العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الإسراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 06:55 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الإسراء [ من الآية (28) إلى الآية (33) ]

{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:07 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فقل لهم قولا ميسورا قال عدهم خيرا). [تفسير عبد الرزاق: 1/377]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ميسورًا} [الإسراء: 28] : «ليّنًا»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ميسورًا ليّنًا قال أبو عبيدة في قوله فقل لهم قولا ميسورا أي ليّنًا وروى الطّبريّ من طريق إبراهيم النّخعيّ في قوله فقل لهم قولًا ميسورًا أي لصام تعدهم ومن طريق عكرمة قال عدّهم عدةً حسنةً وروى بن أبي حاتمٍ من طريق محمّد بن أبي موسى عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى فقل لهم قولًا ميسورا قال العدة ومن طريق السّدّيّ قال تقول نعم وكرامةٌ وليس عندنا اليوم ومن طريق الحسن نقول سيكون إن شاء الله تعالى). [فتح الباري: 8/390]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ميسوراً ليّناً
أشار به إلى قوله تعالى: {فقل لهم قولا ميسوراً} (الإسراء: 82) وفسره بقوله: لينًا، وكذا فسره أبو عبيدة، وروى الطّبريّ من طريق إبراهيم النّخعيّ: أي لينًا تعدهم ومن طريق عكرمة. عدهم عدّة حسنة، وروى ابن أبي حاتم من طريق السّديّ قال: يقول: نعم وكرامة وليس عندنا اليوم، ومن طريق الحسن، يقول: سيكون إن شاء الله). [عمدة القاري: 19/20]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ميسورًا}) في قوله تعالى: {فقل لهم قولًا ميسورًا [الإسراء: 28] (ليّنًا) ابتغاء رحمة الله برحمتك عليهم وثبتت هذه هنا لأبي ذر وتأتي بعد إن شاء الله تعالى). [إرشاد الساري: 7/199]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ميسورًا) أي (لينًا) وسبق قريبًا). [إرشاد الساري: 7/199]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ابتغاء رحمةٍ} [الإسراء: 28] : «رزقٍ»). [صحيح البخاري: 6/84]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ابتغاء رحمةٍ رزقٍ وصله الطّبريّ من طريق عطاء عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربك قال ابتغاء رزقٍ ومن طريق عكرمة مثله ولابن أبي حاتمٍ من طريق إبراهيم النّخعيّ في قوله ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها قال فضلًا). [فتح الباري: 8/394]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {موفورا} وافرا {تبيعا} ثائرا وقال ابن عبّاس نصيرًا {خبت} طفئت وقال ابن عبّاس {ولا تبذر} لا تنفق في الباطل {ابتغاء رحمة} رزق {مثبورا} ملعونا {ولا تقف} لا تقل {فجاسوا} تيمموا {يزجي لكم الفلك} يجري الفلك {يخرون للأذقان} للوجوه
قال عبد بن حميد ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 63 الإسراء {موفورا} قال وافرا
وبه في قوله 69 الإسراء {به تبيعا} قال نصيرًا ثائرا
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله تبيعا قال نصيرًا
وبه في قوله 97 الإسراء {كلما خبت} قال طفئت
أخبرنا أبو الفرج بن الغزّي أنا يوسف بن عمر الختني وهو آخر من حدث عنه بالسّماع أنا عبد الوهّاب بن رواج وهو آخر من تقيّ من حضر عنده أو سمع عليه أنا الحافظ أبو طاهر السلفي أنا أبو طاهر بن البطر أنا عبيدالله بن عبد الله بن البيع ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا محمود بن خداش ثنا هشيم أنا حصين عن عكرمة عن ابن عبّاس في قوله 27 الإسراء {إن المبذرين كانوا إخوان الشّياطين} قال المبذر المنفق في غير حق
رواه البخاريّ في كتاب الأدب المفرد عن عارم عن هشيم به فوقع لنا بدلا عاليا
وقال أبو جعفر الطّبريّ ثنا القاسم ثنا الحسين ثنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله 26 الإسراء {ولا تبذر} قال لا تنفق في الباطل فإن المبذر هو المسرف في غير حق
وبه في قوله الإسراء {ابتغاء رحمة من ربك} قال رزق). [تغليق التعليق: 4/240-241] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ابتغاء رحمةٍ رزقٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {وأما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك} (الإسراء: 28) وفسّر الرّحمة بالرزق، وكذا رواه الطّبريّ من طريق عطاء عن ابن عبّاس). [عمدة القاري: 19/25]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقال ابن عباس: ({ابتغاء رحمة}) في قوله: ({وإما تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمة} [الإسراء: 28] قال ابن عباس فيما رواه الطبري أي ابتغاء (رزق) من الله ترجوه أن يأتيك). [إرشاد الساري: 7/203]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها فقل لهم قولاً ميسورًا}.
يقول تعالى ذكره: وإن تعرض يا محمّد عن هؤلاء الّذين أمرتك أن تؤتيهم حقوقهم إذا وجدت إليها السّبيل بوجهك عند مسألتهم إيّاك، ما لا تجد إليه سبيلاً، حياءً منهم ورحمةً لهم {ابتغاء رحمةٍ من ربّك} يقول: انتظار رزقٍ تنتظره من عند ربّك، وترجو تيسير اللّه إيّاه لك، فلا تؤيّسهم، ولكن قل لهم قولاً ميسورًا. يقول: ولكن عدهم وعدًا جميلاً، بأن تقول: سيرزق اللّه فأعطيكم، وما أشبه ذلك من القول اللّيّن غير الغليظ، كما قال جلّ ثناؤه {وأمّا السّائل فلا تنهر}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} قال: انتظار الرّزق {فقل لهم قولاً ميسورًا} قال: ليّنًا تعدهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، {ابتغاء رحمةٍ من ربّك} قال: رزقٌ {أهم يقسمون رحمة ربّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا}
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، قال: حدّثنا عمارة، عن عكرمة، في قوله {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} قال: انتظار رزقٍ من اللّه يأتيك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قوله {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} قال: إن سألوك فلم يجدوا عندك ما تعطيهم ابتغاء رحمةٍ، قال: رزقٌ تنتظره ترجوه {فقل لهم قولاً ميسورًا} قال: عدهم عدةً حسنةً: إذا كان ذلك، إذا جاءنا ذلك فعلنا أعطيناكم، فهو القول الميسور قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: إن سألوك فلم يكن عندك ما تعطيهم، فأعرضت عنهم ابتغاء رحمةٍ، قال: رزقٌ تنتظره {فقل لهم قولاً ميسورًا}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ {ابتغاء رحمةٍ من ربّك} قال: انتظار رزق اللّه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن عبيدة، في قوله {ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} قال: ابتغاء الرّزق
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ، {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} قال: رزق تنتظره {فقل لهم قولاً ميسورًا} قال: معروفًا
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فقل لهم قولاً ميسورًا} قال: عدهم خيرًا وقال الحسن: قل لهم قولاً ليّنًا وسهلاً.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله {وإمّا تعرضنّ عنهم} يقول: لا تجد شيئًا تعطيهم {ابتغاء رحمةٍ من ربّك} يقول: انتظار الرّزق من ربّك، نزلت فيمن كان يسأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من المساكين
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثني حرميّ بن عمارة، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثني عمارة، عن عكرمة في قول اللّه {فقل لهم قولاً ميسورًا} قال: الرّفق.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثني به، يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإمّا تعرضنّ عنهم} عن هؤلاء الّذين أوصيناك بهم {ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} إذا خشيت إن أعطيتهم أن يتقوّوا بها على معاصي اللّه عزّ وجلّ، ويستعينوا بها عليها فرأيت أن تمنعهم خيرًا، فإذا سألوك {فقل لهم قولاً ميسورًا} قولاً جميلاً: رزقك اللّه، بارك اللّه فيك.
وهذا القول الّذي ذكرناه عن ابن زيدٍ مع خلافه أقوال أهل التّأويل في تأويل هذه الآية، بعيد بالمعنى، ممّا يدلّ عليه ظاهرها، وذلك أنّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} فأمره أن يقول إذا كان إعراضه عن القوم الّذين ذكرهم انتظار رحمةٍ منه يرجوها من ربّه {قولاً ميسورًا} وذلك الإعراض ابتغاء الرّحمة، لن يخلو من أحد أمرين: إمّا أن يكون إعراضًا منه ابتغاء رحمةٍ من اللّه يرجوها لنفسه، فيكون معنى الكلام كما قلناه، وقال أهل التّأويل الّذين ذكرنا قولهم، وخلاف قوله، أو يكون إعراضًا منه ابتغاء رحمةٍ من اللّه يرجوها للسّائلين الّذين أمر نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بزعمه أن يمنعهم ما سألوه خشيةً عليهم من أن ينفقوه في معاصي اللّه، فمعلومٌ أنّ سخط اللّه على من كان غير مأمونٍ منه صرف ما أعطي من نفقةٍ ليتقوّى بها على طاعة اللّه في معاصيه، أخوف من رجاء رحمته له، وذلك أنّ رحمة اللّه إنّما ترجى لأهل طاعته، لا لأهل معاصيه، إلاّ أن يكون أراد توجيه ذلك إلى أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر بمنعهم ما سألوه لينيبوا من معاصي اللّه، ويتوبوا بمنعه إيّاهم ما سألوه فيكون ذلك وجهًا يحتمله تأويل الآية، وإن كان لقول أهل التّأويل مخالفًا). [جامع البيان: 14/569-572]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ابتغاء رحمة من ربك ترجوها قال انتظار رزق الله عز وجل). [تفسير مجاهد: 361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 26 - 28.
أخرج البخاري في تاريخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وآت ذا القربى حقه} قال: أمره بأحق الحقوق وعلمه كيف يصنع إذا كان عنده وكيف يصنع إذا لم يكن فقال: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك} قال: إذا سألوك وليس عندك شيء انتظرت رزقا من الله {فقل لهم قولا ميسورا} يقول: إن شاء الله يكون شبه العدة، قال: سفيان رحمه الله والعدة من النّبيّ صلى الله عليه وسلم دين). [الدر المنثور: 9/316] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب المفرد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وآت ذا القربى حقه} الآية، قال: بدأ فأمره بأوجب الحقوق ودله على أفضل الأعمال إذا كان عنده شيء، فقال: {وآت ذا القربى حقه والمسكين، وابن السبيل} وعلمه إذا لم يكن عنده شيء كيف يقول، فقال: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا} عدة حسنة كأته قد كان ولعله أن يكون إن شاء الله {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} لا تعطي شيئا {ولا تبسطها كل البسط} تعطي ما عندك {فتقعد ملوما} يلومك من يأتيك بعد ولا يجد عندك شيئا {محسورا} قال: قد حسرك من قد أعطيته). [الدر المنثور: 9/317] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعطي وكيف يعطي وبمن يبدأ فأنزل الله {وآت ذا القربى حقه والمسكين، وابن السبيل} فأمر الله أن يبدأ بذي القربى ثم بالمسكين، وابن السبيل ومن بعدهم، قال: {ولا تبذر تبذيرا} يقول الله عز وجل: ولا تعط مالك كله فتقعد بغير شيء، قال: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} فتمنع ما عندك فلا تعطي أحدا {ولا تبسطها كل البسط} فنهاه أن يعطي إلا ما بين له، وقال له: {وإما تعرضن عنهم} يقول: تمسك عن عطائهم {فقل لهم قولا ميسورا} يعني قولا معروفا لعله أن يكون عسى أن يكون). [الدر المنثور: 9/321] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال: جاء ناس من مزينة يستحملون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا أجد ما أحملكم عليه (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع) (التوبة آية 92) حزنا ظنوا ذلك من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك} الآية، قال: الرحمة الفيء). [الدر المنثور: 9/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ابتغاء رحمة} قال: رزق). [الدر المنثور: 9/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها} قال: انتظار رزق الله). [الدر المنثور: 9/323]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {وإما تعرضن عنهم} يقول: لا تجد شيئا تعطيهم {ابتغاء رحمة من ربك} يقول: إنتظار رزق الله من ربك نزلت فيمن كان يسأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم من المساكين). [الدر المنثور: 9/323-324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {فقل لهم قولا ميسورا} قال: لينا سهلا سيكون إن شاء الله تعالى فأفعل سنصيب إن شاء الله فأفعل). [الدر المنثور: 9/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {فقل لهم قولا ميسورا} يقول: قل لهم نعم وكرامة وليس عندنا اليوم فإن يأتنا شيء نعرف حقكم). [الدر المنثور: 9/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {قولا ميسورا} قال: قولا جميلا رزقنا الله وإياك بارك الله فيك). [الدر المنثور: 9/324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فقل لهم قولا ميسورا} قال: العدة، قال سفيان: والعدة من رسول الله دين والله أعلم). [الدر المنثور: 9/324]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرنا خالد بن حميد عن عقيل عن ابن شهاب أنه كان يقول في هذه الآية: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}، يقول: لا تمنعه من حقٍ ولا تنفعه في باطلٍ، {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا}، كذلك أيضاً). [الجامع في علوم القرآن: 1/55-56]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن قل لهم قولا سهلا قال أنا معمر عن قتادة ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك قال في النفقة يقول لا تمسك عن النفقة ولا تبسطها كل البسط يقول لا تبذر تبذيرا فتقعد ملوما في عباد الله محسورا يقول نادما على ما فرط منك). [تفسير عبد الرزاق: 1/377]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن رجلٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} قال: لا تنفق شيئا {ولا تبسطها كل البسط} قال: لا تسرف {فتقعد ملوما محسورا} قال: ملومًا فيما بينك وبين ربك محسورا في مالك [الآية: 29]). [تفسير الثوري: 172]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملومًا محسورًا}.
وهذا مثلٌ ضربه اللّه تبارك وتعالى للممتنع من الإنفاق في الحقوق الّتي أوجبها في أموال ذوي الأموال، فجعله كالمشدودة يده إلى عنقه، الّذي لا يقدر على الأخذ بها والإعطاء.
وإنّما معنى الكلام: ولا تمسك يا محمّد يدك بخلاً عن النّفقة في حقوق اللّه، فلا تنفق فيها شيئًا إمساك المغلولة يده إلى عنقه، الّذي لا يستطيع بسطها {ولا تبسطها كلّ البسط} يقول: ولا تبسطها بالعطيّة كلّ البسط، فتبقى لا شيء عندك، ولا تجد إذا سئلت شيئًا تعطيه سائلك {فتقعد ملومًا محسورًا} يقول: فتقعد يلومك سائلوك إذا لم تعطهم حين سألوك، وتلومك نفسك على الإسراع في مالك وذهابه {محسورًا} يقول: معيي قد انقطع بك، لا شيء عندك تنفقه.
وأصله يرى من قولهم للدّابّة الّتي قد سير عليها حتّى انقطع سيرها وكلّت ورزحت من السّير، دّابّة حسيرٌ. يقال منه: حسرت الدّابّة فأنا أحسرها، وأحسرها حسرًا، وذلك إذا أنضيته بالسّير، وحسرته بالمسألة إذا سألته فألحفت. وحسر البصر فهو يحسر، وذلك إذا بلغ أقصى المنظر فكلّ. ومنه قوله عزّ وجلّ: {ينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسيرٌ} وكذلك ذلك في كلّ شيءٍ كلّ وأزحف حتّى ينقى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا هوذة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} قال: لا تجعلها مغلولةً عن النّفقة {ولا تبسطها} تبذّر تسرفٍ
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يوسف بن بهزٍ، قال: حدّثنا حوشبٌ، قال: كان الحسن إذا تلا هذه الآية {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملومًا محسورًا} يقول: لا تطفّف برزقي عن غير رضاي، ولا تضعه في سخطي فأسلبك ما في يديك، فتكون حسيرًا ليس في يديك منه شيءٌ
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملومًا محسورًا}
يقول هذا في النّفقة، يقول {لا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} يقول: لا تبسطها بالخير {ولا تبسطها كلّ البسط} يعني التّبذير {فتقعد ملومًا} يقول: يلوم نفسه على ما فات من ماله {محسورًا} يعني: ذهب ماله كلّه فهو محسورٌ
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} يعني بذلك البخل
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} أي لا تمسكها عن طاعة اللّه، ولا عن حقّه {ولا تبسطها كلّ البسط} يقول: لا تنفقها في معصية اللّه، ولا فيما لا يصلح لك، ولا ينبغي لك، وهو الإسراف، قوله {فتقعد ملومًا محسورًا} قال: ملومًا في عباد اللّه، محسورًا على ما سلف من دهره وفرّط
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} قال: في النّفقة، يقول: لا تمسك عن النّفقة {ولا تبسطها كلّ البسط} يقول: لا تبذّر تبذيرًا {فتقعد ملومًا} في عباد اللّه {محسورًا} يقول: نادمًا على ما فرط منك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: لا تمسك عن النّفقة فيما أمرتك به من الحقّ {ولا تبسطها كلّ البسط} فيما نهيتك {فتقعد ملومًا} قال: مذنبًا {محسورًا} قال: منقطعًا بك
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} قال: مغلولةٌ لا تبسطها بخيرٍ ولا بعطيّةٍ {ولا تبسطها كلّ البسط} في الحقّ والباطل، فينفذ ما في يديك، فيأتيك من يريد أن تعطيه فيحسر بك، فيلومك حين أعطيت هؤلاء، ولم تعطهم). [جامع البيان: 14/573-576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في الأدب المفرد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وآت ذا القربى حقه} الآية، قال: بدأ فأمره بأوجب الحقوق ودله على أفضل الأعمال إذا كان عنده شيء، فقال: {وآت ذا القربى حقه والمسكين، وابن السبيل} وعلمه إذا لم يكن عنده شيء كيف يقول، فقال: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا} عدة حسنة كأته قد كان ولعله أن يكون إن شاء الله {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} لا تعطي شيئا {ولا تبسطها كل البسط} تعطي ما عندك {فتقعد ملوما} يلومك من يأتيك بعد ولا يجد عندك شيئا {محسورا} قال: قد حسرك من قد أعطيته). [الدر المنثور: 9/317] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعطي وكيف يعطي وبمن يبدأ فأنزل الله {وآت ذا القربى حقه والمسكين، وابن السبيل} فأمر الله أن يبدأ بذي القربى ثم بالمسكين، وابن السبيل ومن بعدهم، قال: {ولا تبذر تبذيرا} يقول الله عز وجل: ولا تعط مالك كله فتقعد بغير شيء، قال: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} فتمنع ما عندك فلا تعطي أحدا {ولا تبسطها كل البسط} فنهاه أن يعطي إلا ما بين له، وقال له: {وإما تعرضن عنهم} يقول: تمسك عن عطائهم {فقل لهم قولا ميسورا} يعني قولا معروفا لعله أن يكون عسى أن يكون). [الدر المنثور: 9/321] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 29 - 30.
أخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن يسار بن الحكم رضي الله عنه قال: أتى رسول الله بزمن العراق وكان معطاء كريما فقسمه بين الناس فبلغ ذلك قوما من العرب فقالوا: أنأتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنسأله فوجدوه قد فرغ منه فأنزل الله {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} قال: محبوسة {ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما} يلومك الناس {محسورا} ليس بيدك شيء). [الدر المنثور: 9/324-325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن المنهال بن عمر وقال: بعثت امرأة إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بابنها فقالت: قل له اكسني ثوبا فقال: ما عندي شيء فقال: ارجع إليه فقل له اكسني قميصك فرجع إليه فنزع قميصه فأعطاه إياه، فنزلت {ولا تجعل يدك مغلولة} الآية). [الدر المنثور: 9/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء غلام إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي تسألك كذا وكذا فقال: ما عندنا اليوم شيء قال: فتقول لك اكسني قميصك فخلع قميصه فدفع إليه فجلس في البيت حاسرا، فأنزل الله {ولا تجعل يدك مغلولة} الآية). [الدر المنثور: 9/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: وضرب بيده أنفقي ما ظهر كفى قالت: إذا لا يبقى شيء، قال ذلك: ثلاث مرات فأنزل الله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة} الآية). [الدر المنثور: 9/325]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولا تجعل يدك مغلولة} قال: يعني بذلك البخل). [الدر المنثور: 9/325-326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} قال: هذا في النفقة، يقول: لا تجعلها مغلولة لا تبسطها بخير {ولا تبسطها كل البسط} يعني التبذير {فتقعد ملوما} يلوم نفسه على ما فاته من ماله، {محسورا} ذهب ماله كله). [الدر المنثور: 9/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط} قال نهاه عن السرف والبخل). [الدر المنثور: 9/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فتقعد ملوما محسورا} قال: ملوما عند الناس محسورا من المال). [الدر المنثور: 9/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {ملوما محسورا} قال مستحيا خجلا قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
ما فاد من مني يموت جوادهم * إلا تركت جوادهم محسورا). [الدر المنثور: 9/326]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفق في المعيشة خير من نض التجارة). [الدر المنثور: 9/326-327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من فقه الرجل أن يصلح معيشته قال: وليس من حبك الدنيا طلب ما يصلحك). [الدر المنثور: 9/327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فقهك رفقك في معيشتك). [الدر المنثور: 9/327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتصاد في التفقه نصف المعيشة). [الدر المنثور: 9/327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: ما عال من اقتصد). [الدر المنثور: 9/327]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عال مقتصد قط). [الدر المنثور: 9/327-328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عبد الله بن شبيب رضي الله عنه قال: يقال حسن التدبير مع العفاف خير من الغنى مع الإسراف). [الدر المنثور: 9/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن مطرف رضي الله عنه قال: خير الأمور أوسطها). [الدر المنثور: 9/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التدبير نصف المعيشة والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين). [الدر المنثور: 9/328]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن يونس بن عبيد رضي الله عنه قال: كان يقال: التودد إلى الناس نصف العقل وحسن المسألة نصف العلم والاقتصاد في المعيشة يلقي عنك نصف المؤنة). [الدر المنثور: 9/328]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا جعفر بن حيان، عن الحسن، في قوله: {يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر}، قال: يخير له). [الزهد لابن المبارك: 2/371]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {إنّ ربّك يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا}.

يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ ربّك يا محمّد يبسط رزقه لمن يشاء من عباده، فيوسّع عليه، ويقدر على من يشاء، يقول: ويقتّر على من يشاء منهم، فيضيّق عليه {إنّه كان بعباده خبيرًا} يقول: إنّ ربّك ذو خبرةٍ بعباده، ومن الّذي تصلحه السّعة في الرّزق وتفسده، ومن الّذي يصلحه الإقتار والضّيق ويهلكه. {بصيرًا} يقول: هو ذو بصرٍ بتدبيرهم وسياستهم، يقول: فانته يا محمّد إلى أمرنا فيما أمرناك ونهيناك من بسط يدك فيما تبسطها فيه، وفيمن تبسطها له، وفي كفّها عمّن تكفّها عنه، وتكفّها فيه، فنحن أعلم بمصالح العباد منك، ومن جميع الخلق وأبصر بتدبيرهم، كالّذي:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، ثمّ أخبرنا تبارك وتعالى، كيف يصنع، فقال: {إنّ ربّك يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} قال: يقدر: يقلّ، وكلّ شيءٍ في القرآن يقدر كذلك، ثمّ أخبر عباده أنّه لا يرزؤه ولا يئوده أن لو بسط عليهم، ولكن نظرًا لهم منه، فقال: {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزّل بقدرٍ ما يشاء إنّه بعباده خبيرٌ بصيرٌ} قال: والعرب إذا كان الخصب وبسط عليهم أشروا، وقتل بعضهم بعضًا، وجاء الفساد، فإذا كان السّنة شغلوا عن ذلك). [جامع البيان: 14/576-577]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال: ثم أخبرنا كيف يصنع بنا فقال: {إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} ثم أخبر عباده أنه لا يرزؤه ولا يؤدوه أن لو بسط الرزق عليهم ولكن نظرا لهم منه فقال تبارك وتعالى {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير} قال: والعرب إذا كان الخصب وبسط عليهم أسروا وقتل بعضهم بعضا وجاء الفساد وإذا كان السنة شغلوا عن ذلك). [الدر المنثور: 9/328-329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} قال: ينظر له فإن كان الغنى خيرا له أغناه وإن كان الفقر خيرا له أفقره). [الدر المنثور: 9/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} قال: يبسط لهذا مكرا به ويقدر لهذا نظرا له). [الدر المنثور: 9/329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد قال: كل شيء في القرآن يقدر فمعناه يقلل). [الدر المنثور: 9/329]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا معمر عن قتادة في قوله ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق قال كانوا يقتلون البنات خشية الفاقة). [تفسير عبد الرزاق: 1/377]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({خطئًا} [الإسراء: 31] : «إثمًا، وهو اسمٌ من خطئت، والخطأ مفتوحٌ مصدره من الإثم، خطئت بمعنى أخطأت تخرق تقطع»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله خطأ إثمًا وهو اسم من خطئت والخطأ مفتوح مصدره من الإثم خطئت بمعنى أخطأت قال أبو عبيدة في قوله كان خطئًا كبيرًا أي إثما وهو اسمٌ من خطئت فإذا فتحته فهو مصدرٌ قال الشّاعر دعيني إنّما خطّئي وصوّبي على وإنّما اهلكت مالي ثمّ قال وخطئت وأخطأت لغتان وتقول العرب خطئت إذا أذنبت عمدًا وأخطأت إذا أذنبت على غير عمدٍ واختار الطّبريّ القراءة الّتي بكسرٍ ثمّ سكونٍ وهي المشهورة ثمّ أسند عن مجاهدٍ في قوله خطئًا قال خطيئةٌ قال وهذا أولى لأنّهم كانوا يقتلون أولادهم على عمدٍ لا خطأً فنهوا عن ذلك وأما القراءة بالفتح فهي قراءة بن ذكوان وقد أجابوا عن الاستبعاد الّذي أشار إليه الطّبريّ بأنّ معناها أنّ قتلهم كان غير صواب تقول أخطأ يخطئ خطأً إذا لم يصب وأمّا قول أبي عبيدة الّذي تبعه فيه البخاريّ حيث قال خطئت بمعنى أخطأت ففيه نظرٌ فإنّ المعروف عند أهل اللّغة أن خطيء بمعنى أثم وأخطأ إذا لم يتعمّد أو إذا لم يصب). [فتح الباري: 8/390]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (خطئاً إثماً وهو إسمٌ من خطئت والخطأ مفتوحٌ مصدره من الإثم خطئت بمعنى أخطأت
أشار به إلى قوله تعالى: {إن قتلهم كان خطأ كبيرا} (الإسراء: 31) وفسّر (خطأ) بقوله: (إثمًا) وكذا فسره أبو عبيدة. قوله: (وهو) أي: الخطأ (إسم من خطيت) والّذي قاله أهل اللّغة أن (خطأ) بالكسر مصدر، فقال الجوهري: نقول من خطأ يخطأ خطأ وخطأة على فعلة. قوله: (والخطأ مفتوح) مصدر هذا أيضا عكس ما قاله أهل اللّغة، فإن الخطأ بالفتح إسم هو نقيض الصّواب، وقال الزّمخشريّ: قرئ خطئ خطأ كمأثم إثمًا وخطأ وهو ضد الصّواب إسم من أخطاء وخطاء بالكسر والمدّ وخطاء بالمدّ والفتح وخطأ بالفتح والسكون، وعن الحسن بالفتح وحذف الهمزة، وروى عن أبي رجاء بكسر الخاء غير مهموز. انتهى. وهذا أيضا ينادي بأن الخطأ بالكسر والسكون مصدر، والخطأ بفتحتين إسم. قوله: (من الإثم حطئت) فيه تقديم وتأخير أي: خطئت الّذي أخذ معناه من الإثم بمعنى أخطأت، وهذا أيضا خلاف ما قاله أهل اللّغة، لأن معنى: خطئ: أثم وتعمد الذّنب، وأخطأ إذا لم يتعمده، ولكن قال الجوهري: قال أبو عبيدة: خطئ وأخطأ لغتان بمعنى واحد، وأنشد لامرئ القيس:
(يا لهف هند إذ خطئن كاهلاً)
أي: أخطأن، والّذي قاله يساعد البخاريّ فيما قاله). [عمدة القاري: 19/20]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (خطأ) من قوله: {إن قتلهم كان خطأ} [الإسراء: 31] أي (إثمًا وهو) أي الخطأ (اسم من خطئت والخطأ مفتوح مصدره من الإثم خطئت) بكسر الطاء (بمعنى أخطأت) كذا قاله أبو عبيدة وتبعه المؤلّف رحمهما الله وتعقب بأن جعله خطأ بكسر الخاء اسم مصدر ممنوع وإنما هو مصدر خطئ يخطأ كأثم يأثم إثمًا إذا تعمد الذنب وبأن دعواه أن خطأ المفتوح الخاء والطاء، وبها قرأ ابن ذكوان مصدر بمعنى الإثم ليس كذلك، وإنما هو اسم مصدر من أخطأ يخطئ إخطاء إذا لم يصب والمعنى فيه أن قتلهم كان غير صواب وبأن قوله خطئت بمعنى أخطأت خلاف قول أهل اللغة خطئ أثم وتعمد الذنب وأخطأ إذا لم يتعمد). [إرشاد الساري: 7/199]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ نحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطئًا كبيرًا}.
يقول تعالى ذكره: {وقضى ربّك} يا محمّد {ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحسانًا} {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ} فموضع تقتلوا نصب عطفًا على ألاّ تعبدوا.
ويعني بقوله: {خشية إملاقٍ} خوف أفتقار ونقص.
وقد بيّنّا ذلك بشواهده فيما مضى وذكرنا الرّواية فيه.
وإنّما قال جلّ ثناؤه ذلك للعرب، لأنّهم كانوا يقتلون الإناث من أولادهم خوف العيلة على أنفسهم بالإنفاق عليهنّ، كما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيد، عن قتادة، قوله {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ} أي خشية الفاقة، وكان أهل الجاهليّة يقتلون أولادهم خشية الفاقة، فوعظهم اللّه في ذلك، وأخبرهم أنّ رزقهم ورزق أولادهم على اللّه، فقال: {نحن نرزقهم وإيّاكم إن قتلهم كان خطئًا كبيرًا}
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {خشية إملاقٍ} قال: كانوا يقتلون البنات
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ} قال: الفاقة والفقر
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {خشية إملاقٍ} يقول: الفقر
وأمّا قوله: {إنّ قتلهم كان خطئًا كبيرًا} فإنّ القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة والعراق {إنّ قتلهم كان خطئًا كبيرًا} بكسر الخاء من الخطء وسكون الطّاء. وإذا قرئ ذلك كذلك، كان له وجهان من التّأويل: أحدهما أن يكون اسمًا من قول القائل: خطئت فأنا أخطأ، بمعنى: أذنبت وأثمت. ويحكى عن العرب: خطئت: إذا أذنبت عمدًا، وأخطأت: إذا وقع منك الذّنب على غير عمدٍ منك له. والثّاني: أن يكون بمعنى خطأٍ بفتح الخاء والطّاء، ثمّ كسرت الخاء وسكّنت الطّاء، كما قيل: قتبٌ وقتبٌ وحذرٌ وحذرٌ، ونجس ونجسٌ. والخطء بالكسر اسمٌ، والخطأ بفتح الخاء والطّاء مصدرٌ من قولهم: خطئ الرّجل، وقد يكون اسمًا من قولهم: أخطأ. فأمّا المصدر منه فالإخطاء. وقد قيل: خطئ، بمعنى أخطأ، كما قال: الشّاعر:
يا لهف هندٍ إذ خطئن كاهلا
بمعنى: أخطأن.
وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل المدينة: ( إنّ قتلهم كان خطأً ) بفتح الخاء والطّاء مقصورًا على توجيهه إلى أنّه اسمٌ من قولهم: أخطأ فلانٌ خطأً.
وقرأه بعض قرّاء أهل مكّة: ( إنّ قتلهم كان خطاءً ) بفتح الخاء والطّاء ومدّ الخطاء بنحو معنى من قرأه خطأً بفتح الخاء والطّاء، غير أنّه يخالفه في مدّ الحرف.
وكان عامّة أهل العلم بكلام العرب من أهل الكوفة وبعض البصريّين منهم يرون أنّ الخطء والخطأ بمعنًى واحدٍ، إلاّ أنّ بعضهم زعم أنّ الخطأ بكسر الخاء وسكون الطّاء في القراءة أكثر، وأنّ الخطأ بفتح الخاء والطّاء في كلام النّاس أفشى، وأنّه لم يسمع الخطأ بكسر الخاء وسكون الطّاء، في شيءٍ من كلامهم وأشعارهم، إلاّ في بيتٍ أنشده لبعض الشّعراء:
الخطء فاحشةٌ والبرّ نافلةٌ = كعجوةٍ غرست في الأرض تؤتبر
وقد ذكرت الفرق بين الخطء بكسر الخاء وسكون الطّاء وفتحهما.
وأولى القراءات في ذلك عندنا بالصّواب، القراءة الّتي عليها قرّاء أهل العراق، وعامّة أهل الحجاز، لإجماع الحجّة من القرّاء عليها، وشذوذ ما عداها. وإنّ معنى ذلك كان إثمًا وخطيئةً، لا خطأً من الفعل، لأنّهم إنّما كانوا يقتلونهم عمدًا لا خطأً، وعلى عمدهم ذلك عاتبهم ربّهم، وتقدّم إليهم بالنّهي عنه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {خطئًا كبيرًا} قال: خطيئةً
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {إنّ قتلهم كان خطئًا كبيرًا} قال: خطيئةً.
- قال ابن جريجٍ، وقال ابن عبّاسٍ: خطئًا: خطيئةً). [جامع البيان: 14/577-581]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله خشية إملاق قال خشية الفقر). [تفسير مجاهد: 361-362]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله خطأ قال يعني خطيئة
- نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال القسطاس هو الميزان العدل بالرومية.
- نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك قال هو مثل قول الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة). [تفسير مجاهد: 362-363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 31.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} أي خشية الفاقة، وكان أهل الجاهلية يقتلون البنات خشية الفاقة فوعظهم الله في ذلك وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم على الله فقال: {نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا} أي إثما كبيرا). [الدر المنثور: 9/329-330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {خشية إملاق} قال: مخافة الفاقة والفقر). [الدر المنثور: 9/330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {خشية إملاق} قال: مخافة الفقر، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
وإني على الإملاق يا قوم ماجد * أعد لأضيافي الشواء المطهيا). [الدر المنثور: 9/330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {خطأ} قال: خطيئة). [الدر المنثور: 9/330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ {خطأ كبيرا} مهموزة من قبل الخطا والصواب). [الدر المنثور: 9/331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات اتقى الله وقام عليهن كان معي في الجنة هكذا وأشار بأصابعه الأربع). [الدر المنثور: 9/331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن منيع، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كن له ثلاث بنات يمونهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة ألبتة قيل: يا رسول الله فإن كن اثنتين قال: وإن كن اثنتين). [الدر المنثور: 9/331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة). [الدر المنثور: 9/331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والطبراني والحاكم عن سراقة بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا سراقة ألا أدلك على أعظم الصدقة قال: بلى يا رسول الله، قال: إن ابنتك مردودة إليك ليس لها كاسب غيرك). [الدر المنثور: 9/332]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر عن [القرظي في قول] الله: {لولا أن رأى برهان ربه}، رأى، {ولا تقربوا [الزنا إنه كان] فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ (؟) .. .. ]، {عليكم لحافظين كراما [كاتبين} ........ ]، فقال: ما إليك من سبيلٍ، ثم رأى [ .... {اليوم تجزى كل] نفسٍ بما كسبت}، فقال: ما إليك [من سبيلٍ .. ] وآية أخرى: {وما تكون في شأنٍ [وما تتلو منه من قرآنٍ] ولا تعملون من عملٍ إلا كنا [عليكم شهودا] إذ تفيضون فيه}). [الجامع في علوم القرآن: 2/145-146] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشةً وساء سبيلاً}.
يقول تعالى ذكره: وقضى أيضًا أن {لا تقربوا} أيّها النّاس {الزّنا إنّه كان فاحشةً} يقول: إنّ الزّنا كان فاحشةً {وساء سبيلاً} يقول: وساء طريق الزّنا طريقًا، لأنّ طريق أهل معصية اللّه، والمخالفين أمره، فأسوئ به طريقًا يورد صاحبه نار جهنّم). [جامع البيان: 14/581]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 32.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {ولا تقربوا الزنى} قال: يوم نزلت هذه الاية لم تكن حدود فجاءت بعد ذلك الحدود في سورة النور). [الدر المنثور: 9/332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، وابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا إلا من تاب فإن الله كان غفارا رحيما فذكر لعمر رضي الله عنه فأتاه فسأله فقال: أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لك عمل إلا الصفق بالبقيع). [الدر المنثور: 9/332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة} قال قتادة عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن ولا ينتهب حين ينتهب وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يغل حين يغل وهو مؤمن قيل: يا رسول الله والله إن كنا لنرى أنه يأتي ذلك وهو مؤمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فعل شيئا من ذلك نزع الإيمان من قلبه فإن تاب تاب الله عليه). [الدر المنثور: 9/332-333]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المؤمنون إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن). [الدر المنثور: 9/333]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه: إذا زنى المؤمن خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة فإذا انقلع منها رجع إليه الإيمان). [الدر المنثور: 9/333]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: الإيمان نور فمن زنى فارقه الإيمان فمن لام نفسه فراجع راجعه الإيمان). [الدر المنثور: 9/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء فإذا زنى العبد نزع منه سربال الإيمان فإن تاب رد عليه). [الدر المنثور: 9/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي صالح رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه وسأله عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن فأين يكون الإيمان منه قال أبو هريرة رضي الله عنه: يكون هكذا عليه وقال: بكفه فوق رأسه فإن تاب ونزع رجع إليه). [الدر المنثور: 9/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يسمي عبيده بأسماء العرب: عكرمة وسميع وكريب وقال لهم: تزوجوا فإن العبد إذا زنى نزع منه نور الإيمان رد الله عليه بعد أو أمسكه). [الدر المنثور: 9/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا شباب قريش احفظوا فروجكم لا تزنوا ألا من حفظ الله له فرجه دخل الجنة). [الدر المنثور: 9/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم كتاب الله). [الدر المنثور: 9/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والحاكم، وابن عدي والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الزنا يورث الفقر). [الدر المنثور: 9/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم ولا ظهرت فاحشة في قوم قط إلا سلط الله عليهم الموت ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر). [الدر المنثور: 9/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن أبي الدنيا عن الهيثم بن مالك الطائي رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له). [الدر المنثور: 9/336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب). [الدر المنثور: 9/336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يزن عبد قط إلا نزع الله نور الإيمان منه: إن شاء رده وإن شاء منعه). [الدر المنثور: 9/336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن فإذا فعل ذلك نزع منه نور الإيمان كما ينزع منه قميصه فإن تاب تاب الله عليه). [الدر المنثور: 9/336-337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر). [الدر المنثور: 9/337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن). [الدر المنثور: 9/337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أسامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت على أمتي بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء). [الدر المنثور: 9/337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يكن كفر من مضى إلا من قبل النساء وهو كائن كفر من بقي من قبل النساء). [الدر المنثور: 9/337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبان بن عثمان رضي الله عنه قال: تعرف الزناة بنتن فروجهن يوم القيامة). [الدر المنثور: 9/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال: بلغني أن أكثر ذنوب أهل النار النساء). [الدر المنثور: 9/338]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن حصيف عن سعيد بن جبير في قوله تعالى فلا يسرف في القتل قال لا يقتل رجلان برجل). [تفسير عبد الرزاق: 1/377]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فلا يسرف في القتل يقول لا تقتل غير قاتلك ولا تمثل به إنه كان منصورا). [تفسير عبد الرزاق: 1/377]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد في قوله: {فلا يسرف في القتل} قال: فلا تسرف أنت ولا هذا و{كان منصورا} قال: المقتول [الآية: 33].
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم عن أبي معمرٍ عن حذيفة أنه كان يقرأ (فلا تسرف في القتل إنّه كان منصورا).
سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {فلا يسرف في القتل} أن يقتل اثنين لواحد
سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن طلق بن حبيبٍ قال: أن تقتل غير قاتلك أو تمثل به). [تفسير الثوري: 172-173]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: «كلّ سلطانٍ في القرآن فهو حجّةٌ»). [صحيح البخاري: 6/83]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ كلّ سلطانٍ في القرآن فهو حجّةٌ وصله بن عيينة في تفسيره عن عمرو بن دينارٍ عن عكرمة عن بن عبّاسٍ وهذا على شرط الصّحيح ورواه الفريابيّ بإسناد آخر عن بن عبّاسٍ وزاد وكلّ تسبيحٍ في القرآن فهو صلاةٌ). [فتح الباري: 8/391]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس كل سلطان في القرآن فهو حجّة {ولي من الذل} لم يخالف أحدا
أنبئت عمّن سمع الحافظ ضياء الدّين المقدسي أنا زاهر بن أبي طاهر أنا الحسين بن عبد الملك أنا عبد الرّحمن بن الحسن أنا أحمد بن إبراهيم أنا محمّد بن إبراهيم أنا سعيد بن عبد الرّحمن ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن ابن عبّاس قال كل سلطان في القرآن فهو حجّة
وقال الفريابيّ ثنا قيس عن عمار الذّهبيّ عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال كل تسبيح في القرآن فهو صلاة وكل سلطان في القرآن فهو عذر وحجّة
وقرأت على خديجة بنت الشّيخ أبي إسحاق بن إسحاق بن سلطان أخبركم أبو نصر بن الشّيرازيّ في كتابه عن إسماعيل بن باتكين أن عمرو بن علّي الصّيرفي أخبره أنا رزق الله بن عبد الوهّاب التّميمي أنا أبو الحسين بن المتيم ثنا الحسين ابن إسماعيل المحاملي ثنا زيد بن اخزم ثنا عامر بن مدرك ثنا عقبة هو ابن يقظان عن عكرمة عن ابن عبّاس قال كل ريحان في القرآن رزق وكل سلطان فهو حجّة
تابعه أبو الحسن الميانجي في فوائده عن زيد بن أخزم مثله). [تغليق التعليق: 4/238-239]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال ابن عبّاسٍ كلّ سلطانٍ في القرآن فهو حجةٌ
هذا التّعليق رواه أبو محمّد إسحاق بن إبراهيم البستي عن ابن أبي عمر: حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عبّاس، وأما لفظ السّلطان في هذه السّورة في موضعين: أحدهما قوله: {فقد جعلنا لوليّه سلطانا} (الإسراء: 33) والآخر قوله: {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرًا} (الإسراء: 80) ). [عمدة القاري: 19/22]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال) ولأبي ذر وقال: (ابن عباس) -رضي الله عنهما- مما وصله ابن عيينة في تفسيره في قوله: {واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا} [الإسراء: 82] وقوله: {فقد جعلنا لوليه سلطانًا} [الإسراء: 33] (كل سلطان) ذكر (في القرآن فهو حجة) فمعنى سلطانًا نصيرًا حجة ينصرني على من خالفني، وجعلنا لوليه سلطانًا حجة يتسلط بها على المؤاخذة بمقتضى القتل). [إرشاد الساري: 7/200]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله تعالى: {فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً} قال: القتل: سرفٌ). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 52]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا فلا يسرف في القتل إنّه كان منصورًا}.
يقول جلّ ثناؤه: وقضى أيضًا أن {لا تقتلوا} أيّها النّاس {النّفس الّتي حرّم اللّه} قتلها {إلاّ بالحقّ} وحقّها أن لا تقتل إلاّ بكفرٍ بعد إسلامٍ، أو زنًا بعد إحصانٍ، أو قود نفسٍ، وإن كانت كافرةً لم يتقدّم كفرها إسلامٌ، فأن لا يكون تقدّم قتلها لها عهدٌ وأمانٌ، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ} وإنّا واللّه ما نعلم يحلّ دم امرئٍ مسلمٍ إلاّ بإحدى ثلاثٍ، إلاّ رجلاً قتل متعمّدًا، فعليه القود، أو زنى بعد إحصانه فعليه الرّجم، أو كفر بعد إسلامه فعليه القتل
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن الزّهريّ، عن عروة، أو غيره، قال: قيل لأبي بكرٍ: أتقتل من يرى أن لا يؤدّي الزّكاة؟ قال: لو منعوني شيئًا ممّا أقرّوا به لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقاتلتهم فقيل لأبي بكرٍ: أليس قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا: لا إله إلاّ اللّه، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها وحسابهم على اللّه " فقال أبو بكرٍ: هذا من حقّها
- حدّثني موسى بن سهلٍ، قال: حدّثنا عمرو بن هاشمٍ، قال: حدّثنا سليمان بن حيّان، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلاّ اللّه، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها وحسابهم على اللّه " قيل: وما حقّها؟ قال: " زنًا بعد إحصانٍ، وكفرٌ بعد إيمانٍ، وقتل نفسٍ فيقتل بها "
قوله: {ومن قتل مظلومًا} يقول: ومن قتل بغير المعاني الّتي ذكرنا أنّه إذا قتل بها كان قتلاً بحقٍّ {فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} يقول: فقد جعلنا لوليّ المقتول ظلمًا سلطانًا على قاتل وليّه، فإن شاء استقاد منه فقتله بوليّه، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ الدّية.
وقد اختلف أهل التّأويل في معنى السّلطان الّذي جعل لوليّ المقتول، فقال بعضهم في ذلك، نحو الّذي قلنا
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} قال: بيّنةً من اللّه عزّ وجلّ أنزلها يطلبها وليّ المقتول، العقل، أو القود، وذلك السّلطان
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، في قوله: {فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} قال: إن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدّية.
وقال آخرون: بل ذلك السّلطان: هو القتل.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} وهو القود الّذي جعله اللّه تعالى.
وأولى التّأويلين بالصّواب في ذلك تأويل من تأوّل ذلك: أنّ السّلطان الّذي ذكر اللّه تعالى في هذا الموضع ما قاله ابن عبّاسٍ، من أنّ لوليّ القتيل القتل إن شاء وإن شاء أخذ الدّية، وإن شاء العفو، لصحّة الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال يوم فتح مكّة: " ألا ومن قتل له قتيلٌ فهو بخير النّظرين بين أن يقتل أو يأخذ الدّية " وقد بيّنت الحكم في ذلك في كتابنا: كتاب الجراح
وقوله: {فلا يسرف في القتل} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الكوفة: ( فلا تسرف ) بمعنى الخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والمراد به هو والأئمّة من بعده، يقول: فلا تقتل بالمقتول ظلمًا غير قاتله، وذلك أنّ أهل الجاهليّة كانوا يفعلون ذلك إذا قتل رجلٌ رجلاً عمد وليّ القتيل إلى الشّريف من قبيلة القاتل، فقتله بوليّه وترك القاتل، فنهى اللّه عزّ وجلّ عن ذلك عباده، وقال لرسوله عليه الصّلاة والسّلام: قتل غير القاتل بالمقتول معصيةٌ وسرفٌ، فلا تقتل به غير قاتله، وإن قتلت القاتل بالمقتول فلا تمثّل به. وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة: {فلا يسرف} بالياء، بمعنى فلا يسرف وليّ المقتول، فيقتل غير قاتل وليّه. وقد قيل: عنى به: فلا يسرف القاتل الأوّل لأولي المقتول.
والصّواب من القول في ذلك عندي، أن يقال: إنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، وذلك أنّ خطاب اللّه تبارك وتعالى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأمرٍ أو نهي في أحكام الدّين قضاءٌ منه بذلك على جميع عباده، وكذلك أمره ونهيه بعضهم، أمرٌ منه ونهي جميعهم، إلاّ فيما دلّ فيه على أنّه مخصوصٌ به بعضٌ دون بعضٍ، فإذا كان ذلك كذلك بما قد بيّنّا في كتابنا كتاب البيان عن أصول الأحكام فمعلومٌ أنّ خطابه تعالى بقوله ( فلا تسرف في القتل ) نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وإن كان موجّهًا إليه أنّه معنيٌّ به جميع عباده، فكذلك نهيه وليّ المقتول أو القاتل عن الإسراف في القتل، والتّعدّي فيه نهيٌ لجميعهم، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ صواب القراءة في ذلك.
وقد اختلف أهل التّأويل في تأويلهم ذلك نحو اختلاف القرّاء في قراءتهم إيّاه
ذكر من تأوّل ذلك بمعنى الخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ عن طلق بن حبيبٍ، في قوله: " فلا تسرف في القتل " قال: لا تقتل غير قاتله، ولا تمثّل به.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن طلق بن حبيبٍ، بنحوه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن خصيفٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: ( فلا تسرف في القتل ) قال: لا تقتل اثنين بواحدٍ
- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: ( فلا تسرف في القتل إنّه كان منصورًا ) قال: كان هذا بمكّة، ونبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بها، وهو أوّل شيءٍ نزل من القرآن في شأن القتل، كان المشركون من أهل مكة يغتالون أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال اللّه تبارك وتعالى: من قتلكم من المشركين، فلا يحملنّكم قتله إيّاكم عن أن تقتلوا له أبًا أو أخًا أو أحدًا من عشيرته، وإن كانوا مشركين، فلا تقتلوا إلاّ قاتلكم، وهذا قبل أن تنزل براءة، وقبل أن يؤمروا بقتال المشركين، فذلك قوله: ( فلا تسرف في القتل ) يقول: لا تقتل غير قاتلك، وهي اليوم على ذلك الموضع من المسلمين، لا يحلّ لهم أن يقتلوا إلاّ قاتلهم.
ذكر من قال: عنى به وليّ المقتول:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا أبو رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} قال: كان الرّجل يقتل فيقول وليّه: لا أرضى حتّى أقتل به فلانًا وفلانًا من أشراف قبيلته
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: ( فلا تسرف في القتل ) قال: لا تقتل غير قاتلك، ولا تمثّل به
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {فلا يسرف في القتل} قال: لا يقتل غير قاتله، من قتل بحديدةٍ قتل بحديدةٍ، ومن قتل بخشبةٍ قتل بخشبةٍ، ومن قتل بحجرٍ قتل بحجرٍ. ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: " إنّ من أعتى النّاس على اللّه جلّ ثناؤه ثلاثةً: رجلٌ قتل غير قاتله، أو قتل بذحل في الجاهليّة، أو قتل في حرم اللّه "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمعته يعني ابن زيدٍ، يقول في قول اللّه جلّ ثناؤه {ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} قال: إنّ العرب كانت إذا قتل منهم قتيلٌ، لم يرضوا أن يقتلوا قاتل صاحبهم، حتّى يقتلوا أشرف من الّذي قتله، فقال اللّه جلّ ثناؤه {فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} ينصره وينتصف من حقّه {فلا يسرف في القتل} يقتل بريئًا.
ذكر من قال عنى به القاتل:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، {فلا يسرف في القتل} قال: لا يسرف القاتل في القتل.
وقد ذكرنا الصّواب من القراءة في ذلك عندنا، وإن كان كلا وجهي القراءة عندنا صوابًا، فكذلك جميع أوجه تأويله الّتي ذكرناها غير خارجٍ وجهٌ منها من الصّواب، لاحتمال الكلام ذلك، وإنّ في نهي اللّه جلّ ثناؤه بعض خلقه عن الإسراف في القتل، نهى منه جميعهم عنه
وأمّا قوله: {إنّه كان منصورًا} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا فيمن عنى بالهاء الّتي في قوله {إنّه} وعلى ما هي عائدةٌ، فقال بعضهم: هي عائدةٌ على وليّ المقتول، وهو المعنيّ بها، وهو المنصور على القاتل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {إنّه كان منصورًا} قال: هو دفع الإمام إليه، يعني إلى الوليّ، فإن شاء قتل، وإن شاء عفا.
وقال آخرون: بل عنى بها المقتول، فعلى هذا القول هي عائدةٌ على " من " في قوله: {ومن قتل مظلومًا}
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، {إنّه كان منصورًا} إنّ المقتول كان منصورًا.
وقال آخرون: عنى بها دم المقتول، وقالوا: معنى الكلام: إنّ دم القتيل كان منصورًا على القاتل.
وأشبه ذلك بالصّواب عندي قول من قال: عنى بها الوليّ، وعليه عادت، لأنّه هو المظلوم، ووليّه المقتول، وهي إلى ذكره أقرب من ذكر المقتول، وهو المنصور أيضًا، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قضى في كتابه المنزلّ أن سلّطه على قاتل وليّه وحكّمه فيه بأن جعل إليه قتله إن شاء، واستبقاءه على الدّية إن أحبّ، والعفو عنه إن رأى، وكفى بذلك نصرةً له من اللّه جلّ ثناؤه، فلذلك قلنا: هو المعنيّ بالهاء الّتي في قوله: {إنّه كان منصورًا}). [جامع البيان: 14/581-589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 33 - 34.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} الآية، قال: كان هذا بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم بها وهو أول شيء نزل من القرآن في شأن القتل، كان المشركين من أهل مكة يغتالون أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: من قتلكم من المشركين فلا يحملنكم قتله غياكم على أن تقتلوا له أبا أو وأخا وأحدا من عشيرته وإن كانوا مشركين فلا تقتلوا إلا قاتلكم وهذا قبل أن تنزل براءة وقبل أن يؤمروا بقتال المشركين، فذلك قوله: {فلا يسرف في القتل} يقول: لا تقتل غير قاتلك وهي اليوم على ذلك الموضع من المسلمين لا يحل لهم أن يقتلوا إلا قاتلهم). [الدر المنثور: 9/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه" عن زيد بن أسلم رضي الله عنه: أن الناس في الجاهلية كانوا إذا قتل الرجل من القوم رجلا لم يرضوا حتى يقتلوا به رجلا شريفا إذا كان قاتلهم غير شريف لم يقتلوا قاتلهم وقتلوا غيره فوعظوا في ذلك بقول الله: {ولا تقتلوا النفس} إلى قوله {فلا يسرف في القتل}). [الدر المنثور: 9/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا} قال: بينة من الله أنزلها يطلبها ولي المقتول القود أو العقل وذلك السلطان). [الدر المنثور: 9/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما {فلا يسرف في القتل} قال: لا يكثر من القتل). [الدر المنثور: 9/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر من طريق أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فلا يسرف في القتل} قال: لا يقتل إلا قاتل رحمه). [الدر المنثور: 9/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن طلق بن حبيب في قوله: {فلا يسرف في القتل} قال: لا يقتل غير قاتله ولا يمثل به). [الدر المنثور: 9/339-340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {فلا يسرف في القتل} قال: لا يقتل اثنين بواحد). [الدر المنثور: 9/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا يسرف في القتل} قال: لا يقتل غير قاتله). [الدر المنثور: 9/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا يسرف في القتل} قال: من قتل بحديدة قتل بحديدة ومن قتل بخشبة قتل بخشبة ومن قتل بحجر قتل بحجر ولا يقتل غير قاتله). [الدر المنثور: 9/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة). [الدر المنثور: 9/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود، وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعق الناس قتلة أهل الإيمان). [الدر المنثور: 9/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن سمرة بن جندب وعمران بن حصين قالا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة). [الدر المنثور: 9/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: لا تمثلوا بعبادي). [الدر المنثور: 9/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا} يقول: ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه، ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف قد عمل بحمية أهل الجاهلية ولم يرض بحكم الله تعالى). [الدر المنثور: 9/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إنه كان منصورا} قال: إن المقتول كان منصورا). [الدر المنثور: 9/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن الكسائي قال: هي قراءة أبي بن كعب فلا تسرفوا في القتل إن وليه كان منصورا). [الدر المنثور: 9/342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنه لما كان من أمر هذا الرجل ما كان يعني عثمان قلت لعلي رضي الله عنه اعتزل فلو كنت جحر طلبت حتى تستخرج فعصاني وأيم الله ليتأمرن عليكم معاوية وذكر أن الله تعالى يقول: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا}). [الدر المنثور: 9/342]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:22 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} [الإسراء: 28] ابن مجاهدٍ، عن أبيه، قال: ابتغاء الرّزق.
{فقل لهم قولا ميسورًا} [الإسراء: 28]
- أبو أميّة، عن الحسن، أنّ سائلا قام فقال: يا رسول اللّه فقد بتنا البارحة بغير عشاءٍ، وما أمسينا اللّيلة نرجوه، فقال: «يرزقنا اللّه وإيّاك من فضله، اجلس».
فجلس.
ثمّ قام آخر فقال مثل ذلك، فردّ عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ذلك.
فأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأربع أواقٍ من ذهبٍ، فقال: «أين السّائلان؟».
فقام الرّجلان، فأعطى كلّ واحدٍ منهما أوقيّةً، ولم يسأله أحدٌ.
فرجع بوقيّتين، فجعلهما تحت فراشه، فسهر ليلته بين فراشه ومسجده.
فقالت أمّ المؤمنين: يا رسول اللّه، ما أسهرك؟ أوجعٌ أو أمرٌ نزل؟ فقال: أوتيت بأربع أواقٍ فأمضيت وقيّتين وبقيت وقيّتان، فخشيت أن يحدث بي حدثٌ ولم أوجّههما.
قال يحيى: وبلغني أنّ قوله: {فقل لهم قولا ميسورًا} [الإسراء: 28] أن تقول للسّائل: رزقنا اللّه وإيّاك.
- عاصم بن حكيمٍ، وأشعث، عن عاصمٍ الأحول، عن قريبه، عن عائشة
[تفسير القرآن العظيم: 1/130]
قالت: لا تقولوا للمسكين في حديث عاصمٍ، وقال الأشعث: للسّائل: بارك اللّه فيك؛ فإنّه يسأل البرّ والفاجر.
قال يحيى: يعني: الكافر، ولكن قولوا: يرزقك اللّه.
في حديث عاصمٍ، وقال الأشعث: يرزقنا اللّه وإيّاك.
وأمّا قوله: {ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها} [الإسراء: 28]، يعني: انتظار رزق ربّك.
- أبو الأشهب، عن الحسن قال: كان السّائل يسأل، فيقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما أمسى في بيوت آل محمّدٍ صاعٌ من طعامٍ، وهم يومئذٍ تسعة أبياتٍ».
أبو أميّة، عن الحسن، عن النّبيّ نحوه.
خداشٌ، عن هشامٍ، عن الحسن، عن النّبيّ عليه السّلام مثله.
وقال الحسن: ولا واللّه ما شكا ذلك إليهم ولكن قاله اعتذارًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/131]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ مّن رّبّك...}

يقول: إذا أتتك قرابتك أو سواهم من المحتاجين يسألونك فأعرضت لأنه لا شيء عندك تعطيهم فقل لهم: قولا ميسوراً، يقول: عدهم عدة حسنةً. ثم نهاه أن يعطى كلّ ما عنده حتى لا يبقى محسوراً لا شيء عنده. والعرب تقول للبعير: هو محسور إذا انقطع سيره وحسرت الدابّة إذا سرتها حتى ينقطع سيرها. وقوله: {ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ}
يحسر عند أقصر بلوغ المنظر). [معاني القرآن: 2/122]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قولاً ميسوراً} أي ليّناً هيّناً، وهو من اليسر). [مجاز القرآن: 1/375]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قولا ميسورا}: أي لينا هينا). [غريب القرآن وتفسيره: 214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قولًا ميسوراً} أي ليّنا). [تفسير غريب القرآن: 253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمة من ربّك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا }
{عنهم} هذه الهاء والميم يرجعان على ذي القربى والمسكين وابن السبيل، (وإمّا تعرضنّ عنهم)، أي وإن أعرضت عنهم، ابتغاء رحمة من ربّك ترجوها، أي لطلب رزق من ربك ترجوه {فقل لهم قولا ميسورا}.
{ابتغاء} منصوب لأنه مفعول له، المعنى: وإن أعرضت عنهم لابتغاء رحمة من ربّك.
وروي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سئل وليس عنده ما يعطى أمسك انتظار الرزق يأتي من اللّه - جلّ وعز - كأنّه يكره الردّ، فلما نزلت هذه الآية:
{فقل لهم قولا ميسورا} كان عليه السلام إذا سئل فلم يكن عنده ما يعطي قال: يرزقنا اللّه وإياكم من فضله.
فتأويل قوله: {ميسورا} واللّه أعلم أنه يكسر عليهم فقرهم بدعائه لهم). [معاني القرآن: 3/236-235]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا}
قال قتادة أي عدهم وقال عكرمة إن أعرضت عنهم لرزق تنتظره فعدهم وقل لهم سيكون فإذا جاءنا شيء أعطيناكم وقال الحسن قولا ميسورا أي لينا
والمعنى عند أهل اللغة يسر فقرهم عليهم بدعائك لهم). [معاني القرآن: 4/145-144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَيْسوراً}: ليّنا). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} [الإسراء: 29] قال الحسن: أي: لا تدع النّفقة في حقّ اللّه، فيكون مثلك مثل الّذي غلّت يده إلى عنقه فلا يستطيع أن يبسطها.
قال: {ولا تبسطها كلّ البسط} [الإسراء: 29] فتنفق في غير حقّ اللّه.
{فتقعد ملومًا} [الإسراء: 29] في عباد اللّه لا تستطيع أن توسع النّاس.
{محسورًا} [الإسراء: 29] قد ذهب ما في يديك، يقول: قد خسر.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: يقول: لا تمسكها عن طاعة اللّه، ولا عن حقّه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/131]
{ولا تبسطها كلّ البسط} [الإسراء: 29]، أي: لا تنفقها في معصية اللّه وفيما لا يصلح، وهو الإسراف.
وقال السّدّيّ: هذا مثلٌ ضربه اللّه في أمر النّفقة وذلك قوله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} [الإسراء: 29]، يعني: لا تمسك يدك عن النّفقة بمنزلة المغلولة، فلا تستطيع بسطها.
قال: {فتقعد ملومًا محسورًا} [الإسراء: 29] ملومًا في عباد اللّه لا تستطيع أن توسع النّاس، محسورًا قد ذهب ما في يدك، يقول: قد خسر). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} مجازه في موضع قولهم: لا تمسك عما ينبغي لك أن تبذل من الحق وهو مثل وتشبيه.

{ولا تبسطها كلّ البسط} أي لا تسرف كل السرف، وتبذّر كل التبذير.
(ملوماً محسوراً) أي منضىً قد أعيا، يقال: حسرت البعير، وحسرته بالمسئلة؛ والبصر أيضاً إذا رجع محسوراً، وقال الهذلي:
إنّ العسير بها داءً مخامرها= فشطرها نظر العينين محسور
أي فنحوها). [مجاز القرآن: 1/375]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} أي لا تمسك يدك عن النفقة في حق، كالمغلولة يده إلى عنقه.
وأما {محسورا} حسره يحسره حسرًا وحسورًا؛ إذا فتره وأكله، وحسر الرجل يحسر لغة؛ و{ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير} من ذلك.
وقالوا: حسرت وأنت محسور، فيكون {حسير} من حسر، مثل: علم فهو عليم؛ ويكون من حسر فهو حسير، مثل: قتل فهو قتيل). [معاني القرآن لقطرب: 835]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}: أي لا تمسك عن البذل فيما ينبغي. وهو مثل.
{محسورا}: معيبا. وهو الساقط الكال. {خاسئا وهو حسير} ). [غريب القرآن وتفسيره: 214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {محسوراً} أي تحسرك العطية وتقطعك. كما يحسر السفر البعير فيبقى منقطعا. يقال: حسرت الرجل فأنا أحسره،
وحسر فهو يحسر). [تفسير غريب القرآن: 254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملوما محسورا }
معناه لا تبخل ولا تسرف.
{فتقعد} منصوب على جواب النهي، و {محسورا} أي قد بالغت في الحمل على نفسك وحالك حتى تصير بمنزلة من قد حسر.
والحسير والمحسور الذي قد بلغ الغاية في التعب والإعياء). [معاني القرآن: 3/236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}
قال قتادة {ولا تجعل يدك مغلوله إلى عنقك} أي: لا تمتنع من النفقة في الطاعة {ولا تبسطها كل البسط} أي لا تنفق في معصية فتقعد ملوما محسورا ،
قال عكرمة وقتادة أي نادما
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد فتقعد ملوما قال مذنبا أو آثما محسورا قد انقطع بك
قال أبو جعفر وكذلك المحسور في اللغة يقول حسره السفر إذا انقطع به وكذلك البعير حسير ومحسور إذا انقطع ووقف وهو أشد من الكلال). [معاني القرآن: 4/146-145]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَحْسوراً}: معدماً). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إنّ ربّك يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} [الإسراء: 30]، أي: ويقتر.
وتقتيره على المؤمن نظرًا له.
{إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا} [الإسراء: 30] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {يبسط الرّزق لمن يشاء} يوسّع عليه.

{ويقدر} أي يضيّق عليه). [تفسير غريب القرآن: 254]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقتلوا أولادكم} [الإسراء: 31]، يعني: الموءودة.
{خشية إملاقٍ} [الإسراء: 31] قال قتادة: خشية الفاقة، كان أهل الجاهليّة يقتلون أولادهم خشية الفاقة.
كان أحدهم يقتل ابنته يدفنها حيّةً حتّى تموت؛ مخافة الفاقة، ويغذّي كلبه.
{نحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطأً كبيرًا} [الإسراء: 31] ذنبًا كبيرًا.
قتل النّفس الّتي حرّم اللّه من الكبائر.
وقال الحسن: ذنبًا كبيرًا.
وقال قتادة: إثمًا كبيرًا.
وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خطئاً كبيراً...}

وقرأ الحسن خطاءً كبيراً بالمدّ. وقرأ أبو جعفر المدنيّ {خطأ كبيراً} قصر وهمز. وكلٌّ صواب. وكأنّ الخطأ الإثم. وقد يكون في معنى خطأ بالقصر.
كما قالوا: قتب وقتب، وحذرٌ وحذرٌ، ونجسٌ ونجسٌ. ومثله قراءة من قرأ {هم أولاء على أثري} و{إثري} ). [معاني القرآن: 2/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ} كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفقر وهو الإملاق.
{إنّ قتلهم كان خطئاً كبيراً} إثما وهو اسم من خطأت، وإذا فتحته فهو مصدر كقول أوس بن علفاء الهجيميّ.
دعيني إنّما خطأي وصوبي= علىّ وإن ما أهلكت مال
يريد إصابتي، وخطأت لغتان، زعم يونس عن أبي إسحاق قال: أصل الكلام بناؤه على فعل ثم يبنى آخره على عدد من له الفعل من المؤنث والمذكر من الواحد والإثنين والجميع كقولك: فعلت وفعلنا وفعلن وفعلا وفعلوا، ويزاد في أوله ما ليس من بنائه فيزيدون الألف، كقولك: أعطيت إنما أصلها عطوت، ثم يقولون معطى فيزيدون الميم بدلاً من الألف وإنما أصلها عاطي، ويزيدون في أوساط فعل افتعل وانفعل واستفعل ونحو هذا، والأصل فعل
وإنما أعادوا هذه الزوائد إلى الأصل فمن ذلك في القرآن {وأرسلنا الرّياح لواقح} وإنما يريد الريح ملقحة فأعادوه إلى الأصل ومنه قولهم:
طوّحتني الطّوائح
وإنما هي المطاوح لأنها المطوّحة، ومن ذلك قول العجّاج:
يكشف عن جمّاته دلو الدال
وهي من أدلى دلوه، وكذلك قول رؤبة:
يخرجن من أجواز ليلٍ غاضي
وهي من أغضى الليل أي سكن). [مجاز القرآن: 1/377-375]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ نّحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطئاً كبيراً}
وقال: {إنّ قتلهم كان خطئاً} من "خطئ" "يخطأ" تفسيره: "أذنب" وليس في معنى "أخطأ" لأن ما أخطأت [فيه] ما صنعته خطأً، و[ما] "خطئت" [فيه] ما صنعته عمدا وهو الذنب. وقد يقول ناس من العرب: "خطئت" في معنى "أخطأت".
وقال امرؤ القيس:
يا لهف نفسي إذ خطئن كاهلا = القاتلين الملك الحلاحلا
* ت الله لا يذهب شيخي باطلا *
وقال آخر:
والناس يلحون الأمير إذا هم = خطئوا الصّواب ولا يلام المرشد).
[معاني القرآن: 2/70]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {إن قتلهم كان خطئا كبيرا} بكسر الخاء ويسكن الطاء.
الحسن {كان خطئا} بفتح الخاء مقصور مهموز.
[وزاد محمد بن صالح]
وقرأ ابن كثير {خطاءا} بكسر الخاء ممدود.
ويروى عن الحسن أيضًا "خطاءًا" بفتح الخاء والمد؛ وقد فسرنا ذلك في سورة يوسف.
وبيت أمية على قراءة أبي عمرو:
والخطء فاحشة والبر نافلة = كعجوة غرست في الأرض تؤتبر
وقال عبيد:
والناس يلحون الأمير إذا هم = خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
فقال: خطئوا في معنى أخطؤوا). [معاني القرآن لقطرب: 825]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {خشية إملاق}: إقتار. وقد أملق الرجل إذا ذهب ماله.
{خطأ}: إثما). [غريب القرآن وتفسيره: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطئا كبيرا}
{خشية إملاق} منصوب لأنه مفعول له، والإملاق الفقر، يقال أملق يملق إملاقا.
وكانوا يدفنون البنات إذا ولدن لهم خوفا من الفقر، فضمن اللّه - عزّ وجل - لهم رزقهم، فقال: {نحن نرزقهم وإيّاكم}.
وهي الموءودة، كانوا يدفنون الابنة إذا ولدت حيّة.
وقوله: {إنّ قتلهم كان خطئا كبيرا}، وتقرأ خطا كبيرا.
فمن قال خطئا: بالكسر فمعناه إثما كثيرا، يقال قد خطئ الرجل يخطأ خطئا: أثم يأثم إثما {وخطأ كبيرا} له تأويلان أحدهما معناه إن قتلهم كان غير صواب يقال: قد أخطأ يخطئ إخطاء، وخطأ، والخطأ الاسم من هذا لا المصدر، ويكون الخطأ من خطئ يخطأ خطأ إذا لم يصب مثل لجج يلجج
قال الشاعر:
والناس يلحون الأمير إذا هم= خطئوا الصواب ولا يلام المرشد).
[معاني القرآن: 3/236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} الإملاق الفقر وكانوا يئدون بناتهم). [معاني القرآن: 4/146]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن قتلهم كان خطئا كبيرا} بكسر الخاء والمد
وروى عن الحسن كان خطئا بفتح الخاء والمد قال أبو جعفر وأعرف هذه القراءات عند أهل اللغة كان خطأ كبيرا قال أبن جريج وزعم أنه قوله ابن عباس وهو قول مجاهد الخطأ الخطيئة
قال أبو جعفر وهذا المعروف في اللغة يقال خطئ يخطأ خطأ إذا أثم وتعمد الذنب وقد حكى في المصدر خطأ وأخطأ يخطئ إخطاء والاسم الخطأ إذا لم يتعمد الذنب،
فأما قراءة من قرأ كان خطاء بالكسر والمد والفتح والمد فلا يعرف في اللغة ولا في كلام العرب).[معاني القرآن: 4/148-147]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {خشية إملاق} أي: فقر). [ياقوتة الصراط: 307]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِمْلاقٍ}: فقر.
{خِطْأً}: إثما). [العمدة في غريب القرآن: 182]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقربوا الزّنى إنّه كان فاحشةً وساء سبيلا} [الإسراء: 32] وبئس الطّريق.
وقال السّدّيّ: ويعني: المسلك.
وهو نحوه). [تفسير القرآن العظيم: 1/132]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تقربوا الزّنى} مقصور وقد يمدّ في كلام أهل نجد، قال الفرزدق:

أبا حاضرٍ من يزن يعرف زناؤه= ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكّرا
وقال الفرزدق:
أخضبت عردك للزناء ولم تكن= يوم اللقاء لتخضب الأبطالا
وقال الجعدي:
كانت فريضة ما تقول كما= كان الزناء فريضة الرّجم).
[مجاز القرآن: 1/378-377]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلا}
أي وساء الزنا سبيلا. و{سبيلا} منصوب على التمييز). [معاني القرآن: 3/237]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلا بالحقّ} [الإسراء: 33]
[تفسير القرآن العظيم: 1/132]
- سعيدٌ وهشامٌ، عن قتادة، أنّ عثمان بن عفّان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لا يحلّ دم مسلمٍ إلا بأحد ثلاثٍ: رجلٌ كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسًا متعمّدًا".
- حمّادٌ، عن قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «القتيل دون ماله شهيدٌ».
- المعلّى، عن سماك بن حربٍ، عن قابوس بن المخارق، عن أبيه، أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، الرّجل يعرض لي يريد نفسي ومالي، كيف أصنع به؟ قال: «ناشده اللّه».
قال: نشدته باللّه فلم ينته، قال: «استعد عليه السّلطان».
قال: ليس بحضرتنا سلطانٌ، قال: «استعن عليه المسلمين».
قال: نحن بفلاةٍ من الأرض، ليس قربنا أحدٌ، قال: «فجاهده دون مالك حتّى تمنعه أو تكتب في شهداء الآخرة».
- أشعث، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: «من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيدٌ، ومن قاتل دون نفسه فقتل فهو شهيدٌ، ومن قاتل دون أهله فقتل فهو شهيدٌ.
وكلّ قتيلٍ في جنب اللّه فهو شهيدٌ».
قوله: {ومن قتل مظلومًا} [الإسراء: 33] يعني: المقتول ظلمه القاتل حين قتله بغير حقّه.
تفسير السّدّيّ.
{فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} [الإسراء: 33]
[تفسير القرآن العظيم: 1/133]
قال قتادة: وهو القود إلا أن يعفو الوليّ، أو يرضى بالدّية إن أعطيها.
قوله: {فلا يسرف في القتل} [الإسراء: 33] لا يقتل غير قاتله.
{إنّه كان منصورًا} [الإسراء: 33] ينصره السّلطان حتّى يقيده منه.
حمّادٌ، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، قال: لا يقتل غير قاتله.
وقال حمّادٌ: قال قتادة: من قتل بحديدةٍ قتل بحديدةٍ، ومن قتل بعصًا قتل بعصًا.
وقال سعيدٌ، عن قتادة: من قتل بحديدةٍ قتل بحديدةٍ، ومن قتل بخشبةٍ قتل بخشبةٍ، ومن قتل بحجرٍ قتل بحجرٍ.
- الحسن، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا قود إلا بالسّيف».
وبعضهم يقول: {إنّه كان منصورًا} [الإسراء: 33] يعني في الآخرة، يعني الّذي يعدى عليه فقتل وليس هو قاتل الأوّل ينصر على الّذي تعدّى عليه فقتله). [تفسير القرآن العظيم: 1/134]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً...}

في الاقتصاص أو قبول الدّية. ثم قال: {فلا يسرف فّي القتل} فقرئت بالتّاء والياء. فمن قال بالياء ذهب إلى الوليّ أي لا يقتلنّ غير قاتله. يقول فلا يسرف لوليّ في القتل.
... وحدثني غير واحد، منهم مندل وجرير وقيس عن مغيرة عن إبراهيم عن أبي معمر عن حذيفة بن اليمان أنه قرأ (فلا تسرف) بالتاء.
وفي قراءة أبيّ (فلا يسرفوا في القتل).
وقوله: {إنّه كان منصوراً} يقال: إن وليّه كان منصوراً. ويقال الهاء للدم. إن دم المقتول كان منصوراً لأنه ظلم.
وقد تكون الهاء للمقتول نفسه، وتكون للقتل لأنه فعل فيجري مجرى الدم والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 2/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل} جزمه بعضهم على مجاز النهى، كقولك: فلا يسرفن في القتل أي يمثل به ويطول عليه العذاب، ويقول بعضهم {فلا يسرف في القتل} فيرفعه على مجاز الخبر كقولك: إنه ليس في قتل ولي المقتول الذي قتل ثم قتل هو به سرفٌ.
{إنّه كان منصوراً} مجازه من النصر، أي يعان ويدفع إليه حتى يقتله بمقتوله). [مجاز القرآن: 1/378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلا يسرف في القتل} أي: لا تمثّل إذا قتلت بالقود، ولا تقتل غير قاتلك). [تفسير غريب القرآن: 254]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليّه سلطانا فلا يسرف في القتل إنّه كان منصورا}
حرّم اللّه قتل المؤمن إلّا أن يرتدّ بعد إيمانه، أو يقتل مؤمنا متعمّدا، أو يزني بعد إحصان.
كذلك قال قتادة في تفسير هذه الآية.
{ومن قتل مظلوما} أي من غير أن يأتي بواحدة من هذه الثلاث.
{فقد جعلنا لوليّه سلطانا} الأجود إدغام الدال في الجيم، والإظهار جيّد بالغ، لأنّ الجيم من وسط اللسان، والدال من طرف اللسان، والإدغام جائز لأنّ حروف وسط اللسان قد تقرب من حروف طرف اللسان.
ووليه الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه..
فإن لم يكن له ولي فالسلطان وليه.
و " سلطانا " أي حجة.
وقوله: {فلا يسرف في القتل}.
القراءة الجزم على النهي، ويقرأ بالياء والتاء جميعا، وتقرأ فلا يسرف بالرفع. والإسراف في القتل قد اختلف فيه.
فقال أكثر الناس: الإسراف أن يقتل الوليّ غير قاتل صاحبه.
وقيل: الإسراف أن يقتل هو القاتل دون السّلطان، وكانت العرب إذا قتل منها السيد وكان قاتله خسيسا لم يرضوا بأن يقتل قاتله وربما لم يرضوا أن يقتل واحد بواحد حتى تقتل جماعة بواحد.
وقوله: {إنّه كان منصورا} أي أن القتيل إذا قتل بغير حق فهو منصور في الدنيا والآخرة، فأما نصرته في الدنيا فقتل قاتله، وأما في الآخرة فإجزال الثواب له، ويخلّد قاتله في النّار،
ومن قرأ فلا يسرف - في القتل - بالرفع - فالمعنى أن وليّه ليس بمسرف في القتل إذا قتل قاتله ولم يقبل الدية). [معاني القرآن: 3/238-237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} بين هذا الحديث لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال شرك بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس). [معاني القرآن: 4/148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا} اختلف المتقدمون من العلماء في السلطان الذي جعل للولي
فروى خصيف عن مجاهد قال حجته التي جعلت له أن يقتل قاتله وذهب جماعة من العلماء إلى أن هذا هو السلطان الذي جعل له وأنه ليس له أن يأخذ الدية إلا أن يشاء القاتل وقال الضحاك في السلطان الذي جعل له إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا
والقول عند أهل المدينة وأهل الكوفة قول مجاهد إن السلطان ههنا القود خاصة لا ما سواه
وذهب الشافعي رحمه الله إلى قول الضحاك غير أنه قال كان يستحق إذا عفا أخذ الدية أشترط ذلك أو لم يشترطه والحجة له فمن عفي له من أخيه شيء والحديث ولي المقتول بأحد النظرين). [معاني القرآن: 4/150-148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فلا يسرف في القتل}
روى خصيف عن مجاهد قال لا يقتل غير قاتله وروى منصور عن طلق بن حبيب قال لا تقتل غير قاتلك ولا تمثل به وروى خصيف عن سعيد بن جبير قال لا يقتل اثنين بواحد وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال لا يقتل أبا القاتل ولا ابنه وقرأ حذيفة {فلا تسرف في القتل} بالتاء
وروى العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال هو للقاتل الأول والمعنى عنده على هذا فلا تسرف أيها القاتل). [معاني القرآن: 4/151-150]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إنه كان منصورا} روى ابن كثير عن مجاهد قال إن المقتول كان منصورا ومعنى قوله إن الله نصره بوليه
وروى أنه في قراءة أبي فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا
قال أبو جعفر الأبين بالياء وتكون للولي لأنه إنما يقال لا يسرف لمن كان له أن يقتل فهذا للولي
وقد يجوز بالتاء ويكون للولي أيضا إلا أنه يحتاج فيه إلى تحويل المخاطبة). [معاني القرآن: 4/152-151]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فلا يسرف في القتل} أي لا يمثل إذا قتل بالقود، ولا يقتل غير قاتله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 136]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:34 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: {ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين}. وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:
ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب تغيير الأفعال للنونين الخفيفة والثقيلة
اعلم أن الأفعال - مرفوعةً كانت أو منصوبةً أو مجزومةً - فإنها تبنى مع دخول النون على الفتحة؛ وذلك أنها والنون كشيء واحد، فبنيت مع النون بناء خمسة عشر. ولم تسكن لعلتين: إحداهما: أن النون الخفيفة ساكنة، والثقيلة نونان، الأولى منهما ساكنة، فلو أسكنت ما قبلها لجمعت بين ساكنين. والعلة الأخرى: أنك حركتها؛ لتجعلها مع النون كالشيء الذي يضم ليع غيره، فيجعلان شيئاً واحداً؛ نحو: بيت بيت، وخمسة عشر. وإنما اختاروا الفتحة؛ لأنها أخف الحركات. وذلك قولك للرجل: هل تضربن زيدا? والله لتضربن زيدا. فالفعلان مرفوعان. وتقول في الموقوف، والمجزوم: اضربن زيدا، ولا تضربن عمرا، وإما تغزون زيدا أغزه. كما قال عز وجل: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك} ). [المقتضب: 3/19]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:
ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي:
أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:
فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (ثم العنق ويقال العنق بضمتين، وهو العنق، والجيد، والهادي، والتليل، والرقبة، والكرد يقال اضرب كرده، قال الأصمعي الكرد فارسي كأنه من قولهم كردن، قال الشاعر:
واضرب بحد السيف عظم كرده
قال الأصمعي: الجيد اسم يقع على طول العنق يقال رجل أجيد وامرأة جيداء). [خلق الإنسان: 198] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب الاقتصاد في الإنفاق والإعطاء
قال اللّه عز وجل: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}، وقال عز وجل: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا}.
حدّثني أحمد بن الخليل عن مسلم بن إبراهيم عن سكين بن عبد العزيز بن مسلم عن أبي الأحوص عن عبد الله قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " ما عال مقتصدٌ ".
وحدّثني أيضا عن مسلم قال: حدّثنا أبو قدامة الحارث بن عبيد قال: حدّثنا برد بن سنان عن الزهري قال: قال أبو الدرداء: حسن التقدير في المعيشة أفضل من نصف الكسب، ولقط حبا منثورًا وقال: إن فقه الرجل رفقه في معيشته). [عيون الأخبار: 3/331]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (لأن تخطئ في العلم أيسر من أن تخطأ في الدين يقال قد خطئت إذا أثمت فأنا أخطأ خطئا وأنا خاطئ قال الله عز وجل: {إنه كان خطئا كبيرا} وقال أيضا: {كنا خاطئين} أي آثمين وقال أبو عبيدة يقال أخطأ وخطئ لغتان وأنشد:
(يا لهف هند إذا خطئن كاهلا)
أي: أخطأن كاهلا قال ويقال في مثل مع الخواطئ سهم صائب يضرب للذي يكثر الخطأ أو يأتي الأحيان بالصواب). [إصلاح المنطق: 293-294]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما قوله:
ومنّا الذي منع الوائدات
فإنه يعني جدّه صعصعة بن ناجية بن عقالٍ، وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات، ولم يكن هذا في جميعها إنما كان في تميم بن مرّة ثم استفاض في جيرانهم، فهذا قول واحد. وقال قوم آخرون: بل كان في تيم وقيس وأسدٍ وهذيل وبكر بن وائل، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللّهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف". وقال بعض الرواة: "اشدد وطدتك"، والمعنى قريب يرجع إلى الثّقل، فأجدبوا سبع سنين حتى أكلوا الوبر بالدم، فكانوا يسمونه العلهز، ولهذا أبان الله عز وجل تحريم الدم، ودلّ على ما من أجله قتلوا البنات فقال: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}، وقال: {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ}، فهذا خبرٌ بيّن أن ذلك للحاجة، وقد روى بعضهم أنهم إنما فعلوا ذلك أنفةً). [الكامل: 2/604-605]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) }

تفسير قوله تعالى:{(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:11 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:11 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 10:14 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإما تعرضن} الآية. الضمير في "عنهم" عائد على من تقدم ذكره من المساكين وبني السبيل، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية -إذا سأله منهم أحد فلم يجد عنده ما يعطيه، فقابله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعراض تأدبا منه في أن لا يرده تصريحا، وانتظارا لرزق من الله تعالى يأتي فيعطي منه -أن يكون يؤنسه بالقول الميسور، وهو الذي فيه الترجية بفضل الله، والتأنيس بالميعاد الحسن، والدعاء في توسعة الله تعالى وعطائه. وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول بعد نزول هذه الآية -إذا لم يكن عنده ما يعطي-: "يرزقنا الله وإياكم من فضله"، فالرحمة -على هذا التأويل- الرزق المنتظر، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقال ابن زيد: الرحمة: الأجر والثواب، وإنما نزلت الآية في قوم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأبى أن يعطيهم، لأنه كان يعلم منهم نفقة المال في فساد، فكان يعرض عنهم رغبة الأجر في منعهم، لئلا يعينهم على فسادهم، فأمره الله تبارك وتعالى بأن يقول لهم قولا ميسورا يتضمن الدعاء في الفتح لهم والإصلاح.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقال بعض أهل التأويل الأول: نزلت الآية في عمار بن ياسر وصنفه، و"الميسور" مفعول من لفظة اليسر، تقول: يسرت لك كذا إذا أعددته). [المحرر الوجيز: 5/466]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة} الآية. روي عن قالون: "كل البصط" بالصاد، ورواه الأعشى عن أبي بكر، واستعير لليد المقبوضة جملة عن الإنفاق المتصفة بالبخل الغل إلى العنق، واستعير لليد التي تستنفد جميع ما عندها غاية البسط، ضد الغل، وكل هذا في إنفاق الخير، وأما إنفاق الفساد فقليله وكثيره حرام.
وهذه الآية ينظر إليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل البخيل والمتصدق.." الحديث بكماله. والملامة هنا لاحقة ممن يطلب من المستحقين فلا يجد ما يعطي. و"المسحور": المقعد الذي قد استنفدت قوته، تقول: حسرت البعير إذا أتعبته حتى لم تبق له قوة، فهو حسير، ومنه قول الشاعر:
لهن الوجا لم كن عونا على السرى ... ولا زال منها طالع وحسير
ومنه: البصر الحسير، وهو الكال. وقال ابن جريج وغيره في معنى هذه الآية: لا تمسك عن النفقة فيما أمرتك به من الحق، ولا تبسطها كل البسط فيما نهيتك عنه. وقال قتادة: التبذير: النفقة في معصية، وقال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في حق لم يكن تبذيرا، ولو أنفق مدا في باطل كان تبذيرا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا فيه نظر، ولا يعطي البسط معنى لم يبح فيما نهي عنه، ولا يقال في المعصية:
[المحرر الوجيز: 5/467]
"ولا تبذر"، وإنما يقال: "ولا تنفق ولو باقتصاد وقوام"، ولله در ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهما فإنهما قالا: "التبذير: الإنفاق في غير حق"، فهذه عبارة تعم المعصية والسرف المباح، وإنما نبهت هذه الآية على استفراغ الجهد فيما يطرأ أولا من سؤال المؤمنين; لئلا يبقى من يأتي بعد ذلك لا شيء له، ولئلا يضيع المنفق عيالا، ونحوه ومن كلام الحكمة: "ما رأيت قط سرفا إلا ومعه حق مضيع"، وهذه من آيات فقه الحال، ولا يبين حكمها إلا باعتبار شخص من الناس). [المحرر الوجيز: 5/468]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله: {إن ربك يبسط الرزق}، المعنى: كن أنت يا محمد على ما رسم لك من الاقتصاد وإنفاق القوام، ولا يهمنك فقر من تراه كذلك، فإنه بمرأى من الله وبمسمع، وبمشيئة. و"يقدر" معناه: يضيق.
وقوله تعالى: {إنه كان بعباده خبيرا بصيرا}، أي: يعلم مصلحة قوم في الفقر، ويعلم مصلحة آخرين في الغنى. وقال بعض المفسرين -وحكاه الطبري -: إن الآية إشارة إلى حال العرب التي كانت يصلحها الفقر، وكانت إذا شبعت طغت وقتلت غيرها وأغارت، وإذا كان الجوع والقحط شغلهم). [المحرر الوجيز: 5/468]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا}
قرأ الأعمش، وابن وثاب: "ولا تقتلوا" بتضعيف الفعل.
وهذه الآية نهي عن الوأد الذي كانت العرب تفعله، وهو قوله تعالى: {وإذا الموءودة سئلت}، ويقال: كان جهلهم يبلغ إلى أن يغز واحد منهم كلبه ويقتل ولده، و"خشية" نصب على المفعول من أجله، و"الإملاق": الفقر وعدم المال، أملق الرجل: لم يبق له إلا الملقات، وهي الحجارة العظام الملس السود. وقرأ الجمهور: "خطئا" بكسر الخاء وسكون الطاء، وبالهمز والقصر، وقرأ ابن عامر: "خطأ" بفتح
[المحرر الوجيز: 5/468]
الخاء والطاء والهمزة مقصورة، وهي قراءة أبي جعفر، وهاتان قراءتان مأخوذتان من: خطئ إذا أتى الذنب على عمد، فهي: كحذر وحذر ومثل ومثل وشبه وشبه اسم ومصدر، ومنه قول الشاعر:
الخطء فاحشة والبر نافلة ... كعجوة غرست في الأرض تؤتبر
قال الزجاج: خطئ الرجل يخطأ خطئا، مثل: أثم يأثم إثما، فهذا هو المصدر، وخطأ اسم منه، وقال بعض العلماء: خطئ معناه واقع الذنب مع التعمد، وأخطأ إذا واقعة من غير تعمد، ومنه قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، وقال أبو علي الفارسي: وقد يقع هذا موضع هذا وهذا موضع هذا، فأخطأ بمعنى تعمد في قول الشاعر:
عبادك يخطئون وأنت رب ... كريم لا يليق بك الذموم
وخطئ بمعنى لم يتعمد في قول الآخر:
والناس يلحون الأمير إذا هم ... خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
[المحرر الوجيز: 5/469]
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "خطأ" بفتح الخاء وسكون الطاء وهمزه، وقرأ ابن كثير: "خطاء" بكسر الخاء وفتح الطاء ومد الهمزة، وهي قراءة الأعرج بخلاف- وطلحة، وشبل، والأعمش، وعيسى، وخالد بن إلياس، وقتادة، والحسن بخلاف-، قال النحاس: ولا أعرف لهذه القراءة وجها، وكذلك جعلها أبو حاتم غلطا، قال أبو علي الفارسي: هي مصدر من خاطأ يخاطئ وإن كنا لم نجد خاطأ، ولكن وجدنا تخاطأ، وهو مطاوع خاطأ، فدلنا عليه، ومنه قول الشاعر:
تخطأت النبل أحشاءه ... وأخر يومي فلم أعجل
وقول الآخر في صفة كمأة:
تخاطأه القناص حتى وجدته ... وخرطومه في منقع الماء راسب
فكأن هؤلاء الذين يقتلون أولادهم يخاطئون الحق والعدل. وقرأ الحسن -فيما روي عنه-: "خطاء" بفتح الخاء والطاء والمد في الهمزة. قال أبو حاتم: لا يعرف هذا
[المحرر الوجيز: 5/470]
في اللغة، وهو غلط غير جائز، وليس كما قال أبو حاتم، قال أبو الفتح: الخطاء من "أخطأت" بمنزلة العطاء من "أعطيت"، هو اسم بمعنى المصدر. وقرأ الحسن بخلاف-: "خطأ" بفتح الخاء والطاء منونة من غير همز. وقرأ أبو رجاء، والزهري: "خطا" بكسر الخاء وفتح الطاء كالتي قبلها، وهاتان مخففتان من: خطأ وخطأ). [المحرر الوجيز: 5/471]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا} تحريم، والزني يمد ويقصر، فمن قصره الآية، وهي لغة جميع كتاب الله، ومن مده قول الفرزدق:
أبا حازم من يزن يعرف زناؤه ... ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا
ويروى: أبا خالد، و"الفاحشة": ما يستتر به من المعاصي لقبحه.
و"سبيلا" نصب على التمييز، التقدير: وساء سبيله سبيلا، أي لأنه يؤدي إلى النار). [المحرر الوجيز: 5/471]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تقتلوا} وما تقدم قبله من الأفعال جزم بالنهي.
وذهب الطبري إلى أنها عطف على قوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}، والأول أصوب وأبرع للمعنى.
والألف واللام التي في "النفس" هي للجنس، و"الحق" الذي تقتل به النفس هو ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا يحل دم المسلم إلا إحدى ثلاث خصال: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس أخرى".
[المحرر الوجيز: 5/471]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وتتصل بها أشياء هي راجعة إليها، فمنها قطع الطريق لأنه في معنى قتل النفس، وهي الحرابة، ومن ذلك الزندقة، ومسألة ترك الصلاة لأنها في معنى الكفر بعد الإيمان، ومنه قتل أبي بكر رضي الله عنه منعة الزكاة، وقتل من امتنع في المدن من فروض الكفاية.
وقوله تعالى: "مظلوما" نصب على الحال، ومعناه: بغير هذه الوجوه المذكورة.
و "الولي: القائم بالدم وهو من ولد الميت، أو ولده الميت، أو جمعه وإياه أب، ولا مدخل للنساء في ولاية الدم عند جماعة من العلماء، ولهن ذلك عند أخرين. و"السلطان": الحجة والملك الذي جعل إليه من التخيير في قبول الدية أو العفو، قاله ابن عباس والضحاك. وقال قتادة: "السلطان": القود.
وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم: "فلا يسرف" بالياء، وهي قراءة الجمهور، أي الولي، لا يتعدى أمر الله، والتعدي هو أن يقتل غير قاتل وليه من سائر القبيلة، أو يقتل اثنين بواحد، وغير وذلك من وجوه التعدي، وهذا كله كانت العرب تفعله، فلذلك وقع التحذير منه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أعتى الناس على الله ثلاثة: رجل قتل غير قاتل وليه، أو قتل بدحن الجاهلية، أو قتل في حرم الله"، وقالت فرقة: المراد بقوله تعالى: {فلا يسرف} القاتل الذي يتضمنه الكلام، والمعنى: فلا يكن أحد من المسرفين بأن يقتل نفسا، فإنه يحصل في سياق هذا الحكم. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: "فلا تسرف" بالتاء من فوق، وهي قراءة حذيفة، ويحيى بن وثاب، ومجاهد -بخلاف والأعمش، وجماعة. قال الطبري: على معنى الخطاب للنبي عليه السلام ولأمته بعده، أي: فلا تقتلوا غير القاتل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويصح أن يراد به الولي، أي: فلا تسرف أيها الولي في قتل أحد متحصل في هذا
[المحرر الوجيز: 5/472]
الحكم. وقرأ أبو مسلم السراج صاحب الدعوة العباسية: "فلا يسرف" بضم الفاء، على معنى الخبر لا على معنى النهي. والمراد على هذا التأويل- الولي فقط.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي الاحتجاج بأبي مسلم في القراءة نظر. وفي قراءة أبي بن كعب "فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا". والضمير في قوله تعالى: "إنه" عائد على الولي، وقيل: على المقتول، وهو عندي أرجح الأقوال; لأنه المظلوم، ولفظة النصر تقابل أبدا الظلم، كقوله عليه الصلاة والسلام: "ونصر المظلوم وإبرار القسم"، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، إلى كثير من الأمثلة. وقيل: على القتل، وقال أبو عبيد: على القاتل; لأنه إذا قتل في الدنيا وخلص بذلك من عذاب الآخرة فقد نصر.
[المحرر الوجيز: 5/473]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف بعيد المقصد.
وقال الضحاك: هذه أول ما نزل من القرآن بشأن القتل، وهي مكية). [المحرر الوجيز: 5/474]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 04:34 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 04:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله [تعالى] {وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها فقل لهم قولا ميسورًا} أي: وإذا سألك أقاربك ومن أمرنا بإعطائهم وليس عندك شيءٌ، وأعرضت عنهم لفقد النّفقة {فقل لهم قولا ميسورًا} أي: عدهم وعدًا بسهولةٍ، ولينٍ إذا جاء رزق اللّه فسنصلكم إن شاء اللّه، هكذا فسّر قوله {فقل لهم قولا ميسورًا} بالوعد: مجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والحسن، وقتادة وغير واحد).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 69]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملومًا محسورًا (29) إنّ ربّك يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا (30)}.
يقول تعالى آمرًا بالاقتصاد في العيش ذامًّا للبخل ناهيًا عن السّرف: {ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك} أي: لا تكن بخيلًا منوعًا، لا تعطي أحدًا شيئًا، كما قالت اليهود عليهم لعائن اللّه: {يد اللّه مغلولةٌ} [المائدة: 64] أي نسبوه إلى البخل، تعالى وتقدّس الكريم الوهّاب.
وقوله: {ولا تبسطها كلّ البسط} أي: ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتخرج أكثر من دخلك، فتقعد ملومًا محسورًا.
وهذا من باب اللّفّ والنّشر أي: فتقعد إن بخلت ملومًا، يلومك النّاس ويذمّونك ويستغنون عنك كما قال زهير بن أبي سلمى في المعلّقة:
ومن كان ذا مالٍ ويبخل بماله = على قومه يستغن عنه ويذمم
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك، قعدت بلا شيءٍ تنفقه، فتكون كالحسير، وهو: الدّابّة الّتي قد عجزت عن السّير، فوقفت ضعفًا وعجزًا فإنّها تسمّى الحسير، وهو مأخوذٌ من الكلال، كما قال تعالى: {فارجع البصر هل ترى من فطورٍ ثمّ ارجع البصر كرّتين ينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسيرٌ} [الملك: 3، 4] أي: كليلٌ عن أن يرى عيبًا. هكذا فسّر هذه الآية -بأنّ المراد هنا البخل والسّرف -ابن عبّاسٍ والحسن وقتادة وابن جريجٍ وابن زيدٍ وغيرهم.
وقد جاء في الصّحيحين، من حديث أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "مثل البخيل والمنفق، كمثل رجلين عليهما جبّتان من حديدٍ من ثدييهما إلى تراقيهما. فأمّا المنفق فلا ينفق إلّا سبغت -أو: وفرت - على جلده، حتّى تخفي بنانه وتعفو أثره. وأمّا البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلّا لزقت كلّ حلقةٍ مكانها، فهو يوسّعها فلا تتّسع".
هذا لفظ البخاريّ في الزّكاة.
وفي الصّحيحين من طريق هشام بن عروة، عن زوجته فاطمة بنت المنذر، عن جدّتها أسماء بنت أبي بكرٍ قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنفقي هكذا وهكذا وهكذا، ولا توعي فيوعي اللّه عليك، ولا توكي فيوكي اللّه عليك" وفي لفظٍ: "ولا تحصي فيحصي اللّه عليك".
وفي صحيح مسلمٍ من طريق عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن همّامٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه قال لي: أنفق أنفق عليك".
وفي الصّحيحين من طريق معاوية بن أبي مزرّد، عن سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من يومٍ يصبح العباد فيه إلّا وملكان ينزلان من السّماء يقول أحدهما: اللّهمّ أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللّهمّ أعط ممسكًا تلفًا".
وروى مسلمٌ، عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفرٍ، عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما نقص مالٌ من صدقةٍ، وما زاد اللّه عبدًا بعفوٍ إلّا عزًّا ومن تواضع للّه رفعه اللّه".
وفي حديث أبي كثيرٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو مرفوعًا: "إيّاكم والشّح، فإنّه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا".
وروى البيهقيّ من طريق سعدان بن نصرٍ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، [عن ابن بريدة] عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما يخرج رجلٌ صدقةً، حتّى يفكّ لحيى سبعين شيطانًا".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو عبيدة الحدّاد، حدّثنا سكين بن عبد العزيز، حدّثنا إبراهيم الهجريّ، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعوده قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما عال من اقتصد"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 70-71]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله [تعالى] {إنّ ربّك يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} إخبارٌ أنّه تعالى هو الرّزّاق، القابض الباسط، المتصرّف في خلقه بما يشاء، فيغني من يشاء، ويفقر من يشاء، بما له في ذلك من الحكمة؛ ولهذا قال: {إنّه كان بعباده خبيرًا بصيرًا} أي: خبيرٌ بصيرٌ بمن يستحقّ الغنى ومن يستحقّ الفقر، كما جاء في الحديث: "إنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه، وإنّ من عبادي لمن لا يصلحه إلّا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه".
وقد يكون الغنى في حقّ بعض النّاس استدراجًا، والفقر عقوبةً عياذًا باللّه من هذا وهذا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 71]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ نحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطئًا كبيرًا (31)}
هذه الآية الكريمة دالّةٌ على أنّ اللّه تعالى أرحم بعباده من الوالد بولده؛ لأنّه ينهى [تعالى] عن قتل الأولاد، كما أوصى بالأولاد في الميراث، وكان أهل الجاهليّة لا يورّثون البنات، بل كان أحدهم ربّما قتل ابنته لئلّا تكثر عيلته، فنهى اللّه [تعالى] عن ذلك فقال: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ} أي: خوف أن تفتقروا في ثاني الحال؛ ولهذا قدّم الاهتمام برزقهم فقال: {نحن نرزقهم وإيّاكم} وفي الأنعام {ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ} أي: من فقرٍ {نحن نرزقكم وإيّاهم} [الأنعام: 151].
وقوله: {إنّ قتلهم كان خطئًا كبيرًا} أي: ذنبًا عظيمًا.
وقرأ بعضهم: "كان خطأً كبيرًا" وهو بمعناه.
وفي الصّحيحين عن عبد اللّه بن مسعودٍ: قلت: يا رسول اللّه، أيّ الذّنب أعظم؟ قال: "أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك". قلت:ثمّ أيّ؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: "أن تزاني بحليلة جارك"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 71-72]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشةً وساء سبيلا (32)}.
يقول تعالى ناهيًا عباده عن الزّنا وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه ودواعيه {ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشةً} أي: ذنبًا عظيمًا {وساء سبيلا} أي: وبئس طريقًا ومسلكًا.
وقد قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا جريرٌ، حدّثنا سليم بن عامرٍ، عن أبي أمامة قال: إنّ فتًى شابًّا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، ائذن لي بالزّنا. فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مًه مه. فقال: "ادنه". فدنا منه قريبًا فقال اجلس". فجلس، قال: "أتحبّه لأمّك؟ " قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداك. قال: "ولا النّاس يحبّونه لأمّهاتهم". قال: "أفتحبّه لابنتك"؟ قال: لا واللّه يا رسول اللّه، جعلني اللّه فداك. قال: "ولا النّاس يحبّونه لبناتهم"، قال: "أتحبّه لأختك"؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداك. قال: "ولا النّاس يحبّونه لأخواتهم"، قال: "أفتحبّه لعمّتك"؟ قال: لا واللّه جعلني اللّه فداك. قال: "ولا النّاس يحبّونه لعمّاتهم" قال: "أفتحبّه لخالتك"؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداك. قال: "ولا النّاس يحبّونه لخالاتهم" قال: فوضع يده عليه وقال: "اللّهمّ اغفر ذنبه وطهّر قلبه وحصّن فرجه" قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيءٍ.
وقال ابن أبي الدّنيا: حدّثنا عمّار بن نصرٍ، حدّثنا بقيّة، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الهيثم بن مالك الطائي، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من ذنبٍ بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجلٌ في رحمٍ لا يحلّ له"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 72-73]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلا بالحقّ ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا فلا يسرف في القتل إنّه كان منصورًا (33)}
يقول تعالى ناهيًا عن قتل النّفس بغير حقٍّ شرعيٍّ، كما ثبت في الصّحيحين؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يحلّ دم امرئٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه إلّا بإحدى ثلاثٍ: النّفس بالنّفس، والزّاني المحصن، والتّارك لدينه المفارق للجماعة".
وفي السّنن: "لزوال الدّنيا أهون عند اللّه من قتل مسلمٍ ".
وقوله: {ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا} أي: سلطةً على القاتل، فإنّه بالخيار فيه إن شاء قتله قودًا، وإن شاء عفا عنه على الدّية، وإن شاء عفا عنه مجّانًا، كما ثبتت السّنّة بذلك. وقد أخذ الإمام الحبر ابن عبّاسٍ من عموم هذه الآية الكريمة ولاية معاوية السّلطنة، وأنّه سيملك؛ لأنّه كان وليّ عثمان، وقد قتل عثمان مظلومًا، رضي اللّه عنه، وكان معاوية يطالب عليًّا، رضي اللّه عنه، أن يسلمه قتلته حتّى يقتصّ منهم؛ لأنّه أمويٌّ، وكان عليٌّ، رضي اللّه عنه، يستمهله في الأمر حتّى يتمكّن ويفعل ذلك، ويطلب عليٌّ من معاوية أن يسلمه الشّام فيأبى معاوية ذلك حتّى يسلمه القتلة، وأبى أن يبايع عليًّا هو وأهل الشّام، ثمّ مع المطاولة تمكّن معاوية وصار الأمر إليه كما تفاءل ابن عبّاسٍ واستنبط من هذه الآية الكريمة. وهذا من الأمر العجب وقد روى ذلك الطّبرانيّ في معجمه حيث قال:
حدّثنا يحيى بن عبد الباقي، حدّثنا أبو عمير بن النّحّاس، حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ الورّاق، عن زهدم الجرمي قال: كنّا في سمر ابن عبّاسٍ فقال: إنّي محدّثكم حديثًا ليس بسرٍّ ولا علانيةٍ؛ إنّه لمّا كان من أمر هذا الرّجل ما كان -يعني عثمان -قلت لعليٍّ: اعتزل فلو كنت في جحرٍ طلبت حتّى تستخرج، فعصاني، وايم اللّه ليتأمّرنّ عليكم معاوية، وذلك أنّ اللّه تعالى يقول: {ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليّه سلطانًا فلا يسرف في القتل} الآية وليحملنّكم قريشٌ على سنّة فارس والرّوم وليقيمنّ عليكم النّصارى واليهود والمجوس، فمن أخذ منكم يومئذٍ بما يعرف نجا، ومن ترك وأنتم تاركون، كنتم كقرنٍ من القرون، هلك فيمن هلك.
وقوله [تعالى] {فلا يسرف في القتل} قالوا: معناه: فلا يسرف الوليّ في قتل القاتل بأن يمثّل به أو يقتص من غير القاتل.
وقوله: {إنّه كان منصورًا} أي أنّ الوليّ منصورٌ على القاتل شرعًا، وغالبًا قدرًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 73-74]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة