قوله تعالى: { وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) }
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((ما علمنا عليه من سوء) [51] حسن. فقالت المرأة: (الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) فقال يوسف: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) [52] فتم الكلام على قوله: (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين). فقال جبريل، وغمزه، ولا حين هممت؟ فقال: (وما أبرئ نفسي) [53] وقال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن ابن جريح قال: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن
إن ربي بكيدهن عليم)، (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) قال ابن جريج: وبين هذا وذالك ما بينه. قال: وهذا من تقديم القرآن وتأخيره. قال أبو عبيد: يذهب ابن جريج إلى أن قوله تعالى: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) متصل بقوله: (قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم).
يقول: «إنه تكلم بهذا كله قبل خروجه من السجن»، فعلى مذهب ابن جريج لا يتم الوقف على قوله: (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) قال أبو بكر: ومن الناس من يقول: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) (وما أبرئ نفسي إن النفس) إلى قوله: (إن ربي غفور رحيم) من كلام امرأة العزيز لأنه متصل
بقولها: (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) وهذا مذهب الذين ينفون «الهم» عن «يوسف» فمن بنى على قولهم قال: من قوله: (قالت امرأة العزيز) إلى قوله: (إن ربي غفور رحيم) كلام متصل بعضه ببعض ولا يكون فيه وقف تام على حقيقة، ولسنا نختار هذا القول ولا نذهب إليه.)[إيضاح الوقف والابتداء: 2/723-725]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({من سوء} كاف.
{قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين} فقال يوسف عليه السلام: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين} تمام الكلام. فقال جبريل عليه السلام: (ولا حين هممت) فقال يوسف عليه السلام: {وما أبرئ نفسي} إلى آخر الآية.
{غفورٌ رحيم} تام.)[المكتفى: 327]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): ({ائتوني به- 50- ج} للفاء. {أيديهن- 50- ط}. {عن نفسه- 51- ط}. {من سوء- 51- ط}. {الحق- 51- ز}. لانقطاع النظم واتصال المعنى واتحاد القائل. {وما أبرئ نفسي- 53- ج}. للحذف، لأن التقدير: وما أبرئ نفسي عن السوء. {رحم ربي- 53- ط}.)[علل الوقوف: 2/601]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (ائتوني به (حسن) ومثله أيديهن
عليم (تام)
عن نفسه (حسن) ومثله من سوء وكذا عن نفسه
لمن الصادقين (تام) عند من جعل قوله ليعلم أني لم أخنه بالغيب من كلام يوسف وإنما أراد ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب وقد كان مجاهد يقول ذلك ليعلم الله أني لم أخنه بالغيب وليس بوقف لمن جعل ذلك من كلام العزيز وتجاوزه أحسن ومن حيث كونه رأس آية يجوز وأما من جعله من كلامها فالوقف على الصادقين حسن وقال ابن جريج إنَّ في الكلام تقديمًا وتأخيرًا أي إنَّ ربي بكيدهن عليم ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وعلى هذا فلا يوقف على الصادقين وجعل الوقف على قوله بالغيب كافيًا وقال إنَّ يوسف تكلم بهذا الكلام قبل خروجه من السجن وخولف في هذا قالوا لأنه لو كان كافيًا لكسرت أن قلت وهذا لا يلزمه لأنه ابتدأ وأن الله أي بتقدير اعلموا أنَّ الله.
الخائنين (كاف) وقيل تام
وما أبريء نفسي (حسن) فيه حذف أي وما أبريء نفسي عن السوء.
لأمارة بالسوء (أحسن) على أنَّ الاستثناء منقطع أي ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإساءة وليس بوقف إن جعل متصلاً مستثنى من الضمير المستكن في أمارة بالسوء أي إلاَّ نفسًا رحمها ربي فيكون أراد بالنفس الجنس وفيه إيقاع ما على من يعقل والمشهور خلافه
رحيم (تام))[منار الهدى: 194]
- أقوال المفسرين