العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة سبأ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة سبأ [ من الآية (6) إلى الآية (9) ]

تفسير سورة سبأ
[ من الآية (6) إلى الآية (9) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (9)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:32 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد}.
يقول تعالى ذكره: أثبت ذلك في كتابٍ مبينٍ؛ ليجزي الّذين آمنوا، والّذين سعوا في آياتنا ما قد بيّن لكم، وليرى الّذين أوتوا العلم؛ فيرى في موضع نصبٍ عطفًا به على قوله: يجزي، في قوله: {ليجزي الّذين آمنوا} وعنى بالّذين أوتوا العلم: مسلمة أهل الكتاب كعبد اللّه بن سلاّمٍ، ونظرائه الّذين قد قرؤوا كتب اللّه الّتي أنزلت قبل الفرقان، فقال تعالى ذكره: وليرى هؤلاء الّذين أوتوا العلم بكتاب اللّه الّذي هو التّوراة، الكتاب الّذي أنزل إليك يا محمّد من ربّك هو الحقّ.
وقيل: عنى بالّذين أوتوا العلم: أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ} قال: أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {ويهدي إلى صراط العزيز الحميد} يقول: ويرشد من اتّبعه، وعمل بما فيه إلى سبيل اللّه العزيز في انتقامه من أعدائه، الحميد عند خلقه، فأياديه عندهم، ونعمه لديهم. وإنّما يعني أنّ الكتاب الّذي أنزل على محمّدٍ يهدي إلى الإسلام). [جامع البيان: 19/213-214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم} قال: مغفرة لذنوبهم {ورزق كريم} في الجنة {والذين سعوا في آياتنا معاجزين} قال: أي لا يعجزون وفي قوله {أولئك لهم عذاب من رجز أليم} قال: الرجز هو العذاب الأليم الموجع، وفي قوله {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} قال: أصحاب محمد). [الدر المنثور: 12/164-165] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ويرى الذين أوتوا العلم} قال: الذين أوتوا الحكمة {من قبل} قال: يعني المؤمنين من أهل الكتاب). [الدر المنثور: 12/165]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد يقول إذا أكلتكم الأرض وكنتم عظاما ورفاتا إنكم لفي خلق جديد). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: وقال الّذين كفروا باللّه وبرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، متعجّبين من وعده إيّاهم البعث بعد الممات بعضهم لبعضٍ: {هل ندلّكم} أيّها النّاس {على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ} يقول: يخبركم أنّكم بعد تقطيعكم في الأرض بلي، وبعد مصيركم في التّراب رفاتًا، عائدون كهيئتكم قبل الممات خلقًا جديدًا.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ} قال: ذلك مشركو قريشٍ والمشركون من النّاس {ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ} إذا أكلتكم الأرض، وصرتم رفاتًا وعظامًا، وقطّعتكم السّباع والطّير {إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ} ستحيون وتبعثون.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {هل ندلّكم على رجلٍ} إلى {خلقٍ جديدٍ} قال: يقول: {إذا مزّقتم} وإذا بليتم وكنتم عظامًا وترابًا ورفاتًا ذلك {كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ}.
وقال: {ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ} فكسر (إنّ) ولم يعمل {ينبّئكم} فيها، ولكن ابتدأ بها، لأنّ النّبأ خبرٌ وقولٌ، فالكسر في (إنّ) لمعنى الحكاية في قوله: {ينبّئكم} دون لفظه، كأنّه قيل: يقول لكم: {إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ}.
ويجوز كسرها لدخول اللاّم في الخبر، كما قال: {إنّ ربّهم بهم يومئذٍ لّخبيرٌ}؛ لأنّ اللاّم إذا دخلت في الخبر كسرت المفتوح). [جامع البيان: 19/214-215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم} قال: قال ذلك مشركو قريش {إذا مزقتم كل ممزق} يقول: اذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاما ورفاتا، وتقطعتكم السباع والطير {إنكم لفي خلق جديد} انكم ستحيون وتبعثون قالوا: ذلك تكذيبا به {أفترى على الله كذبا أم به جنة} قال: قالوا: إما أن يكون يكذب على الله واما أن يكون مجنونا {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} قال: انك ان نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن كان قبلهم {أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي قطعا من السماء ان يشأ يعذب بسمائه فعل وان يشأ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند قال قتادة رضي الله عنه: وكان الحسن رضي الله عنه يقول: ان الزبد لمن جنود الله {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} قال قتادة: تائب مقبل على الله عز وجل). [الدر المنثور: 12/165-166]

تفسير قوله تعالى: (أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ، بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هؤلاء الّذين كفروا به، وأنكروا البعث بعد الممات بعضهم لبعضٍ، معجبين من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في وعده إيّاهم ذلك: أفترى هذا الّذي يعدنا أنّا بعد أن نمزّق كلّ ممزّقٍ في خلقٍ جديدٍ على اللّه كذبًا، فتخلّق عليه بذلك باطلاً من القول، وتخرّص عليه قول الزّور {أم به جنّةٌ} يقول: أم هو مجنونٌ فيتكلّم بما لا معنى له.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قالوا تكذيبًا: {أفترى على اللّه كذبًا} قال: قالوا: إمّا أن يكون يكذب على اللّه، أم به جنّةٌ، وإمّا أن يكون مجنونًا {بل الّذين لا يؤمنون} الآية.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ؛ ثمّ قال بعضهم لبعضٍ: {أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ} الرّجل مجنون فيتكلّم بما لا يعقل، فقال اللّه: {بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد}.
وقوله: {بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد} يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما قال هؤلاء المشركون في محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وظنّوا به من أنّه أفترى على اللّه كذبًا، أو أنّ به جنّةً، لكن الّذين لا يؤمنون بالآخرة من هؤلاء المشركين في عذاب اللّه في الآخرة، وفي الذّهاب البعيد عن طريق الحقّ، وقصد السّبيل، فهم من أجل ذلك يقولون فيه ما يقولون.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ؛ قال اللّه: {بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد} وأمره أن يحلف لهم ليعتبروا، وقرأ: {قل بلى وربّي لتبعثنّ} الآية كلّها، وقرأ: {قل بلى وربّي لتأتينّكم}.
وقطعت (الألف) من قوله: {أفترى على اللّه} في القطع والوصل، ففتحت لأنّها ألف استفهام فأمّا الألف الّتي بعدها، الّتي هي ألف (افتعل)، فإنّها ذهبت لأنّها خفيفةٌ زائدةٌ تسقط في اتّصال الكلام، ونظيرها: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم}، و{بيديّ أستكبرت} و{أصطفى البنات} وما أشبه ذلك، ولا يجوز كسر الألف في شيءٍ من ذلك؛ لأنّ دلالة الاستفهام تسقك من الكلام إذا كسرت وخالفت هيئته قوله: {آلذّكرين حرّم أم الأنثيين} و{آلآن} وما أشبه ذلك، وطوّلت هذه، ولم تطوّل تلك؛ لأن ألف {آلآن}، و{آلذّكرين} كانت مفتوحةً، فلو أسقطت لم يكن بين الاستفهام والخبر فرقٌ، فجعل التّطويل فيها فرقًا بين الاستفهام والخبر، والألف من {أفترى} كانت مكسورةً، وألف الاستفهام مفتوحةٌ، فكانتا مفترقتين بذلك، فأغنى ذلك دلالةً على الفرق من التّطويل). [جامع البيان: 19/215-217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم} قال: قال ذلك مشركو قريش {إذا مزقتم كل ممزق} يقول: اذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاما ورفاتا، وتقطعتكم السباع والطير {إنكم لفي خلق جديد} انكم ستحيون وتبعثون قالوا: ذلك تكذيبا به {أفترى على الله كذبا أم به جنة} قال: قالوا: إما أن يكون يكذب على الله واما أن يكون مجنونا {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} قال: انك ان نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن كان قبلهم {أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي قطعا من السماء ان يشأ يعذب بسمائه فعل وان يشأ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند قال قتادة رضي الله عنه: وكان الحسن رضي الله عنه يقول: ان الزبد لمن جنود الله {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} قال قتادة: تائب مقبل على الله عز وجل). [الدر المنثور: 12/165-166] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض قال إنك إن نظرت عن يمينك وعن شمالك أو بين يديك أو من خلفك رأيت السماء والأرض). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لكل عبد منيب قال تائب). [تفسير عبد الرزاق: 2/126]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء إنّ في ذلك لآيةً لكلّ عبدٍ منيبٍ}.
يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء المكذّبون بالمعاد، الجاحدون البعث بعد الممات، القائلون لرسولنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ} إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض، فيعلموا أنّهم حيث كانوا، فإنّ أرضي وسمائي محيطةٌ بهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، فيرتدعوا عن جهلهم، ويتزجّروا عن تكذيبهم بآياتنا حذرًا أن نأمر الأرض فتخسف بهم، أو السّماء فتسقط عليه قطعًا، فإنّا إن نشأ نفعل ذلك بهم فعلنا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم} قال: لينظروا عن أيمانهم، وعن شمائلهم، كيف السّماء قد أحاطت بهم {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن كان قبلهم {أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء} أي قطعًا من السّماء.
وقوله: {إنّ في ذلك لآيةً لكلّ عبدٍ منيبٍ} يقول تعالى ذكره: إنّ في إحاطة السّماء والأرض بعباد اللّه {لآيةً} يقول: لدلالةً {لكلّ عبدٍ منيبٍ} يقول: لكلّ عبدٍ أناب إلى ربّه بالتّوبة، ورجع إلى معرفة توحيده، والإقرار بربوبيّته، والاعتراف بوحدانيّته، والإذعان لطاعته، على أنّ فاعل ذلك لا يمتنع عليه فعل شيءٍ أراد فعله، ولا يتعذّر عليه فعل شيءٍ شاءه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {إنّ في ذلك لآيةً لكلّ عبدٍ منيبٍ} والمنيب: المقبل التّائب). [جامع البيان: 19/218-219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم} قال: قال ذلك مشركو قريش {إذا مزقتم كل ممزق} يقول: اذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاما ورفاتا، وتقطعتكم السباع والطير {إنكم لفي خلق جديد} انكم ستحيون وتبعثون قالوا: ذلك تكذيبا به {أفترى على الله كذبا أم به جنة} قال: قالوا: إما أن يكون يكذب على الله واما أن يكون مجنونا {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} قال: انك ان نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بمن كان قبلهم {أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي قطعا من السماء ان يشأ يعذب بسمائه فعل وان يشأ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند قال قتادة رضي الله عنه: وكان الحسن رضي الله عنه يقول: ان الزبد لمن جنود الله {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} قال قتادة: تائب مقبل على الله عز وجل). [الدر المنثور: 12/165-166] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 09:51 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {ويرى الّذين أوتوا العلم} [سبأ: 6]، يعني: ويعلم الّذين أوتوا العلم، وهو تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: يعني: المؤمنين.
{الّذي أنزل إليك من ربّك} [سبأ: 6] القرآن.
{هو الحقّ} [سبأ: 6] يعلمون أنّه هو الحقّ.
{ويهدي} [سبأ: 6] ويعلمون أنّ القرآن يهدي.
{إلى صراط} [سبأ: 6] إلى طريق.
{العزيز} الّذي ذلّ له كلّ شيءٍ.
{الحميد} المستحمد إلى خلقه، الّذي استوجب عليهم أن يحمدوه، والطّريق إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/746]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {ويرى الّذين...}

{يرى}في موضع نصب, معناه: ليجزي الذين، وليرى الذين (قرأ الآية), وإن شئت استأنفتها فرفعتها، ويكون المعنى : مستأنفاً ليس بمردود على كي.
وقوله: {ويرى الّذين أوتوا العلم} نصبت (العلم) لخروجه ممّا لم نسمّ فاعله, ورفعت {الذين} بـ (يرى), وإنما معناه: ويرى الذين أوتوا التوراة: عبد الله بن سلام , وأصحابه من مسلمة أهل الكتاب.
وقوله: {هو الحقّ} : (هو) عماد للذي, فتنصب {الحقّ} إذا جعلتها عماداً, ولو رفعت {الحقّ} على أن تجعل (هو) اسماً , كان صواباً. أنشدني الكسائيّ:
ليت الشباب هو الرجيع على الفتى = والشيب كان هو البدئ الأوّل
فرفع في (كان) , ونصب في (ليت) , ويجوز النصب في كلّ ألف ولام، وفي أفعل منك وجنسه, ويجوز في الأسماء الموضوعة للمعرفة؛ إلا أنّ الرفع في الأسماء أكثر.
تقول: كان عبد الله هو أخوك، أكثر من: كان عبد الله هو أخاك.
قال الفراء: يجيز هذا ولا يجيزه غيره من النحويّين, وكان أبو محمّد هو زيدٌ كلام العرب الرفع, وإنما آثروا الرفع في الأسماء لأن الألف واللام أحدثتا عماداً لما هي فيه, كما أحدثت (هو) عماداً للاسم الذي قبلها, فإذا لم يجدوا في الاسم الذي بعدها ألفاً ولاماً ,’ اختاروا الرفع وشبّهوها بالنكرة؛ لأنهم لا يقولون إلاّ كان عبد الله هو قائم, وإنما أجازوا النصب في أفضل منك وجنسه لأنه لا يوصل فيه إلى إدخال الألف واللام، فاستجازوا إعمال معناهما , وإن لم تظهر, إذ لم يمكن إظهارها, وأما قائم فإنك تقدر فيه على الألف واللام، فإذا لم تأت بهما جعلوا هو قبلها اسماً ليست بعمادٍ إذ لم يعمد الفعل بالألف واللام , قال الشاعر:
أجدّك لن تزال نجي همٍّ = تبيت الليل أنت له ضجيع). [معاني القرآن: 2/352-353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [سبأ: 6] أي: يعلم). [تأويل مشكل القرآن: 499]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد (6)}

ههنا علماء اليهود الذين آمنوا بالنبي عليه السلام، منهم : كعب الأحبار , وعبد اللّه بن سلام.
أي : وليرى، وموضع " يرى، عطف على قوله: (ليجزي) , و(الحقّ) منصوب, خبر ليرى الذي , و " هو " ههنا : فصل يدل على أن الذي بعدها ليس بنعت، ويسميه الكوفيون العماد.

" لا تدخل " هو " عمادا إلا في المعرفة وما أشبهها، وقد بيّنّا ذلك فيما مضى, والرفع جائز في قوله :{هو الحق} ). [معاني القرآن: 4/241]


تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا} قاله بعضهم لبعضٍ.
{هل ندلّكم} ألا ندلّكم.
{على رجلٍ} يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
{ينبّئكم} [سبأ: 7] يخبركم.
{إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ} [سبأ: 7] إذا متّم وتفرّقت عظامكم وكانت رفاتًا إنّكم لمبعوثون خلقًا جديدًا، إنكارٌ للبعث). [تفسير القرآن العظيم: 2/746]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم...}

العرب تدغم اللام عند النون إذا سكنت اللام , وتحركت النون, وذلك أنها قريبة المخرج منها, وهي كثيرة في القراءة, ولا يقولون ذلك في لامٍ قد تتحرّك في حال؛ مثل : ادخل, وقل؛ لأن (قل) قد كان يرفع وينصب ويدخل عليه الجزم، وهل وبل وأجل مجزومات أبداً، فشبّهن إذا أدغمن بقوله: {النار} , إذا أدغمت اللام من النار في النون منها, وكذلك قوله: {فهل ترى لهم من باقيةٍ}: تدغم اللام عند التاء من بل وهل وأجل, ولا تدغم على اللام التي قد تتحرّك في حال, وإظهارهما جائز؛ لأن اللام ليست بموصولة بما بعدها؛ كاتّصال اللام من النار وأشباه ذلك.
وإنما صرت أختار :{هل تستطيع} و{بل نظنّكم} فأظهر؛ لأنّ القراءة من المولّدين مصنوعة لم يأخذوها بطباع الأعراب، إنما أخذوها بالصنعة.
فالأعرابيّ ذلك جائز له لما يجرى على لسانه من خفيف الكلام وثقيله, ولو اقتست في القراءة على ما يخفّ على ألسن العرب فيخففون ,, أو يدغمون لخفّفت .
قوله: {قل أي شيء أكبر شهادةً}, فقلت: أيشٍ أكبر شهادة، وهو كلام العرب, فليس القراءة على ذلك، إنما القراءة على الإشباع والتمكين؛ ولأن الحرف ليس بمتّصل مثل الألف واللام: ألا ترى أنك لا تقف على الألف واللام ممّا هي فيه.
فلذلك لم أظهر اللام عند التاء وأشباهها, وكذلك قوله: {اتّخذتم} و{عذت بربّي وربّكم} تظهر وتدغم, والإدغام أحبّ إليّ لأنها متّصلة بحرف لا يوقف على ما دونه.
فأمّا قوله: {بل ران على قلوبهم} , فإن اللام تدخل في الراء دخولاً شديداً، ويثقل على اللسان إظهارها فأدغمت, وكذلك فافعل بجميع الإدغام, فما ثقل على اللسان إظهاره فأدغم، وما سهل لك فيه الإظهار فأظهر , ولا تدغم.
وقوله: {لفي خلقٍ جديدٍ...} ). [معاني القرآن: 2/353-354]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ}
قال: {ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ} , فلم يعمل : {ينبئكم} ؛ لأن {إنكم} موضع ابتداء لمكان اللام كما تقول: "أشهد إنّك لظريفٌ".). [معاني القرآن: 3/32]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجل ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّق إنّكم لفي خلق جديد (7)}
هذا قول المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث، يقول بعضهم لبعض: هل ندلكم على محمد الذي يزعم أنكم مبعوثون بعد أن تكونوا عظاما وترابا ورفاتا .
وفي هذه الآية نظر في العربية لطيف, ونحن نشرحه إن شاء اللّه.
(إذا) في موضع نصب بـ (مزّقتم) , ولا يمكن أن يعمل فيها (جديد) لأن ما بعد (أن) لا يعمل فيما قبلها.
والتأويل : هل ندلكم على رجل يقول لكم إنكم إذا مزقتم , تبعثون؟!, ويكون " إذا " بمنزلة " إن " الجزاء، يعمل فيها الذي يليها.
قال قيس بن الخطيم:
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها= خطانا إلى أعدائنا فنضارب
المعنى يكون وصلها، الدليل على ذلك جزم " فنضارب ".
ويجوز أن يكون العامل في " إذا " مضمرا، يدل عليه :{إنّكم لفي خلق جديد}
ويكون المعنى : هل ندلكم على رجل ينبئكم يقول لكم إذا مزقتم , بعثتم، إنكم لفي خلق جديد؟!, كما قالوا: {أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون}
فإذا يجوز أن تكون منصوبة بفعل يدل عليه :{ إنا لمبعوثون } , ولا يجوز { أنكم لفي خلق جديد } بالفتح، لأن اللام إذا جاءت لم يجز إلا كسر إن.). [معاني القرآن: 4/241-242]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقال قتادة في قوله جل وعز: {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق}
أي : إذا أكلتكم الأرض , وصرتم عظاما ورفاتا , إنكم لفي خلق جديد , أي : ستحيون , وتبعثون.). [معاني القرآن: 5/393-394]


تفسير قوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ} [سبأ: 8]، أي: جنونٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/746]
قال: {بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب} [سبأ: 8] في الآخرة.
{والضّلال البعيد} [سبأ: 8] في الدّنيا {البعيد} [سبأ: 8] الّذي لا يصيبون به خيرًا في الدّنيا ولا الآخرة.
وقال بعضهم: البعيد من الهدى.
وقال السّدّيّ: {في العذاب والضّلال البعيد} [سبأ: 8]، يعني: الشّقاء الطّويل). [تفسير القرآن العظيم: 2/747]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: ({أفترى على اللّه كذباً...}

هذه الألف استفهام, فهي مقطوعة في القطع والوصل؛ لأنها ألف الاستفهام، ذهبت الألف التي بعدها لأنها خفيفة زائدة تذهب في اتّصال الكلام، وكذلك قوله: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم} , وقوله: {أستكبرت} , قرأ الآية محمد بن الجهم، وقوله: {أصطفى البنات على البنين} , ولا يجوز أن تكسر الألف ها هنا؛ لأن الاستفهام يذهب.
فإن قلت: هلاّ إذا اجتمعت ألفان طوّلت , كما قال {آلذكرين} , {آلآن}؟ .
قلت: إنما طوّلت الألف في الآن , وشبهه ؛ لأن ألفها كانت مفتوحةً، فلو أذهبتها لم تجد بين الاستفهام والخبر فرقاً، فجعل تطويل الألف فرقاً بين الاستفهام والخبر، وقوله: {أفترى} كانت ألفها مكسورة وألف الاستفهام مفتوحة , فافترقا، ولم يحتاجا إلى تطويل الأل.). [معاني القرآن: 2/354]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أفترى على اللّه كذباً أم به جنّةٌ بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد}
وقال: {أفترى على اللّه كذباً} , فاللألف قطع لأنها ألف الاستفهام , وكذلك ألف الوصل إذا دخلت عليها ألف الاستفهام.).
[معاني القرآن: 3/33]


تفسير قوله تعالى: {َفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أفلم يروا} [سبأ: 9] ينظروا.
{إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض} [سبأ: 9]، يعني: {ما بين أيديهم} [سبأ: 9] أمامهم، {وما خلفهم} [سبأ: 9] وراءهم، وهو تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: حيثما قام الإنسان فإنّ بين يديه من السّماء والأرض مثل ما خلفه منها.
قال: {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء} [سبأ: 9] والكسف القطعة، والكسف مذكّرٌ، والقطعة مؤنّثةٌ، والمعنى على القطعة.
قال: {إنّ في ذلك لآيةً} لعبرةً.
{لكلّ عبد منيبٍ} [سبأ: 9] وهو المقبل إلى اللّه بالإخلاص له). [تفسير القرآن العظيم: 2/747]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم مّن السّماء والأرض...}

يقول: أما يعلمون أنهم حيثما كانوا , فهم يرون بين أيديهم من الأرض والسّماء مثل الذي خلفهم، وأنهم لا يخرجون منها, فكيف يأمنون أن نخسف بهم الأرض , أو نسقط عليهم من السّماء عذاب.). [معاني القرآن: 2/355]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السّماء}: أي: قطعاً، واحدتها : كسفة، على تقدير : سدرة وسدر.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({كسفاً من السّماء}: قطعة. و«كسفا»: قطعا، جمع كسفة). [تفسير غريب القرآن: 353]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السّماء إنّ في ذلك لآية لكلّ عبد منيب (9)}
أي: ألم يتأمّلوا , ويعلموا أن الذي خلق السماء والأرض قادر على أن يبعثهم، وقادر أن يخسف بهم الأرض , أو يسقط السماء عليهم كسفا.
وقوله عزّ وجلّ: {إنّ في ذلك لآية لكلّ عبد منيب}:أي : إن في ذلك علامة تدلّ من أناب إلى اللّه , ورجع إليه , وتأمّل ما خلق على أنه قادر على أن يحيي الموتى.). [معاني القرآن: 4/242]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم أعلمهم أن الذي خلق السموات والأرض يقدر على ذلك , وعلى أن يعجل لهم العقوبة فقال: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم ومن خلفهم وما السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي : قطعة .
{إن في ذلك لآية لكل عبد منيب}, قال قتادة : أي: تائب.). [معاني القرآن: 5/394]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {منيب}:أي: تائب.). [ياقوتة الصراط: 413]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 جمادى الأولى 1434هـ/4-04-2013م, 09:52 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب من البدل أيضا
وذلك قولك رأيته إياه نفسه وضربته إياه قائما.
وليس هذا بمنزلة قولك أظنه هو خيرا منك من قبل أن هذا موضع فصل والمضمر والمظهر في الفصل سواء. ألا ترى أنك تقول رأيت زيدا هو خيرا منك وقال الله عز وجل: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق}. وإنما يكون الفصل في الأفعال التي الأسماء بعدها بمنزلتها في الابتداء. فأما ضربت وقتلت ونحوهما فإن الأسماء بعدها بمنزلة المبني على المبتدأ وإنما تذكر قائما بعد ما يستغنى الكلام ويكتفى وينتصب على أنه حال فصار هذا كقولك رأيته إياه يوم الجمعة. فأما نفسه حين قلت رأيته إياه نفسه فوصف بمنزلة هو وإياه بدل وإنما ذكرتهما توكيدا كقوله جل ذكره: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} إلا أن إياه بدل والنفس وصف كأنك قلت رأيت الرجل زيدا نفسه وزيد بدل ونفسه على الاسم. وإنما ذكرت هذا للتمثيل). [الكتاب: 2/387]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن ما كان فصلا لا يغير ما بعده عن حاله التي كان عليها قبل أن يذكر وذلك قولك حسبت زيدا هو خيرا منك وكان عبد الله هو الظريف وقال الله عز وجل: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق}.
وقد زعم ناس أن هو هاهنا صفة فكيف يكون صفة وليس من الدنيا عربى يجعلها هاهنا صفة للمظهر. ولو كان ذلك كذلك لجاز مررت بعبد الله هو نفسه فهو هاهنا مستكرهة لا يتكلم بها العرب لأنه ليس من مواضعها عندهم. ويدخل عليهم إن كان زيد لهو الظريف وإن كنا
لنحن الصالحين. فالعرب تنصب هذا والنحويون أجمعون. ولو كان صفة لم يجز أن يدخل عليه اللام لأنك لا تدخلها في ذا الموضع على الصفة فتقول إن كان زيد للظريف عاقلا. ولا يكون هو ولا نحن هاهنا صفة وفيهما اللام.
ومن ذلك قوله عز وجل: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم} كأنه قال ولا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيرا لهم. ولم يذكر البخل اجتزاء بعلم المخاطب بأنه البخل لذكره يبخلون). [الكتاب: 2/390-391]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وهذه اللام تصرف إن إلى الابتداء كما تصرف عبد الله إلى الابتداء إذا قلت قد علمت لعبد الله خيرٌ منك فعبد الله هنا بمنزلة إن في أنه يصرف إلى الابتداء.
ولو قلت قد علمت أنه لخير منك لقلت قد علمت لزيداً خيراً منك ورأيت لعبد الله هو الكريم فهذه اللام لا تكون مع أن ولا عبد الله إلا وهما مبتدءان.
ونظير ذلك قوله عز وجل: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق} فهو ههنا مبتدأ.
ونظير إن مكسورةً إذا لحقتها اللام قوله تعالى: {ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون} وقال أيضاً: {هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد} فإنكم ههنا بمنزلة أيهم إذا قلت ينبئهم أيهم أفضل.
وقال الخليل مثله: (إن الله يعلم ما تدعون من دونه من شيءٍ) فما ههنا بمنزلة أيهم ويعلم معلقة). [الكتاب: 3/148] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:04 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد}
قال الطبري والثعلبي وغيرهما: "يرى" معطوف على ما قبله من الأفعال، والظاهر أنه فعل مستأنف، وأن الواو إنما عطفت جملة على جملة، وكأن المعنى الإخبار بأن أهل العلم يرون الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم حقا وأنه يهدي إلى صراط مستقيم.
وقوله: {الذي أنزل} مفعول بـ"يرى"، و"الحق" مفعول ثان، و"هو" عماد. والذين أوتوا العلم قيل: هم من أسلم من أهل الكتاب،وقال قتادة: هم أمة محمد عليه الصلاة والسلام المؤمنون به كائنا من كان، و"يهدي" معناه: يرشد، و"الصراط المستقيم" الطريق المعتدل، وأراد طريق الشرع والدين). [المحرر الوجيز: 7/ 158]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم حكى عن الكفار مقالتهم التي قالوها على جهة التعجب والهزء، أي: قالها بعضهم لبعض، كما يقول الرجل لمن يريد أن يعجبه: هل أدلك على أضحوكة ونادرة؟ فلما كان البعث عندهم من البعيد المحال جعلوا من يخبر به في حيز من يتعجب منه، والعامل في "إذا" فعل مضمر قبلها فيما قال بعض الناس، تقديره: ينبئكم بأنكم تبعثون إذا مزقتم، ويصح أن يكون العامل ما في قوله: {إنكم لفي خلق جديد} من معنى الفعل; لأن تقدير الكلام: ينبئكم إنكم لفي خلق جديد إذا مزقتم. وقال الزجاج: العامل في "إذا" هو "مزقتم" وهو خطأ وإفساد للمعنى المقصود، ولا يجوز أن يكون العامل "ينبئكم" بوجه، و"مزقتم" معناه: بالبلى وتقطع الأوصال في القبور وغيرها.
وكسر الألف من "إنكم" لأن "ينبئكم" في معنى: يقول لكم، ولمكان اللام التي في الخبر. و"جديد" بمعنى: مجدد.
وقولهم: "أفترى" هو من قول بعضهم لبعض، وهي ألف الاستفهام دخلت على ألف الوصل، فحذفت ألف الوصل، وبقيت مفتوحة غير ممدودة، فكأن بعضهم استفهم بعضا عن محمد صلى الله عليه وسلم: أحال الفرية على الله هي حاله أم حال الجنون؟ لأن هذا القول إنما يصدر عن أحد هذين. فأضرب القرآن عن قولهم وكذبه، فكأنه قال: ليس الأمر كما قالوا، بل الذين لا يؤمنون بالآخرة والإشارة بذلك إليهم، "في العذاب"، يريد: عذاب الآخرة; لأنهم يصيرون إليه، ويحتمل أن يريد: في العذاب في الدنيا بمكابدة الشرع ومكايدته، ومحاولة إطفاء نور الله وهو يتم، فهذا كله عذاب، وفي الضلال البعيد، أي: قويت الحيرة وتمكن التلف لأنه قد أبعد صاحبه عن الطريق الذي ضل منه). [المحرر الوجيز: 7/ 158-159]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب * ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير}
الضمير في "يروا" لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقفهم الله تعالى على قدرته، وخوفهم من إحاطتها بهم، المعنى: أليس يرون أمامهم ووراءهم سمائي وأرضي، لا سبيل لهم إلى فقد ذلك عن أبصارهم، ولا عدم إحاطته بهم.
وقرأ الجمهور: "إن نشأ نخسف"، أو "نسقط" بالنون في الثلاثة، وقرأ حمزة، والكسائي بالياء فيهن، وهي قراءة ابن وثاب، وابن مصرف، والأعمش، وعيسى، واختارها أبو عبيد. و"خسف الأرض" هو إهواؤها بهم وتهورها وغرقهم فيها، و"الكسف" قيل: هو مفرد اسم القطعة، وقيل: هو جمع كسفة، جمعها على مثال تمرة وتمر، ومشهور جمعها كسف كسدرة وسدر.
وأدغم الكسائي الفاء في الباء في قوله تعالى: "نخسف بهم"، قال أبو علي: وذلك لا يجوز; لأن الباء أضعف في الصوت من الفاء فلا تدغم فيها، وإن كانت الباء تدغم في الفاء كقولك: "اضرب فلانا"، وهذا كما تدغم الباء في الميم كقولك: "اضرب محمدا"، ولا تدغم الميم في الباء كقولك: "أصمم بك"; لأن الباء انحطت عن الميم بفعل الغنة التي في الميم.
والإشارة بقوله: {في ذلك} إلى إحاطة السماء بالمرء، ومماسة الأرض له على كل حال. و"المنيب": الراجع). [المحرر الوجيز: 7/ 159-160]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ}. هذه حكمةٌ أخرى معطوفةٌ على الّتي قبلها، وهي أنّ المؤمنين بما أنزل على الرّسل إذا شاهدوا قيام السّاعة ومجازاة الأبرار والفجّار بالّذي كانوا قد علّموه من كتب اللّه في الدّنيا رأوه حينئذٍ عين اليقين، ويقولون يومئذٍ أيضًا: {لقد جاءت رسل ربّنا بالحقّ} [الأعراف: 43]، ويقال أيضًا: {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون} [يس:52]، {لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث} [الرّوم:56]، {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد}. العزيز هو: المنيع الجناب، الّذي لا يغالب ولا يمانع، بل قد قهر كلّ شيءٍ، الحميد في جميع أقواله وأفعاله وشرعه، وقدره، وهو المحمود في ذلك كله).[تفسير ابن كثير: 6/ 495]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ (7) أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد (8) أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء إنّ في ذلك لآيةً لكلّ عبدٍ منيبٍ (9) }
هذا إخبارٌ من اللّه عن استبعاد الكفرة الملحدين قيام السّاعة واستهزائهم بالرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في إخباره بذلك: {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ} أي: تفرّقت أجسادكم في الأرض وذهبت فيها كلّ مذهبٍ وتمزّقت كلّ ممزّقٍ: {إنّكم} أي: بعد هذا الحال {لفي خلقٍ جديدٍ} أي: تعودون أحياءً ترزقون بعد ذلك، وهو في هذا الإخبار لا يخلو أمره من قسمين: إمّا أن يكون قد تعمّد الافتراء على اللّه أنّه قد أوحى إليه ذلك، أو أنّه لم يتعمّد لكن لبّس عليه كما يلبّس على المعتوه والمجنون؛ ولهذا قالوا: {أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ}؟ قال اللّه تعالى رادًّا عليهم: {بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد} أي: ليس الأمر كما زعموا ولا كما ذهبوا إليه، بل محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم هو الصّادق البارّ الرّاشد الّذي جاء بالحقّ، وهم الكذبة الجهلة الأغبياء، {في العذاب} أي: [في] الكفر المفضي بهم إلى عذاب اللّه، {والضّلال البعيد} من الحقّ في الدّنيا). [تفسير ابن كثير: 6/ 496]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال منبهًا لهم على قدرته في خلق السموات والأرض، فقال: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض} أي: حيثما توجّهوا وذهبوا فالسّماء مظلّةٌ مظلّلة عليهم، والأرض تحتهم، كما قال: {والسّماء بنيناها بأيدٍ وإنّا لموسعون. والأرض فرشناها فنعم الماهدون} [الذّاريات:47، 48].
قال عبد بن حميدٍ: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض}؟ قال: إنّك إن نظرت عن يمينك أو عن شمالك، أو من بين يديك أو من خلفك، رأيت السّماء والأرض.
وقوله: {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء} أي: لو شئنا لفعلنا بهم ذلك لظلمهم وقدرتنا عليهم، ولكن نؤخّر ذلك لحلمنا وعفونا.
ثمّ قال: {إنّ في ذلك لآيةً لكلّ عبدٍ منيبٍ} قال معمر، عن قتادة: {منيبٍ}: تائبٌ.
وقال سفيان عن قتادة: المنيب: المقبل إلى اللّه عزّ وجلّ.
أي: إنّ في النّظر إلى خلق السّماء والأرض لدلالةٌ لكلّ عبدٍ فطن لبيبٍ رجّاع إلى اللّه، على قدرة اللّه على بعث الأجساد ووقوع المعاد؛ لأنّ من قدر على خلق هذه السّموات في ارتفاعها واتّساعها، وهذه الأرضين في انخفاضها وأطوالها وأعراضها، إنّه لقادرٌ على إعادة الأجسام ونشر الرّميم من العظام، كما قال تعالى: {أوليس الّذي خلق السّموات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى} [يس: 81]، وقال: {لخلق السّموات والأرض أكبر من خلق النّاس ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} [غافر: 57] ).[تفسير ابن كثير: 6/ 496]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة