العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:04 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (142) إلى الآية (145) ]

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم: [مِنْ قَبْلِ أَنْ تُلاقُوه].
قال أبو الفتح: وجه ذلك أنك إذا لقيتَ الشيء فقد لقيَك هو أيضًا، فلما كان كذلك دخله معنى المفاعلة؛ كالمضاربة والمقاتلة، وقد جاء ذلك عينه في هذه اللفظة عينها، قالت امرأة:
هل الَّا الموت يغلي غاليهْ ... مختلطًا سافله بعاليهْ
لا بد يومًا أنني ملاقيهْ
فأما ما قرأته على أبي علي في نوادر أبي زيد من قوله:
فارقَنا قبل أن نفارقه ... لما قضى من جماعنا وطَرا
[المحتسب: 1/167]
فظاهره إلى التناقض؛ لأنا إذا فارقَنا فقد فارقْناه لا محالة، فما معنى قوله بعد: قبل أن نفارقه؟ وهو عندنا على إقامة المسبب مقام السبب في تفسيره: فارقَنا قبل أن نريد فراقه، فوضع المفارقة وهي المسبب موضع الإرادة لها وهي السبب؛ وذلك لقرب أحدهما من صاحبه.
ومثله قوله الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} أي: إذا أردت القراءة، وهو كثير قد مر في هذا الكتاب، وقد أفردنا له في الخصائص بابًا قائمًا برأسه). [المحتسب: 1/168]

قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة حطان بن عبد الله: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُل]، وكذلك هي في مصحف ابن مسعود.
قال أبو الفتح: هذه القراءة حسنة في معناها؛ وذلك أنه موضع اقتصاد بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وإعلام أنه لا يلزم ذمته ممن يخالفه تبعة؛ لقوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}، وقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، وقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، وقوله: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}.
ومعلوم أن "إنما" موضوعة للاقتصاد والتقليد، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}؟ فهذا كقوله: {مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}، وقوله: {وَقَلِيل مَا هُمْ}، وقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}. فلما كان موضع اقتصاد به، وفكٍّ ليد الذم عن ذمته، وكان من مضى من الأنبياء -عليهم السلام- في هذا المعنى مثله، لاق بالحال تنكير ذكرهم بقوله: [قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلُ].
وذلك أن التنكير ضرب من الكف والتصغير، كما أن التعريف ضرب من الإعلام والتشريف، ألا ترى إلى قوله:
فمن أنتم إنانسينا من أنتم ... وريحكم من أي ريح الأعاصر
[المحتسب: 1/168]
فأين هذا من قوله:
هذا الذي تَعْرِف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم؟
ولهذا قال:
من حديث نَمَى إليَّ فما أطـ ... ـعَمُ غُمْضًا ولا ألذ شرابي
فنكَّر الغمض احتقارًا له إذ كان لا يعرفه، وعرَّف الشراب إذ كان لا بد أن يشرب وإن قل. قال:
على كل حال يأكل المرء زادَه ... من الضر والبأساء والحدَثان
ولأجل ذلك لم تندب العرب المبهم ولا النكرة لاحتقارها، وإنما تندب بأشهر أسماء المندوب؛ ليكون ذلك عذرًا لها في اختلاطها وتفجعها، ويؤكده أيضًا قوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}، فجرى قوله سبحانه: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ رُسُلُ] مجرى قولك لصاحبك: اخدم كما خَدَمَنَا غيرُك من قبلك ولا تبعة عليك بعد ذلك، فهذا إذن موضع إسماح له، فلا بد إذن من إلانة ذكره، وعليه جاء قوله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ} فأضاف سبحانه من عذرهم، وأعلَمَ ألا متعلق عليه بشيء من أمرهم، فلهذا حسن تنكير "رسل" هاهنا، والله أعلم.
وأما من قرأ: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} فوجه تعريفهم ومعناه: أنكم قد عرفتم حال مَن قبله من الرسل في أنهم لم يطالبوا بأفعال مَن خالفهم، وكذلك هو صلى الله عليه وسلم، فلما كان موضع تنبيه لهم كان الأليق به أو يومئ إلى أمر معروف عندهم). [المحتسب: 1/169]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش، فيما رواه القطعي عن أبي زيد عن المفضَّل عن الأعمش: [ومَن
[المحتسب: 1/169]
يُرِدْ ثواب الدنيا يُوتِه منه ومَن يُرِدْ ثوابَ الآخرة يُوتِه منها وسنجزي الشاكرين] بالياء فيهما.
قال أبو الفتح: وجهه على إضمار الفاعل لدلالة الحال عليه؛ أي: يوته الله، يدل على ذلك قراءة الجماعة: {نُؤْتِهِ مِنْهَا} بالنون.
وحديث إضمار الفاعل للدلالة عليه واسعٌ فاشٍ عنهم، منه حكاية الكتاب أنهم يقولون: إذا كان غدًا فائتني؛ أي: إذا كان ما نحن عليه من البلاء في غد فائتني، ومثله حكايته أيضًا:
مَن كذب كان شرًّا له؛ أي: كان الكذب شرًّا له. وعليه قول الآخر:
ومجوَّفات قد علا ألوانها ... أسآر جُرد مُتْرَصاتٍ كالنَّوَى
أي: قد علا التجويف ألوانَها. وقول الآخر:
إذا نُهِيَ السفيهُ جرى إليه ... وخالَف والسفيهُ إلى خلاف
وكما أضمر المصدر مجرورًا؛ أعني: الهاء في إليه -يعني إلى السفه- كذلك أيضًا أضمره مرفوعًا بفعله). [المحتسب: 1/170]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:06 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (146) إلى الآية (148) ]

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}

قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه... (146)
قرأ ابن كثير: (وكائن) الهمز بين الألف والنون، بوزن (كاعن)، وقرأ الباقون: (وكأيّن) الهمزة بين الكاف والياء.
وذكر عن يعقوب أنه كان يقف: (وكأي) قال: ومعناه: وكم من نبيٍّ
[معاني القراءات وعللها: 1/274]
قال أبو منصور: هما لغتان قرئ بهما (وكأيّن) بتشديد الياء بوزن (وكعيّن)، واللغة الثانية (وكائن) بوزن (كاعن)، والمعنى واحد.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال في تفسير (كأيّن): الكاف زائدة مدخلة على أي، قال: والكاف معناه: التشبيه، كما تقول: كعمرو.
قال: ومن قرأ (كأيّن) فهو من كيب عن الأمر، أي: حببت.
قال: ومعناها: كم. وكم بمعنى الكثرة). [معاني القراءات وعللها: 1/275]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قتل... (146)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب على (فعل).
وقرأ الباقون (قاتل) على (فاعل).
قال أبو منصور: والقراءتان جيدتان، إلا أن (قتل) مفعول، و(قاتل) فاعل). [معاني القراءات وعللها: 1/275]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (52- وقوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه} [146].
قرأ ابن كثير وحده (كائن) على وزن كاعن.
قرأ الباقون: (وكأي) على وزن كحي.
فمن قرأ كذلك وقف بالياء مشددًا، وهما لغتان بمعنى «كم»، تقول العرب: كم مالك؟ وكائن مالك؟ وكأين مالك؟). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (53- وقوله تعالى: {قاتل معه} [146].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {قتل معه}.
وقرأ الباقون {قاتل} بألف، فمن قرأ {قُتِلَ} وقف عليه وابتدأ بما بعده، وحجّته أن الله تعالى مدح أممًا قُتِلَ عنهم نبيهم فما ضَعُفُوا لما أصابهم من قتل نبيهم، وما استكانوا.
وحجة من قرأ {قاتل} قال: إذا مدح الله تعالى من لم يُقاتل مع نبيه، كان من قاتل مع نبيه أمدح وأمدح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز من قوله تعالى كأين [آل عمران/ 146].
[الحجة للقراء السبعة: 3/79]
فقرأ ابن كثير وحده: وكائن* الهمزة بين الألف والنون في وزن كاعن.
وقرأ الباقون: وكأي الهمزة بين الكاف والياء، والياء مشدّدة في وزن كعيّ.
قال أبو علي: كنّا رأينا قديما في قولهم: وكائن وأكثر ما يجيء في الشعر كقول الشاعر: [كما أنشده سيبويه]:
وكائن رددنا عنكم من مدجّج... يجيء أمام القوم يردي مقنّعا
وكقوله:
وكائن إليكم قاد من رأس فتنة... جنودا وأمثال الجبال كتائبه
وقول جرير:.
وكائن بالأباطح من صديق... يراني لو أصبت المصابا
[الحجة للقراء السبعة: 3/80]
وكائن على وزن كاعن، كان الأصل فيه كأيّ دخلت الكاف على أيّ كما دخلت على (ذا) من (كذا) و (أنّ) من (كأنّ)، وكثر استعمال الكلمة فصارت ككلمة واحدة، فقلب قلب الكلمة الواحدة، كما فعل ذلك في قولهم: لعمري ورعملي، حكي لنا عن أحمد بن يحيى، فصار كيّإن [مثل كيّع] فحذفت الياء الثانية كما حذفت في كينونة فصار كيء بعد الحذف، ثمّ أبدلت من الياء الألف كما أبدل من طائيّ، وكما أبدلت من «آية» عند سيبويه، وكانت «أيّة». وقد حذفت الياء من أيّ في قول الفرزدق:
تنظّرت نصرا والسّماكين أيهما... عليّ من الغيث استهلّت مواطره
ومن قول الآخر: «بيّض.. ».
فحذف الياء الثانية من أيّ أيضا. فأمّا النون في أيّ، فهي التنوين الداخل على الكلمة مع الجرّ، فإذا كان كذلك، فالقياس إذا وقفت عليه (كاء) فتسكن الهمزة المجرورة للوقف، وقياس من
[الحجة للقراء السبعة: 3/81]
قال: مررت بزيدي أن يقول: كائي، فيبدل منه الياء. ولو قال قائل: إنّه بالقلب الذي حدث في الكلمة، صارت بمنزلة النون التي من نفس الكلمة، فصار بمنزلة لام فاعل فأقرّه نونا في الوقف، وأجعله بمنزلة ما هو من نفس الكلمة، كما جعلت التي في «لدن» بمنزلة التنوين الزائد في قول من قال: لدن غدوة لكان قولا.
ويقوّي ذلك أنّهم لمّا حذفوا الكلام في قولهم: إما لا جعلوها بالحذف ككلمة واحدة حتى أجازوا الإمالة في ألف لا* كما أجازوها في التي تكون من نفس الكلمة في الأسماء والأفعال.
وسمعت أبا إسحاق يقول: إنّها تقال ممالة فجعل القلب في كائن بمنزلة الحذف في إما لاجتماعهما في التغيير، لكان قولا، فيقف على كائن بالنون، ولا يقف على النون إذا لم تقلب، كما لا تميل الألف في لا* إذا لم تحذف معها). [الحجة للقراء السبعة: 3/82]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ القاف وفتحها وإدخال الألف وإسقاطها من قوله تعالى: قتل معه [آل عمران/ 146].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع قتل معه [آل عمران/ 146] بضم القاف بغير ألف.
وقرأ الباقون: قاتل بفتح القاف وبألف.
[الحجة للقراء السبعة: 3/82]
[قال أبو علي]: أمّا قتل فيجوز أن يكون مسندا إلى ضمير أحد اسمين إلى ضمير «نبي»، والدّليل على جواز إسناده إلى هذا الضمير أنّ هذه الآية في معنى قوله: أفإن مات أو قتل انقلبتم [آل عمران/ 144] وروي عن الحسن أنّه قال: «ما قتل نبي في حرب قطّ» وقال ابن عباس في قوله: وما كان لنبي أن يغل [آل عمران/ 161]: «قد كان النبيّ يقتل فكيف لا يخوّن» ! والذي في الآية من قوله: قتل لم يذكر أنّه في حرب.
فإذا أسند قتل إلى هذا الضمير احتمل قوله: معه ربيون أمرين:
أحدهما: أن يكون صفة لنبي، فإذا قدّرته هذا التقدير كان قوله: ربّيون: مرتفعا بالظرف بلا خلاف. والآخر: أن لا تجعله صفة ولكن حالا من الضمير الذي في قتل، فإن جعلته صفة كان الضمير الذي في معه* المجرور، لنبيّ، وإن جعلته حالا كان الضمير الذي في معه* يعود إلى الذكر المرفوع الذي في قتل، والاسم الآخر الذي يجوز أن يسند إليه قتل ربّيّون فيكون قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 3/83]
معه* على هذا التقدير معلّقا بقتل، وعلى القولين الآخرين اللذين هما: الصفة والحال متعلّقا في الأصل بمحذوف، وكذلك من قرأ:
قاتل فهو يجوز فيه ما جاز في قراءة من قرأ قتل*:
والرّبيون: الذين يعبدون الرّبّ، واحدهم ربّي. هكذا فسره أبو الحسن، وقيل فيه: إنه منسوب إلى علم الربّ وكذا الربّانيّون.
وحجّة من قرأ: قتل* أنّ هذا الكلام اقتصاص ما جرى عليه سير أمم الأنبياء قبلهم ليتأسوا بهم، وقد قال: أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم [آل عمران/ 144] وحجّة من قرأ: قاتل أن المقاتل قد مدح كما مدح المقتول فقال: وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم [آل عمران/ 195]. فمن أسند الضمير الذي في قتل إلى نبي كان قوله: فما وهنوا [آل عمران/ 146] أي: ما وهن الرّبيون، ومن أسند الفعل إلى الربّيين دون ضمير نبي كان معنى: فما وهنوا ما وهن باقيهم بعد من قتل منهم في سبيل الله، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. ومن جعل قوله: معه ربيون صفة أضمر للمبتدإ الذي هو كأيّ خبرا، وموضع الكاف الجارّة في كأيّ مع المجرور: رفع، كما أنّ موضع الكاف في قوله: له كذا وكذا: رفع، ولا معنى للتشبيه فيها، كما أنّه لا معنى للتشبيه في كذا وكذا). [الحجة للقراء السبعة: 3/84]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن والأشهب والأعمش: [وكَأْيٍ] بهمزة بعد الكاف ساكنة، وياء بعدها مكسورة خفيفة، ونون بعدها، في وزن كَعْيٍ.
قال أبو الفتح: فيها أربع لغات: كأَيّ، وكاءٍ، وكأْي -وهي هذه القراءة- وَكَاءٍ في وزن كَعٍ.
ثم اعلم أن أصل ذلك كله {كأَيٍّ} في معنى كم كأكثر القراءة [وكأَيٍّ من قرية]، وهي أَيٌّ دخلت عليها كان الجر، فحدث لها من بعد معنى كم، ولهذه الكاف الجارة حديث طويل في دخولها وفيها معنى التشبيه، وفي دخولها عارية من التشبيه، نحو: كأن زيدًا عمرو، وله كذا وكذا درهمًا، وكأَيٍّ من رجل، ثم إنها لما كثر استعمالها لها تلعبت بها العرب كأشياء يكثر تصرفها فيها لكثرة نقطها بها، فقَدَّمت الياء المشددة على الهمزة فصارت كَيَّأٍ بوزن كَيَّع،
[المحتسب: 1/170]
ثم حذفت الياء المتحركة تشبيهًا لها بسيَّد وميت؛ فصارت [كَيْءٍ] بوزن كَيْعٍ، ثم قلبت الياء ألفًا وإن كانت ساكنة، كما قبلت في ييئس فقيل: ياءس؛ فصارت كاءٍ بوزن كَاعٍ.
وذهب يونس في "كاء" إلى أنه فاعل من الكون، وهذا يبعد؛ لأنه لو كان كذلك لوجب إعرابه؛ إذ لا مانع له من الإعراب.
وأما كأْي بوزن كَعْي، فهو مقلوب كَيْء الذي هو أصل كاء، وجاز قلبه لأمرين:
أحدهما: كثرة التلعب بهذه الكلمة.
والآخر: مراجعة أصل، ألا ترى أن أصل الكلمة كأي؟ فالهمزة إذن قيل الياء. وأما كَأٍ بوزن كَعٍ فمحذوفة من كَاءٍ، وجاز حذف الألف لكثرة الاستعمال، كما قال الراجز:
أصبح قلبي صَرِدا ... لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا ... وصلِّيانا بردا
وعَنْكَثًا ملتبِدا
يريد: عاردًا وباردًا. ألا ترى إلى قول أبي النجم:
كأن في الفُرْش العَرَادَ العاردا
وكما قالوا: أَمَ والله لقد كان كذا، يريد أَما، وحَذف الألف.
فإن قلت: فما مثال هذه الكلم من الفعل فإن كَأَيٍّ مثاله كفَعْل؛ وذلك أن الكاف زائدة، ومثال أَيٍّ فَعْل كطَيٍّ وزَيٍّ، مصدر طويت وزويت، وأصل أي أوى؛ لأنها فَعْلٌ من أويت، ووجه التقائها أن "أي" أين وقعت فهي بعض من كل، وهذا هو معنى أَوَيْتُ؛ وذلك أن معنى أويت إلى الشيء تساندت إليه، قال أبو النجم:
يأوي ألى مُلْط له وكَلْكَلِ
أي: يتساند هذا العير إلى ملاطيه وكلكله.
[المحتسب: 1/171]
ونحوه قول طفيل الغنوي:
وآلت إلى أجوازها وتَقَلْقَلت ... قلائد في أعناقها لم تُقَضَّب
فمعنى آلت: أي رجعت، والآوي إلى الشيء: معتصم به وراجع إليه، هذا طريق الاشتقاق.
وأما القياس فكذلك أيضًا؛ وذلك أن باب أويت وطويت وشويت مما عينه واو ولامه ياء أكثر من باب حيِيت وعَيِيت مما عينه ولامه ياءان، ولو نَسبتَ إلى "أَيّ" لقلت: أَوَويّ، كما أنك لو نسبت إلى طيّ ولَيّ لقلت: طَوَوِيّ ولَوَوِيّ، وكذلك لو أضفت إلى الري لكان قياسه رَوَويّ. وأما قولهم: رازِيّ، فشاذ بمنزلة كلابِزِي وإصطخْرِزي.
وأما "كَاءٍ" فوزنه كعف وأصله "كَيَّأٍ"، ومثاله كعلَف، فحذفت الياء الثانية وهي لام الفعل، كما حذفت الثانية من ميت، فبقي كَيْء، ووزنه كَعْف، وقَلْبُ الياء ألفًا لا يخرجها أن تكون كما كانت عينًا، ألا ترى أن وزن قام في الأصل فعل لأنه قوم، ومثال قام في اللفظ فَعْل؟ فالألف عين كما كانت الواو التي الألف بدل منها عينًا، وأيًّا كان مثال "كأي" فإنه كفع؛ لأن الهمزة التي هي فاء عادت إلى مكانها من التقدم.
وأما "كَأٍ" بوزن كَعٍ فإنه كف، والعين واللام محذوفتان.
فإن قيل: لَمَّا حذفت الياء الثانية من "كَيَّأٍ" هلا رددت الواو على مذهبك؛ لأنه قد زالت الياء التي قُلبت لها العين قبلها ياء فقدرته كَوْءٍ.
قيل: لما تُلُعِّب بالكلمة تُنوسى أصلها فصارت الياء كأنها أصل في الحرف، ودعانا إلى اعتماد هذا وإن لم تظهر الياء إلى اللفظ أن الألف أُبدلت منها وهي ساكنة، وقلب الألف من الياء الساكنة أضعاف قلبها من الواو الساكنة، ألا تراهم قالوا: حاحيت وعاعيت وهاهيت، وأصلها: حيحيت وعيعيت وهيهيت، فقلبت الياء ألفًا؟
نعم، وقلبوها مكسورًا ما قبلها ألفًا، فقالوا في الحِيرة: حَارِي، كما قالوا في المفتوح
[المحتسب: 1/172]
ما قبلها: طائي، وقالوا: ضرب عليه سَاية، وهي فَعْلَة من سوَّيت، يُعْنى به الطريق، وأصلها سَوْيَة، فقلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة قبل الياء فصارت سَيّة، ثم قلبت الياء ألفًا فقيل: "ساية"، وهو أولى من أن تكون قلبت الواو من سوية ألفًا قبل القلب والإدغام، وإن أعطيت القول ثني مِقوده طال وطغى وأَمَلَّ وتمادى). [المحتسب: 1/173]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة قتادة: [وكَأَي من نبي قُتِّل معه ربيون كثير] مشددة.
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دلالة على أن مَن قرأ مِن السبعة [قُتل] أو {قاتل معه ربيون}، فإن {ربيون} مرفوع في قراءته بقُتِل أو قاتل، وليس مرفوعًا بالابتداء ولا بالظرف الذي هو معه، كقولك: مررت برجل يَقْرأُ عليه سلاح، ألا ترى أنه لا يجوز كم نبي قُتِّل بتشديد التاء على فُعِّل؟ فلا بد إذن أن يكون ربيون مرفوعًا بقتِّل، وهذا واضح.
فإن قلت: فهلا جاز فُعِّل حملًا على معنى كم؟
قيل: لو انصُرِف عن اللفظ إلى المعنى لم يحسن العود من بعد إلى اللفظ، وقد قال تعالى كما تراه: "معه"، ولم يقل: معهم، فافهم ذلك). [المحتسب: 1/173]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي وابن مسعود وابن عباس وعكرمة والحسن وأبي رجاء وعمرو بن عبيد وعطاء بن السائب: [رُبِّيون] بضم الراء، وقرأ بفتحها ابن عباس فيما رواه قتاده عنه.
قال أبو الفتح: الضم في [رُبِّيون] تميمية، والكسر ايضًا لغة. قال يونس: الرُّبَّة: الجماعة. وكان الحسن يقول: الرِّبِّيون: العلماء الصُّبُر. قال قطرب: والجماعة أيضًا مع يونس؛ أي: فرق وجماعات.
[المحتسب: 1/173]
وكان ابن عباس يقول: الواحدة رِبْوَة، وهي عنده عشرة آلاف، وأنكرها قطرب، قال: لدخول الواو في الكلمة، وهذا لا يلزم؛ لأنه يجوز أن يكون بنَى من الرِّبوة فعِّيلًا كبطيخ، فصار رِبِّيّ، ومثله من عزوت عِزِّي، ثم جمع فقيل: رِبِّيون، وأما رَبيون بفتح الراء، فيكون الواحد منها منسوبًا إلى الرَّب، ويشهد لهذا قول الحسن: إنهم العلماء الصُّبُر، وليس ننكر أيضًا أن يكون أراد رِبيون ورُبيون، ثم غيَّر الأول لياء الإضافة كقولهم في أمس: إمسي). [المحتسب: 1/174]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [فَمَا وَهِنُوا] بكسر الهاء.
قال أبو الفتح: فيه لغتان: وهَن يهِن، ووهِن يوهَن، وقولهم في المصدر: الوهَن بفتح الهاء يُؤنِّس بكسر الهاء من "وهِن"، فيكون كفرِق فرَقًا وحذر حذرًا. وحدثنا أبو علي أن أبا زيد حكى فيه كسر الهاء في الماضي، وقولهم فيه: الوَهْن، بسكون الهاء يؤنس بفتح عين الماضي كفَتَر فَتْرُا). [المحتسب: 1/174]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} 146
قرأ ابن كثير (وكائن من نبي) على وزن كاعن وحجته قول الشّاعر
وكائن بالأباطح من صديق ... يراني لو أصبت هو المصابا
[حجة القراءات: 174]
وقرأ الباقون {وكأين} على وزن كعين وحجتهم قول الشّاعر
كاين في المعاشر من أناس ... أخوهم فوقهم وهم كرام
وهما لغتان جيدتان يقرأ بهما وكان أبو عمرو يقف على (وكأي) على الياء في قول عبيد الله بن محمّد عن أخيه وعمه عن اليزيدي عن أبي عمرو وقال بعض علمائنا كأنّهم ذهبوا إلى أنّها كانت في الأصل أي مشدّدة زيدت عليها كاف والباقون يقفون {وكأين} بالنّون وحجتهم أن النّون أثبتت في المصاحف للتنوين الّذي في أي ونون التّنوين لم يثبت في القرآن إلّا في هذا الحرف
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (وكأين من نبي قتل) بضم القاف وكسر التّاء أي وكم من نبي قتل قبل محمّد صلى الله عليه ومعه ربيون كثير وحجتهم أن ذلك أنزل معاتبة لمن أدبر عن القتال يوم أحد إذ صاح الصائح قتل محمّد صلى الله عليه فلمّا تراجعوا كان اعتذارهم أن قالوا سمعنا قتل محمّد فأنزل الله {وما محمّد إلّا رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم} ثمّ قال بعد ذلك وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير أي جموع كثير فما تضعضع الجموع وما وهنوا لكن قاتلوا وصبروا فكذلك أنتم كان يجب عليكم ألا تهنوا لو قتل نبيكم فكيف ولم يقتل
وقرأ الباقون {قاتل معه} وحجتهم قوله {فما وهنوا} قالوا لأنهم لو قتلوا لم يكن لقوله {فما وهنوا} وجه معروف لأنّه يستحيل أن يوصفوا بأنّهم لم يهنوا بعدما قتلوا وكان ابن مسعود يقول {قاتل} ألا ترى
[حجة القراءات: 175]
أنه يقول {فما وهنوا لما أصابهم} وحجّة أخرى أنه قاتل أبلغ في مدح الجميع من معنى قتل لن الله إذا مدح من قتل خاصّة دون من قاتل لم يدخل في المديح غيرهم فمدح من قاتل أعم للجميع من مدح من قتل دون من قاتل لأن الجميع داخلون في الفضل وإن كانوا متفاضلين). [حجة القراءات: 176]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (75- قوله: {وكأين} قرأه ابن كثير بهمزة مكسورة، بين النون والألف، من غير ياء على وزن «وكاعن»، ولابد من المد، وقرأ الباقون بهمزة مفتوحة بعد الكاف، وبياء مشددة مكسورة على وزن «كعين».
76- ووجه قراءة ابن كثير فيه إشكال، وذلك أن الأصل فيه «كأي» بكاف دخلت على «أي»، لكن كثر استعمالها بمعنى «كم» التي للتكثير، فجعلت كلمة واحدة، فوقع فيها من القلب ما يقع في الكلمة الواحدة، فقلبت الياء المشددة المكسورة في موضع الهمزة، وردت الهمزة في موضع الياء، فصارت «كيئن» مثل «كيعِن» فحذفت الياء الثانية استخفافًا، كما حذفت في «كينونة» واصله «كينونة» فصارت بعد الحذف «كيين» على وزن «فيعل» فأبدلت من الياء الساكنة ألف، كما أبدلوا في «آية» وأصلها عند جماعة النحويين «آية» وهو مذهب سيبويه، وكما قالوا: طائي، والأصل «طيي» بياءين مشددتين؛ لأنه يُنسب إلى «طي»، لكن أبدلوا من الياء الأولى الساكنة ألفًا، فوقعت الياء الثانية بعد ألف زائدة، فأبدلوا منها همزة، كما فعلوا بـ «سقاء وكساء» بل الهمزة فيهما، وفي نحوهما، بدل من ياء، لوقوعها بعد ألف زائدة، فصار بعد القلب والبدل «كأين» كـ «فاعل» من الكون، وأصل النون تنوين، دخل على «أي» لكن لما دخله القلب والبدل، وجعل كلمة واحدة بمعنى «كم» صار التنوين كالنون الأصلية، كما قالوا: لدن غدوة، فنصبوا، جعلوا النون كالتنوين، الذي لا يكون مع إثباته الخفض، فالوجه أن يوقف عليه بالنون، لما ذكرنا، ولأنها نون في المصحف، وقد حكي عن الخليل أنه قال في قراءة ابن كثير: إن الأصل كأي، ثم قدّمت إحدى الياءين في موضع
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/357]
الهمزة، فتحركت بالفتح، كما كانت حركة الهمزة فقلبت ألفًا، وصارت الهمزة ساكنة كما كانت الياء ساكنة، فاجتمع ساكنان الألف والهمزة، فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين، وبقيت إحدى الياءين متطرفة، فزالت حركتها، كما تذهب من «قاض» في الرفع والخفض، فتبقى الياء ساكنة، والتنوين ساكن، فتحذف الياء لالتقاء الساكنين، فتصر كـ «فاعل» من: جاء وشاء تقول: جاءٍ وشاءٍ في الرفع والخفض كـ« قاض وعال»، ويجب على هذا القول أن يوقف عليه بغير نون، وقد روي ذلك عن أبي عمرو، والعمل على الوقف عليه بالنون، في جميع القراءات، اتباعًا لخط المصحف، وقد قيل: قراءة ابن كثير محمولة على أنه فاعل من «الكون»، وهو بعيد في المعنى؛ لأنه لا يدل على «كم» وأيضًا فإن بعده «من» لازمة له، و«من» لا تصحب «كأن» ولا تلزمها وأيضًا فإنه، لو كان فاعلًا من الكون، لأعرب، ولم يبين على السكون.
77- ووجه القراءة بتشديد الياء، وتقديم الهمزة، أنها «أي» دخلت عليها كاف التشبيه، وكثر استعمالها بمعنى «كم» فجعلت كلمة واحدة، وجعل التنوين نونًا أصلية، فوقف عليها بالنون، وقد كان قياسًا أن يوقف بغير نون، كما يوقف على «أي» حيث وقعت، و«كأين» في القراءتين في موضع رفع بالابتداء، و«قتل معه ربيون» الخبر إلا أن تجعل «قتل معه ربيون» صفة لـ «نبي»، فتضمر خبرًا لـ «كأين» وتقديره: وكأين من نبي هذه صفته في الدنيا أو مضى، ونحو ذلك من الإضمار، وليس للتشبيه في الآية لـ «كأين» معنى؛ لأن الكاف قد جعلت مع أي كلمة واحدة، ونقلت عن معنى التشبيه إلى معنى «كم» التي للتكثير ولزمتها «من»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/358]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (78- قوله: {قاتل معه} قرأه الكوفيون وابن عامر بألف، من القتال، وقرأه الباقون «قتل»، من القتل.
79- ووجه القراءة بالألف أنه يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون قد أسند الفعل الذي هو القتال إلى النبي عليه السلام، ويكون {معه ربيون} ابتداء وخبرا، وترفع {ربيون} بالظرف، والجملة صفة لـ {نبي} في الموضعين، ويجوز أن تكون الجملة في موضع الحال من المضمر في {قاتل} والهاء في {معه} تعود على ذلك المضمر، وإذا جعلته صفة لـ {نبي} كانت تعود على {نبي}، ودل المعنى على أن «الربيين» قاتلوا أيضًا مع قتال النبي، وحسن ذلك لما روي عن الحسن وغيره أنه قاتل: ما قتل نبي قط في قتال، وكان إضافة القتال إليه أولى من إضافة القتل إليه.
80- والوجه الثاني أن يكون قد أسند الفعل إلى «الربيين» دون النبي، فأخبر عنهم بالقتال دون النبي، فيكون {قاتل معه ربيون} صفة لـ {نبي} و{ربيون} مرفوعون بفعلهم.
81- ووجه القراءة بغير ألف أنه يحتمل أيضًا وجهين: أحدهما أن يكون فعلا، وما بعده صفة للنبي، والفعل مسند إلى النبي بدلالة قوله: {أفإن مات أو قتل} «144» فأخبر أن النبي قد يقتل، وقد قال تعالى: {ويقتلون النبيين} «البقرة 61»، وقال: {فلم تقتلون أنبياء الله} «البقرة 91» وهذا من قتل النبي في غير قتال، فحمل ذلك على هذا المعنى، أنه قتل في غير قتال، وسياق الكلام في قوله: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله}، وقوله: {وثبت أقدامنا} «147» يدل على أن القتل والقتال كان في الحرب في سبيل الله.
82- والوجه الثاني أن {قتل} وما بعده صفة أيضًا للنبي، والفعل مسند إلى «ربيين» فهم في هذا الوجه مرفوعون بـ {قتل}، على المفعول،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/359]
الذي لم يسم فاعله، وعلى الوجه الأول مرفوعون بالابتداء و{معه} الخبر، أو مرفوعون بالظرف، والجملة في الوجهين صفة لـ {نبي}، وهذا الوجه يقويه قول الحسن المذكور عنه، ويجوز على الوجه الأول، أن يكون {معه ربيون} في موضع الحال من المضمر في {قتل} فتكون الهاء في {معه} تعود على الضمير في {قتل}، ويعود إذا كان {معه ربيون} صفة لـ {نبي} على {نبي} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/360]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (35- {وَكَائِنْ} [آية/ 146]:-
بالمد وكسر الهمزة، قرأها ابن كثير وحده.
[الموضح: 384]
ووجهها أن أصل الكلمة أي دخلت الكاف عليها، فصارت بمعنى كم، والنون التي فيها هي التنوين التي كانت في أي، وصارت الكاف مع أيٍّ كالكلمة الواحدة لكثرة استعمالها عندهم، فقلبت قلب الكلمة الواحدة، كما قالوا: رعملي في لعمري، صارت بعد القلب كياءن، فحذفت الياء الثانية كما حذفت في كينونة والأصل: كينونة، فصارت كياءن، ثم أبدلت من الياء الألف، كما أبدلت من طيي، فصاءت كائن بوزن كاعن.
وقرأ الباقون {وَكَأَيِّنْ} مشددة الياء بوزن كعين، وهو الأصل.
واختلفوا في الوقف على هذه الكلمة:
فأبو عمرو ويعقوب يقفان على الياء من غير نون، في وزن كعي، وهذا هو الحكم في أي إذا وقفت عليها.
والباقون يقفون على النون؛ لأن التنوين صار في هذه الكلمة كالنون التي هي من أصل الكلمة، ولا سيما إذا قلبت فصارت: كائن على ما بيناه، إذ تصير النون فيه بمنزلة لام فاعل فيقر نونًا في الوقف بمنزلة ما هو من نفس الكلمة). [الموضح: 385]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (36- {قُتِلَ مَعَهُ} [آية/ 146]:-
بضم القاف من غير ألف، قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب.
[الموضح: 385]
والمعنى إن أمم الأنبياء قبلهم قد أتى عليهم القتل، فما وهن باقيهم في سبيل الله بعد من قتلوا منهم. ويجوز أن يكون إسناد القتل إلى ضمير النبي، والتقدير: وكأين من نبي قتل هو ومعه ربيون فما وهنوا بعد قتل النبي، ويؤيد ذلك قوله {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ}.
وقرأ الباقون {قَاتَلَ} بالألف.
وذلك لأن المقاتلين قد مدحوا كما مدح المقتولون، نحو قوله تعالى {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}). [الموضح: 386]

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)}

قوله تعالى: {فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:09 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (149) إلى الآية (152) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149)}

قوله تعالى: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)}

قوله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في قلوب الّذين كفروا الرّعب... (151)
قرأ ابن عامر والكسائي والحضرمي: (الرّعب) مثقلاً حيث كان، وخفف الباقون.
وهما لغتان). [معاني القراءات وعللها: 1/276]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (54- قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب} [151].
قرأ ابن عامر والكسائي، (الرُّعُبَ) بضمتين على أصل الكلمة.
وقال آخرون: بل الإسكان الأصلُ على قراءة الباقين، وهو أخفُّ، إذ كانت العَرَبُ قد تخفف مثل ذلك، ومن ثَقَّلَ أتبع الضمَّ الضمَّ؛ ليكون أقرب إلى الفخامة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تخفيف قوله: [جلّ وعز]: الرعب
[الحجة للقراء السبعة: 3/84]
وتثقيله [آل عمران/ 151] فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وحمزة: الرعب ساكنة العين خفيفة. وقرأ ابن عامر والكسائي: الرعب* مضمومة العين مثقلة حيث وقعت.
قال أبو علي: الإلقاء في قوله تعالى: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب [آل عمران/ 151] أصله في الأعيان، واستعمل في غيرها على طريق الاتّساع. يدل على ذلك قوله: وألقى الألواح [الأعراف/ 150] وفألقوا حبالهم وعصيهم [الشعراء/ 44] وإذ يلقون أقلامهم [آل عمران/ 44].
وقال سيبويه: «ألقيت متاعك بعضه على بعض»، وليس الرعب بعين، وكذلك قوله تعالى: وألقيت عليك محبة مني [طه/ 39] ومثل الإلقاء في ذلك الرمي، قال: رمى فأخطأ أي:
السهم. وقال:
كشهاب القذف يرميكم به
[الحجة للقراء السبعة: 3/85]
فأضاف الشهاب إلى القذف لمّا كان من رمي الرامي به، كما قال:
يسدد أبينوها الأصاغر خلّتي وإذا مات لم تكن له خلّة، ولكن أضافها إلى نفسه، لما كان منه من سدّه لها، وهذا النحو من الإضافة على هذا الوجه كثير.
وقال تعالى: والذين يرمون أزواجهم [النور/ 6] أي: بالزنا، فهذا اتساع لأنّ هذا ليس بعين، وكذلك قوله.
[الحجة للقراء السبعة: 3/86]
رماني بأمر كنت منه ووالدي... بريئا....
وقال:
قذفوا سيّدهم في ورطة... قذفك المقلة وسط المعترك
فالأوّل: على الاتساع، والثاني: على الأصل، ألا ترى أن المقلة تلقى للتصافن، كما يلقى غيرها؟ فهذا بمنزلة: ألقيت الحجر ونحوه. ومما جاء قريبا من الرمي والقذف والإلقاء، الرجم، ورجم ماعز، ومن الاتساع فيه قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 3/87]
هما نفثا في فيّ من فمويهما... على النابح العاوي أشدّ رجام
فالرجام المراجمة بالسّباب، فهذا نحو: رماه بالزّنا، وقذفه به، وألقى عليه مسألة، ونفثا السّباب: اتساع أيضا، لأنّه ليس بعين. فأمّا مثل الرّعب والرعب، والطنب والطنب، والعنق والعنق، فقد تقدّم ذكره). [الحجة للقراء السبعة: 3/88]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({سنلقي في قلوب الّذين كفروا الرعب}
قرأ ابن عامر والكسائيّ {الرعب} بضم العين وقرأ الباقون بإسكان العين وهما لغتان أجودهما السّكون). [حجة القراءات: 176]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (83- قوله: {الرعب} قرأه ابن عامر والكسائي بضم العين، حيث وقع، وأسكن الباقون، وهما لغتان فاشيتان كـ «السُحْت والسُحُت»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/360]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (37- {الرُعُبَ} [آية/ 151]:-
بضم العين في كل القرآن، قرأها ابن عامر والكسائي ويعقوب.
وقرأ الباقون {الرُعْبَ} بسكون العين في كل القرآن.
وهما لغتان كالعُنْق والعُنْق والشغل والشُغُلِ والشُغْلِ، والأصل: هو التحريك، والإسكان تخفيف منه). [الموضح: 386]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:12 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (153) إلى الآية (155) ]

{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}


قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)}

قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تغشى طائفةً منكم... (154)
قرأ حمزة والكسائي: (تغشى طائفةً) بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فللأمنة، ومن قرأ بالياء فللنعاس، وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 1/276]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قل إنّ الأمر كلّه للّه... (154).
قرأ أبو عمرو ويعقوب: (قل إنّ الأمر كلّه للّه) بالرفع.
وقرأ الباقون بالنصب.
[معاني القراءات وعللها: 1/276]
قال أبو منصور: من نصب (كلّه) فعلى التأكيد (للأمر)، ومن رفع فعلى الابتداء، و(للّه) الخبر، المعنى: الأمر كلّه للّه، أي: النصر وما يلقى في القلوب من الرعب (للّه)، أي: كل ذلك (للّه) ). [معاني القراءات وعللها: 1/277]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (55- وقوله تعالى: {يغشى طائفة منكم} [154].
قرأ حمزة والكسائي بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/120]
وقرأ الباقون بالياء، فمن ذكره رده على النعاس، ومن أنثه رده على الأمنة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (56- وقوله تعالى: {قل إن الأمر كله لله} [154].
قرأ أبو عمرو وحده {كله لله} [الرفع].
وقرأ الباقون بنصب اللام فمن نصب اللام جعله تأكيدًا للأمر و{لله} خبر «إن».
ومن ضم اللام رفعه بالابتداء و{لله} الخبر، والجملة خبر «إن»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله تعالى: يغشى طائفة منكم [آل عمران/ 154] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر يغشى طائفة منكم بالياء. وقرأ حمزة والكسائي تغشى بالتاء.
[قال أبو علي]: حجّة من قرأ بالياء: قوله تعالى: إذ يغشاكم النعاس [الأنفال/ 11] فالنّعاس هو الغاشي، وكذلك قراءة من قرأ: إذ يغشيكم النعاس لأنّه إنّما جعل الفاعل بتضعيف العين مفعولا. ومن حجّتهم: أنّ يغشى أقرب إلى النعاس،
[الحجة للقراء السبعة: 3/88]
فإسناد الفعل إليه أولى. ومنها أنّه يقال: غشيني النعاس، وغلب عليّ النعاس، ولا يسهل: غشيني الأمنة، ومن قرأ بالتاء حمله على الأمنة.
فأمّا قوله: إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي [الدخان/ 45] فحمل الكلام على الشجرة لقوله تعالى:
فإنهم لآكلون منها فمالؤن منها البطون [الصافات/ 66] وقال:
لآكلون من شجر من زقوم [الواقعة/ 52] فنسب الأكل إلى الشجر.
ومن حجّة من قرأ بالتاء: أنّ النعاس، وإن كان بدلا من الأمنة، فليس المبدل منه في طريق ما يسقط من الكلام، يدلّك على ذلك قولهم: الذي مررت به زيد أبو عبد الله.
وقال:
وكأنّه لهق السّراة كأنّه... ما حاجبيه معيّن بسواد
فجعل الخبر عن الذي أبدل منه). [الحجة للقراء السبعة: 3/89]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في رفع اللام ونصبها من قوله: [جلّ وعز]: قل إن الأمر كله لله [آل عمران/ 154].
فقرأ أبو عمرو وحده: قل إن الأمر كله لله رفعا. وقرأ الباقون كله نصبا.
قال أبو علي: حجّة من نصب: أنّ كله بمنزلة أجمعين وجمع في أنّه للإحاطة والعموم، فكما أنّه لو قال:
[إنّ الأمر] أجمع، لم يكن إلّا نصبا، كذلك إذا قال: كله لأنّه بمنزلة أجمعين، وليس الوجه أن يلي العوامل، كما لا يليها أجمعون. وحجّة أبي عمرو في رفعه كله* وابتدائه به أنّه وإن كان في أكثر الأمر بمنزلة أجمعين لعمومها، فإنّه قد [ابتدئ بها كما] ابتدئ بسائر الأسماء في نحو قوله: وكلهم آتيه يوم القيامة فردا [مريم/ 95] فابتدأ به في الآية.
ولم يجره على ما قبله، لأنّ قبله كلاما قد بني عليه فأشبه [بذلك ما يكون] جاريا على ما قبله، وإن خالفه في الإعراب، ألا ترى أنّ اسم الفاعل يعمل عمل الفعل إذا جرى صفة لموصوف أو حالا لذي حال أو خبرا لمبتدإ، ولا يحسن إعماله عمل الفعل، إلّا في هذه المواضع؟ وقد قالوا: أقائم أخواك وأ ذاهب إخوتك،
[الحجة للقراء السبعة: 3/90]
وما ذاهب إخوتك، فأعملوا اسم الفاعل لمّا تقدّمه كلام أسند إليه، وإن لم يكن أحد تلك الأشياء التي تقدّم ذكرها، فكذلك حسن ابتداء كلّهم في الآية لمّا كان قبله كلام، فأشبه بذلك [اتباعه، ما كان] جاريا عليه كما أشبه اسم الفاعل في إجرائه على ما ذكرنا، ما يجري صفة على موصوف أو حالا أو خبر مبتدأ، نحو: مررت برجل قائم أبواه، وهذا زيد قائما غلامه وزيد منطلق أبواه، فكذلك. حسن الابتداء بكلّهم، وقطعه مما قبله لما ذكرت من المشابهة.
ومن ثمّ أجاز سيبويه: أين تظن زيد ذاهب، فألغى الظنّ، وإن كان أين غير مستقرّ، كما جاز إلغاؤه إذا كان أين مستقرّا لأنّ قبله كلاما، فجعله، وإن لم يكن مستقرا، بمنزلة المستقر كما جعلوا همزة الاستفهام، وحرف النفي في: أقائم أخواك، بمنزلة الموصوف نحو: مررت برجل قائم أخواه). [الحجة للقراء السبعة: 3/91]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن، ورُويت عن يحيى وإبراهيم: [أَمْنَةً نُعَاسًا] بسكون الميم.
قال أبو الفتح: روينا عن قطرب أنه قال: الأَمْنة: الأمن، والأَمَنَة بفتح الميم: أشبه بمعاقبة الأمن، ونظير ذلك قولهم: الحبَطَ والحبَجَ والرَّمَث، كل ذلك في أدواء الإبل. فلما أسكنوا العين جاءوا بالهاء فقالوا: مَغِل مَغْلَة وحَقِل حقلة، وقد أفردنا بابًا في كتاب الخصائص لنحو هذا، وهو باب في ترافع الأحكام). [المحتسب: 1/174]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ثمّ أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} {قل إن الأمر كله لله} 153
قرأ حمزة والكسائيّ تغشى بالتّاء والإمالة ردا على ال أمنة وحجتهما قوله {وطائفة قد أهمتهم أنفسهم} فذكر من غشيته الأمنة ثمّ أتبعه من لم يأمن وأهمته نفسه من الخوف فكان تقدير الكلام أن بعضهم قد غشيته الأمنة وبعضهم خائف لم تغشه
وقرأ الباقون يغشى بالباء إخبارًا عن النعاس وحجتهم أن العرب تقول غشيني النعاس ولا تكاد تقول غشيني الأمن لأن النعاس يظهر والأمن شيء يقع في القلب وحجّة أخرى أنهم أسندوا الفعل إلى النعاس بإجماع الجميع في قراءة من يقرأ (يغشاكم النعاس) وفي قراءة من يقرأ {إذ يغشيكم النعاس} مشددا ومخففا
[حجة القراءات: 176]
فدلّ ذلك على أن الّذي غشيهم هو النعاس لا الأمنة لأن الآيتين نزلتا في طائفة واحدة
قرأ أبو عمرو {قل إن الأمر كله لله} برفع اللّام وقرأ الباقون بالنّصب
فمن نصب فعلى توكيد الأمر ومن رفع فعلى الابتداء و{لله} الخبر ونظير ذلك قوله {ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على الله وجوههم مسودة} عدل بالوجوه عن أن يعمل فيها الفعل ورفعت {مسودة} وكذلك عدل ب كل عن إتباع {الأمر} ورفع بالابتداء). [حجة القراءات: 177]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (84- قوله: {يغشى طائفة} قرأه حمزة والكسائي بالتاء والإمالة، رداه على تأنيث «الأمنة» لأن من أجلها تغشوا، فهي المقصودة بالغشيان لهم، لأن الناعس لا يغشاه النعاس إلا ومعه أمنة، وقد تحدث الأمنة ولا نعاس معها، فالأمنة أولى بإضافة الفعل إليها، وقد قدّمنا علة الإمالة، وقرأ الباقون بالياء والفتح، حملوه على تذكير النعاس، لأنه هو الذي غشيهم، ودليله قوله: {إذ يغشيكم النعاس} «الأنفال 11» فأضاف الفعل إلى النعاس، وكان النعاس أولى بذلك، لأنه أقرب إلى الفعل، وأيضًا فإن المستعمل في الكلام أن يقال: غشيني النعاس إذا نعس، ولا يقال غشيتني الأمنة، وأيضًا فإن النعاس بدل من الأمنة، فكأن الأمنة محذوفة من الكلام، لقيام المبدل منها مقامها، وهو الاختيار، لما ذكرنا من العلة، ولأن الجماعة على الياء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/360]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (85- قوله: {قل إن الأمر كله لله} قرأ أبو عمرو {كله} بالرفع على الابتداء، و{لله} الخبر، والجملة خبر {إن} وحسن أن يكون {كل} ابتداء، وهي مما يؤكد بها؛ لأنها أدخل في الأسماء منها في التأكيد، إذ تقع فاعلة ومفعولة ومجرورة، كسائر الأسماء، ولا يكون شيء من ذلك في «أجمعين»، تقول: كلهم أتاني، ورأيت كل القوم، ومررت بكل أصحابك، ولا يجوز ذلك في «أجمعين»، فحسن أن تقع مبتدأة، وقرأ الباقون بالنصب على التأكيد للأمر، ويجوز عند الأخفش أن يكون {كله} بدلًا من الأمر، و«الله» الخبر في الوجهين، والنصب الاختيار، للإجماع عليه، ولصحة وجهه، ولأن التأكيد أصل «كل» لأنها للإحاطة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/361]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (38- {تَغْشَى طائِفَةً} [آية/ 154]:-
بالتاء فوقها نقطتان، قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن اللفظ محمول على الأمنة، أي تغشى الأمنة طائفة، والأمنة وإن أبدل منها النعاس فليست هي في حكم ما يسقط من الكلام، ولو كان كذلك لم يجز قولهم: الذي مررت به زيدٍ أبو عبد الله، إذ لو جعلت به في حكم الساقط لم يكن على الذي عائد.
وقرأ الباقون {يَغْشَى} بالياء؛ لأن الفعل للنعاس؛ لأنه أقرب إلى الفعل، فإسناد الفعل إليه أولى). [الموضح: 387]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (39- {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آية/ 154].
بالرفع، قرأها أبو عمرو ويعقوب؛ لأنهما جعلاه مبتدأ و{للهِ} خبره، ولم يجعلاه تأكيدًا للأمر؛ لأن كلاًّ يليه العوامل، فهو كسائر الأسماء، ألا ترى إلى قوله تعالى {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}.
[الموضح: 387]
وقرأ الباقون {كُلَّه} بالنصب؛ وذلك لأن {كُلَّه} بمنزلة أجمعين في أنه للإحاطة والعموم، فكما إن الأمر أجمع نصب لا محالة، فكذلك إن الأمر كله). [الموضح: 388]

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:14 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (156) إلى الآية (158) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واللّه بما تعملون بصيرٌ (156)
قرأ ابن كثيرٍ وحمزة والكسائي: (واللّه بما يعملون) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء، وروى عن أبي عمرو الياء أيضًا.
قال أبو منصور: التاء للمخاطبة، والياء إخبار عن الغيب). [معاني القراءات وعللها: 1/277]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (58- وقوله تعالى: {والله بما تعملون بصير} [156].
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء، وقد مرت الحجة للياء والتاء في نظيرها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في التاء والياء من قوله: [جلّ اسمه] يحيى ويميت والله بما تعملون بصير [آل عمران/ 156] فقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي يعملون بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء. وروى هارون الأعور وعلي بن نصر عن أبي عمرو بالياء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/91]
[قال أبو علي]: حجّة من قرأ بالتاء قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا [آل عمران/ 156] وحجّة الياء: أنّ قبلها أيضا غيبة وهو قوله: وقالوا لإخوانهم [آل عمران/ 147] وما بعده، فحمل الكلام على الغيبة). [الحجة للقراء السبعة: 3/92]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في ضمّ الميم وكسرها [من قوله جلّ وعزّ]: مت ومتنا ومتم، في كلّ القرآن. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر: مت، ومتم ومتنا برفع الميم في كلّ القرآن. وروى حفص عن عاصم ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم [آل عمران/ 157] ولئن متم أو قتلتم [آل عمران/ 158] برفع الميم في هذين الحرفين، ولم يكن يرفع الميم في غير هذين الحرفين في جميع القرآن.
[حدّثنا ابن مجاهد قال]: حدثنا وهيب المروذيّ قال:
حدّثنا الحسن بن المبارك، قال: حدّثنا أبو حفص قال: حدّثنا سهل أبو عمرو قال: قال عاصم: ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم [آل عمران/ 157] بضمّ الميم من الموت، وباقي القرآن متّم بكسر الميم، أي: بليتم. ومتنا ومتّ.
[الحجة للقراء السبعة: 3/92]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وحمزة والكسائي: متم*، ومت*، ومتنا* في كلّ القرآن بالكسر.
قال أبو علي: الأشهر الأقيس: متّ تموت، مثل: قلت تقول وطفت تطوف، وكذلك هذا يستمرّ على ضمّ الفاء منه، والكسر شاذ في القياس، وإن لم يكن في الاستعمال كشذوذ.
... اليجدّع ونحوه مما شذّ عن الاستعمال والقياس، ونظيره: فضل يفضل في الصحيح، وأنشدوا:
ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر... وما مرّ من عمري ذكرت وما فضل
وقد أنشد بعضهم:
عيشي ولا يومي بأن تماتي ولا أظنّه ثبتا، وكذلك شعر آخر فيه «تدام» وهو عندي مثل
[الحجة للقراء السبعة: 3/93]
الأول، ولا أعلم فصلا بين الموت إذا تبعه البلى، وبينه إذا لم يتبعه البلى.
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن والزهري: [أَوْ كَانُوا غُزًا] خفيفة الزاي.
قال أبو الفتح: وجهه عندي أن يكون أراد غزاة، فحذف الهاء إخلادًا إلى قراءة من قرأ: [غُزَّى] بالتشديد، ولا يُستنكر هذا؛ فإن الحرف إذا كان فيه لغتان متقاربتان فكثيرًا ما تتجاذب هذه طرفًا من حكم هذه.
قرأت على أبي بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى لبلال بن جرير:
إذا خفتهم أو سآيلتهم ... وجدتَ بهم علة حاضره
وذلك أنه يقال: سألته عن حاله وسايلته على البدل، فلما ألف استماعهما تجاذبتا لفظه فجمع بينهما فيه لتداخلهما وتزاحم حروفهما، وقد حُذفت تاء التأنيث في أماكن قد ذكرناها: ناحٍ في ناحية، ومألُك في مألُكة. وأنشد ابن الأعرابي للعتابي يمدح الكسائي:
أبَى الذمَّ أخلاق الكسائي وانتحى ... به المجد أخلاق الأُبُو السوابق
يريد: الأبوة جمع أب، كالعمومة جمع عم، والْخُئولة جمع خال، وهذا عندي أمثل من أن يكون خرَّج [أُبُوًّا] على أصله من الصحة، وأن يكون من باب نَحْو ونُحوّ، وبَهْو وبُهُو للصدر، ونجو ونجو للسحاب، وعلى أنه قد يمكن أن تكون الهاء مرادة في جميع ذلك، وقد قالوا أيضًا: ابن وبُنُوّ، والقول فيهما سواء.
ووجه آخر؛ وهو أن يكون مخففًا من {غُزًّى}، ونظيره قراءة علي عليه السلام: [وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا كِذَابًا]، وبابه {كذَّابًا} كقراءة الجماعة. وقد يجوز أن يكون [كِذَابًا] مصدر كذَب الخفيفة، جرى على الثقيلة لدلالة الفعل على صاحبه، والقول الأول أقوى). [المحتسب: 1/175]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير} 156
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ (والله بما يعملون بصير) بالياء وحجتهم أن الكلام أتى عقيب الإخبار عن الّذين قالوا لو كان إخواننا عندنا ما ماتوا وما قتلوا فأخبر الله المؤمنين أنه جعل ذلك القول حسرة منهم في قلوبهم إذ قالوه ثمّ أتبع ذلك أنه بما يعملون من الأعمال بصير
وقرأ الباقون {بما تعملون} بالتّاء وحجتهم أن الكلام في أول الآية وبعد الآية جرى بلفظ مخاطبة المؤمنين فقال {يا أيها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا} إلى قوله تعالى {والله بما تعملون بصير} ثمّ قال بعد هذه {ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم} وحجّة
[حجة القراءات: 177]
الياء قوله {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} ). [حجة القراءات: 178]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (86- قوله: {بما تعملون بصير} قرأه ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء، ردوه على لفظ الغيبة الذي قبله، في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا} وقوله: {وقالوا لإخوانهم}، وقوله: {حسرة في قلوبهم}، وقرأ الباقون بالتاء، ردّوه على الخطاب الذي قبله، في قوله: {لا تكونوا كالذين كفروا}، فالضمير في {تعملون} للمؤمنين، وهو في القراءة بالياء للكفار، والقراءتان متعادلتان والتاء أحب إليّ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/361]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (40- {وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آية/ 156]:-
بالياء، قرأها ابن كثير وحمزة والكسائي.
وذلك لأن ما قبله على الغيبة، وهو {وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ}.
وقرأ الباقون {تَعْمَلُونَ} بالتاء على الخطاب، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا}). [الموضح: 388]

قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (متّم... (157) و(متنا).
[معاني القراءات وعللها: 1/277]
قرأ نافع وحمزة والكسائي: (متّم) و: (متنا) و: (متّ) بكسر الميم في كل القرآن وكذلك قرأ حفص إلا في قوله ها هنا: (أو متّم) و(لئن متّم) فإنه ضم الميم فيها.
وكسر في سائر القرآن.
وقرأ الباقون بضم الميم في جميع القرآن.
قال أبو منصور: القراءة العالية واللغة الفصيحة (مت) و(متنا)
ومن العرب من يقول: مات يمات.
ومثله: دمت أدوم، ودمت أدام.
والقراءة بكسر الميم من (متّ) فاشية، وإن كان الضم أفشى). [معاني القراءات وعللها: 1/278]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (خيرٌ ممّا يجمعون (157)
قرأ حفص عن عاصم: (ممّا يجمعون) وقرأ الباقون بالتاء.
[معاني القراءات وعللها: 1/278]
وعرفت مما قد مرّ الجواب عن ذلك من الخطاب والغيبة). [معاني القراءات وعللها: 1/279]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (57- وقوله تعالى: {ورحمة خير مما يجمعون} [157].
قرأ حفصٌ بالياء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
والباقون بالتاء] ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ: خير مما تجمعون بالتاء [آل عمران/ 157] إلّا عاصما في رواية حفص، فإنّه قرأ بالياء، ولم يروها عن عاصم غيره بالياء.
[قال أبو علي]: والمعنى: خير مما تجمعون. أيها المقتولون في سبيل الله، أو المائتون مما تجمعون من أعراض الدنيا التي تتركون القتال في سبيله للاشتغال بها وبجمعها عنه.
ومعنى الياء أنه: لمغفرة من الله خير مما يجمعه غيركم، مما تركوا القتال لجمعه. والأول أظهر وأشكل بالكلام). [الحجة للقراء السبعة: 3/94]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم}
قرأ نافع وحمزة والكسائيّ {أو متم} بكسر الميم في جميع القرآن وقرأ حفص ها هنا بالضّمّ وفي سائر القرآن بالكسر
وقرأ الباقون {متم} و{متنا} جميع ذلك بالضّمّ وحجتهم أنّها من مات يموت فعل يفعل مثل دام يدوم وقال يقول وكان يكون ولا يقال كنت ولا قلت وحجّة أخرى وهو قوله {وفيها تموتون} {ويوم أموت} ولو كانت على اللّغة الأخرى لكانت تماتون ويوم أمات لأن من مت تمات يجيء فعل يفعل ومن فعل يفعل يجيء قال يقول وقد ذكرنا
وأصل الكلمة عند أهل البصرة موت على وزن فعل مثل قول ثمّ ضمّوا الواو فصارت موت وإنّما ضمّوا الواو لأنهم أرادوا أن ينقلوا الحركة الّتي كانت على الواو إلى الميم وهي الفتحة ولو نقلوها إلى الميم لم تكن هناك علامة تدل على الحركة المنقولة إلى الميم لأن الميم كانت مفتوحة في الأصل ويقع اللّبس بين الحركة الأصليّة وبين المنقولة وأيضًا لم تكن هناك علامة تدل على الواو المحذوفة فضموا الواو لهذه العلّة ثمّ نقلوا ضمة الواو إلى الميم فصار موت واتصل بها اسم المتكلّم فسكنت التّاء فاجتمع ساكنان الواو والتّاء فحذفت الواو وأدغمت التّاء في التّاء فصارت متم وكذلك الكلام في قلت
[حجة القراءات: 178]
وأما من قرأ {متم} بالكسر له حجتان إحداهما ذكرها الخليل قال يقال مت تموت ودمت تدوم فعل يفعل مثل فضل يفضل قال الشّاعر
وما مر من عيشي ذكرت وما فضل
وكان الأصل عنده موت على فعل ثمّ استثقل الكسرة على الواو فنقلت إلى الميم فصارت موت ثمّ حذفت الواو لما اتّصلت بها تاء المتلكم لاجتماع الساكنين فصارت مت فهذا في المعتل وفضل يفضل في الصّحيح والثّانية قال الفراء مت مأخوذة من يمات على فعل يفعل مثل سمع يسمع وكان الأصل يموت ثمّ نقلوا فتحة الواو إلى الميم وقلبوا الواو ألفا لانفتاح ما قبلها فصارت يمات إلّا أنه لم يجئ يمات في المستقبل والعرب والعرب قد تستعمل الكلمة بلفظ ما ولا تقيس ما تصرف منها على ذلك القياس من ذلك قولهم رأيت همزته في الماضي ثمّ أجمعوا على ترك الهمزة في المستقبل فقالوا ترى ونرى بغير همز فخالفوا بين لفظ الماضي والمستقبل فكذلك خالفوا بين لفظ مت وتموت ولم يقولوا تمات). [حجة القراءات: 179]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (90- قوله: {مما يجمعون} قرأه حفص بالياء، على أنه حمله على لفظ الغيبة، على معنى: لمغفرة من الله لكم ورحمة خير مما يجمع غيركم، ممن ترك القتال في سبيل الله لجمع الدنيا، ولم يقاتل معكم، وقرأ الباقون بالتاء، ردوه على الخطاب الذي قبله، في قوله: {ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم} على معنى: لمغفرة من الله ورحمة خير مما تجمعون من أعراض الدنيا لو بقيتم، والتاء الاختيار؛ لأن الجماعة على ذلك، ولانتظام آخر الكلام بأوله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/362]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (41- {أَوْ مِتُّمْ} [آية/ 157]:-
بكسر الميم، قرأها نافع وحمزة والكسائي.
وهذه لغة شاذة، أعني مت تموت، ونظيره: فضل يفضل بكسر العين في الماضي وضمها في المستقبل.
وقرأ الباقون {مُتُّمْ} بضم الميم.
[الموضح: 388]
وهي اللغة المشهورة المنقاسة، أعني مت بالضم تموت، نحو قلت تقول، وطفت تطوف). [الموضح: 389]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (42- {خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آية/ 157]:-
بالياء على الغيبة، رواها ص- عن عاصم.
والمعنى المغفرة من الله خير مما يجمعه غيركم ممن تركوا القتال.
وقرأ الباقون وياش- عن عاصم {تَجْمَعُونَ} بالتاء على الخطاب.
والمعنى خير مما تجمعون أيها المخاطبون، وهذا أشد مشاكلة للكلام الذي قبله؛ لأن ما قبله على الخطاب). [الموضح: 389]

قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (56- وقوله تعالى: {ولئن متم أو قتلتم} [158].
قرأ نافع بالضم. فمن ضم فحجته «يموت» وذلك أن يفعل مثل قال يقول، فتقول: مت كما تقول: قُلت. ومن كسر فحجته أن بعضَ العربِ تقول في مُضارعه: مات يمات، وحَكَى ذلك الفَرَّاء، رحمةُ الله عليه وغيره، فيكون على هذا وزنه، فعل يَفْعَلُ مثل خاف يخاف ونام ينام، والأصل خُوِفَ ونَوِمَ، فقلبوا الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها وكذلك الأصل: مُوِتَ فاعلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/121]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (87- قوله: {متم}، و{متنا} قرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي بكسر الميم، حيث وقع، وقرأ الباقون بضم الميم، غير أن حفصًا ضم الميم في هذه السورة خاصة.
88- وحجة من ضم الميم أن المستعمل الفاشي في هذا الفعل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/361]
«مات يموت» كـ قال يقول، على: فعل يفعل، منقول «فعل» منه إلى «فعُل» بضم العين، فضمت فاء الفعل في الإخبار، لتدل على الواو المحذوفة، كما تقول: قُلت وطُفت، فإذا كسر لم تدل الكسرة على الواو المحذوفة، فأصله ضم أوله في الإخبار، للدلالة على الواو.
89- وحجة من كسر الميم أنه حمله على لغة أتت فيه على «فعل، يفعِل» وذلك قليل في القياس، أتى في المعتل كما أتى في السالم، نحو: فضل يفضل، وهو قليل أيضًا في السالم، فلما كان الماضي على «فعل» كسر أوله في الإخبار، لتدل الكسرة على أن العين من الفعل أصلها الكسر، كما كسروا في «كَلت» لتدل الكسرة على الياء المحذوفة، فـ «مِت» بالكسر كثير الاستعمال، شاذ في القياس، و«مُت» بالضم كثير الاستعمال، غير شاذ في القياس، فالضم هو الاختيار، لما ذكرنا، ولأن عليه جماعة من القراء، وقد قيل: إن من كسر الميم أتى به على لغة من قال: مات يَمات، مثل دام يَدام، فهو: فعل يفعَل كـ خاف يخاف، لغة معروفة، حكاها الكوفيون، فتكسر الميم، لتدل على أن عين الفعل مكسورة، كما كسروا في: خِفت، لذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/362]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (159) إلى الآية (163) ]

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)}

قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس فيما رواه عنه عمرو: [وشاوِرْهُمْ في بَعْض الأمر].
[المحتسب: 1/175]
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دلالة على أنك إذا قلت: شربت ماءك -وإنما شربت بعضه- كنت صادقًا، وكذلك إذا قلت: أكلت طعامك، وإنما أكلت بعضه.
ووجه الدلالة منه قراءة الباقين: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} والمعنى واحد في القراءتين، ونحن أيضًا نعلم أن الله سبحانه لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} أي: في جميعه؛ كشرب الماء، وتناول الغذاء؛ وإنما المراد به العاني من أمر الشريعة وما أُرسل عليه السلام له، ومع هذا فقد قال سيبويه في باب الاستقامة والاستحالة من الكلام: فأما المستقيم الكذب فهو قولك: حملت الجبل، وشربت ماء البحر ونحوه، فجعْلُه إياه كذبًا يدلك على أن مراده هنا بقوله: ماء البحر جميعه؛ لأنه لا يجوز أن يشرب جميع مائه، فأما على العرف في ذلك على ما مضى فلا يكون كذبًا). [المحتسب: 1/176]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة جابر بن يزيد وأبي نهيك وعكرمة وجعفر بن محمد: [فإذا عَزَمْتُ] بضم التاء.
قال أبو الفتح: تأويله عندي -والله أعلم- فإذا أَريتُك أمرًا فاعمل به وصِرْ إليه. وشاهده قول الله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}، وهذا ليس من رؤية العين؛ لأنه لا مدخل له في الأحكام، ولا من العلم؛ لأن ذلك متعد إلى مفعولين. فإذا نقل بالهمزة وجب أن يتعدى إلى ثلاثة، والذي معنا في هذا الفعل إنما هو مفعولان؛ أحدهما: الكاف، والآخر: الهاء المحذوفة العائدة على "ما"؛ أي: بما أراكه الله. فثبت بذلك أنه من الرأي الذي هو الاعتقاد، كقولك: فلان يرى رأي الخوارج، ويرى رأي أبي حنيفة ورأي مالك، ونحو ذلك؛ فرأيتُ هذه إذن قسم ثالث ليست من رؤية العين ولا من يقين القلب.
وجاز أن يَنْسب سبحانه العزم إليه؛ إذ كان بهدايته وإرشاده، فهو كقوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، وقد جاء فيه ما هو أقوى معنى من هذا؛ وهو قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، فخرج اللفظ فيه نافيًا أوله ما أثبته آخره، والغرض فيه
[المحتسب: 1/176]
ما قدمناه من أن الرمي لما كان بإقداره ومشيئته صار كأنه هو الفاعل له وهو كثير، منه قول الإنسان لمن ينتسب إليه: إنما أَرى بعينك وأسمع بأذنك والفعل منك؛ وإنما أنا آلة لك، ومن عَرف طريق القوم في اللغة سقطعت عنه مئونات التعسف والشُّبَه). [المحتسب: 1/177]

قوله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)}

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله عزّ وجلّ: (وما كان لنبيٍّ أن يغلّ... (161)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: (أن يغلّ) بفتح الياء وضم الغين.
وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الغين.
قال أبو منصور: من قرأ (يغلّ) فالمعنى ما كان لنبي أن يخون أمّته، وتفسير ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع الغنائم في غزاة، فجاءه جماعة فقالوا له: ألا تقسم بيننا غنائمنا؟
فقال صلى الله عليه وسلم: "لو أن لكم عندي مثل أحدٍ ذهبًا ما منعتكم دينارًا، أتروني أغلكم مغنمكم".
[معاني القراءات وعللها: 1/279]
ومن قرأ (أن يغلّ) فهو على وجهين:
أحدهما: ما كان لنبي أن يغلّه أصحابه، أي: يخونوه، وجاء عن النبي صلى الله عليه: "لا يخونن أحدكم خيطا ولا خياطا".
والوجه الثاني: أن يكون (يغلّ) بمعنى: يخوّن، المعنى: ما كان لنبي أن يخوّن، أي: ينسب إلى الخيانة؛ لأن نبي الله لا يخون إذ هو أمين الله في الأرض). [معاني القراءات وعللها: 1/280]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (59- وقوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل} [161].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم (أن يغل) بفتح الياء وضم الغين.
وقرأ الباقون (يغل) بضم الياء وفتح الغين، فمن ضم الياء فمعناه: أن يُخان، والأصل يُخْوَنَ. ومن قرأ بفتح الياء {يغل} أي: يخون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء وضمّ الغين، وضمّ الياء وفتح الغين من قوله: [جلّ وعز]: يغل [آل عمران/ 161].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بغل بفتح الياء وضمّ الغين.
وقرأ الباقون: يغل بضم الياء، وفتح الغين.
[الحجة للقراء السبعة: 3/94]
[قال أبو علي]: قالوا في الخيانة: أغلّ يغلّ إغلالا: إذا خان ولم يؤدّ الأمانة، قال النمر بن تولب:
جزى الله عنّا جمرة ابنة نوفل... جزاء مغلّ بالأمانة كاذب
وقال آخر:
حدّثت نفسك بالوفاء ولم تكن... للغدر خائنة مغلّ الإصبع
أي: لكراهة الغدر.
فأمّا «خائنة» فيحتمل أن تكون مصدرا كالعافية، والعاقبة، فإن حملته في البيت على هذا قدرت حذف المضاف، وإن شئت جعلته مثل راوية.
[الحجة للقراء السبعة: 3/95]
ونسب الإغلال إلى الإصبع كما نسب الآخر الخيانة إلى اليد في قوله:
فولّيت العراق ورافديه... فزاريا أحذّ يد القميص
[الرواية: أأطعمت العراق].
وقالوا: من الغلّ الذي هو الشحناء والضّغن، غلّ يغلّ، بكسر الغين. وقالوا في الغلول من الغنيمة: غلّ يغلّ بضمّ الغين.
والحجّة لمن قرأ: يغل أنّ ما جاء في التنزيل من هذا النحو أسند الفعل فيه إلى الفاعل نحو ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء [يوسف/ 38] وما كان ليأخذ أخاه [يوسف/ 76] وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله [آل عمران/ 145] وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم [التوبة/ 115] وما كان الله ليطلعكم على الغيب [آل عمران/ 179] ولا يكاد يجيء منه: ما كان زيد ليضرب، فيسند الفعل فيه إلى المفعول به.
فكذلك ما كان لنبي أن يغل [آل عمران/ 161] يسند الفعل فيه إلى الفاعل. وروي عن ابن عباس أنّه قرأ: يغل وقيل له: إنّ
[الحجة للقراء السبعة: 3/96]
عبد الله قرأ: يغل فقال ابن عباس: بلى والله ويقتل، وروي أيضا عن ابن عباس: «قد كان النبي يقتل فكيف لا يخوّن» ؟.
ومن قال: يغلّ احتمل أمرين: أحدهما أن ينسب إلى ذلك، أي:
لا يقال له غللت، كقولك: أسقيته. أي: قلت له: سقاك الله. وقال:
وأسقيه حتّى كاد ممّا أبثّه... تكلّمني أحجاره وملاعبه
وكقولهم: [أكفرتني أي: نسبتني] إلى الكفر قال:
فطائفة قد أكفرتني بحبّكم.....
أي: نسبتني إلى الكفر. ويجوز أن يكون يغل. أي: ليس لأحد أن يغلّه، فيأخذ من الغنيمة التي حازها، وإن كان لا يجوز أن يغلّ غير النبي صلى الله عليه وسلم من إمام للمسلمين وأمير لهم، لأنّ ذلك يجوز أن يعظم بحضرته، ويكبر كبرا لا يكبر عند غيره [عليه
[الحجة للقراء السبعة: 3/97]
السلام]، لأنّ المعاصي تعظم بحضرته، كما قال: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي. [الحجرات/ 2] فالغلول وإن كان كبيرا، فهو بحضرته عليه السلام أعظم). [الحجة للقراء السبعة: 3/98]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما كان لنبيّ أن يغل}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {أن يغل} بفتح الياء وضم الغين أي ما كان لنبيّ أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم وحجتهم في ذلك أن النّبي صلى الله عليه جمع الغنائم في غزاة فجاءه جماعة من المسلمين فقالوا ألا تقسم بيننا غنائمنا فقال صلى الله عليه
لو أن لكم مثل أحد ذهبا ما منعتكم درهما أترونني أغلكم مغنمكم
[حجة القراءات: 179]
فنزلت {وما كان لنبيّ أن يغل} أي ما ينبغي لنبيّ أن يجور في القسم ولكن يعدل ويعطي كل ذي حق حقه
عن ابن عبّاس قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه في قطيفة حمراء فقدت في غزوة بدر فقال من كان مع النّبي صلى الله عليه لعلّ رسول الله صلى الله عليه أخذها فأنزل الله الآية
وحجّة أخرى وهي أن المستعمل في كلام العرب أن يقال لمن فعل ما لا يجوز له أن يفعل ما كان لزيد أن يفعل كذا وكذا وما كان له أن يظلم ولا يقال أن يظلم لأن الفاعل فيما لا يجوز له يقال له ما كان ينبغي له أن يفعل ذلك به نظير قوله وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله وكما قال {ما كان للنّبي والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} ألا ترى أنهم المستغفرون ولم يقل أن يستغفروا
وقرأ الباقون {يغل} بضم الياء وفتح الغين أي ما كان لنبيّ أن يغله أصحابه أي يخونوه ثمّ أسقط الأصحاب فبقي الفعل غير مسمّى فاعله وتأويله ما كان لنبيّ أن يخان وحجتهم ما ذكر عن قتادة قال ما كان لنبيّ أن يغله اصحابه الّذين معه من المؤمنين
ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على النّبي صلى الله عليه يوم بدر وقد غل طوائف من أصحابه وقال آخرون معنى ذلك وما كان لنبيّ
[حجة القراءات: 180]
أن يتهم بالغلول قال الفراء يغل أي يسرق ويخون أي ينسب إلى الغلول يقال أغللته أي نسبته إلى الغلول وقال آخرون {وما كان لنبيّ أن يغل} أي يلفى غالا أي خائنا كما يقال أحمدت الرجل إذا وجدته محمودًا). [حجة القراءات: 181]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (91- قوله: {أن يغل} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بفتح الياء، وضم الغين، وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الغين.
92- وحجة من فتح الياء وضمّ الغين أنه نفى الغلول عن النبي، وأضاف الفعل إليه، ونفاه عنه أن يفعله، وقد ثبت أن الغُلول وقع من غيره، فلا يحسن أن ينفي الغلول عن غيره، لأنه أمر قد وقع، وإنما ينفي الغلول عنه، وهي الخيانة في المغانم، فالمعنى: ما كان لنبي أن يخون من معه في الغنيمة، وقد نفى ابن عباس القراءة بضم الياء، وقال: كيف لا يكون له أن يغل، وقد كان جائزًا أن يقتل، قال الله: {ويقتلون الأنبياء} «آل عمران 112» قال: ولكن المنافقين اتهموا النبي في شيء فقد، فأنزل الله: {وما كان لنبي أن يغل} أي: يخون أمته في المغانم، فنفى عنه الغلول، وروى معاذ بن جبل أن النبي عليه السلام كان يقرأه بفتح الياء، وبه قرأ ابن عباس.
93- وحجة من ضم الياء وفتح العين أنه حمله على النفي عن أصحاب النبي، أن يخونوه في المغانم، وفيه معنى النهي عن فعل ذلك، فدلّ على هذا المعنى قوله: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} فدل على أنه كان في القم غلول تنزيها للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له أن يكون أحد من أمته نسب إليه الغلول بل هم المخطئون والمذنبون، فالمعنى: ما كان لنبي أن يغان في الغنائم، قال جابر بن عبد الله: أنزلت يوم بدر هذه الآية، قال: وكان ناس غلوا فأنزلت فيهم، فلو يخونوا بعد، وقيل: إن أصله «يغلل» أي: يخون، أي: ما كان لنبي أن يخونه أصحابه، لكن حذفت إحدى اللامات استخفافًا، فالفعل على هذا منفي عن النبي عليه السلام كالقراءة بفتح الياء،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/363]
ويجوز أن يكون المعنى في هذه القراءة: ما كان لنبي أن ينسب إلى الغلول، أي: لا يقال له: أغللت، كقولك: أكفرت الرجل، أي: نسبته إلى الكفر، فيكون النفي أيضًا عن النبي، لا عن أصحابه، ويجوز أن يكون المعنى: ما كان لنبي أن يوجد غالًا، كقوله: أحمدت الرجل، أي: وجدتُه محمودًا، فيكون النفي أيضًا عن النبي عليه السلام، والاختيار ضم الياء، لأن عليه أكثر القراء، ولأن فيه تنزيهًا للنبي وتعظيمًا له، أن يكون أحد من أمته نسب إليه الغلول، بل هم المخطئون المذنبون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/364]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (43- {أَنْ يَغُلّ} [آية/ 161]:-
بفتح الياء وضم الغين، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم.
والمراد ما كان لنبيٍ أن يخون أمته في الغنيمة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الغنائم في غزاة ليقسمها، فجاءه جماعة، فقالوا: ألا تقسم بيننا غنائمنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لو أن لكم عندي مثل
[الموضح: 389]
أحدٍ ذهبًا ما منعتكم دينارًا، أترونني أغلكم مغنمكم» فنزلت هذه الآية، وعلى هذه القراءة ورد في القرآن ما جاء من نظيره نحو {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ} و{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ} على إسناد الفعل إلى الفاعل، وقلما يقال: ما كان لزيدٍ أن يضرب، على إسناد الفعل إلى المفعول به.
وقرأ الباقون «يغل» بضم الياء وفتح الغين.
والوجه أ، المراد ينسب إلى الغلول، وهو الخيانة في المغنم، يقال: أكفرته أي نسبته إلى الكفر.
ويجوز أن يكون المعنى: ليس لأحدٍ أن يغله، أي يخونه في الغنيمة؛ لأن الغلول وإن كانت كبيرةً فإنه معه وبحضرته أعظم إثمًا). [الموضح: 390]

قوله تعالى: {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)}

قوله تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:19 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[ الآية (164) ]

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}

قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:22 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (165) إلى الآية (168) ]

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}


قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}

قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)}

قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:23 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (169) إلى الآية (171) ]

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}

قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تحسبنّ الّذين قتلوا... (169)
قرأ ابن عامر وحده: (قتّلوا) مشددًا، وخفف الباقون.
واتفقوا على التاء في (تحسبنّ).
قال أبو منصور: من قرأ (قتّلوا) بالتشديد فهو للتكثير، ومن قرأ (قتلوا) فعلى (فعل) ). [معاني القراءات وعللها: 1/280]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (60- وقوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله} [169].
اتفق القراء على التاء إلا هشامًا فإنه قرأ: {يحسبن} بالياء في هذا، واختلفوا فيما بعده، وشدد ابن عامر وحده التاء في {قتلوا}.
وخففها الباقون. فمن خفف برواية هشام يكون مرة ومرارًا، ومن شدد لا يكون إلا مرارًا كأنهم قتلوه مرة بعد مرة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله [آل عمران/ 169] مخففة التاء إلا ابن عامر فإنّه قرأ: قتلوا* مشدّدة التاء.
[قال أبو علي]: وجه من قرأ قتلوا بالتخفيف أنّ التخفيف يصلح للكثير والقليل، تقول: قتلت القوم فيصلح، التخفيف للكثرة، وضربت زيدا ضربة، فيصلح للقلّة. ووجه التّثقيل أنّ المقتولين كثرة فحسن التثقيل، كما قال: مفتحة لهم الأبواب [ص/ 50] وفعّل يختص به الكثير دون القليل). [الحجة للقراء السبعة: 3/98]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنها بالتاء). [الحجة للقراء السبعة: 3/101] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: ولم يختلفوا في قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا [آل عمران/ 169] أنّها بالتاء قوله: تحسبن مسند إلى الفاعل المخاطب، والذين قتلوا المفعول الأول، والمفعول الثاني قوله: أمواتا. فقد استوفى الحسبان فاعله ومفعوليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/110] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (94- قوله: {ولا تحسبن الذين قتلوا} قرأه ابن عامر بالتشديد، على التكثير لأن المقتولين كُثر والتشديد للتكثير، وقرأه الباقون بالتخفيف، لأن التخفيف للتقليل والتكثير، فهو كالتشديد في أحد وجهيه، وهو الاختيار، لإجماع القراء عليه، ومثله في العلة الذي قبله، وهو قوله: {لو أطاعونا ما قتلوا} «168» قرأه هشام بالتشديد، وخفف الباقون). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/364]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (44- {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} [آية/ 169]:-
بتشديد التاء، قرأها ابن عامر وحده.
وذلك لأن في المقتولين كثرةً فحسن التثقيل، كما تقول: فتحت الأبواب، قال تعالى {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ}، وفعل بالتشديد يختص بالكثرة.
وقرأ الباقون {قُتِلُوا} بالتخفيف.
والوجه أن فعل بالتخفيف قد يصلح للقليل والكثير، فيجوز أن تقع ههنا
[الموضح: 390]
الكثرة، كما تقول: قتلت القوم). [الموضح: 391]

قوله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}

قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأنّ اللّه لا يضيع أجر المؤمنين (171).
قرأ الكسائي وحده: (وإنّ اللّه) بكسر الألف، وفتحها الباقون.
[معاني القراءات وعللها: 1/280]
قال أبو منصور: من قرأ (وأن الله) بالفتح فالمعنى: يستبشرون بأن لا خوفٌ عليهم وبأنّ اللّه لا يضيع أجر المؤمنين.
ومن قرأ (وإنّ اللّه) فهو استئناف). [معاني القراءات وعللها: 1/281]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (61- وقوله تعالى: {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [171].
قرأ الكسائي وحده (إن الله) بالكسر.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/122]
وقرأ الباقون بالفتح. فمن فتح فموضع «أن» خفضٌ بالنَّسق على قوله: {ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم} بأن الله لا يضيع، ولأن الله.
ومن كسر جعلها مبتدأة، واعتبر قراءته بحرف عبد الله {والله لا يضيع} بغير «إن»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/123]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله [جلّ وعز] وأن الله لا يضيع [آل عمران/ 171] في كسر الألف وفتحها، فقرأ الكسائي وحده: وإن الله لا يضيع بكسر الألف وقرأ الباقون: وأن الله بفتح الألف.
[قال أبو علي]: وجه الفتح أنّ المعنى يستبشرون بنعمة من الله، وبأنّ الله لا يضيع، فأنّ معطوفة على الباء، المعنى:
يستبشرون، بتوفر ذلك عليهم، ووصوله إليهم، لأنّه إذا لم يضعه،
[الحجة للقراء السبعة: 3/98]
وصل إليهم، فلم يبخسوه، ولم ينقصوه، فهذا مما يستبشر به، كما أنّ النعمة والفضل كذلك. ومن كسر فإلى ذا المعنى يؤول، لأنّه إذا لم يضعه وصل إليهم، فلم ينقصوه، فالأول أشدّ إبانة لهذا المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 3/99]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}
قرأ الكسائي {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} بكسر الألف على معنى والله لا يضيع أجر المؤمنين
وكذلك هي في قراءة عبد الله (والله لا يضيع) فهذا يقوي إن بالكسر
وقرأ الباقون {وأن الله} بالفتح وهي في موضع خفص على النسق على {بنعمة من الله وفضل} المعنى ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين). [حجة القراءات: 181]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (95- قوله: {وأن الله لا يضيع} قرأه الكسائي بكسر الهمزة، على الابتداء والاستئناف، وهو مع ذلك متعلق بالأول، لأنه إذا لم يضعه فهو واصل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/364]
أجره إليهم، وقرأ الباقون بالفتح، عطفوه على {بنعمة} أي: يستبشرون بالنعمة والفضل، وبأن الله لا يضيع الأجر، فـ «أن» في موضع نصب، بحذف الخافض، أو في موضع خفض على تقدير الخافض محذوفًا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/365]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (45- {وَأَنَّ الله لَا يُضِيعُ} [آية/ 171]:-
بكسر إن، قرأها الكسائي وحده.
وذلك أنه استأنف بها ولم يعطفها على ما قبلها، فهو على كلامين.
وقرأ الباقون {وَأَنَّ} بالفتح، عطفًا على {نعمةٍ}، كأنه قال: يستبشرون بنعمة وبأن الله لا يضيع؛ لأنه إذا لم يضع تعالى أجرهم، فإن ذلك مما يستبشر به). [الموضح: 391]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة