العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > أحكام المصاحف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 10:47 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

وضع المصحف على نجاسة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لما كانت مراعة حرمة المصحف واجبة وصيانته عن مظان الامتهان متعينة تكلم أهل العلم عن مسألة وضع المصحف على شئ نجس أو متنجس فجزموا بالتحريم إن كانت النجاسة متعدية وسرايتها إلى المصحف محتملة ثم اختلفوا فى حكم وضع المصحف على ما نجاسته جافة وسرايتها إلى المصحف مأمونة وكذا ما لو كانت النجاسة معفوا عنها , فقد صرح غير واحد من أهل العلم بتحريم وضع المصحف على ذلك كله ما يتضمنه الوضع المذكور من صورة امتهان للمصحف ولتنافيه مع مقتضيات الصيانة اللازمة له والتعظيم الواجب ونحوه , وقد قال ابن مفلح فى آدابه [ فإن علق شيئا من القرآن ونحوه على حيوان ولم أجد لأحد فى هذه المسألة كلاما , وينبغى أن يقال : إن كان الحيوان طاهرا كره ذلك . وفى التحريم نظر , لأنه فعل غير مأثور ولما فيه من الامتهان وملابسة الأنجاس والأقذار . والصبيان ونحوهم لهم من يصونهم ويمنعهم من ذلك بخلاف الحيوان نجسا كالكلب ونحوه فلا إشكال فى التحريم والله أعلم وقد يقال : سمة الإمام سائمة الزكاة بكتاب الله يؤخذ منه جواز ذلك والحاجة تزول بكتابة ذلك زكاة ] فإذا كان هذا الاحتياط مطلوبا لما فيه شئ من القرآن كالحروز مثلا فلأن يحتاط للمصحف من طريق الأولى .
قال الشبراملسى فى حاشيته على النهاية [ لو وضع القرآن على نجس جاف يحرم

{771}

مع أنه لا ينجس تدبر أ هـ على أن من أهل العلم من سهل فى متنجس بمعفو عنه وإن لم يظهر لى وجه هذا التسهيل أو عمدة هذا التفريق .
قال الهيتمى فى الفتاوى الحديثية [ ويجوز وضعه على متنجس معفو عنه أخذا من أقوال النووى فى مجموعه وتبيانه يحرم كتب القرآن أو اسم الله تعالى أو اسم رسوله صلى الله عليه وسلم أو كل اسم معظم كما هو ظاهر بنجس أو متنجس لم يعف عنه أو وضعه على نجس أو متنجس كذلك ] وعبارته فى التحفة [ ويحرم مسه ككل اسم معظم بمتنجس بغير معفو عنه وجزم بعضهم بأنه لا فرق تعظيما ]
قال الشروانى فى حاشيته على التحفة [ "قوله بأنه لا فرق " أى بين المعفو عنه وغيره عبارة البجيرمى على المنهج قوله ومسه بعضو نجس وفى حاشيته شرح الروض ولو بمعفو عنه ع ش وقال سم . بغير معفو عنه وعبارة الحلبى أى ولو بمعفو عنه حيث كان عينا لا أثرا أو يحتمل الأخذ بالإطلاق ثم رأيت فى شرح الإرشاد الصغير ومسه بعضو متنجس برطب مطلقا وبجاف غير معفو عنه انتهى أ . هـ ] {772}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:24 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

وضع المصحف فى المسجد | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
جمهور أهل العلم من السلف والخلف على القول بجواز وضع المصاحف فى المساجد للقراءة فيها بل صرح بعضهم باستحباب ذلك لما فيه من الإعانة على تعمير المساجد بذكر الله وقراءة القرآن وقد وضع الصحابة المصحف الإمام فى صندوق بجوار الاسطوانة فى الروضة المكرمة فى المسجد النبوى والتى كان عليه السلام يصلى عندها والمعروفة باسطوانة المهاجرين , وقد أخرج الإمام أحمد فى {775}

مسنده والبخارى ومسلم فى صحيحهما , وابن ماجة فى سننه عن يزيد ابن أبى عبيد قال : [كنت آتى مع سلمة بن الكوع فيصلى عند الأسطوانة التى عند المصحف]. وفى لفظ [يصلى وراء الصندوق ] وفى لفظ [فيعمد إلى الأسطوانة دون المصحف] قال الحافظ فى الفتح [" التى عند المصحف " هذا دال على أنه كان للمصحف موضع خاص به , ووقع عند مسلم بلفظ [يصلى وراء الصندوق ] وكأنه كان للمصحف يوضع فيه .
رأى الإمام مالك فى بدعية وضع المصاحف فى المساجد :
حكى غير واحد من فقهاء المالكية كابن رشد والطرطوشى والشاطبى وابن الحاج والونشريسى والعدوى قالوا : [ قال مالك " لم تكن القراءة فى المصحف فى المسجد من أمر الناس القديم , وأول من أحدثه الحجاج وقال : وأكره أن يقرأ فى المصحف ] {776} قال ابن الرشد فى البيان [ عن قول الأمام مالك إن أول من جعل مصحفا يريد أول من رتب القراءة فى المصحف إثر صلاة الصبح بالمسجد مثلما يصنع عندنا إلى اليوم ]
ونقله الشاطبى فى الاعتصام وقال [وهذه محدثة – أعنى وضعه فى المسجد لأن القراءة فى المسجد مشروع فى الجملة معمول به إلا أن تخصيص المسجد بالقراءة على ذلك الوجه المحدث ومثله وضع المصاحف فى زماننا للقراءة يوم الجمعة وتحبيسها على ذلك القصد ] وقال ابن الحاج فى المدخل وهو بصدد الكلام عن البدع المحدثة فى المساجد [وأول من أحث هذه البدعة فى المسجد الحجاج أعنى القراءة فى المصحف ولم يكن ذلك من عمل من مضى فإن قال قائل قد أرسل عثمان رضى الله عنه المصاحف إلى الأمصار توضع فى الجوامع فالجواب إن ذلك إنما كان لتجميع الناس على ما أثبت فى المصحف الذى أجمع عليه خاصة ليذهب التنازع فى القرآن ويرجع لهذا المصحف إذا اختلف فى شئ من القرآن ويترك ما عداه لأنه إمام المصاحف وقد أمن الاختلاف فيه والحمد لله فلا يكتب مصحف ويجعل فى المسجد ]
مناقشة رأى الإمام مالك:
وقد ناقش رأى الإمام مالك البدر الزركشى وتابعه الجراعى الحنبلى فى كتابيهما فى أحكام المساجد وكذا كان صنيع الهيتمى فى فتاويه حيث قال [وأما ما رأه مالك رضى الله عنه من كراهة القراءة فى المصحف فى المسجد وأنه بدعة أحدثها الحجاج وأن يقاموا إذا اجتمعوا للقراءة يوم الخميس أو غيره فهو رأى انفرد به ومن ثم {777} قال الزركشى هذا استحسان لا دلي عليه والذى عليه السلف والخلف استحباب ذلك لما فيه من تعميرها بالذكر وقراءة القرآن ] وقد مر نص الزركشى فى هذا الشأن بتمامه قريبا لكن دعوى انفراد الإمام مالك بما ذهب إليه دعوى فيها نظر فقد نقل ابن مفلح فى الآداب عن يحى ابن معين وأحمد بن حنبل ما يدل على موافقتهما لقول مالك حال الاجتماع للقراءة من المصحف قال ابن مفلح [ قال أبو العباس الفضل بن مهران سألت يحى بن معين وأحمد بن حنبل قلت : إن عندنا قوما يجتمعون فيدعون ويقرؤون القرآن ويذكرون الله تعالى فما ترى فيهم , قال : فأما يحى بم معين فقال يقرأ فى المصحف ويدعو بعد صلاة ويذكر الله فى نفسه . قلت فأخ لى يفعل هذا ؟ قال أنهه , قلت لا يقبل , قال : عظه , قلت لا يقبل . أهجره ؟ قال نعم .
ثم أتيت أحمد حكيت له نحو هذا الكلام فقال لى أحمد أيضا يقرأ فى المصحف ويذكر الله تعالى فى نفسه . ويطلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت فأنهاه ؟ قال نعم , قلت فإن لم يقبل , قال بلى إن شاء الله تعالى فإن هذا محدث , الاجتماع والذى تصف فإن لم يفعل أهجره , فتبسم وسكت ] .
نعم قد يقال تفرد مالك رحمه الله فى أصل المسألة أعنى وضع المصاحف فى المساجد ليقرأ فيها وإنما وافق أحمد وابن معين مالكا فى هيئة مخصوصة واجتماع للقراءة من المصحف . والله أعلم بالصواب) . {778}


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

وضع المصحف مع النعال | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
لا يخلو وضع المصحف مع النعال من أن يكون مباشرا لها أو أن يكون بينهما حائل ثم لايخلو من أن يكون هذا الحائل فوق النعال وتحت المصحف أو أن يكون على العكس من ذلك كما ريخلو هذا الحائل الفاصل بين المصحف وبين النعال من أن يكون ملاصقا لهما أو متجافيا عنهما ولكل حال من هذه الأحوال حظ من النظر والظاهر أنه لا خلاف بين أهل العلم فى منع مباشرة النعال للمصحف بل قد صرح بعض الشافعية بأنه لا يجوز وضع المصحف على نعل نظيف لم يلبس لأن به نوع استهانة وقلة احترام .

ونقله بعض المالكية نقل المقر له قال الزرقانى قال العز : يمنع من عمل حرفة خسيسة بمسجد كخياطة نعل ولا شك أن المصحف أعظم حرمة من المسجد وصرح العدوى على الخرشى بحرمة وضع المصحف على خف أو نعل ولو تحققت طهارتهما لحرمة القرآن .
كون الوضع غير مباشر :
قال العبادى الشافعى فى حاشيته على التحفة [ " مسألة " وقع السؤال عن خزانتين من خشب إحاهما فوق الأخرى كما فى خزائن مجاورى الجامع الأزهر وضع المصحف فى السفلى فهل يجوز وضع النعال ونحوها فى العليا فأجاب م ر بالجواز لأن ذلك لا يعد إخلالا بحرمة المصحف , قال بل يجوز فى الخزانة الواحدة أن {781} يوضع المصحف فى رفها الأسفل ونحو النعال فى رف آخر فوقه ]
ونقله الشبراملسى فى حاشيته على النهاية ثم قال : [ قلت : وينبغى أن مثل ذلك فى الجواز ما لو وضع النعل فى الخزانة وفوقه حائل كفروة ثم وضع عليه النعل فوقه فمحل نظر , ولا يبعد الحرمة لأن ذلك يعد إهانة للمصحف ] {782}


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

وقف المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
جمهور أهل العلم على القول بصحة وقف المصحف وجواز تسبيله وتحبيسه على المسلمين لغرض القراءة فيه خلافا لأبى حنيفة بناء على أصله فى عدم صحة وقف المنقول وغير المنقول , وخلافا لأبى يوسف فى منع وقف المنقول خاصة على ما سيأتى بيانه والقول بنفى صحة وقف المصحف هو مقتضى قول الإمام مالك فى الموقوف منها على المساجد خاصة وقد مر فى مسألة " وضع المصحف فى المسجد " ذكر مذهب الإمام مالك فى هذا الشأن مفصلا وعده ذلك بدعة معدودة فى المحدثات .

وقد ذهب إلى القول بصحة وقف المصاحف محمد بن الحسن الشيبانى صاحب أبى حنيفة وهو الذى عليه جمهور الحنفية وهو مذهب أصحابنا الحنابلة بل صرح بعضهم بأن القول بصحته رواية واحدة وهو مقتضى كلام فقهاء الشافعية {784} وتصريهم بمنع وقف المصحف على الكافر .
النصوص فى وقف المصحف :-
وهاك نصوص الفقهاء فى مسألة وقف المصاحف :
أولا : النقول عن الأحناف :-
ذكر فى كتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن وشرحه للسرخسى أنه إذا أوصى الميت أن يجعل مصحفه حبيسا يقرأ فيه القرآن فهذا جائز قال [ وإذا أوصى الميت أن يجعل فرسه حبيسا فى سبيل الله . أو سلاحه فى سبيل الله , أو يجعل مصحفه حبيسا يقرأ فيه القرآن , أو دار يسكنها الغزاة , أو يؤاجر , فيكون أجرها فى سبيل الله أو أرض تزرع فتكون غلتها فى سبيل الله أو غير ذلك مما يتقرب به العبد إلى ربه , وكذا حبس الفأس والقدوم والمزاد والطنجير والشفرة فهذا كله جائز . وجاء فى مختصر اختلاف العلماء لأبى جعفر الطحاوى فى الوصية بوقف المصحف ما نصه [ قال أبو حنيفة : لا تصح بذلك , وهو ميراث وقال مالك , ومحمد , والشافعى : تجوز من الثلث ] .
قال أبو جعفر : روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ " إنكم تظلمون خالدا , إنه احتبس أدرعه وأعتده حبسا فى سبيل الله تعالى " ]
وروى عنه أيضا : {785}
" فى الجمل الذى جعله أبو طليق حبيسا فى سبيل الله وأجاز له الركوب فيه " . {786}
وإذا جاز أن يفعل ذلك فى صحته , جازت الوصية به ] وذكر فى الفتاوى البزازية فى وقف المصاحف تبعا الجواز إجماعا للحنيفة قال : فإن كان وقفها مقصودا لم يجز عندهم وإن متعارفا وهو قول أبى يوسف وقال محمد رحمه الله يجوز وإليه ذهب عامة المشايخ وقال فى موضع من البزازية [ يصح فى الأصح إثبات وقف المصحف على مسجد محلة بشهادة من أهل تلك المحلة وذلك المسجد ومقابل الأصح لا تقبل شهادتهم لمكان تهمة جلبهم لأنفسهم بها نفعا وجاء فى افتاوى الهندية [ وإذا أوصى بمصاحف توقف فى المسجد يقرأ فيها قال محمد رحمه الله تعالى الوصية جائزة وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى الوصية باطلة كذا فى المحيط ]
وقال موضع آخر من الهندية [ فى الجامع الكسائى إذا جعلت امرأة مصحفا حبيسا فى سبيل وتحرق المصحف وبقيت الفضة التى عليه دفع ذلك إلى القاضى حتى يبيعه ويشترى به مصحفا مستقلا فيجعله حبيسا ]
ثانيا : نصوص المالكية : -
ذكر ابن رشد فى كتابه " البيان والتحصيل " قول الإمام مالك فىالإنكار على من وقف المصاحف على المساجد ليقرأ فيها فى أوقات معلومة قال : [ إن أول من جعل مصحفا الحجاج بن يوسف] وقد عقب ابن رشد على عبارة الإمام مالك السالفة الذكر فقال : [ قوله " إن أول من جعل مصحفا " يريد أول من رتب القراءة فى المصحف إثر صلاة الصبح بالمسجد مثلما يصنع عندنا إلى اليوم ] . وقال الطرطوشى فى كتابه " الحوادث والبدع " : [ قال مالك : ولم تكن القراءة فى المصحف فى المسجد من أمر {787}
الناس القديم وأول من أحدثه الحجاج ] قال : [وأكره أن يقرأ فى المصحف ]
وقال الشاطبى فى الاعتصام وهو بصدد الكلام عن البدع الإضافية والفرق بينها وبين البدع الحقيقة قال : [وبحسب ذلك الاختلاف يختلف الوزر , ومثاله جعل المصاحف فى المساجد للقراءة آخر صلاة الصبح بدعة قال مالك : أول من جعل المصحف مصحفا الحججاج بن يوسف يريد أنه أول من رتب القراءة فى المصحف إثر صلاة الصبح فى المسجد . قال ابن رشد : مثل ما يصنع عندنا إلى اليوم . فهذه محدثة – أعنى وضعه لمسجد – لأن القراءة فى المسجد مشروع فى الجملة معمول به , إلا أن تخصيص المسجد بالقراءة على ذلك الوجه المحدث ومثله وضع المصاحف فى زماننا للقراءة يوم الجمعة وتحبيسها على ذلك القصد ]
وقد صرح غير واحد من فقهاء المالكية بأن المعتمد عندهم صحة وقف المنقول بما فى ذلك غير واحد من فقهاء المالكية بأن المعتمد عندهم صحة وقف المنقول بما فى ذلك الكتب والمصاحف , فقد جاء فى كتاب " الذخيرة " للقرافى ما نصه [ والثالث السلاح والدروع وفيها أربعة أقوال : الجواز فى كتاب " الذخيرة " للقرافى ما نصه [ والثالث السلاح والدروع وفيها أربعة أقوال : الجواز فى الكتاب وقاله ( ش) وأحمد لأن كل عين يصح الانتفاع بها مع بقاء عينها صح وقفها لأنه موف بحكمة الوقف ] ثم مضى فى ذكر المذاهب فى وقف المنقولات مقرونة بحجج تلك المذاهب والأجوبة عنها , وقال الدسوقى فى حاشيته على الشرح الكبير للدردير إثر قول الأخير عطفا على ما يصح وقفه من المنقولات – [وكذا الثياب على المذهب ] قال الدسوقى : [(وقوله وكذا الثياب )] أى والكتب يصح وقفها على المذهب فهى مما فيه الخلاف وذلك لأن الخلاف عندنا جار فى كل منقول وإن كان المعتمد {788}
صحة وقفه خلافا للحنفية فإنهم يمنعون وقفه كالمرجوح عندنا ] وجاء فى كتاب " منح الجليل " للقاضى محمد عليش تعقيبا على قول خليل فى صحة وقف المملوك قال : [(مملوك ) من أرض أو دار أو حانوت أو قنطرة أو مسجد أو رباط أو مصحف أو كتاب أو رقيق أو دابة أو عرض أو غيرهما ]
ثالثا : النقول عن فقهاء الشافعية : -
جاء فى مختصر المزنى مع الأم [ قال الشافعى : ويجوز الحبس فى الرقيق والماشية إذا عرفت بعينها قياس على النخل والدور والأرضين ]
وجاء فى الحاوى الكبير للماوردى [ يجوز وقف العقار , والدور , والأرض , والرقيق , والماشية , والسلاح , وكل عين تبقى بقاء متصلا ويمكن الانتفاع بها ]
وذكر الغزالى فى الإحياء وقف المصاحف كفارة لمعصية مسها حال الحدث , قال : [ويكفر مس المصحف محدثا بإكرام المصحف وكثرة قراءة القرآن منه وكثرة قراءة القرآن منه وكثرة تقبيله بأن يكتب مصحفا ويجعله وقفا ] وقد جزم الهيتمى فى موضع من التحفة بعدم صحة الوقف من المسلم على ذمى ولو كان مما لا يملكه الكافر من نحو المصحف لما فى هذا الوقف من المعصية فظاهره صحة وقف المصحف على المسلم قولا واحدا عند الشافعية وقد بحث الشروانى فى حاشيته على التحفة ودخول القارئ فى الأسباع الموقوفة والمقرئ من مصحف الوقف فى عموم الوقف على القراء وجاء فى موضع من الحاشية أيضا [ " فرع " فى فتاوى السيوطى " مسئلة " رجل وقف مصحف على من يقرأ فيه كل يوم حزبا ويدعو له وجعل له على ذلك {789}]
معلما ولم يقرأ شيئا ثم أراد التوبة فما طريقه ؟ الجواب . طريقه أن يحسب الأيام التى لم يقرأ فيها ويقرأ عن كل يوم حزبا ويدعو عقب كل حزب للواقف حتى يوفى ذلك انتهى وظاهر ما نقله الشارح ابن عبد السلام وعن المصنف خلاف ذلك فليحرر أ هـ سم ]
وعن إخراج المصحف الموقوف من مكان الوقف جاء فى حاشية الشروانى على التحفة أيضا [فلو جرت العادة بالانتفاع بجملته كالمصحف جاز إخراجه وعلى الناظر تعهده فى طلب رده أو نقله إلى من ينتفع به وعدم قصره على واحد دون غيره , ومثل المصحف كتب اللغة التى يحتاج من يطالع كتابه إلى مراجعة مواضع متفرقة فيها لأنه لا يتأتى مقصوده بأخذ كراسة مثلا أ هـ ع ش ]
فكلام الماوردى ومن بعده من فقهاء الشافعية يفيد جواز وقف المصحف عندهم قولا واحدا وإن لم أقف على تصريح منهم بذلك والله أعلم بالصواب .
رابعا : نقول فقهاء الحنابلة : -
جاء فى كتاب " الوقوف " لأبى بكر الخلال ما نصه [م8 – قرأت على الحسين بن / عبد الله التميمى عن الحسن بن الحسن أخبرنا أبو داود السجستانى قال : قلت لأحمد بن حنبل بطرطوس : مصاحف توقف فثم رجل يقول : لا يقرأ فيها لا يجوز الحبس إلا سلاح أو كراع فقال أبو عبد الله : الأرض هو الكراع .
م9 – أخبرنا حامد بن أحمد بن داود أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث : أن عبد الله سئل عن هذه الأجزاء التى تقرأ فى المساجد تكره ذلك ؟ فقال : لا .
م10 – أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سألت أبى عن امرأة أوصت فى مرضها لامرأة مسماة مصحفا لها أن تقرأ فيه ما دامت حية فإذا هى ماتت المرأة التى أو صى لها أن تقرأ فيه دفع إلى المسلمين يقرؤون فيه تكون هذه وصية جائزة ؟ قال {790}
أبى : هى جائزة أن تكون لهذه المرأة ما دامت حية فإذا ماتت دفع إلى قوم لا بأس بهم يقرؤون فيه أو يدغفع فى مسجد الجامع أو فى موضع حريز ولا يخلو أن يقرأ فيه .
م11 – أخبرنى محمد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدثهم قال : كتبت إلى أبى عبد الله أسأله عن رجل دفع إلى أجزاء فيها القرآن فقال : أن أبى توفى وأوصى إلى أن أصير هذه الأجزاء فى موضع يقرأ فيها فأخذت الأجزاء فلم تزل عندى [ فلم ] أخرجها إلى المسجد فتوفى الرجل الذى دفعه إلى وبقيت الأجزاء عندى هل يكون لى أن أدفهعا إى ورثته أو كيف أصنع فيها ؟ فأتانى الجواب : يجعله فى المسجد يقرأ فيه لأن هذا قد صيرها فى السبيل .
م12 – أخبرنى محمد بن أبى هارون أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عن رجل أو صى بمصحف أن يخرج إلى الثغر وله قرابة فقراء ؟ فقال : ينفذ كما اوصى إذا هو خرج من الثلث ] وقد مر فى مسألة " الوصية بالمصحف " من هذا البحث نحو مما ها هنا من مسائل الإمام أحمد براوية ابنه صالح قال ابن مفلح فى الفروع : [ قال القاضى : ويجوز وقفه وهبته والوصية به واحتج بنصوص أحمد ]
وقال ابن مفلح فى النكت على المحرر [ قال القاضى أبو الحسين : تصح هبته ووقفه رواية واحدة , لأنه ليس من هذه الأشياء ما يعود بنقصه , وكذا ذكر {791}
القاضى أبو يعلى ] وقال ابن مفلح فى الفروع أيضا [ وفى الوسيلة يصح وقف المصحف رواية واحدة ] وجزم فى افى الإقناع وشرحه بجواز وقف المصحف لأنه لا اعتياض فى ذلك عنه ). {792}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:28 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

اليمين بالمصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
جرت عادة بعض الناس على أن يقسم بالمصحف أو يقسم عليه أو أن يطلب من غيره فعل ذلك على سبيل التأكيد والتوثق من الصدق فى المقسم عليه والأمن من الخيانة فيه أو الكذب فى شأنه , وقد فصل الفقهاء فى ذلك وبينوا حكمه , وذكروا ما يلحق به ويجرى مجراه على مامضى بسطه فى مسألة " الحلف بالمصحف والحلف عليه " فى موضعها من هذا البحث , فليطالعها من رامها) .{794}


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الدعاء عند أخذ المصحف والنظر فيه وختمه | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (ذكر أبو منصور الثعالبي في الاقتباس: (الدعاء عند أخذ المصحف: (ربنا ءامنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)).
وقال أبو عبد الله القرطبي في التذكار: (وقال نافع: "وكان ابن عمر إذا نظر في المصحف ليقرأ بدأ، فقال: اللهم أنت هديتني ولو شئت لم أهتد، لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك انت الوهاب").
وقد مر في ختم المصحف النقل في استحباب الدعاء عند ختمه، وينبغي التحرز من الأدعية المبتدعة.
وقد ذكر ابن الحاج في المدخل نموذج منها، حيث قال: (ومثل ذلك قولهم حين مناولتهم المصحف والكتاب لفظة: "حاشاك").
[593]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:57 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

استدبار المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بكراهة استدبار المصحف قياسا على القول بكراهة مد الرجلين إليه , وقياسا على القول بكراهة استدبار القبلة , ذكر ذلك ابن مفلح من أصحابنا الحنابلة , وقال : ( قد كره أحمد إسناد الظهر إلى القبلة , فهنا أولى ).
وقال الهيتمى الشافعى : ( والأولى أن لا يستدبره , ولا يتخطاه , ولا يرميه بالأرض بالوضع , ولا حاجة تدعو لذلك , بل لو قيل بكراهة الأخير لم يبعد )
وذهب فريق من أهل العلم إلى أن مناط الحكم إنما هو قصد الازدراء , ولهذا قال العبادى الشافعى فى حاشيته على تحفة المحتاج : ( " تنبيه " ظاهر كلامهم عدم حرمة استقبال المصحف أو استدباره ببول أو غائط , وإن كان أعظم حرمة من القبلة , وقد يوجه بأنه يثبت للمفضول ما لا يثبت للفاضل , نعم قد يستقبله أو يستدبره على وجه يعد ازدراء فيحرم بل قد يكفر به ). وقال هو والشروانى فى حاشيتهما على التحفة بكراهة قضاء الحاجة عن المصحف قياسا على قولهم بكراهة ذلك عند قبور الأنبياء وكل قبر محترم , فالمصحف أولى). {107}


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 12:15 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

رسم المصحف الإمام وحكم الإلتزام به | غير مصنف
الكلام على رسم المصحف الإمام وحكم الالتزام به
الكلام على رسم المصحف يتناول ماهية الرسم المقصود، وحكم الالتزام به، والمذاهب في ذلك، وذكر الشبه التي تعلق بها مخالفوا الجمهور وتفنيدها.

ماهية الرسم المقصود:
رسم المصحف يراد به الوضع الذي ارتضاه عثمان رضي الله عنه في كتابة كلمات القرآن وحروفه. والأصل في المكتوب أن يكون موافقا تمام الموافقة للمنطوق، ومن غير زيادة ولا نقص ولا تبديل ولا تغيير، لكن المصاحف العثمانية قد أهمل فيها هذا الأصل، فوجدت بها حروف كثيرة جاء رسمها مخالفا لأداء النطق، وذلك لأغراض شريفة ظهرت وتظهر لك فيما بعد.
فالمقصود برسم المصحف أن يكتب طبقا للمصطلح الإملائي الذي اتبعه زيد بن ثابت رضي الله عنه وصحبه حين كتب المصحف الإمام في عهد عثمان رضي الله عنه ووافقهم عليه. وقد عني العلماء بالكلام على رسم القرآن، وحصر تلك الكلمات التي جاء خطها على غير مقياس لفظها، وقد عقد بعضهم له بابا في غير مصنف من مصنفاته كما هو صنيع ابن أبي داود في كتاب المصاحف، وربما أفرده بعض أهل العلم في مصنفات خاصة، كالداني في المقنع وغيره، وآخرون سماهم الزركشي
[599]
في البرهان، والسيوطي في الإتقان، والزرقاني في المناهل، حيث عدوا فيما أفردوا رسم المصحف بمصحف أبا عمرو الداني إذ ألف فيه كتابه المسمى " المقنع في رسم مصاحف الأمصار".
ومنهم أبو العباس المراكشي الشهير بابن البناء في كتابه "عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل". ومنهم الشيخ محمد بن أحمد الشهير بالمتولي، إذ نظم أرجوزة سماها "اللؤلؤ المنظوم في ذكر جملة المرسوم"، وقد شرح هذه الأرجوزة الشيخ محمد خلف الحسيني شيخ المقاريء بالديار المصرية ، وذيل الشرح بكتاب سماه "مرشد الحيران إلى معرفة ما يجب اتباعه في رسم القرآن".
قواعد رسم المصحف:
وقد ذكر الكاتبون في علوم القرآن أن قواعد رسم المصحف تنحصر في ست قواعد، الحذف والزيادة، والهمز والبدل، والوصل والفصل، وما فيه قراءتان فكتب على إحداهما.

مذاهب العلماء في التزام رسم المصحف:
لقد كان الالتزام برسم المصحف الإمام محل إجماع بين علماء القرون الثلاثة المفضلة، ثم حدث الخلاف بعد ذلك وصار من الناس من يقول بعدم وجوب الالتزام برسم المصحف، ثم اختلف هؤلاء بين قائل بالترخيص بمخالفة الرسم مطلقا، وبين قائل بالتفريق بين الأمهات من المصاحف، وبين المصاحف التي يتعلم بها الناس على ما سيأتي بيانه عند ذكر أقوالهم في هذا الشأن وشبههم التي تعلقوا بها.
[600]
القول بالتزام رسم المصحف:
أجمع سلف هذه الأمة من لدن الصحابة رضوان الله عليهم وحتى أن أوان أئمة المجتهدين على وجوب التزام رسم المصحف العثماني وحرمة مخالفته، وممن حكى الإجماع على ذلك أبو عمرو الداني في كتابه المقنع، إذ يروي بإسناده إلى مصعب بن سعد قال: (أدركت الناس حين شقق عثمان رضي الله عنه المصاحف، فأعجبهم ذلك ولم يعبه أحد).
وكذلك ما رواه علم الدين السخاوي في شرحه على العقيلة عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن عثمان أرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين مصحفا، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذي أرسل إليهم"، ولم يعرف أن أحدا خالف في رسم هذه المصاحف العثمانية.
وذكر أبو عمرو الداني في المقنع، وابن رشد في البيان والتحصيل، وأبو بكر الطرطوشي في الحوادث والبدع أن مالكا سئل هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: "لا.. إلا على الكتبة الأولى" رواه الداني في المقنع، ثم قال: (ولا مخالف له من علماء الأمة)
[601]
وقال في موضع آخر: (سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: "لا". قا أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو: (أولوا". وقال الإمام أحمد يحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك، ذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية. وقال في الفروع أيضا: (قال أحمد: نفس ما في المصحف يكتب كما في المصحف يعني لا يخالف حروفه. وقال القاضي: لا يجوز. وقال بعد كلام أحمد: إنما اختار ذلك لأنهم أجمعوا على كتبه بهذه الحروف فلم تحسن مخالفته).
وقال البيهقي في شعب الإيمان: (من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على حروف الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيها ولا يغير مما كتبوه شيئا، فإنهم كانوا أكثر علما، وأصدق قلبا ولسانا، وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم).
وقال ابن الحاج في المدخل في باب نية الناسخ وكيفيتها: ( ويتعين عليه أن يترك ما أحدثه بعض الناس في هذا الزمان، وهو أن ينسخ الختمة على غير مرسوم المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة على ما وجدته بخط عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد قال مالك رحمه الله: القرآن يكتب بالكتاب الأول. فلا يجوز غير ذلك، ولا يلتفت إلى إعتلال من خالف بقوله أن العامة لا تعرف مرسوم المصحف، ويدخل عليهم الخلل في قرائتهم في المصحف إذا كتب على المرسوم)، (فأنى يصرفون)، فإنهم يقرءون ذلك وما أشبهه بإظهار الياء، إما ساكنة وإما مفتوحة، وكذلك قوله تعالى: (وقالوا مال هذا الرسول) مرسوم المصحف فيها بلام منفصلة عن الهاء، فإذا وقف عليها التالي وقف على اللام، وكذلك قوله تعالى: (لا أذبحنه)، (ولا أوضعوا خلالكم) مرسومها بألف بعد لا، فإذا قرأهما من لا يعرف قرأهما بمدة بينهما...إلى غير ذلك وهو كثير، وهذا ليس بشيء لأن من لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه
[602]
أن لا يقرأ في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها، أو يتعلم مرسوم المصحف، فإن فعل غير ذلك فقد خالف ما اجتمعت عليه الأمة، وحكمه معلوم في الشرع الشريف، فالتعليل المتقدم ذكره مردود على صاحبه لمخالفته للإجماع المتقدم.
وقد تعدت هذه المفسدة إلى خلق كثير من الناس في هذا الزمان، فليتحفظ من ذلك في حق نفسه وحق غيره.. والله الموفق).
وجزم الونشريسي في المعيار بأن الصواب أن يقال في خط المصحف السلفي
إنه إجماع وتواتر في أصله وجملته دون جميع تفاصيله، لأن ذلك الرسم الملغي في الكلمات أنفسها في إثبات الحروف وحذفها في الكلمة الواحدة وزيادتها ونقصانها، وتعويض في بعضها لا يعرفها إلا الأفراد من الناس... وقد اختلفت في ذلك مصاحف الأمصار اختلافا كثيرا حسبما يظهر في التواليف الموضوعة في ذلك. ثم ذكر لذلك أمثلة تطلب فيه.
وقال الهيتمي في التحفة: (يعتبر في القرآن رسمه بالنسبة لخط المصحف الإمام، وإن خرج عن مصطلح علم الرسم، لأنه ورد له رسم لا يقاس عليه فتعين اعتباره به). وذكر الهيتمي ذلك في معرض ذكر الفرق بين القرآن والتفسير، وحكم مس كل منهما حال الحدث.
والقول بالتزام الرسم هو المفتى به لدى فقهاء الحنفية، ففي الهندية: (ولا ينبغي له أن يخالف اللذين اتفقوا وكتبوا المصاحف التي في أيدي الناس). وفي المحيط البرهاني: (أنه ينبغي ألا يكتب المصحف بغير الرسم العثماني).
الترخيص بمخالفة رسم المصحف الإمام:
بيد أن فريقا من علماء الخلف قد قالوا بخلاف الإجماع المحكي آنفا، وجوزوا
[603]
مخالفة رسم المصحف الإمام، وقد كان القاضي أبو بكر الباقلاني من أوائل المصرحين بذلك في كتابه الانتصار، ثم تابعه على ذلك جمع من أهل العلم الذين جاؤا بعده كالعز بن عبد السلام، وابن خلدون، وأبي العباس ابن تيمية، والبدر الزركشي، والقاضي الشوكاني.. وهاك نصوصهم في هذا الشأن:
قال الباقلاني في كتابه الانتصار بنقل القرآن: (وأما الكتابة فلم يفرض الله على الأمة فيها شيئا، إذ لم يأخذ على كتاب القرآن وخطاط المصاحف رسما بعينه دون غيره أوجبه عليهم، وترك ما عداه إذ وجوب ذلك لا يدرك إلا بالسمع والتوقيف، وليس في نصوص الكتاب ولا مفهومه أن رسم القرآن وضبطه لا يجوز إلا على مخصوص وحد محدود لا يجوز تجاوزه، ولا في نص السنة ما يوجب ذلك، ولا دلت عليه القياسات الشرعية؛ بل السنة دلت على جواز رسمه بأي وجه سهل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر برسمه ولم يبين لهم وجها معينا، ولا نهى أحدا عن كتابته، ولذلك اختلفت خطوط المصاحف، فمنهم من كان يكتب الكلمة على مخرج اللفظ، ومنهم من كان يزيد وينقص لعلمه بأن ذلك اصطلاح وأن الناس لا يخفى عليهم الحال ولأجل هذا بعينه جاز أن يكتب بالحروف الكوفية والخط الأول، وأن يجعل اللام على صورة الكاف، ,أن تعوج الألفات، وأن يكتب على غير هذه الوجوه، وجاز أن يكتب المصحف بالخط والهجاء القديمين، وجاز أن يكتب بالخطوط والهجاء المحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك، وإذا كانت خطوط المصاحف وكثير من حروفها
[604]
مختلفة متغايرة الصورة، وكان الناس قد أجازوا ذلك وأجازوا أن يكتب كل واحد منهم بما هو عادته وما هو أسهل وأشهر وأولى من غير تأثيم ولا تناكر على أنه لم يؤخذ في ذلك على الناس حد محدود مخصوص، كما أخذ عليهم في القراءة والآذان، والسبب في ذلك أن الخطوط إنما هي علامات ورسوم تجري مجرى الإشارات والعقود والرموز، فكل رسم دال على الكلمة مفيد لوجه قراءتها تجب صحته وتصويب الكاتب به على أي صورة كانت.
وبالجملة فكل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه، وأنى له ذلك؟ )أ.ه بتلخيص ذكره الزرقاني في المناهل عن كتاب الانتصار.
وقال الزركشي في البرهان إثر حكايته النقول عن الأئمة في وجوب التزام الرسم العثماني، قال: (قلت: وكان هذا في الصدر الأول، والعلم حي غض، وأما الآن فقد يخشى الإلباس، ولهذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: "لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهال" ، ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه، لئلا يؤدي إلى دروس العلم، وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاته لجهل الجاهلين، ولن تخلو الأرض من قائم لله بالحجة).
وسئل أبو العباس ابن تيمية رحمه الله عن المروي عن الإمام مالك أنه قال: " من كتب مصحفا على غير رسم المصحف العثماني فقد أثم"، أو قال: "كفر". فهل هذا صحيح؟ وأكثر المصاحف اليوم على غير المصحف العثماني، فهل يحل لأحد كتابته على غير المصحف العثماني بشرط ألا يبدل لفظا ولا يغير معنى، أم لا؟
فأجاب: أما هذا النقل عن الإمام مالك في تكفير من فعل ذلك فهو كذب على
[605]
مالك، سواء أريد به رسم الخط أو رسم اللفظ، فإن مالكا كان يقول عن أهل الشورى إن لكل منهم مصحفا يخالف رسم مصحف عثمان، وهم أجل من أن يقال فيهم مثل هذا الكلام وهم علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف مع عثمان.
وأيضا فلو قرأ رجل بحرف من حروفهم التي خرج عن مصحف عثماني ففيه روايتان عن مالك وأحمد، وأكثر العلماء يحتجون بما ثبت من ذلك عنهم، فكيف يكفر فاعل ذلك؟
وأما اتباع رسم الخط بحيث يكتبه بالكوفي فلا يجب عند أحد من المسلمين، وكذلك اتباعه فيما كتبه بالواو والألف هو حسن لفظ رسم خط الصحابة.
وأما تكفير من كتب ألفاظ المصحف بالخط الذي اعتاده فلا أعلم أحدا قال بتكفير من فعل ذلك، لكن متابعة خطهم أحسن هكذا نقل عن مالك وغيره..والله أعلم).
وقال الشوكاني في تفسير فتح القدير عند تفسيره لآية الربا: (وقياس كتابة الربا بالياء للكسرة في أوله، وقد كتبوه في المصحف بالواو. وقال في الكشاف: على لغة من يفخم كما كتبت الصلاة والزكاة، وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع انتهى.
قلت: وهذا مجرد اصطلاح لا يلزم المشي عليه، فإن هذه النقوش الكتابية أمور اصطلاحية لا يشاحح في مثلها إلا فيما كان يدل به منها على الحرف الذي كان في أصل الكلمة ونحوه، كما هو مقرر في مباحث الخط من علم الصرف، وعلى كل حال فرسم الكلمة وجعل نقشها الكتابي على ما يقتضيه اللفظ بها هو الأولى، ما كان في النطق ألفا كالصلاة والزكاة ونحوهما كان الأولى في رسمه أن يكون كذلك، وكون أصل هذه الألف واوا أو ياء لا يخفى على من يعرف علم الصرف، وهذه النقوش ليست إلا لفهم اللفظ الذي يدل بها عليه كيف هو في نطق من ينط به لا لتفهيم أن أصل الكلمة كذا مما لا يجري به النطق، فاعرف هذا ولا تشتغل بما يعتبره كثير من أهل العلم في هذه النقوش ويلزمون به أنفسهم، ويعيبون من خالفه، فإن ذلك من المشاححة في الأمور الاصطلاحية التي لا تلزم أحد أن يتقيد بها، فعليك بأن ترسم هذه النقوش على ما يلفظ به اللافظ عند قراءتها، فإنه الأمر المطلوب من وضعها
[606]
والتواضع عليها، وليس الأمر المطلوب منها أن تكون دالة على ما هو أصل الكلمة التي يتلفظ بها المتلفظ مما لا يجري في لفظه الآن، فلا تغتر بما يروي عن سيبويه ونحاة البصرة أن يكتب الربا بالواو، لأنه يقول في ثنيته ربوان.
وقال الكوفيون: يكتب بالياء وتثنيته ربيان. قال الزجاج: ما رأيت خطأ أقبح من هذا ولا أشنع، لا يكفيهم الخطأ في الخط حتى يخطئوا في التثنية وهم يقرءون: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو} أ.ه كلام الشوكاني في الفتح.
التفريق بين المصاحف الأمهات وغيرها:
وفرق قوم في مسألة التزام الرسم بين الأمهات من المصاحف، وبين المصاحف التي يتعلم فيها الغلمان.. فأوجبوه في الأولى دون الثانية. وقد نسب الشيخ محمد رشيد رضا القول بالتفريق المذكور إلى الإمام مالك، فقد جاء في حاشية فضائل القرآن لابن كثير عند قوله حكاية عن الإمام مالك: (وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا).
قال الشيخ محمد رشيد رضا تعليقا على هذا النص: (ومثل هذا قوله بوجوب اتباع رسم الصحابة في المصاحف التي تكتب للتلاوة، وإباحة الرسم المستحدث في مصاحف التعليم فقط لتسهيله. وغرضه أن مصاحف التلاوة يجب أن تكون كالمصحف الإمام الذي أجمع عليه الصحابة حفظا للأصل).
وقد سئل الشيخ محمد رشيد رضا عن حكم مخالفة رسم المصحف الإمام فأجاب على السؤال في مجلة المنار قائلا: (إن ديننا يمتاز على جميع الأديان بحفظ أصله على منذ الصدر الأول، فالذين تلقوا القرآن عمن جاء به من عند الله، صلى الله عليه وسلم حفظوه وكتبوه، وتلقاه عنهم الألوف من المؤمنين، وتسلسل ذلك جيلا بعد جيل. وقد أحسن التابعون وتابعوهم وأئمة العلم في اتباع الصحابة في رسم المصحف وعدم تجويز كتابته بما استحدث الناس من فن الرسم، وكان أرقى مما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، لأنه صنعة ترتقي بارتقاء المدينة إذ لو فعلوا لجاز أن يحدث اشتباه في
[607]
بعض الكلمات باختلاف رسمها وجهل أصلها، فالاتباع في رسم المصحف يفيد مزيد ثقة واطمئنان في حفظه، كما هو يبعد الشبهات أن تحوم حوله، وفيه فائدة أخرى وهي حفظ شيء من تاريخ الملة وسلف الأمة كما هو.
نعم إن تغير الرسم واختلاف الإملاء يجعل قراءة المصحف على وجه الصواب خاصة بمن يتلقاه عن القراء، ولذلك أحدثوا فيه النقط والشكل وهي زيادة لا تمنع معرفة الأصل على ما كان عليه في عهد الصحابة، ثم إنه يجعل تعليم الصغار عسرا، ولذلك أفتى الإمام مالك بجواز كتابة الألواح ومصاحف التعليم بالرسم المعتاد كما نقل.
قال علم الدين السخاوي في شرحه لعقيلة الشاطبي: قال أشهب رحمه الله: "سئل مالك رضي الله عنه أرأيت من استكتبته مصحفا أترى أن يكتب على ما أحدثه الناس من الهجاء اليوم؟
فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى. قال مالك: ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن فأقول له: أما الإمام من المصاحف فلا أرى أن ينقط، ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأما المصاحف الصغار التي يتعلم فيها الصبيان والألواح فلا أرى بأسا". ثم قال أشهب: والذي ذهب إليه مالك هو الحق، إذ فيه بقاء الحال الأولى إلى أن يعلمها الآخر، وفي خلاف ذلك تجهيل الناس بأوليتهم.
وقال أبو عمرو الداني في كتابه المسمى المحكم في النقط عقب قول مالك هذا: "ولا مخالف لمالك في ذلك من علماء الأمة".
فالذي أراه هو أن تطبع المصاحف التي تتخذ لأجل التلاوة برسم المصحف الإمام الذي كتبه الصحابة عليهم الرضوان حفظا لهذا الأثر التاريخي العظيم الذي هو أصل ديننا كما هو، لكن مع النقط والشكل للضبط. ولو كان لمثل الأمة الإنكليزية هذا الأثر لما استبدلت به ملك كسرى وقيصر، ولا أسطول الألمان الجديد الذي هو شغلها الشاغل اليوم. أما الألواح والأجزاء وكذا المصاحف التي تطبع لأجل تعليم الصغار بها في الكتاتيب فلتطبع بالرسم المصطلح عليه اليوم من كل وجه تسهيلا للتعليم، ومتى كبر الصغير وكان متعلما للقرآن بالرسم المشهور لا يغلط إذا قرأ المصاحف المطبوعة برسم الصحابة مع زيادة النقط والشكل، وكذلك يكتب القرآن في أثناء كتب التفسير وغيرها بالرسم الاصطلاحي ليقرأه كل أحد على وجه الصواب، وبهذا تجمع
[608]
بين حفظ أهم شيء في تاريخ ديننا وبين تسهيل التعليم وعدم اشتباه القارئين.
أما ما احتج به العز بن عبد السلام على رأيه فليس بشيء، لأن الاتباع إذا لم يكن واجبا من الأصل، فإن فرق بين الآن الذي قال فيه ما قال وبين ما قبله وما بعده؛ بل يكتب الناس القرآن في كل زمن بما يتعارفون من الرسم، وإذا كان واجبا في الأصل وهو ما لا ينكره فترك الناس له لا يجعله حراما أو غير جائز لما ذكره من الالتباس؛ بل يزال هذا الالتباس في أنه لا يسلم له.
وأما ما طبعه المسلمون من المصاحف في الآستانة وقزان ومصر وغيرها من البلاد غير متبعين فيه رسم المصحف الإمام في كل الكلمات، فسببه التهاون والجهل والاعتماد على بعض المصاحف الخطية التي كتبت قبل عهد الطباعة، فرسم فيها بالرسم المعتاد الكلمات التي يظن أنه يقع الاشتباه فيها إذا هم كتبوها كما كتبها الصحابة كلفظ "الكتاب" بالألف بعد التاء، وهو في المصحف الإمام بغير ألف ليوافق في بعض الآيات قراءة الجمع فكتبوه بالألف، ولم أر مصحفا كتب أو طبع كله بالرسم المعتاد.
ونحمد الله تعالى أن وفق بعض الناس إلى طبع ألوف من المصاحف برسم الصحابة المتبع، وأحسن المصاحف التي طبعت في أيامنا هذه ضبطا وموافقة للمصحف الإمام المتبع هو المصحف المطبوع في مطبعة محمد بن زيد بمصر سنة 1308، إذ وقف على تصحيحه وضبطه الشيخ رضوان ابن محمد المخللاتي أحد علماء هذا الشأن وصاحب المصنفات فيه، وقد وضع له مقدمة بين فيها ما يحتاج إليه في ذلك، فالذي أراه أنه ينبغي للجنة القرآنية أن تراجع هذا المصحف، فإنها تجد فيه حل عقد المشكلات كلها إن شاء الله تعالى ككلمة "الأقلام" وأمثالها، وهي بغير ألف، وكلمة "أتاني" التي رسمت في المصحف الإمام "اتني"، فيرون أن هذا المصحف وضع فوق "النون" "ياء" صغيرة مفتوحة هي من قبيل الشكل لتوافق قراءة حفص فهي فيه هكذا "اتني".
وجملة القول أننا نرى أن الصواب الذي ينبغي أن يتبع ولا يعدل عنه هو أن تطبع الأجزاء والمصاحف التي يعلم فيها المبتدئون بالرسم الاصطلاحي لتسهيل التعليم، وهي ما جرت عليه الجمعية الخيرية الإسلامية هنا بإذن الأستاذ الإمام رحمه الله تعالى، فهي تطبع أجزاء القرآن كل جزء على حدته بالرسم الاصطلاحي وتوزيعها
[609]
على التلاميذ في مدارسها، وأما سائر المصاحف فيتبع في طبعها رسم المصحف الإمام كالمصحف الذي ذكرناه آنفا، وإذا جرى المسلمون على هذا في الآستانة ومصر وقزان والقريم وسائر البلاد الإسلامية فلا يمضي جيل أو جيلان إلا وتنقرض المصاحف التي طبع بعض كلماتها بالرسم الاصطلاحي، وبعضها برسم الصحابة، ولا ضرر من وجودها الآن إذ هي مضبوطة بالشكل كغيرها، فالاشتباه والخطأ مأمونان في جميع المصاحف ولله الحمد).
على أن الشيخ رضا قد اختار في جواب له في مجلة المنار أيضا القول بأن رسم المصحف الإمام سماعي توقيفي، وادعى اتفاق العلماء على ذلك... ولم أقف على من صرح بذلك من أهل العلم، ولا وجه القول بتوقيفية الرسم؛ بل صرح بعض الكاتبين في علوم القرآن بأنه لا حجة مع القائلين بأن رسم المصحف توقيفي وهو قول بعض متأخري الصوفية ولا يستند إلى برهان؛ بل إنهم احتكموا في ذلك إلى عواطفهم، واستسلموا استسلاما شعريا صوفيا إلى مذاويقهم ومواجيدهم والأذواق نسبية لا دخل لها في الدين، ولا يستنبط منها حقيقة شرعية.
وقد حكى الزرقاني في المناهل القول بأن رسم المصحف الإمام توقيفي عن عبد العزيز الدباغ أحد صوفية القرن الثاني عشر طبقا لما نقله عنه تلميذه ابن المبارك السلجماسي في كتابه الأبريز ولا أعلم له في ذلك سلفا.
التزام رسم المصحف هو مقتضى التحقيق:
قد اتفقت كلمة أهل التحقيق على وجوب التزام رسم المصحف الإمام وعدم
[610]
التعريج على ما يخالفه نظرا إلى المخاطر المترتبة على القول بجواز المخالفة، فضلا عن ضعف المبررات التي تعلق بها مجوزو مخالفة الرسم، وعلى فرض صحتها فهي أمور وقتية ومصالح جزئية. وقد تقرر في الأصول أن المصالح الجزئية يغتفر إهمالها تقديما للمصالح الكلية، ثم إن المفاسد المترتبة على مخالفة رسم المصحف الإمام أكبر، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ولقد بحثت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية مسألة كتابة المصحف حسب قواعد الإملاء وإن خالف ذلك الرسم العثماني، وعرضت في ذلك البحث النقول الواردة في هذا الشأن عن ذوي الاختصاص من السلف والخلف، وخلصت اللجنة إلى النتيجة التالية:
أولا...ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني كانت في خلافة عثمان رضي الله عنه بأمره، وأنه أمر كتبة المصحف أن يكتبوا ما اختلفوا فيه بلغة قريش، وذلك مما يدل على القصد إلى رسم معين، ووافقه في ذلك الصحابة رضوان الله عنهم، وأجمع عليه التابعون ومن بعدهم إلى عصرنا رغم وضع قواعد الإملاء والعمل بمقتضاها في التأليف والقراءة وكتابة الرسائل، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي" فكانت المحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم واجبة أو سنة متبعة اقتداء بعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي الله عنهم، وعملا بالإجماع.
ثانيا... إن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح في الخط، فهو قابل للتغيير والتبديل باصطلاح آخر مرة بعد أخرى كسائر رسوم الخطوط في اللغة العربية وغيرها، فإذا عدلنا عن الرسم العثماني إلى الرسم الإملائي الموجود حاليا تسهيلا للقراءة فقد يفضي ذلك إلى التغير كلما تغير الاصطلاح في الكتابة لنفس العلة، وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف من بعض، والزيادة فيها، والنقص فيها، ويخشى أن تختلف القراءة تبعا لذلك ويقع فيها التخليط على مر الأيام والسنين، ويجد عدو الإسلام مدخلا للطعن في القرآن بالاختلاف والاضطراب بين نسخه، وهذا من جنس البلاء الذي أصيبت به الكتب الأولى حينما عبثت بها الأيدي والأفكار، وقد جاءت شريعة الإسلام بسد الذرائع والقضاء عليها محافظة على الدين ومنعا للشر والفساد.
[611]
ثالثا... يخشى إن وقع ذلك أن يصير كتاب الله- القرآن- ألعوبة بأيدي الناس، كلما عن لإنسان فكرة في كتابة القرآن اقترح تطبيقها فيه، فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية، وآخرون كتابته بالعبرانية.. وهكذا مستندين في ذلك إلى ما استند إليه من اقترح كتابته حسب قواعد الإملاء من التيسير ورفع الحرج والتوسع في الاطلاع وإقامة الحجة، وفي هذا ما فيه من الخطر، وقد نصح مالك بن أنس الرشيد أو جده المنصور ألا يهدم الكعبة ليعيدها إلى بنائها الذي قام به عبد الله بن الزبير حيث بناها على قواعد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام خشية أن تصير الكعبة ألعوبة بين أيدي الولاة. قال تقي الدين الفاسي في كتابه شفاء الغرام: "ويروى أن الخليفة الرشيد أو جده المنصور أراد أن يغير ما صنعه الحجاج بالكعبة، وأن يردها إلى ما صنعه ابن الزبير، فنهاه عن ذلك الإمام مالك ابن أنس رحمه الله، وقال له: نشدتك الله لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك، لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره، فتذهب هيبته من قلوب الناس" انتهى بالمعنى.
ثم قال: "وكان مالك لحظ في ذلك أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح وهي قاعدة مشهورة معتمدة" انتهى.
خلاصة القول: أن لكل من القول بجواز كتابة المصحف- القرآن- على مقتضى قواعد الإملاء والمنع من ذلك وحرمته وجهة نظر، غير أن مبررات الجواز فيها مآخذ ومناقشات تقدم بيانها، وقد لا تنهض معها لدعم القول بالجواز، ومع ذلك قد عارضها ما تقدم ذكره من الموانع، وجريا على القاعدة المعروفة من تقديم الحظر على الإباحة.
وترجيح جانب درء المفاسد على جلب المصالح عند التعادل أو رجحان جانب المفسدة. قد يقال: إن البقاء على ما كان عليه المصحف من الرسم العثماني أولى وأحوط على الأقل، وعلى كل حال فالمسألة محل نظر واجتهاد، والخبر في اتباع ما كان عليه الصحابة وأئمة السلف رضي الله عنهم... والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
[612]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 ربيع الأول 1436هـ/22-12-2014م, 12:42 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الزيادة فى المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الزيادة في المصحف أخرج الترمذي بسنده من حديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي كان، الزائد في كتاب الله.." الحديث، وأخرجه ابن حبان في صحيحه والطبراني في معجمه.
فلا خلاف بين أهل العلم في أنه لا يجوز لأحد أن يزيد في المصحف حرفا واحدا، وأن من تعمد ذلك يكون كافرا، وقد جرى التنويه عن مثل هذا مشفوعا بما يؤيده من الآثار وأقوال السلف في مواطن كثيرة من هذا البحث كمسائل تجريد
[621]
المصحف، وتخميسه، وجحد شيء منه، وحاشيته، والتفسير فيه، وتعشيره، وتشكيله ونقطه، مما أغنى عن إعادته هنا.
وقد مر أيضا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حول آية الرجم المنسوخة التلاوة وقوله: " والله لولا أن يقول قائلون زاد عمر في كتاب الله لأثبتها كما أنزلت".
[622]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

اليمين للمصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (
ولما كان المصحف أشرف كتاب فى الوجود اقتضى شرفه هذا أن يخص بأشرف الجوارح لمباشرته , وذلك باستعمال اليد اليمنى حال القدرة – عند تناوله وتقليب أوراقه تكريما له وحفاوة به , وقد مضى فى مسألة " التيامن فى تناول المصحف " ذكر كلام أبى حامد الغزالى , وابن مفلح فى هذا الشأن فليعاوده فيها من رامه ).{795}


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الحرف الذي كتب عليه المصحف من الأحرف السبعة | غير مصنف
اشتهر عند الكاتبين أن عثمان رضي الله عنه قد اختار حرف زيد لما رام كتابة المصحف الإمام لكون زيد من أحسنهم خطا وضبطا، وأحضرهم فهما، وأكثرهم كتابة للوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأقربهم عهدا بالعرضة الأخيرة، ولوقوع اختيار الشيخين عليه في كتابة المصحف الأول وتعليلهم هذا الاختيار بكون زيد شابا عاقلا لا يتهم قد كتب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم فكانت هذه الخصال من أهم البواعث لعثمان بن عفان رضي الله عنه على اختيار زيد لكتابة المصحف الإمام، وقد صوب الصحابة صنيعه ووافقوه على اختياره.
وقد عقد القاضي أبو بكر الباقلاني في الانتصار لنقل القرآن بابا في ذكر الأدلة على صواب عثمان رضي الله عنه في اختيار حرف زيد دون غيره.
[566]
وقد مر نقل الحافظ بن حجر في الفتح لكلام أهل العلم في هذه المسألة، وقد أثبته بنصه في مسألة جمع المصحف من هذا البحث مما أغنى عن إعادته هنا.
[567]


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29 صفر 1436هـ/21-12-2014م, 11:43 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

الحلف بالمصحف والحلف عليه | غير مصنف

الكلام على هذه المسألة ينتظم أمورا عدة:
أحدها: الحلف بالمصحف حكمه وانعقاده يمينا مكفرة، ومقدار الكفارة الواجبة بالحنث فيه.
والأمر الثاني: الحلف على المصحف وحكم ذلك وكيفيته.
الأمر الثالث: من حلف بحق المصحف ومدى انعقاد ذلك يمينا.
الأمر الرابع: الحلف بالبراءة من المصحف، وتكييف هذا اليمين من الناحية الفقهية.
الأمر الخامس: الحلف بقوله محوت المصحف ومدى انعقاد ذلك يمينا ووجه انعقاده.
أولا الحلف بالمصحف:
لأهل العلم في مسألة الحلف بالمصحف وكونه يمينا منعقدة قولان في الجملة:
أحدهما: أن الحلف بالمصحف جائز ويكون يمينا منعقدة والحنث فيها موجبا للكفارة، لأن الحالف بالمصحف إنما قصد المكتوب فيه وهو القرآن، فإنه عبارة عما بين الدفتين بالإجماع، والقرآن كلام الله وهو صفة من صفاته تعالى الذاتية، والحلف بصفاته تعالى جائز كالحلف بأسمائه تعالى، وهذا مذهب جمهور أهل العلم؛ بل إن عبد البر في التمهيد، والوزير ابن هبيرة في الإفصاح ، وقد ذهبا إلى
[568]
القول بأن جواز الحلف بالمصحف واعتباره يمينا منعقدة محل إجماع بين علماء المسلمين ، وأنه لم يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بقوله..
قال الوزير: (قلت إن من خالف هذا لا يعتد بقوله لكوني أعلم أنه ليس بقول صحيح، لكن لم أعلم أني سبقت إليه حتى رأيت بعد ذلك في كتاب " التمهيد" لابن عبد البر هذه المسألة بعينها، وقد حكى فيها أقوال الصحابة والتابعين واختلافهم في قدر الكفارة مع اتفاقهم على إيجابها، ثم قال: ولا مخالف في هذا الأمر إلا من لا يعتد بقوله. وذكر كلاما كثيرا على عادته في البسط، وأشار إلى توهين المخالفين لذلك بما هو مسطور في كتابه، لمن آثر الوقوف عليه فالحمد لله على التوفيق).
والقول بجواز الحلف بالمصحف هو مشهور مذهب الإمام مالك، وهو مذهب الشافعية
[569]
والحنابلة ومتأخري فقهاء الحنفية.
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بأنه لا يجوز الحلف بالمصحف، وأن الحلف به لا ينعقد يمينا، وهذا مذهب أبي حنيفة ومتقدمي أصحابه، وهو رواية عن الإمام مالك نقله عنه علي ابن زياد، وشذذها ابن رشد في موضع من كتبه، وحملها على جسم المصحف ومادته وما لا يجوز الحلف به.
[570]
لكن القرافي قد منع رواية منع الحلف بالمصحف عن الإمام مالك على إطلاقها، وصرح بموافقة مالك لأبي حنيفة في هذه الرواية واختارها وانتصر لها.
وقد حكى ابن حزم في المحلى القول بعدم جواز الحلف بالمصحف عن عطاء وأبي حنيفة واختاره وانتصر له.
[573]
وقد اختلف تعليل المنع من الحلف بالمصحف عند القائلين به، فمنهم من علله بكونه حلفا بمخلوق، والحلف بالمخلوق لا يجوزن وفرق بين الحلف بالمصحف والحلف بالقرآن هو تعليل ابن رشد لرواية المنع.
ومنهم من سوى بينهما ولم يسلم بكون القرآن المكتوب في المصاحف صفة ذاتية لله عزوجل، وقصر ذلك على المعنى القائم في نفسه تعالى، وهذا مذهب القائلين بخلق القرآن.
ومنهم من علل عدم جواز الحلف بالمصحف بعدم ورود النص في جوازه، وأن الحلف لا يجوز إلا بما ورد به النص، وهذا هو الذي صرح به ابن حزم في المحلى.
ومنهم من علل منع الحلف بالمصحف بكونه غير متعارف، وهذا هو الذي تناقله متأخرو الحنفية.
مقدار الكفارة :
ثم إن الجمهور حين قالوا بجواز الحلف بالمصحف وكونه يمينا منعقدة موجبة
[574]
للكفارة حال الحنث فيها قد اختلفوا في مقدار تلك الكفارة. قال الوزير ابن هبيرة في إفصاحه: (واختلفوا فيما إذا حلف بالمصحف. فقال مالك وأحمد: تنعقد يمينه، فإن حنث فعليه الكفارة. وهو مذهب الشافعي أيضا). وأشار إلى حكاية ابن عبد البر في التمهيد لأقوال الصحابة والتابعين واختلافهم في قدر الكفارة مع اتفاقهم على إيجابها. قال الوزير: (واختلف مالك وأحمد في قدر الكفارة إذا حنث، وكان حالفا بالمصحف، فقال مالك: كفارة واحدة، وهو كمذهب الشافعي. وعن أحمد روايتان: إحداهما كمذهب مالك في إيجاب كفارة واحدة، والأخرى يلزمه بكل آية كفارة).
قال ابن مفلح في الفروع: (وإن حلف بكلام الله أو المصحف أو القرآن أو آية فكفارة، ومنصوصة: بكل آية إن قدر. وعنه: أولا. وفي الفصول وجه: بكل حرف. وفي الروضة: أما بالمصحف فكفارته واحدة، رواية واحدة).
وذكر المرداوي في الإنصاف قول المقنع: (وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة، وكذا لو حلف بسورة منه أو آية، هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب. وعنه: وعليه بكل آية كفارة).
قال الزركشي:( نص عليه في رواية حرب وغيره، وحمله الموفق على الاستحباب). قال الزركشي: (وقول أحمد للوجوب أقرب، لأن أحمد رحمه الله إنما نقله لكفارة واحدة عند العجز انتهى. وعنه عليه بكل آية كفارة، وإن لم يقدر. وذكر في الفصول وجها: عليه بكل حرف كفارة. وقال في الروضة: أما إذا حلف بالمصحف فعليه كفارة واحدة، رواية واحدة).
ووجه إيجاب كفارة واحدة على من حلف بالمصحف ثم حنث أن الحلف بالمصحف حلف بما تضمنه من قرآن، وهو صفة من صفاته تعالى الذاتية، ولأنه لو
[575]
تكررت اليمين بصفة من صفاته تعالى وجبت كفارة واحدة، فإذا كانت اليمين واحدة كان أولى.
ووجه القول بإيجاب كفارات بعدد الآيات ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "عليه بكل آية يمين"، وبه قال الحسن البصري وابن المبارك.
وقال أحمد: ما أعلم شيئا يدفعه
[576[
ثانيا: الحلف على المصحف:
وقد يعمد بعض القضاة إلى شخص توجهت عليه يمين رام تغليظها فيحلفه على المصحف كوجه من وجوه تغليظ اليمين وتأكيدها، وقد اختلف أهل العلم في مشروعية ذلك، وحكى الإمام الشافعي التحليف على المصحف على سبيل التغليظ عن بعض حكام الآفاق واستحسنه، وذكر أنه رأى قضاة اليمن يحلفون على المصحف وسمى منهم قاضي صنعاء في زمانه مطرف بن مازن الصنعاني، وكان
[577]
مطرف يحلف على المصحف ويحكي ذلك عن ابن عباس وابن الزبير، بيد أن ابن العربي لم يسلم صحة الرواية عن ابن عباس.
والقول بمشروعية التحليف على المصحف هو مقتضى صنيع كعب بن سور الأزدي قاضي البصرة في عهد عمر حيث كان كعب يحلف أهل الذمة بحضرة كتبهم التي يعظمونها. وحكى ابن المنذر مشروعية التحليف على المصحف عن قتادة
[578]
والحسن البصري وأحمد وإسحاق، وذكر ابن العربي أن التغليظ في اليمين عند المالكية يكون بستة أوجه الثالث منها بالمصحف.
قال ابن فرحون في التبصرة: ( وكان ابن لبابة يفتي في المريضة تجب عليها اليمين في مقطع الحق أنها تحلف في بيتها على المصحف).
غير أن جمهور أهل العلم بما فيهم الحنفية والمالكية لا يقولون بمشروعية الحلف على المصحف، وقال ابن المنذر: (وأجمعوا على أنه لا ينبغي للحاكم أن يستحلف بالطلاق والعتاق والمصحف).
[579]
ووصف ابن العربي في تفسيره التغليظ بالتحليف على المصحف بكونه بدعة ما ذكرها أحد قط من الصحابة وذكر ابن قدامة في المغني عن ابن المنذر أنه قال لم نجد أحدا يوجب اليمين بالمصحف قال: وقال الشافعي رأيتهم يؤكدون بالمصحف، ورأيت ابن مازن وهو قاضي بصنعاء يغلظ اليمين بالمصحف قال أصحابه: فيغلظ عليه بإحضار المصحف لأنه يشتمل على كلام الله تعالى وأسمائه وهذه زيادة على ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليمين وفعله الخلفاء الراشدون وقضاتهم من غير دليل ولا حجة يستند إليها ولا يترك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لفعل ابن مازن ولا غيره.. وقد مضى ذكر كيفية التحليف على المصحف عند القائلين به.
الحلف بحق المصحف:
واختلف أهل العلم أيضا في قول الحالف وحق المصحف، فاعتبره جمهور المالكية يمينا، وهو ظاهر كلام أصحابنا الحنابلة، وذهب أكثر أهل العلم إلى عدم اعتباره يمينا، وهو مذهب القائلين بمنع الحلف بالمصحف قاطبة كجمهور الحنفية.
[580]
وذهب أكثر أهل العلم إلى اعتباره يمينا وهو مذهب القائلين بمنع الحلف بالمصحف قاطبة كجمهور الحنفية، وهو اختيار أبي علي الطبري من فقهاء الشافعية، وهو الذي نصره ابن حزم في المحلى.
الحلف بالبراءة من المصحف:
ذهب فريق من أهل العلم إلى القول باعتبار قول الحالف أنا بريء من المصحف يمينا موجبا للكفارة، لأنه ضرب من الإلزامات، وهو مقتضى أشهر الروايتين عن الإمام أحمد في من قال أنا بريء من القرآن على سبيل الحلف، وأن ذلك يكون منه يمينا تجب الكفارة في الحنث فيه، وفرق بعض فقهاء الحنفية بين قول الحالف أنا بريء من المصحف وبين أنا بريء مما في المصحف، فاعتبروا الثانية يمينا دون الأولى، وروي عن الإمام أحمد أن ذلك لا يعتبر يمينا، وحكى عنه رواية ثالثة بالتوقف.
الحلف بمحو المصحف:
قال أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي في تذكرته: (قال أصحابنا: فإن قال محوت المصحف لم يكن يمينا، وروي عن أحمد مثله. وعندي أنه يمين، لأن الحالف لم يقصد بقوله محوته إلا لإسقاط الحرمة والإهانة فصار يمينا كقوله هو يهودي، لأن من
[581]
أسقط حرمته كان كافرا).
وقد ذكر بعض الأصحاب أيضا أن أبا الوفاء قد أجرى الروايتين في قوله: محوت المصحف لإسقاط حرمته، وعصيت الله في كل ما أمرني به، واختار وجوب الكفارة في قوله محوت المصحف كذا في الإنصاف، بيد أن عبارة الفروع تشعر بأن أبا الوفاء قد تفرد باعتبار ذلك يمينا، حيث قال ابن مفلح: (وكذا عند ابن عقيل وحده "محوت المصحف لإسقاط حرمته").
[582]


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 06:24 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي غير مصنف

مقدمة | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الحمد لله الذى تعهد لأمة الإسلام بحفظ كتابه , وألقى فى روع نبيه عليه الصلاة والسلام أن يمليه على الكتبة من أصحابه , ليشفع بالمسطور ما هو مستظهر {5} فى الصدور حتى إذا التحق عليه السلام بالرفيق الأعلى كان قد تم تدوين القرآن الكريم طرا, {6} بيد أن هذا التدوين لم يكن كهيئة مصحفنا , المعهود بين دفتين , ولا صحفا مجموعة بين لوحين , بل كان مرقوما على الرقاع ,{7} والأكتاف , مسطرا على العسب , والاقتاب , {8} واللخاف , تشق صيانته وتعسر رعايته , حتى ألهم الحق سبحانه الفروق فكرة جمعه فى المصحف , وشرح لذلك صدر الصديق الذى رأى الخير كل الخير فى تحقيق هذا الهدف {9} فانتدب لهذه المهمة زيدا , وكان من ذوى الحفظ والإتقان , وممن كتب بين يدى المصطفى ردحا من الزمان , فامتثل بهذه المسؤولية , مستشعرا خطرها واحتمل فى سبيلها صنوف المشاق محتسبا عن الله أجرها .
فأنشأ يستنسخ ما كان مسطرا على هاتيك الآلات , مراعيا التوقيف عند ترتيب السور والآيات , وجعل أهل الإيمان يتنافسون فى مساعدته , ويتبارون فى مؤازرته {10} ومساندته , وطفق الناس يأتونه بما عندهم من مكتوب القرآن , وجعل يتسلمه منهم بعد أن يشهد على صحته شاهدان , ولم يمض عليه عام بتمامه حتى صار القرآن مودعا فى الصحف بكامل هيئته ونظامه , فقرت بذلك عين الإسلام , وصارت تلك الصحف فيما بعد أساسا للمصحف الإمام .{11} والذى كان جمع الناس عليه من مناقب ذى النورين عثمان إذ أفزعه ما بلغه من اختلاف الناس فى القرآن , وأنه إن ترك الناس وشأنهم تفرقوا كما تفرق الذين {12} من قبلهم , فحرج على من عنده شئ من القرآن إلا أحضره , وعمد إلى ما عدا المصحف الإمام فأتلفه , وأمر بأن يستنسخ من المصحف الإمام جملة نسخ فتفرق على الأقطار{13}ويبعث بنسخة واحدة إلى كل مصر من الأمصار , فتدارك الله بهذا الصنيع أمة الإسلام من الاختلاف فى كتابها , وعصمها من الإنقسام فيما أوحاه إلى نبيها , وأضحى رسم المصحف الإمام عند أهل العلم سنة متبعة , وعدت مخالفته من الأمور المبتدعة. وظل المصحف الإمام مجردا عما سوى القرآن دهرا , حتى إذا اتسعت {14}
الفتوح ودخلت أفواج الأعاجم فى الإسلام تترا , وتفش اللحن فى القران على ألسنة الناس , وكثرت الأخطاء منهم , وتعددت أسباب الإلتباس , اتجهت همم كثير من أهل العناية بنقط المصاحف وشكلها وتحسينها وتجويدها , وعمدوا إلى تخميسها , وتعشيرها , وتحزيبها , {15}وتجزئتها , وعنونتها , وترقيمها , ووضع لأسماء السور , وذكر لعددآياتها , وابتكار لرموز الوقوف والمدود , وغير ذلك مما يساعد على صحة التلاوة فيها , ولم تمض بضعة قرون حتى صارت علوم القرآن فنا مستقلا بذاته , له قواعده وأصوله المودعة فى مصنفاته .
فقد ألف فى المصاحف جمع كابن أشته , وابن أبى داود , وابن الأنبارى , وصنف فيها وفى علوم القرآن ابن سلام , وابن قتيبة , وابن المرزبان , والحوفى , وأبو عمرو الدانى , {17} وابن جوزى , والقرطبى , والنووى , وابن القيم , {18} والسخاوى , والشاطبى , وابن الجزرى , والزركشى , {19} والسيوطى , وخلق كثير غيرهم لا يتسع مثل هذا المقام لذكرهم . إلا أنه مما ينبغى التنبيه عليه , وتجدر الإشارة إليه , مادرج عليه جماهير الفقهاء فى مصنافتهم وتعارفوه فى الغالب الأعم من مؤلفاتهم من ذكر لبعض أحكام المصحف فى ثنايا الأبواب , وفى مظان قد تخفى على الكثير من الطلاب .. لذا شعرت بدعاء الحاجة إلى جمع هذه الأحكام فى جزء مفرد , ينتظم ماتناثر من فرائدها وتبدد , مع التنبيه على مواطن الخلاف فيها , ولو على سبيل الإشارة , والتنويه عن المعتمد من كل مذهب من الأربعة بأوجز عبارة , وعزو كل قول إلى قائله , ونسبة أى نقل إلى ناقله , حتى يكون الناظر فيه على بينه من أمره , ويتسنى لطالب المزيد الرجوع إلى مصادره . ولقد استخرت الله فى العمل على تحقيق ذياك المرام , وسألته خلوص النية , والسلامة من الآثام , وأن يغفر لى زلات هذا الجمع وهناته , ويهب سيئاته لحسناته .{20}ولإن كان هذا الجزء قد قصر عن بلوغ درجة الاستقصاء والاستيعاب , فلا أقل من أن يكون كالتذكرة لى ولأمثالى فى هذا الباب .
ولما كانت عادة الأسلاف قد جرت بتسمية كل مصنف , فقد سميت هذا العمل ب( المتحف فى أحكام المصحف ) مرتبا رؤوس مسائله على حروف الهجاء ملتمسا بذلك التسهيل على القراء مهيبا بكل من نظر فيه أن يدعو بالمغفرة لجماعه وممليه فقمن أن تستجاب دعوة بظاهر الغيب من مسلم لأخيه).{21}


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:39 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اسم المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (قد مضى فى أول هذا البحث ما يتعلق بتعريف المصحف من الناحية اللغوية مما أغنى عن إعادته هنا , والمتتبع للآثار فى كتب السنة يدرك أن لفظة المصحف كانت معروفة فى الأمم السابقة , كاسم لنوع من الكتب الشرعية , لا يتبادر إلى الذهن عن إطلاق المصحف كتب غيرها .{112}
تسمية المصحف بالقرآن :
وقد وردت تسمية مكتوب القرآن بالمصحف مرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن عمر وحديث عثمان ابن أبى العاص رضى الله عنهما , فقد أخرج ابن أبى داود فى كتاب المصاحف من عدة طرق حديث ابن عمر فى هذا المعنى .
وفى بعض ألفاظه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو " . وأخرج ابن أبى داود والطبرانى من حديث عثمان بن أبى العاص قال : ( كان فيما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاتمس المصحف وأنت غير طاهر ). وأخرجه الشوكانى أيضا فى السيل الجرار من طريق الطبرانى .
وقد ذكر بعض المصنفين فى الأوائل أن أول من سمى القرآن مصحفا , وأول من جمعه هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه . وحكى الشبلى فى محاسن الوسائل {113}
أن أول من سمى المصحف مصحفا عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود . رواه ابن وهب فى الجامع . وقال الزركشى فى البرهان : ( فائدة : ذكر المظفرى فى " تاريخه " : لما جمع أبو بكر القرآن قال : سموه , فقال بعضهم : سموه إنجيلا , فكرهوه . وقال بعضهم : سموه السفر , فكرهوه من يهود . فقال ابن مسعود : رأيت للحبشة كتابا يدعونه المصحف , فسموه به ).
وحكاه أبو شامة فى المرشد الوجيز . وذكر السيوطى فى كتابه معترك الأقران فى إعجاز القرآن نحوا من عبارة الزركشى , ثم قال : لما جمعوا القرآن فكتبوه فى الورق , قال أبو بكر : التمسوا له اسما . فقال بعضهم : السفر , وقال بعضهم : المصحف , فإن الحبشة يسمونه المصحف , وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف ). ثم أورده من طريق آخر عن ابن بريدة .
وقال السيوطى فى الإتقان : ( قلت : ومن الغريب ما ورد فى أول من جمعه , ما أخرجه ابن أشته فى كتاب المصاحف من طرق كهمس عن ابن بريدة قال : أول من {114}
جمع القرآن فى مصحف سالم مولى أبى حذيفة , أقسم ألا يرتدى برداء حتى يجمعه فجمعه , ثم أئتمروا ما يسمونه . فقال بعضهم : سموه السفر , قال ذلك تسمية اليهود فكرهوه . فقال : رأيت مثله بالحبشة يسمى المصحف , فاجتمع رأيهم أن يسموه المصحف . إسناده منقطع أيضا , وهو محمول على أنه كان أحد الجامعين بأمر أبى بكر ). وعزاه الكتانى فى التراتيب الإدارية إلى ابن أبى داود فى كتاب المصاحف ولم أقف عليه فيه حسب النسخة المتوفرة لدى
الفرق بين المصحف والصحف :
قال الحافظ فى الفتح: ( والفرق بين الصحف والمصحف , أن الصحف الأوراق المجردة التى جمع فيها القرآن فى عهد أبى بكر , وكانت سورا مفرقة , كل سورة مرتبة بآياتها على حدة , لكن لم يرتب بعضها إثر بعض , فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفا , وقد جاء عن عثمان أنه إنما فعل ذلك بعد أن استشار الصحابة )
ماهية المصحف الذى تتعلق به الأحكام:
لاخلاف بين أهل العلم فى أن المصحف الكامل هو الذى تتعلق به الأحكام الخاصة بالمصحف , بيد أنهم اختلفوا فيما دون المصحف الكامل , فمنهم من علق الأحكام على ما كان منه جزءا له بال . {115}

ومنهم من أعطى مسمى المصحف للصحيفة فيها ثلاث آيات من القرآن فصاعدا , شريطة أن تتجرد قرآنية المكتوب فى تلك الصحيفة حتى تكون على هيئة المصحفية , بمعنى أن يقصد بإثبات القرآن فيها قراءته ودرسه , وأن يراد بكتابة القرآن فيها الثبات والدوام .
ومنهم من لم يعتبر إلا مجرد قصد القراءة بالكتابة , فأعطوا الألواح التى يتعلم بها الصبيان حكم المصاحف .
ومنهم من فرق بين ما كان معتادا من الألواح , وبين ما كبر منها جدا , كباب كبير مثلا , فجعل لأول حكم المصحف , وقصر الحكم فى الثانى على النقوش فحسب , حتى جوز بعضهم كأبى الوفاء بن عقيل فى فنونه الجلوس على بساط مكتوب على حواشيه قرآن , قال لعدم شمول اسم المصحف له . وقد نقله ابن مفلح نقل المستغرب له قائلا : ( كذا قال ) على أن ابن مفلح قد عبر عن القول بقصر حكم المصحف على النقوش دون الخالى منه بعبارة قيل إشارة إلى تضعيفه .{116}
وقد سوت طائفة من أهل العلم بين المصحف الكامل وبين أى قدر منه فى الحكم , وإن كان آية واحدة , بل ألحق بعضهم بحكم الآية الجملة من القرآن . وبالغ فريق منهم , فعدى الحكم إلى الحروف , وأثبت حكم المصحف لكل حرف من القرآن كتب مجردا عن غيره بقصد الدرس والتلاوة لا بقصد التبرك كالمكتوب فى التمائم والتعاويذ وطرز الثياب , والمنقوش على الدراهم مثلا . ولم يظهر لى وجه التفريق بين ذلك كله , نعم تخرج الآية والآيتان فى الرسائل والكتب لفعله صلى الله عليه وسلم فى مكاتباته لملوك الأرض على سبيل الدعوة , وتبليغ الشريعة .
وقد يأتى لهذه التفريعات مزيد بيان فى مظانها من هذا البحث , إن شاء الله تعالى). {117}


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:43 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

استنقاذ المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): ( صرحت طائفة من أهل العلم باعتبار استنقاذ المصحف , مسوغا ومبررا لارتكاب محظور شرعى تكون المفسدة فى ارتكابه أخف من مفسدة ترك استنقاذ المصحف , كالكلام فى الصلاة , وأداء الصلاة على هيئة صلاة الخوف , ونبش القبر إذا دفن فيه المصحف مع الميت , والمعاوضة عليه بما لا يجوز بيعه كالأدهان النجسة والخمر مثلا , وشراء المصحف حتى على القول بمنع ذلك , وحكاه {118}
الطحاوى فى اختلاف العلماء عن الربيع بن سليمان عن الإمام الشافعى . وقال القاضى أبو يعلى فى الأحكام السلطانية وهو بصدد ذكر الروايات عن الإمام أحمد فى بيع أرض السواد وإجاراتها قال :" وقد قال أحمد فى رواية المروزى " والحجة فى شراء السواد ولا يباع فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصوا فى شراء المصاحف , وكرهوا بيعها " وهو استحسان وليس هو القياس ). {119}


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:51 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


الإشتغال بالمصاحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): ( قال الشيخ تقى الدين بن تيمية : ( إن كتابة القرآن والأحاديث الصحيحة والتفاسير الموجودة الثابتة من أعظم القربات والطاعات ).
واستدل فى موضع آخر على فضل كتابة القرآن بقوله عليه السلام :" إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة : صانعه , والرامى به , والممد به " . فالكتابة كذلك لينتفع به أو لينفع به غيره كلاهما يثاب عليه .
وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف بسنده عن مالك بن دينار قال (" دخل على جابر بن زيد وأنا أكتب مصحفا , فقلت له : كيف ترى صنعتى هذه يا أبا الشعثاء ؟ فقال: نعم الصنعة صنعتك , وما أحسن هذا تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة , وآية إلى آية , وكلمة إلى كلمة , هذا الحلال لا بأس به ) .
وأخرجه من وجه آخر عن مالك بن دينار أيضا قال : ( دخل على جابر بن زيد وأنا أكتب المصحف , فقال لى : مالك صنعة إلا أن تنقل كتاب الله من ورقة إلى {155} ورقة , هذا والله كسب الحلال , وهذا والله كسب الحلال).
وأخرجه من وجه ثالث من طريق يعقوب بن سفيان عن عبد الملك بن شداد الأزدى قال : ( دخل أبو الشعثاء على مالك بن دينار فقال : يا أبا الشعثاء , كيف ترى صنعتى هذه ؟ . فقال : نعمت الصنعة صنعتك , تنقل كتاب الله من ورقة إلى ورقة , ونعمت الصنعة صنعتك فالزمها ).
وقد مضى فى مسألة الاحتساب فى كتابة المصاحف طرف من هذا , وقد يأتى له مزيد بيان فى غير موضع من هذا البحث ككتابة المصاحف , والاشتغال بها فى المساجد وحال الاعتكاف .
وذكر الغزالى فى الإحياء أن كتابة المصحف تكون كفارة لإثم مسه على غير طهارة , قال : ( ويكفر مس المصحف محدثا بإكرام المصحف , وكثرة قراءة القرآن منه , وكثرة تقبيله بأن يكتب مصحفا ويجعله وقفا ) . كذا وقعت الباء موقع الواو). {156}


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 09:58 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اصطحاب المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج ابن أبى داود فى المصاحف , والقاضى وكيع فى أخبار القضاه واللفظ لابن أبى داود قال : حدثنا على بن حرب , حدثنا أبو معاوية , حدثنا يزيد بن مردانبه قال : رأيت أبا بردة على دابة فى رحاله , عليها قطيفة سوداء , ومعه مصحف لا يكاد يفارقه )
وقد يأتى لهذه المسألة مزيد بيان عن الكلام على مسألة تعليق المصحف) .{157}


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 23 صفر 1436هـ/15-12-2014م, 10:19 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إصلاح الخطأ فى المصحف وتصويبه | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بوجوب إصلاح الخطأ فى المصحف وتصويبه متى عثر عليه فى خطه أو شكله , لأن الغلط فى المصحف نوع منكر تتعين إزالته على من قدر عليه , ويتحتم تغييره ممن أمكنه ذلك , فإن لم يفعل مع القدرة كان آثما والقول بوجوب إصلاح الخطأ فى المصحف مطلقا هو الذى صرح به العبادى الشافعى , ونقله عنه وأقره الأسنوى , والزركشى وغيرهما من علماء الشافعية . {158}
وقد أطلقوا القول بوجوب إصلاح الخطأ فى المصحف وسووا فى ذلك بين ما كان من المصاحف وقفا أو طلقا , وبين ما كان منها مملوكا للمصلح , أو كان ملكا لغيره رضى صاحبه بذلك التصويب أم لا , وسواء كان خط المصوب حسنا أم سقيما .
لكن طائفة من أهل العلم قد جعلوا لذلك قيودا , واعتبروا له شروطا ككون خط المصوب مناسبا , وإذن مالك المصحف بذلك التصويب , وعدم كثرته كثرة تستتبع أجرة للمصوب لم يقل بها مالك المصحف سلفا , وقد قال بهذه القيود جمع منهم البدر بن جماعة , والسراح البلقينى , وابن حجر الهيتمى من فقهاء الشافعية , بل إن الأخير منهم قد مال إلى القول بتحريم التصويب إذا كان بخط سقيم يعيب المصحف وينقصه .
وقد اشترط غير واحد من فقهاء الحنفية لوجوب التصويب وإصلاح الخطأ فى المصحف كون الخط مناسبا , وهو الذى صرح به الحصكفى فى الدر , وابن عابدين فى حاشيته عليه , وهو ظاهر اختيار ابن وهبان فى نظمه . ولم يظهر {159}
لى وجه القول بهذه القيود لا سيما وإن إقرار الغلط فى المصحف وتركه من غير تصويب مفسدة عظيمة يتعين درؤها , ويتحتم دفعها حتى مع التسليم بوجود ضرر ولو وجه الاحتمال يلحق المصحف أو مالكه , فإن هذا الضرر وإن كان مفسدة إلا إنها دون مفسدة ترك الخطأ على ما هو عليه , وقد تقرر فى الأصول أن ارتكاب أخف المفسدتين لدرء أعظمها أمر متعين . وقد نص المحققون من أهل العلم على أنه ينبغى إصلاح الخطأ فى الحديث وتصويب اللحن فيه و الأصل فى ذلك ما أخرجه الطبرانى وغيره عن زيد بن ثابت رضى الله عنه فى قصة كتابته للوحى بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم وفيها {فإذا فرغت , قال : اقرأه , فاقرأه , فإن كان فيه سقط أقامه , ثم أخرج به إلى الناس }
بل جزم بعضهم بوجوب تصويب الخطأ واللحن فى الفتاوى ورقاع المستفتين , وهو الذى صرح به أصحابنا الحنابلة وغيرهم , فإصلاح الخطأ وتصويبه فى المصحف واجب بطريق الأولى .
على أن من أهل العلم من صرح بوجوب إتلاف المصحف إذا كثر الغلط {160}
واللحن فيه , أو كان خطه رديئا يتعذر معه الانتفاع به أو يفضى إلى الوقوع فى لبس على قارئه , ولم يلتفتوا إلى ما فيه من مالية إعمالا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين وأهون المفسدتين درءا لأكبرهما .
لا لحن فى المصحف الإمام :
لا يقال بأن اليسير من اللحن فى المصحف مغتفر , وأن إصلاحه غير متعين بدليل ما روى عن عثمان رضى الله عنه من قوله حين رفع إليه المصحف بعد الفراغ من كتابته : ( أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها )
وفى لفظ عكرمة قال : ( لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان , فوجد فيها {161}
حروفا من اللحن , فقال : لا تغيروها فإن العرب ستغيرها , أو قال : ستعربها بألسنتها , لو كان الكاتب من ثقيف والمملى من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف )
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال : ( سألت عائشة عن لحن القرآن , عن قوله : {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} [طه 63], وعن قوله : {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}[النساء : 162] وعن قوله :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ}[المائدة 69], فقالت : يا ابن أختى هذا عمل الكتاب , أخطأوا فى الكتاب ) .
وروى نحو من ذلك عن أبان بن عثمان , وسعيد بن جبير , وفى الأخير زيادة وعن قوله : {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون : 10] . فإن هذه الآثار لا {162}
تثبت ولا يصح منها شئ عند المحققين من أهل العلم , وعلى فرض صحتها فقد أجابوا عنها بما يقتضى نفى اللحن المتوهم هنا , والذى يعد نوع خطأ فى المصحف أقره الصحابة ومن بعدهم من علماء السلف , وقد تضمنت الحواشى السابقة طرفا من أجوبة أهل العلم عن ذلك , فلا حجة إذا بما روى فى هذا الباب للقول باغتفار الخطأ أو اللحن اليسير فى خط المصحف .
وقد ذكر غير واحد من أهل العلم توجيه ما قيل عنه أنه لحن كقوله تعالى : {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ}. {164}
وقوله سبحانه :{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ}.{165}
وقوله سبحانه : {قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ}.{166}
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية فى كلام مبسوط له حول هذه المسألة: ( ... فلم يختلف لسان قريش والأنصار إلا فى لفظ " التابوه " والتابوت" فكتبوه " التابوت " بلغة قريش . وهذا يبين أن المصاحف التى نسخت كانت مصاحف متعددة , وهذا معروف مشهور , وهذا مما يبين غلط من قال فى بعض الألفاظ إنه غلط من الكاتب , أو نقل ذلك عن عثمان , فإن هذا ممتنع لوجوه ) . {169}
ثم ذكرها إلى أن قال : ( ومن زعم أن الكاتب غلط فهو الغالط غلطا منكرا كما قد بسط فى غير هذا الموضع , فإن المصحف منقول بالتواتر , وقد كتبت عدة مصاحف وكلها مكتوبة بالألف , فكيف يتصور فى هذا غلط , وأيضا فإن القراء إنما قرأوا بما سمعوه من غيرهم , والمسلمون كانوا يقرأون " سورة طه " على عهد رسول الله {172}
وأبى بكر وعمر وعثمان وعلى وهى من أول ما نزل من القرآن ). إلى آخر كلامه رحمه الله وإنما خص سورة طه بالذكر هنا كلامه من أصله كان يدور حول الآية الثالثة والستين منها ومن المواطن التى قيل بأن فيها لحنا قوله تعالى {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} وملخص المختار من تلك التوجيهات أن النصب فى الموطن الأول كان على وجه المدح , والرفع فى الموطن الثانى على سبيل الابتداء مع افتراض التقديم والتأخير فى الآية , والألف فى الموطن الثالث إنما كان إعمالا للأصل فى الأسماء المبهمة إذا ثنيت , ومن قرأ بالياء فإنما اعتمد على القياس المجرد . وأما وجه الجزم فى الموطن الرابع فقد جاء عطفا على موضع الفاء فى قوله تعالى :( فَأَصَّدَّقَ). وقد جرى تفصيل ذلك كله منقولا من مصادره فى الحواشى ذوات الأرقام العشرين والحادى والعشرين والثانى والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين والخامس والعشرين بعد المائه الرابعة , فليطالعها فيها من رامه .
وقد نفى غير واحد من أهل العلم الغلط فى المصحف الإمام ولم يسلم بصحة المروى عن عثمان وعائشة وغيرهما فى هذا ورده من عدة أوجه نظير ما جاء فى كلام طائفة من أهل العلم كابن قتيبة فى مشكل القرآن , وابن الأنبارى فى كتاب " الرد على من خالف مصحف عثمان " , وأبى بكر الباقلانى فى الانتصار لنقل القرآن , وأبى عمرو الدانى فى المقنع , والسيوطى فى الإتقان . وقد مر النقل عنهم فى الحاشية {173}
التاسعة عشرة بعد الأربعمائة من هذا البحث مما أغنى عن إعادته هنا
وهكذا يتبين من مجموع النقول التى مر ذكرها عن أهل التحقيق ألا حجة ثابتة مع من قال بوجود لحن فى المصحف الإمام , ولا برهان لديه من أثر أو نظر .. والله أعلم بالصواب) .{174}


رد مع اقتباس
  #19  
قديم 24 صفر 1436هـ/16-12-2014م, 11:29 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إعارة المصحف | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى تحريم إعارة المصحف من الكافر , وإنما الخلاف بينهم فى حكم إعارة المصحف من المسلم , فبعد أن اتفقوا على جوازه , بل استحبابه لكونه من التعاون على البر والتقوى , اختلفوا فى كون هذه الإعارة واجبة على الإطلاق أم أنها لا تجب مطلقا , أم أن الوجوب مقيد بحاجة المستعير إلى المصحف . وفصل بعضهم بين إعارة تطول مدتها , وبين إعارة يقصر زمنها . فأوجبها فى الثانية دون الأولى , وفرقت طائفة أخرى من أهل العلم بين ما إذا توقفت صحة صلاة المستعير على ذلك المصحف , وبين مالم يبلغ هذا الحد من الضرورة . فصرحت بالوجوب فى الحالة الأولى دون الثانية , ولعله مراد من لم يصرح . وقد مضى فى مسألة الاستئذان للنظر فى مصحف الغير نحو من هذا مفصلا.
الخلاف فى إعارة المصحف :
وقد ذهب إلى القول بوجوب إعارة المصحف من المسلم مطلقا إذا طلبه جمع من أهل العلم من السلف والخلف , ولذا قال القرطبى : ( ومن الغلول حبس الكتب عن أصحابها , ويدخل غيرها فى معناها . قال الزهرى : إياك وغلول الكتب . فقيل له : {175}
وما غلول الكتب ؟ . قال : حبسها عن أصحابها )
فإذا كان حبس الكتب غلولا , فحبس المصاحف كذلك من طريق الأولى .
قال ابن رجب فى قواعده : ( تجب إعارة المصحف لمن احتاج إلى القراءة فيه ولم يجد مصحفا غيره , نقله القاضى فى الجامع الكبير . وذكر ابن عقيل فى كلام مفرد له : أن الأصحاب عللوا قولهم لا يقطع بسرقة المصحف , فإن له فيه حق النظر لاستخراج أحكام الشرع إذا خفيت عليه ,وعلى صاحبه بذله لذلك )
وقال ابن مفلح : ( ويلزم بذله لحاجة , وقيل : مطلقا , وقيل عكسه , كغيره )
وعبارة البهوتى : (" ويلزم بذله " أى المصحف لمن احتاج إلى القراءة فيه ولم يجد مصحفا غيره للضرورة ).
قال أبو زكريا الأنصارى الشافعى فى شرح الروض : ( قال فى الكفاية ولو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته , وكذا لو لم يكن إلا معلم واحد يلزمه التعليم , أى بلا أجرة على ظاهر المذهب كما لو احتاج إلى السترة أو الوضوء ومع غيره ثوب أو ماء فينتقل إلى البدل ). قال الرملى فى حاشيته على شرح الروض : ( " قوله لم يلزم مالكه إعارته " قال شيخنا : شمل ما لو كان مالكه غائبا , فليس للعاجز عن القراءة إلا به فعل ذلك , حيث لم يغلب على ظنه رضا مالكه بما ذكر , ولو خالف وفعل كان ضامنا للعين والمنفعة , وقد حكى صاحب الجواهر عن والد الرويانى فى ذلك احتمالين , ويؤيد ذلك ما ذكروه فى باب التيمم أن المحتاج للطهارة إذا وجد ماء لغائب يتيمم ويصلى ولا يستعمله , لأن للماء بدلا {176}
ومسألتنا من هذا القبيل ). وعبارة الرملى فى النهاية : ( وقد تكون واجبة كإعارة نحو ثوب لدفع مؤذ كحر , ومصحف على ما جزم به فى العباب تبعا للكفاية ). وتعقبه الشبراملسى بحكاية ما مر فى شرح الروض من عدم اللزوم , وأنه ظاهر المذهب على ما اختاره الرملى فى صفة الصلاة .
وجزم الهيتمى الشافعى بوجوب إعارة المصحف . قال العبادى : ( " قوله ومصحف " على ما جزم به العباب تبعا للكفاية كذا شرح م ر , وفيه نظر . وفى شرح الروض فى باب صفة الصلاة قال فى الكفاية : ولو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). إلى أن قال : ( وفى العباب فى صفة الصلاة ولا تجب إعارته أى المصحف وإن تعين , فإن غاب مالكه فيحتمل لزوم أخذه وإنه كالعارية , ويحتمل أن لا يضمنه ).
وقال الشروانى : (" قوله ومصحف أو ثوب ") عبارة الشارح م ر فى باب صفة الصلاة بعد قول المتن فإن جهل الفاتحة إلخ , حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد , ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). وقد تناقض كلام الرملى فى النهاية كما مر فقال بلزوم الإعارة فى كتاب العارية , فى حين جزم بعدم اللزوم فى صفة الصلاة . وهاك عبارته فيهما :( فإن جهل الفاتحة ) ولم يمكنه تعلمها لضيق وقت , أو بلادة , ولا قراءتها فى نحو مصحف , ولا التسبب إلى حصوله بنحو شراء لو وجد ما يحصله به فاضلا عما يعتبر فى الفطرة حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد , ولم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته على ظاهر المذهب ), كذا فى صفة الصلاة .
وقال فى باب العارية : ( وقد تكون واجبة كإعارة نحو ثوب لدفع مؤذ كحر ومصحف على ما جزم به فى العباب تبعا للكفاية ). {177}
قال الشبراملسى : (عبارة الشارح فى باب صفة الصلاة بعد قول المتن فإن جهل الفاتحة إلخ نصها : حتى لو لم يكن بالبلد إلا مصحف واحد ولو لم يمكن التعلم إلا منه لم يلزم مالكه إعارته ). إلى آخر العبارة فى صفة الصلاة , فكأن الشبراملسى قد ساق هذه العبارة فى باب العارية على سبيل التذكير بما قاله المصنف فى باب صفة الصلاة منبها على تباين الاختيار فى الموضوعين). {178}


رد مع اقتباس
  #20  
قديم 24 صفر 1436هـ/16-12-2014م, 11:32 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

الاعتكاف وأثره فى كتابة المصاحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من شراح الهداية : أن للمعتكف أن يكتب الأمور الدينية ,وليس له كتابة المصحف بأجر .
وقال الإمام مالك عن المعتكف : ( يكتب المصحف إن أحب ).
قال ابن رشد : ( قوله ويكتب المصاحف إن أحب , ومعناه ويكتب المصاحف قبل أن يدخل إن أحب , وهذا على مذهب ابن القاسم , وروايته عن مالك , والذى يرى أن الاعتكاف يختص من أعمال البر بذكر الله تعالى , وقراءة القرآن والصلاة , وأما على مذهب ابن وهب الذى يبيح للمعتكف جميع أعمال البر المختصة بالآخرة , فيجوز له أن يكتب المصاحف للثواب , لا ليمولها , ولا على أجرة يأخذها إلا ليقرأ فيها , وينتفع بها من احتاج إليها ) . وعند خليل فى مكروهات الاعتكاف : اشتغاله بعلم , وكتابته , وإن مصحفا إن كثر . وبالغ على المصحف لئلا يتوهم أن كتابته كتلاوته .
وقيد العدوى الكراهة بما لم يكن لمعاشه , موافقة للزرقانى , ونقل المناوى نحوا مما ذكر ابن رشد , ثم قال : وهو يدل على أن كتب المصحف لا يباح للمعتكف على المشهور . {179}
وفى الإفصاح عن الإمام مالك : لا بأس أن يكتب المعتكف
وعند الشافعية يباح للمعتكف : كتابة العلم ولو حرفة , وله المطالعة فى مباح على ما اختاره النووى , والأنصارى , والسيوطى , والهيتمى , خلافا لما ذكره الغزالى , والرافعى .
وعند الحنابلة تجوز الكتابة للمعتكف على الصحيح من المذهب , وقيده بعضهم بما لم يكن تكسبا . قال حرب : ( سئل الإمام أحمد عن العمل فى المسجد نحو الخياط وغيره , فكأنه كرهه ليس بذلك التشديد ).
وقال المرزوى : سألته عن الرجل يكتب بالأجرة فيه ؟ . قال : أما الخياط وشبهه فلا يعجبنى , وإنما بنى لذكر الله تعالى . وقال فى رواية الأثرم : ما يعجبنى مثل الخياط والأسكاف وشبهه , وسهل فى الكتابة . قال الحارثى : خص الكتابة لأنه نوع تحصيل علم , فهى فى معنى الدراسة , وهذا يوجب التقيد بما لا يكون تكسبا , وإليه أشار بقوله : فليس ذلك كل يوم .
قال المرداوى : ( وظاهر ما نقل الأثرم – وقد قطع المصنف فى باب الإعتكاف أنه لا يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة – التسهيل فى الكتابة مطلقا ) . ونقل ابن المفلح فى الاعتكاف قول أبى بكر : لا يقرأ , ولا يكتب الحديث , واقتصر عليه . وحكاه المرداوى فى الإنصاف , ثم نقل قول أبى الخطاب : يستحب إذا {180}
قصد به الطاعة . واختاره المجد وغيره , وذكر الآمدى فى استحباب ذلك روايتين فعلى المذهب : فعله لذلك أفضل من الاعتكاف لتعدى نفعه .قال المجد : ( ويتخرج على أصلنا فى كراهة أن يقضى القاضى بين الناس وهو معتكف , إذا كان يسيرا : وجهان , بناء على الإقراء , وتدريس العلم فإنه فى معناه ).
وجزم البهوتى بعدم استحباب كتابة الحديث للمعتكف , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به , ولأن الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد , فلم يستحب فيها ذلك كالطواف . ثم ذكر اختيار أبى الخطاب السابق ووجهه .
وقد يأتى لهذه المسألة مزيد بسط وبيان عند الكلام على مسألة كتابة المصاحف بصفة عامة , باعتبار مسألتنا هذه أحد أفراد ذلك الموضوع . {181}


رد مع اقتباس
  #21  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:21 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

إغراق المصحف | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى أنه لا يحل تعمد إغراق المصحف لغير مصلحة دينية أو ضرورة وقائية , وأن من أغرق المصحف عبثا يكون آثما مرتكبا لكبيرة من الكبائر , بل قد يكفر بذلك إن فعله على سبيل الامتهان للمصحف , وقد مر طرف من هذا فى غير موضع من هذا البحث , وقد يأتى له ولنظائره مزيد بيان .
أما لو كان إغراق المصحف لغرض دينى على سبيل إتلاف ما ترجحت مفسدة بقائه , فالظاهر من كلام السلف جوازه , بل وجوبه درءا لمفسدة بقاءه المتمثلة بحصول فتنة تتحقق بعدم إتلافه مثلا .
وقد أخرج ابن أبى داود بسنده عن حذيفة رضى الله عنه قال : ( يقول أهل الكوفة قراءة عبد الله , ويقول أهل البصرة قراءة أبى موسى , والله لئن قدمت على أمير المؤمنين لأمرته أن يغرقها ......) . يعنى المصاحف المختلفة , كمصحف عبد الله بن مسعود , ومصحف أبى موسى رضى الله عنهما , قال ذلك حذيفة رضى الله عنه لما رأى اختلاف الناس فى القرآن , وخشى أن يفضى اختلافهم هذا إلى فتنة تترتب عليها فرقة وانقسام بين المسلمين كالذى حدث فى الأمم قبلها حين اختلفت فى كتبها . {183}
وقد تقتضى الضرورة الدنوية كالخوف على الروح مثلا إغراق المصحف وحينئذ يجوز ذلك على ما صرح به بعض فقهاء الشافعية كالشبراملسى ومن تابعه , حيث قال فى جواب له عن سؤال عما لو اضطر إلى مأكول وكان لا يصل إليه إلا بشئ يضعه تحت رجليه , وليس عنده إلا المصحف , فهل يجوز وضعه تحت رجليه فى هذه الحالة أم لا ؟ . قال : ( فأجبت عنه بأن الظاهر الجواز معللا ذلك بأن حفظ الروح مقدم ولو من غير الآدمى على غيره , ومن ثم لو أشرفت سفينة فيها مصحف ,وحيوان على الغرق , واحتيج إلى إلقاء أحدهما لتخليص السفينة ألقى المصحف حفظا للروح التى فى السفينة . لا يقال وضع المصحف على هذه الحالة امتهان , لأنا نقول كونه إنما فعل ذلك للضرورة مانع عن كونه امتهانا , ألا ترى أنه يجوز السجود للصنم والتصور بصورة المشركين عن الخوف على الروح , بل قد يقال : إنه إن يتوقف إنقاذ روحه على ذلك وجب وضعه حينئذ , ويحتمل أنه لو وجد القوت بيد كافر ولم يصل إليه إلا بدفع المصحف له جاز له الدفع , لكن ينبغى له تقديم الميتة ولو مغلظة إن وجدها على دفعه للكافر ).
وقد حكى ابن عابدين فى حاشيته كلام الشبراملسى واقتصر عليه . وقد صرح غير واحد من أهل العلم بجواز إتلاف البالى من المصاحف وما لا نفع فيه بالمحو أو الدفن , أو التغريق فى الماء , أو التحريق على ما مضى تفصيله فى مسألة إتلاف المصاحف من هذا البحث فليطلب فيها . {184}


رد مع اقتباس
  #22  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:24 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اقتسام المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (صرح غير واحد من أهل العلم بأن المصحف لا يقبل القسمة , لا بإرث ولا بشركة , لأن فى قسمته تفريقا له , وكيف يفرق وقد جمعه الله ؟ . وحينئذ يتم الانتفاع به بالمهايأه بين المستحقين . وقد مر فى مسألة إرث المصحف من هذا البحث تفصيل , ما يتعلق بذلك الجانب , وأن من أهل العلم من نص على أن المصحف لا يورث , وإنما يبقى لمن يقرأ من أهل البيت , فلا يباع فى التركة , ولا يجبر الورثة على ذلك , والظاهر من كلام الفقهاء أن القسمة فى المصحف إنما تمتنع إذا كان مصحفا واحدا بخلاف ما لو تعددت المصاحف بعدد رؤوس المستحقين , فإن القسمة حينئذ تجوز لانتفاء المحذور المتمثل فى مفسدة تفريق المصحف .
وقد أفتى فريق من أهل العلم بكراهة تفريق المصاحف أسداسا وأسباعا كما مر عن الإمام مالك فى مسألة أجزاء المصحف وأثمانه وأسباعه وأسداسه على أن الضرر الناجم عن اقتسام المصحف بين المستحقين يفضى إلى حرمان كل واحد منهم من بعض المصحف الذى لم يكن فى نصيبه , وهذا يعنى أنه سيحرم من بقية أجزاء القرآن , والتى هو بأمس الحاجة إليها , ولا يتصور استغنائه عنها .
قال فى الفتاوى الهندية : ( وفى مختصر خواهر زاده ولا تقسم القوس والسرج ولا المصحف كذا فى التتار خانية ) . إلى أن قال : ( لاتقسم الكتب بين الورثة ,ولكن ينتفع بها كل واحد بالمهايأة , ولو أراد واحد من الورثة أن يقسم بالأوراق {185}
ليس له ذلك ولا يسمع هذا الكلام منه , ولا تقسم بوجه من الوجوه ولو كان صندوق قرآن ليس له ذلك أيضا وإن تراضوا جميعا , فالقاضى لا يأمر بذلك ولو كان مصحف لواحد وسهم من ثلاثة وثلاثين سهما منه للآخر , فإنه يعطى يوما من ثلاث وثلاثين يوما حتى ينتفع , ولو كان كتابا ذا مجلدات كثيرة كشرح المبسوط فإنه لا يقسم أيضا , ولا سبيل إلى القسمة فى ذلك , وكذا فى كل جنس مختلف , ولا يأمر الحاكم بذلك , ولو تراضيا أن تقوم الكتب ويأخذ كل واحد بعضها بالقيمة بالتراضى يجوز وإلا فلا , كذا فى جواهر الفتاوى ) . ويأتى له مزيد بيان فى مسألة التنازع فى المصحف .
وذكر ابن القيم فى البدائع أن الأئمة الثلاثة جعلوا كتب العلم حال التنازع بين الزوجين فى نصيب الرجل , وخلافا للشافعى الذى يقسم الكتاب الذى يقرأ فيه بينهما . وفى الإقناع وشرحه أن الشريك فى الكتاب يجبر على البيع إذا طلب شريكه ذلك ليتخلص الطالب من ضرر الشركة , فإن أبى الممتنع البيع " بيع " أى باعه الحاكم عليهما , لأنه حق عليه , كما بيع الرهن إذا امتنع الراهن وقسم الثمن بينهما بحسب الملك , لأنه عوضه وهو مذهب أبى حنيفة أحمد رحمهم الله . وذكر فى موضع منه أيضا أنه إذا تنازع رب البيت والمكترى فى الكتب فهى للمكترى لأن العادة أن الأنسان يكرى داره فارغة , ولو تنازع الزوجان فى المصحف فهو له إذا كانت لا تقرأ , فإن كانت تقرأ فهو لهما . قال البهوتى : قلت وكذا ينبغى فى كتب {186}
العلم . ولم يبين كيفية انتفاع كل منهما بالمصحف , إلا أن يقال بأن هذا ممكن بطريقة المهايأة كما مر .
وقال العبادى فى حاشيته على التحفة :" فرع " هل للعامل الكافر شراء المصحف للقراض ؟ الذى يتجه الصحة إن صححنا شراء الوكيل الكافر المصحف لموكله المسلم لوقوع الملك للموكل دونه ولا يعارض ذلك أنه يملك حصته من الربح بشرطه , فيلزم أن يملك جزأ من المصحف , لأن حصول الربح أمر مستقبل غير لازم للعقد على أنه لا يملك حصته من الربح بمجرد حصول الربح على الصحيح , وظاهر أنه يمتنع قسمة المصحف وإلا لزم ملكه جزء منه وهو ممتنع نعم يمكن التوصل لملك حصته من الربح بنضوض المال مع فسخ العقد , فإن ذلك من الطرق التى تحصل ملك الحصة واستقراره بها فليتأمل )
وذكر ابن عبد السلام فى قواعد الأحكام فى تعارض الظاهرين أن الزوجين إذا اختلفا فى متاع البيت وكان الزوج فقهيا فنازعته فى كتب الفقه , أو مقرئا فنازعته فى كتب القراءة , أو طبيبا فنازعته فى كتب الطب , أو محدثا فنازعته فى كتب الحديث , فإن الشافعى رحمه الله يسوى بينهما نظرا إلى الظاهر المستفاد من اليد , وبعض العلماء يخص كل واحد منهما بما يليق به , نظرا إلى الظاهر المستفاد من العادة الغالبة , وهذا مذهب ظاهر متجه , فإن كل واحد يجد فى نفسه ظنا لا يمكنه دفعه عن نفسه بأن ما يختص بالأزواج الذكورين لهم , وما يختص بالنساء لهن , وما أبعد المشاركة بين الفقيه وزوجته فى حقيهما .
قال الشروانى فى حاشيته على التحفة :(" قوله وبهذا أعنى التصرف يفرق إلخ " قد يقال من الأمتعة نحو كتب العلم , وتصرف الزوج العالم فيها أكثر , وقد يقال إن ثبت تصرف الزوج فيها دونها فالقول قوله , وهذا ظاهر سم ).
ثم وجدت المزنى فى مختصره يقول: ( قال الشافعى : وإذا اختلف الزوجان فى {187}
متاع البيت يسكنانه قبل أن يتفرقا أو بعد ما تفرقا كان البيت لهما أو لأحدهما أو يموتان أو أحدهما فيختلف فى ذلك ورثهما , فمن أقام بينة على شئ فهوله , وإن لم بينة فالقياس الذى لا يعذر أحد عندى بالغفلة عنه على الإجماع أن هذا المتاع بأيديهما جميعا فهو بينهما نصفين , وقد يملك الرجل متاع المرأة وتملك المرأة متاع الرجل , ولو استعملت الظنون عليهما لحكمت فى عطار ودباغ يتنازعان عطرا ودباغا فى أيديهما بأن أجعل للعطار العطر وللدباغ الدباغ , ولحكمت فيما يتنازع فيه معسر وموسر من لؤلؤ بأن أجعله للموسر , ولا يجوز الحكم بالظنون )
والظاهر أن استحقاق المتنازعين فى المصحف إذا اقتضى أن يكون بينهما مناصفة لا يفضى بالضرورة إلى قسمته , بل يمكن الانتفاع بالمهايأة كما مر , أو استخلاصه بالقيمة لواحد منهما , وقد مر فى مسألة إرث المصحف فتوى الإمام مالك بجواز استخلاص الوصى المصحف لليتيم الغلام دون أخواته من الإناث .
وقد وجدت الإمام الشافعى فى الأم يقول ما نصه : ( وقد رأيت امرأة بينى وبينها ضبة سيف استفادته من ميراث أبيها بمال عظيم ودرع ومصحف فكان لها دون أخوتها ). ولم يظهر لى مراد الشافعى رحمه الله من هذا القول ولا الكيفية التى اقتضت اختصاص المرأة بالمصحف دون إخوتها) . {188}


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 12:27 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

اقتناء المصحف | غير مصنف



قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (أخرج أبو عبيد فى فضائل القرآن قال : ( حدثنا عبد الله بن صالح عن قباث رزين عن على ابن رباح اللخمى عن عقبة بنعامر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى المسجد نتدارس القرآن , فقال : " تعلموا كتاب الله عزوجل واقتنوه " قال : وحسبت أنه قال : " وتغنوا به , فوالذى نفسى بيده لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل "
قال : وحدثنا أبو اليمان عن أبى بكر عن عبد الله بن أبى مريم عن المهاجر بن حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أهل القرآن لا توسدا القرآن , واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار , وتقنوه , وتغنوه , واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون " {189}
قال أبو عبيد :" تقنوه " , يقول : اجعلوه غناكم من الفقر , ولا تعدوا الإقلال معه فقرا
وقوله " وتقنوه " , يقول : اقتنوه كما تقتنوا الأموال , اجعلوه مالكم . {190}


رد مع اقتباس
  #24  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 01:42 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

بل المصحف بالريق | غير مصنف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (تفشت فى بعض المجتمعات عادة سيئة أنكرها بعض أهل العلم وعدها صورة من صور امتهان المصاحف , ناهيك عن منافاتها لمقتضايات الصحة والذوق السليم , تلك هى عادة بل الأصبع بالريق عند تقليب صفحات المصحف أو الكتاب بدعوى أن فى ذلك تسهيلا على القارئ وتيسيرا لتقليب الصفحات . وقد تنبه لسوء هذه العادة غير واحد من متقدمى أهل العلم كابن العربى مثلا , ففى حاشية الشيخ العدوى المالكى على شرح الخرشى :( " فائدة " ذكرها التتائى فى الشرح الصغير , البصاق طاهر , ولكنه مستقذر . ولذا اشتد نكير ابن العربى فى العارضة على ملطخ صفحات أوراق المصحف به ,وكذا كل كتاب ليسهل قلبها قائلا إنا لله على غلبة الجهل المؤدى للكفر ) وأفتى الهيتمى بحرمة ذلك . قال الشروانى فى حاشيته على التحفة للهيتمى أيضا: وفى فتاوى الشارح يحرم مس المصحف بأصبع عليه ريق إذ يحرم إيصال شئ من الصاق إلى شئ من أجزاء المصحف ).
محو الألواح بالريق :
وقد اختلفت كلمة أهل العلم فى مسألة محو ألواح القرآن بالريق , فمنهم من منعه لصورة الامتهان , ومنهم من أجازه لدعاء الحاجة إليه وعدم قصد الاستخفاف به على أن أهل العلم قد اتفقوا على القول بتحريم تعريض القرآن للبزاق فى غير مسألة {211}
الألواح , كما اتفقوا على القول بتكفير من فعل شيئا من ذلك على سبيل الاستخفاف وقد مر فى مسألة إلقاء المصحف فى القاذورات إجماع أهل العلم على اعتبار أنه باب من أبواب الردة فى حق من صدر عنه شئ من ذلك على وجه الاستخفاف والامتهان للقرآن .
وأما مسألة محو الألواح بالريق والتى اعتادها بعض غلمان الكتاتيب فإن من أهل العلم من شدد فيها , وأفتى بوجوب منع الصبيان منها لحصول الامتهان بها ولو صورة , ومنهم من سهل فيها لعدم قصد الامتهان ولدعاء الحاجة إليها .
قال القرطبى فى التذكار :( ومن صيانة القرآن أن لا يمحوه من اللوح بالبصاق ولكن يغسله بالماء ويتوقى النجاسة من المواضع النجسة والمواضع الى توطأ , فإن لتلك الغسالة حرمة ).
وقال ابن الحاج فى المدخل منبها المؤدب إلى تحريم مسح القرآن أو بعضه بالبصاق ونحوه من كل مستقذر , قال : ( ويتعين عليه أن يمنع الصبيان مما اعتاده بعضهم من أنهم يمسحون الألواح أو بعضها ببصاقهم وذلك لا يجوز , لأن البصاق مستقذر وفيه امتهان والموضع موضع ترفيع وتعظيم وتبجيل , فيجل عن ذلك وينزه ).
وفى المجموع للنووى وعنه الشروانى قال : ( قال القاضى ولا تمكن الصبيان من محو الألواح بالأقذار , ومنه يؤخذ أنهم يمنعون أيضا من محوها بالبصاق , وبه صرح ابن العماد ). أ. هـ.
وقال العبادى فى حاشيته على التحفة تعقيبا على قول الهيتمى بكفر من قذر المصحف ولو بطاهر كمخاط وبصاق ومنى , لأن فيه استخفاف بالدين , قال العبادى : ( اختلف مشايخنا فى مسح القرآن من لوح المتعلم بالبصاق , فأفتى بعضهم بحرمته {212}
مطلقا وبعضهم بحله مطلقا , وبعضهم بحرمته إن بصق على القرآن ثم مسحه وبحله إن بصق على نحو خرقة ثم مسح بها ).
وقال الشروانى :( فما جرت العادة به من البصاق على اللوح لإزالة ما فيه ليس بكفر , وينبغى عدم حرمته أيضا , ومثله ما جرت العادة به أيضا من مضغ ما عليه قرآن أو نحوه للتبرك به أو لصيانته عن النجاسة ).
وقال الفتاوى الهندية : ( قد ورد النهى عن محو اسم الله تعالى بالبزاق كذا فى الغرائب ومحو بعض الكتاب بالريق يجوز كذا فى القنية ), ولم يذكر نص النهى المشار إليه فإن أراد به ما أخرجه الديلمى من حديث عائشة :" أكرموا القرآن , ولا تكتبوه على حجز ولا مدر ولكن اكتبوه فيما لا يمحى ولا تمحوه بالبزاق , ولكن امحوه بالماء ", فهو معدود فى الموضوعات على ما ذكره غير واحد من أهل التحقيق ).
وفى القليوبى على المحلى :( يجوز ما لايشعر بالإهانة كالبصاق على اللوح لمحوه لأنه إعانة .)أ.هـ .
وفى فتاوى الجمال الرملى جواز ذلك حيث قصد به الإعانة على محو {213} الكتابة. وفى مسائل أحمد برواية إسحاق بن هانئ النيسابورى :( ومحوت قدامه لوحا بثوبى فقال : لا تملأ ثيابك سوادا , امح اللوح برجلك ). فظاهره جواز ما لايشم منه قصد الامتهان .{214}


رد مع اقتباس
  #25  
قديم 25 صفر 1436هـ/17-12-2014م, 01:48 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

بلع شئ من المصحف أو شرب محوه | غير مصنف

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (الظاهر من كلام أهل العلم أنه لا يجوز لأحد أن يبتلع شيئا من المصحف لا على سبيل الاستشفاء ولا غيره لكون ذلك بدعة فى الدين وامتهانا للكتاب المبين , وذلك بتعريضه لأخلاط الجوف المستقذرة , فضلا عن القول بنجاستها فى معدنها , أو أنها لا تنجس إلا باتصالها بالخارج أو انفصالها . وقد صرح غير واحد من أهل العلم بتحريم بلع قرطاس كتب فيه قرآن أو اسم من أسماء الله عزوجل , وممن صرح بذلك الهيتمى والرملى والعبادى من علماء الشافعية ..
قال الهيتمى فى التحفة وهو بصدد عد المحرمات :( وبلع ما كتب عليه بخلاف أكله لزوال قبل ملاقاته للمعدة , ولا تضر ملاقاته للريق لأنه مادام بمعدنه غير مستقذر ومن ثم جاز مصه من الحليله كما يأتى فى الأطعمة ). إلى أن قال : ( ولا يكره شرب محوه وإن بحث ابن عبد السلام حرمته ). قال العبادى فى حاشيته على التحفة:(" قوله لزوال صورته " وإن بحث ابن عبد السلام حرمته ). قال العبادى فى حاشيته على التحفة : (" قوله لزوال صورته" قد يؤخذ من هذا أنه لو محا نحو اللوح الذى فيه قرآن بماء جاز إلقاء ذلك الماء على النجاسة فليتأمل فإنه يحتمل الفرق احتمالا فى غاية القوة , ومنه أن إلقاءه هنا على النجاسات قصدى ).
وقال الهيتمى فى الفتاوى الحديثية: ( ويحرم بلع قرطاس كتب فيه نحو قرآن مما مر لا شرب غسالته ).
وقال الرملى فى النهاية: ( ويجوز محو ما كتب عليه شئ من القرآن وشربه {215}
بخلاف ما لو ابتلع قرطاسا فيه اسم الله تعالى لأنه ينجس بما فى الباطن , وإنما جوزنا أكله لأنه لا يصل إلى الجوف إلا وقد زالت صورة الكتابة ).
قال الشبراملسى فى حاشيته على النهاية : (" قوله وشربه " توقف سم على حج فى جواز صبه على نجاسة . أقول : وينبغى الجواز ولو قصدا , لأنه لما محيت حروفها ولم يبق لها أثر لم يكن فى صبها على النجاسة إهانة , وعبارة الشارح فى الفتاوى :الأولى صب غسله وصب ماء غسالته فى محل طاهر ." قوله اسم الله تعالى " أى أو اسم معظم كأسماء الأنبياء حيث دلت قرينة على إرادتهم عند الأشتراك فيه " قوله لأنه ينجس " قد يشكل بأن ما فى الباطن لا يحكم بتنجيسه إلا إذا اتصل بالظاهر . وعبارة حج بعد قول المصنف السابق أحدها خروج ... إلخ نصها : ولا يضر إدخاله : أى نحو العود , وإنما امتنعت الصلاة لحمله متصلا بنجس إذ ما فى الباطن لا يحكم بنجاسته إلا أن اتصل به شئ من الظاهر .أ.هـ ثم رأيت فى سم على منهج الإشكال وجوابه , وعبارته . فرع يحرم ابتلاع ورقة فيها شئ من القرآن لملاقاتها للنجاسة بخلاف محو ما عليها بالماء وشربه فيجوز . هكذا قرره م ر. لا يقال تعليله الأول مشكل لأن الملاقاة فى الباطن لا تنجس , لأنا نقول : فيه امتهان وإن لم ينجس كما لو وضع القرآن على نجس جاف يحرم مع أنه لا ينجس تدبر .أ. هـ فقول الشارح لأنه لا يتنجس معناه يلاقى النجس ).
وقال الرشيدى فى حاشيته على النهاية :(" قوله لأنه ينجس بما فى الباطن " صريح فى نجاسة الباطن مع أنهم مصرحون بعدم نجاسته مادام فى الباطن , نعم فيه امتهان كما قاله الشهاب بن قاسم )
قال النووى فى التبيان وتابعه السيوطى فى الإتقان : ( قال القاضى حسين والبغوى وغيرهما : لو كتب رآن على حلوى وطعام فلا بأس بأكله ).أ. هـ
{216}
والقول بجواز كتابة القرآن على سبيل الاستشفاء ومحوه بالماء وشرب غسالته , وحكم إلقائهما على نجس محل خلاف بين أهل العلم قد فصلته فى بحث مفرد وسمته بالرقى الخطية وحظها من المشروعية).{217}


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة