سورة التحريم
[ من الآية (1) إلى الآية (5) ]
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (والميم في {لم} مفتوحة، لأن الأصل: لما، حذفت الألف تخفيفًا كما يقال: {عم يتساءلون} وعلام تذهب، وفيم جئتني، ويجوز «لم» ساكنًا و«ما» بإثبات الألف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/374]
قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}
قوله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (عرّف بعضه).
قرأ الكسائي، والأعشى عن أبي بكر عن عاصم: (عرف بعضه) مخففًا.
وقرأ الباقون (عرّف بعضه) مشددًا.
قال أبو منصور: من قرأ (عرف بعضه) فالمعنى: أن النبي صلى الله عليه قد عرف كل ما كان أسره إلى حفصة، والإعراض لا يكون إلا عن ما عرفه.
وقال الفراء: معنى قوله (عرف بعضه) جازى ببعضه، أي: ببعض الذنب.
والعرب تقول للرجل إذا أساء إليه رجل: لأعرفن لك غبّ هذا، أي: لأجازينّك عليه، يقول هذا لمن يتوعده قد علمت ما عملت، وعرفت ما صنعت: ومعناه: سأجازيك عليه، لا أنلث تقصد إلى أن تعرفه أنك قد علمت فقط.
ومثله قول اللّه: (وما تفعلوا من خيرٍ يعلمه اللّه)، وتأويله: يعلمه فيجازى عليه.
ومن قرأ (عرّف بعضه) بالتشديد فمعناه: خبر بعضه، أي: عرّف بعضه حفصة، وأعرض عن بعض أي: عرفها بعض ما أفشت من الخبر في أمر مارية). [معاني القراءات وعللها: 3/76]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- وقوله تعالى: {عرف بعضه وأعرض} [3].
قرأ الكسائي وحده: {عرف} واحتج بأن أبا عبد الرحمن السلمي كان إذا سمع رجلا قرأ: {عرف بعضه} بالتشديد حصبه، ومعنى عرف: غضب من ذلك، وجازى عليه حين طلق حفصة تطليقة، وهذا كما تقول للرجل يسيء إليك: أما والله لأعرفن ذلك.
وقرأ الباقون: {عرف} بالتشديد، ومعناه عرف حفصة بعض الحديث وأعرض عن بعضه، قال أبو عبيد: لو كان عرف بالتخفيف لكان عرف بعضه، وأنكر بعضًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/375]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ الكسائي وحده: عرف بعضه [3] خفيفة.
الباقون: عرف مشدّدة.
وجه التخفيف لقول الكسائي عرف بعضه أنه جازى عليه، لا يكون إلا كذلك، ألا ترى أنه لا يخلو من أن يكون عرف الذي معناه علم، أو الذي ذكرنا، فلا يجوز أن يكون من باب العلم، لأن النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم، إذا أظهره اللّه على ما أسرّة إليها علم جميع ذلك، ولم يجز أن يعلم من ذلك مع إظهار اللّه إياه عليه بعضه، ولكن يعلم جميعه، فإذا لم يجز حمله على هذا الوجه، علمت أنه من المعنى الآخر، وهذا كما تقول لمن يسيء أو يحسن: أنا أعرف لأهل الإحسان، وأعرف لأهل الإساءة، أي: لا يخفى عليّ ذلك، ولا مقابلته بما يكون وفقا له.
وقد قرأ بالتخفيف غير الكسائي منهم فيما زعموا الحسن وأبو عبد الرحمن، وكأنّ معنى عرف بعضه جارى على بعض ذلك، وأغضى عن بعض. ومثل عرف بعضه فيمن خفّف قوله: وما تفعلوا
[الحجة للقراء السبعة: 6/301]
من خير يعلمه الله [البقرة/ 197]، ومثله، أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم [النساء/ 63]، ومثله: ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [الزلزلة/ 7]، فقوله يره من رؤية العين، أي: يرى جزاءه، فحذف المضاف كما حذفه من قوله: وهو واقع بهم [الشورى/ 22] أي: جزاؤه واقع بهم، وكان مما جازى عليه تطليقه حفصة واحدة.
وأما عرف بالتشديد فالمعنى: عرّف بعضه وأعرض عن بعض، فلم يعرّفه إياها على وجه التكرّم والإغضاء). [الحجة للقراء السبعة: 6/302]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض}
قرأ الكسائي {عرف بعضه} بالتّخفيف وقرأ الباقون عرف بالتّشديد من قولك عرفتك الشّيء أي أخبرتك به فالمعنى عرف حفصة بعض الحديث وأعرض عن بعض فلم يعرفه إيّاها على وجه التكرم والإغضاء وألا يبلغ أقصى ما كان منها وجاء في التّفسير أن النّبي صلى الله عليه أخبرها ببعض ما أعلمه الله عنها أنّها قالت وحجتهم قوله {فلمّا نبأها} به أي خبرها فهذا دليل على التّعريف ويقوّي ذلك قوله {وأعرض عن بعض} يعني أنه لم يعرفها إيّاه ولو كان عرف لكان الإنكار ضدّه فقيل وأنكر بعضًا ولم يقل وأعرض عنه
ووجه التّخفيف لقراءة الكسائي {عرف بعضه} أي جازى عليه وغضب من ذلك وحجته في ذلك أن جاء في التّفسير أن النّبي صلى الله عليه جازى حفصة بطلاقها قال الزّجاج وتأويل هذا حسن بين معنى عرف بعضه أي جازى عليه كما تقول لمن تتوعده قد علمت ما عملت وقد عرفت ما صنعت تأويله فسأجازيك عليه لا أنّك تقصد إلى أن تعرفه أنّك قد علمت فقط ومثله قوله تعالى {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} فتأويله يعلمه الله ويجازي عليه والله يعلم كل ما يعمل فقيل إن النّبي صلى الله عليه طلق حفصة تطليقة فكان ذلك
[حجة القراءات: 713]
جزاءها عنده وكانت صوّامة قوّامة فأمر الله عز وجل أن يراجعها فراجعها). [حجة القراءات: 714]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {عرَّف} قرأه الكسائي بتخفيفه الراء، وشدد الباقون.
وحجة من خفف أنه حمله على معنى جازى النبي على بعض وعفا عن بعض تكرمًا منه صلى الله عليه وسلم، وجاء التفسير فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر إلى بعض أزواجه سرًا فأفشته عليه، ولم تكتمه، فأطلع الله نبيه على ذلك، فجازاها على بعض ما فعلت، وأعرض عن بعض، فلم يجازها عليه، وماجازته لها هو طلاقها، وروي أنها حفصة بنت عمر أفشت عليه سرًا أسره إليها، فأعلمه الله بذلك فجازاها على بعض فعلها بالطلاق الرجعي، ولا يحسن أن يحمل التخفيف على معنى «علم بعضه» لأن الله جل ذكره قد أعلمنا أنه أطلعه عليه، وإذا أطلعه عليه لم يجز أن يجهل منه شيئًا، فلابد من حمل {عرف} مخففًا على معنى «جازى»، وذلك مستعمل في {عرف}، تقول لمن يسيء ولم يحسن: أنا أعرف لأهل الإحسان، وأعرف لأهل الإساءة أي: لا أقصر في مجازاتهم فـ {عرف} بمعنى «علم»، و«علم» بمعنى «جازى»، وعلى ذلك يتأول قوله تعالى: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} «البقرة 198»، أي: يجازيكم به الله، ومنه قوله: {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم} «النساء 63»، أي: يجازيهم على ما أظهروا من ذلك، ولم يرد أن يعلمنا أنه يعلمه؛ لأن ذلك مستقر في الأنفس، إنه تعالى يعلم السر والعلانية، وعلى ذلك وقعت «يرى» بمعنى «يجازي» في قوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} «الزلزلة 7، 8» أي: يجازى عليه، لم يرد رؤية البصر فقط، لأن ذلك لا ضرر فيه على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/325]
الرائي، إنما أراد الجزاء عليه، وقيل: المعنى «يرى جزاءه» ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وهو من فصيح كلام العرب، وهو قول حسن.
2- وحجة من شدد {عرف} أنه حمله على معنى أنه عرفها النبي عليه السلام بعضه، فأخبرها أنها أفشت عليه، وأعرض عن بعض تكرمًا منه صلى الله عليه وسلم، والتشديد الاختيار، لأن الجماعة عليه، وقوله: {وأعرض عن بعض} يدل على التشديد، أي: عرفها ببعض وأعرض عن بعض، فلم يعرفها به، ولو كان {عرّف} مخففًا لقال: وأنكر بعضًا، لأن الإنكار ضد المعرفة، والإعراض ضد التعريف، فقوله: {أعرض} يدل على التعريف لأنه نقيضه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/326]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {عَرَّفَ بَعْضَهُ} [آية/ 3] بتخفيف الراء:-
قرأها الكسائي وحده.
والوجه أن المعرفة ههنا بمعنى الجزاء، يُقال: أنا أعرف لأهل الإحسان وأعرف لأهل الإساءة، أي أجازيهما، وحقيقة المعنى أنه لا يخفى على صنيع كل واحدٍ من الفريقين فأنا أُجازيه عليه.
والمراد أنه عليه السلام جازى ببعضه وترك جزاء البعض.
ولا يجوز أن يكون {عَرَفَ} ههنا بمعنى عَلِمَ؛ لأنه لما أطلعه الله تعالى على ما كان أسره إليها كان عالمًا بالجميع ولم يكن يعرف البعض ويجهل البعض.
وقرأ الباقون {عَرَّفَ} بتشديد الراء.
والوجه أن المراد أن النبي صلى الله عليه (وسلم) عرفها بعضه وأعرض
[الموضح: 1278]
عن بعض، فلم يعرفها إياه على سبيل التكرّم أو مخافة الانتشار). [الموضح: 1279]
قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {وإن تظاهرا عليه} [4].
قرأ أهل الكوفة بالتخفيف.
وقرأ الباقون بالتشديد، فمن شدد أراد: تتظاهر فأذغم؛ لأنه فعل مستقبل وهذا جزم بالشرط، وسقطت النون للجزم، والفاء جوابه، وعلامة الجزم حذف النون، والأصل تظاهران. ومن خفف أسقط تاء تخفيفًا، وقد ذكرت هذا في مواضع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/376]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ ابن كثير: وجبريل* [التحريم/ 4] بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز، وقرأ أبو عمرو ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم: وجبريل وكذلك المفضل، وقرأ عاصم في رواية يحيى:
وجبرئل* مفتوح الراء والجيم مقصورة، وقرأ حمزة والكسائي: جبرئيل وكذلك الكسائي عن أبي بكر عن عاصم، وحسين عن أبي بكر ومحمد بن المنذر عن يحيى عن أبي بكر وأبان عن عاصم.
قال أبو علي: ليس هذا الاسم بعربي، وأشبه هذه الوجوه بالتعريب ما كان موافقا لبناء من الأبنية العربية، فالخارج عن الأبنية جبريل*، ألا ترى أنه ليس في أبنيتهم مثل: قنديل، فأمّا جبريل فعلى وزن قنديل وجبرئل* على وزن جحمرش وصهصلق، وجبرئيل على وزن عندليب. فأما قول ابن كثير: جبريل فهو متجه، وإن لم يجيء في أبنيتهم، ألا ترى أنه قد جاء فيما كان نكرة من الأسماء الأعجمية ما ليس على أبنيتهم نحو: الآجرّ والإبريسم، فإذا جاء في
[الحجة للقراء السبعة: 6/302]
النكرات التي هي أشبه بالأسماء المقرّبة، واحتمل ذلك فيها واستجيز، فأن يستجاز في الأسماء المعرفة والمنقولة في حال تعريفها أولى). [الحجة للقراء السبعة: 6/303]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه} 4
قرأعاصم وحمزة والكسائيّ {وإن تظاهرا عليه} بالتّخفيف وقرأ الباقون بالتّشديد أرادوا تتظاهرا فأدغموا التّاء في الظّاء ومن خفف أسقط التّاء مثل {تذكرون} ). [حجة القراءات: 714]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [آية/ 4] بالتخفيف:-
قرأها الكوفيون.
والأصل تتظاهرا، فحُذفت إحدى التائين، والمعنى: وإن تتعاونا عليه.
وقرأ الباقون {تَظَّاهَرَا} بالتشديد.
والوجه أن التاء الثانية أدغمت في الظاء، فبقي تظاهرًا). [الموضح: 1279]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {جِبْرِيلُ} [آية/ 4]:-
مذكورة قراءته ووجوهها في سورة البقرة). [الموضح: 1279]
قوله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وروى عباس عن أبي عمرو (إن طلّقكنّ) مدغما (أن يبدله) مخففا.
وروى اليزيدي عن أبي عمرو (إن طلّقكنّ أن يبدله مشددًا والباقون يظهرون ويخففون). [معاني القراءات وعللها: 3/77]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (فإن قال قائل: ما معنى قوله: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن مسلمات} هل كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء خيرًا من أزواجه؟
فقل: إنما شرف أزواج النبي عيله السلام عند الإسلام برسول الله، فإذا طلقهن كان كل من تزوجه الرسول عليه السلام بعدهن أفضل منهن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/374]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {إن طلقكن} [5].
روي عباس عن أبي عمرو: {إن طلقكن} مدغمًا لقرب القاف من الكاف.
والباقون يظهرون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/375]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {أن يبدله} [5].
شدده نافع، وأبو عمرو.
وخففه الباقون و قد ذكرت علته في (الكهف) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/375]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عباس عن أبي عمرو: إن طلقكن [التحريم/ 5] مدغمة، الباقون يظهرون: إن طلقكن أن يبدله خفيفة.
اليزيدي عن أبي عمرو: إن طلقكن مثقّلة، أن يبدله مشدّدة.
إدغام القاف في الكاف حسن لأنها من حروف الفم، وأصل الإدغام أن تكون فيها دون حروف الطرفين: الحلق والشفة.
وإن ترك الإدغام فيهما لأنهما من أول مخارج الفم فإذا كان من أول مخارجه أشبه حروف الحلق لقربها منها، كما أن الخاء والغين لمّا كانتا آخر مخارج الحلق وأقربها إلى الفم، أجريا مجرى حروف الفم في أن لم تبيّن النون معهما في نحو: منغل ومنخل، وكذلك القاف والكاف يكونان لقربهما من الحلق في حكم حروفه، والإدغام في حروف الحلق ليس بالكثير فكذلك فيما أشبههنّ.
فأما يبدله، ويبدله فقد تقدّم القول فيه). [الحجة للقراء السبعة: 6/303]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({عسى ربه إن طلّقكن أن يبدله أزواجًا خيرا منكن}
قرأ نافع وأبو عمرو أن يبدله بالتّشديد من بدل يبدل وقرأ الباقون بالتّخفيف من أبدل يبدل وقد ذكرت). [حجة القراءات: 714]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {أَنْ يُبْدِّلَهُ} [آية/ 5] بتشديد الدال:-
قرأها نافع وأبو عمرو.
وقرأ الباقون {يُبْدِلَهُ} مخففةً.
والوجه فيهما قد تقدم في سورة الكهف.
وكذلك اختلافهم في: {أَنْ يُبْدِلَنَا} ). [الموضح: 1279]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين