ترتيب نزول سورة المائدة :
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخراسانيُّ: (ت:227هـ): (حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، قال: آخر سورةٍ أنزلت في القرآن سورة المائدة، وإنّ فيها لسبع عشرة فريضة). [سنن سعيد بن منصور: 4/1435]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا قتيبة، قال: حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، عن حييٍّ، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: (آخر سورةٍ أنزلت المائدة والفتح). هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
وروي عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال: (آخر سورةٍ أنزلت {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: 1])). [سنن الترمذي: 5/111]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصرٍ الخولانيّ، قال: قرئ على عبد اللّه بن وهبٍ، أخبرك معاوية بن صالحٍ عن أبي الزّاهريّة، عن جبير بن نفيرٍ قال: حججت فدخلت على عائشة رضي اللّه عنها، فقالت لي: يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم، قالت: «أما إنّها آخر سورةٍ نزلت فما وجدتم فيها من حلالٍ، فاستحلّوه، وما وجدتم من حرامٍ فحرّموه» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/340]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (وحدّثنا أبو العبّاس، ثنا بحر بن نصرٍ، قال: قرئ على ابن وهبٍ، أخبرك حييّ بن عبد اللّه المعافريّ، قال: سمعت أبا عبد الرّحمن الحبليّ، حدّث عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ «آخر سورةٍ نزلت سورةٍ المائدة» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/340]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ): (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم حجة الوداع قال: ((يا أيها الناس إن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها)) ). [الكشف والبيان: 4/5]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (قال جماعة من العلماء: لا منسوخ في المائدة لأنها من آخر ما نزل). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 255]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): ([نزلت بعد الفتح]). [الكشاف: 2/190]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: (( المائدة من آخر القرآن نزولا، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها )) ). [الكشاف: 2/192]
- قالَ عبدُ اللهِ بنُ يوسُفَ الزَّيلعيُّ (ت: 762هـ) : ( الحديث الأول
عن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم: ((المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها)).
قلت: لم أجده مرفوعا وإنّما وجدته موقوفا على عبد الله بن عمرو بن العاص وعلى عائشة.
فحديث ابن العاص رواه التّرمذيّ في جامعه ثنا قتيبة ثنا عبد الله بن وهب عن حييّ عن أبي عبد الرّحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال: " آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح " انتهى. وقال حديث حسن غريب وقد روي عن ابن عبّاس أنه قال " آخر سورة أنزلت {إذا جاء نصر الله}" انتهى كلامه.
ورواه الحاكم في مستدركه ولم يقل فيه وسورة الفتح وقال على شرط الشّيخين ولم يخرجاه.
وأما حديث عائشة فرواه الحاكم أيضا من حديث جبير بن نفير قال حججت فدخلت على عائشة فقالت لي : " يا جبير، تقرأ المائدة؟ " ، فقلت: نعم ، فقالت: " أما إنّها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه" انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرجاه انتهى). [الإسعاف: 1/377-378]
- قالَ أَحْمَدُ بنُ علِيٍّ ابنُ حَجَرٍ العَسْقَلانِيُّ (ت:852هـ) : (حديث (( المائدة من آخر القرآن نزولا، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها )) الحاكم من طريق جبير بن نفير. قال: دخلت على عائشة فقالت لي: "يا جبير، تقرأ المائدة؟ " ، فقلت: نعم. فقالت: " أما إنها آخر سورة نزلت : سورة المائدة والفتح " وأشار الترمذي إلى أن المراد بقولها "والفتح" : {إذا جاء نصر الله} قال: وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما). [الكافي الشاف: 51]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): (نزلت بعد الفتح). [التسهيل: 1/219]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقد روى التّرمذيّ عن قتيبة، عن عبد اللّه بن وهب، عن حييٍّ، عن أبي عبد الرّحمن، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: (آخر سورةٍ أنزلت: سورة المائدة والفتح)، ثمّ قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ غريبٌ حسنٌ.
وقد روي عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: (آخر سورةٍ أنزلت: {إذا جاء نصر اللّه والفتح} [سورة النّصر: 1]).
وقد روى الحاكم في "مستدركه"، من طريق عبد اللّه بن وهبٍ بإسناده نحو رواية التّرمذيّ، ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه).
صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه.
ورواه الإمام أحمد، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن معاوية بن صالحٍ، وزاد: (وسألتها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: القرآن). وراوه النّسائيّ من حديث ابن مهديٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 3/5-6]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (قال ابن وهب: سمعت حييّ بن عبد اللّه يحدّث، عن أبي عبد الرّحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو قال: (آخر سورة أنزلت سورة المائدة)). [تفسير القرآن العظيم: 3/236]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وقال عطاء بن أبي مسلم: نزلت سورة المائدة ثمّ سورة التّوبة، وقال أبو العبّاس في (مقامات التّنزيل) هي آخر ما نزل [...]
وذكر أبو عبيدة عن محمّد بن كعب القرظيّ قال: " نزلت سورة المائدة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع فيما بين مكّة والمدينة وهو على ناقته، فابتدر ركبتها فنزل عنها صلى الله عليه وسلم" ). [عمدة القاري: 18/263]م
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" عن عبد الله بن عمرو قال: آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح). [الدر المنثور: 5/156]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وأخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المائدة من آخر القرآن تنزيلا فاحلوا حلالها وحرموا حرامها). [الدر المنثور: 5/157-158]
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وأخرج سعيد بن منصور، وَابن المنذر عن أبي ميسرة قال: آخر سورة أنزلت سورة المائدة وان فيها لسبع عشرة فريضة). [الدر المنثور: 5/158]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي: يا جبير تقرأ المائدة فقلت: نعم، فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه). [الدر المنثور: 5/156]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (وعن ابن عمر " آخر سورة أنزلت المائدة والفتح" ، قال الترمذي حسن غريب، وثبتت البسملة بعد قوله المائدة لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/100]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وأخرج أحمد والنّسائيّ وابن المنذر والحاكم وصحّحه، وابن مردويه، والبيهقيّ في سننه، عن جبير بن نفيرٍ، قال: حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: (يا جبير تقرأ المائدة؟) فقلت: نعم، فقالت: (أما إنّها آخر سورةٍ نزلت، فما وجدتم فيها من حلالٍ فاستحلّوه، وما وجدتم من حرامٍ فحرّموه). وأخرج أحمد والتّرمذيّ وحسّنه، والحاكم وصحّحه، وابن مردويه، والبيهقيّ في "سننه" عن عبد الله بن عمرو قال: (آخر سورةٍ نزلت سورة المائدة والفتح).
وأخرج أحمد عنه قال: (أنزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سورة المائدة وهو راكبٌ على راحلته فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها).
قال ابن كثيرٍ: تفرّد به أحمد. قلت: وفي إسناده ابن لهيعة.
وأخرج أحمد وعبد بن حميدٍ وابن جريرٍ ومحمّد بن نصرٍ في "كتاب الصّلاة"، والطّبرانيّ وأبو نعيمٍ في "الدّلائل"، والبيهقيّ في "شعب الإيمان" عن أسماء بنت يزيد نحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة في "مسنده"، والبغويّ في "معجمه"، وابن مردويه، والبيهقيّ في "دلائل النّبوّة" عن أمّ عمرٍو بنت عيسى عن عمّها نحوه أيضًا.
وأخرج أبو عبيدٍ عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ نحوه. وزاد: أنّها نزلت في حجّة الوداع فيما بين مكّة والمدينة.
وهكذا أخرج ابن جريرٍ عن الرّبيع بن أنسٍ بهذه الزّيادة، وأخرج أبو عبيدٍ عن ضمرة بن حبيبٍ وعطيّة بن قيسٍ قالا: (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((المائدة من آخر القرآن تنزيلًا، فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها)))). [فتح القدير: 2/5]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (ونزلت بعد سورة الأحزاب ونزلت بعدها سورة التوبة). [القول الوجيز: 185]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): ( روي أنّها نزلت منصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الحديبية، بعد سورة الممتحنة، فيكون نزولها بعد الحديبية بمدّةٍ؛ لأنّ سورة الممتحنة نزلت بعد رجوع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة من صلح الحديبية، وقد جاءته المؤمنات مهاجراتٌ، وطلب منه المشركون إرجاعهنّ إليهم عملًا بشروط الصّلح، فأذن اللّه للمؤمنين بعدم إرجاعهنّ بعد امتحانهنّ.
روى ابن أبي حاتمٍ عن مقاتلٍ (أنّ آية {يا أيّها الّذين آمنوا ليبلونّكم اللّه بشيءٍ من الصّيد} - إلى- {عذابٌ أليمٌ} [المائدة: 94] نزلت عام الحديبية)، فلعلّ ذلك الباعث للّذين قالوا: إنّ سورة العقود نزلت عام الحديبية. وليس وجود تلك الآية في هذه السّورة بمقتضٍ أن يكون ابتداء نزول السّورة سابقًا على نزول الآية إذ قد تلحق الآية بسورةٍ نزلت متأخّرةٍ عنها.
وفي "الإتقان": إنّها نزلت قبل سورة النّساء، ولكن صحّ أنّ آية {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] نزلت يوم عرفة في عام حجّة الوداع.
ولذلك اختلفوا في أنّ هذه السّورة نزلت متتابعةً أو متفرّقةً، ولا ينبغي التّردّد في أنّها نزلت منجّمةً.
وقد روي عن عبد اللّه بن عمرٍو وعائشة أنّها (آخر سورةٍ نزلت).
وقد قيل إنّها (نزلت بعد النّساء، وما نزل بعدها إلّا سورة براءةٌ)، بناءً على أنّ براءةٌ آخر سورةٍ نزلت، وهو قول البراء بن عازبٍ في "صحيح البخاريّ"، وفي "مسند أحمد" عن عبد اللّه بن عمرٍو، وأسماء بنت يزيد أنّها (نزلت ورسول اللّه في سفرٍ، وهو على ناقته العضباء، وأنّها نزلت عليه كلّها).
قال الرّبيع بن أنسٍ: (نزلت سورة المائدة في مسير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حجّة الوداع).
وفي "شعب الإيمان"، عن أسماء بنت يزيد أنّها (نزلت بمنًى).
وعن محمّد بن كعبٍ: (أنّها نزلت في حجّة الوداع بين مكّة والمدينة).
وعن أبي هريرة: (نزلت مرجع رسول اللّه من حجّة الوداع في اليوم الثّامن عشر من ذي الحجّة). وضعّف هذا الحديث.
وقد قيل: إنّ قوله تعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ أن صدّوكم عن المسجد الحرام} [المائدة: 2] أنزل يوم فتح مكّة.
ومن النّاس من روى عن عمر بن الخطّاب: (أنّ سورة المائدة نزلت بالمدينة في يوم اثنين).
وهنالك رواياتٌ كثيرةٌ أنّها نزلت عام حجّة الوداع فيكون ابتداء نزولها بالمدينة قبل الخروج إلى حجّة الوداع.
وقد روي عن مجاهدٍ: أنّه قال: ({اليوم يئس الّذين كفروا من دينكم} - إلى- {غفورٌ رحيمٌ} [المائدة: 3] نزل يوم فتح مكّة). ومثله عن الضّحّاك، فيقتضي قولهما أن تكون هذه السّورة نزلت في فتح مكّة وما بعده.
وعن محمّد بن كعبٍ القرظيّ: (أنّ أوّل ما نزل من هذه السّورة قوله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ممّا كنتم تخفون من الكتاب} - إلى قوله- {صراطٍ مستقيمٍ} [المائدة: 15، 16] ثمّ نزلت بقيّة السّورة في عرفة في حجّة الوداع).
ويظهر عندي أنّ هذه السّورة نزل بعضها بعد بعض سورة النّساء، وفي ذلك ما يدلّ على أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد استقام له أمر العرب وأمر المنافقين ولم يبق في عناد الإسلام إلّا اليهود والنّصارى.
أمّا اليهود فلأنّهم مختلطون بالمسلمين في المدينة وما حولها، وأمّا النّصارى فلأنّ فتوح الإسلام قد بلغت تخوم ملكهم في حدود الشّام. وفي حديث عمر في "صحيح البخاريّ": (وكان من حول رسول اللّه قد استقام له ولم يبق إلّا ملك غسّان بالشّام كنّا نخاف أن يأتينا)). [التحرير والتنوير: 6/69-71]م
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وقد عدّت السّورة الحادية والتسعين في عدد السّور على ترتيب النّزول، عن جابر بن زيدٍ: (نزلت بعد سورة الأحزاب وقبل سورة الممتحنة)). [التحرير والتنوير: 6/72]
مكان نزول سورة المائدة:
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ) : ( حدثنا عمرو بن طارق، عن يحيى بن أيوب، عن أبي صخر، عن محمد بن كعب القرظي قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته فانصدع كتفها، فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم) [فضائل القران]م
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته، فانصدع كتفها، فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم). [جمال القراء:1/60 ]م
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وقال عطاء بن أبي مسلم: نزلت سورة المائدة ثمّ سورة التّوبة، وقال أبو العبّاس في (مقامات التّنزيل) هي آخر ما نزل [...]
وذكر أبو عبيدة عن محمّد بن كعب القرظيّ قال: " نزلت سورة المائدة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع فيما بين مكّة والمدينة وهو على ناقته، فابتدر ركبتها فنزل عنها صلى الله عليه وسلم" ). [عمدة القاري: 18/263]م
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وأخرج أحمد عنه قال: (أنزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سورة المائدة وهو راكبٌ على راحلته فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها).
قال ابن كثيرٍ: تفرّد به أحمد. قلت: وفي إسناده ابن لهيعة.
وأخرج أحمد وعبد بن حميدٍ وابن جريرٍ ومحمّد بن نصرٍ في "كتاب الصّلاة"، والطّبرانيّ وأبو نعيمٍ في "الدّلائل"، والبيهقيّ في "شعب الإيمان" عن أسماء بنت يزيد نحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة في "مسنده"، والبغويّ في "معجمه"، وابن مردويه، والبيهقيّ في "دلائل النّبوّة" عن أمّ عمرٍو بنت عيسى عن عمّها نحوه أيضًا.
وأخرج أبو عبيدٍ عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ نحوه. وزاد: أنّها نزلت في حجّة الوداع فيما بين مكّة والمدينة.
وهكذا أخرج ابن جريرٍ عن الرّبيع بن أنسٍ بهذه الزّيادة). [فتح القدير: 2/5]م
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): ( روي أنّها نزلت منصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الحديبية، بعد سورة الممتحنة، فيكون نزولها بعد الحديبية بمدّةٍ؛ لأنّ سورة الممتحنة نزلت بعد رجوع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة من صلح الحديبية، وقد جاءته المؤمنات مهاجراتٌ، وطلب منه المشركون إرجاعهنّ إليهم عملًا بشروط الصّلح، فأذن اللّه للمؤمنين بعدم إرجاعهنّ بعد امتحانهنّ.
روى ابن أبي حاتمٍ عن مقاتلٍ (أنّ آية {يا أيّها الّذين آمنوا ليبلونّكم اللّه بشيءٍ من الصّيد} - إلى- {عذابٌ أليمٌ} [المائدة: 94] نزلت عام الحديبية)، فلعلّ ذلك الباعث للّذين قالوا: إنّ سورة العقود نزلت عام الحديبية. وليس وجود تلك الآية في هذه السّورة بمقتضٍ أن يكون ابتداء نزول السّورة سابقًا على نزول الآية إذ قد تلحق الآية بسورةٍ نزلت متأخّرةٍ عنها.
وفي "الإتقان": إنّها نزلت قبل سورة النّساء، ولكن صحّ أنّ آية {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] نزلت يوم عرفة في عام حجّة الوداع.
ولذلك اختلفوا في أنّ هذه السّورة نزلت متتابعةً أو متفرّقةً، ولا ينبغي التّردّد في أنّها نزلت منجّمةً.
وقد روي عن عبد اللّه بن عمرٍو وعائشة أنّها (آخر سورةٍ نزلت).
وقد قيل إنّها (نزلت بعد النّساء، وما نزل بعدها إلّا سورة براءةٌ)، بناءً على أنّ براءةٌ آخر سورةٍ نزلت، وهو قول البراء بن عازبٍ في "صحيح البخاريّ"، وفي "مسند أحمد" عن عبد اللّه بن عمرٍو، وأسماء بنت يزيد أنّها (نزلت ورسول اللّه في سفرٍ، وهو على ناقته العضباء، وأنّها نزلت عليه كلّها).
قال الرّبيع بن أنسٍ: (نزلت سورة المائدة في مسير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حجّة الوداع).
وفي "شعب الإيمان"، عن أسماء بنت يزيد أنّها (نزلت بمنًى).
وعن محمّد بن كعبٍ: (أنّها نزلت في حجّة الوداع بين مكّة والمدينة).
وعن أبي هريرة: (نزلت مرجع رسول اللّه من حجّة الوداع في اليوم الثّامن عشر من ذي الحجّة). وضعّف هذا الحديث.
وقد قيل: إنّ قوله تعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ أن صدّوكم عن المسجد الحرام} [المائدة: 2] أنزل يوم فتح مكّة.
ومن النّاس من روى عن عمر بن الخطّاب: (أنّ سورة المائدة نزلت بالمدينة في يوم اثنين).
وهنالك رواياتٌ كثيرةٌ أنّها نزلت عام حجّة الوداع فيكون ابتداء نزولها بالمدينة قبل الخروج إلى حجّة الوداع.
وقد روي عن مجاهدٍ: أنّه قال: ({اليوم يئس الّذين كفروا من دينكم} - إلى- {غفورٌ رحيمٌ} [المائدة: 3] نزل يوم فتح مكّة). ومثله عن الضّحّاك، فيقتضي قولهما أن تكون هذه السّورة نزلت في فتح مكّة وما بعده.
وعن محمّد بن كعبٍ القرظيّ: (أنّ أوّل ما نزل من هذه السّورة قوله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ممّا كنتم تخفون من الكتاب} - إلى قوله- {صراطٍ مستقيمٍ} [المائدة: 15، 16] ثمّ نزلت بقيّة السّورة في عرفة في حجّة الوداع).
ويظهر عندي أنّ هذه السّورة نزل بعضها بعد بعض سورة النّساء، وفي ذلك ما يدلّ على أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد استقام له أمر العرب وأمر المنافقين ولم يبق في عناد الإسلام إلّا اليهود والنّصارى.
أمّا اليهود فلأنّهم مختلطون بالمسلمين في المدينة وما حولها، وأمّا النّصارى فلأنّ فتوح الإسلام قد بلغت تخوم ملكهم في حدود الشّام. وفي حديث عمر في "صحيح البخاريّ": (وكان من حول رسول اللّه قد استقام له ولم يبق إلّا ملك غسّان بالشّام كنّا نخاف أن يأتينا)). [التحرير والتنوير: 6/69-71]م
وقت نزولها
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مقاتل: هي مدنيّة كلها نزلت بالنّهار). [عمدة القاري: 18/195]
ما حدث عند نزولها
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: «أنزلت على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - سورة المائدة، وهو راكبٌ على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها».
رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، والأكثر على ضعفه، وقد يحسّن حديثه، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/13]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن أسماء بنت يزيد قالت: «إنّي لآخذةٌ بزمام العضباء، ناقة رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - إذ نزلت المائدة كلّها، فكادت من ثقلها تدقّ عضد النّاقة».
- وفي روايةٍ: ليكسر النّاقة، رواه أحمد والطّبرانيّ بنحوه، وفيه شهر بن حوشبٍ، وهو ضعيفٌ، وقد وثّق). [مجمع الزوائد: 7/13]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا محمّد بن الحسن الأسديّ، حدّثني إبراهيم بن طهمان، عن عاصم بن سليمان، عن أمّ عمرٍو ابنة عيسى، حدّثني عمّي: "أنّه كان مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في مسيرٍ، فأنزلت عليه سورة المائدة فعرفنا أنّه ينزل عليه، فاندقّت كتف، راحلته العضباء من ثقل السّورة".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لجهالة بعض رواته.
- قال: وثنا الحسن بن موسى، ثنا شيبان، عن ليثٍ، عن شهرٍ، عن أسماء بنت يزيد- رضي اللّه عنها- أنها قالت: "إني لآخذة بزمام ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم العضباء إذ نزلت عليه المائدة، فكادت من ثقلها تدقّ عنق النّاقة".
- رواه أبو يعلى الموصليّ: ثنا أبو خيثمة، ثنا جرير، عن ليثٍ، عن شهرٍ، عن أسماء بنت يزيد قالت: "نزلت المائدة جميعًا وأنا آخذةٌ بزمام ناقة رسول العضباء، وكادت من ثقلها أن تدقّ عضد النّاقة".
- ورواه أحمد بن حنبلٍ: ثنا أبو النّضر، ثنا أبو معاوية- يعني: شيبان ... فذكره.
- قال: وأبنا إسحاق بن يوسف، أبنا سفيان، عن ليثٍ ... فذكره. قلت: هكذا وقع هنا أنّ سورة المائدة نزلت جميعًا
- وخالف ذلك أحمد بن منيعٍ: فقال: ثنا إسحاق بن يوسف، ثنا سفيان، عن ليثٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أسماء بنت يزيد قالت: "نزلت سورة الأنعام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جملةً ... " الحديث، وسيأتي بتمامه في سورة الأنعام.
فيحتمل أنه وهم من بعض الرواة، ويحتمل أن كل واحدة من السّورتين نزلت جملةً، فاللّه أعلم). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/202-203]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو يعلى الموصليّ: ثنا سفيان بن وكيع، ثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن أبي حميدٍ، عن أبي مليحٍ، حدّثني معقل بن يسارٍ قال: "كنّا نسير مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأنزلت سورة المائدة، وهي السّورة الّتي يذكر فيها (إذا جاءك المنافقون) فركب ناقته ساعةً حتّى ربع الوحي ثمّ بعثها فقرأها علينا، فما نزلنا- حتّى أخذ كلّ واحدٍ منّا طائفةً منها". هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لضعف سفيان بن وكيع). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/203]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو بكرٍ: حدثنا محمّد بن الحسن الأسديّ، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن عاصم بن سليمان، عن أمّ عمرٍو بنت عيسى قالت: حدّثني عمّي (رضي الله عنه): أنّه كان مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في منزله، فأنزلت عليه سورة المائدة. فعرفنا أنّه نزل عليه، فاندقّت كتف (راحلته) العضباء من ثقل السّورة). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/606]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها). [الدر المنثور: 5/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير ومحمد بن نصر في الصلاة والطبراني وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد قالت: إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت المائدة كلها فكادت من ثقلها تدق عضد الناقة). [الدر المنثور: 5/156-157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والبغوي في معجمه، وابن مردويه والبيهقي في دلائل النبوة عن أم عمرو بنت عبس عن عمها أنه كان في مسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه سورة المائدة فاندق كتف راحلته العضباء من ثقل السورة). [الدر المنثور: 5/157]