كلام إسماعيلُ بنُ عمرَ ابنُ كثيرٍ القُرَشيُّ (ت:774هـ)
قال إسماعيلُ بنُ عمرَ ابنُ كثيرٍ القُرَشيُّ (ت:774هـ): (قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده , فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن , وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن , فيذهب كثير من القرآن , وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن .قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ .قال عمر: هذا والله خير؟ , فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك , ورأيت في ذلك الذي رأى عمر .قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب, عاقل , لا نتهمك , وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فتتبع القرآن فاجمعه.فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان على أثقل مما أمرني به من جمع القرآن .قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.قال: هو والله خير .فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , فتتبعت القرآن أجمعه من العسب , واللخاف , وصدور الرجال , ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}حتى خاتمة براءة .فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله , ثم عند عمر حياته , ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهم .
وقد روى البخاري هذا في غير موضع من كتابه, ورواه الإمام أحمد, والترمذي, والنسائي من طرق عن الزهري به, وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق رضي الله عنه؛ فإنه أقامه الله تعالى بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد من بعده: قاتل الأعداء من ما نعي الزكاة, والمرتدين, والفرس, والروم, ونفذ الجيوش, وبعث البعوث والسرايا, ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه, وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله , وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فجمع الصديق الخير, وكف الشرور رضي الله عنه وأرضاه؛ ولهذا روى عن غير واحد من الأئمة منهم: وكيع وابن زيد, وقبيصة, عن سفيان الثوري, عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير, عن عبد خير, عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر, إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين . هذا إسناد صحيح). [فضائل القرآن: ](م)