شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)
الباب الثاني: في الحروف الثنائية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الثاني: في الحروف الثنائية وهي التي كل واحدٍ منها على حرفين من حروف الهجاء بالوضع، واعلم أن جماعة لم تتعرض لها وهم أكثر النحاة ومنها طائفة لم يتعرضوا لها عند عدهم الحروف ونبهوا عليها في أماكن أخرى، ونحن نأتي إن شاء الله تعالى على عدّ جميعها ونذكر في كل واحد منها ما يليق ذكره بهذا التعليق، ونستمد من الله سبحانه حسن التوفيق، فنقول: إن جملة الحروف الثنائية التي اسقصينا حصرها ثلاثون حرفًا منها ما لم تجر عادتهم بذكره بين الحروف وهي ستة: "النون" الشديدة للتأكيد، و"الألف" و"النون" في نحو: يفعلان الزيدان، وتفعلان المرأتان، و"الواو" و"النون" في: يفعلون الزيدون إذا أسندت إلى الظاهر المرتفع بعدهما بالفاعلية على لغة أكلوني البراغيث، أي: قول من يجعل هذه العلامة للدلالة على نوعية الفاعل "كتاء" التأنيث الدالة على تأنيثه، ولفظة "نا"، و"كم"، و"ها"، الملحقة "بأيا" ضمير النصب المنفصل على رأي سيبويه في جعل المردفات حروفًا دالة على التفريع فإذا طرحنا هذه الستة بقي جميع الحروف المتداولة بين النحاة أربعة وعشرون حرفًا، وهي على حالتين كما قدمناه، فإنها إمَّا أن تكون حروفًا محضة، أي: تقع في جملة مواقعها وقاطبة استعمالاتها إلا حروفًا، وإمَّا أن تكون مشتركة بين الاسمية والحرفية، ولا يجوز أن يشارك الحرف الثنائي شيئَا من الأفعال لما تقدم من أنه لم يوضع فعل على أقل من ثلاثة أحرف أصول، فلذلك وضعنا هذا الباب أيضًا على نوعين: ملازم لمحض الحرفية، وغير ملازم، والله الموفق). [جواهر الأدب: 85]
النوع الأول: الحروف المحضة التي لا تشارك شيئًا من القسمين الآخرين قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الأول: الحروف المحضة التي لا تشارك شيئًا من القسمين الآخرين وهي ثمانية عشر حرفًا، وذكرها على مقتضى الترتيب الطبيعي والاصطلاحي هو هكذا "آ" "أو" "أم" و"إن" و"أن" و"أو" و"أي" و"إي" و"بل" و"في" و"كي" و"لا" و"لم" و"لن" و"لو" و"من" و"هل" و"وا" و"ما" ونحن نذكر كل واحدٍ من هذه الحرف في فصل مفرد على هذا الترتيب المذكور ونذكر في كل فصل منها ما نرى ذكره لائقًا بذلك الموضع مستمدين من الله سبحانه ولطفه حسن التوفيق ومتوكلين على كرمه في إصابة الحق بالتحقيق إن شاء الله تعالى). [جواهر الأدب: 85 - 86]
الفصل السابع: "إي" بكسر "الهمزة"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل السابع: من النوع الأول من الحروف الثنائية المحضة هو "إي" بكسر "الهمزة"، وهي حرف جواب وأحرف الإيجاب والجواب والتصديق بمعنى واحد، وتسميتها بهذا حملًا على الغالب الكثير، وهي: "نعم"، و"بلى"، و"إي"، و"أجل"، و"جير"، و"إن" المؤكدة، وتزاد في أحرف الجواب "الفاء" و"اللام"، "فالفاء" تقع في جواب الشرط، و"اللام" في جواب القسم، و"لو" و"لولا" وقد مر ذكرهما في فصليهما باستيفاء أحكامهما، ويأتي معنى كل حرف من هذه الستة إن شاء الله تعالى في فصله، أما "إي" المقصودة ها هن فإنها إثبات لما يقع الاستفهام عنه، فإذاط قيل: أقام زيد؟ فيقال: "إي" إنه قام، ولكنها يلزمها القسم، أي أن يقسم معها على إثبات ما قصد إثباته، وفي التنزيل: {ويستنبؤنك أحق هو قل إي وربي إنه لحق}، فإن لحق "ياءها" ساكن من كلمة أخرى كلام الله سبحانه جاز إبقاؤها ساكنة؛ لأن "اللام" تدغم وهي حرف مد، فيكون التقاء الساكنين على حده كالضالين إجراءً للمنفصل مجرى المتصل، ويجب أن تشبع مدًا، وجاز حذف "الياء" وإيلاء "الهمزة" المكسورة "اللام" المشددة نحو: إلله "بهمزة" واحدة بحذف "همزة" الوصل بالدرج، وجاز تحريك "الياء" بفتحة على أصل التقاء الساكنين وتبيينًا للحرف نحو: "إي" الله، فصار فيها ثلاثة مذاهب، وأما إذا وليها متحرك فليس إلا إثبات "الياء" ساكنة نحو: "إي" وربي، و"إي" لعمرك، و"إي" والله، ولا يقسم بعدها إلا بأحد هذه الثلاثة لا غير، وأما اسم الله تعالى خاصة فيجوز فيه النصب على العموم في حذف حرف القسم، ويجوز فيه الجر بحرف قسم محذوف، وبعضهم يشترط إلحاقها تعويضًا، والأصح أنه يجوز جره مطلقًا دون عوض؛ لأن هذا الاسم الشريف كثر القسم به فخفف بحذف الحرف دون تعويض، كما جاز قولهم: الله لأفعلن، بالجر دونه، وليعرف أن بعضهم صرح بوجوب حذف فعل القسم، وكان التزامه لطول الكلام بأي مع كثرة الاستعمال، وقال ابن مالك: إن "إي" بمعنى "نعم"، قيل: وعليه أنه إن أراد أنها تقع مواقع "نعم" فتقع بعد الخبر والأمر والنهي والاستفهام موجبًا كان أو منفيًا يلزم مخالفته الإجماع، وإن أراد أنها للتصديق مثل "نعم"، فلا طائل تحته إذ جميع أحرف الإيجاب كذلك). [جواهر الأدب: 106 - 107]