيى بن عيسى عن ابن وثاب وأبو الجوزاء وابن يعمر وهي قراءة المفضل عن عاصم (مجراها ومرساها)بفتح الميم فيهما، وهما ظرفا زمان أو مكان، أو مصدران، وهما من جرت ورست.
قال الزجاج: ويجوز مجراها ومرساها.. فهو على جرت جريًا ومجرًى، ورست رسوًا ومرسًى).
وقال الشهاب: (وقراءة مرساها، بالفتح شاذة).
وفي حاشية الجمل: «وقوله بفتح الميمين فيه تساهل؛ فإن فتحهما قراءة شاذة»
وقال الزمخشري: «.. بفتح الميم من جري ورسي، إما مصدرين، أو وقتين، أو مكانين).
وقرأ مجاهد والحسن وأبو رجاء والأعرج وشيبة وابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحميد وأبو عمران الجوني وابن جبير (مجراها ومرساها) بضم الميم فيهما على معنى: باسم الله إجراؤها وإرساؤها.
[معجم القراءات: 4/52]
وذكر الطوسي أن الضم في (مجراها) إنما هو للمقابلة بينه وبين مرساها، لما بينهما من المشاكلة.
وقال الزجاج:
«ومن قرأ مجراها ومرساها فمعنى ذلك: بالله إجراؤها وإرساؤها، يقال: أجريته مجرى وإجراء في معنى واحد».
وقرأ الضحاك والنخعي وابن وثاب وأبو رجاء العطاردي ومجاهد وسليمان بن جندب والكلبي وعاصم الحجدري والحسن وأبو وائل عن ابن مسعود ومسروق ومسلم بن جندب وقتادة وحميد الأعرج وإسماعيل بن مجالد عن عاصم وجبلة عن المفضل عنه أيضًا ومحبوب عن أبي عمرو ومحمد بن السميفع (مجريها ومرسيها)، اسم فاعل من أجرى وأرسي، وهما بدل من اسم الله تعالى، فهما في موضع جر.
قال الزجاج: «ويجوز فيه شيء لم يقرأ به، ولا ينبغي أن يقرا به؛ لأن القراءة سنة متبعة: باسم الله مجريها، على وجهين:
1- أحدهما الحال، والمعنى: مجريًا لها، ومرسيًا لها، كما تقول: مررت بزيد ضاريها، على الحال.
ويجوز أن يكون منصوبًا على المدح، أعنى مجريها ومرسيها.
[معجم القراءات: 4/53]
2- ويجوز أن يكون مجريها ومرسيها في موضع رفع على إضمار هو مجريها ومرسيها).
وقال ابن الأنباري:
«ومن قرأ بضم الميم فيهما وكسر الراء والسين مجريها ومرسيها، جعله اسم فاعل من أجراها الله فهو مجري، وأرساها فهو مرسي».
{مَجْرَاهَا}
قرأه بالإمالة حفص عن عاصم، وحمزة والكسائي وأبو عمرو وخلف وابن ذكوان من طريق الصوري، والداجوني.
وورش والأزرق بالتقليل، وهي قراءة الدوري عن اليزيدي عن أبي عمرو.. والباقون بالفتح، وهو الوجه الثاني لابن ذكوان من طريق الأخفش.
{وَمُرْسَاهَا}
أماله حمزة والكسائي وخلف.. والفتح والتقليل عن الأزرق وورش.
. والباقون بالفتح.
{مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}
وقرأ ابن وثاب والمطوعي (مجراها ومرساها) بفتح الميم، والإمالة فيهما.
وقال ابن مجاهد:
«وكان نافع وعاصم في رواية أبي بكر يقرأ انهما بين الكسر والتفخيم».
وقرأ ابن مسعود (مجراها ومرساها) بفتح الميم وإمالة الراء في الأول، ويضم الميم وإمالة السين في الثاني). [معجم القراءات: 4/54]
قوله تعالى: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42)}
قال أبو بكر أحمد بن موسى ابن مجاهد التميمي البغدادي (ت: 324هـ): (7 - وَاخْتلفُوا في فتح الْيَاء وَكسرهَا من قَوْله {يَا بني اركب مَعنا} 42
فَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَابْن عَامر والكسائي {يَا بني} مُضَافَة بِكَسْر الْيَاء
وَكَذَلِكَ كل مَا أَضَافَهُ الْمُتَكَلّم إِلَى نَفسه فالياء فِيهِ مَكْسُورَة إِذا كَانَ الابْن وَاحِدًا
إِلَّا أَن ابْن كثير روى عَنهُ في سُورَة لُقْمَان أَنه قَرَأَ الأحرف الثَّلَاثَة 13 16 17 مُخْتَلفَة الْأَلْفَاظ فَكَانَ يقْرَأ {يَا بني لَا تشرك بِاللَّه} 13 بِحَذْف يَاء الْإِضَافَة وَلَا يشدد ويسكن الْيَاء وَقَرَأَ الثَّانِيَة {يَا بني إِنَّهَا} 16 مُشَدّدَة الْيَاء مَكْسُورَة وَقَرَأَ الثَّالِثَة {يَا بني أقِم الصَّلَاة} مثل الأولى سَاكِنة الْيَاء
هَكَذَا قَرَأت على قنبل عَن القواس وتابع البزي القواس في الْأَوليين وَخَالفهُ في الثَّالِثَة فَقَرَأَ {يَا بني أقِم} بِفَتْح الْيَاء
وروى أَبُو بكر عَن عَاصِم {يَا بني اركب مَعنا} مَفْتُوحَة الْيَاء في هَذَا الْموضع وَسَائِر الْقُرْآن مَكْسُورَة الْيَاء مثل حَمْزَة
وروى عَنهُ حَفْص {يَا بني} بِالْفَتْح في كل الْقُرْآن إِذا كَانَ وَاحِدًا). [السبعة في القراءات: 334]
قال أبو بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني (ت: 381هـ): ( (يا بني اركب) ).
بفتح الياء، عاصم). [الغاية في القراءات العشر: 280 - 281]
قال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي الجرجاني (ت: 408هـ): ({يا بني} [42]: بفتح الياء عاصم.
{اركب معنا} [42]: مدغم: أبو عمرو، وعلي، وخلف، والزينبي عن أصحابه، وابن يزيد، وأبو الفضل، وقالون غير أبي عون والجمال إلا الشذائي والشحام، وحفص طريق الهاشمي، وحمزة غير سليم طريق ابن سعدان وخلفٍ وابن جبير ورويم). [المنتهى: 2/749]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وقد تقدم ذكر (سحر) و(اركب معن) و(صلواتك) و(مكانتكم) فيما تقدم، فأغنى عن الإعادة). [التبصرة: 234]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قرأ حفص (يبني) هنا وفي يوسف وثلاثة في لقمان وموضع في والصافات بفتح الياء في الستة، ووافقه أبو بكر على فتح الياء في هذه السورة وحدها وكسر ما بقي، وكسرهن الباقون غير ابن كثير فإن له مذاهب تذكر في لقمان إن شاء الله). [التبصرة: 235]
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (عاصم، هنا: {يا بني اركب} (42): بفتح الياء.
والباقون: بكسرها.
وأظهر ورش، وابن عامر، وحمزة: {يا بني اركب معنا}.
واختلف عن قالون، وعن البزي، وعن خلاد.
وأدغمها الباقون). [التيسير في القراءات السبع: 314]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (عاصم [هنا] (يا بني اركب) بفتح الياء والباقون بكسرها (اركب معنا) [ذكر في بابه] ). [تحبير التيسير: 405]
قال أحمد بن علي بن خلف ابن الباذش الأنصاري (ت: 540هـ): ([42]- {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ} بفتح الياء: عاصم). [الإقناع: 2/665] قال القاسم بن فيرُّه بن خلف الشاطبي (ت: 590هـ): (757- .... .... .... وَفَتْحُ يَا = بُنَيِّ هُنَا نَصٌّ وَفِي الْكُلِّ عُوِّلاَ
758 - وَآخِرَ لُقْماَنٍ يُوَالِيهِ أَحْمَدُ = وَسَكَّنَهُ زَاكٍ وَشَيْخُهُ الأَوَّلاَ). [الشاطبية: 60]
- قال علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ): ([757] وفي ضم مجراها سواهم وفتح يا = بني هنا (نـ)ص وفي الكل (عـ)ولا
[758] وآخر لقمان يواليه (أحمدٌ) = وسكنه (ز)اك و(شيخه) الاولا
...
و{يبني} بالفتح، أصله: يا بنيا بألف، أبدلت من ياء الإضافة، ثم حذفت لسكون الراء.
و{يبني} بالكسر، أصله: يا بنيي، ثم حذفت الياء لذلك، أو حذفت في النداء، كما قالوا: (یا غلام) و(يا عباد) لكثرة الاستعمال، وبقيت الياء قبلها على كسرتها لتدل عليها.
[فتح الوصيد: 2/986]
ويحتمل الفتح أن يكون على الندبة، والأصل: يا بنياه، ثم حذفت، وترك مفتوح الياء ليدل على الألف المحذوفة، أو استثقل الكسر مع الياء ففتح.
وقيل: ثقل اجتماع الياءات والكسرات، فأبدل من الكسرة التي قبل ياء الإضافة فتحة، فانقلبت الياء ألفًا، ثم حذفت الألف كما تحذف الياء في النداء وبقيت الفتحة تدل عليها.
قال المازني: «وضع الألف مكان الياء مطرد في النداء».
وأجاز یا زيدًا أقبل، في يا زيدي؛ أبدل من كسرة الدال فتحة ومن الياء ألفًا. وقد فعلوا ذلك في غير النداء؛ قالوا في جارية: جاراه، وفي ناصية ناصاه.
ومن أسكن الياء، فلأنه حذف ياء الإضافة ولام الفعل، فبقيت ياء التصغير، لأن فيه ثلاث یاءات. ياء التصغير، ولام الفعل المحذوفة من (ابن)، فإن أصله: بنو أو بني، والتصغير يرد الأصل، وتوجب ياء التصغير قلب الواو ياء إن قلنا أصله: بنو.
والمغايرة في الفتح والكسر للجمع بين اللغتين.
وقراءة البزي، جمعت اللغات الثلاث). [فتح الوصيد: 2/987]
- قال محمد بن أحمد الموصلي (شعلة) (ت: 656هـ): ([757] وفي ضم مجراها سواهم وفتح يا = بني هنا نصٌ وفي الكل عولا
[كنز المعاني: 2/311]
ح: (سواهم): مبتدأ، والضمير: لحمزة والكسائي وحفص، (في ضم): خبره، و(في): بمعنى (على)، (فتح): مبتدأ، (يا بني): مضاف إليه، (نص): خبره.
ص: أي: قرأ غير حمزة والكسائي وحفص: {مجريها} [41] بضم الميم مصدر (أجرى)، وحمزة والكسائي وحفص: بفتحها مصدر (جرى).
وقد سبق أن حفصًا يوافق حمزة والكسائي مع إمالة {مجريها}.
وقرأ عاصم: {يا بني اركب} بفتح الياء هنا [42]، وحفص في جميع القرآن على أن ياء المتكلم أبدلت ألفًا لتوالي الياءات، ثم اكتفى عن الألف بالفتح، والباقون: في الكل بالكسر على الأصل لالتقاء الساكنين بعد حذف ياء الإضافة كما في {يا عباد} [الزمر:10].
[758] وآخر لقمانٍ يواليه أحمدٌ = وسكنه زاكٍ وشيخه الاولا
[كنز المعاني: 2/312]
ح: (آخر): مبتدأ، (يواليه أحمدٌ): خبره، والضمير: لحفص، والعائد إلى المبتدأ محذوف، أي: فيه، ضمير (سكنه): لـ (بني)، (زاك): فاعل الفعل، و(شيخه): عطف على (زاكٍ)، (الأولا): مفعوله.
ص: يعني: وافق البزي أحمد حفصًا في الحرف الآخر: {يا بني أقم الصلاة} [لقمان: 17] بفتح الياء، وسكنه قنبل، وأسكن شيخه ابن كثير الأول، وهو: {يا بني لا تشرك} [لقمان: 13].
ووجه الإسكان: أنه لما حذف ياء الإضافة، بقي ياء التصغير ولام الفعل، فصارت مشددة بالإدغام، ثم حذفت لام الفعل، فبقيت ياء التصغير ساكنة، وقيل: هذا إجراءٌ للوصل مجرى الوقف، لأن المشدد لما وقف عليه جاز تخفيفه.
وأما الحرف المتوسط، وهو: {يا بني إنها إن تك} [لقمان: 16] فيفتح لحفص ويكسر لغيره على ما تقدم). [كنز المعاني: 2/313]
- قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل الدمشقي (ت: 665هـ): (أما يا بني بفتح الياء وكسرها فلغتان مثل ما تقدم في: "يا ابن أم" بفتح الميم وكسرها، ففتح حفص الجميع ووافقه أبو بكر هنا فعلى الكسر أصله يبنى، فحذفت الياء كما تقول: يا غلام، والأصل: يا غلامي، وعلى الفتح أبدلت الياء ألفا؛
[إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/233]
لتوالي الياءات والكسرات، ثم حذفت الألف وبقيت الفتحة دالة عليها.
758- وَآخِرَ لُقْمانٍ يُوَالِيهِ أَحْمَدُ،.. وَسَكَّنَهُ "زَ"اكٍ وَشَيْخُهُ الَاوَّلا
في لقمان ثلاثة مواضع: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ}، {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ}، {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ}، فالوسطى على ما تقدم تفتح لحفص وتكسر لابن كثير وغيره. والأولى والأخيرة فتحهما حفص وكسرهما من عدا ابن كثير، أما ابن كثير فسكن الأولى وله في الأخيرة وجهان؛ فتحها البزي فوافق حفصا في ذلك وسكنها قنبل، ووجه الإسكان أن بعد حذف ياء الإضافة بقي ياء مشددة هي مجموع ياء التصغير وياء لام الفعل، فخفف ذلك التشديد بحذف الياء الأخيرة، وهي لام الفعل وبقيت ياء التصغير وهي ساكنة وكأنه عند التحقيق وصل بنية الوقف فإذا وقف على المشدد جاز تخفيفه، وفي قراءة ابن كثير جمع بين اللغات الثلاث ففتح وسكن وكسر الأكثر، ومعنى يواليه يتابعه وأحمد هو اسم البزي، وزاكٍ عبارة عن قنبل وشيخه هو ابن كثير). [إبراز المعاني من حرز الأماني: 3/234]
- قال عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي (ت: 1403هـ): (757 - وفي ضمّ مجراها سواهم وفتح يا = بنيّ هنا نصّ وفي الكلّ عوّلا
758 - وآخر لقمان يواليه أحمد = وسكّنه زاك وشيخه الاوّلا
....
وقع لفظ يا بُنَيَّ* في القرآن في ستة مواضع: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا في هذه السورة، يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ بيوسف، يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ، يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ، يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ والثلاثة في لقمان، يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ في الصافات وقد قرأ عاصم هنا: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا. بفتح الياء وقرأ غيره بكسرها.
وكذا قرأ حفص بفتح الياء في المواضع الخمسة: موضع يوسف، وثلاث لقمان، وموضع الصافات ووافقه البزيّ على فتح الياء في الموضع الأخير من لقمان وهو: يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وقرأ هذا الموضع بسكون الياء مخففة قنبل. وقرأ ابن كثير في الموضع الأول من لقمان وهو: يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ بسكون الياء مخففة وقرأ الباقون بكسر الياء في المواضع الستة.
والخلاصة: أن الموضع الأول وهو: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا. بفتح الياء فيه عاصم ويكسرها غيره، وأن الموضع الثاني وهو لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ بفتح الياء فيه حفص ويكسرها غيره، ومثله. الموضع الرابع: يا بُنَيَّ إِنَّها في لقمان. والموضع السادس: يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى في الصافات. والموضع الثالث وهو: يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ بفتح ياء حفص ويسكنها مخففة ابن كثير ويكسرها الباقون. الموضع الخامس: يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ بفتح ياءه حفص والبزي ويسكنها مخففة قنبل ويكسرها الباقون). [الوافي في شرح الشاطبية: 290]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ( (وَاتَّفَقُوا) فِي يَابَنِي حَيْثُ وَقَعَ، وَهُوَ هُنَا، وَفِي يُوسُفَ وَثَلَاثَةٌ فِي لُقْمَانَ، وَفِي الصَّافَّاتِ، فَرَوَى حَفْصٌ بِفَتْحِ الْيَاءِ فِي السِّتَّةِ، وَافَقَهُ أَبُو بَكْرٍ هُنَا، وَوَافَقَهُ فِي الْحَرْفِ الْأَخِيرِ مِنْ لُقْمَانَ وَهُوَ قَوْلُهُ يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ الْبَزِّيُّ وَخَفَّفَ الْيَاءَ وَسَكَّنَهَا فِيهِ، قُنْبُلٌ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ الْأَوَّلَ مِنْ لُقْمَانَ وَهُوَ (يَا بُنَيْ لَا تُشْرِكْ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِهَا، وَلَا خِلَافَ عَنْهُ فِي كَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً فِي الْحَرْفِ الْأَوْسَطِ، وَهُوَ (يَا بُنَيِّ إِنَّهَا)، وَكَذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ فِي السِّتَّةِ الْأَحْرُفِ). [النشر في القراءات العشر: 2/289]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ اخْتِلَافُهُمْ فِي إِدْغَامِ ارْكَبْ مَعَنَا وَإِظْهَارِهِ مِنْ بَابِ حُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا). [النشر في القراءات العشر: 2/289]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (روى حفص {يا بني} بفتح الياء في الستة المواضع، وافقه أبو بكر هنا، ووافقه البزي في الأخير من لقمان {يا بني أقم الصلاة} [17]، وخفف قنبل الياء وسكنها منه ابن كثير الأولى من لقمان وهو {يا بني لا تشرك} [13] بتخفيف الياء وإسكانها، ولم يختلف عنه في الأوسط وهو {يا بني إنها إن} [لقمان: 16] بكسر الياء وتشديدها، وكذلك قرأ الباقون في الجميع). [تقريب النشر في القراءات العشر: 547]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({اركب معنا} [42] ذكر في الإدغام الصغير). [تقريب النشر في القراءات العشر: 547]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (688- .... .... .... .... .... = .... .... ويا بنيّ افتح نما
689 - وحيث جا حفصٌ وفي لقمانا = الاخرى هدى علمٍ وسكّن زانا
690 - وأوّلاً دن .... .... = .... .... .... .... .... ). [طيبة النشر: 79]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : (قوله: (ويا بني) يعني قوله تعالى: يا بني اركب معنا قرأه عاصم بفتح الياء هنا وكسرها الباقون.
وحيث جا حفص وفي لقمانا = الاخرى (هـ) دى (ع) لم وسكّن (ز) انا
أي فتح حفص الياء من «يا بنيّ» حيث جاء مضموم الأول، وهو في ستة مواضع: «يا بني اركب معنا» في هذه السورة، «ويا بني لا تقصص» في يوسف، و «يا بني لا تشرك» و «يا بني إنها، يا بني أقم الصلاة» بلقمان «يا بني إني أرى في المنام» في الصافات، ووافقه البزي على فتح آخر لقمان، وسكنها مخففة قنبل، وسكن الأول من لقمان ابن كثير كما في البيت الآتي وهو «يا بني لا تشرك بالله» والباقون بالكسر في الجميع). [شرح طيبة النشر لابن الجزري: 251]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ثم كمل [(نونا)] فقال:
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/377]
ص:
من كلّ فيهما (ع) لا مجرى اضمما = (ص) ف (ك) م (سما) ويا بني افتح (ن) ما
ش: أي: قرأ ذو عين (علا) حفص: من كلّ زوجين هنا [40]، وفي الفلاح [المؤمنون: 27] بتنوين كلّ على تقدير مضاف، أي: من كل جنس أو ذكر وأنثى، واثنين [40] صفة زوجين مفعول، والباقون بحذفه، وإضافة كل إلى زوجين؛ ف اثنين مفعوله.
ومن عليهما متعلق الفعل أو حال المفعول لا صفة ثانية.
وقرأ ذو صاد (صف) أبو بكر، وكاف (كم) ابن عامر، و(سما) المدنيان، والبصريان، وابن كثير: مجراها [41] بضم الميم؛ مصدر: «أجرى» على حد: «أرسى»، والباقون بفتحها؛ مصدر: «جرى» على حد: وهي تجري بهم [42]، وإمالتها تقدمت في بابها.
وقرأ ذو نون (نما) عاصم: يبنيّ اركب معنا [هنا] [42] بفتح الياء). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/378] (م)
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (ثم كمل فقال:
ص:
وحيث جا حفص وفي لقمانا = الأخرى (هـ) دى (ع) لم وسكّن (ز) انا
ش: أي: [وفتح (حفص) الياء] من يبنيّ، حيث جاء مضموم الأول.
واتفق على [فتح] (آخر لقمان) [17] ذو هاء (هدى) البزي، وعين (علم) حفص:
وسكنها مخففة ذو زاي (زان) قنبل.
وسكن أول لقمان [13] ذو دال (دن) أول التالي ابن كثير.
وكسر وسطها [16] على أصله.
والثلاثة الباقية عنده كالباقين في الستة؛ وهي: يا بنيّ اركب مّعنا بهود [الآية: 42]، [و] يا بنيّ لا تقصص بيوسف [الآية: 5].
[و] يا بنيّ لا تشرك، [و] يا نبيّ إنّها، [و] يا بنيّ أقم [ثلاثتها] بلقمان
[شرح طيبة النشر للنويري: 2/378]
[13، 16، 17]، [و] يا بنيّ إنّي أرى بالصافات [الآية: 102].
فصار حفص بفتح الستة، وشعبة بفتح الأول وكسر الخمسة، والبزي بإسكان أول لقمان وفتح آخرها وكسر الأربعة، وقنبل بإسكان طرفي لقمان، وكسر الأربعة، والباقون بكسر الكل.
تنبيه:
خرج بتخصيص المذكور يا بنيّ لا [لقمان: 13]، ويا بنيّ اذهبوا [يوسف: 87] فهما متفقا الفتح.
ووجه فتحه: أن أصله «بنو»، ومن ثم رد إليه في التصغير «بنيو»، فاجتمعت ياء التصغير والواو؛ فقلبت إليها، وأدغمت فيها على حد: «هيّن»، ثم لحقت ياء المتكلم- وهو منادى- فقلبت ألفا، ثم حذفت، وبقيت الفتحة تدل عليها.
ووجه الكسر: حذفها، وإبقاء الكسرة تدل عليها، وتمامها في ابن أمّ [الأعراف: 150، وطه: 54] وعموم الحذف، ضعف الحذف هنا للساكنين.
ووجه الإسكان: حذف ياء المتكلم، ثم خففت المشددة على لغتها بحذف الثانية على حد: أماني [البقرة: 78].
ثم كمل (بنى) فقال:
ص:
وأوّلا (د) ن عمل كعلما = غير انصب الرّفع (ظ) هير (ر) سما). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/379]
- قال محب الدين محمد بن محمد بن محمد النُّوَيْري (ت: 857هـ): (تتمة:
تقدم إدغام اركب معنا [42] ). [شرح طيبة النشر للنويري: 2/379]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (واختلف في "يَا بُنَي" [الآية: 42] هنا و[يوسف الآية: 5] وفي لقمان ثلاثة [الآية: 13، 16، 17] وفي [الصافات الآية: 102] فحفص بفتح الياء في الستة؛ ذلك لأن أصل ابن بنو صغر على بنيو فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت فيها، ثم لحقها ياء الإضافة فاستثقل اجتماعها مع الكسرة فقلبت ألفا ثم حذفت الألف اجتزاء عنها بالفتحة، وقرأ أبو بكر هنا كذلك بالفتح، وقرأ ابن كثير الأول من لقمان "يَا بُنَي لا تُشْرِكْ بِاللَّه" بسكون الياء مخففة واختلف عنه في الأخير منها "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاة" فرواه عنه البزي كحفص ورواه عنه قنبل بالتخفيف مع السكون كالأول وافقه ابن محيصن على التخفيف فيهما، وعن المطوعي كذلك في هود، ولا خلاف عن ابن كثير في كسر الياء مشددة في الأوسط من لقمان "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا" وبه قرأ الباقون في الستة). [إتحاف فضلاء البشر: 2/126] قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأدغم باء "اركب" [الآية: 42] في ميم "معنا" أبو عمرو والكسائي ويعقوب واختلف عن ابن كثير وعاصم وقالون وخلاد، والوجهان صحيحان عن كل منهم،
[إتحاف فضلاء البشر: 2/126]
والباقون بالإظهار). [إتحاف فضلاء البشر: 2/127]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {وهي} [42] قرأ قالون والبصري وعلي بإسكان الهاء، والباقون بالكسر). [غيث النفع: 714]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {يا بني} قرأ عاصم بفتح الياء، والباقون بالكسر، وكلاهما بالتشديد). [غيث النفع: 714]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42)}
{وَهِيَ}
قرأ أبو عمرو والكسائي وأبو جعفر وقالون (وهي) بسكون الهاء.
وقراءة الباقين بكسرها (وهي).
وقراءة يعقوب في الوقف (وهيه) بهاء السكت.
{نَادَى}
أماله حمزة والكسائي وخلف.
وبالفتح والتقليل قرأ الأزرق وورش.
وقراءة الباقين بالفتح.
{نُوحٌ ابْنَهُ}
قراءة الجمهور بكسر التنوين من (نوح) دفعًا لالتقاء ساكنين: سكون التنوين، ثم سكون همزة الوصل بعده.
وصورة القراءة (نوحن ابنه).
- وقراءة وكيع والجراح بضم تنوين (نوح) فقد أتبع حركته حركة الإعراب في الحاء وصورة القراءة (نوحن ابنه).
قال أبو حاتم: «وهي لغة سوء لا تعرف».
كذا جاء النص عن أبي حاتم عند أبي حيان، وابن عطية.
وقال الشهاب: «قال أبو حاتم: إنها لغة ضعيفة».
[معجم القراءات: 4/55]
{ابْنَهُ}
قراءة الجمهور (ابنهو) بوصل هاء الكناية بواو.
قال الشهاب: «وهاء (ابنه) توصل بواو في الفصيح».
وقرأ أبو جعفر محمد بن علي (ابنه) بالضم والاختلاس من غير إشباع.
قال النحاس: «ويجوز على قول سيبويه: {ونادى نوح ابنه}، مختلس...».
وقال القرطبي: «ويجوز على قول سيبويه {ونادى نوح ابنه} بحذف الواو من (ابنه) في اللفظ).
واحتج القرطبي ببيتٍ للشماخ لهذه القراءة، نقله من سيبويه، يقول فيه:
له زجل كأنه صوت حادٍ = إذا طلب الوسيقة أو زمير
والشاهد فيه: أن (كأنه) أصله: كأنهو، فحذف الواو وأبقى الضمة.
وهذا الذي ذكره القرطبي أخذه عن أبي جعفر النحاس.
وقرأ ابن عباس (ابنه) بسكون الهاء، وهو من إجراء الوصل مجرى الوقف.
[معجم القراءات: 4/56]
وذكروا أن هذا على لغةٍ لأزد السراة، يسكنون هاء الكناية من المذكر، وذهب بعضهم إلى أنها لغة لبني كلاب وعقيل.
ومن النحويين من يخص هذا السكون بالضرورة.
قال أبو حيان: «وينشدون:
وأشرب الماء ما بي نحوه عطش = إلا لأن عيونه سال واديها»
أراد: عيونه، فسكن الهاء للضرورة.
قال الشهاب: «.. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما بسكون الهاء فلا التفات إلى ما قيل إنه ضرورة، وهي لغة عقيل، وقيل الأزد».
وقال ابن جني: (... وإذا وقفت قلت: هذه، فأسكنت الهاء، ومنهم من يدعها على سكونها في الوصل كما يسكنها عند الوقف عليها، كما أن منهم من يسكن الهاء المضمرة إذا وصلها فيقول: مررت به أمس، وذكر أبو الحسن أنها لغة لأزد السراة...».
وقرأ علي بن أبي طالب وعروة بن الزبير وعكرمة (ابنها)بفتح الهاء، وألف بعدها، أي ابن امرأته.
وذهب علي والحسن إلى أنه ليس ابنه من صلبه، وإنما كان ابن امرأته، وكان الحسن يحلف أنه ليس من صلبه.
وقال العكبري: «يعني ابن امرأته، كأنه توهم إضافته إليها دونه، لقوله: {إنه ليس من أهلك}.
وقال الشهاب: «وقرأ علي رضي الله عنه (ابنها)؛ ولذا قيل إنه كان ربيبه، والربيب ابن امرأة الرجل من غيره، لأن الإضافة إلى الأم مع
[معجم القراءات: 4/57]
ذكر الأب خلاف الظاهر وإن جوزوه، ووجه بأنه نسب إليها لكونه كافرًا مثلها».
وقال أبو حيان: «وأما قراءة من قرأ.. فشاذة، ويمكن أنه نسب إلى أمه، وأضيف إليها، ولم يضف إلى أبيه لأنه كان كافرًا مثلها يلحظ فيه هذا المعنى، ولم يضف إليه استبعادًا له ورعيًا أن لا يضاف إليه كافر، وإنما ناداه ظنًا منه أنه مؤمن، ولولا ذلك ما أحب نجاته، أو ظنًا منه أنه يؤمن إن كان كافرًا لما شاهد من الأهوال العظيمة، وأنه يقبل الإيمان...».
وقرأ علي بن أبي طالب وعروة بن الزبير وعلي بن الحسين وابنه محمد وأبو جعفر محمد بن علي، وابنه جعفر بن محمد وهشام بن عروة (ابنة) بفتح الهاء من غير ألف، أي: (ابنها) مضافًا لضمير امرأته، فاكتفي بالفتحة عن الألف، وذهب ابن عطية إلى أنها لغة. وذهب ابن جني إلى أن حذف الألف للتخفيف، وأصلها ابنها، واستدل لصحة هذا التخريج بقراءة من قرأ (يا أبت) بفتح التاء، والمراد: يا أبتاه.
قلت: هي قراءة ابن عامر وأبي جعفر والأعرج، ويأتي الحديث مفصلًا فيها في سورة يوسف.
وذهب العكبري فيها مذهب ابن جني وقرنها بقراءة (يا أبت) بفتح التاء.
وقال الشهاب: «وقرأ محمد بن علي.. بهاء مفتوحة دون ألف اكتفاءً بالفتحة عنها، وهو ضعيف في العربية حتي خصته بعضهم بالضرورة».
[معجم القراءات: 4/58]
وقال أبو جعفر النحاس: «... فقراءة شاذة، وزعم أبو حاتم أنها تجوز على أنه يريد: ابنها، ثم يحذف الألف، كما تقول: ابنه فتحذف الواو.
قال أبو جعفر: هذا الذي قاله أبو حاتم لا يجوز على مذهب سيبويه لأن الألف خفيفة فلا يجوز حذفها، والواو ثقيلة يجوز حذفها».
وذهب الطوسي إلى أن الألف تركت كراهة ما يخالف المصحف. وقرأ السدي وابن أبي ليلى (ابناه) بألف وهاء السكت.
وذهب ابن جني إلى أنه على النداء، وذهب غيره إلى أنه على الندبة والرثاء.
قال ابن جني: «وقرأ السدي (ابناه) يريد بها الندبة، وهو معنى قولهم: الترثي، وهو على الحكاية أي قال له: يا ابناه. ولو أراد حقيقة الندبة لم يكن بد من أحد الحرفين: يا أبتاه، أو واابناه، كقولك: وازيداه، ويازيدان».
وذكر الشهاب الخفاجي أنه وقع في تفسير ابن عطية (أبناه) بفتح همزة القطع التي للنداء، ثم قال: « رد بأنه لا ينادي المندوب بالهمزة، وأن الرواية بالوصل فيها، والنداء بالهمزة لم يقع في القرآن».
قلت: النص في المطبوع من المحرر «وقرأ السدي ابناه» كذا ؟
فلعل الأصل الذي بين يدي الشهاب مختلف عما كان عند غيره مما وثق المطبوع عليه.
قال العكبري: «ويقرأ (ابناه) على الترثي، وليس بندبة؛ لأن الندبة
[معجم القراءات: 4/59]
لا تكون بالهمزة»، وهذا ما ذهب إليه ابن جني.
وقال الزمخشري: «وقرأ السدي... على الندبة والترثي أي قال: يا ابناه».
{فِي مَعْزِلٍ}
قراءة الجماعة في {فِي مَعْزِلٍ} بكسر الزاء، وهو اسم مكان من (عزل)، وهذا هو القياس في أمثاله،
وذكر ابن الأنباري أنه قرئ (في معزل) بفتح الزاء، وهو على هذا مصدر.
قال ابن الأنباري: «معزلٍ، يقرأ بكسر الزاي وفتحها، فمن كسر الزاي جعله أسمًا للمكان، ومن فتحها جعله مصدرًا».
وقال العكبري: «... بكسر الزاي، موضع، وليس بمصدر، وبفتحها مصدر، ولم أعلم أحدًا قرأ بالفتح».
وذهب إلى مثل هذا الشهاب الخفاجي فقال:
«يعني أن المعزل بالكسر هنا اسم مكان العزلة، وقد يكون زمانًا، وأما المصدر فبالفتح، ولم يقرأ به أحد).
قرأ حفص عن عاصم، وكذلك أبو بكر عنه، وهي رواية المفضل عنه أيضا (يا بني) بفتح الياء.
[معجم القراءات: 4/60]
قال ابن مهران: «وهي قراءة حفص عن عاصم في جميع القرآن، وأبو بكر لا يفتح غير هذا».
وقال ابن مجاهد: «وروى أبو بكر عن عاصم... مفتوحة الياء في هذا الموضع، وسائر القرآن مكسورة الياء مثل حمزة، وروى عنه حفص... بالفتح في كل القرآن إذا كان واحدا».
قال العكبري: «ويقرأ بالفتح وفيه وجهان:
أحدهما: أنه أبدل الكسرة فتحة فانقلبت ياء الإضافة أي انقلبت ألفًا، وصورتها: يا بنيا، ثم حذفت الألف كما حذفت الياء مع الكسرة لأنها أصلها.
والثاني: أن الألف حذفت لالتقاء الساكنين، وحذف الألف عند ابن الأنباري للتخفيف.
وقال مكي: «وقرأ عاصم بفتح الياء، وذلك أنه أبدل من كسرة لام الفعل «كذا »! فتحة استثقالًا لاجتماع الياءات مع الكسرة فانقلبت ياء الإضافة ألفًا، ثم حذفت الألف كما تحذف الياء، فبقيت الفتحة على حالها، وقوي حذف الألف لأنها عوض مما يحذف في النداء وهو ياء الإضافة».
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف ويعقوب (يا بني) بكسر الياء، وأصله: بنيي، وأصله: بنيو، إلا أنه لما اجتمعت الياء والواو والسابق منهما ساكن قلبوا الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء.
[معجم القراءات: 4/61]
فإذا أضفت هذا إلى نفسك قلت: بنيي، فتجتمع ثلاث ياءات، فتحذف الأخيرة، لأن الكسرة قبلها تدل عليها، وقوى حذفها شيئان:
١- اجتماع الأمثال، وهو مستثقل، فما ظنك به وقد جاء مع الكسر؟
٢- النداء؛ فإن الحذف في النداء أكثر، ولأنها حلت محل التنوين، وهو يحذف في النداء فكذلك ما قام مقامه.
قال الزجاج: «الكسر أجود القراءة، أعني كسر الياء».
وقرأ المطوعي والأعمش (يا بني) بسكون الياء، وهي قراءة الأفطس عن ابن كثير.
قال ابن خالويه:
«بجزم الياء زائدة عن الأعمش».
ويأتي مثل هذه القراءة في الآية/۱۳ من سورة لقمان معزوة لابن كثير.
{ارْكَبْ مَعَنَا}
أدغم الباء في الميم أبو عمرو وعاصم والكسائي وإسماعيل والدوري عن سليم ويعقوب وقنبل وابن محيصن والأعمش.
[معجم القراءات: 4/62]
-وقرأ بالإظهار والإدغام وابن كثير عاصم وخلاد وقالون والبزي.
وكلا الوجهين صحيح عن حفص.
وقرأ بالإظهار ابن عامر وحمزة وفي رواية خلف ونافع وأبو جعفر وخلف وورش ويعقوب في رواية.
قال ابن مهران في المبسوط: حدثني أبو علي الصفار المقرئ قال: اختلف في هذا الحرف رجلان عند ابن مجاهد، فسألاه فقال: لا يظهر إلا حمزة، وهذا غلط منه، وإنما وهم فيه لأنه لم يكن قرأ لعاصم وابن عامر ونافع إلا برواية إسماعيل.
وأراه لم يكن رآه مرويًا منصوصًا بالإظهار إلا لحمزة قدر أنه لسائر القراء بالإدغام وليس كذلك.
وقد قرأه بالإظهار عاصم وابن عامر وحمزة وخلف ونافع برواية قالون ويعقوب إظهارًا خفيًا غير مشبع، وقرأت في رواية أبي نشيط عن قالون بالإدغام مثل سائر القراء، واختلف عن حمزة أيضًا، فروى أبو عمر عن سليم {يعذب من يشاء} سورة البقرة / 284، {اركب معنا} سورة هود /42 بالإدغام فيهما.
وقرأت على أبي بكر بن مقسم برواية خلفه، وعلى أبي علي الصفار برواية خلاد بالإظهار فيهما جميعًا.
وقرأت على ابن المهتدي برواية أبي أيوب الضبي عن أصحابه، وعلى بكار برواية أبي عمرو خلاد فقال: يدغم {يعذب من يشاء} ولا يدغم {أركب معنا}، وهو قول ابن مجاهد أيضًا.
وكذلك قرأت على أبي الحسن النقاش المقرئ لحمزة وخلف جميعا، والله أعلم» انتهى نص الأصبهاني، وإثباته هنا. على طوله
[معجم القراءات: 4/63]
فيه نفع لمن أراد معرفة قدر الخلاف في هذا الإدغام.
{مَعَ الْكَافِرِينَ}
تقدمت الإمالة فيه في الآيات /19، 34، 89 من سورة البقرة). [معجم القراءات: 4/64]
قوله تعالى: {قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)}
{قَالَ لَا}
قرأ بإظهار اللام، وإدغامها في اللام من «لا» أبو عمرو ويعقوب.
{الْيَوْمَ مِنْ}
قرأ بإظهار الميم، وإدغامها في الميم من «من» أبو عمرو ويعقوب.
{رَحِمَ}
قراءة الجمهور {رحم} بفتح الراء مبنيًا للفاعل، وهو الله سبحانه وتعالى.
وقرئ (رحم) بضم الراء مبنيًا للمفعول.
قال الفراء: «ولم نسمع أحدًا قرأ به» ). [معجم القراءات: 4/64]
قوله تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)}
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت: 444هـ): (الكسائي، وهشام: {وقيل}، {وغيض} (44): بإشمام الضم لأول ذلك.
والباقون: بإخلاص الكسرة). [التيسير في القراءات السبع: 314]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ) : ( (وغيض وقيل) ذكر في البقرة). [تحبير التيسير: 405]
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ( (عَلَى الْجُودِيِّ) مرسلة بإلياء زائدة عن الْأَعْمَش، وابن أبي عبلة، الباقون بكسر التاء، وهو الاختيار لموافقة الأكثر، ولأنه مفرد). [الكامل في القراءات العشر: 571]
قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): (وَتَقَدَّمَ إِشْمَامُ قِيلَ وَغِيضَ فِي أَوَائِلِ الْبَقَرَةِ). [النشر في القراءات العشر: 2/289]
- قال محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الجزري (ت: 833هـ): ({وقيل} [44]، و{وغيض} [44] ذكرا في البقرة). [تقريب النشر في القراءات العشر: 547]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وأشم "قيل، وغيض" هشام والكسائي ورويس). [إتحاف فضلاء البشر: 2/127]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وقرأ "يا سماء أقلعي" بإبدال الثانية واو مفتوحة نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ورويس). [إتحاف فضلاء البشر: 2/127]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وعن المطوعي "الجودي" بسكون الياء مخففة لغة فيه). [إتحاف فضلاء البشر: 2/127]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {وقيل} [44] معًا {وغيض} قرأ هشام وعلي بإشمام الكسر الضم، والباقون بالكسرة الخالصة). [غيث النفع: 714]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {ويا سمآء اقلعي} جلي). [غيث النفع: 714]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ( {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)}
{وَقِيلَ}
قرأ الكسائي وهشام ورويس بإشمام كسرة القاف الضم (قيل).
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة وابن ذكوان وأبو جعفر ويعقوب بإخلاص الكسر القاف (قيل).
[معجم القراءات: 4/64]
{وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي}
قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وروح وخلف والحسن والأعمش {ويا سماء أقلعي} بتحقيق الهمزتين.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ورويس ويعقوب وابن محيصن واليزيدي (ويا سماء وقلعي) بتحقيق الأولى، وإبدال الثانية واوًا خالصة مفتوحة.
وإذا وقف حمزة وهشام على «سماء» أبدلا الهمزة ألف «سما»، وعلى حذف الألف وإثباتها لهما المد والتوسط والقصر.
ولهما أيضًا التسهيل مع المد والقصر.
{وَغِيضَ}
قراءة الكسائي وهشام وريس بإشمام كسرة الغين الضم (غُيض).
والباقون بإخلاص كسر الغين.
وتقدم هذا قبل قليل في (قيل).
{عَلَى الْجُودِيِّ}
قراءة الجماعة {على الجودي} بياء مشددة.
قال الأخفش: «فثقل لأنها ياء النسبة فكأنه أضيف إلى الجود...».
وقال العكبري: «بتشديد الياء وهو الأصل».
وقرأ الأعمش وابن أبي عبلة والمطوعي (الجودي) بسكون الياء مخففة، وذلك لاستثقال الياءين.
قال ابن عطية: «هما لغتان».
وقال صاحب اللوامح: «هو تخفيف ياء النسب، وهذا التخفيف بابه
[معجم القراءات: 4/65]
الشعر لشذوذه».
وقال ابن جني: «تخفيف ياءي الإضافة قليل إلا في الشعر...».
وقال الفراء:«وقد حدثت أن بعض القراء قرأ (على الجودي» بإرسال الياء، فإن تكن صحيحة فهي مما كثر به الكلام عند أهله فخفف...».
وذكر ابن خالويه قراءتين:
الأولى: عن الأعمش (على الجودي) بجزم الياء.
والثانية: (على الجودي) بتخفيف الياء، حكاه الفراء.
كذا جاء النص عنده، وأحسب أنهما قراءة واحدة.
وذكر الصفراوي أنه بياء ساكنة في الحالين قراءة السعيدي عن أبي عمرو). [معجم القراءات: 4/66]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين