سورة المعارج
[ من الآية (8) إلى الآية (18) ]
{يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)}
قوله تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8)}
قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9)}
قوله تعالى: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا يسأل حميمٌ حميمًا).
روي لابن كثير (ولا يسأل حميم) بضم الياء.
وقرأ الباقون " ولا يسأل حميم حميما).
قال أبو منصور: من قرأ بفتح الياء فالمعنى: أنهم يعرف بعضهم بعضا.
يدل عليه قوله: (يبصّرونهم).
ومن قرأ (ولا يسأل حميمٌ) بضم الياء فالمعنى: لا يسال قريب عن ذي قرابته. ويكون (يبصّرونهم) - والله أعلم - للملائكة.
قال أبو منصور: والقراءة (ولا يسأل).
قال ابنٍ مجاهد قرأت على قنبل عن النّبّال عن ابن كثير، (ولا يسأل) بفتح الياء مهموزة.
قال ابن مجاهد: وروى أبو عبيد عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر وشيبة " ولا يسأل " برفع الياء وهو غلطٌ). [معاني القراءات وعللها: 3/89]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {ولا يسأل حميم حميمًا} [10].
روي نصر عن البزي عن ابن كثير بالضم: {ولا يسأل}.
وقرأ الباقون: {ولا يسأل} بالفتح؛ لأنهم في شغل من أنفسهم عن أن يلقي قرين قرينه أو نسيب نسيبه، فكيف أن يسأله ألم تسمع قوله: {يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه}.
ومن قرأ: {ولا يسأل} بالضمة فمعناه: لا يطالب قرين بأن يحضر قرينه
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/392]
كما يفعل أهل الدنيا أن يؤخذ الجار بالجار والحميم بحميمه؛ لأنه لا جور هناك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/393]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ ابن كثير فيما أخبرني به مضمر عن البزيّ، ولا يسأل [المعارج/ 10] برفع الياء وفتح الهمزة. وقرأ على قنبل عن النبال عن أصحابه عن ابن كثير: ولا يسأل بنصب الياء، وروى أبو عبيد عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر وشيبة: ولا يسأل برفع الياء وهو غلط. وكلّهم قرأ: ولا يسأل بفتح الياء.
قال أبو علي: من ضمّ فقال: لا يسأل حميم حميما فالمعنى، والله أعلم: لا يسأل حميم عن حميمه ليعرف شأنه من جهته، كما قد يتعرّف خبر الصديق من جهة صديقه، والقريب من قريبه، فإذا كان كذلك، فالكلام إذا بنيت الفعل للفاعل: سألت زيدا عن حميمه.
وإذا بنيت الفعل للمفعول قلت: سئل زيد عن حميمه، وقد يحذف الجار فيصل الفعل إلى الاسم الذي كان مجرورا قبل حذف الجار، فينتصب بأنه مفعول الاسم الذي أسند إليه الفعل المبني للمفعول به، فعلى هذا انتصاب قوله: حميم حميما، ويدلّ على هذا المعنى قوله: يبصرونهم [المعارج/ 11]، أي: يبصّر الحميم
[الحجة للقراء السبعة: 6/320]
الحميم، والفعل قبل تضعيف العين منه: بصرت به، كما جاء:
بصرت بما لم يبصروا به [طه/ 96] فإذا ضعّفت عين الفعل صار الفاعل مفعولا تقول: بصّرني زيد بكذا، فإذا حذفت الجار قلت: بصّرني زيد كذا، فإذا بنيت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار قلت: بصّرت زيد، فعلى هذا يبصرونهم فإذا بصّروا هم لم يحتج إلى تعريف شأن الحميم من حميمه، وإنما جمع فعل يبصرونهم لأن الحميم وإن كان مفردا في اللفظ، فالمراد به الكثرة والجمع، يدلّك على ذلك قوله: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم [الشعراء/ 100].
ومن قرأ: ولا يسأل حميم حميما، فالمعنى لا يسأل الحميم عن حميمه في ذلك اليوم لأنه يذهل عن ذلك، ويشتغل عنه بشأنه، ألا ترى قوله: يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت [الحج/ 2]، وقوله: يوم يفر المرء من أخيه [عبس/ 34] وقوله: لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه [عبس/ 37]، فقوله: لا يسأل حميم حميما من قولك: سألت زيدا، أي سألته عن شأنه وأمره، ويجوز أن يكون المعنى: لا يسأل عن حميمه، فيحذف الجارّ ويوصل الفعل). [الحجة للقراء السبعة: 6/321]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذٍ ببنيه} 10 و11
[حجة القراءات: 721]
قرأ البرجمي عن أبي بكر {ولا يسأل حميم حميما} بضم الياء أي لا يقال لحميم أين حميمك أي لا يطالب قريبا بأن يحضر قريبه كما يفعل أهل الدّنيا بأن يؤخذ الجار بالجار والحميم بالحميم لأنّه لا جور هناك
أعلم أنّك إذا بنيت الفعل للفاعل قلت سألت زيدا عن حميمه فإذا بنيت الفعل للمفعول به قلت سئل زيد عن حميمه وقد يحذف الجار فيصل الفعل إلى الاسم الّذي كان مجرورا قبل حذف الجار فينتصب الاسم فعلى هذا انتصاب قوله {حميما}
وقرأ الباقون {ولا يسأل} بفتح الياء لأنهم في شغل في أنفسهم عن أن يلقى قريب قريبه فكيف أن يسأل ألم تسمع قوله تعالى {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت} قال أبو عبيد والشّاهد عليها قوله {يوم يفر المرء من أخيه} فكيف يسألهم عن شيء وهو يفر منهم
والفعل قبل تضعيف العين منه بصرت به كما جاء
[حجة القراءات: 722]
{بصرت بما لم يبصروا به} فإذا ضعفت عين الفعل صار الفاعل مفعولا تقول بصرني زيد بكذا فإذ حذفت الجار قلت بصرني زيد كذا فإذا بنيت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار قلت بصرت كذا فعلى هذا قوله {يبصرونهم} لأن الحميم وإن كان مفردا في اللّفظ فالمراد به الكثرة والجمع
قرأ نافع والكسائيّ {من عذاب يومئذٍ} بفتح الميم وقرأ الباقون بكسر الميم على أصل الإضافة
ومن فتح {يوم} فلأنّه مضاف إلى غير متمكن مضاف إلى {إذ} وإذ مبهمة ومعناه يوم يكون كذا فلمّا كانت مبهمة أضيف إليها بني المضاف إليها على الفتح). [حجة القراءات: 723]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {وَلَا يُسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [آية/ 10] بضم الياء.
رواها البزي عن ابن كثير.
والوجه أن المعنى ولا يُسأل حميم عن حميمٍ ليعرف حاله من جهته لاشتغال كل حميم بنفسه.
وقيل: لا يُسأل حميمٌ عن ذنب حميمه، كقوله تعالى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
[الموضح: 1295]
وقرأ الباقون {ولا يَسأل} بفتح الياء، وهو المعروف عن ابن كثير.
والوجه أنه لا يسأل حميمٌ عن حال حميمه لذهوله عنه واشتغاله بنفسه، والجار في القراءتين محذوفٌ). [الموضح: 1296]
قوله تعالى: {يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {مِنْ عَذَابِ {يَوْمِئِذٍ} [آية/ 11] بفتح الميم:-
قرأها نافع- ش- و- ن- والكسائي.
والوجه أنه بُني يومٌ إلى مبني، وإنما بُني على الفتح لخفته، وقد سبق الكلام فيه.
وقرأ الباقون {يَوْمِئِذٍ} بكسر الميم.
والوجه أنه على إضافة {عَذَاب} إليه، فانجر اليوم؛ لأنه مضافٌ إليه، ولم يبن وإن أضيف إلى مبنيّ؛ لأنه اسمٌ معربٌ). [الموضح: 1296]
قوله تعالى: {وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12)}
قوله تعالى: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13)}
قوله تعالى: {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14)}
قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15)}
قوله تعالى: {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (نزّاعةٌ للشّوى (16).
[معاني القراءات وعللها: 3/89]
قرأ حفص عن عاصم (نزّاعةً).
وقرأ الباقون (نزّاعةٌ). بالرفع، وكذلك روى أبو بكر عن عاصم.
قال أبو منصور: من قرأ (نزاعة) بالنصب فهو على الحال، كما قال: (هو الحق مصدقا)، فيكون (نزّاعةً) منصوبةً مؤكدة لأمر النار.
ويجوز نصبها على أنها تتلظى نزاعة.
ويجوز نصبها على الذمّ.
ومن قرأ (نزاعةٌ) بالرفع فلها ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون (لظى نزاعةٌ) خبًرا عن الهاء والألف في قوله: (إنها)، كما تقول إنه حلو حامض.
تريد: إنه قد جمع الطّعمين.
والوجه الثاني: أن يكون الهاء والألف إضمارًا للقصة، وهو الذي يسميه الكوفيون (المجهول) المعنى: أن القصة والخبر لظى نزاعةٌ للشوى.
والوجه الثالث: التكرير كأنه قال: كلا إنها لظى، إنها نزاعةٌ للشوى). [معاني القراءات وعللها: 3/90]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {نزاعة للشوى} [16].
روي حفص عن عاصم: {نزاعة للشوى} لأنه جعلها حالا {كلا إنها لظى} و{لظى}: اسم لجهنم معرفة، ونزاعة نكرة فقطعتها منها. ومن رفع جعلها بدلا من {لظى} على تقدير كلا إنها لظي، وكلا إنها نزاعة للشوي. ويجوز: كلا إنها لظي هي نزاعة للشوي. والشوي: الأطراف، اليدان واللاجلان وجلدة الرأس. قال الشاعر:
قالت قتيلة ما له
قد جللت شيبًا شواته
والتقي أبو عمرو بن العلام وأبو الخطاب الخفش في مجلس فأنشد أبو الخطاب:
... ... ... شواته
فقال أبو عمرو: صحفت، إنما هو (سراته) فسكت أبو الخطاب، ثم قال: لنا بعد، بل صحف هو، قال: فسألنا بعد ذلك جماعة من العرب، فأنشد بعضهم كما قال أبو عمرو، وأنشد آخرون كما قال أبو الخطاب، فعلمنا أنهما أصابا وصدقا؛ لأن كل واحد روي ما سمع. والشوي أيضًا: الخسيس
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/390]
من المال. وقوله {كلا} في هذه السورة، حدثني أبو القاسم بن المرزيان عن أبي الزعراء عن أبي عمر الدوري أن الكسائي كان لا يقف على «كلا» في شيء من القرآن، إلا على هذين الحرفين اللذين في سورة (سأل سائل).
قال أبو عبد الله: أعلم أن في القرآن ثلاثة وثلاثين موضعًا «كلا»، وليس في النصف الأول منه شيء. وقد ذكرته بعلته فيما سلف.
وإن من وقف عليه جعله ردًا، ومن لم يقف جعله بمعنى حقا قال الشاعر:
يقلن لقد بكيت فقلت كلا = وهل يبكي من الطرب [الجليد]
الطرب: خفة تصيب الرجل لشدة الخوف أو الجزع أو الفرح قالك الشاعر:
وأراني طربا في إثرهم = طرب الوالة أو كالمختبل
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/391]
قال في السرور:
أطربًا وأنت قنسري = والدهر بالإنسان دواري
أي: أتطرب طربًا وأنت شيخ، كما قال جرير:
ماذا مزاحك بعد الشيب والدين = وقد علاك مشيب حين لا حين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/392]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: روى حفص عن عاصم: نزاعة للشوى [المعارج/ 16] نصبا، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: نزاعة رفعا.
من قال: إنها لظى. نزاعة للشوى فرفع نزاعة، جاز في رفعه ما جاز في قولك: هذا زيد منطلق، وهذا بعلي شيخ [هود/ 72].
ومن نصب فقال: نزاعة للشوى فالذي يجوز أن يكون هذا النصب عليه ضربان: أحدهما: أن يكون حالا، والآخر أن يحمل على فعل، فحمله على الحال يبعد، وذلك أنه ليس في الكلام ما يعمل في الحال، فإن قلت: فإن في قوله، لظى معنى التلظّي والتلهّب، فإن ذلك لا يستقيم، لأن لظى معرفة لا تنتصب عنها الأحوال، ألا ترى أن ما استعمل استعمال الأسماء من اسم فاعل أو مصدر لم يعمل عمل الفعل نحو: صاحب، ودر في قوله: لله درّك، فإن لم يعمل هذا النحو الذي هو اسم فاعل أو مصدر عمل الفعل من حيث جرى مجرى الأسماء، فأن لا يعمل الاسم المعرفة عمله أولى.
ويدلّ على تعريف هذا الاسم وكونه علما، أن التنوين والألف واللام لم تلحقه، فإذا كان كذلك لم تنتصب الحال عنه، فإن جعلتها مع تعريفها قد صارت معروفة بشدّة التلظّي، جاز أن تنصبه بهذا المعنى الحادث في العلم، وعلى هذا قوله: وهو الله في السموات
[الحجة للقراء السبعة: 6/319]
وفي الأرض [الأنعام/ 3]، علّقت الظرف بما دلّ عليه الاسم من التدبير والإلطاف. فإن علّقت الحال بالمعنى الحادث في العلم، كما علّقت الظرف بما دلّ عليه الاسم من التدبير لم يمتنع، لأن الحال كالظرف في تعلّقها بالمعنى، كتعلّق الظرف به، وكان وجها.
وإن علّقت نزاعة بفعل مضمر نحو: أعنيها نزّاعة للشّوى، لم يمتنع أيضا). [الحجة للقراء السبعة: 6/320]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كلا إنّها لظى * نزاعة للشوى} 1615
قرأ حفص نزاعة للشوى بالنّصب وقرأ الباقون بالرّفع
قال الزّجاج من نصب فعلى أنّها حال مؤكدة كما قال {هو الحق مصدقا} وكما تقول أنا زيد معروفا فتكون {نزاعة} منصوبة مؤكدة لأمر النّار ومن رفعها جعلها بدلا من لظى على تقدير كلا إنّها لظى وكلا إنّها نزاعة للشوى كذا كرّ الفراء وقال الزّجاج والرّفع على أن تكون {لظى} و{نزاعة} خبرا عن الهاء
[حجة القراءات: 723]
والألف كما تقول إنّه حلو حامض تريد أنه قد جمع الطعمين وتكون الهاء والألف إضمارا للقصة المعنى أن القصّة نزاعة للشوى). [حجة القراءات: 724]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {نزاعة للشوى} قرأه حفص بالنصب، وفتح الباقون.
وحجة من نصب أنه جعله حالًا من {لظى} «15» لأنه معرفة، وهي حال مؤكدة فلذلك أتت حالًا من {لظى}، و{لظى} لا تكون إلا نزاعة للشوى، وقد منع ذلك المبرد، وهو جائز عند غيره، على ما ذكرنا من التأكيد، والعامل في {نزاعة} ما دل عليه الكلام من معنى التلظي، وقيل: نصبها بإضمار فعل، على معنى: أعينها نزاعة، فهي حال أيضًا من {لظى} لأن الهاء في «أعنيها» لـ {لظى}.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/335]
5- وحجة من رفع أنه يحتمل الرفع خمسة أوجه: الأول أن تكون {لظى} خبرًا، و{نزاعة} خبرًا ثانيًا، كما تقول: إن هذا حلو حامض، والثاني أن تكون {لظى} في موضع نصب على البدل من الهاء، في «إنها»، و{نزاعة} خبر «إن» كما تقول: إن زيدًا أخاك قائم، والثالث أن تكون {لظى} خبر «إن»، و{نزاعة} بدلًا من {لظى} كأنه قال: إنها نزاعة للشوى. والرابع: أن ترفع {نزاعة} على إضمار مبتدأ، كأنك قلت: هي نزاعة للشوى. والخامس أن تجعل الهاء في «إنها» للقصة، و{لظى} مبتدأ، و{نزاعة} خبر الابتداء، والجملة خبر «إن». والرفع الاختيار، لتمكنه في الإعراب، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/336]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [آية/ 16] بالنصب:-
رواها –ص- عن عاصم.
والوجه أن نصبها على الحال من {لَظَى} وهي علمٌ معرفةٌ، والعامل في
[الموضح: 1296]
الحال ما في {لَظَى} التي هي علمٌ من معنى العرفان، كأنه قال: إنها المعروفة بلظى نزاعةً. ويجوز أن يكون عامل الحال فعلاً مضمرًا، كأنه قال: أعنيها نزاعةً.
وقرأ الباقون و–ياش- عن عاصم {نَزَّاعَةٌ} بالرفع.
والوجه أنه بدلٌ عن {لَظَى}، وموضع {لَظَى} رفعٌ؛ لأنه خبر إن، فالبدل عنه رفعٌ، وإنما لم يظهر الإعراب في {لَظَى}؛ لأن آخره ألفٌ، والكلمة غير منونةٍ لأنها غير منصرفةٍ لاجتماع التعريف والتأنيث فيها، ووزنها فعلٌ من تلظي النار وهي التهابها.
ويجوز أن تكون {نَزَّاعَةٌ} خبرًا بعد خبر.
ويجوز أن تكون خبر مبتدإ محذوف، أي هي نزاعة للشوى). [الموضح: 1297]
قوله تعالى: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17)}
قوله تعالى: {وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين