العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:25 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة فاطر

التفسير اللغوي لسورة فاطر

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1431هـ/21-10-2010م, 12:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 17]

{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) }


تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الحمد للّه} حمد نفسه وهو أهل الحمد.
{فاطر} خالق.
{السّموات والأرض جاعل الملائكة رسلا} [فاطر: 1] جعل من شاء منهم لرسالته، أي: إلى الأنبياء، كقوله: {اللّه يصطفي من الملائكة رسلا ومن النّاس} [الحج: 75].
قال: {أولي أجنحةٍ} [فاطر: 1] قال: ذوي أجنحةٍ.
{مثنى وثلاث ورباع} [فاطر: 1]
أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحةٍ ومنهم من له أربعة أجنحةٍ.
وحدّثني أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف، عن كعبٍ قال: إنّ أقرب الملائكة إلى اللّه إسرافيل وله أربعة أجنحةٍ، جناحٌ بالمشرق، وجناحٌ بالمغرب، وقد تسرول بالثّالث، والرّابع بينه وبين اللّوح المحفوظ،
[تفسير القرآن العظيم: 2/774]
فإذا أراد اللّه أمرًا أن يوحيه جاء اللّوح حتّى يصفّق جبهة إسرافيل، فيرفع رأسه، فينظر فإذا الأمر مكتوبٌ، فينادي جبريل فيلبّيه فيقول: أمرت بكذا،
أمرت بكذا، فلا يهبط جبريل من سماءٍ إلى سماءٍ إلا فزع أهلها مخافة السّاعة حتّى يقول جبريل: الحقّ من عند الحقّ، فيهبط على النّبيّ فيوحي إليه.
- وأخبرني عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ للّه نهرًا في الجنّة يغتمس فيه جبريل ثمّ يخرج فينتفض، قال: فما من قطرةٍ تقطر من ريشه إلا خلق اللّه منها ملكًا ".
- وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن الحسن أنّ سائلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن خلق الملائكة فقال: من أيّ شيءٍ خلقت؟ فقال: " خلقت من نور الحجب السّبعين الّتي تلي الرّبّ، كلّ حجابٍ منها مسيرة خمس مائة عامٍ، فمنها خلقت الملائكة، فليس ملكٌ إلا هو يدخل في نهر الحياة، فيغتسل فيكون من كلّ قطرةٍ من ذلك الماء ملكًا من
الملائكة، فلا يحصي أحدٌ ما يكون في يومٍ واحدٍ، فهو قوله: {وما يعلم جنود ربّك إلا هو} [المدثر: 31].
قال يحيى: وأخبرني عن ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، قال: يدخل جبريل نهر النّور كلّ يومٍ سبعين مرّةً فيغتمس فيه ثمّ يخرج، فينتفض فيسقط منه سبعون ألف قطرةٍ تعود كلّ قطرةٍ ملكًا يسبّح اللّه إلى يوم القيامة.
قال يحيى: وأخبرني عن عبيد اللّه بن عمر قال: بلغني أنّ في السّماء ملكًا قد عظّمه اللّه وشرّفه، فيه ثلاث مائةٍ وستّون عينًا، بعضها مثل الشّمس وبعضها مثل القمر، وبعضها مثل الزّهرة يسبّح له منذ خلق، كلّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/775]
تسبيحةٍ تخرج من فيه ملكٌ.
قال يحيى: بلغني أنّ للّه تبارك وتعالى ديكًا، براثنه في الأرض السّفلى، وعنقه مثنيّةٌ تحت العرش، إذا بقي الثّلث الآخر من اللّيل خفق بجناحيه ثمّ قال: سبّوحٌ قدّوسٌ ربّ الملائكة والرّوح، فتسمعه الدّيكة فتصرخ لصراخه أو قال: لصوته.
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أذن لي أن أحدّث عن ملكٍ من حملة العرش رجلاه في الأرض السّفلى، وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطّير مسيرة سبع مائة سنةٍ يقول: سبحانك حيث كنت ".
قال يحيى: بلغني أنّ اسمه زروفيل.
قال يحيى: وسمعت بعض أهل العلم يحدّث أنّ ملكًا نصفه نورٌ أو قال: نارٌ ونصفه ثلجٌ يقول: يا مؤلّف بين النّور أو قال: النّار والثّلج ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين.
- سعيدٌ، عن قتادة، عن نوفٍ البكاليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ اللّه خلق الملائكة والجنّ والإنس، فجزأه عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الملائكة وجزءٌ واحدٌ الجنّ والإنس، وجزأ الملائكة عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الكروبيّون الّذين {يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون} [الأنبياء: 20] وجزءٌ منهم واحدٌ لرسالته ولخزائنه وما يشاء من أمره، وجزأ الجنّ
والإنس عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم الجنّ، والإنس جزءٌ واحدٌ، فلا يولد من الإنس مولودٌ إلا ولد من الجنّ تسعةٌ، وجزأ الإنس عشرة أجزاءٍ: تسعة أجزاءٍ منهم يأجوج
[تفسير القرآن العظيم: 2/776]
ومأجوج، وسائرهم سائر بني آدم.
{يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [فاطر: 1] تفسير الحسن: يزيد في أجنحتها ما يشاء). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يزيد في الخلق ما يشاء...}

هذا في الأجنحة التي جعلها لجبريل وميكائيل , يعني : بالزيادة في الأجنحة.). [معاني القرآن: 2/366]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مثنى وثلاث ورباع }: مجازه: اثنين , وثلاثة , وأربعة , فزعم النحويون أنه مما صرف عن وجهه لم ينون فيه , قال صخر بن عمرو:
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا= وتركت مرّة مثل أمس المدبر.). [مجاز القرآن: 2/152]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الحمد للّه فاطر السّماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحةٍ مّثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
قال: {أولي أجنحةٍ مّثنى وثلاث ورباع}: فلم يصرفه لأنه توهم به "الثلاثة" , و"الأربعة", وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد.
وقال في مكان آخر : {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى}, وتقول "ادخلوا أحاد أحاد" كما تقول "ثلاث ثلاث".
وقال الشاعر:
أحمّ الله ذلك من لقاء = أحاد أحاد في شهرٍ حلال). [معاني القرآن: 3/35]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الحمد للّه فاطر السّماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ اللّه على كلّ شيء قدير (1)}
قال ابن عباس رحمه اللّه: (ما كنت أدري ما فاطر السّماوات والأرض حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر , فقال أحدهما: أنا فطرتها, أي: ابتدأتها).
وقيل :{فاطر السّماوات والأرض }: خالق السّماوات والأرض.
ويجوز : فاطر , وفاطر بالرفع والنصب، والقراءة على خفض: فاطر.
وكذلك: {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}: معنى :أولي : أصحاب أجنحة، وثلاث, ورباع في موضع خفض.
وكذلك مثنى إلا أنه فتح ثلاث, ورباع؛ لأنه لا يتصرف لعلتين إحداهما أنه معدول عن ثلاثة ثلاثة , وأربعة أربعة , واثنين اثنين، فهذه علة.
والعلة الثانية: أن عدوله وقع في حال النّكرة.
قال الشاعر:
ولكنّما أهلي بواد أنيسه= سباغ تبغي الناس مثنى وموحدا
وقوله عزّ وجلّ: {يزيد في الخلق ما يشاء}:يعنى : في خلق الملائكة، والرسل من الملائكة : جبريل , وميكائيل , وإسرافيل, وملك الموت.). [معاني القرآن: 4/261]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {الحمد لله فاطر السموات والأرض}
قال ابن عباس: (ما كنت أدري ما فاطر حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر , فقال أحدهما : أنا فطرتها, أي: ابتدأتها).
ثم قال جل وعز: {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}
الرسل منهم : جبريل , وميكائيل , وإسرافيل, وملك الموت صلى الله عليهم وسلم.
وقوله تعالى: {أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}, أي: أصحاب أجنحة: اثنين اثنين , وثلاثة ثلاثة , وأربعة أربعة في كل جانب
ثم قال جل وعز: {يزيد في الخلق ما يشاء}
أي : يزيد في خلق الملائكة ما يشاء
وقال الزهري: (يزيد في الخلق ما يشاء :حسن الصوت) , والأول أولى.). [معاني القرآن: 5/435-436]

تفسير قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما يفتح اللّه للنّاس} [فاطر: 2] ما يقسم اللّه للنّاس.
{من رحمةٍ} [فاطر: 2] من الخير والرّزق في تفسير الكلبيّ.
وتفسير السّدّيّ: يعني: ما يرسل اللّه للنّاس من رزقٍ فلا ممسك له.
وتفسير الحسن: ما يقسم اللّه للنّاس من رحمةٍ، ما ينزل من الوحي.
{فلا ممسك لها} [فاطر: 2] لا أحد يستطيع أن يمسك ما يقسم من رحمةٍ.
{وما يمسك فلا مرسل له من بعده} [فاطر: 2] من بعّد اللّه لا يستطيع أحدٌ أن يقسمه {وهو العزيز الحكيم} [فاطر: 2] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {وما يمسك فلا مرسل له...}

ولم يقل: لها، وقد قال قبل ذلك: {مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها}, فكان التأنيث في (لها) لظهور الرحمة, ولو قال: فلا ممسك له لجاز؛ لأن الهاء إنما ترجع على (ما) .
ولو قيل في الثانية: فلا مرسل لها لأن الضمير على الرّحمة جاز، ولكنها لمّا سقطت الرحمة من الثاني ذكّر على (ما) .). [معاني القرآن: 2/366]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}
وقال: {مّا يفتح اللّه للنّاس من رّحمةٍ فلا ممسك لها}, فأنث لذكر الرحمة ,{وما يمسك فلا مرسل له من بعده} , فذكر , لأن لفظ (ما) يذكّر.). [معاني القرآن: 3/35]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ}: أي: من غيث.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} أي من رزق). [تأويل مشكل القرآن: 146]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده , وهو العزيز الحكيم (2)}
(يفتح): في موضع جزم على معنى : الشرط والجزاء، وجواب الجزاء : {فلا ممسك لها}, ولو كان فلا ممسك له لجاز لأن " ما " في لفظ تذكيرا، ولكنه لمّا جرى ذكر الرحمة كان فلا ممسك لها أحسن، ألا ترى إلى قوله:{وما يمسك فلا مرسل له من بعده}
ومعنى : ما يفتح الله , أي: ما يأتيهم به من مطر ورزق , فلا يقدر أحد أن يمسكه، وما يمسك اللّه من ذلك فلا يقدر قادر أن يرسله.


ويجوز - ولا أعلم أحدا قرأ به - " ما يفتح اللّه للناس من رحمة وما يمسك " , برفعهما على معنى الذي يفتحه اللّه للناس من رحمة فلا ممسك لها.
والذي يمسك فلا مرسل له، ويجوز " فلا ممسك لها " بالتنوين، وما يمسك فلا مرسل له من بعده، ولا أعلم أحدا قرأ بها فلا تقرأنّ بما لم تثبت فيه رواية , وإن جاء في العربية لأن القراءة سنّة.). [معاني القرآن: 4/262]


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}
أي : ما يأتي به الله جل وعز من الغيث , والرزق , فلا يقدر أحد على رده .
وقال قتادة : (من رحمة من خير , فلا يقدر أحد على حبسه).
وقوله تعالى: {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}
أي: فمن أين تصرفون عن التوحيد , والإيمان بالبعث بعد البراهين والآيات؟!.). [معاني القرآن: 5/437]




تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمت اللّه عليكم} [فاطر: 3] إنّه خلقكم ورزقكم {هل من خالقٍ غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض} [فاطر: 3] ما ينزل من السّماء من المطر وما ينبت في الأرض من النّبات.
{لا إله إلا هو} يقوله للمشركين يحتجّ به عليهم، وهو استفهامٌ، أي: لا خالق ولا رازق غيره، يقول: أنتم تقرّون بأنّ اللّه هو الّذي خلقكم ورزقكم، وأنتم تعبدون من دونه الآلهة.
{فأنّى تؤفكون} [فاطر: 3] فكيف تصرفون عقولكم فتعبدون غير اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {اذكروا نعمت اللّه عليكم...}



وما كان في القرآن من قوله: {اذكروا نعمت اللّه عليكم}, فمعناه: احفظوا، كما تقول: اذكر أيادي عنك , أي: احفظها.
وقوله: {هل من خالقٍ غير اللّه} : تقرأ {غير} , و{غير} , قرأها شقيق بن سلمة : (غير) , وهو وجه الكلام, وقرأها عاصم: {هل من خالقٍ غير اللّه} .


فمن خفض في الإعراب جعل (غير) من نعت الخالق, ومن رفع قال: أردت بغير إلاّ، فلمّا كانت ترتفع ما بعد (إلاّ) جعلت رفع ما بعد (إلاّ) في (غير), كما تقول: ما قام من أحدٍ إلاّ أبوك, وكلّ حسنٌ.
ولو نصبت (غير) إذا أريد بها (إلاّ) , كان صواباً.
العرب تقول: ما أتاني أحد غيرك , والرفع أكثر؛ لأنّ (إلا) تصلح في موضعها.). [معاني القرآن: 2/366]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({اذكروا نعمت اللّه عليكم}: أي : احفظوها, تقول: اذكر أيادي عندك، أي: احفظها, وكل ما كان في القرآن من هذا , فهو مثله.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اذكروا نعمت اللّه عليكم هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض لا إله إلّا هو فأنّى تؤفكون (3)}
هذا ذكر بعد قوله:{ما يفتح اللّه للنّاس من رحمة فلا ممسك لها}
فأكد ذلك بأن جعل السؤال لهم :{هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السّماء والأرض}.
{هل من خالق غير اللّه}, وقرئت: {هل من خالق غير اللّه} بالرفع، على رفع غير.
المعنى : هل خالق غير اللّه ؟, لأن " من " مؤكدة، وقد قرئ بهما جميعا، غير وغير، وفيها وجه آخر يجوز في العربية نصب (غير).
{ هل من خالق غير اللّه يرزقكم}: ويكون النصب على الاستثناء، كأنّه: هل من خالق إلا اللّه يرزقكم.
{فأنّى تؤفكون}:أي : من أين يقع لكم الإفك والتكذيب بتوحيد اللّه وإنكار البعث.؟.). [معاني القرآن: 4/263]




تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسلٌ من قبلك} [فاطر: 4] يعزّيه بذلك ويأمره بالصّبر.
- وحدّثني أبو أميّة، عن الحسن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «والّذي نفسي بيده ما أحدٌ من هذه الأمّة أصابه من الجهد في اللّه الّذي أصابني».
[تفسير القرآن العظيم: 2/777]
قال: {وإلى اللّه ترجع الأمور} [فاطر: 4] إليه مصيرها يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/778]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)

: ({وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسل من قبلك وإلى اللّه ترجع الأمور (4)}



هذا تأسّ للنبي صلى الله عليه وسلم: أعلمه الله أنه قد كذبت رسل من قبله، وأعلمه أنه نصرهم , فقال جلّ وعزّ: {فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتّى أتاهم نصرنا}.
{وإلى اللّه ترجع الأمور}:وترجع الأمور، المعنى : الأمر راجع إلى اللّه في مجازاة من كذّب، ونصرة من كذّب من رسله.). [معاني القرآن: 4/263]



تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس إنّ وعد اللّه حقٌّ} [فاطر: 5] ما وعد من الثّواب والعقاب.
{فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور} [فاطر: 5] الشّيطان). [تفسير القرآن العظيم: 2/778]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)

: (وقوله: {يا أيّها النّاس إنّ وعد اللّه حقّ فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور (5)}



أي: ما وعدكم اللّه من مجازاة , فحق.
{فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا}:أي: وإن كان لكم حظ في الدنيا يغضّ من دينكم , فلا تؤثروا ذلك الحظّ.


{ولا يغرّنّكم باللّه الغرور}: والغرور: الشيطان، ويقرأ الغرور بضم الغين، وهي : الأباطيل , ويجوز أن يكون الغرور: جمع غاز , وغرور، مثل : قاعد وقعود، ويجوز أن يكون جمع غرّ : مصدر غررته غرّا, فأما أن يكون مصدر غررته غرورا فبعيد.
لأن المتعدية لا تكاد تقع مصادرها على فعول، وقد جاء بعضها على فعول نحو لزمته لزوما، ونهكه المرض نهوكا , فيجوز غررته غرورا على ذلك.). [معاني القرآن: 4/263-264]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}
روى معمر , عن قتادة قال: {الغرور}: (الشيطان).
وروى شعبة , عن سماك بن حرب : الغرور بضم الغين
فقيل: إن هذا لا يجوز؛ لأنه إنما يقال غره غرا , ولا يكاد يأتي على فعول فيما يعتدى إلا شاذاً.
قال أبو جعفر : يجوز أن يكون غرور جمع : غار , أو جمع غر, أو يشبه بقولهم : نهكه المرض نهوكا , ولزمه لزوما.). [معاني القرآن: 5/437-438]




تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ} [فاطر: 6] يدعوكم إلى معصية اللّه.
{فاتّخذوه عدوًّا إنّما يدعو حزبه} [فاطر: 6] أصحابه الّذين أضلّ.
{ليكونوا من أصحاب السّعير} [فاطر: 6] وسوس إليهم بعبادة الأوثان.
{ليكونوا من أصحاب السّعير} [فاطر: 6] فأطاعوه والسّعير اسمٌ من أسماء جهنّم، وهو الباب الرّابع). [تفسير القرآن العظيم: 2/778]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {الّذين كفروا لهم عذابٌ شديدٌ} [فاطر: 7] جهنّم.
{والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم مغفرةٌ} [فاطر: 7] لذنوبهم.
{وأجرٌ} [فاطر: 7]، أي: ثوابٌ.
{كبيرٌ} وهي الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/778]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يصْنَعُونَ (8) }

َ

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنًا} [فاطر: 8] كمن آمن وعمل صالحًا، أي: لا يستويان، وهذا على الاستفهام، وفيه إضمارٌ.
قال: {فإنّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم} [فاطر: 8] على المشركين.
{حسراتٍ} لا تحسّر عليهم إذ لم يؤمنوا كقوله: {ولا تحزن عليهم}.
{إنّ اللّه عليمٌ بما يصنعون} [فاطر: 8] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/778]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسناً...}



يقول: شبّه عليه عمله، فرأى سّيئه حسناً, ثم قال: {فلا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ} , فكان الجواب متبعاً بقوله: {فإنّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء}, واكتفى بإتباع الجواب بالكلمة الثانية؛ لأنها كافية من جواب الأولى.
ولو أخرج الجواب كله كان: أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك، أو تذهب نفسك؛ لأن قوله: {فلا تذهب} نهي يدلّ على أن ما نهى عنه قد مضى في صدر الكلمة, ومثله في الكلام: إذا غضبت فلا تقتل، كأنّه كان يقتل على الغضب، فنهى عن ذلك.


والقراء مجتمعون على: {تذهب نفسك}, وقد ذكر بعضهم عن أبي جعفر المدني : {فلا تذهب نفسك عليهم}, وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/366-376]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسناً فإنّ الله يضلّ من يشاء }: مجازه مجاز المكفوف عن خبره لتمامه عند السامع , فاختصر ثم استأنف فقال: { فإن اللّه يضل من يشاء }.). [مجاز القرآن: 2/152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسناً}: أي: شبه عليه).). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد يشكل الكلام ويغمض بالاختصار والإضمار.
كقوله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.
والمعنى: أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا، ذهبت نفسك حسرة عليه؟! فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء). [تأويل مشكل القرآن: 219]




قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا فإنّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إنّ اللّه عليم بما يصنعون (8)}
الجواب ههنا على ضربين:
أحدهما يدل عليه : {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات}


ويكون المعنى : أفمن زين له سوء عمله , فأضله اللّه , ذهبت نفسك عليه حسرة، ويكون " فلا تذهب نفسا": يدل عليه.
وقد قرئت: { فلا تذهب نفسك } بضم التاء وجزم الباء ونصب النفس, ويجوز أن يكون الجواب محذوفا , ويكون المعنى: أفمن زيّن له سوء عمله كمن هداه اللّه، ويكون دليله : {فإن اللّه يضل من يشاء ويهدي من يشاء}). [معاني القرآن: 4/264]


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفمن رين له سوء عمله فرآه حسنا}
الجواب محذوف لعلم السامع , فيجوز أن يكون المعنى : أفمن زين له سوء علمه , كمن هداه الله جل وعز , ويكون يدل على هذا المحذوف : {فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء}.
ويجوز أن يكون المعنى : أفمن زين له سوء عمله , ذهبت نفسك عليه .
ويكون يدل عليه : {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات}.). [معاني القرآن: 5/438-439]




تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {واللّه الّذي أرسل الرّياح فتثير سحابًا فسقناه} [فاطر: 9] فسقنا الماء في السّحاب.
{إلى بلدٍ ميّتٍ} [فاطر: 9] ليس فيه نباتٌ، إلى أرضٍ ميّتةٍ ليس فيها نباتٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/778]
لمّا قال: {إلى بلدٍ ميّتٍ} [فاطر: 9] جاءت «ميّتٍ» لأنّ البلد مذكّرٌ والمعنى على الأرض وهي مؤنّثةٌ.
{فأحيينا به} [فاطر: 9] بالماء.
{الأرض بعد موتها} [فاطر: 9] بعد إذ كانت يابسةً ليس فيها نباتٌ فأحيينا به، بالماء , الأرض فأنبتت من ألوان النّبات وأحيي به نباتها أيضًا.
قال: {كذلك النّشور} [فاطر: 9]، يعني: هكذا يحيون بعد الموت بالماء يوم القيامة كما تحيا الأرض بالماء فتنبت وهو تفسير السّدّيّ كذلك البعث.
- سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزّعراء، عن ابن مسعودٍ قال: يرسل اللّه مطرًا من تحت العرش منيًّا كمنيّ الرّجال، فتنبت به جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثّرى، ثمّ يقوم ملكٌ بالصّور بين السّماء والأرض، فينفخ فيه فيذهب كلّ روحٍ إلى جسده حتّى يدخل فيه، ثمّ يقومون فيجيبون بإجابة رجلٍ واحدٍ سراعًا إلى صاحب الصّور إلى بيت المقدس.
وحدّثني عبد الرّحمن بن يزيد بن عمير بن هانئٍ أنّ الحساب يكون عند الصّخرة الّتي ببيت المقدس). [تفسير القرآن العظيم: 2/779]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):

({ أرسل الرّياح فتثير سحاباً فسقناه }: فتثير , أي: تجمع , وتجيء به , وتخرجه , ومجاز " فسقناه " : مجاز فنسوقه , والعرب قد تضع " فعلنا " في موضع " نفعل " , قال الشاعر:



إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا= مني وما يسمعوا من صالحٍ دفنوا
في موضع " يطيروا " , و " يدفنوا ".


" النشور " مصدر الناشر قال الأعشى:
حتّى يقول الناس ممّا رأوا= يا عجبا للمّيت الناشر). [مجاز القرآن: 2/153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( النّشور: الحياة.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل: كقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، أي أنتم خير أمّة.
وقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أي وإذ يقول الله يوم القيامة. يدلك على ذلك قوله سبحانه: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}.
وقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، يريد يوم القيامة. أي سيأتي قريبا فلا تستعجلوه.
وقوله: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}، أي من هو صبيّ في المهد.
وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}، وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.
إنما هو: الله سميع بصير، والله على كل شيء قدير.
وقوله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ}، أي فنسوقه.
في أشباه لهذا كثيرة في القرآن). [تأويل مشكل القرآن: 295-296] (م)



قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقول:{واللّه الّذي أرسل الرّياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميّت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النّشور (9)}
{فسقناه إلى بلد ميت}, و {ميّت}.
{فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النّشور}: أي: ننشى المعنى مثل ذلك، أي : مثل إحياء الأرض، وكذلك بعثكم.). [معاني القرآن: 4/264]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {النُّشُورُ}: البعث.). [العمدة في غريب القرآن: 248]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {من كان يريد العزّة} [فاطر: 10]، يعني: المنعة، تفسير السّدّيّ.
{فللّه العزّة جميعًا} [فاطر: 10] أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: من كان يريد العزّة فليتعزّز بطاعة اللّه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/779]
وتفسير الحسن أنّ المشركين عبدوا الأوثان لتعزّهم كقوله: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا} [مريم: 81] فقال: من كان يريد العزّة، فليعبد اللّه حتّى يعزّه.
قوله عزّ وجلّ: {إليه يصعد الكلم الطّيّب} [فاطر: 10] التّوحيد.
{والعمل الصّالح يرفعه} [فاطر: 10] التّوحيد , لا يرتفع العمل إلا بالتّوحيد كقوله: {وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ فأولئك كان سعيهم مشكورًا} [الإسراء: 19]
- خالدٌ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يقبل اللّه عمل قومٍ حتّى يرضى قوله».
المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: {إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه} [فاطر: 10] قال: العمل الصّالح يرفعه الكلم الطّيّب.
وقال السّدّيّ: {إليه يصعد الكلم الطّيّب} [فاطر: 10]، يعني: الكلام الحسن، يعني: شهادة أن لا إله إلا اللّه {والعمل الصّالح يرفعه} [فاطر: 10]، يعني: وبه يقبل العمل الصّالح، وإلا ردّ القول على العمل.
قال: {والّذين يمكرون السّيّئات} [فاطر: 10] يعملون السّيّئات، الشّرك.
{لهم عذابٌ شديدٌ} [فاطر: 10] جهنّم.
{ومكر أولئك} [فاطر: 10]، أي: وعمل أولئك.
{هو يبور} [فاطر: 10] هو يفسد عند اللّه، لا يقبل اللّه الشّرك ولا ما يعمل المشرك من العمل الصّالح، ولا يقبل العمل إلا من المؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/780]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {من كان يريد العزّة فللّه العزّة جميعاً...}



فإن {العزّة}: معناه: من كان يريد علم العزّة , ولمن هي ؛ فإنها لله جميعاً، أي كل وجه من العزّة فلله.
وقوله: {إليه يصعد الكلم الطّيّب} : القرّاء مجتمعون على {الكلم} إلا أبا عبد الرحمن ؛ فإنه قرأ : {الكلام الطيّب}, وكلّ حسن, و{الكلم} أجود؛ لأنها كلمة , وكلم.


وقوله: {الكلمات} في كثير من القرآن يدلّ على أن الكلم أجود: والعرب تقول كلمة وكلم، فأمّا الكلام فمصدر.
وقد قال الشاعر:
مالك ترغين ولا يرغو الخلف = وتضجرين والمطيّ معترف
فجمع الخلفة بطرح الهاء، كما يقال: شجرة , وشجر.
وقوله: {والعمل الصّالح يرفعه}: أي: يرفع الكلم الطيّب, يقول: يتقبّل الكلام الطيّب إذا كان معه عمل صالح, ولو قيل: {والعمل الصّالح} بالنصب على معنى: يرفع الله العمل الصّالح، فيكون المعنى: يرفع الله {العمل الصّالح} , ويجوز على هذا المعنى الرفع، كما جاز النصب لمكان الواو في أوّله.). [معاني القرآن: 2/367]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يمكرون السّيّئات}: يكسبون , ويجترحون.). [مجاز القرآن: 2/153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ومكر أولئك هو يبور}: أي: يبطل.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}. أي يعلم أنّ العزّة لمن هي). [تأويل مشكل القرآن: 223]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} ، أي من كان يريد علم العزّة: لمن هي؟ فإنها لله تعالى). [تأويل مشكل القرآن: 438] (م)



قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {من كان يريد العزّة فللّه العزّة جميعا إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه والّذين يمكرون السّيّئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور (10)}
أي: من كان يريد بعبادته غير اللّه العزة , فلله العزة جميعا، أي: في حال اجتماعها، أي: يجتمع له في الدنيا , والآخرة.
ثم بين كيف يعز باللّه فقال:{إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه}


أي: إليه يصل الكلم الذي هو توحيد اللّه، وهو قول لا إله ألا اللّه, والعمل الصالح يرفعه.
المعنى: إذا وحّد اللّه, وعجل بطاعته , ارتفع ذلك إلى اللّه، واللّه عزّ وجل يرتفع إليه كل شيء , ويعلم كل شيء.


ولكن المعنى فيه ههنا : العمل الصالح هو الذي يرفع ذكر التوحيد حتى يكون مثبّتا للموحّد حقيقة التوحيد.
والضمير في (يرفعه) يجوز أن يكون أحد ثلاثة أشياء، وذلك قول أهل اللغة جميعا:
فيكون : والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب.
ويجوز أن يكون: والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب، أي: لا يقبل العمل الصالح إلا من موحّد.
والقول الثالث: أن يرفعه الله عزّ وجلّ.
{والّذين يمكرون السّيّئات لهم عذاب شديد}: المعنى مكر الذين يمكرون بالنبي صلى الله عليه وسلم .
{هو يبور}: أي : يفسد، وقد بين ما مكرهم في سورة الأنفال، في قوله:
{وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك}: ففسد جميع مكرهم , فجعل اللّه كلمة نبيّه وأوليائه العليا، وأيديهم العالية بالنصر والحجة.). [معاني القرآن: 4/264-265]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : (من كان يريد العزة بعبادة الأوثان).
قال الفراء: من كان يريد علم العزة .
ثم قال : {فلله العزة جميعا}: أي: فالله عز وجل يعز من يشاء بطاعته .
وقال قتادة : (فليتعزز بطاعة الله عز وجل).
قال أبو جعفر : وأولاها الأول لأن الآيات التي قبلها وبخ فيها المشركون بعبادة الأوثان , فكان أولى بهذه أن تكون من جنس الحث على فراق ذلك أيضا .
ثم قال جل وعز: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}
في معناه ثلاثة أقوال:
- من ذلك ما حدثنا بكر بن سهل قال : حدثنا أبو صالح , عن معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} .
قال: (الكلام الطيب ذكر الله جل وعز , والعمل الصالح أداء فرائضه .
فمن ذكر الله سبحانه في أداء فرائضه , حمل عمله ذكر الله , فصعد إلى الله سبحانه وتعالى.
ومن ذكر الله: ولم يؤد فرائضه , رد كلامه على عمله , فكان أولى به) .
قال أبو جعفر : وكذلك قال الحسن , وسعيد بن جبير , ومجاهد , وأبو العالية, والضحاك قالوا : (العمل الصالح يرفع الكلام الطيب).
قال الحسن : (فإذا كان كلام طيب , وعمل سيء , رد القول على العمل , فكان عملك أولى بك من قولك) .
-وقال شهر بن حوشب : إليه يصعد الكلم الطيب : (القرآن) , والعمل الصالح يرفعه : (القرآن) .
وروى معمر , عن قتادة قال : (والعمل الصالح يرفعه الله عز وجل).
قال أبو جعفر : قول قتادة ليس ببعيد في المعنى ؛ لأن الله عز وجل يرفع الأعمال , وقول شهر بن حوشب معناه : أن العمل الصالح لا ينفعك إلا مع التوحيد , فكأن التوحيد يرفعه .
إلا أن القول الأول أولاها وأصحها ؛ لعلو من قال به , وأنه في العربية أولى لأن القراء على رفع العمل , ولو كان المعنى : والعمل الصالح يرفعه الله , أو والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب لكان الاختيار نصب العمل , ولا نعلم أحدا قرأه منصوبا إلا شيئا روي عن عيسى بن عمر أنه قال : قرأه أناس : والعمل الصالح يرفعه .
وقوله جل وعز: {والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور}
روى معمر , عن قتادة : {يبور} , قال: (يفسد) .
قال أبو جعفر : وقد بين الله جل وعز هذا المكر في قوله: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك}
وروى قيس , عن منصور , عن مجاهد : {ومكر أولئك هو يبور }, قال: (الرياء).). [معاني القرآن: 5/439-443]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يبور}: أي: يهلك , ويفنى.). [ياقوتة الصراط: 417]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَبُورُ}: أي: يبطل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 199]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَبُورُ}: تفسد.). [العمدة في غريب القرآن: 248]




تفسير قوله تعالى: {َاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {واللّه خلقكم من ترابٍ} [فاطر: 11]، يعني: خلق آدم.
{ثمّ من نطفةٍ} [فاطر: 11] نسل آدم.
{ثمّ جعلكم أزواجًا} [فاطر: 11] ذكرًا وأنثى، والواحد زوجٌ، قال: {وأنّه خلق الزّوجين الذّكر والأنثى} [النجم: 45].
[تفسير القرآن العظيم: 2/780]
قال: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمّر من معمّرٍ ولا ينقص من عمره إلا في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [فاطر: 11]، يعني: هيّنٌ عليه وليس بشديدٍ عليه، وهو تفسير السّدّيّ.
حدّثني حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ قال: {وما يعمّر من معمّرٍ ولا ينقص من عمره} [فاطر: 11] قال: عمر العبد مكتوبٌ في كتابٍ، في أوّل الكتاب منتهى عمره، ثمّ يكتب أسفل من ذلك: ذهب يوم كذا وكذا، ومضى يوم كذا حتّى يأتي على أجله.
وحدّثني أيّوب بن عبد الملك، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن عكرمة، قال: {وما يعمّر من معمّرٍ ولا ينقص} [فاطر: 11] من عمرٍ آخر.
قال يحيى: يعني: أن يكون عمره دون عمر الآخر.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن أنّه كان يقرأها: وما يعمّر من معمّرٍ ولا ينقص من عمره، أي: من أجله.
قال يحيى: وتفسير الحسن: {وما يعمّر من معمّرٍ} [فاطر: 11] حتّى يبلغ إلى أرذل العمر، والعمر عنده هاهنا أن يبلغ أرذل العمر.
{ولا ينقص} [فاطر: 11] آخر من عمر المعمّر فيموت قبل أن يبلغ عمر ذلك المعمّر الّذي بلغ أرذل العمر.
{إلا في كتابٍ} [فاطر: 11] وبعضهم يقول العمر هاهنا ستّون سنةً.
وقوله عزّ وجلّ: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [فاطر: 11] عمر هذا الّذي عمّر وموت هذا الّذي لم يعمّر ما عمّر الآخر على اللّه يسيرٌ.
وقال السّدّيّ: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [فاطر: 11]، يعني: هيّنٌ عليه وليس بشديدٍ
[تفسير القرآن العظيم: 2/781]
عليه). [تفسير القرآن العظيم: 2/782]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {وما يعمّر من مّعمّرٍ...}



يقول: ما يطوّل من عمر، ولا ينقص من عمره، يرد آخر غير الأوّل، ثم كنى عنه بالهاء كأنه الأوّل.
ومثله في الكلام: عندي درهم ونصفه , يعني : نصف آخر, فجاز أن يكنى عنه بالهاء؛ لأن لفظ الثاني قد يظهر كلفظ الأوّل, فكنى عنه ككناية الأوّل.


وفيها قول آخر: {وما يعمّر من مّعمّرٍ ولا ينقص من عمره}: يقول: إذا أتى عليه الليل والنهار نقصا من عمره، والهاء في هذا المعنى للأوّل لا لغيره؛ لأن المعنى: ما يطوّل ,ولا يذهب منه شيء إلا هو محصىً في كتابٍ، وكلّ حسن ,وكأنّ الأوّل أشبه بالصواب.). [معاني القرآن: 2/368]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {واللّه خلقكم من تراب ثمّ من نطفة ثمّ جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه وما يعمّر من معمّر ولا ينقص من عمره إلّا في كتاب إنّ ذلك على اللّه يسير (11)}
{وما يعمّر من معمّر ولا ينقص من عمره}:وقرئت ينقص.
ويجوز " وما نعمّر من معمّر ولا ننقص " بالنون جميعا , ولكنه لم يقرأ بها فيما بلغني، فلا تقرأنّ بها.
وتأويل الآية : أن الله جلّ وعزّ قد كتب عمر كل معمّر , وكتب يعمّر كذا وكذا سنة , وكذا وكذا شهرا، وكذا وكذا يوما، وكذا وكذا ساعة، فكل ما نقص من عمره من سنة , أو شهر , أو يوم , أو ساعة كتب ذلك حتى يبلغ أجله.). [معاني القرآن: 4/266]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب}
في معنى هذه الآية أقوال:
- فمن أحسنها وأشبهها بظاهر التنزيل , قول الضحاك : (قال: من قضيت له أن يعمر حتى يدركه الهرم , أو يعمر دون ذلك, فكل ذلك بقضاء , وكل في كتاب) .
قال أبو جعفر : والمعنى على هذا : وما يعمر من معمر , أي: هرم , وفلان معمر , أي: كبير , ولا ينقص آخر من عمره من عمر الهرم إلا بقضاء من الله عز وجل.
-وروى عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس في قوله جل وعز: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب}
قال : (يكتب عمره كذا وكذا سنة , وكذا وكذا شهر , وكذا وكذا يوما , ثم يكتب نقص من عمره يوم , ونقص من عمره شهر , ونقص من عمره سنة في كتاب آخر إلى أن يستوفي أجله فيموت) .
-قال سعيد بن جبير : فيما مضى من عمره فهو النقصان , وما يستقبل فهو الذي يعمر .
-وروى الزهري , عن سعيد بن المسيب , عن كعب الأحبار أنه قال : (لما طعن عمر بن الخطاب، لو دعا الله , لزاد في أجله , فأنكر ذلك عليه المسلمون , وقالوا: إن الله عز وجل يقول: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.
فقال , وإن الله تعالى يقول :{وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب}).
ـ قال الزهري : (نرى أنه يؤخر ما لم يحضر الأجل , فإذا حضر الإجل لم يزد في العمر , ولم يقع تأخير) .
قال أبو جعفر : وقيل في معنى الآية : إنه يكون أن يحكم أن عمر الإنسان مائة سنة إن أطاع , وتسعون إن عصى , فأيهما بلغ , فهو في كتاب .
{إن ذلك على الله يسير }: أي : إحصاء طويل الأعماروقصيرها لا يتعذر عليه.). [معاني القرآن: 5/444-446]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره}:معناه: ولا ينقص من عمر أحد غير المعمر المذكور.
قال ثعلب: والعرب تقول: لك عندي دينار ونصفه، أي: ونصف دينار آخر.). [ياقوتة الصراط: 417]




تفسير قوله تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما يستوي البحران هذا عذبٌ فراتٌ} [فاطر: 12] حلوٌ.
{سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاجٌ} [فاطر: 12] مرٌّ.
{ومن كلٍّ} [فاطر: 12] من العذب والمالح.
{تأكلون لحمًا طريًّا} [فاطر: 12]، يعني: الحيتان.
{وتستخرجون حليةً تلبسونها} [فاطر: 12] اللّؤلؤ.
{وترى الفلك فيه مواخر} [فاطر: 12] مقبلةً ومدبرةً بريحٍ واحدةٍ.
وقال بعضهم: تمخر تشقّ الماء.
{لتبتغوا من فضله} [فاطر: 12] طلب التّجارة في البحر، وهو تفسير مجاهدٍ.
قال: {ولعلّكم تشكرون} [فاطر: 12] ولكي تشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/782]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {ومن كلٍّ تأكلون لحماً طريّاً...}



يريد: من البحرين جميعاً: من الملح , والعذب.
{وتستخرجون حليةً}: من الملح دون العذب.


وقوله: {وترى الفلك فيه مواخر} , ومخرها: خرقها للماء إذا مرّت فيه، واحدها : ماخرة.).[معاني القرآن: 2/368]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({هذا عذب فراتٌ سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاجٌ}: الفرات : أعذب العذب , والاجاج : أملح الملوحة.
{فيه مواخر }: تقديرها فواعل من " مخرت السفن الماء " , والمعنى: شقّت.). [مجاز القرآن: 2/153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وترى الفلك فيه مواخر} : أي:جواري, ومخرها: خرقها للماء). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجتمع شيئان ولأحدهما فعل فيجعل الفعل لهما:
كقوله سبحانه: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}.
روي في التفسير: أن النّاسي كان يوشع بن نون ويدلّك قوله لموسى، صلّى الله عليه وسلم: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}.
وقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ} والرسل من الإنس دون الجن.
وقوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} ثم قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} . واللؤلؤ والمرجان إنما يخرجان من الماء الملح لا من العذب.
وكذلك قوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}.
وقد غلط في هذا المعنى أبو ذؤيب الهذليّ ولا أدري أمن جهة هذه الآيات غلط
أم من غيرها؟ قال يذكر الدّرّة:
فجاء بها ما شئت من لطميّة = يدوم الفرات فوقها ويموج
والفرات لا يدوم فوقها وإنما يدوم الأجاج). [تأويل مشكل القرآن: 286-288] (م)



قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كلّ تأكلون لحما طريّا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون (12)}
الفرات: المبالغ في العذوبة.
{وهذا ملح أجاج}:الأجاج الشديد المرارة، والأجاج أيضا : الشديد الحرارة.


{ومن كلّ تأكلون لحما طريّا وتستخرجون حلية تلبسونها}: وإنما تستخرج الحلية من الملح دون العذب، إلا أنهما لما كانا مختلط ين العذب , والملح، جاز أن يقال : تستخرجون الحلية, وهي اللؤلؤ والمرجان , وما أشبه ذلك منهما, كما قال: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان}.
{وترى الفلك فيه مواخر}: المعنى : في مواخر : تشق الماء.


وجاء في التفسير : أنها تصاعد , وتنحدر في البحر بريح واحدة.
والفلك جمع فلك : لفظ الواحد كلفظ الجمع لأن فعلا : جمع فعل نحو : أسد وأسد، ووثن ووثن، فكذلك جمع فعل لأنهما أختان في الجمع، تقول: جبل وأجبال، وقفل وأقفال، وكذلك أسد وآساد., وفلك للواحد , وفلك للجماعة). [معاني القرآن: 4/266]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما يستوي البحران هذا عذب فرات}
قال أبو عبيدة : الفرات أعذب العذوبة , والأجاج: أملح الملوحة .
ثم قال جل وعز: {ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها}
الحلية : اللؤلؤ , والمرجان , كما قال تعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} , وإنما يخرج من الملح
قال أبو جعفر : وهذا كثير في كلام العرب لأن البحرين مختلطان , فجاز أن يقال يخرج منهما , وإنما يخرج من أحدهما على قول بعض أهل اللغة .
ثم قال جل وعز: {وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله}
قال قتادة: أي : (تجري الفلك مقبلة , ومدبرة) .
قال أبو جعفر : مخرت السفينة : تمخر , وتمخر مخرا ومخورا إذا خرقت الماء.). [معاني القرآن: 5/446-447]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أجاج}: أخبرنا أبو عمر , قال: أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي , قال: الأجاج : أشد الماء ملوحة).). [ياقوتة الصراط: 418]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَوَاخِرَ}: أي جواري. ومخرها: خرقها للماء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 199]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فُرَاتٌ}: عذب .
{أُجَاجٌ}: ملح.
{مَوَاخِرَ}: تشق الماء.). [العمدة في غريب القرآن: 248]




تفسير قوله تعالى:{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} [فاطر: 13] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: هو أخذ أحدهما من صاحبه.
{وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} [فاطر: 13] لا يعدوه.
وقال السّدّيّ: وهو مطالع الشّمس والقمر إلى غايةٍ لا يجاوزانه في شتاءٍ ولا صيفٍ.
{ذلكم اللّه ربّكم له الملك والّذين تدعون من دونه} [فاطر: 13] يقوله للمشركين، يعني: أوثانهم.
{ما يملكون من قطميرٍ} [فاطر: 13] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: القطمير: القشرة الّتي تكون على
[تفسير القرآن العظيم: 2/782]
النّواة، يعني: السّحاة البيضاء.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: القطمير، لفافة النّواة كسحاة البصلة). [تفسير القرآن العظيم: 2/783]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)

: ({ كلٌّ يجري لأجل مسمّى}: مجازه : مجاز ما خرج من الحيوان , والموات مخرج الآدميين.



{ما يملكون من قطمير}:وهو: الفوقة التي فيها النواة.). [مجاز القرآن: 2/153]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({من قطمير}: القطمير القشرة التي بين لحاء الثمرة والنواة). [غريب القرآن وتفسيره: 309]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ما يملكون من قطميرٍ}: القطمير: الفوفة التي تكون في النواة.
وفي التفسير: أنه الذي بين قمع الرطبة وبين النواة, وهو من الاستعارة في قلة الشيء , وتحقيره.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قول الله عز وجل: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}


والفتيل: ما يكون في شقّ النّواة.
والنّقير: النّقرة في ظهرها.


ولم يرد أنهم لا يظلمون ذلك بعينه، وإنما أراد أنهم إذا حوسبوا لم يظلموا في الحساب شيئا ولا مقدار هذين التّافهين الحقيرين.
والعرب تقول: ما رزأتُه زِبَالاً. (وَالزِّبَالُ) ما تحمله النَّمْلَةُ بفَمِهَا، يريدون ما رزأته شيئاً.
وقال النابغة الذّبياني:
يجمعُ الجيش ذا الألوفِ ويغزو = ثم لا يرزأُ العدوَّ فَتيلا
وكذلك قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} وهو (الفوقة) التي فيها النّواة. يريد ما يملكون شيئا.
ومنه قوله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} أي قصدنا لأعمالهم وعمدنا لها.
والأصلُ أنَّ مَن أرادَ القُدوم إلى موضع عَمَدَ له وَقَصَدَه.
والهباء المنثور: ما رأيته في شُعَاعِ الشَّمس الداخلِ من كُوَّةِ البيتِ.
والهباء المنبثُّ: ما سَطَعَ مِن سَنابكِ الخيلِ.
وإنما أراد أنّا أبطلناه كما أنَّ هذا مُبطَلُ لا يُلْمَسُ ولا يُنْتَفَعُ بهِ). [تأويل مشكل القرآن: 138] (م)



قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير (13)}
وهي: لفافة النواة، والنقير : النقرة في ظهر النواة، والفتيل : الذي في وسط النّواة.). [معاني القرآن: 4/266]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير}


روى خصيف , عن عكرمة , عن ابن عباس قال : القطمير: القشرة التي على النواة أي: بينها , وبين التمرة , والفتيل الذي في شق النواة , قال : والنقير : الحبة التي في وسط النواة.).[معاني القرآن: 5/447-448]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قِطْمِيرٍ}: هو القشرة التي تكون على النواة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 199]


قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((القِطْمِيرٍ): غشاة النواة.). [العمدة في غريب القرآن: 248]




تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إن تدعوهم} [فاطر: 14]، يعني: تنادوهم.
{لا يسمعوا دعاءكم} [فاطر: 14] نداءكم تفسير السّدّيّ.
{ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم} [فاطر: 14] بعبادتكم إيّاهم.
{ولا ينبّئك مثل خبيرٍ} [فاطر: 14] وهو اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/783]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)

: ( {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير (14)}



{ويوم القيامة يكفرون بشرككم}: يعني يقولون: ما كنتم إيّانا تعبدون، فيكفرون بعبادتكم إيّاهم
{ولا ينبّئك مثل خبير}: وهو اللّه، لأن ما أنبأ اللّه به مما يكون فهو وحده يخبره، لا يشركه فيه أحد). [معاني القرآن: 4/267]


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}
أي:يتبرءون منهم,ومن عبادتهم إياهم, ويوبخونهم على ذلك .
ثم قال تعالى: {ولا ينبئك مثل خبير}:وهو الله جل وعز خبير بما يكون لا يعلمه غيره.). [معاني القرآن: 5/448]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس أنتم الفقراء إلى اللّه واللّه هو الغنيّ} [فاطر: 15] عنكم.
{الحميد} [فاطر: 15] المستحمد إلى خلقه، استوجب عليهم أن يحمدوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/783]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إن يشأ يذهبكم} [فاطر: 16] يهلككم بعذاب الاستئصال.
{ويأت بخلقٍ جديدٍ} [فاطر: 16] هو أطوع له منكم كقوله: {إنّا لقادرون {40} على أن نبدّل خيرًا منهم} [المعارج: 40-41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/783]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما ذلك على اللّه بعزيزٍ} [فاطر: 17] أنّى فعل ذلك بكم، وقال السّدّيّ: يعني: وما ذلك على اللّه بشديدٍ، أي: لا يشقّ عليه). [تفسير القرآن العظيم: 2/783]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 ذو القعدة 1431هـ/21-10-2010م, 12:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 18 إلى 37]

{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)}

تفسير قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} [فاطر: 18] لا يحمل أحدٌ ذنب آخر.
وقال السّدّيّ: يعني: لا تحمل حاملةٌ ذنب نفسٍ أخرى، وهو نحوه.
قال: {وإن تدع مثقلةٌ} [فاطر: 18] تفسير مجاهدٍ، عن أبيه قال: مثقلةٌ، أي: من الذّنوب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/783]
{إلى حملها} [فاطر: 18] ليحمل عنها.
{لا يحمل منه شيءٌ ولو كان ذا قربى} [فاطر: 18] لا يحمل قريبٌ عن قريبه شيئًا من ذنوبه.
{إنّما تنذر} [فاطر: 18] إنّما يقبل نذارتك.
{الّذين يخشون ربّهم بالغيب} [فاطر: 18] في السّرّ حيث لا يطّلع عليهم أحدٌ.
{وأقاموا الصّلاة} [فاطر: 18] المفروضة.
{ومن تزكّى} [فاطر: 18]، أي: عمل صالحًا.
{فإنّما يتزكّى لنفسه} [فاطر: 18] يجد ثوابه.
{وإلى اللّه المصير} [فاطر: 18] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/784]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وإن تدع مثقلةٌ إلى حملها...}

يقول: إن دعت داعية ذات ذنوبٍ قد أثقلتها إلى ذنوبها ليحمل عنها شيء من الذنوب لم تجد ذلك, ولو كان الذي تدعوه أباً أو ابنا, فذلك قوله: {ولو كان ذا قربى}, ولو كانت: {ذو قربى} لجاز؛ لأنه لم يذكر فيصير نكرة, فمن رفع لم يضمر في (كان) شيئاً، فيصير مثل قوله:{وإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ} , ومن نصب أضمر, وهي في قراءة أبيّ: {وإن كان ذا عسرة}على ذلك. وإنما أنّث {مثقلةٌ} يذهب إلى الدابة , أو إلى النفس، وهما يعبّران عن الذكر والأنثى، كما قال: {كلّ نفسٍ ذائقة الموت} للذكر والأنثى.). [معاني القرآن: 2/368]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى }: مجازه: ولا تحمل آثمة إثم أخرى، وزرته , أي : فعلته, أي: أثمته هي.). [مجاز القرآن: 2/153]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى وإن تدع مثقلةٌ إلى حملها لا يحمل منه شيءٌ ولو كان ذا قربى إنّما تنذر الّذين يخشون ربّهم بالغيب وأقاموا الصّلاة ومن تزكّى فإنّما يتزكّى لنفسه وإلى اللّه المصير}
وقال:{ولو كان ذا قربى}: لأنه خبر.
وقال: {وإن تدع مثقلةٌ إلى حملها} , فكأنه قال: وإن تدع إنساناً لا يحمل من ثقلها شيئاً , ولو كان الإنسان ذا قربى.). [معاني القرآن: 3/35]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وإن تدع مثقلةٌ إلى حملها لا يحمل منه شيءٌ} يقول: إن دعت نفس ذات ذنوب، قد أثقلتها ذنوبها، ليحمل عنها شيء منها، لم تجد ذلك، ولو كان من تدعوه ذا قربى.). [تفسير غريب القرآن: 360]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى إنّما تنذر الّذين يخشون ربّهم بالغيب وأقاموا الصّلاة ومن تزكّى فإنّما يتزكّى لنفسه وإلى اللّه المصير (18)}
{وإن تدع مثقلة إلى حملها}:المعنى: إن تدع نفس مثقلة بالذنوب إلى حملها، إلى ذنوبها، لا يحمل من ذنوبها شيء.
{ولو كان ذا قربى}:
أي : ولو كان الذي تدعوه ذا قربى مثل الأب والابن، ومن أشبه هؤلاء.
{إنّما تنذر الّذين يخشون ربّهم بالغيب وأقاموا الصّلاة}:فتأويل " تنذر الّذين يخشون ربّهم " وهو النبي صلى الله عليه وسلم , تنذر الخلق أجمعين، والمعنى ههنا : أن إنذارك ينفع الذين يخشون ربّهم.). [معاني القرآن: 4/267]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}
روى سماك, عن عكرمة , عن ابن عباس قال: (لا يؤاخذ أحد بذنب أحد).
ثم قال جل وعز: {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء}
قال مجاهد : (إلى حملها : أي : إلى الذنوب)
قال أبو جعفر المعنى : وإن تدع نفس قد أثقلته الذنوب إلى حملها , وهو ذنوبها , لا يحمل من حملها , وهو ذنوبها شيء .
{ولو كان ذا قربى}: أي , ولو كان الذي تدعوه إلى ذلك أبا , أو ابنا , أو ما أشبههما.). [معاني القرآن: 5/449-450]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما يستوي الأعمى والبصير} [فاطر: 19] وهذا تبعٌ للكلام الأوّل لقوله: {وما يستوي البحران هذا عذبٌ فراتٌ} [فاطر: 12]...
{وهذا ملحٌ أجاجٌ} [فاطر: 12].
{وما يستوي الأعمى والبصير} [فاطر: 19] قال السّدّيّ: يعني: بصر القلب بالإيمان وهو المؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/784]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما يستوي الأعمى والبصير...}

فالأعمى ها هنا : الكافر، والبصير : المؤمن.). [معاني القرآن: 2/369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما يستوي الأعمى والبصير}: مثل للكافر , والمؤمن.). [تفسير غريب القرآن: 361]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وما يستوي الأعمى والبصير (19) ولا الظّلمات ولا النّور (20) ولا الظّلّ ولا الحرور (21)}
هذا مثل : ضربه اللّه للمؤمنين والكافرين، المعنى لا يستوي الأعمى عن الحق : وهو الكافر، والبصير بالحق : وهو المؤمن الذي يبصر رشده.). [معاني القرآن: 4/267]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور}
قال قتادة: (أي: كما لا يستوي الأعمى والبصير , لا يستوي المؤمن والكافر) .
وقال غيره :المعنى : وما يستوي الأعمى عن الحق وهو الكافر , ولا البصير بالهدى وهو المؤمن.). [معاني القرآن: 5/450]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}: مثل للكافر والمؤمن, كما قال عز وجل: {أو من كان ميتاً فأحييناه} : أي: كان كافرا فأحييناه بالإيمان.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 199]

تفسير قوله تعالى:{وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا الظّلمات ولا النّور {20} ولا الظّلّ ولا الحرور {21} وما يستوي الأحياء ولا الأموات} [فاطر: 20-22] هذا كلّه مثلٌ للمؤمن والكافر، كما لا يستوي البحران العذب والمالح، وكما لا يستوي الأعمى والبصير، وكما لا تستوي الظّلمات والنّور فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر.
وقال السّدّيّ: وهذا مثلٌ ضربه اللّه للكفّار والمؤمنين، فالأموات هم الكفّار، وهم بمنزلة الأموات.
{وما يستوي الأحياء} [فاطر: 22]، يعني: المؤمنين.
{ولا الأموات} [فاطر: 22]، يعني: الكفّار قال: بمنزلة الأموات). [تفسير القرآن العظيم: 2/784]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا الظّلمات ولا النّور...}

الظلمات: الكفر، والنور: الإيمان). [معاني القرآن: 2/369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ولا الظّلمات ولا النّور}: مثل للكفر والإيمان). [تفسير غريب القرآن: 361]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولا الظلمات ولا النّور}: الظلمات: الضلالات، والنور: الهدي). [معاني القرآن: 4/267]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {ولا الظلمات}: وهي الضلالات ,{ولا النور}: وهو الهدى.). [معاني القرآن: 5/450]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا الظّلمات ولا النّور {20} ولا الظّلّ ولا الحرور {21} وما يستوي الأحياء ولا الأموات} [فاطر: 20-22] هذا كلّه مثلٌ للمؤمن والكافر، كما لا يستوي البحران العذب والمالح، وكما لا يستوي الأعمى والبصير، وكما لا تستوي الظّلمات والنّور فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر.
وقال السّدّيّ: وهذا مثلٌ ضربه اللّه للكفّار والمؤمنين، فالأموات هم الكفّار، وهم بمنزلة الأموات.
{وما يستوي الأحياء} [فاطر: 22]، يعني: المؤمنين.
{ولا الأموات} [فاطر: 22]، يعني: الكفّار قال: بمنزلة الأموات). [تفسير القرآن العظيم: 2/784] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولا الظّلّ ولا الحرور} [فاطر: 21]، أي: ولا يستوي الظّلّ، ظلّ الجنّة، ولا
[تفسير القرآن العظيم: 2/784]
الحرور النّار كما لا يستوي الظّلّ في الدّنيا والشّمس). [تفسير القرآن العظيم: 2/785]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا الظّلّ ولا الحرور...}

الظّل: الجنة، والحرور: النار). [معاني القرآن: 2/369]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الظّلّ ولا الحرور }: الحرور بالنهار مع الشمس هاهنا , وكان رؤبة يقول: الحرور بالليل , والسموم بالنهار
ونسجت لوامع الحرور برقرقان آلهاً = المسجورسبائباً كسرق الحرير). [مجاز القرآن: 2/154]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولا الظّلّ ولا الحرور}
وقال: {ولا الظّلّ ولا الحرور} : فيشبه أن تكون {لا} زائدة؛ لأنك لو قلت: "لا يستوي عمرٌو ولا زيدٌ" في هذا المعنى لم يكن إلا أن تكون {لا} زائدة). [معاني القرآن: 3/35-36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الحرور}: قال بعضهم: الحرور الريح الحارة بالليل والسموم بالنهار.
وقال آخرون: الحرور بالنهار مع الشمس، والحرور والسموم مؤنثان). [غريب القرآن وتفسيره: 309]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا الظّلّ ولا الحرور}: مثل للجنة والنار.). [تفسير غريب القرآن: 361]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولا الظّلّ ولا الحرور}: المعنى لا يستوي أصحاب الحق الذين هم في ظلّ من الحق، ولا أصحاب الباطل الذين هم في حرور , أي: في حرّ دائم ليلا , ونهارا.
والحرور: استيقاد الحرّ , ولفحه بالنهار وبالليل.
والسّموم : لا يكون إلّا بالنّهار.). [معاني القرآن: 4/267-268]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {ولا الظل ولا الحرور}
قال أبو عبيدة : الحرور في هذا الموضع إنما يكون بالنهار مع الشمس .
وقيل : يعني : الجنة والنار.
وقيل : لا يستوي من كان في ظل من الحق , ومن كان في الحرور .
وقال الفراء : الحرور : الحر الدائم ليلا أو نهارا , والسموم : بالنهار خاصة .
وقال رؤبة بن العجاج : الحرور بالليل خاصة , السموم بالنهار .
قال أبو جعفر : وقول أبي عبيدة أشبه ؛ لأن الظل إنما يستعمل في اليوم الشمس.). [معاني القرآن: 5/450-452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْحَرُورُ}: الريح الحارة بالليل). [العمدة في غريب القرآن: 248]



تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولا الظّلمات ولا النّور {20} ولا الظّلّ ولا الحرور {21} وما يستوي الأحياء ولا الأموات} [فاطر: 20-22] هذا كلّه مثلٌ للمؤمن والكافر، كما لا يستوي البحران العذب والمالح، وكما لا يستوي الأعمى والبصير، وكما لا تستوي الظّلمات والنّور فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر.
وقال السّدّيّ: وهذا مثلٌ ضربه اللّه للكفّار والمؤمنين، فالأموات هم الكفّار، وهم بمنزلة الأموات.
{وما يستوي الأحياء} [فاطر: 22]، يعني: المؤمنين.
{ولا الأموات} [فاطر: 22]، يعني: الكفّار قال: بمنزلة الأموات). [تفسير القرآن العظيم: 2/784] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما يستوي الأحياء} [فاطر: 22] المؤمنون الأحياء في الدّين كقوله: {أومن كان ميتًا فأحييناه} [الأنعام: 122] بالإيمان.
{ولا الأموات} [فاطر: 22] في الدّين، الكفّار.
{إنّ اللّه يسمع من يشاء} [فاطر: 22] يهديه للإيمان.
{وما أنت بمسمعٍ من في القبور} [فاطر: 22]، أي: وما أنت بمسمعٍ الكفّار، هم بمنزلة الأموات لا يسمعون منك الهدى سمع قبولٍ، كما أنّ الّذين في القبور لا يسمعون). [تفسير القرآن العظيم: 2/785]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما يستوي الأحياء ولا الأموات...}: الأحياء: المؤمنون، والأموات: الكفّار).
[معاني القرآن: 2/369]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما يستوي الأحياء ولا الأموات}: مثل للعقلاء , والجهال.).[تفسير غريب القرآن: 361]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما يستوي الأحياء ولا الأموات إنّ اللّه يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور (22)}
الأحياء : هم المؤمنون، والأموات : الكافرون، ودليل ذلك قوله: {أموات غير أحياء}). [معاني القرآن: 4/268]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وما يستوي الأحياء ولا الأموات}
أي: العقلاء , والجهال.
والمراد : بالأحياء : الأحياء القلوب بالإيمان , والمعرفة .
والأموات : الأموات القلوب بغلبة الكفر عليها حتى صارت لا تعرف الهدى من الضلال.).[معاني القرآن: 5/452]


تفسير قوله تعالى: (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إن أنت إلا نذيرٌ} [فاطر: 23] تنذر النّاس واللّه يهدي من يشاء). [تفسير القرآن العظيم: 2/785]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّا أرسلناك بالحقّ} [فاطر: 24] بالقرآن.
{بشيرًا} بالجنّة.
{ونذيرًا} من النّار.
{وإنّ من أمّةٍ إلا خلا فيها نذيرٌ} [فاطر: 24]، يعني: الأمم الخالية كلّها قد خلت فيهم النّذر.
وتفسير السّدّيّ: أي: وإن من أمّةٍ ممّن أهلكنا إلا خلا فيها نذيرٌ، يعني: يحذّر المشركين أن ينزل بهم ما نزل بهم أن كذّبوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كما كذّبت الأمم رسلها). [تفسير القرآن العظيم: 2/785]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
:( {وإن من أمّةٍ إلّا خلا فيها نذيرٌ}: أي: سلف فيها نبي.).
[تفسير غريب القرآن: 361]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} : أي: سلف فيها نبي.). [معاني القرآن: 5/452]


تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن يكذّبوك فقد كذّب الّذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبيّنات وبالزّبر} [فاطر: 25] والزّبر الكتب على الجماعة، والبيّنات في تفسير الحسن ما جاءت به الأنبياء.
{وبالكتاب المنير} [فاطر: 25] البيّن، والكتاب الّذي كان يجيء به النّبيّ منهم إلى قومه.
وقال السّدّيّ: {بالبيّنات}، يعني: الآيات الّتي كانت تجيء بها الأنبياء إلى قومهم قال: {وبالزّبر}، يعني: وحديث الكتاب وما كان قبله من المواعظ.
والكتاب المنير، يعني: المضيء في أمره ونهيه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/785]
وتفسير الكلبيّ: البيّنات: الحلال والحرام). [تفسير القرآن العظيم: 2/786]


تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ثمّ أخذت الّذين كفروا} [فاطر: 26]، يعني: إهلاكهم إيّاهم بالعذاب حين كذّبوا رسلهم.
{فكيف كان نكير} [فاطر: 26] عقابي، على الاستفهام، أي: كان شديدًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/786]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ثمّ أخذت الّذين كفروا }: أي : فعاقبت, { فكيف كان نكير }: أي: تغيري, وعقوبتي.).
[مجاز القرآن: 2/154]



تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماءً فأخرجنا به ثمراتٍ مختلفًا ألوانها} [فاطر: 27] وطعمها في الإضمار.
قال: {ومن الجبال جددٌ} [فاطر: 27]، أي: طرائق.
{بيضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانها وغرابيب سودٌ} [فاطر: 27] والغريب الشّديد السّواد). [تفسير القرآن العظيم: 2/786]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {جددٌ بيضٌ...}

الخطط , والطرق تكون في الجبال كالعروق، بيض , وسود , وحمر، واحدها: جدّة.). [معاني القرآن: 2/369]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وغرابيب سودٌ }:مقدم ومؤخر ؛ لأنه يقال: أسود غربيب). [مجاز القرآن: 2/154]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماء فأخرجنا به ثمراتٍ مّختلفاً ألوانها ومن الجبال جددٌ بيضٌ وحمرٌ مّختلفٌ ألوانها وغرابيب سودٌ}
وقال: {ومن الجبال جددٌ بيضٌ} , و"الجدد" : واحدتها "جدّةٌ" , و"الجدد" : هي ألوان الطرائق التي فيها مثل "الغدّة" , وجماعتها "الغدد" ولو كانت جماعة "الجديد" لكانت "الجدد", وإنما قرئت: {مختلفاً ألوانها} لأن كل صفة مقدمة فهي تجري على الذي قبلها إذا كانت من سببه , فالثمرات في موضع نصب.
وقال: {وحمرٌ مّختلفٌ ألوانها} , فرفع "المختلف" لأن الذي قبلها مرفوع.). [معاني القرآن: 3/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ومن الجبال جدد بيض}: طرائق واحدها جدة.
{و غرابيب سود}: واحدها غربيب وهو أشد السواد). [غريب القرآن وتفسيره: 309]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ومن الجبال جددٌ بيضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانها وغرابيب سودٌ}

و«الجدد» : الخطوط , والطرائق تكون في الجبال، فبعضها بيض، وبعضها حمر , وبعضها غرابيب سود.
وغرابيب جمع غربيب، وهو: الشديد السواد, يقال: أسود غربيب.
وتمام الكلام عند قوله: {كذلك}, يقول: من الجبال مختلف ألوانها.). [تفسير غريب القرآن: 361]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود (27)}
{ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها}:جدد: جمع جدّة، وهي: الخطّة والطريقة، قال امرؤ القيس:
كأن سراته وجدّة متنه= كنائن يجري فوقهنّ دليص
" جدّة متنه " : الخطّة السوداء التي تراها في ظهر حمار الوحش.
وكل طريقة جادّة , وجدّة.
{وغرابيب سود}: أي: ومن الجبال غرابيب , وهي الحرار، الجبال التي هي ذات صخور سود, والغربيب الشديد السواد.).[معاني القرآن: 4/269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانه وغرابيب سود}
قال الضحاك: (أي: ألوان مختلفة , أي: أبيض , وأحمر , وأسود , قال: والجدد: الطرائق) .
قال أبو جعفر : قال أبو عبيدة : الغريب: الشديد السواد.). [معاني القرآن: 5/453]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الجدد): الطرائق تكون في الجبال.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جُدَدٌ}: طرائق , {غَرَابِيبُ}: سود.). [العمدة في غريب القرآن: 249]



تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن النّاس والدّوابّ والأنعام مختلفٌ ألوانه كذلك} [فاطر: 28]، أي: كما اختلفت ألوان ما ذكر من الثّمار والجبال، ثمّ انقطع الكلام، ثمّ استأنف فقال: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} [فاطر: 28] وهم المؤمنون.
وبلغني أنّ ابن عبّاسٍ، قال: يعلمون أنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ.
- وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن عون بن عبد اللّه بن عتبة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: ليس العلم رواية الحديث ولكنّ العلم الخشية.
قال يحيى: نراه أنّه، يعني: أنّه من خشي اللّه فهو عالمٌ.
قال: {إنّ اللّه عزيزٌ غفورٌ} [فاطر: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/786]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {كذلك...}

من صلة الثمرات, واختلاف ألوانها, أي : من الناس , وغيرهم كالأوّل, ثم استأنف فقال: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} .). [معاني القرآن: 2/369]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ومن النّاس والدّوابّ والأنعام مختلف ألوانه }, مجازه: من هؤلاء جميع مختلف ألوانه , ومن أولئك جميع، كذاك : وقد جاءت الدواب جملة لجميع الناس والحيوان في آية أخرى , قال: { وما من دابّة في الأرض إلاّ على الله رزقها }, ثم هذه الآية ملخصة مفرقة , فجاءت الدواب ما خلا الناس والإبل.). [مجاز القرآن: 2/154]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ومن النّاس والدّوابّ والأنعام مختلفٌ ألوانه كذلك}: أي : كاختلاف الثمرات, ثم يبتدئ: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}.). [تفسير غريب القرآن: 361]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومن النّاس والدّوابّ والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء إنّ اللّه عزيز غفور (28)}
المعنى: وفيما خلقنا مختلف ألوانه، ومن الناس والدواب والأنعام كذلك , أي: كاختلاف الثمرات والجبال.
{إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}:أي: من كان عالما باللّه اشتدت خشيته له.
وجاء في التفسير : كفى بخشية الله علماً، وبالاغترار باللّه جهلاً.). [معاني القرآن: 4/269]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك}
قال الضحاك : (أي : من الناس : الأبيض , والأحمر , والأسود).
ثم قال جل وعز: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}
أي: العلماء بقدرته على ما يشاء , فمن علم ذلك , أيقن بمعاقبته على المعصية , فخاف, ه كما روى علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس :{إنما يخشى الله من عباده العلماء }, قال :(الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير) .
وفي الحديث : ((كفى بخشية الله علما , وبالغرة به جهلا.)).). [معاني القرآن: 5/453-454]



تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين يتلون كتاب اللّه وأقاموا الصّلاة} [فاطر: 29] المفروضة.
{وأنفقوا ممّا رزقناهم سرًّا وعلانيةً} [فاطر: 29] السّرّ التّطوّع، والعلانية الزّكاة المفروضة، يستحبّ أن تعطى الزّكاة المفروضة علانيةً والتّطوّع سرًّا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/786]
ويقال: صدقة السّرّ تطوّعًا أفضل من صدقة العلانية.
- المعلّى، عن زبيدٍ الياميّ، عن مرّة الهمذانيّ، عن ابن مسعودٍ قال: إنّ فضل صلاة اللّيل على صلاة النّهار كفضل صدقة السّرّ على العلانية.
قال: {يرجون تجارةً لن تبور} [فاطر: 29] لن تفسد، وهي تجارة الجنّة، يعملون للجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/787]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يرجون تجارةً لّن تبور...}

جواب لقوله: {إنّ الّذين يتلون كتاب اللّه وأقاموا الصّلاة} , {أولئك يرجون تجارةً لّن تبور} , فـ {يرجون}: جواب لأوّل الكلام.). [معاني القرآن: 2/369]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وأقاموا الصّلاة }: مجازه: ويقيمون الصلاة , ومعناه: وأداموا الصلاة لمواقيتها , وحدودها.
{ تجارةً لن تبور }: أي : لن تكسد وتهلك , ويقال: نعوذ بالله من بوار الأيم , ويقال: بار الطعام , وبارت السوق.). [مجاز القرآن: 2/155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّ الّذين يتلون كتاب اللّه وأقاموا الصّلاة وأنفقوا ممّا رزقناهم سرّا وعلانية يرجون تجارة لن تبور (29)}
{يرجون تجارة لن تبور}: أي: لن تفسد , ولن تكسد.). [معاني القرآن: 4/269]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَّن تَبُورَ}: لن تكسد.). [العمدة في غريب القرآن: 249]



تفسير قوله تعالى: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ليوفّيهم أجورهم} [فاطر: 30] ثوابهم في الجنّة.
{ويزيدهم من فضله} [فاطر: 30] يضاعف لهم الثّواب.
قال الحسن: تضاعف لهم الحسنات، يثابون عليها في الجنّة.
{إنّه غفورٌ شكورٌ} [فاطر: 30] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/787]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ({ليوفّيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنّه غفور شكور (30)}: غفور لذنوبهم , شكور لحسناتهم.).
[معاني القرآن: 4/269]



تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذي أوحينا إليك من الكتاب} [فاطر: 31]، يعني: القرآن.
{هو الحقّ مصدّقًا لما بين يديه} [فاطر: 31] التّوراة والإنجيل.
{إنّ اللّه بعباده لخبيرٌ بصيرٌ} [فاطر: 31] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/787]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({مصدّقا لما بين يديه}: أي: لما كان قبله, وما مضى.).
[مجاز القرآن: 2/155]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحقّ مصدّقاً لّما بين يديه إنّ اللّه بعباده لخبيرٌ بصيرٌ}
وقال: {هو الحقّ مصدّقاً}: لأن الحق معرفة.). [معاني القرآن: 3/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مصدّقاً لما بين يديه}: أي: لما قبله.). [تفسير غريب القرآن: 361]



تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا} [فاطر: 32] اخترنا.
{من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير {32} جنّات عدنٍ يدخلونها} [فاطر: 32-33]
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صالحٍ مولى التّوءمة، عن أبي الدّرداء قال: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية فقال: «أمّا السّابق فيدخل الجنّة بغير حسابٍ والمقتصد يحاسب حسابًا يسيرًا، وأمّا الظّالم فيحبس في طول المحبس ثمّ يتجاوز اللّه عنه».
- الخليل بن مرّة، وإسرائيل بن يونس، عن جعفر بن يزيد العبديّ، وحدّثنيه النّضر بن بلالٍ، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن جعفر بن يزيد أنّ رجلا بلغه، قال
[تفسير القرآن العظيم: 2/787]
الخليل: لا أدري، يعني: نفسه وقد كان كبيرًا أو، يعني: غيره، أنّ رجلا بلغه أنّه من أتى بيت المقدس ليصلّي فيه لم يشخصه ولم يعمله إلا الصّلاة فيه، فصلّى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، قال:
فأتى بيت المقدس فصلّى فيه ما قضى اللّه له أن يصلّي ثمّ انصرف إلى ساريةٍ، فقال: اللّهمّ ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وسق إليّ جليسًا صالحًا تنفعني به، فبينما أنا كذلك إذ دخل رجلٌ شيخٌ موسومٌ فيه الخير من بعض أبواب المسجد حتّى انتهى إلى السّارية الّتي أنا عندها، فصلّى ما قضى اللّه له أن يصلّي ثمّ انصرف فقال: يا عبد اللّه من أنت وما جاء بك؟ قلت: رجلٌ
غريبٌ من أهل العراق بلغني أنّه من أتى هذا المسجد لم يعمله ولم يشخصه إلا الصّلاة فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، قال: فإنّ الأمر على ما بلغك، قلت: من أنت يا عبد اللّه؟ قال: أنا أبو الدّرداء، فرفعت يدي أحمد اللّه، فقال: يا عبد اللّه أذعرة أنا؟ قلت: لست بذعرةٍ ولكنّي رجلٌ غريبٌ قلت: اللّهمّ ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وسق عليّ جليسًا صالحًا
تنفعني به، فقد سمعت بالاسم، ولم أكن أعرف الوجه، قال: فأنا أحقّ بالحمد منك إذ أشركني اللّه في دعائك وجعلني ذلك الجليس، لا جرم لأحدّثنّك بحديثٍ سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم أحدّثه أحدًا قبلك ولا أحدّث به أحدًا بعدك.
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول في هذه الآية: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير {32} جنّات عدنٍ يدخلونها} [فاطر: 32-33] حتّى أتمّ الآية، قال: فيجيء هذا السّابق بالخيرات فيدخل الجنّة بلا حسابٍ، ويجيء هذا المقتصد فيحاسب حسابًا يسيرًا ثمّ يتجاوز اللّه عنه، ويجيء هذا الظّالم
[تفسير القرآن العظيم: 2/788]
لنفسه فيوقف، ويعيّر، ويخزى، ويعرف ذنوبه ثمّ يدخله اللّه الجنّة بفضل رحمته، فهم الّذين قالوا: {الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ} [فاطر: 34] غفر الذّنب الكبير وشكر العمل اليسير). [تفسير القرآن العظيم: 2/789]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال السّدّيّ: {فمنهم ظالمٌ لنفسه} [فاطر: 32]، يعني: أصحاب الكبائر من أهل التّوحيد ظلموا أنفسهم بذنوبهم من غير شركٍ.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: أهل الكبائر لا شفاعة لهم، أي: لا يشفعون لأحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/789]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فمنهم ظالمٌ لّنفسه...}: هذا الكافر , {ومنهم مّقتصدٌ}: فهؤلاء أصحاب اليمين , {ومنهم سابقٌ بالخيرات}: وهذه موافقٌ تفسيرها تفسير التي في الواقعة, فأصحاب الميمنة هم المقتصدون, ويقال: هم الولدان, وأصحاب المشأمة: الكفّار, والمشأمة النار, والسّابقون السّابقون : هؤلاء أهل الدرجات العلى , أولئك المقرّبون في جنات عدن.).
[معاني القرآن: 2/370]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير (32) جنّات عدن يدخلونها}
قال عمر بن الخطاب رحمه اللّه يرفعه: ((سابقنا سابق, ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له.)).
والآية: تدل على أن المؤمنين مغفور لهم، لمقتصدهم , الظالم لنفسه منهم بعد صحة العقد.
وقد جاء في التفسير أن قوله: {فمنهم ظالم}: الكافر , وهو قول ابن عباس، وقد روي عن الحسن : أنه المنافق.
واللفظ يدل على ما قاله عمر , عن النبي صلى الله عليه وسلم , وما عليه أكثر المفسرين، لأن قوله: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه} : يدل على أن جملة المصطفين هؤلاء, وقال اللّه عزّ وجلّ: {قل الحمد للّه وسلام على عباده الّذين اصطفى}. ). [معاني القرآن: 4/268]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله}
قيل : إن الناجي هو : المقتصد , والسابق , وأن قوله تعالى: {جنات عدن يدخلونها}: للمقتصد , والسابق : هذا مذهب ابن عباس , ومجاهد , وعكرمة , والحسن , وقتادة.
روى ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عطاء , عن ابن عباس :{فمنهم ظالم لنفسه }, قال : (كافر) .
وعن ابن عباس : قال : (الكتاب : كل كتاب أنزل). وعنه : (كلهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم) , من رواية ابن أبي طلحة عنه , وهذا أولى ما قيل فيها .
وروى الثوري , عن جابر , عن مجاهد , عن ابن عباس في قوله عز وجل: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} إلى آخر الآية
قال: (هذا مثل قوله جل وعز: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون})
قال : (فنجت فرقتان)
قال مجاهد:{ فمنهم ظالم لنفسه}: أصحاب المشأمة . {ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله}: السابقون : من الناس كلهم) .
وقال عكرمة:{ فمنهم ظالم لنفسه } : (كما قال :{فذوقوا فما للظالمين من نصير })
وقال الحسن , وقتادة : {فمنهم ظالم لنفسه }: (المنافق) .
قال قتادة : (الكتاب : شهادة أن لا إله إلا الله) .
وقيل : (إن الفرق الثلاث ناجية) , قال ذلك عمر, وأبو الدرداء , وإبراهيم النخعي , وكعب الأحبار .
وقال عثمان: (هم أهل باديتنا) , يعني : الظالم لنفسه .
قال عمر : (( سابقنا سابق , ومقتصدنا ناج , وظالمنا مغفور له.)).
وقال أبو الدرداء : السابق : (يدخل الجنة بغير حساب , والمقتصد : يحاسب حسابا يسيرا , والظالم لنفسه : يؤخذ منه , ثم ينجو فذلك).). [معاني القرآن: 5/455-458]



تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا} [فاطر: 32] اخترنا.
{من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير {32} جنّات عدنٍ يدخلونها} [فاطر: 32-33]
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صالحٍ مولى التّوءمة، عن أبي الدّرداء قال: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية فقال: «أمّا السّابق فيدخل الجنّة بغير حسابٍ والمقتصد يحاسب حسابًا يسيرًا، وأمّا الظّالم فيحبس في طول المحبس ثمّ يتجاوز اللّه عنه».
- الخليل بن مرّة، وإسرائيل بن يونس، عن جعفر بن يزيد العبديّ، وحدّثنيه النّضر بن بلالٍ، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن جعفر بن يزيد أنّ رجلا بلغه، قال
[تفسير القرآن العظيم: 2/787]
الخليل: لا أدري، يعني: نفسه وقد كان كبيرًا أو، يعني: غيره، أنّ رجلا بلغه أنّه من أتى بيت المقدس ليصلّي فيه لم يشخصه ولم يعمله إلا الصّلاة فيه، فصلّى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، قال:
فأتى بيت المقدس فصلّى فيه ما قضى اللّه له أن يصلّي ثمّ انصرف إلى ساريةٍ، فقال: اللّهمّ ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وسق إليّ جليسًا صالحًا تنفعني به، فبينما أنا كذلك إذ دخل رجلٌ شيخٌ موسومٌ فيه الخير من بعض أبواب المسجد حتّى انتهى إلى السّارية الّتي أنا عندها، فصلّى ما قضى اللّه له أن يصلّي ثمّ انصرف فقال: يا عبد اللّه من أنت وما جاء بك؟ قلت: رجلٌ
غريبٌ من أهل العراق بلغني أنّه من أتى هذا المسجد لم يعمله ولم يشخصه إلا الصّلاة فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، قال: فإنّ الأمر على ما بلغك، قلت: من أنت يا عبد اللّه؟ قال: أنا أبو الدّرداء، فرفعت يدي أحمد اللّه، فقال: يا عبد اللّه أذعرة أنا؟ قلت: لست بذعرةٍ ولكنّي رجلٌ غريبٌ قلت: اللّهمّ ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وسق عليّ جليسًا صالحًا
تنفعني به، فقد سمعت بالاسم، ولم أكن أعرف الوجه، قال: فأنا أحقّ بالحمد منك إذ أشركني اللّه في دعائك وجعلني ذلك الجليس، لا جرم لأحدّثنّك بحديثٍ سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم أحدّثه أحدًا قبلك ولا أحدّث به أحدًا بعدك.
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول في هذه الآية: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير {32} جنّات عدنٍ يدخلونها} [فاطر: 32-33] حتّى أتمّ الآية، قال: فيجيء هذا السّابق بالخيرات فيدخل الجنّة بلا حسابٍ، ويجيء هذا المقتصد فيحاسب حسابًا يسيرًا ثمّ يتجاوز اللّه عنه، ويجيء هذا الظّالم
[تفسير القرآن العظيم: 2/788]
لنفسه فيوقف، ويعيّر، ويخزى، ويعرف ذنوبه ثمّ يدخله اللّه الجنّة بفضل رحمته، فهم الّذين قالوا: {الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ} [فاطر: 34] غفر الذّنب الكبير وشكر العمل اليسير). [تفسير القرآن العظيم: 2/789] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثنا حمّاد بن سلمة، عن القاسم الرّحّال، عن أبي قلابة أنّه تلا هذه الآية إلى قوله: {جنّات عدنٍ يدخلونها} [فاطر: 33] فقال: دخلوها كلّهم.
إسماعيل بن مسلمٍ، عن أبي المتوكّل النّاجيّ أنّ حبرًا من الأحبار أتى كعبًا فقال: يا كعب، تركت دين موسى واتّبعت دين محمّدٍ؟ قال: لا، أنا على دين موسى واتّبعت دين محمّدٍ عليه السّلام، قال: ولم فعلت ذلك؟ قال: إنّي وجدت أمّة محمّدٍ يقسّمون يوم القيامة ثلاثة أثلاثٍ: فثلثٌ يدخلون الجنّة بغير حسابٍ، وثلثٌ يحاسبون حسابًا يسيرًا، وثلثٌ يقول اللّه لملائكته: قلّبوا عبادي
فانظروا ما كانوا يعملون، فيقلّبونهم، فيقولون: ربّنا نرى ذنوبًا كثيرةً وخطايا عظيمةً، فيقول: قلّبوا عبادي فانظروا ما كانوا يعملون، فيقلّبونهم إلى ثلاث مرارٍ فيقول في الرّابعة: قلّبوا ألسنتهم فانظروا ما كانوا يقولون فيقلّبون ألسنتهم فيقولون: ربّنا نراهم كانوا يخلصون لك لا يشركون بك شيئًا فيقول: عبادي أخلصوا لي ولم يشركوا بي شيئًا، اشهدوا يا ملائكتي أنّي قد غفرت لعبادي بما أخلصوا لي ولم يشركوا بي شيئًا، فقال
[تفسير القرآن العظيم: 2/789]
الحبر لكعبٍ: إن كنت صادقًا فأخبرني ما كسوة ربّ العالمين؟ فقال كعبٌ: واللّه لئن أخبرتك وأخذ عليه، لتؤمننّ، قال: نعم، قال: رداؤه الكبر، قال: صدقت، قال: وقميصه الرّحمة سبقت، وإزاره العزّة اتّزر بها أو قال: استتر بها، قال: صدقت فآمن.
- وحدّثني الصّلت بن دينارٍ، عن عقبة بن صهبان، قال: سألت عائشة عن هذه الآية فقالت: نعم يا بنيّ، كلّهم من أهل الجنّة، السّابق من مضى على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فشهد له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالحياة والرّزق، والمقتصد من اتّبع أثره من أصحابه حتّى لحق به، والظّالم لنفسه مثلي ومثلك ومن اتّبعنا، فألحقت نفسها بنا من أجل الحدث الّذي أصابها.
- أبو أميّة، عن ميمون بن سياهٍ، عن شهر بن حوشبٍ، أنّ عمر بن الخطّاب قال: سابقنا سابقٌ، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفورٌ له.
وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: السّابقون أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمقتصد رجلٌ سأل عن أثار أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فاتّبعهم، والظّالم لنفسه منافقٌ قطع به دونهم، قال يحيى نراه، يعني: أنّ المنافق أقرّ به المؤمن فلم يدخل في الآية.
وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ أنّه قرأ هذا الحرف {فمنهم
[تفسير القرآن العظيم: 2/790]
ظالمٌ لنفسه} [فاطر: 32] فقال: سقط هذا.
قال يحيى: فلا أدري أيعني ما قال الحسن أنّه المنافق أم، يعني به: الجاحد.
وأخبرني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: هو الجاحد والمنافق.
وقال: هي في سورة الواقعة، السّابقون هم السّابقون، يعني: {والسّابقون السّابقون} [الواقعة: 10] قال: من النّاس كلّهم، وهو تفسير السّدّيّ، فوصف صفتهم في أوّل سورة الواقعة، والمقتصد أصحاب اليمين، وهو المنزل الآخر في سورة الواقعة {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} [الواقعة: 27] فوصف صفتهم، والظّالم لنفسه أصحاب المشأمة.
قال يحيى: تفسير النّاس أنّ أصحاب اليمين هم الّذين يحاسبون حسابًا يسيرًا، وهو المقتصد في حديث أبي الدّرداء عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: وهم أصحاب المنزل الآخر في سورة الرّحمن حيث يقول: {ومن دونهما جنّتان} [الرحمن: 62] فوصفهما ومنزل السّابقين المنزل الآخر في سورة الرّحمن في قوله: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان} [الرحمن: 46] فوصفهما، حدّثنا بذلك عثمان، عن قتادة.
قوله عزّ وجلّ: {جنّات عدنٍ} [فاطر: 33] قد فسّرنا ذلك في غير هذه السّورة.
قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا} [فاطر: 33] ليس من أهل
[تفسير القرآن العظيم: 2/791]
الجنّة أحدٌ إلا في يديه ثلاثة أسورةٍ: سوارٌ من ذهبٍ، وسوارٌ من فضّةٍ، وسوارٌ من لؤلؤٍ، قال هاهنا: {من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا} [فاطر: 33] وقال في آيةٍ أخرى: {وحلّوا أساور من فضّةٍ} [الإنسان: 21].
وحدّثني ابن لهيعة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لو أنّ رجلا من أهل الجنّة بدا سواره لغلب على ضوء الشّمس».
قال عزّ وجلّ: {ولباسهم فيها حريرٌ} [فاطر: 33].
- حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن أبي المهزّم، عن أبي هريرة قال: دار المؤمن درّةٌ مجوّفةٌ، فيها أربعون بيتًا، في وسطها شجرةٌ تنبت الحلل، ويأخذ بأصبعه أو قال بأصبعيه سبعين حلّةً منطّقةً باللّؤلؤ والمرجان.
وحدّثني يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عمرو بن ميمونٍ الأوديّ قال: إنّ المرأة من نساء أهل الجنّة من الحور العين ليرى مخّ ساقها من فوق سبعين حلّةً كما يبدو الشّراب الأحمر في الزّجاجة البيضاء). [تفسير القرآن العظيم: 2/792]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {جنّات عدنٍ...}

ومعنى عدنٍ : إقامة بة, عدن بالموضع.). [معاني القرآن: 2/370]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({جنّات عدن يدخلونها يحلّون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير (33)}
فيها وجهان:
أحدهما : يحلّون فيها من أساور من ذهب , ومن لؤلؤ.
ويجوز : ولؤلؤا , على معنى: يحلون أساور؛ لأن معنى من أساور , كمعنى أساور., والتفسير على الخفض أكثر، على معنى : يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ.
وجاء في التفسير : أن ذلك الذهب في صفاء اللؤلؤ، كما قال عزّ وجلّ:{قوارير قوارير من فضة}، أي : هي قوارير ولكن بياضها كبياض الفضة، والفضة أصله.
ويجوز أن يكون يحلّون من أساور من ذهب، ويحلّون من لؤلؤ.
ويجوز على معنى : ويحلّون لؤلؤا.
وأساور : جمع إسورة , وأساور : وواحدها سوار, والأسوار من أساورة الفرس، وهو الجيّد الرمي بالسهام.
قال الشاعر:
ووتّر الأساور القياسا= صغديّة تنتزع الأنفاسا.). [معاني القرآن: 4/270]



تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا} [فاطر: 32] اخترنا.
{من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير {32} جنّات عدنٍ يدخلونها} [فاطر: 32-33]
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صالحٍ مولى التّوءمة، عن أبي الدّرداء قال: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية فقال: «أمّا السّابق فيدخل الجنّة بغير حسابٍ والمقتصد يحاسب حسابًا يسيرًا، وأمّا الظّالم فيحبس في طول المحبس ثمّ يتجاوز اللّه عنه».
- الخليل بن مرّة، وإسرائيل بن يونس، عن جعفر بن يزيد العبديّ، وحدّثنيه النّضر بن بلالٍ، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن جعفر بن يزيد أنّ رجلا بلغه، قال
[تفسير القرآن العظيم: 2/787]
الخليل: لا أدري، يعني: نفسه وقد كان كبيرًا أو، يعني: غيره، أنّ رجلا بلغه أنّه من أتى بيت المقدس ليصلّي فيه لم يشخصه ولم يعمله إلا الصّلاة فيه، فصلّى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، قال:
فأتى بيت المقدس فصلّى فيه ما قضى اللّه له أن يصلّي ثمّ انصرف إلى ساريةٍ، فقال: اللّهمّ ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وسق إليّ جليسًا صالحًا تنفعني به، فبينما أنا كذلك إذ دخل رجلٌ شيخٌ موسومٌ فيه الخير من بعض أبواب المسجد حتّى انتهى إلى السّارية الّتي أنا عندها، فصلّى ما قضى اللّه له أن يصلّي ثمّ انصرف فقال: يا عبد اللّه من أنت وما جاء بك؟ قلت: رجلٌ
غريبٌ من أهل العراق بلغني أنّه من أتى هذا المسجد لم يعمله ولم يشخصه إلا الصّلاة فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، قال: فإنّ الأمر على ما بلغك، قلت: من أنت يا عبد اللّه؟ قال: أنا أبو الدّرداء، فرفعت يدي أحمد اللّه، فقال: يا عبد اللّه أذعرة أنا؟ قلت: لست بذعرةٍ ولكنّي رجلٌ غريبٌ قلت: اللّهمّ ارحم غربتي، وآنس وحشتي، وصل وحدتي، وسق عليّ جليسًا صالحًا
تنفعني به، فقد سمعت بالاسم، ولم أكن أعرف الوجه، قال: فأنا أحقّ بالحمد منك إذ أشركني اللّه في دعائك وجعلني ذلك الجليس، لا جرم لأحدّثنّك بحديثٍ سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم أحدّثه أحدًا قبلك ولا أحدّث به أحدًا بعدك.
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول في هذه الآية: {ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصدٌ ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير {32} جنّات عدنٍ يدخلونها} [فاطر: 32-33] حتّى أتمّ الآية، قال: فيجيء هذا السّابق بالخيرات فيدخل الجنّة بلا حسابٍ، ويجيء هذا المقتصد فيحاسب حسابًا يسيرًا ثمّ يتجاوز اللّه عنه، ويجيء هذا الظّالم
[تفسير القرآن العظيم: 2/788]
لنفسه فيوقف، ويعيّر، ويخزى، ويعرف ذنوبه ثمّ يدخله اللّه الجنّة بفضل رحمته، فهم الّذين قالوا: {الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ} [فاطر: 34] غفر الذّنب الكبير وشكر العمل اليسير). [تفسير القرآن العظيم: 2/789] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالوا الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ} [فاطر: 34] وقد فسّرناه في حديث الخليل بن مرّة، عن جعفر بن زيدٍ، عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّهم الصّنف الثّالث الّذي يوقف ويخزى، ويعيّر، ثمّ يتجاوز اللّه عنه فيدخله الجنّة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/792]
وأخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كانوا في الدّنيا وهم محزونون مثل قوله: {إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين} [الطور: 26].
وقوله: {إنّ ربّنا لغفورٌ شكورٌ} [فاطر: 34] غفر الذّنب الكبير وشكر العمل اليسير.
قال يحيى بلغني أنّ هؤلاء أصحاب الكبائر). [تفسير القرآن العظيم: 2/793]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أذهب عنّا الحزن...}

الحزن للمعاش , وهموم الدنيا, ويقال: الحزن : حزن الموت, ويقال الحزن : بالجنة , والنار , لا ندري إلى أيّهما نصير.). [معاني القرآن: 2/370]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أذهب عنّا الحزن }: وهو الحزن مثل البخل والبخل , والنّزل والنّزل.). [مجاز القرآن: 2/155]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقالوا الحمد للّه الّذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفور شكور (34)}
ويجوز الحزن : مثل الرّشد , والرّشد، والعرب والعرب، ومعنى:{ أذهب عنا الحزن}: أذهب عنا كل ما يحزن، من حزن في مقاس.
وحزن لعذاب، أو حزن للموت، وقد أذهب اللّه عن أهل الجنة كل حزن.). [معاني القرآن: 4/270]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (قوله جل وعز: {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن}
وقال كعب: (هذه الأمة على ثلاث فرق كلها في الجنة) , ثم تلا : {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه }, إلى قوله: {جنات عدن يدخلونها}, فقال : (ادخلوها ورب الكعبة , وبعد هذا للكفار) .
وهو قوله جل وعز: {والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا}
قال محمد بن يزيد : الرجال أربعة: جواد , وبخيل, ومسرف , ومقتصد , فالجواد : الذي وجه نصيب آخرته , ونصيب دنياه جميعا إلى آخرته , والبخيل : الذي لا يعطي واحدة منهما حقا , والمسرف : الذي يجمعهما للدنيا , والمقتصد الذي يلحق بكل واحدة نصيبها , أي : عمله قصد , ليس بمجتهد .
قال أبو إسحاق : معنى: { أذهب عنا الحزن }: أي: الهم بالمعيشة , والخوف من العذاب , وتوقع الموت .
وكل ما قاله قد جاء في التفسير : فهو عام لجميع الحزن , والمقامة , والمقام واحد , والنصب :التعب , واللغوب: الإعياء واللغوب بفتح اللام ما يلغب منه
وقرأ الحسن : لا يقضى عليهم , فيموتون.
والمعنى على قراءته : لا يقضى عليهم الموت , ولا يموتون.). [معاني القرآن: 5/458-460]



تفسير قوله تعالى: {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الّذي أحلّنا} [فاطر: 35] يعني أنزلنا.
{دار المقامة من فضله لا يمسّنا} [فاطر: 35] قال السّدّيّ: لا يصيبنا.
{فيها نصبٌ} [فاطر: 35] تعبٌ.
{ولا يمسّنا فيها لغوبٌ} [فاطر: 35] إعياءٌ.
- وحدّثني خالدٌ، عن نفيعٍ مولى أمّ سلمة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، عن عبد اللّه بن أبي أوفى، أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، ما راحة أهل الجنّة فيها؟ فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " مه، مه، أو هل فيها لغوبٌ؟ كلّ أمرهم راحةٌ، فأنزل اللّه عند ذلك هذه الآية: {لا يمسّنا فيها نصبٌ ولا يمسّنا فيها لغوبٌ} [فاطر: 35] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/793]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {دار المقامة...}

هي الإقامة., والمقامة: المجلس الذي يقام فيه, فالمجلس مفتوح لا غير؛ كما قال الشاعر:
يومان يوم مقاماتٍ وأندية = ويوم سير إلى الأعداء تأويب
وقرأ السّلميّ : {لغوب} : كأنه جعله ما يلغب، مثل : لغوب , والكلام لغوب بضم اللام، واللغوب: والإعياء.). [معاني القرآن: 2/370]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {دار المقامة}: ودار المقام واحد، وهما بمعنى الإقامة, (اللغوب): الإعياء.). [تفسير غريب القرآن: 361]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الّذي أحلّنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لغوب (35)}
مثل الإقامة، تقول: أقمت بالمكان إقامة ومقامة ومقاما, أي: أحلّنا دار الخلود من فضله، أي : ذلك بتفضله لا بأعمالنا.
{لا يمسّنا فيها نصب}: أي : تعب.
{ولا يمسّنا فيها لغوب}:واللغوب : الإعياء من التعب.
وقد قرأ أبو عبد الرحمن السّلّمي لغوب - بفتح اللام - والضمّ أكثر، ومعنى لغوب شيء يلغب منه، أي لا نتكلف شيئا نعيا منه). [معاني القرآن: 4/270-271]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (قال أبو إسحاق : معنى : {أذهب عنا الحزن }: أي: الهم بالمعيشة , والخوف من العذاب , وتوقع الموت .
وكل ما قاله , قد جاء في التفسير : فهو عام لجميع الحزن , والمقامة , والمقام واحد , والنصب التعب .
واللغوب : الإعياء, واللغوب بفتح اللام : ما يلغب منه.).[معاني القرآن: 5/460] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {نصب}: أي: كلال وتعب, و{لغوب}:فترة , وتوان.). [ياقوتة الصراط: 418]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((اللغوب): الإعياء.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لُغُوبٌ}: تعب الإعياء). [العمدة في غريب القرآن: 249]



تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا} [فاطر: 36].
تفسير السّدّيّ: يعني: لا ينزل بهم الموت فيموتوا.
قال: {ولا يخفّف عنهم من عذابها} [فاطر: 36] وقال في آيةٍ أخرى: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابًا} [النبأ: 30].
[تفسير القرآن العظيم: 2/793]
أخبرنا سعيدٌ، عن قتادة أنّ عبد اللّه بن عمرٍو كان يقول: ما نزل في أهل النّار آيةٌ هي أشدّ من هذه.
قال: {كذلك نجزي كلّ كفورٍ} [فاطر: 36] حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: {كذلك نجزي كلّ كفورٍ} [فاطر: 36] كلّ كفورٍ بربّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/794]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ لا يقضى عليهم فيموتوا }: منصوب , لأن معناه: " ليموتوا " , وليس مجازه: مجاز الإخبار , لأنهم أحياء لا يموتون فيقضى عليهم، وقال الخليل : لم ينصب فعل قط إلا على معنى " أن " , وموضعها " وإن أضمروها فقيل له : قد نصبوا بـ " حتى ", و " كي " , و " لن ", و " اللام المكسورة " , فقال: العامل فيهن " أن ".).
[مجاز القرآن: 2/155]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم مّن عذابها كذلك نجزي كلّ كفورٍ}
وقال: {ولا يخفّف عنهم مّن عذابها} , وقد قال: {كلّما خبت زدناهم سعيراً} , يقول: "لا يخفّف عنهم من العذاب الذي هو هكذا".). [معاني القرآن: 3/36]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والّذين كفروا لهم نار جهنّم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها كذلك نجزي كلّ كفور (36)}
(فيموتوا): نصب، وعلامة النصب : سقوط النون، وهو جواب النفي.
والمعنى: لا يقضى عليهم الموت , فيموتوا.
{ولا يخفّف عنهم من عذاببها}:أي: من عذاب نار جهنّم.
{كذلك يجزى كلّ كفور}, و{نجزي كلّ كفور}
وفيها وجه ثالث: {كذلك يجزي كلّ كفور}, أي : كذلك يجزي اللّه.
المعنى : مثل ذلك الجزاء الذي ذكرنا, ولا أعلم أحدا قرأ بها، أعني: يجزي بالياء وفتحها.). [معاني القرآن: 4/271]



تفسير قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الّذي كنّا نعمل} [فاطر: 37]، أي: أخرجنا فارددنا إلى الدّنيا نعمل صالحًا.
قال اللّه: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير} [فاطر: 37] النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: نزلت في الآية وفيها ابن ثمان عشرة سنةً، وكلّ شيءٍ ذكر اللّه من كلام أهل النّار فهو قبل أن يقول اللّه لهم: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} [المؤمنون: 108].
{فذوقوا} [فاطر: 37]، أي: العذاب.
{فما للظّالمين} [فاطر: 37] المشركين.
{من نصيرٍ} [فاطر: 37] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/794]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وجاءكم النّذير...}

يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم, وذكر الشيب). [معاني القرآن: 2/370]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أو لم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر }: مجاز الألف هاهنا مجاز التقرير , وليس باستفهام والواو التي بعدها مفتوحة لأنها ليست بواو " أو " ومجاز " ما " هاهنا مجاز المصدر:{ أو لم نعمركم عمراً يتذكر فيه من تذكّر }: أي: يتوب , ويراجع.). [مجاز القرآن: 2/156]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءكم النّذير}: يعني محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم, ويقال: الشيب, ومن ذهب هذا المذهب، فإنه أراد : (أولم نعمركم حتى شبتم).). [تفسير غريب القرآن: 361-362]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الّذي كنّا نعمل أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النّذير فذوقوا فما للظّالمين من نصير (37)}
يستغيثون : ربّنا أخرجنا.
المعنى يقولون:{ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الّذي كنّا نعمل}
المعنى : إن تخرجنا نعمل صالحا، فوبّخهم اللّه فقال: {أولم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر}.
معناه : أو لم نعمّركم العمر الذي يتذكر فيه من تذكر.
وجاء في التفسير: لقد أعذر اللّه إلى عبد عمّره ستين سنة.
ويقال: من الستين إلى السبعين.
وقد جاء في التفسير : أنه يدخل فيها ابن سبع عشرة سنة , وقد قيل : أربعين.
{وجاءكم النّذير}:يعنى النبي صلى الله عليه وسلم , وقيل: الشيب.
والقول الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم النذير أكثر التفسير عليه، وقد قيل: الأربعين.). [معاني القرآن: 4/271-272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}
قال أبو هريرة , وابن عباس: (ستين سنة) , وعنه أيضًا: (أربعين) .
وهذا أشبه؛ لأن في الأربعين تناهي العقل , وما قبل ذلك , وما بعده منتقص عنه , والله جل وعز أعلم .
وقال الحسن أيضاً: (أربعين)
ويقال: إن ابن سبع عشرة داخل فيها .
ثم قال تعالى: {وجاءكم النذير}
قال ابن زيد : النبي صلى الله عليه وسلم , وقيل: يعني : الشيب .
والأول أكثر , والمعنى على الثاني : حتى شبتم , وهو قول ابن عباس.). [معاني القرآن: 5/460-462]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وجاءكم النذير}
قال ثعلب: اختلف الناس، فقالت طائفة: النذير هاهنا: الشيب، وقالت طائفة: النذير: محمد صلى الله عليه وسلم .
قال ثعلب: وعلى هذا العمل، ليس على الأول، لأنا قد رأينا من يموت قبل الشيب.). [ياقوتة الصراط: 419]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ}: قيل: محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: الشيب.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 200]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1431هـ/21-10-2010م, 12:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 38 إلى آخر السورة]

{إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ اللّه عالم غيب السّموات والأرض} [فاطر: 38] غيب السّموات ما ينزل من المطر وما فيها، وغيب الأرض ما يخرج منها من نباتٍ وما فيها.
{إنّه عليمٌ بذات الصّدور} [فاطر: 38] كقوله: {أوليس اللّه بأعلم بما في صدور
[تفسير القرآن العظيم: 2/794]
العالمين} [العنكبوت: 10] كقوله: {ويعلم ما تسرّون وما تعلنون} [التغابن: 4] وأشباه ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/795]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ({إنّ اللّه عالم غيب السّماوات والأرض إنّه عليم بذات الصّدور (38)}

القراءة الكثيرة بالخفض , ويجوز عالم غيب السّماوات على معنى : يعلم، وعالم غيب على معنى قد علم ذلك.). [معاني القرآن: 4/272]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {هو الّذي جعلكم خلائف في الأرض} [فاطر: 39] خلفًا بعد خلفٍ.
{فمن كفر فعليه كفره} [فاطر: 39] يثاب عليه النّار.
{ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربّهم إلا مقتًا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارًا} [فاطر: 39] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/795]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {هو الّذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربّهم إلّا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلّا خسارا (39)}

" خلائف " : جمع خليفة، المعنى : جعلكم أمّة خلفت من قبلها, و ورأت وشاهدت فيمن سلف ما ينبغي أن يعتبر به.
{فمن كفر فعليه كفره}:المعنى : فعليه جزاء كفره.
{ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربّهم إلّا مقتاً}:المقت: أشدّ الإبغاض.). [معاني القرآن: 4/272]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض}
أي : تخلفون من كان قبلكم , وتعتبرون بما نزل بهم .
ثم قال جل وعز: {فمن كفر فعليه كفره}: أي : جزاء كفره .
{ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا}:المقت أسد الإبغاض.). [معاني القرآن: 5/462]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل أرأيتم شركاءكم الّذين تدعون من دون اللّه أروني ماذا خلقوا من الأرض} [فاطر: 40]، يعني: في الأرض وهو تفسير السّدّيّ.
{أم لهم شركٌ في السّموات} [فاطر: 40] في خلق السّموات، على الاستفهام، أي: لم يخلقوا فيها مع اللّه شيئًا.
{أم آتيناهم كتابًا} [فاطر: 40] في ما هم عليه من الشّرك.
{فهم على بيّنةٍ منه} [فاطر: 40]، أي: لم يفعل كقوله: {أم آتيناهم كتابًا من قبله} [الزخرف: 21] بما هم عليه من الشّرك {فهم به مستمسكون} [الزخرف: 21].
قال: {بل إن يعد الظّالمون} [فاطر: 40] المشركون.
{بعضهم بعضًا إلا غرورًا} [فاطر: 40]، يعني: الشّياطين الّتي دعتهم إلى عبادة الأوثان والمشركين الّذين دعا بعضهم بعضًا إلى ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/795]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أروني ماذا خلقوا من الأرض...}

أي: إنهم لم يخلقوا في الأرض شيئاً.
ثم قال: {أم لهم شركٌ في السّماوات} : أي في خلقها، أي : أعانوه على خلقها.). [معاني القرآن: 2/370]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («من» مكان «في»
قال الله تعالى: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ}، أي في الأرض). [تأويل مشكل القرآن: 577]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل أرأيتم شركاءكم الّذين تدعون من دون اللّه أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السّماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بيّنت منه بل إن يعد الظّالمون بعضهم بعضا إلّا غرورا (40)}
{قل أرأيتم شركاءكم الّذين تدعون}: معناه : قل أخبروني عن شركائكم.

{ماذا خلقوا من الأرض}:المعنى : بأي شيء أوجبتم لهم شركة اللّه، أبخلق خلقوه من الأرض : {أم لهم شرك في السّماوات أم آتيناهم كتابا}.
أي: أم أعطيناهم كتابا بما يدعونه من الشركة.
{فهم على بيّنت منه}: ويقرأ : {بيّنات}.
{بل إن يعد الظّالمون بعضهم بعضا إلّا غروراً}:والغرور : الأباطيل التي تغرّ.
ومعنى إن يعد: ما يعد، و (بعضهم) : بدل من الظالمين.). [معاني القرآن: 4/272-273]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله}
المعنى عند سيبويه : أخبروني عن الذين تدعون من دون الله على التوقيف.
ثم قال جل وعز: {أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات}
أي : أعبدتموهم لأنهم خلقوا من الأرض شيئا ً, أم لهم شركة في خلق السموات , أم آتيناهم كتابا بالشركة , فهم على بينة منه, أي: على بينات منه .
وقوله جل وعز: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا}
المعنى: عند البصريين كراهة أن تزولا كما قال سبحانه: {واسأل القرية} ). [معاني القرآن: 5/464]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا} [فاطر: 41]، يعني:
[تفسير القرآن العظيم: 2/795]
لئلا تزولا، وهو تفسير السّدّيّ.
{ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده} [فاطر: 41] وهذه صفةٌ.
يقول: إن زالتا ولن تزولا.
قال يحيى: أخبرني صاحبٌ لي، عن الأعمش، عمّن حدّثه، عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّ رجلا جاء إليه فرأى عبد اللّه بن مسعودٍ عليه أثر السّفر فقال: من أين قدمت؟ قال: من الشّام، قال: فمن لقيت؟ قال: لقيت فلانًا وفلانًا، قال: ولقيت كعب الأحبار، قال: فما حدّثك؟ قال: حدّثني أنّ السّموات تدور على منكبي ملكٍ، قال: ليتك افتديت من لقيك إيّاه براحلتك ورحلك، كذب كعبٌ، إنّ اللّه
يقول: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده إنّه كان حليمًا غفورًا} [فاطر: 41] وقوله: {غفورًا} لمن آمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/796]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولئن زالتا...}
بمنزلة قوله: ولو زالتا :{إن أمسكهما} , (إن) بمعنى (ما) وهو بمنزلة قوله: {ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفرّاً لظلّوا من بعده}.
وقوله: {ولئن أتيت الّّذين أوتوا الكتاب بكلّ آيةٍ ما تبعوا قبلتك} , المعنى : معنى (لو) , وهما متآخيتان يجابان بجواب واحدٍ.). [معاني القرآن: 2/370]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا }, مجازه مجاز قوله :{ إنّ السّموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما }, ثم جاء :{ ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ منبعده } , مجازه: لا يمسكهما أحد , و " إن " في موضع آخر معناه معنى " ما " ,.
{وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} معناه:{ما كان مكرهم لتزول منه الجبال}.). [مجاز القرآن: 2/156]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ اللّه يمسك السّماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ مّن بعده إنّه كان حليماً غفوراً}
وقال: {إنّ اللّه يمسك السّماوات والأرض أن تزولا ولئن تزولا إن أمسكهما} , فثنى , وقد قال: {السّماوات والأرض} : فهذه جماعة , وأرى - والله أعلم - أنه جعل السماوات صنفا كالواحد). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه: أن تحذف (لا) من الكلام والمعنى إثباتها ...
ومنه قوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}، أي: لئلا تضلوا. و{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا}، أي: لئلا تزولا). [تأويل مشكل القرآن: 225] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {إنّ اللّه يمسك السّماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنّه كان حليما غفورا (41)}



معنى : يمسك : يمنع السماوات والأرض من أن تزولا.

ولما قالت النصارى المسيح ابن اللّه , وقالت اليهود عزير ابن اللّه؟, كادت السّماوات يتفطرن منه، وكادت الجبال تزول، وكادت الأرض تنشق، قال اللّه: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدا (88) لقد جئتم شيئا إدّا (89)}., الثلاث الآيات : فأمسكها اللّه.
وقال السماوات والأرض؛ لأن الأرض تدل على الأرضين: {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده}
يحتمل هذا - والله أعلم - وجهين من الجواب:
أحدهما : زوالهما في القيامة , قال اللّه: {وإذا السّماء كشطت}, ويحتمل أن يقال: إن زالتا , وهما لا يزولان.
وقوله في هذا الموضع:{إنّه كان حليما غفورا}
فإن قوما سألوا , فقالوا: لم كان في هذا الموضع ذكر الحلم , والمغفرة , وهذا موضع يدل على القدرة؟.
فالجواب في هذا : أنه لما أمسك السّماوات , والأرض عند قولهم: {اتخذ الرحمن ولدا} , حلم , فلم يعجل لهم بالعقوبة , وأمسك السماوات والأرض أن تزولا من عظم فريتهم.). [معاني القرآن: 4/273-274]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده}
يجوز أن يكون المعنى : لزوالهما يوم القيامة .
ويجوز أن يقال هذا , وإن لم تزولا , وإن بمعنى ما , وهو يشبه قوله تعالى: {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا}
قال أبو جعفر : وفي الآية سؤال , يقال : هذا موضع قدرة , فكيف : قال: {إنه كان حليما غفورا}.؟.
فالجواب: أنهم لما قالوا اتخذ الرحمن ولدا , كادت الجبال تزول, وكادت السموات ينفطرن , وكادت الأرض تخر لعظم ما قالوا , فأسكنها الله جل وعز وأخر عقابهم , وحلم عنهم , فذلك قوله سبحانه: {إنه كان حليما غفورا} . ). [معاني القرآن: 5/464-465]


تفسير قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذيرٌ ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم} [فاطر: 42] كقوله: {وإن كانوا ليقولون {167} لو أنّ عندنا ذكرًا من الأوّلين {168} لكنّا عباد اللّه المخلصين {169}} [الصافات: 167-169] قال اللّه: {فلمّا جاءهم نذيرٌ} [فاطر: 42] محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{ما زادهم} [فاطر: 42] ذلك.
{إلا نفورًا} [فاطر: 42] عن الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 2/796]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذيرٌ لّيكوننّ أهدى من إحدى الأمم فلمّا جاءهم نذيرٌ مّا زادهم إلاّ نفوراً}
وقال: {لّيكوننّ أهدى من إحدى الأمم} , فجعلها إحدى , لأنها أمة.). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم فلمّا جاءهم نذير ما زادهم إلّا نفورا (42)
يعني المشركين، وكانوا حلفوا , واجتهدوا : {لئن جاءهم نذير ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم}: أي: من اليهود والنصارى وغيرهم.
{فلمّا جاءهم نذير}:وهو محمد صلى الله عليه وسلم .
{ما زادهم إلّا نفورا}:إلا أن نفروا عن الحق.). [معاني القرآن: 4/274]


تفسير قوله تعالى:{اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {استكبارًا في الأرض} [فاطر: 43] عن عبادة اللّه.
{ومكر السّيّئ} [فاطر: 43] الشّرك وما يمكرون برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وبدينه، وقال في آيةٍ أخرى: {وإذ يمكر بك الّذين كفروا} [الأنفال: 30].
قال: {ولا يحيق المكر السّيّئ إلا بأهله} [فاطر: 43] وهذا وعيدٌ لهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/796]
قال: {فهل ينظرون إلا سنّة الأوّلين} [فاطر: 43] سنّة اللّه في الأوّلين كقوله: {سنّة اللّه الّتي قد خلت في عباده} [غافر: 85] المشركين أنّهم كانوا إذا كذّبوا رسولهم أهلكهم اللّه فيؤمنون عند نزول العذاب، فلا يقبل ذلك منهم.
قال: {فلن تجد لسنّة اللّه تبديلا} [فاطر: 43] لا تبدال بها غيرها.
{ولن تجد لسنّة اللّه تحويلا} [فاطر: 43] لا تحوّل وآخر عذاب كفّار آخر هذه الأمّة إلى النّفخة الأولى بالاستئصال، بها يكون هلاكهم، وقد عذّب أوائل مشركي هذه الأمّة بالسّيف يوم بدرٍ.
قال عزّ وجلّ: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين كانوا من قبلهم} [غافر: 21]، أي: بلى قد ساروا، فلو تفكّروا فيما أهلك اللّه به الأمم فيحذروا أن ينزل بهم ما نزل بهم وكان عاقبة الّذين من قبلهم أن {دمّر اللّه عليهم} [محمّد: 10] ثمّ صيّرهم إلى النّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/797]

قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):
(وقوله: {استكباراً في الأرض...}
أي : فعلوا ذلك استكباراً .
{ومكر السّيّيء}: أضيف المكر إلى السّيء , وهو كما قال: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين}, وتصديق ذلك في قراء عبد الله : {ومكراً سيّئا}, وقوله: {ومكر السّيّئ} : الهمز في {السّيئ} مخفوضة , وقد جزمها الأعمش , وحمزة لكثرة الحركات، كما قال: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} , وكما قال الشاعر:
= إذا اعوججن قلت صاحب قوّم
يريد صاحب قوّم , فجزم الباء لكثرة الحركات.
قال الفراء: حدثني الرؤاسي , عن أبي عمرو بن العلاء : {لا يحزنهم} , جزم.). [معاني القرآن للفراء: 2/371]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولا يحيق المكر السّيّء إلّا بأهله}: مجازه: لا ينزل , ولا يجاوز , ولا يحيط إلا بأهله.
{ فهل ينظرون إلاّ سنّة الأوّلين }: مجزه: إلا دأب الأولين , وفعلهم وصنيعهم وله موضع آخر كقولك: هل ينظرون إلا أن يلقوا مثل ما لقى الأولون من الموت , وصنوف العذاب والتغيير.
{ فلن تجد لسنّة الله }: أي: في خلقه الأولين والآخرين: {تبديلاً }.). [مجاز القرآن: 2/156]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ولا يحيق المكر السيئ}: أي لا ينزل). [غريب القرآن وتفسيره: 310]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فهل ينظرون} أي : ينتظرون، {إلا سنة الأولين}: أي: سنتنا في أمثالهم من الأولين الذين كفروا كفرهم.). [تفسير غريب القرآن: 362]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إستكبارا في الأرض ومكر السّيّئ ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله فهل ينظرون إلّا سنّت الأوّلين فلن تجد لسنّت اللّه تبديلا ولن تجد لسنّت اللّه تحويلا (43)}

{استكبارا}: نصب، مفعول له.
المعنى : ما زادهم إلا أن نفروا للاستكبار..
{إستكبارا في الأرض ومكر السّيّئ ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله فهل ينظرون إلّا سنّت الأوّلين فلن تجد لسنّت اللّه تبديلا ولن تجد لسنّت اللّه تحويلا (43)}
{ومكر السّيّئ}: أي: ومكر الشرك.
{ولا يحيق}: يحيط.
وقرأ حمزة: {ولا يحيق المكر السّيّىء} على الوقف، وهذا عند النحويين الحذّاق لحن، ولا يجوز، وإنما يجوز مثله في الشعر في الاضطرار
قال الشاعر:
= إذا اعوججن قلت صاحب قوّم
والأصل : يا صاحب قوّم، ولكنه حذف مضطرا, وكانّ الضم بعد الكسر , والكسر بعد الكسر يستثقل.
وأنشدوا أيضا:
فاليوم أشرب غير مستحقب= إثما من الله ولا واغل
وهذان البيتان قد أنشدهما جميع النحويين المذكورين , وزعموا كلهم أن هذا من الاضطرار في الشعر , ولا يجوز مثله في كتاب اللّه.
وأنشدناهما أبو العباس محمد بن يزيد رحمه اللّه:
= إذا اعوججن قلت صاح قوّم
وهذا جيّد بالغ، وأنشدنا:
= فاليوم فاشرب غير مستحقب=
وأما ما يروى عن أبي عمرو بن العلاء في قراءته :{إلى بارئكم}
فإنما هو أن يختلس الكسر اختلاسا، ولا يجزم بارئكم، وهذا أعني جزم بارئكم , إنما رواه عن أبي عمرو من لا يضبط النحو كضبط سيبويه, والخليل، ورواه سيبويه باختلاس الكسر، كأنّه تقلّل صوته عند الكسرة.
{فهل ينظرون إلّا سنّت الأوّلين}:معناه فهل ينتظرون إلا مثل أيام الّذين خلوا من قبلهم.
والمعنى : فهل ينتظرون إلا أن ينزل بهم من العذاب مثل الذي نزل بمن قبلهم.). [معاني القرآن: 4/275-276]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم}
معنى : أهدى من إحدى الأمم من اليهود والنصارى , وقوله جل وعز: {استكبارا في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله}
{ومكر السيء}: قيل: أي, ومكر الكفر .
ثم قال تعالى: {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} : أي : ولا ينزل مكروه المكر السيء إلا بأهله , أي: بالذين يمكرونه.
ثم قال جل وعز: {فهل ينظرون إلا سنة الأولين}
أي: فهل ينتظرون إلا سنة الأولين في العذاب حين كفروا.). [معاني القرآن: 5/465-266]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَهَلْ يَنظُرُونَ}: أي ينتظرون. {إلا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ}: سنة الله في إهلاك أمثالهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 200]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ولَا يَحِيقُ}: ينزل, ويحيط.).[العمدة في غريب القرآن: 249]


تفسير قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وكانوا أشدّ منهم قوّةً وما كان اللّه ليعجزه} [فاطر: 44] ليسبقه.
{من شيءٍ في السّموات ولا في الأرض} [فاطر: 44] حتّى لا يقدر عليه.
{إنّه كان عليمًا قديرًا} [فاطر: 44] قادرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/797]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ وما كان الله ليعجزه من شيءٍ }: أي ليسبقه , ولا يفوته , ولا يخفي عليه.
{ ولو يؤاخذ الله النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ ولكن يؤخّرهم إلى أجلٍ مسمىً }: جاز " يؤاخذ " يعاقب , ويكافئ , ومجاز دابة هاهنا : إنسان , و " من " من حروف الزوائد .
{على ظهرها }: أي : ظهر الأرض , ولم يظهرها, وأظهر كنايتها.). [مجاز القرآن: 2/156]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم وكانوا أشدّ منهم قوّة وما كان اللّه ليعجزه من شيء في السّماوات ولا في الأرض إنّه كان عليما قديرا (44)}
{وما كان اللّه ليعجزه من شيء}:المعنى : ليفوته من شيء من أمر السماوات , ولا من أمر الأرض.). [معاني القرآن: 4/276]


تفسير قوله تعالى:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا} [فاطر: 45] بما عملوا.
{ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} [فاطر: 45] لحبس عنهم القطر فهلك ما في الأرض من دابّةٍ.
{ولكن يؤخّرهم} [فاطر: 45]، يعني: المشركين.
[تفسير القرآن العظيم: 2/797]
{إلى أجلٍ مسمًّى} السّاعة بها يكون هلاك كفّار آخر هذه الأمّة.
{فإذا جاء أجلهم} [فاطر: 45] السّاعة.
{فإنّ اللّه كان بعباده بصيرًا} [فاطر: 45] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/798]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دآبّةٍ ولكن يؤخّرهم إلى أجلٍ مّسمًّى فإذا جاء أجلهم فإنّ اللّه كان بعباده بصيراً}
وقال: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دآبّةٍ} , فاضمر الأرض من غير أن يكون ذكرها لأن هذا الكلام قد كثر حتى عرف معناه.
تقول: "أخبرك ما على ظهرها أحدٌ أحبّ إليّ منك , وما بها أحدٌ آثر عندي منك".). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن الاختصار أن تضمر لغير مذكور...
وقوله: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}، يريد: على الأرض). [تأويل مشكل القرآن: 226]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( { ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّة ولكن يؤخّرهم إلى أجل مسمّى فإذا جاء أجلهم فإنّ اللّه كان بعباده بصيرا (45)}


قالوا: قال:{على ظهرها}:لأن المعنى يعلم أنه على ظهر الأرض، وهذا حقيقته : أنه قد جرى ذكر الأرض بقوله فيما قبل هذه الآية , يليها قوله:{وما كان اللّه ليعجزه من شيء في السّماوات ولا في الأرض}: فلذلك جاء على ظهرها.

وقوله: {ما ترك على ظهرها من دابّة}
فيه قولان:
فقيل : من دابّة من الإنس والجن, وكل ما يعقل.
وجاء عن ابن مسعود : (كاد الجعل يهلك في جحره لذنب ابن آدم), فهذا يدل على العموم.
والذي جاء : أنه يعنى به الإنس والجنّ كأنّه أشبه، واللّه أعلم.). [معاني القرآن: 4/276]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة}
قال أبو عبيدة : يعني الناس خاصة.
وعن عبد الله بن مسعود: (ما يدل على أنه يعني الناس , وغيرهم) .
قال : كاد الجعل يعذب بذنب بني آدم , ثم تلا :{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة } الآية
قال قتادة : (قد فعل ذلك في أيام نوح صلى الله عليه وسلم) .
وقوله تعالى: {على ظهرها}
قيل: قد عرف أن المعنى : على ظهر الأرض , قال أبو جعفر : والأجود أن يكون الإضمار يعود على ما جرى .
ذكره في قوله سبحانه: {أولم يسيروا في الأرض}, وقوله جل وعز: {فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا} : فإذا جاء أجلهم , أي: أجل عقابهم , فإن الله كان بعباده بصيرا , أي: بصيرا بما يستحق كل فريق منهم). [معاني القرآن: 5/466-468]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة